كيف تعامل عمر مع الصحابة والتابعين؟
  • عنوان المقال: كيف تعامل عمر مع الصحابة والتابعين؟
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 15:50:35 2-10-1403

هذا سؤال يجيب عنه الخليفة بعده عثمان بن عفان الأموي، فقد قال عثمان يوما: لقد وطئكم ابن الخطاب برجله، وضربكم بيده، وقمعكم بلسانه فدنتم له على ما أحببتم وكرهتم([1]).. وعليه، فإذا كان رسول الله (ص) {حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} فإنّ عمر بن الخطّاب شديد عليهم عنيف إلى درجة أنّ عثمان يشهد أنّه وطئهم برجله، وهذه كلمة عظيمة، لأنّه لا يحلّ لأحد أن يطأ برجله أقواما انطوت صدورهم على كلمة "لا إله إلا الله "، بل يجب أن يكون كما قال الله تعالى{أذلّة على المؤمنين} ولم يذكر التاريخ أنّ عمر بن الخطّاب وطئ الكفار في ساحات الحرب،
ولا بدّ من مناقشة هذا وإن رغمت أنوف. فالإسلام لم يكن يوما من الأيام دين قريش، وإنّما هو دين الله تعالى يريد به إنقاذ البشريّة من الضّلال والهلاك، والنّاس فيه على قدر إيمانهم وأعمالهم. والإيمان كلّ الإيمان في طاعة النّبيّ (ص) من غير قيد أو شرط، والعمل الصالح طرقه وشُعبه كثيرة، ومن أعلاها وأعظمها عند الله تعالى الجهاد في سبيل الله. وحتى لا يشكّ أحد في ذلك أخبر الله تعالى عباده أنّه يحبّ الذين يقاتلون في سبيله ويفضّلهم على غيرهم. فمن ذاك قوله تعالى{ إن الله يحبّ الذين يقاتلون في سبيله صفّا كأنهم بنيان مرصوص}([2])، وقوله تعالى{ لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضّل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما}([3]). ومن صفات المؤمنين الذين يحبهم الله تعالى ويحبونه أنهم أذلة على المؤمنين: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم}([4]). فأين عمر من هذا إذا كان يطأ المؤمنين برجله لأنه حاكمن بينما كان يفرّ من المشركين في الحرب بسرعة الأروى كما يشهد به هو نفسه. إن الذي يطأ المؤمنين برجله ويفرّ من المشركين بكلتا رجليه هو على العكس تماما من قوله تعالى{ أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين}.

عن حمزة بن صهيب عن أبيه عن عمر بن الخطّاب أنه قال لصهيب: إنّك لرجل لولا خصال ثلاثة قال: وما هنّ؟ قال: اكتنيت وليس لك ولد، وانتميت إلى العرب وأنت رجل من الروم، وفيك سرف في الطّعام. قال: يا أمير المؤمنين، أمّا قولك اكتنيت وليس لك ولد فان رسول الله(ص) كنّاني أبا يحيى. وأمّا قولك "انتميت إلى العرب وأنت رجل من الروم" فإنّي رجل من النّمر بن قاسط استبيت من الموصل بعد أن كنت غلاما قد عرفت أهلي ونسبي، وأما قولك "فيك سرف في الطعام" فإنّي سمعت رسول الله(ص) يقول إنّ خيركم من أطعم الطّعام. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه([5]).

 

أقول:

لا يقصد عمر أنّ صهيبا كثير الأكل، وإنّما يقصد أنّه كثير الإطعام، ولهذا ردّ عليه بالحديث الذي سمعه من النبي (ص)، وليست هذه أوّل مرة فإنّ له مثلها مع سعد بن قيس بن عبادة.

وعن الأوزاعيّ أنه بلغه أنّ عمر بن الخطّاب كان لا يلقى عكرمة بن أبي جهل إلا شتم أبا جهل، فأتى عكرمة رسول الله عليه السلام فذكر ذلك له فقال رسول الله عليه السلام لا يسبّنّ الهالك يؤذى به الحيّ([6]).

 

أقول:

كان في وسع عكرمة أن يسبّ الخطّاب، فإن الخطّاب أيضا مات على الشّرك، و{من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى لكم}، ولكن
" كل إناء بالذي فيه ينضح" .

و عن أسامة بن زيد قال: سمعت مكحول الدمشقي يقول: دخل عوف بن مالك الأشجعي على عمر بن الخطّاب وعليه خاتم من ذهب فضرب عمر يده وقال: ارم بهذا! فرمى به. فقال عمر: ما أرانا إلا قد أوجعناك وأهلكنا خاتمك. ثمّ جاء الغد وعليه خاتم من حديد فقال استبدلت حلية أهل النّار، قال فرمى به. ثم جاء الغد وعليه خاتم من ورق فسكت عنه([7]).

 

أقول:عوف بن مالك فيه كلام.

و عن نافع قال: بلغ عمر بن الخطّاب أن أناسا يأتون الشّجرة التي بويع تحتها قال فأمر بها فقطعت([8]).

 

أقول:

هذا يعني أنّه كان هناك خلاف بين عمر وبين كثير من الصّحابة في مسائل ترتبط بالعقيدة.

عن إياس بن دغفل قال: سئل الحسن عن امرأة جعلت عليها أن أخرج زوجها من السجن أن تصلي في كل مسجد تجمع فيه الصلاة بالبصرة ركعتين، فقال الحسن تصلي في مسجد قومها فإنها لا تطيق ذلك، لو أدركها عمر بن الخطّاب لأوجع رأسها([9]).

 

أقول:

ما أقواه وأقدره على ضرب النّساء، وما أسهل ضرب النّساء.

وعن محمّد بن السائب عن أبيه قال: رأيت عمر بن الخطّاب رأى رجلا يقود بامرأته على بعير ترمي الجمرة قال فعلاها بالدرة إنكارا لركوبها([10]).

 

أقول:

حتى المحرم في الشهر الحرام في البلد الحرام لا يسلم من درّة عمر.

انظر إلى ذلك الأدب، فهو يضرب المرأة أمام زوجها ويضرب الرجل أمام زوجته فيهتك حرمتهما جميعا وهما في حال أداء شعيرة من شعائر الحجّ!

وعن هلال بن أمية أن عمر (رض) استعمل عياض بن غنم على الشّام فبلغه أنه اتخذ حماما واتخذ نوابا، فكتب إليه أن يقدم عليه فقدم، فحجبه ثلاثا ثم أذن له ودعا بجبة صوف فقال: البس هذه، وأعطاه كنف الراعي وثلاثمائة شاة وقال: انعق بها! فنعق بها، فلما جاوز هنيهة قال: أقبل. فأقبل يسعى حتى أتاه فقال: اصنع بها كذا وكذا، اذهب. فذهب حتى إذا تباعد ناداه يا عياض أقبل. فلم يزل يردّده حتى عرقه في جبته قال: أوردها علي يوم كذا وكذا؛ فأوردها لذلك اليوم، فخرج عمر (رض) إليه فقال: انزع عليها؛ فاستقى حتى ملأ الحوض فسقاها، ثم قال: انعق بها، فإذا كان يوم كذا فأوردها فلم يزل يعمل به حتى مضى شهران؛ قال: فاندسّ إلى امرأة عمر (رض) وكان بينه وبينها قرابة فقال: سلي أمير المؤمنين فيم وجد علي فلما دخل عليها قالت: يا أمير المؤمنين فيم وجدت على عياض؟ قال: يا عدوّة الله وفيم أنت وهذا ومتى كنت تدخلين بيني وبين المسلمين؟ إنما أنت لعبة يلعب بك ثم تتركين. قال: فأرسل إليها عياض ما صنعت؟ فقالت: وددت إني لم أعرفك ما زل يوبّخني حتّى تمنيت أنّ الأرض انشقّت فدخلت فيها. قال: فمكث ما شاء الله ثم اندسّ إلى عثمان (رض) فقال: سله فيم وجد عليّ، فقال: يا أمير المؤمنين فيم وجدت على عياض؟ فقال: إنّه مرّ إليك عياض. فقال: شيخ من شيوخ قريش. قال: فتركه بعد ذلك شهرين أو ثلاثة ثمّ دعاه فقال: هيه اتّخذت نوّابا واتّخذت حمّاما، أتعود؟ قال: لا. قال: ارجع إلى عملك.

عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر قال لما قدم جعفر من أرض الحبشة لقي عمر بن الخطّاب أسماء بنت عميس فقال لها: سبقناكم بالهجرة ونحن أفضل منكم! فقالت: لا أرجع حتى آتي رسول الله (ص)فدخلت عليه فقالت: يا رسول الله لقيت عمر فزعم أنّه أفضل منّا، وأنّهم سبقونا بالهجرة؛ فقال نبي الله(ص): بل أنت، هاجرتم مرتين. قال إسماعيل فحدثني سعيد بن أبي بردة قال قالت يومئذ لعمر: ما هو كذلك، كنا مطرودين بأرض البغضاء و البعداء وأنتم عند رسول الله(ص)يعظ جاهلكم ويطعم جائعكم([11]).

أقول: يقول رسول الله (ص) لأسماء بنت عميس: «بل أنت..< جوابا عن سؤالها الذي تضمن قولها عن عمر «زعم أنه أفضل منا»، فيكون معنى الكلام:« أنت ومن معك من مهاجري الحبشة أفضل من عمر..<، ورسول الله (ص) لا ينطق عن الهوى، لكنّ ثقافة الكرسي تردّ كلام رسول الله(ص) وتجعل عمر الذي تعددت فراراته من المعارك أفضل ممن يصلي عليهم عمر في صلاته حين يقول:«اللهم صل على محمد وعلى آل محمد»! فأين يكون محل ثقافة الكرسي من الإعراب في الإسلام؟!

وعن سلمة بن كهيل عن حبّة العرني أن عمر بن الخطّاب قال: يا أهل الكوفة، أنتم رأس العرب وجمجمتها، وسهمي الذي أرمي به إن أتاني شيء من ها هنا وها هنا، وإنّي بعثت إليكم بعبد الله بن مسعود واخترته لكم وآثرتكم به على نفسي إثرة([12]).

 

أقول:

ومع ذلك يقول عنه " كنيف ملئ علما "، والكنيف في لغة العرب معلوم.

وفي مصنف ابن أبي شيبة: عمل عمر بن الخطّاب ففتح الفتوح وجاءته الأموال فقال إن: أبا بكر رأى في هذا الأمر رأيا ولي فيه رأي آخر، لا أجعل من قاتل رسول الله(ص) كمن قاتل معه، ففرض للمهاجرين والأنصار ممّن شهد بدرا خمسة آلاف خمسة آلاف وفرض لمن كان له الإسلام كإسلام أهل بدر ولم يشهد بدرا أربعة آلاف أربعة آلاف وفرض لأزواج النبي(ص) اثني عشر ألفا اثني عشرة ألفا إلا صفية وجويرية فرض لهما ستة آلاف ستة آلاف فأبتا أن تقبلا فقال لهما إنما فرضت لهنّ للهجرة فقالتا: إنما فرضت لهنّ لمكانهنّ من رسول الله (ص)، ولنا مثله؛ فعرف ذلك عمر ففرض لهما اثني عشرة ألفا اثني عشرة ألفا، وفرض للعباس اثني عشر ألفا، وفرض لأسامة بن زيد أربعة آلاف، وفرض لعبد الله بن عمر ثلاثة آلاف فقال: يا أبت لم زدته علي ألفا؟ ما كان لأبيه من الفضل ما لم يكن لأبي، وما كان له ما لم يكن لي؟ فقال: إنّ أبا أسامة كان أحبّ إلى رسول الله(ص) من أبيك وكان أسامة أحبّ إلي رسول الله(ص) منك! وفرض لحسن وحسين خمسة آلاف خمسة آلاف وألحقهما بأبيهما لمكانهما من رسول الله(ص) وفرض لأبناء المهاجرين والأنصار ألفين ألفين، فمر به عمر بن أبي سلمة فقال: زيدوه ألفا فقال له محمد بن عبد الله بن جحش: ما كان لأبيه ما لم يكن لآبائنا وما كان له ما لم يكن لنا! فقال: إني فرضت له بأبيه أبي سلمة ألفين وزدته بأمه أم سلمة ألفا فإن كانت لك أم مثل أمه زدتك ألفا. وفرض لأهل مكة وللناس ثمانمائة، ثمانمائة، فجاءه طلحة بن عبيد الله بأخيه عثمان ففرض له ثمانمائة فمر به النضر بن أنس فقال عمر: افرضوا له ألفين. فقال طلحة: جئتك بمثله ففرضت له ثمانمائة درهم وفرضت لهذا ألفين، فقال: إن أبا هذا لقيني يوم أحد فقال لي ما فعل رسول الله(ص) فقلت: ما أراه إلا قد قتل! فسلّ سيفه فكسر غمده وقال إن كان رسول الله(ص) قد قتل فإن الله حيّ لا يموت فقاتل حتى قُتل، وهذا يرعى الشّاء في مكان كذا وكذا([13])...

