نتائج السقيفة
  • عنوان المقال: نتائج السقيفة
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 11:1:45 2-10-1403

أبرزت أحداث السقيفه ثلاثه أطراف معارضة

1- الأنصار الذين نازعوا الخليفة و صاحبيه في سقيفة بني ساعدة و وقعت بينهم المحاورة و الجدال، وانتهت بفوز قريش بسبب تركز فكرة الوارثة الدينية في الذهنية العربية، و انشقاق الأنصار على أنفسهم

[راجع تاريخ الطبرى: 4/ 25 (طبع دار الفكر- بيروت.]، لتمكُّن النزعة القبلية من نفوسهم.

فقد ركز أبوبكر و صاحباه في هذا النزاع دفاعهم عما زعموا من حقوق على نقطة كانت ذات و جاهة في نظر الكثيرين، فإن قريشاً ما دامت عشيرة رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و آله) و خاصته فهي أولى من سائر المسلمين و أحق بخلافته و سلطانه، و قد انتفع أبوبكر و مؤيدوه باجتماع الأنصار في السقيفة من ناحيتين :

الاُولى: أنّ الأنصار سجلوا على أنفسهم بذلك مذهباً لا يسمح لهم بأن يقفوا بعد ذلك في صف على (عليه السلام) و يخدموا قضيته وأحقيته.

الثانية: أن أبابكر الذي خدمته الظروف فأقامت منه المدافع الوحيد عن حقوق المهاجرين في مجتمع الأنصار لم يكن ليتهيأ له ظرف أوفق بمصالحه

من ظرف السقيفة، إذ خلا الموقف من أقطاب المهاجرين الذين لم يكن لتنتهي المسألة في محضرهم إلى نتيجتها التي سجلتها السقيفة في ذلك اليوم.

و خرج أبوبكر من السقيفة و قد بايعه جمع من المسلمين الذين أخذوا بوجهة نظره في مسألة الخلافة أو عز عليهم أن يتولاها سعد بن عبادة.

2- الاُمويون الذين كانوا يريدون أن يأخذوا من الحكم بنصيب و يسترجعوا شيئاً من مجدهم السياسي في الجاهلية و على رأسهم أبوسفيان، و لم يعبأ الحاكمون (أبوبكر و جماعته) بمعارضة الاُمويين و تهديد أبي سفيان و ما أعلنه من كلمات الثورة بعد رجوعه من سفره الذي بعثه فيه رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و آله) لجباية الأموال، لعلمهم بطبيعة النفس الاُموية و شهواتها السياسية و المادية، فكان من السهل كسب الاُمويين إلى جانب الحكم القائم كما صنع أبوبكر، فأباح لنفسه أو أباح له عمر- بتعبير أصح- كما تدل الرواية و أن يدفع لأبي سفيان جميع ما في يده من أموال المسلمين و زكواتهم ثم جعل للاُمويين بعد ذلك حظاً من العمل الحكومي في عدة من المرافق الهامة.

3- الهاشميون و أخصاؤهم كعمار و سلمان و أبي ذر و المقداد (رضوان اللَّه عليهم) و جماعات من الناس الذين كانوا يرون أن البيت الهاشمى هو الوارث الطبيعى لرسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و آله) بحكم الفطرة و مناهج السياسة التي كانوا يألفونها

[راجع للمزيد من التفصيل (فدك في التأريخ) للشهيد السيد محمدباقر الصدر: 84.]

نلاحظ أن الحزب الحاكم نجح في التعامل مع الأنصار و الاُمويين و كسب الموقف منهم، ولكن هذا النجاح جره إلى تناقض سياسى واضح، لأن ظروف السقيفة كانت تدعو الحاكمين إلى أن يجعلوا للقرابه من رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و آله) حساباً في مسألة الخلافة و يقروا مذهب الوراثة للزعامة الدينية، غير

أن الحال تبدلت بعد موقف السقيفة، واتّخذت المعارضة لوناً جديداً و واضحاً كل الوضوح كان يتلخص في أن قريشاً إذا كانت أولى برسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و آله) من سائر العرب لأنّه منها، فبنو هاشم أحق بالأمر من بقية قريش.

و هذا ما أعلنه على (عليه السلام) حين قال: إذا احتج عليهم المهاجرون بالقرب من رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و آله) كانت الحجة لنا على المهاجرين بذلك قائمة، فإن فلجت حجتهم كانت لنا دونهم و إلا فالأنصار على دعوتهم. و أوضحه العباس لأبي بكر في حديثه له معه إذ قال له: و أمّا قولك: «نحن شجرة رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و آله)» فإنكم جيرانها و نحن أغصانها

[شرح نهج البلاغة/ ابن أبي الحديد: 6/ 5.] و قد كان على (عليه السلام) الذي تزعم معارضه الهاشميّين مصدر رعب شديد في نفوس الحاكمين، لأنّ ظروفه الخاصة كانت تمده بقوة على لونين من العمل الايجابى ضد الحكومة القائمة:

أحدهما: ضم الأحزاب المعادية إلى جانبه كالاُمويين و المغيرة بن شعبة و أمثالهم ممن كانوا قد بدأوا يعرضون أصواتهم للبيع و يفاوضون الجهات المختلفة في اشترائها بأضخم الأثمان، كما نعرف ذلك من كلمات أبي سفيان التي واجه بها خلافة السقيفه يوم وصوله إلى المدينة، و حديثه مع على (عليه السلام) و تحريضه له على الثورة، و ميله إلى جانب الخليفة، و سكوته عن المعارضة حينما تنازل له الخليفه عن أموال المسلمين التي كان قد جباها في سفره، و ذن فقد كان الهوى المادى مستوليا على جماعه من الناس يومئذ.

و من الواضح أن علياً كان يتمكن من أشباع رغبتهم بما خلفه رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و آله) من الخمس و غلات أراضيه في المدينة و فدك التي كانت

 

ذات نتاج عظيم.

ثانيهما: الطور الآخر من المقاومة التي كان علي (عليه السلام) مزوداً بإمكانياتها مالمح اليه بقوله: «احتجوا بالشجرة و أضاعوا الثمرة» و أعنى بذلك أن الفكرة العامة يومئذ التي أجمعت على تقديس أهل البيت و الاعتراف لهم بالامتياز العظيم بقربهم من رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و آله) كانت سنداً قوياً للمعارضة

[فدك في التاريخ، الشهيد السيد محمدباقر الصدر: 86.]