المناظرات العقائدية للإمام الرضا علیه السلام
  • عنوان المقال: المناظرات العقائدية للإمام الرضا علیه السلام
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 3:46:59 4-9-1403

سأل المأمون الإمام الرضا قائلا ً: يا ابن رسول الله ما معنى قول الله عز وجل في الآية المباركه ( وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي ) فلماذا يسأل موسى ربّهُ مع العلم أنّهُ يعلم لا تجوز رؤية الله تعالى[1].
فأجاب الإمام علیه السلام: إنَّ موسى علیه السلام يعلم أن الله أجلَّ من أنْ يُرى بالأبصار، ولكنه لمّا كلّمه الله تعالى وقرّبه وجعله كليمه، فأخبر قومه أن الله كلّمهُ فلم يصدّقهُ قومُه،  ( وقالوا لن نؤمنَ لك حتى نسمع كلامه كما سمعت ) فاختار موسى منهم سبعين رجلا ً،
وخرج بهم إلى جبل طور سيناء، وطلب موسى من ربّه أن يكلّمهُ حتى يسمعونه فكلّمَهُ الله وسمعوا صوتاً من جميع الجهات. فقالوا لموسى « لن نؤمنَ لكَ حتى نرى الله جهرة  » فمنعهم موسى علیه السلام من هذه المقولة، وأخبرهم أنَّ هذا الأمر مستحيل لأنّ الله تعالى ليس بجسم حتى تروه، ولكن قومه أصرّوا على طلبهم، وعند ذلك أوحى الله إلى موسى علیه السلام ( يا موسى سلني ما سألوك فلن اُواخذك بجهلهم)، فعند ذلك قال موسى لربّه بناء على أمره تعالى ( ربّ أرني أنظر اليكَ ) وبهذا الجواب من الإمام الرضا علیه السلام للمأمون وجلسائه رفع الإمام الشبهات والضلالات التي تدور بذهن المأمون وقومه الناتجة عن جهلهم بعصمة الأنبياء وأنهم لن يفعلوا إلا ما أمرهم الله تعالى بموجب الرسالة التي كلّفهم تبليغها.
ومن جملة المناظرات في بيان فضل آل محمدٍ عليهم السلام. حينما عقد المأمون مجلساً، وسأل الإمام عن قول الله تعالى ( إِنَّ الله وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) فأجابهم الإمام علیه السلام إن الرسول (ص) سئل هذا السؤال إذ قالوا يا رسول الله: عرفنا التسليم عليك فكيف نُصلّي عليك ؟.
فقال (ص): تقولون اللهم صلِّ على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّكَ حميدٌ مجيد. ثم وجّه الإمام سؤالا ً إلى الحاضرين من العلماء في مجلس المأمون: هل بينكم في هذا من خلاف.  فقالوا: لا.
ومن جملة علومه الإعجازيه سلام الله عليه وعلى آبائه الطاهرين أنْ جاءه أحدُ الواقفيه المخالفين لـه، ومعه مجموعة من الأسئله في صحيفة، وقال في نفسه إنْ عرف الإمام هذه الأسئلة فهو ولي الأمر[2].
ولما أتى إلى باب الإمام الرضا علیه السلام وجد ازدحاماً شديداً على بابه سلام الله عليه فلم يستطع الدخول، فخرج إليه خادم الإمام مُنادياً عليه وبيده رقعة مكتوبة بخط الإمام فيها إجابة لكل مسائله، فأعطاها الخادم له وطلب منه رقعة الأسئله التي معه، وقال له الخادم: هذا جواب ما سألت عنه، فتعجّب من عناية الله بأبناء هذا البيت الطاهر ـ بين الرسالة ـ وأنهم زُقّوا العلم زَقّا وبعد ذلك بايع الإمام وأقرَّ بإمامته.

-------
[1] ـ ج1 ص159 / عيون أخبار الرضا (عليه السلام).
[2] ـ ج49 ص50 ـ 71 / بحار الأنوار، للمجلسي.