 

أقول:

هذا كان يرعى الشاء، وماذا فعل عمر؟! ألم يفرّ ويترك رسول الله(ص) بين الأعداء عرضة للقتل. ولأن يرعى المرء الشاء أعذر له عند الله من أن يسلم رسول الله(ص) للأعداء ويفرّ فرار العبيد. ثمّ هو يقول: "لا أجعل من قاتل رسول الله(ص) كمن قاتل معه "! فإن كان صادقا في ما يقول، فما باله يؤمّر من قاتل رسول الله(ص) على من قاتل معه، والعطاء دون الإمرة بكثير؟!

قال ابن تيمية: وكذلك أبو بكر الصديق قال لعمر بن الخطّاب لما قال له يا خليفة رسول الله تألّف الناس فأخذ بلحيته وقال:« يا ابن الخطّاب أجبارا في الجاهلية خوّارا في الإسلام؟ علام أتألّفهم؟ أعلى حديث مفترى أم على شعر مفتعل([14])؟!

وأخرج ابن سعد عن الواقدي بسنده إلى ثعلبة بن أبي مالك قال: مات الحكم بن أبي العاص في خلافة عثمان فضرب على قبره فسطاط في يوم صائف فتكلم الناس في ذلك فقال عثمان: قد ضرب في عهد عمر على زينب بنت جحش فسطاط فهل رأيتم عائبا عاب ذلك([15]).

وقال ابن تيمية : وقد قالوا لعمر بن الخطّاب في أهل الشورى أمّر فلانا وفلانا فجعل يذكر في حقّ كل واحد من الستّة وهم أفضل الأمّة أمرا جعله مانعا له من تعيينه([16]).

 

أقول:

نعم، لأنه هو نفسه لم يكن فيه أيّ عيب يمنع من تعيينه، بل كان طاهرا مطهّرا معصوما! ثمّ ما هو الأمر المانع في علي عليه السلام؟ زعموا أنّه فيه دعابة، لأن وجهه كان طلقا وفق وصف رسول الله(ص) لمؤمن بقوله« المؤمن بشره في وجهه»، ولم يكن وجهه عبوسا قمطريرا يوهم بالجدّ، حتى إذا جدّ الجدّ كان همّه الفرار!

قال ابن تيمية:وعمر بن الخطّاب أمر برجل فضّله على أبى بكر أن يجلد لذلك([17]).

 

أقول:

بناء عليه ينبغي جلد بعض مثقفي عصرنا الذين فضّلوا عمر على أبي بكر وصرحوا بذلك على الفضائيات.

ودخل أبو موسى الأشعري على عمر بن الخطّاب فعرض عليه حساب العراق فأعجبه ذلك قال: أدع كاتبك يقرؤه عليّ. فقال: إنّه لا يدخل المسجد! قال: ولم؟ قال: لأنّه نصرانيّ. فضربه عمر بالدرّة فلو أصابته لأوجعته([18]).

قال ابن تيمية:كان سعد بن أبى وقاص قد بنى له بالكوفة قصرا
و قال أقطع عنى النّاس. فأرسل إليه عمر بن الخطّاب محمّد بن مسلمة وأمره أن يحرّقه، فاشترى من نبطيّ حزمة حطب و شرط عليه حملها إلى قصره فحرّقه([19])!

و بلغ عمر بن الخطّاب أنّ قوما يقصدون الصّلاة عند الشجرة التي كانت تحتها بيعة الرضوان التي بايع النبي(ص) تحتها فأمر بتلك الشجرة فقطعت([20]).

قال ابن تيمية: وقد ضرب عمر بن الخطّاب أبي بن كعب بالدّرّة لما رأى الناس يمشون خلفه فقال: ما هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: هذا ذلّة للتّابع وفتنة للمتبوع([21]).

 

أقول:

إذا كان الله تعالى يرفع الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات فإن عمر بن الخطّاب لا يرى حرجا في ضرب العلماء بالدرة على مرأى من الناس ، وكل ذلك باسم الإسلام!

وروى أبو سعيد مولى الأنصار قال: كان عمر لا يدع سامرا بعد العشاء يقول: ارجعوا لعلّ الله يرزقكم صلاة أو تهجّدا، فانتهى إلينا وأنا قاعد مع ابن مسعود وأبيّ بن كعب وأبي ذر فقال: ما يقعدكم ؟ قلنا: أردنا أن نذكر الله، فقعد معهم([22]).

وعن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري أنّ جيشا من الأنصار كانوا بأرض فارس مع أميرهم، وكان عمر يعقب الجيوش في كلّ عام فشغل عنهم عمر، فلما مرّ الأجل قفل أهل ذلك الثّغر فاشتدّ عليهم وتوعّدهم وهم أصحاب رسول الله(ص) فقالوا: يا عمر، إنّك غفلت عنّا وتركت فينا الذي أمر به رسول الله(ص) من إعقاب بعض الغزية بعضا ([23]).

قالوا: عزل عمر خالدا عن إمارة حمص في سنة سبع عشرة، وأقامه للناس، وعقله بعمامته، ونزع قلنسوته عن رأسه وقال: أعلمني، من أين لك هذا المال؟ وذلك أنه أجاز الأشعث ابن قيس بعشرة آلاف درهم، فقال: من الأنفال والسّهمان ؟ فقال: لا والله، لا تعمل لي عملا بعد اليوم، وشاطره ماله، وكتب إلى الأمصار بعزله، وقال: إنّ النّاس فتنوا به، فخفت أن يوكلوا إليه، وأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع([24]).

 

أقول:

بخصوص هذه القضية اتّهم بعض أقارب خالد([25]) عمر بن الخطّاب بالحسد.

قال عمر[لأًصحاب الشورى]: أفلا أخبركم عن أنفسكم ! قال: قل، فإنّا لو استعفيناك لم تعفنا. فقال: أما أنت يا زبير فوعق لقس، مؤمن الرضا، كافر الغضب، يوما إنسان ويوما شيطان، ولعلّها لو أفضت إليك ظلت يومك تلاطم بالبطحاء على مدّ من شعير ! أفرأيت إن أفضت إليك، فليت شعري، من يكون للنّاس يوم تكون شيطانا، ومن يكون يوم تغضب ! وما كان الله ليجمع لك أمر هذه الأمّة، وأنت على هذه الصّفة. ثم أقبل على طلحة وكان له مبغضا منذ قال لأبي بكر يوم وفاته ما قال في عمر فقال له: أقول أم أسكت: قال: قل، فإنّك لا تقول من الخير شيئا، قال: أما إنّي أعرفك منذ أصيبت إصبعك يوم أحد وائيا بالذي حدث لك، ولقد مات رسول الله (ص)ساخطا عليك بالكلمة التي قلتها يوم أنزلت آية الحجاب. ـ يقول ابن أبي الحديد ـ قال شيخنا أبو عثمان الجاحظ رحمه الله تعالى: الكلمة المذكورة أنّ طلحة لما أنزلت آية الحجاب قال بمحضر ممن نقل عنه إلى رسول الله( ص): ما الذي يعنيه حجابهنّ اليوم، وسيموت غدا فننكحهنّ ! قال أبو عثمان أيضا: لو قال لعمر قائل: أنت قلت: إن رسول الله (ص) مات وهو راض عن الستة، فكيف تقول الآن لطلحة أنه مات عليه السلام ساخطا عليك للكلمة التي قلتها لكان قد رماه بمشاقصه ! ولكن من الذي كان يجسر على عمر أن يقول له ما دون هذا، فكيف هذا ! قال: ثم أقبل على سعد بن أبي وقاص فقال: إنما أنت صاحب مقنب من هذه المقانب، تقاتل به، وصاحب قنص وقوس وأسهم، وما زهرة والخلافة وأمور الناس ! ثم أقبل على عبد الرّحمن بن عوف، فقال: وأما أنت يا عبد الرّحمن فلو وزن نصف إيمان المسلمين بإيمانك لرجح إيمانك به، ولكن ليس يصلح هذا الأمر لمن فيه ضعف كضعفك، وما زهرة وهذا الأمر ! ثم أقبل على عليّ عليه السلام، فقال: لله أنت لولا دعابة فيك ! أما والله لئن وليتهم لتحملنّهم على الحقّ الواضح، والمحجّة البيضاء. ثم أقبل على عثمان، فقال: هيها إليك ! كأنّي بك قد قلدتك قريش هذا الأمر لحبّها إيّاك[26]، فحملت بني أمية وبني أبي معيط على رقاب الناس، وآثرتهم بالفيء، فسارت إليك عصابة من ذؤبان العرب، فذبحوك على فراشك ذبحا. والله لئن فعلوا لتفعلنّ، ولئن فعلت ليفعلنّ، ثم أخذ بناصيته، فقال: فإذا كان ذلك فاذكر قولي، فإنه كائن. ذكر هذا الخبر كله شيخنا أبو عثمان في كتاب " السفيانية " وذكره جماعة غيره في باب فراسة عمر ([27]).

 

أقول:

قول عمر " فإذا كان ذلك فاذكر قولي، فإنّه كائن" يدلّ على أن عمر يعلم بما تؤول إليه الأمور لو وليها عثمان، ومع ذلك رشّحه، والأمر ـ كما يقول ـ لقريش، وقريش تحبّ عثمان، فالمسألة محسومة؛ فأين النّصيحة للمسلمين وهو يفتح باب فتنة لا زال مفتوحا إلى هذه السّاعة؟!

وعن ناشرة بن سمي اليزني قال: سمعت عمر بن الخطّاب وهو يخطب الناس فقال: إني أعتذر إليكم من خالد بن الوليد فإني أمرته أن يحبس هذا المال على ضعفة المهاجرين فأعطاه ذا البأس وذا الشّرف وذا اللّسان فنزعته وأمرت أبا
عبيدة بن الجراح. فقال أبو عمرو بن حفص بن المغيرة: لقد نزعت عاملا استعمله رسول الله(ص) وأغمدت سيفا سلّه رسول الله(ص) ووضعت لواء نصبه رسول الله(ص) ولقد قطعت الرّحم وحسدت ابن العمّ فقال عمر: إنك قريب القرابة حديث السنّ مغضب في ابن عمّك([28]).

وعن نصر بن عاصم أن عمر بن الخطّاب سمع نواحة بالمدينة ليلا فأتى عليها فدخل ففرّق النّساء فأدرك النّائحة فجعل يضربها بالدرّة فوقع خمارها فقالوا: شعرها يا أمير المؤمنين، فقال: أجل، فلا حرمة لها([29]).

