كيف استخلف عمر ؟
  • عنوان المقال: كيف استخلف عمر ؟
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 21:6:52 2-10-1403

قبل الدخول في بيان كيفية استخلاف عمر، يجدر التذكير بكيفية وصول أبي بكر إلى الخلافة، لأنّ خلافة عمر فرع خلافة أبي بكر، مع سابقة ليس عليها دليل، لا من القرآن ولا من السنة الشريفة، وإذا بطل الأصل بطل الفرع؛ وقد كفانا عمر بن الخطاب نفسه مؤونة البحث في صحّة خلافة أبي بكر حين حكم عليها هو نفسه أنّها كانت «فلتة وقى الله المؤمنين شرّها»، والمقطع الأوّل من عبارته صحيح، أمّا المقطع الثّاني فغير مسلّم، لأن شرّ بيعة السقيفة لا يزال إلى اليوم يفعل فعله.

قالوا: ... فلما سمع القوم صوتها([1])وبكاءها انصرفوا باكين، وكادت قلوبهم تنصدع، وأكبادهم تنفطر، وبقى عمر ومعه قوم([2])، فأخرجوا عليّا، فمضوا به إلى أبي بكر، فقالوا له: بايع، فقال: إن أنا لم أفعل فمه ؟ قالوا: إذاً والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك[!]، فقال: إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله، قال عمر: أمّا عبد الله فنعم، وأما أخو رسوله فلا، وأبو بكر ساكت»([3]). وهنا ينبغي للمتأمّل أن يتوقّف. هذان صحابيّان من أصحاب رسول الله يكذب أحدهما الآخر، وهما من الخلفاء الرّاشدين، ومن المبشرين بالحنة؛ وقد لقّنونا منذ الصغر أنّ الراشدين فوق كلّ اعتبار، فلماذا يكذّب الراشدون بعضهم بعضا، ولماذا يهدّد بعضهم بعضا بالقتل؟!

 

هكذا مهّد عمر بن الخطاب لدولته. تماما كما قال علي بن أبي طالب(ع):

«احلب يا عمر حلبا لك شطره، اشدد له اليوم أمره ليردّ عليك غدا».
يقول حزب السّقيفة لعلي بن أبي طالب (ع) إمّا أن تبايع وإمّا« والله الذي لا إله إلاّ هو نضرب عنقك»! أليس هذا إرهابا؟ وإذا لم يكن هذا إرهابا فما هو الإرهاب؟ أين هم من قول الله تعالى{لا إكراه في الدين}؟ وهل هناك إكراه أكبر من أن يخيّر المرء بين بيعة لا يؤمن بها وبين القتل؟ هذا عبد الله بن عمر بن الخطاب يمتنع من مبايعة علي بن أبي طالب (ع) الذي بايعه المسلمون في بيته المهاجرون منهم والأنصار، ولا يرى في ذلك أدنى حرج! بل يزعم أنّه أحسن التعامل مع الفتنة!! لكن بمقتضى سيرة عمر بن الخطّاب، فإنّ عبد الله بن عمر يستحقّ القتل، لأنّه رفض أن يدخل في ما دخلت فيه الأمّة! وأيّة أمّة؟! أمّة عبدت الصّنم أكثر من أربعين سنة وهي مع ذلك تدّعي أنها أعلم بدين الله تعالى من نبيّه وأهل بيت نبيّه(ص)! وخرج أبو بكر بن أبي قحافة من الدنيا، وتبعه عمر، وبقيت بيعة السّقيفة مختلفا فيها، يؤمن بها أصحاب ثقافة الكرسيّ ويرفضها أهل الضمائر الحيّة. أي أنّها بقيت غير شرعيّة، ولو كانت شرعيّة لما جاز لفاطمة بنت رسول الله(ص) أن تتبرّأ منها ومن أهلها، حتى أنّها لم ترهم أهلا ليحضروا الصّلاة عليها! ومن خطّأ فاطمة(ع) فقد خطّأ الله تعالى ورسوله وجبريل والملائكة وصالح المؤمنين.

إذاً فالقضية قضية « اشدد لي اليوم اردد إليك غدا»، ولا أثر فيها لما يذكره المؤرّخون من أمثال ابن خلدون و المتكلّمون من أمثال الإيجي والتفتازاني الماوردي وغيرهم من المنظّرين المصوّبين. ولا يستطيع أحد من هؤلاء أن يوجد انسجاما بين سيرة رسول(ص) وبين سيرة قريش يوم السّقيفة.

عن عائشة قالت: كتب أبي في وصيته سطرين: بسم الله الرحمن الرحيم . هذا ما وصّى به أبو بكر بن أبي قحافة عند خروجه من الدنيا، حين يؤمن الكافر وينتهي الفاجر ويصدق الكاذب. إنّي استخلفت عليكم عمر بن الخطّاب، فإن يعدل فذاك ظنّي به ورجائي فيه، وإن يجر ويبدّل فلا أعلم الغيب {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون }([4]).

وعنها أيضا قالت: كان عثمان يكتب وصية أبي بكر قالت فأغمي عليه، فعجل وكتب عمر بن الخطّاب، فلمّا أفاق قال له أبو بكر: من كتبت؟ قال: عمر بن الخطّاب. قال كتبت الذي أردت أن آمرك به، ولو كتبت نفسك كنت لها أهلا([5]).

أقول: الرّوايتان عن عائشة، والموضوع واحد، لكنّ طريقة كتابة الوصيّة تختلف، فمرّة كتب أبو بكر، ومرّة كتب عثمان.

ولا يبعد أن يكون قلب عثمان قد التهب حسرة عند قول أبي بكر: « ولو كتبت نفسك كنت لها أهلا »، لكن هل يوافق على ذلك عمر؟!