وعن أبي عمرو الشيباني قال: كنّا عند عمر بن الخطّاب فأتي بطعام له فاعتزل رجل من القوم فقال:ما له؟ قالوا: إنّه صائم. قال: وما صومه؟ قالوا: الدهر. قال: فجعل يقرع رأسه بقناة معه ويقول: كل يا دهر، كل يا دهر([30]).

 

أقول:

أوّلا: قد رووا أنّه قيل لعائشة: تصومين الدهر وقد نهى رسول اللّه(ص) عن صيام الدهر؟ قالت: «نعم، سمعت رسول اللّه(ص) ينهى عن صيام الدهر، ولكن من افطر يوم الفطر ويوم النحر فلم يصم ‏الدهر»([31]). ورووا أيضا عن عامر بن جشيب أنّه سمع زرعة بن ثوب يقول: سألت عبد الله بن عمر عن صيام الدّهر فقال: كنّا نعدّ أولئك فينا من السّابقين([32]). وقال النووي في شرحه على مسلم: «واختلف العلماء فيه ؛ فذهب أهل الظّاهر إلى منع صيام الدّهر نظرا لظواهر هذه الأحاديث ، قال القاضي وغيره : وذهب جماهير العلماء إلى جوازه إذا لم يصم الأيّام المنهيّ عنها وهي العيدان والتّشريق ، ومذهب الشّافعيّ وأصحابه : أنّ سرد الصّيام إذا أفطر العيدين والتّشريق لا كراهة فيه ، بل هو مستحبّ بشرط ألاّ يلحقه به ضررٌ ، ولا يفوّت حقّا ، فإن تضرّر أو فوّت حقّا فمكروه ، واستدلّوا بحديث حمزة بن عمرو ، وقد رواه البخاريّ ومسلم أنّه قال : " يا رسول اللّه : إنّي أسرد الصّوم أفأصوم في السّفر ؟ فقال : إن شئت فصم " .ولفظ رواية مسلم : فأقرّه (ص) على سرد الصّيام ، ولو كان مكروها لم يقرّه ، لا سيّما في السّفر ، وقد ثبت عن ابن عمر بن الخطّاب أنّه كان يسرد الصّيام ، وكذلك أبو طلحة وعائشة وخلائق من السّلف ، قد ذكرت منهم جماعة في شرح المهذّب في باب صوم التّطوّع ، وأجابوا عن حديث " لا صام من صام الأبد " بأجوبة أحدها : أنّه محمول على حقيقته بأن يصوم معه العيدين والتّشريق ، وبهذا أجابت عائشة (رض) »([33]) . هذا من جهة.

ومن جهة أخرى فإنّه ليس من حق أيّ أحد أن يرغم غيره على الإفطار في الصوم المباح، عمر بن الخطّاب أو غيره. بل إنّ رسول الله (ص) في قصّة كراع الغميم عزم على الصّحابة أن يفطروا وبقي قوم على صيامهم فلم يجبرهم على الإفطار ولا عاقبهم، وإنّما اكتفى بقوله «أولئك العصاة»، هذا مع أنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وليس عمر بن الخطّاب كذلك، وإنّما هو أحدهم لا أكثر؛ لكنّه كان مولعا بهتك حرمة الصّحابة إذ يضربهم أمام النّاس بدرّته أو قناة تكون معه، ومعلوم أنّ الرجل لا يتحمّل أن يضرب أمام النّاس حتى لو كان الضارب أباه. و قد كان عمر بن الخطّاب يرى أنّ ضرب الناس مقام يستوجب حمد الله تعالى. فعن عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه قال كنت مع عمر بن الخطّاب بضجنان فقال كنت أرعى للخطّاب بهذا المكان فكان فظا غليظا فكنت أرعى أحيانا وأحتطب أحيانا فأصبحت أضرب النّاس ليس فوقي أحد إلا الله رب العالمين([34]).

وعن يحيى بن جعدة أن عمر بن الخطّاب خرجت امرأة على عهده متطيبة فوجد ريحها فعلاها بالدرّة ثمّ قال: تخرجن متطيّبات فيجد الرّجال ريحكنّ وإنّما قلوب الرّجال عند أنوفهم! أخرجن تفلات([35]).

وعن إبراهيم قال: طاف عمر بن الخطّاب في صفوف النساء فوجد ريحا طيّبة من رأس امرأة فقال لو أعلم أيّتكن هي لفعلت ولفعلت. لتطّيب إحداكن لزوجها، فإذا خرجت لبست أطمار وليدتها. قال: فبلغني أن المرأة التي كانت تطيبت بالت في ثيابها من الفرق([36]).

 

أقول:

لم يكن رسول الله(ص) يطوف في صفوف النساء؛ ويا ليت عمر بن الخطّاب كان يصنع في ساحات الحرب ما صنعه هنا في صفوف النساء حتى بالت المرأة في ثيابها! يا ليته كان يبوّل الرجال في ساحات القتال بدل أن يبوّل النّساء في المسجد!

وروى عبد الرزاق عن معمر عن ليث أنّ امرأة خرجت متزيّنة أذن لها زوجها فأخبر بها عمر بن الخطّاب فطلبها فلم يقدر عليها، فقام خطيبا فقال: هذه الخارجة وهذا المرسلها لو قدرت عليهما لشترت بهما؛ ثمّ قال تخرج المرأة إلى أبيها يكيد بنفسه وإلى أخيها يكيد بنفسه فإذا خرجت فلتلبس معاوزها فإذا رجعت فلتأخذ زينتها في بيتها ولتتزيّن لزوجها. قال عبد الرزاق يعني شترت سمّعت بهما والمعاوز خلق الثياب([37]).

وعن عطاء قال بينما عمر بن الخطّاب يطوف بالكعبة إذ سمع رجلين خلفه يرطنان فالتفت إليهما فقال لهما: ابتغيا إلى العربية سبيلا([38]).

ورووا أن امرأة جاءت تسأله عن أمر، وكانت حاملاً، ولشدة خوفها منه أجهضت حملها.

وقصّته مع جبلة الغسّاني تدلّ على مدى صرامته وشدّته، فقد أسلم جبلة وأسلم من كان معه، وفرح المسلمون بذلك، وحضر جبلة الموسم، وبينما يطوف حول البيت إذ وطأ إزاره رجل من فزارة فحلّه فأنف جبلة وسارع إلى الفزاري فلطمه، فبلغ ذلك عمر فاستدعى الفزاري وأمر جبلة أن يقيده من نفسه أو يرضيه، وضيّق عليه في ذلك غاية التّضييق، فارتدّ جبلة وخرج عن الإسلام وولّى إلى هرقل فاحتفى به وأضفى عليه النعم، إلا أن جبلة كان يبكي أمر البكاء على ما فاته من شرف الإسلام وقد أعرب عن حزنه وأساه بقوله:

تنصرت الأشــراف من أجل لطمة وما كـان فيها لو صبرت لها ضرر   تكنّفني منــــها لجـــــاج ونخــــوة وبعــت لها العين الصحيحة بالعور
فيا ليت أمـــي لـــم تلـــدني وليتني رجعت إلى القول الذي قال لي عمر   ويا ليتني أرعى المخـــــاض بقفرة وكنـــــت أسيراً في ربيعة أو مضر

 

أقول:

قد أراد عمر أن يذلّه حتى لا يكون هناك ملكان في موسم، وإلا فإنّه كان هناك حلول كثيرة للقضيّة، لكن عمر لجأ إلى الحل الصعب من البداية! ولا يستبعد أن يكون الرّجل المضروب أراد أن يسقط الثّوب نهائيّا فيبقى جبلة عاريا عند الكعبة وتحدّث العرب بذلك، وهو أمر عظيم في حقّ ملك توارث آباؤه الملك أيّام كان الخطّاب يحمل الحطب على عاتقه في جبّة لا تتجاوز مأبض ركبتيه!

عن إبراهيم النخعي قال: كان يقول بالكوفة رجل يطلب كتب دانيال وذاك الضرب فجاء فيه كتاب من عمر بن الخطّاب أن يرفع إليه فقال الرّجل ما أدري فيما رفعت؟ فلما قدم على عمر علاه بالدّرة ثم جعل يقرأ عليه {الر تلك آيات الكتاب المبين.. } حتى بلغ الغافلين. قال: فعرفت ما يريد فقلت: يا أمير المؤمنين دعني، فوالله ما أدع عندي شيئا من تلك الكتب إلا حرّقته. قال: ثم تركه([39]).

 

أقول:

لكن عمر حين جاء بشيء من التّوراة لم يضربه رسول الله(ص)، ولم يقرأ عليه {الر تلك آيات الكتاب المبين } مع أنّها عليه أنزلت.

وعن أبي موسى قال: دخلت أسماء بنت عميس على حفصة زوج النبي(ص)زائرة وقد كانت هاجرت إلى النجاشي فيمن هاجر إليه فدخل عمر على حفصة وأسماء عندها فقال عمر حين رأى أسماء: من هذه؟ قالت: أسماء بنت عميس. قال عمر: الحبشية هذه البحرية؟ فقالت أسماء: نعم. فقال عمر: سبقناكم بالهجرة، فنحن أحق برسول الله(ص)منكم! فغضبت وقالت كلا والله، كنتم مع رسول الله(ص)يطعم جائعكم ويعظ جاهلكم وكنّا في دار أو في أرض العدى البغضاء في الحبشة، وذلك في كتاب الله وفي رسوله(ص)، وأيم الله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتّى أذكر ما قلت لرسول الله(ص)ونحن كنا نؤذى ونخاف فسأذكر ذلك لرسول الله(ص)والله لا أكذب ولا أزيد على ذلك فلما جاء النبي(ص) قالت: يا نبي الله إنّ عمر قال كذا وكذا، فقال رسول الله(ص): ما قلت؟ قالت: قلت كذا وكذا. فقال رسول الله(ص): ليس بأحقّ بي منكم وله ولأصحابه هجرة واحدة ولكم أهل السفينة هجرتان. قالت: فلقد رأيت أبا موسى( رض) وأصحاب السفينة يأتوني أرسالا يسألون عن هذا الحديث ما من الدنيا شيء أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم رسول الله(ص) . قال أبو بردة: قالت أسماء فلقد رأيت أبا موسى وإنه ليستعيد مني هذا الحديث([40]).

 

أقول:

ومع أن النبي(ص) قالها فإنّ أبا موسى لن يجرؤ أن يقولها لعمر، وإنّما يستطيع أن يستعيد الحديث من أسماء بنت عميس. ثم إنّ النبي(ص) يقول لأسماء: ليس عمر بأحقّ بي منكم، وهذا كلام جدير بالتّدبّر، فإنّه صادر ممن لا ينطق عن الهوى.

وروى أبو حفص العكبري عن جعدة بن هبيرة قال: رأى عمر بن الخطّاب رجلا يصلي وقد أقتعط بعمامته فقال: ما هذه العمامة الفاسقية؟ ثمّ دنا منه فحلّ لوثا من عمامته فحنكة بها ومضى([41]).

قال ابن كثير:كان عمر بن الخطّاب لا يلقى أسامة إلا قال له«السّلام عليك أيها الأمير» ([42]).

 

أقول:

وتوفي رسول الله(ص) وأسامة أمير على عمر، لم يغيّر رسول الله من ذلك شيئا؛ فكيف أصبح عمر أميرا على أسامة؟

قالوا: كان عثمان قد سمح لكثير من كبار الصّحابة في المسير حيث شاءوا من البلاد، وكان عمر يحجر عليهم في ذلك حتى ولا في الغزو، ويقول: إني أخاف أن تروا الدنيا وأن يراكم أبناؤها([43]).

قال عمر [فيما ذكر ابن أبي الحديد] لأصحاب الشّورى بعد أن شهد لهم أنّ رسول الله(ص) مات وهو راض عنهم:« أفلا أخبركم عن أنفسكم ! قال: قل، فإنّا لو استعفيناك لم تعفنا. فقال: أمّا أنت يا زبير[ وشرع يعدد أخطاءهم ونقائصهم على حد زعمه]. قال ابن أبي الحديد :ذكر هذا الخبر كله شيخنا أبو عثمان في كتاب " السفيانية " وذكره جماعة غيره في باب فراسة عمر، وذكر أبو عثمان في هذا الكتاب عقيب رواية هذا الخبر قال: وروى معمر بن سليمان التيمي عن أبيه عن سعيد بن المسيّب عن ابن عباس، قال: سمعت عمر ابن الخطاب يقول لأهل الشورى: إنّكم إن تعاونتم وتوازرتم وتناصحتم أكلتموها وأولادكم، وإن تحاسدتم وتقاعدتم وتدابرتم وتباغضتم، غلبكم على هذا الأمر معاوية بن أبي سفيان، وكان معاوية حينئذ أمير الشام([44]).

 

أقول:

هذا رأي عمر في المبشّرين بالجنّة، وما يحيّر اللبيب هو قوله لعثمان
" فإذا كان ذلك فاذكر قولي، فإنّه كائن "، وهذا يعني أنّه كان يعلم ما تؤول إليه الأمور إذا وليها عثمان، ومع ذلك رشّحه، وترشيحه يضمن وصوله للخلافة، لأنّ عبد الرحمن بن عوف تزوّج أربع أمويّات، إحداهنّ أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط أخت الوليد بن عقبة، وأمّ سعد بن أبي وقّاص أخت أبي سفيان صخر بن حرب، وطلحة يريد الخلافة لنفسه...

قال الشعبي: كان جرير هو وجماعة مع عمر في بيت فاشتمّ عمر من بعضهم ريحا فقال: عزمت على صاحب هذه الرّيح لما قام فتوضأ. فقال جرير: أو نقوم كلنا فنتوضّأ يا أمير المؤمنين. فقال عمر: نعم السيّد كنت في الجاهليّة، ونعم السيّد أنت في الإسلام([45]).

عن هشام بن محمد عن أبى عبد الرحمن المدني قال: كان عمر بن الخطّاب إذا رأى معاوية قال: هذا كسرى العرب. وهكذا حكى المدائني عن عمر أنّه قال ذلك. وقال عمرو بن يحيى بن سعيد الأموي عن جدّه قال: دخل معاوية على عمر وعليه حلّة خضراء فنظر إليها الصّحابة، فلمّا رأى ذلك عمر وثب إليه بالدرّة فجعل يضربه بها وجعل معاوية يقول: يا أمير المؤمنين الله الله فيّ! فرجع عمر إلى مجلسه فقال له القوم: لم ضربته يا أمير المؤمنين وما في قومك مثله؟ فقال: والله ما رأيت إلاّ خيرا وما بلغني إلاّ خير، ولو بلغني غير ذلك لكان منى إليه غير ما رأيتم ولكن رأيته وأشار بيده فأحببت أن أضع منه ما شمخ([46]).

مع أزواج النبي (ص):

رووا أنّ عمر بن الخطّاب > بعث إلى أزواج رسول الله(ص) بمال فقالت عائشة(رض): أإلى كلّ أزواج رسول الله بعث عمر مثل هذا ؟ قالوا: لا، بعث إلى القرشيّات بمثل هذا، وإلى غيرهنّ بغيره. فقالت: ارفع رأسك فإنّ رسول الله(ص) كان يعدل بيننا في القسمة بماله ونفسه. فرجع الرّسول فأخبره فأتمّ لهنّ جميعا([47]).

واستعمل عمر على الحج بالنّاس أوّل سنة استخلف وهي سنة ثلاث عشرة عبد الرحمن بن عوف فحجّ بالنّاس تلك السنة ثم لم يزل عمر بن الخطّاب يحج بالناس في كل سنة خلافته كلها، فحجّ بهم عشر سنين ولاء، وحجّ بأزواج النبي عليه السلام في آخر حجّة حجّها بالنّاس سنة ثلاث وعشرين واعتمر عمر في خلافته ثلاث مرات عمرة في رجب سنة سبع عشرة وعمرة في رجب سنة إحدى وعشرين([48]).

وعن محمد بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه قال: كان بين عثمان وطلحة تلاح في مسجد رسول الله فبلغ عمر (رض) فأتاهم وقد ذهب عثمان وبقي طلحة فقال: أفي مسجد رسول الله تقولان الهجر وما لا يصلح من القول؟ ما أنت مني بناج فقال: الله الله يا أمير المؤمنين! فوالله إني لأنا المظلوم المشتوم. فقالت أم سلمة من حجرتها: والله إن طلحة لهو المظلوم المشتوم. قال فكفّ عمر (رض) ثمّ أقبل إلى أمّ سلمة (رض) فقال: ما تقولين يا هنتاه! إن ابن الخطّاب لحديث العهد ولو سبّ طلحة لسبّه طلحة، ولو ضرب طلحة لضربه طلحة، ولكن الله جعل لعمر درّة يضرب بها الناس عن عرض([49]) .

 

أقول:

هذا هو الأدب مع أمّهات المؤمنين؛ يكلّم إحدى أزواج النبي (ص) التي هي بمنزلة أمه بمقتضى قوله تعالى { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم..} فيقول لها:« يا هنتاه..» وهي عبارة قبيحة جدّا في لغة العرب. قال النووي:«الهن والهنة بتخفيف نونهما هو كناية عن كل شيء وأكثر ما يستعمل كناية عن الفرج والذكر»([50]).ففي سلوكه هذا إهانة لإحدى أزواج النبي(ص). ثم هو يقول:« ولكن الله جعل لعمر درّة يضرب بها الناس عن عرض»، وهذا غير صحيح، لأنّه لو كان الله تعالى هو الذي شرع الدرّة لكان شرعها للنبي(ص)، ولم يحدث شيء من ذاك، فهذه الدرّة درّة السّقيفة ولا علاقة لها بالإٍسلام، وفي نسبتها إلى الله تعالى ما لا يخفى على أولي الألباب.

قال[عمر]: يا عبد الله، اذهب إلى عائشة أم المؤمنين فقل لها يقرأ عليك عمر السلام ولا تقل أمير المؤمنين، فإني لست لهم اليوم بأمير، يقول تأذنين له أن يدفن مع صاحبيه، فأتاها بن عمر فوجدها قاعدة تبكي فسلم عليها ثم قال: يستأذن عمر بن الخطّاب أن يدفن مع صاحبيه([51])..

 

أقول:

إذا كان الأمر كما يقول عمر، وأنه لم يعد أمير المؤمنين، فبأيّ حقّ تصرّف في الخلافة بتلك الطريقة وحدّد العدد، وحدّد مكان الاجتماع، وحدّد صاحب القول الفصل إذا اختلفوا، وحدّد مدة التّشاور ثلاثة أيّام؟! فبأي عنوان تصرّف وهو لم يعد أميرا للمؤمنين؟! ثمّ هو يستأذن من عائشة وليس بيت النبي ملكا لها ، وقد زعموا أنّ النبي لا يورث!

عن نافع أن رسول الله(ص)أعطى أزواجه من خيبر كل امرأة منهن ثمانين وسقا من تمر وعشرين وسقا من شعير، فلمّا كان عمر بن الخطّاب خيرهن أن يضمن لهنّ ما كان رسول الله(ص)أعطاهنّ فاختارت عائشة وحفصة أن يقطع لهما من الأرض والماء فصار ميراثا لمن ورثهن([52]).

قالوا: ولم يعلم عمر بأن النبيّ(ص)قضى في دية الجنين بغرّة عبد أو وليدة حتى أخبره المذكوران قبل، ولم يعلم عمر بأنّ المرأة ترث من دية زوجها حتّى أخبره الضّحّاك بن سفيان أنّ النّبيّ(ص) كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضّبابيّ من دية زوجها، ولم يعلم أيضا بأخذ الجزية من المجوس حتّى أخبره عبد الرّحمن بن عوف بأنّ النّبيّ (ص)أخذ الجزية من مجوس هجر، ولم يعلم بحكم الاستئذان ثلاثا حتى أخبره أبو موسى الأشعريّ وأبو سعيد الخدريّ، ولم يعلم عثمان بوجوب السكنى للمتوفّى عنها حتّى أخبرته قريعة بنت مالك أنّ النّبيّ(ص) ألزمها بالسّكنى في المحلّ الذي مات عنها زوجها فيه حتى تنقضي عدّتها، وأمثال هذا أكثر من أن تحصر([53]).

 

أقول:

تلك مسائل غابت عن عمر وفي قول الشنقيطيّ " وأمثال هذا أكثر من أن تحصر " اعتراف بكثرة أخطاء عمر ".

وروى الأثرم بإسناده عن ظبيان بن عمارة قال: شهد على المغيرة بن شعبة ثلاثة نفر أنّه زان فبلغ ذلك عمر فكبّر عليه وقال شاط ثلاثة أرباع المغيرة بن شعبة؛ وجاء زياد فقال: ما عندك؟ فلم يثبت، فأمر بجلدهم فجلدوا وقال: شهود زور . فقال أبو بكرة: أليس ترضى إن أتاك رجل عندك يشهد رجمه؟ قال: نعم، والذي نفسي بيده؛ فقال أبو بكرة: وأنا أشهد أنه زان، فأراد أن يعيد عليه الحدّ فقال عليّ يا أمير المؤمنين إنك إن أعدت عليه الحدّ أوجبت عليه الرجم. وفي حديث آخر فلا يعاد فيه فرية جلد مرتين. قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللّه قول عليّ إن جلدته فارجم صاحبك؟ قال: كأنه جعل شهادته شهادة رجلين. قال أبو عبد اللّه: وكنت أنا أفسّره على هذا حتى رأيته في هذا الحديث فأعجبني. ثم قال: يقول إذا جلدته ثانية فكأنك جعلته شاهدا آخر([54])..

وعن أبي العباس ثعلب قال: لما أن قال أبو بكرة: أشهد أنّه لزان! قال عمر: اجلده! فقال له عليّ: إذاً فارجم صاحبك، لأنّك قد اعتددت بشهادته فصارت شهادتين وإنّما هي شهادة واحد أعادها([55]).

 

أقول:

لقد كان عمر بن الخطّاب حريصا على تأديب الصحابي أبي بكرة الذي سولت له نفسه الشهادة على أحد رجال الدولة الذين هجموا على بيت فاطمة عليها السلام في نفس الأسبوع الذي توفي فيه رسول الله(ص). وقد كان عمر يعلم أنّ المغيرة فعلها، وأنّ أبا بكرة لم يرمه بباطل بدليل قوله له كما في مصنّف ابن أبي شيبة: «ويحك يا مغيرة والله ما رأيتك قط إلا خشيت أن أرمى بحجارة من السماء »([56]).

مع بني أمية .

قال العباس بن عبد المطلب [ بخصوص فتح مكة]: فكنت إذا مررت بنار المسلمين قالوا من هذا؟ فإذا نظروا قالوا: عمّ رسول الله، حتّى مررت بنار عمر بن الخطّاب فقال: من هذا؟ وقام إليّ ورآه في عجز البغلة فقال: أبو سفيان عدو الله؟ قد أمكن الله منك! ومرّ يشتدّ إلى رسول الله فركضت البغلة فسبقت كما تسبق الدّابّة الرجل البطيء، ثمّ اقتحمت فدخلت على رسول الله ثمّ جاء عمر فدخل فقال: يا رسول الله ـ صلى الله عليك ـ هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بلا عهد ولا ميثاق فدعني أضرب عنقه. فقلت: يا رسول الله إنّي قد أمّنته. قال أبو جعفر: فهذا عمر بن الخطّاب أراد قتل أبي سفيان وهو أسير فلم يقل له رسول الله لا يجوز قتل الأسير، ولا أنكر عليه ما قاله من همّه بقتله ففي هذا بيان أن الآية محكمة([57]).

 

أقول:

كلام أبي جعفر هذا في غير محلّه، فإنّ النبي(ص) كان قد أهدر دم أبي سفيان، ولم يتراجع عن ذلك. وأما عبارة " دعني أضرب عنقه " فهي عبارة اعتاد رسول الله(ص) سماعها من عمر، ولذلك لا يرتّب عليها أثرا. وإذا كان عمر صادقا في ما يقول بخصوص أبي سفيان فما باله يتعامل معه بكلّ خشية حين رجوعه بأموال الصدقة بعد وفاة النبي (ص) ويقول لأبي بكر:" إنّ هذا فاعل شرّا فدع له ما بيده، وترك بيده أموال الصدقة التي هي أموال المسلمين، ونزع من فاطمة فدكا بزعمه أنّها من أموال المسلمين؟! ـ فالقضية إذا ليست قضية أموال المسلمين، وإنّما هي قضيّة عشائر يخافها عمر، وعشائر يستضعفها لقلّة عددها! وقد وصف أبو سفيان يومها قبيلة عمر بأنّها أذلّ حي في قريش، فما باله أعطى الدّنيّة في دينه ورضي أن يقال عنه أذل حي في قريش؟

وعن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عبيد بن حنين عن حسين بن علي قال صعدت إلى عمر بن الخطّاب فقلت له: انزل عن منبر أبي واصعد منبر أبيك. قال فقال: إنّ أبي لم يكن له منبر. قال: فأقعدني معه فلما نزل ذهب بي إلى منزله فقال: أي بني من علّمك هذا؟ قال: قلت: ما علمنيه أحد. قال: أي بنيّ لو جعلت تأتينا وتغشانا. قال فجئت يوما وهو خال بمعاوية وابن عمر بالباب ولم يؤذن له فرجعت فلقيني بعد فقال لي: يا بني لم أرك تأتينا؟ فقال: قد جئت وأنت خال بمعاوية ورأيت ابن عمر رجع فرجعت؛ فقال: أنت أحقّ بالإذن من عبد الله بن عمر، إنّما أنبت في رؤوسنا ما ترى الله ثمّ أنتم. قال ووضع يده على رأسه([58]).

أقول: ما الذي كان يجري في الخلوات بين عمر بن الخطّاب ومعاوية بن أبي سفيان؟! ومعاوية آخر قرشي دخل الإسلام ، وعمر بن الخطاب يقول: لا أجعل من قاتل رسول الله كمن قاتل معه، فقد جعل من قاتل رسول الله(ص) أفضل ممن قاتل معه، وأ‘طاه الشام. ولعلّ في صفّين وثمانين سنة من حكم الأمويين ما يشير إلى تلك الخلوات من طرف خفي.

وعن يونس عن ابن شهاب قال لما توفّي يزيد بن أبي سفيان أمّر عمر مكانه معاوية ثمّ نعاه عمر لأبي سفيان فقال: يا أبا سفيان احتسب يزيدا. فقال: من أمّرت مكانه؟ قال: معاوية. قال: وصلتك رحم([59]).

قالوا: ثمّ وقع طاعون عمواس فمات أبو عبيدة واستخلف أخاه معاذا، فمات معاذ. واستخلف يزيد بن أبي سفيان، فمات واستخلف أخاه معاوية فأقره عمر (!!). وولّى عمر عمرو بن العاص فلسطين والأردن، ومعاوية دمشق وبعلبك والبلقاء، وسعيد بن عامر بن حذيم حِمصا، ثم جمع الشّام كلها لمعاوية بن أبي سفيان([60]).

قال الشوكاني: أخرج البخاريّ في تاريخه وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عمر بن الخطّاب في قوله {ألم تر إلى الذين بدّلوا نعمة الله كفرا} قال: هما الأفجران من قريش بنو المغيرة وبنو أميّة، فأمّا بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر وأمّا بنو أميّة فمتّعوا إلى حين([61]).

 

أقول:

فلماذا كان يوليهم على الأمصار ما دام يعلم أنّهم كذلك؟

وجرى كلام بين معاوية وأبي الدرداء وكان ذلك في زمن عمر بن الخطّاب، فأخذ أبو الدرداء على نفسه أن لا يساكن معاوية في أرض هو فيها، فلما بلغ عمر ذلك لم يزد على أن أرسل إلى معاوية ينهاه عن فعل ذلك، ولكنه لم يعنفه على ما صدر منه، ولا عاقبه، ولا عزله عن عمله. وقد كان بإمكان معاوية أن يقول لعمر: أنت أيضا لم تر بأسا بالنهي عن متعتين كانتا على عهد رسول الله(ص).

قال الذّهبيّ في ترجمة يزيد بن أبي سفيان: أخو معاوية من أبيه ويقال له يزيد الخير، وأمّه هي زينب بنت نوفل الكنانيّة وهو أخو أمّ المؤمنين أمّ حبيبة. كان من العقلاء الألبّاء والشّجعان المذكورين؛ أسلم يوم الفتح، وحسن إسلامه وشهد حنينا فقيل إنّ النبي(ص) أعطاه من غنائم حنين مئة من الإبل وأربعين أوقية فضّة وهو أحد الأمراء الأربعة الذين ندبهم أبو بكر لغزو الرّوم، عقد له أبو بكر ومشى معه تحت ركابه يسايره ويودّعه ويوصيه وما ذاك إلاّ لشرفه وكمال دينه ولما فتحت دمشق أمّره عمر عليها([62]).

 

أقول:

انظر إلى الذهبي يقول عن أحد أفراد الشجرة الملعونة في القرآن " وما ذاك إلاّ لشرفه وكمال دينه ". وسائل نفسك كيف يجتمع اللّعن وكمال الدّين!

مع أهل الكتاب .

قال السيوطي:وأخرج سفيان بن عينية عن عكرمة قال: كان عمر يأتي يهود يكلّمهم فقالوا: إنه ليس من أصحابك أحد أكثر إتيانا إلينا منك[!] فأخبرنا من صاحب صاحبك الذي يأتيه بالوحي؟ فقال: جبريل. قالوا: ذاك عدوّنا من الملائكة، ولو أنّ صاحبه صاحب صاحبنا لأتّبعناه. فقال عمر: ومن صاحب صاحبكم؟ قالوا: ميكائيل. قال: وما هما؟ قالوا: أمّا جبريل فينزل بالعذاب والنقمة وأمّا ميكائيل فينزل بالغيث والرحمة، وأحدهما عدوّ لصاحبه. فقال عمر: وما منزلتهما؟ قالوا: إنّهما من أقرب الملائكة منه، أحدهما عن يمينه وكلتا يديه يمين، والآخر على الشقّ الآخر. فقال عمر لئن كانا كما تقولون ما هما بعدوين ثم خرج من عندهم فمر بالنبيّ(ص) فدعاه فقرأ عليه {من كان عدوا لجبريل}.. الآية. فقال عمر: والذي بعثك بالحق إنه الذي خاصمتهم به آنفا. وأخرج ابن جرير عن قتادة قال ذكر لنا أنّ عمر بن الخطّاب انطلق ذات يوم إلى اليهود فلما أبصروه رحبوا به فقال عمر: والله ما جئت لحبّكم ولا للرغبة فيكم ولكني جئت لأسمع منكم، وسألوه فقالوا: من صاحب صاحبكم؟ فقال لهم جبريل قالوا: ذاك عدونا من الملائكة يطلع محمدا على سرّنا، وإذا جاء جاء بالحرب والسّنة ولكن صاحبنا ميكائيل وإذا جاء جاء بالخصب والسلم فتوجه نحو رسول الله(ص)ليحدّثه حديثهم فوجده قد أنزل هذه الآية {قل من كان عدوا لجبريل}.. الآية. وأخرج ابن جرير عن السدي قال: كان لعمر أرض بأعلى المدينة يأتيها، وكان ممرّه على مدارس اليهود وكان كلما مرّ دخل عليهم فسمع منهم وإّنه دخل عليهم ذات يوم فقال لهم: أنشدكم بالرّحمن الذي أنزل التّوراة على موسى بطور سيناء أتجدون محمّدا عندكم؟ قالوا: نعم، إنّا نجده مكتوبا عندنا ولكن صاحبه من الملائكة الذي يأتيه بالوحي جبريل وجبريل عدوّنا وهو صاحب كل عذاب وقتال وخسف، ولو كان وليّه ميكائيل لآمنا به، فإن ميكائيل صاحب كلّ رحمة وكلّ غيث. قال عمر: فأين مكان جبريل من الله؟ قالوا: جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره قال: عمر فأشهدكم أن الذي عدوّ للذي عن يمينه عدوّ للذي هو عن يساره، والذي عدوّ للذي عن يساره عدوّ للذي هو عن يمينه، وأنّه من كان عدوّهما فإنّه عدوّ لله، ثمّ رجع عمر ليخبر النّبي (ص) قال فوجد جبريل قد سبقه بالوحي فدعاه النبيّ(ص)فقرأ {قل من كان عدوا لجبريل}.. الآية فقال عمر والذي بعثك بالحقّ لقد جئت وما أريد إلا أن أخبرك([63]).

 

أقول:

لم يثبت أن غير عمر كان يتردّد على اليهود ويحضر مجالسهم. وانظر إلى من رووا هذا الكلام كيف يستخفّون بجلال الله تعالى فيجعلون قرآنه الشريف تكرارا للقول المزعوم من عمر لليهود. أضف إلى ذلك ما تسرّب من العقائد اليهودية وما يشتم من التّجسيم في قولهم عن يمينه وعن يساره.

وأخرج ابن عساكر عن سليمان بن يسار قال: كتب عمر بن الخطّاب إلى كعب الأحبار أن اختر لي المنازل فكتب إليه يا أمير المؤمنين إنّه بلغنا أنّ الأشياء اجتمعت فقال السّخاء: أريد اليمن فقال حسن الخلق: أنا معك وقال الجفاء: أريد الحجاز فقال الفقر: أنا معك. قال البأس: أريد الشام. فقال السيف: أنا معك. وقال العلم: أريد العراق فقال العقل: أنا معك. وقال الغنى: أريد مصر. فقال الذّل:ّ أنا معك، فاختر لنفسك يا أمير المؤمنين فلما ورد الكتاب على عمر قال العراق إذن فالعراق إذن([64]).

 

أقول:

يكتب إلى كعب الأحبار اليهودي وعنده في المدينة باب مدينة العلم، ومن هو كعب الأحبار حتى يتعلّم منه المسلمون؟! وانظر إلى قوله " وقال الغنى أريد مصر فقال الذّلّ أنا معك " وما فيه من التجنّي على كرامة المصريّين.

وقد روي عن عمر بن الخطّاب أنه قال لكعب الأحبار يا كعب خوّفنا! فقال: إنّ لجهنم زفرة ما يبقى ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل إلاّ وقع جاثيا على ركبتيه حتى إنّ إبراهيم خليل الرحمن ليدلي بالخلّة فيقول: يا ربّ أنا خليلك إبراهيم لا أسألك إلاّ نفسي، وإن تصديق ذلك في كتاب الله يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها ([65]).

 

أقول:

لا يزال عمر يسأل كعبا ويأخذ منه تعاليم دينه.

وعن ابن علية عن داود عن الشعبي قال: قال عمر كنت رجلا يغشى اليهود في يوم مدراسهم ثم ذكر نحو حديث ربعي([66]).

 

أقول:

معنى كلامه أن عمر بن الخطّاب كان يداوم على الدّرس في مدراس اليهود بدون إذن من النّبي (ص).

قال الجصّاص: ثم قال تعالى {وجنة عرضها السموات و الأرض} في هذا قولان أحدهما أنّه العرض بعينه وروى طارق بن شهاب أنّ اليهود قالت لعمر بن الخطّاب: تقولون جنّة عرضها السموات و الأرض فأين تكون النّار؟ فقال لهم عمر: أرأيتم إذا جاء النّهار فأين يكون الليل وإذا جاء الليل فأين يكون النّهار؟ قالوا: لقد نزعت ما في التوراة([67]).

 

أقول:

إن صحت القصّة فإنها لا تخلو من إشكال لأنّ اليهود سألوا عن ذاتين لا عن عرضين؛ فالليل والنّهار يتعاقبان على مكان واحد، بينما الجنّة والنّار لا تتعاقبان على مكان واحد وهما ذاتان منفصلتان موجودتان في زمان واحد في مكانين مختلفين. يقول سبحانه وتعالى:{ فاطلع فرآه في سواء الحجيم}ويقول جلّ ذكره{ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لايسمعون حسيسها..}. لكن يبدو أن الذين يروون هذا النّوع من الرّوايات يريدون أن يقلّدوا عمر بن الخطّاب وسام الدّفاع عن العقيدة الإسلاميّة، وينسون أو يتناسون أنّه هو الذي فسح لأهل الكتاب المجال ليغرقوا التّراث الإسلامي بالإسرائيليّات التي أنتجت التّجسيم والجبر والإرجاء. وخير دليل على ذلك سؤالاته الكثيرة لكعب الأحبار الذي لم يشهد نزول سورة واحدة من القرآن الكريم.

ورووا أن عمر بن الخطّاب قال لكعب الأحبار ما جنات عدن قال قصور من ذهب في الجنة يدخلها النبيون والصدّيقون والشهداء وأئمة العدل([68]).

وبفضل تقريب عمر إياه صار كعب الأحبار اليهودي مرجعا للمسلمين في العقائد والمسائل الغيبية.علما أن أبا ذر الغفاري رضي الله عنه شهد على كعب الأحبار أنّ اليهودية لم تخرج من قلبه. وصار كعب يروي كأنما سمع من رسول الله(ص) مباشرة، وهو الذي لم يره. من ذلك عن عبد الله بن عياش عن يزيد بن قوذر عن كعب الأحبار قال من قرأ «قل هو الله أحد»حرم لحمه على النار([69]).

أقول: عمّن يروي كعب هذا الكلام؟ وهل هناك سورة في التّوراة اسمها «قل هو الله أحد».

وقيل إن ابن عباس سمع معاوية يقرأ حامية فقال حمئة فبعث معاوية إلى كعب الأحبار كيف تجد الشمس تغرب قال في ماء وطين كذلك نجده في التوراة([70]).

 

أقول:

ألم يجد كعب في التوراة{ النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة}؟! فما باله تأخر إسلامه حتى توفي رسول الله(ص) ؟

وقد روي عن كعب الأحبار أن أول حائط وضع في الأرض بعد الطوفان حائط دمشق وحران وفي الأخبار القديمة عن شيوخ دمشق الأوائل أن دار شداد بن عاد بدمشق في سوق التين..([71]).

و عن كعب الأحبار أنه قال لعمر: يا أمير المؤمنين اعهد بأنك ميت إلى ثلاثة أيام، فلما قضى ثلاثة أيام طعنه أبو لؤلؤة فدخل عليه النّاس ودخل كعب في جملتهم فقال: القول ما قال كعب. وروى أن عيينة بن حصن الفزاري قال لعمر: احترس أو أخرج العجم من المدينة فإني لا آمن أن يطعنك رجل منهم في هذا الموضع. ووضع يده في الموضع الذي طعنه فيه أبو لؤلؤة([72]).

وكعب الأحبار إنما أسلم على أبي بكر عهد عمر بن الخطّاب لم يدرك النبي واسمه كعب بن مانع([73]). قال أبو عبد الله محمد بن عبد الباقي الزرقاني المالكي المصري المتوفى 1122 في " شرح المواهب ": قد كانت زيارته مشهورة في زمن كبار الصحابة معروفة بينهم، و لما صالح عمر بن الخطّاب أهل بيت المقدس جاءه كعب الأحبار فأسلم ففرح به وقال: هل لك أن تسير معي إلى المدينة وتزور قبره (ص) وتتمتع بزيارته ؟ قال: نعم ([74]).

 

أقول:

وهنا يشكل الأمر على ابن تيمية ومن يدور في فلكه، فإنّ عمر ابن الخطاب يدعو صراحة إلى زيارة قبر النبي (ص)، ويصرّح أنّ زيارته ممتعة.

وعن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن أنّه سمع معاوية يحدّث رهطا من قريش بالمدينة وذكر كعب الأحبار فقال: إن كان لمن أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب([75]).

وقال عثمان يوما: أيجوز للإمام أن يأخذ من المال فإذا أيسر قضى ؟ فقال كعب الأحبار: لا بأس بذلك. فقال أبو ذر: يا ابن اليهوديّين، أتعلّمنا ديننا؟ فقال عثمان: ما أكثر أذاك لي وأولعك بأصحابي؟ الحق بمكتبك وكان مكتبه بالشّام([76]).

 

أقول:

الخلاف بين أبي ذر من جهة وبين بني أمية وكعب الأحبار من جهة معلوم مبسوط في كتب التاريخ. وإلى جنب كعب الأحبار كان تميم الداري أيضا يسرب إسرائيلياته في تراث المسلمين في غفلة منهم. ولا ينبغي للمسلمين أن يضيّعوا حرمة أبي ذرّ الذي شهد له النبي(ص) أنه ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق منه من أجل يهودي اسمه كعب الأحبار تظاهر بالإسلام ولم يفارق اليهودية. فإن تكذيب أبي ذر بعد أن شهد له النبي (ص) بما شهد به فيه ردّ على رسول الله(ص).

عن عطاء عن بن عباس قال: رأيت تميما الداري يقصّ في عهد عمر بن الخطّاب (رض). وعن عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت قال رأيت محمد بن كعب القرظي يقصّ([77]).

 

أقول:

القرظي نسبة إلى "بني قريظة" إحدى القبائل اليهودية التي نقضت عهد رسول الله(ص) فحاربها كما هو مسطور في كتب السّيرة والتاريخ. وتميم الداري معروف، فكلا الرجلين من أهل الكتاب، وهما يقصّان أساطير بني إسرائيل التي لا تخلو من القدح في أنبياء الله تعالى عليهم السّلام، وهذا في المسجد النبوي الشريف وبكل حرّية بعد أن أذن لهم عمر بن الخطّاب الذي منع المسلمين من رواية حديث نبيهم (ص). هذا هو الفهم الصحيح للإٍسلام: سدّ باب رواية أحاديث النبي(ص) عن طريق الصحابة، وفتح روافد الإسرائيليات..

و عن الشعبي عن جابر أن عمر بن الخطّاب أتى النبي(ص)بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقال: يا رسول الله إنّي أصبت كتابا حسنا من بعض أهل الكتاب! قال: فغضب وقال: أمتهوّكون فيها يا ابن الخطّاب؟ فو الذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية. لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحقّ فتكذّبوا به أو بباطل فتصدّقوا به والذي نفسي بيده لو كان موسى حيّا ما وسعه إلا أن يتبعني([78]).

 

أقول:

كلام النبي(ص) واضح حينما يقول : لا تسألوهم عن شيء، والنكرة في سياق النفي تفيد العموم، لكن عمر بن الخطّاب قضى مدّة من حكمه يسأل كعب الأحبار إن كان بالمدينة مشافهة، ويكتب إليه إن كان بعيدا عنه المدينة، وقد مرّ بك سابقا قول معاوية في حق كعب " وإن كنا لنبلو عليه الكذب".

وعن أقرع مؤذن عمر بن الخطّاب قال: بعثني عمر إلى الأسقف فدعوته فقال له عمر هل تجدني في الكتاب قال نعم([79]).

 

أقول:

إن المعلوم من الدين في كتاب الله الكريم هو أنّ رسول الله(ص)موجود في التوراة{ الّذِين يتّبِعون الرّسول النّبِيّ الأمِّيّ الّذِي يجِدونه مكتوبا عِندهم فِي التّوراةِ والإِنجِيلِ يأمرهم بِالمعروفِ وينهاهم عنِ المنكرِ ويحِلّ لهم الطّيِّباتِ ويحرِّم عليهِم الخبائِث ويضع عنهم إِصرهم والأغلال الّتِي كانت عليهِم فالّذِين آمنوا بِهِ وعزّروه ونصروه واتّبعوا النّور الّذِي أنزِل معه أولـئِك هم المفلِحون}([80])، لكن يبدو أنّ عمر بن الخطّاب يهمّه اسمه أكثر ممّا يهمّه اسم رسول الله! فإن زعم الأسقف وأتباع الأسقف أنّ اسم عمر موجود في الكتاب وأنّ اسم رسول الله(ص)غير موجود ومع ذلك صدّقه عمر وتابعه عليه، فإنّا لله وإنا إليه راجعون؛ وإن قال إنّ اسم رسول الله(ص) موجود في التّوراة والإنجيل كما شهد به القرآن فما باله باق على ديانة منسوخة؟! ثمّ إنّ مجرّد وجود اسم شخص في كتاب سماويّ غير محرّف فضلا عن المحرّف لا يعني شيئا كبيرا، فهذا شرّ المخلوقات إبليس مذكور في القرآن الكريم والقرآن أفضل الكتب ومهيمن عليها جميعا، وهذا فرعون وهامان وقارون وأبو لهب أيضا، و قوم لوط وقوم نوح وقوم تبّع وأصحاب الأيكة كلّ كذب الرّسل، فهل يعني وجودهم في القرآن الكريم فضلا يذكر؟! لكنّ عمر يهدف إلى أمر يعرفه الأسقف كما يعرفه كعب الأحبار أيضا؛ نعم، يريد عمر بن الخطّاب أن يوهم الناس أنّ خلافته شرعيّة موجودة في الكتب السماويّة، لكنّ الله تعالى أجرى على لسانه عبارة"الفلتة" فنقض كلامه بعضه بعضا،و {محونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة}. وعلى كل حال يبدو أنّ عمر بن الخطّاب بقي متأثّرا بالتوراة حتى آخر أيّامه.

وروي عن كعب الأحبار أنّه قال: تزفر جهنّم يوم القيامة زفرة فلا يبقى ملك مقرب ولا نبيّ مرسل إلا خرّ وجثا على ركبتيه ويقول نفسي، نفسي، حتّى إبراهيم خليل الرحمن فيقول: ربي، لا أريد إلاّ نجاة نفسي. قال كعب: وهو في كتاب الله تعالى {يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها} ([81]).

 

أقول:

فأين قوله تعالى{ إن الذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون}!

وقد ذكروا أنّ عمر بن الخطّاب كان يذهب إلى العوالي كلّ سبت، فإذا وجد عبدا في عمل لا يطيقه وضع عنه منه([82]).

أقول:

كلّ سبت، والسبت لا غير، لأنه يوم المدراس!

قال ابن تيمية: وكان على الصّخرة زبالة عظيمة لأنّ النّصارى كانوا يقصدون إهانتها مقابلة لليهود الذين يصلّون إليها، فأمر عمر (رض) بإزالة النّجاسة عنها، وقال لكعب الأحبار: أين ترى أن نبني مصلّى المسلمين؟ فقال: خلف الصخرة! فقال: يا ابن اليهوديّة، خالطتك يهوديّة، بل أبنيه أمامها فإن لنا صدور المساجد. ولهذا كان أئمة الأمّة إذا دخلوا المسجد قصدوا الصّلاة في المصلّى الذي بناه عمر. وقد روى عمر (رض) أنّه صلّى في محراب داود([83]).

 

أقول:

أبو ذر (رض) يقول لكعب الأحبار «ما فارقت اليهوديّة قلبك»، وعمر بن الخطّاب يقول له: «خالطتك يهودية »، وفي النهاية سواء «خالطت» أم «لم تفارق » فإن الصحابيّين متّفقان على أنّ إسلام كعب الأحبار لم يكن محضا، بل كان مزيجا من اليهودية العميقة الرّاسخة والإسلام الشّكلي. ومن حق كلّ مسلم أن يتساءل ما دام عمر يقول لكعب: " خالطتك يهودية " إن كانت خالطته يهودية في هذه القضيّة فقط أم في كثير من القضايا التي غابت عن عمر؟

قال ابن تيمية: وعمر بن الخطّاب(رض) لما رأى بيد كعب الأحبار نسخة من التّوراة قال «يا كعب إن كنت تعلم أنّ هذه هي التّوراة التي أنزلها الله على موسى بن عمران فاقرأها»، فعلّق الأمر على ما يمتنع العلم به ولم يجزم عمر (رض) بأنّ ألفاظ تلك مبدّلة لما لم يتأمّل كل ما فيه([84]).

 

أقول:

ماذا يفعل كعب الأحبار بنسخة من التّوراة بعد أن أٍسلم؟!

قال ابن كثير: وهذا كعب الأحبار من أجود من ينقل عنهم وقد أسلم في زمن عمر وكان ينقل شيئا عن أهل الكتاب فكان عمر (رض) يستحسن بعض ما ينقله لما يصدّقه من الحقّ وتأليفا لقلبه، فتوسّع كثير من النّاس في أخذ ما عنده، وبالغ أيضا هو في نقل تلك الأشياء التي كثير منها ما يساوي مداده، ومنها ما هو باطل لا محالة، ومنها ما هو صحيح لما يشهد له الحقّ الذي بأيدينا. وقد قال البخاريّ وقال أبو اليمان حدثنا شعيب عن الزهري أخبرني حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية يحدث رهطا من قريش بالمدينة وذكر كعب الأحبار فقال: إن كان من أصدق هؤلاء المحدّثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب، وان كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب. يعني من غير قصد منه([85]).

 

أقول:

"من غير قصد منه" لم يقلها معاوية، وإنما أضافها ابن كثير تزكية منه لليهوديّ.

مع بني هاشم.

عن أبي جعفر محمد بن عليّ أن العباس جاء إلى عمر فقال له: إن النبي(ص) أقطعني البحرين. قال: من يعلم ذلك؟ قال: المغيرة بن شعبة. فجاء به فشهد له. قال: فلم يمض له عمر ذلك كأنّه لم يقبل شهادته، فأغلظ العباس لعمر، فقال عمر: يا عبد الله خذ بيد أبيك. وقال سفيان عن غير عمرو قال عمر: والله يا أبا الفضل لأنا بإسلامك كنت أسرّ مني بإسلام الخطّاب لو أسلم لمرضاة رسول الله([86]).

 

أقول:

هذا الذي لا يكاد يصدق! يوماً يستسقي به، ويوماً يكذّبه في وعد وعده إياه رسول الله(ص).

قالوا: فدخلا المسجد فإذا ميزاب للعباس شارعة في مسجد رسول الله(ص) فقال عمر بيده فقلع الميزاب، فقال: هذا الميزاب لا يسيل في مسجد رسول الله(ص). فقال له العباس: قلعته؟ والذي بعث محمّدا بالحقّ هو الذي وضعه في هذا المكان ونزعته أنت يا عمر! قال: فبكى عمر ثم قال: لتضعنّ رجليك على عنقي ولتردّنه إلى ما كانه. ففعل ذلك ا لعباس ثم قال له: قد أعطيتك الدار تزيدها في مسجد رسول الله(ص)فزادها عمر في المسجد ثمّ قطع للعبّاس دارا أوسع منها بالزوراء([87]).

 

أقول:

كان على عمر أن يسأل العباس أوّلا من وضع الميزاب ومتى، لكنّه عجول يصدر الأمر أوّلا ثمّ يتبيّن له الحقّ في خلاف ما ذهب إليه، فيتصرّف حسب المزاج، تارة يلجّ وتارة ينصاع .

وعن سالم أبي النّضر قال: لمّا كثر المسلمون في عهد عمر ضاق بهم المسجد فاشترى عمر ما حول المسجد من الدّور إلاّ دار العباس بن عبد المطّلب وحجر أمّهات المؤمنين، فقال عمر للعبّاس: يا أبا الفضل، إنّ مسجد المسلمين قد ضاق بهم، وقد ابتعت ما حوله من المنازل أوسّع به على المسلمين في مسجدهم إلاّ دارك وحجر أمهات المؤمنين؛ فأمّا حجر أمّهات المؤمنين فلا سبيل إليها، وأمّا دارك فبعنيها بما شئت من بيت مال المسلمين أوسّع بها في مسجدهم. فقال العباس: ما كنت لأفعل. قال فقال له عمر: اختر منّي إحدى ثلاث: إما أن تبيعنيها بما شئت من بيت مال المسلمين، وإمّا أن أخطّك حيث شئت من المدينة وأبنيها لك من بيت مال المسلمين، وإمّا أن تصدّق بها على المسلمين فتوسّع بها في مسجدهم. فقال: لا، ولا واحدة منها. فقال عمر: اجعل بيني وبينك من شئت. فقال: أبيّ بن كعب. فانطلقا إلى أبيّ فقصّا عليه القصّة، فقال أبيّ: إن شئتما حدّثتكما بحديث سمعته من رسول الله(ص). فقالا: حدّثنا. فقال: سمعت رسول الله(ص) يقول: أوحى الله إلى داود أن ابن لي بيتا أذكر فيه، فخطّ له هذه الخطّة خطّة بيت المقدس، فإذا تربيعها يزويه بيت رجل من بني إسرائيل، فسأله داود أن يبيعه إيّاه فأبى. فحدّث داود نفسه أن يأخذه منه، فأوحى الله إليه أن يا داود: أمرتك أن تبني لي بيتا أذكر فيه، فأردت أن تدخل بيتي الغصب وليس من شأني الغصب، وإنّ عقوبتك أن لا تبنيه. قال: يا رب فمن ولدي. قال: فأخذ عمر بمجامع ثياب أبيّ بن كعب وقال: جئتك بشيء فجئت بما هو أشدّ منه، لتخرجنّ ممّا قلت! فجاء يقوده حتّى أدخله المسجد فأوقفه على حلقة من أصحاب رسول الله(ص) فيهم أبو ذرّ فقال: إني نشدت الله رجلا سمع رسول الله(ص) يذكر حديث بيت المقدس حين أمر الله داود أن يبنيه إلاّ ذكره؛ فقال أبو ذر: أنا سمعته من رسول الله(ص). وقال آخر: أنا سمعته يعني من رسول الله(ص). قال فأرسل أبيّا قال: فأقبل أبيّ على عمر فقال: يا عمر، أتتّهمني على حديث رسول الله (ص)؟ فقال عمر: يا أبا المنذر، لا والله ما اتّهمتك عليه، ولكنّي كرهت أن يكون الحديث عن رسول الله(ص) ظاهرا. قال وقال عمر للعباس: اذهب فلا أعرض لك في دارك. فقال العباس: أمّا إذا فعلت هذا فإنّي قد تصدّقت بها على المسلمين أوسّع بها عليهم في مسجدهم وأما وأنت تخاصمني فلا. قال: فخطّ عمر له داره التي هي اليوم وبناها من بيت مال المسلمين([88]).

 

أقول:

وانظر إلى قول أبي: أتتهمني؟! ـ والفرق بين القصتين واضح، فإن عمر أراد أن يأخذ دار العباس كيفما كان، ولم يرض العباس بذلك، وتطوّع بها بعد أن يئس منها عمر. ولعل العباس أراد أن يفهم عمر أنّه ليس وليّ أمره، وأنّه لا حقّ له عليه شرعا، فإنّ العباس لم يعتقد لحظة واحدة بشرعية حكم السقيفة. ولو كان العباس يرى طاعة عمر واجبة لما تردّد لحظة في إجابته لما طلب. وانظر إلى قول عمرلأبي بن كعب: "ا أبا المنذر، لا والله ما اتّهمتك عليه، ولكنّي كرهت أن يكون الحديث عن رسول الله(ص) ظاهرا". فكلّما كره عمر شيئا ألزم الناس به كما لو كان وحيا نازلا من السماء.

قال السيوطي: وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر من وجه آخر عن ابن عباس (رض) أن نجدة الحروري أرسل إليه يسأله عن سهم ذي القربى الذي ذكر الله فكتب إليه إنا كنا نرى أنّا هم فأبى ذلك علينا قومنا وقالوا ويقول لمن تراه قال ابن عباس (رض) هو لقربى رسول الله(ص) قسمه لهم رسول الله(ص) وقد كان عمر (رض) عرض علينا من ذلك عرضا رأينا دون حقنا فرددناه عليه وأبينا أن نقبله، وكان عرض عليهم أن يعين ناكحهم وأن يقضي عن غارمهم، وأن يعطي فقيرهم وأبى أن يزيدهم على ذلك([89]).

وعن عاصم بن كليب قال أخبرني أبي أنه سمع ابن عباس يقول: كان عمر بن الخطّاب إذا صلّى صلاة جلس للنّاس فمن كانت له حاجة كلّمه، وإن لم يكن لأحد حاجة قام فدخل. قال فصلّى صلوات لا يجلس للناس فيهنّ، قال ابن عباس: فحضرت الباب فقلت: يا يرفأ أبأمير المؤمنين شكاة؟ فقال: ما بأمير المؤمنين من شكوى. فجلست، فجاء عثمان بن عفان فجلس، فخرج يرفأ فقال: قم يا ابن عفان، قم يا ابن عباس، فدخلنا على عمر فإذا بين يديه صبر من مال على كل صبرة منها كنف، فقال عمر: إنّي نظرت في أهل المدينة وجدتكما من أكثر أهلها عشيرة فخذا هذا المال فاقتسماه، فما كان من فضل فردّا. فأمّا عثمان فحثا، وأمّا أنا فجثوت لركبتي وقلت: وإن كان نقصان رددت علينا؟ فقال عمر: نشنشة من أخشن ـ يعني حجرا من جبل ـ أما كان هذا عند الله إذ محمد وأصحابه يأكلون القدّ؟ فقلت: بلى والله، لقد كان هذا عند الله ومحمد(ص)حيّ، ولو عليه فتح لصنع فيه غير الذي تصنع! قال فغضب عمر وقال: أو صنع ماذا؟ قلت: إذا لأكل وأطعمنا. قال: فنشج عمر حتى اختلفت أضلاعه ثم قال: وددت أنّي خرجت منها كفافا لا لي ولا عليّ([90]).

 

أقول:

هذه شهادة من الصّحابي ابن عباس أنّه لو كان رسول الله(ص) لصنع خلاف ما يصنع عمر بن الخطّاب! وهذا معناه أن سلوك عمر بن الخطّاب مخالف لسيرة النبي(ص). ومع ذلك فقد رووا روايات عزوها إلى علي بن أبي طالب (ع) ترسم لعمر سلوكا آخر. رووا عن علي (ع)قال: ولاّني رسول الله(ص) خمس الخمس فوضعته مواضعه حياة رسول الله(ص) وحياة أبي بكر وحياة عمر، فأتي بمال فدعاني فقال: خذه. فقلت: لا أريده. قال: خذه فأنتم أحقّ به! قلت: قد استغنيت؛ فجعله في بيت المال([91]).

قال يزيد: فأنا كتبت لابن عباس كتابه [إلى نجدة الحروري] فكتب إليه: كتبت تسألني عن سهم ذي القربى لمن هو؟ هو لنا أهل البيت، وقد كان عمر بن الخطّاب دعانا إلى أن ينكح منه أيّمنا ويخدم منه عائلنا ويقضي منه عن غارمنا فأبينا إلا أن يسلمه إلينا وأبى ذلك فتركناه([92]).

وأخرج البغوي في معجم الصحابة من طريق زيد بن أسلم عن ابن عمر كان عمر يدعو ابن عباس ويقربه ويقول: إنّي رأيت رسول الله(ص) دعاك يوما فمسح رأسك وقال اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل([93]).

 

أقول:

ما فعل في حقّ عليّ وقد رأى من رسول الله فيه أضعاف ما رأى في ابن عبّاس؟!

قال ابن كثير: كان عمر إذا استشار أحدا لا يبرم أمرا حتّى يشاور العباس.

مع غير العرب.

يذكر أنّ عمر بن الخطّاب كان شديد الحساسيّة بالنّسبة للعجم وكل ما يتصل بهم. قال ابن تيمية: وقد روى السّلفي من حديث سعيد بن العلاء البرذعي [..] عن نافع عن ابن عمر(رض) قال: قال رسول الله(ص):«من يحسن أن يتكلّم بالعربية فلا يتكلم بالعجمية فإنّه يورث النفاق ». ورواه أيضا بإسناد آخر معروف إلى أبي سهيل محمود بن عمر العكبري [..] عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال: قال رسول الله(ص) «من كان يحسن أن يتكلّم بالعربية فلا يتكلّم بالفارسية فإنّه يورث النفاق»([94]).

أقول: إلى هذا الحدّ بلغ بهم الافتراء على رسول الله (ص)، لم يكتفوا أن ينسبوا إليه السفاسف حتى اتّهموه بالعنصريّة! فاللّغة الفارسية إذاً ـ وفق الحديث السابق ـ تورث النّفاق! وهل يختصّ هذا باللّغة الفارسيّة أم يتعدّاها إلى كلّ لغات العجم، تبقى المسألة مطروحة. لكن الذي لا شكّ فيه أن اختلاف اللّغات من آيات الله تعالى{ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم..}؛وفي القرآن الكريم كلمات عربية من أصل فارسي([95])، ولم يكن داوود وسليمان وموسى وعيسى وهارون و.. و..يتكلّمون العربية، لا دليل على ذلك، فأين العلاقة بين اللّغة الفارسيّة والنّفاق؟وهل كان عبد الله بن أبيّ بن السّلول وثلث الجيش الذي رجع معه يوم أحد يتكلّمون الفارسية؟!

 

________________________

([1]) تاريخ الطبري، ج 3 ص377و الكامل في التاريخ ، ج 2ص 8 و المنتظم ، ج 2 ص 80 و تاريخ الرسل والملوك ،ج 2 ص 469 و البداية والنهاية ،ج 7 ص 189 و نهاية الأرب في فنون الأدب ،ج 5 ص 311 .

([2]) الصف: 4.

([3]) النساء: 95.

([4]) المائدة : 54.

([5]) المستدرك ، الحاكم النيسابوري ، ج 4 ص 278.

([6]) الجامع في الحديث ج2ص481 تحت رقم365.

([7]) الجامع في الحديث ج2ص690 تحت رقم 594.

([8]) مصنف ابن أبي شيبة: ج2ص150 تحت رقم7545.

([9]) مصنف ابن أبي شيبة، ج2ص157 تحت رقم 7618.

([10]) مصنف ابن أبي شيبة، ج3ص232 تحت رقم13744..

([11]) مصنف ابن أبي شيبة ج6ص380 تحت رقم32198.

([12]) مصنف ابن أبي شيبة ج6ص408تحت رقم32445.

([13]) مصنف ابن أبي شيبة، ج6ص453.

([14]) مجموع الفتاوى، ج 2 ص 42.

([15]) الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر، ج2 ص105.

([16]) مجموع الفتاوى، ابن تيمية، ( جزء 28 ص 231 ..

([17]) مجموع الفتاوى، ابن تيمية،ج 28 ص 474.

([18]) مجموع الفتاوى، ابن تيمية، ج28 ص 643.

([19]) مجموع الفتاوى، ابن تيمية ج 35 ص 40.

([20]) الفتاوى الكبرى، ابن تيمية، ج 2 ص 440.

([21]) منهاج السنة النبوية، ج 6 ص256.

([22]) الثمر المستطاب، ج1 ص 76.

([23]) صحيح أبي داود ج 2 ص 571 * ( صحيح الإسناد ).

([24]) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج 1 ص 180.

([25]) هو أبو عمرو بن حفص بن المغيرة

([26]) لحبها إياه وليس لتقوى أو جهاد أو علم أو صدق.. هذه معايير قريش. قريش التي لم تحبب رسول الله(ص) أحبّت عثمان!

([27]) شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد ، ج 1 ص 185 – 186.

([28]) فضائل الصحابة، النسائي،ص 53 5.

([29]) مصنف عبد الرزاق، ج3ص557.

([30]) مصنف عبد الرزاق، ج4ص298.

([31]) تهذيب الآثار للطبري، ج 1 ص 491 رقم802، والمجموع، ج3ص388.

([32]) السنن الكبرى للبيهقي ،ج 4ص 301. وصحيح ابن خزيمة ،ج 8 ص 49 رقم1977 .و المجموع ج 6 ص390.

([33]) شرح النووي على مسلم ، ج 4 ص 168.

([34]) تاريخ مدينة دمشق ج44 ص315.

([35]) مصنف عبد الرزاق ج4ص370 تحت رقم8103..

([36]) مصنف عبد الرزاق، ج4ص373 تحت رقم8117..

([37]) مصنف عبد الرزاق، ج4ص371 تحت رقم8111..

([38]) مصنف عبد الرزاق ج5ص496رقم9793 .

([39]) مصنف عبد الرزاق ج6ص 114، تحت رقم 10166.

([40]) سنن النسائي الكبرى ج5ص103 تحت رقم8389 .

([41]) شرح العمدة، ج 1 ص 268. واقتعط العمامة إذا لم يجعلها تحت حنكه(أساس البلاغة،ج1ص386).

([42]) البداية والنهاية، ج5 ص 312.

([43]) البداية والنهاية، ابن كثير، ج 7 ص 219.

([44]) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج 1 ص 185 ـ 187.

([45]) البداية والنهاية ج 8 ص 56 .

([46]) البداية والنهاية ج 8 ص 125.

([47]) الكشاف، الزمخشري، ج 1 ص 287 )

([48]) الطبقات الكبرى، تبن سعد،ج 3 ص 283.

([49]) أخبار المدينة، ابن شبة النميري، ج1 ص26.

([50]) شرح النووي على صحيح مسلم،ج16ص29. وقال الأصبهاني في (دلائل النبوة ج1 ص149) الهن: كناية عن الفرج . وفي خزانة الأدب ج4ص443و الهن كناية عن كلّ ما يقبح ذكره وأراد به هنا الفرج .وأيضا في خزانة الأدب ج7ص246) وقال الشنواتي في حاشية الأوضح: الهن يطلق ويراد به الحقير . وفي( المعجم الوسيط ج2 ص998) الهن: الشيء وكناية عن الشيء يستقبح ذكره وكناية عن الرجل يقال يا هن أقبل لا يستعمل إلا في النداء. وفي( تاج العروس ج40ص316)وظاهر المصنّف أنّ الهن إنّما يطلق على فرج المرأة فقط والصّحيح الإطلاق ومنه الحديث أعوذ بك من شرّ هني يعني الفرج .

([51]) الطبقات الكبرى ج 3 ص 338 .

([52]) كنز العمال ج4ص248تحت رقم11708.

([53]) أضواء البيان، الشنقيطي، ج7ص343.

([54]) أضواء البيان، ج5ص444.

([55]) تاريخ دمشق ج 60 ص 33 .

([56]) حدثنا عبيد الله بن موسى حدثنا شيبان عن الأعمش عن أبي الضحى قال حدثني من سمع عمر يقول إذا رأى المغيرة بن شعبة ويحك يا مغيرة والله ما رأيتك قط إلا خشيت أن أرمى بحجارة من السماء. (مصنف ابن أبي شيبة ، ج6 ص201رقم 30666 .

([57]) الناسخ والمنسوخ، للنحاس ج 1 ص 495.

([58]) تاريخ دمشق ج14 ص175.

([59]) أسد الغابة ،ج 3 ص 26 . و تاريخ الرسل والملوك ،ج 2 ص 447 ومختصر تاريخ دمشق،ج8ص236 وتاريخ المدينة ،ج3ص837 .

([60]) تاريخ خليفة بن خياط العصفريّ، ص 112.

([61]) فتح القدير، الشّوكانيّ، ج3 ص110ـ 111.

([62]) سير أعلام النبلاء، الذهبي، ج1ص329.

([63]) الدرّ المنثور، ج1ص223.

([64]) الدر المنثور، ج1ص237.

([65]) زاد المسير، ج 4 ص 499 .

([66]) تفسير الطبري، ج 1 ص 476 .

([67]) معاني القرآن، ج 1 ص 476 .

([68]) معاني القرآن، ج 6 ص 205 .

([69]) من فضائل سورة الإخلاص ج1ص55 الحسن الخلال البغدادي. مصر 1412.

([70]) تفسير البيضاوي، ج3ص 520. دار الفكر بيروت 1996:

([71]) معجم البلدان، ياقوت الحموي، ج2ص464:

([72]) الرياض النضرة، ج 2 ص 75.

([73]) الجواب الصحيح، ج 3، ص 45 .

([74]) شرح المواهب، الزرقاني، ج 8 ص 299

([75]) صحيح البخاري ج6 ص2679و تهذيب التهذيب ج8ص393 و تهذيب الكمال ج24 ص193
والإصابة في تمييز الصحابة ج5 ص650.

([76]) أنساب الأشراف، البلاذري، ج6ص166.

([77]) مصنف ابن أبي شيبة، ج5ص290تحت رقم 26188.و26189.

([78]) مصنف ابن أبي شيبة، ج5ص312 تحت رقم 26421.

([79]) تهذيب الكمال، ج3:ص327 تحت رقم 551.

([80]) الأعراف: 157.

([81]) تفسير السمعاني ج3ص205:

([82]) فيض القدير، ج5ص443 و التيسير بشرح الجامع الصغير ج2ص349.

([83]) مجموع الفتاوى ج 27 ص12.

([84]) الجواب الصحيح، ج2، ص448.

([85]) البداية والنهاية، ج 2 ص 134.

([86]) الطبقات الكبرى، ج 4 ص 22 .

([87]) تاريخ دمشق، ج 26 ص370.

([88]) تاريخ دمشق، ج 26 ص 370.

([89])والدر المنثور، ج4ص68. والحديث أيضا في المعجم الكبير، ج10ص334 .

([90]) مسند الحميدي، ج1ص18.

([91]) كنز العمال، ج4 ص222

([92]) مسند أبي يعلى، ج4ص424 و مسند أبي يعلى، ج5ص123 و صحيح أبي داود ج 2 ص 577 (قال الألباني:صحيح). فتح الباري، ابن حجر، ج6ص245 .

([93]) فتح الباري ج1ص170.

([94]) اقتضاء الصراط ج 1 ص 205 .

([95]) كقوله تعالى{ أكواب وأباريق} فإن الأباريق جمع إبريق وهو معرب من الفارسي آبريز. قد أفرد السيوطي في هذا النوع كتاباً سمّاه المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب، كما عقد في كتابه "الإتقان" بابا للكلمات غير العربية في القرآن الكريم.