 

عمّال عمر:

كان لعمر بن الخطاب طريقته في تعيين الولاة، وهي طريقة لم تكن تختلف كثيرا عن طريقة أبي بكر بن أبي قحافة التي ترى أولويّة تثبيت سلطان قريش. و لا يحمي سلطان قريش إلاّ أبناء قريش نفسها، لكن أيّ قريش؟ لأنّ هناك تكتّلا يحمل هذا الاسم ومن أولوياته تهميش بني هاشم والتّضييق عليهم، ومنع تدوين الحديث النّبوي وتفسير القرآن الكريم. أما بنو هاشم فهم على عكس ذلك تماما، همّهم إحياء سنة رسول الله(ص)، والعدل في توزيع المال والحقوق، وإنزال الناس منازلهم. و إذا كان لأبي بكر حاشيته التي يأتي في مقدمتها خالد بن الوليد ومن معه، فإنّ لعمر أيضا حاشيته، وله أيضا جهاز أمن سرّي لا يكاد يفوته شيء، ينقل إليه أخبار الليل وأخبار النّهار من المشرق والمغرب حتى ليكاد يقع في خلد المتتبع أنّ عمر بن الخطاب لم يكن يثق في أحد، لا من البدريّين ولا من غيرهم! وقد كانت له في ذلك أيضا تناقضات صارخة بعضها يدعو إلى التعجّب. من ذلك أنهم رووا أنّ عمر بن الخطاب قال من استعمل فاجرا وهو يعلم أنّه فاجر فهو مثله»([6]). وقال أيضا: «لا يستعمل الفاجر إلا الفاجر»([7]).وعن ابن عمر: « لا يولّي الخائن إلا الخائن»([8]). وفي نفس الوقت شهد على المغيرة بن شعبة أنّه فاسق ثمّ ولاّه في نفس المجلس! قال اليعقوبي: ثمّ إن أهل الكوفة شكوا سعدا وقالوا لا يحسن يصلي، فعزله عمر عنهم، فدعا عليهم سعد ألا يرضيهم الله عز وجل عن أمير ولا يرضي أميرا منهم. وولّى عمر مكان سعد بن أبي وقاص عمار بن ياسر ثمّ قدم عليه أهل الكوفة فقال: كيف خلفتم عمار بن ياسر أميركم؟ قالوا: مسلم ضعيف. فعزله ووجّه جبير بن مطعم فمكر به المغيرة وحمل عنه خبرا إلى عمر وقال له: ولّني يا أمير المؤمنين. قال: أنت رجل فاسق! قال: وما عليك مني، كفايتي ورجولتي لك، وفسقي على نفسي! فولاّه الكوفة. فسألهم عن المغيرة فقالوا:« أنت أعلم به وبفسقه». فقال: ما لقيت منكم يا أهل الكوفة، إن وليتكم مسلما تقيّا قلتم هو ضعيف، وإن ولّيتكم مجرما قلتم هو فاسق. فيقال: إنّه ردّ سعد بن أبي وقّاص([9]).

وقد قيل له: إنك استعملت يزيد بن أبي سفيان وسعيد بن العاص، وفلانا، وفلانا من المؤلفة قلوبهم من الطلقاء وأبناء الطلقاء، وتركت أن تستعمل عليّاً والعباس والزبير وطلحة؟!! فقال: «أما عليّ فأنبه من ذلك، وأمّا هؤلاء النّفر من قريش، فإني أخاف أن ينتشروا في البلاد فيكثروا فيها الفساد». وعلّق ابن أبي الحديد على كلامه هذا بقوله: "فمن يخاف من تأميرهم لئلاّ يطمعوا في الملك، ويدّعيه كل واحد منهم لنفسه، كيف لم يخف من جعلهم ستّة متساويين في الشّورى، مرشّحين للخلافة! وهل شيء أقرب إلى الفساد من هذا..؟ وفي هذا المعنى ما نقله ابن عبد ربه الأندلسي في العقد الفريد قال: قال معاوية لابن أبي الحصين: ما الذي شتت أمر المسلمين وجماعتهم وفرق ملأهم وخالف بينهم؟ فقال: قتل عثمان. قال: ما صنعت شيئا. قال: فسير عليّ إليك. قال: ما صنعت شيئا. قال: ما عندي غير هذا يا أمير المؤمنين. فقال: فانا أخبرك أنّه لم يشتّت بين المسلمين ولا فرّق أهواءهم إلاّ الشّورى التي جعلها عمر في ستة، فلم يكن من الستّة رجل إلاّ رجاها لنفسه ورجاها لقومه، وتطلّعت إلى ذلك أنفسهم. ولو أنّ عمر استخلف كما استخلف أبو بكر ما كان في ذلك الاختلاف([10]).

و رووا عن عمر أنه قال: من استعمل فاجرا وهو يعلم أنّه فاجر فهو مثله([11]).

كان عامل عمر بن الخطّاب في السّنة التي قتل فيها وهي سنة ثلاث وعشرين على مكّة نافع بن عبد الحارث الخزاعيّ، وعلى الطائف سفيان بن عبد الله الثّقفي، وعلى صنعاء يعلى بن منية حليف بني نوفل بن عبد مناف وعلى الجند عبد الله بن أبي ربيعة، وعلى الكوفة المغيرة بن شعبة، وعلى البصرة أبو موسى الأشعريّ، وعلى مصر عمرو بن العاص، وعلى حمص عمير بن سعد، وعلى دمشق معاوية بن أبي سفيان، وعلى البحرين وما والاهما عثمان بن أبي العاص الثّقفي، وفي هذه السّنة أعني سنة ثلاث وعشرين توفّي فيما زعم الواقديّ قتادة بن النّعمان الظّفري وصلّى عليه عمر بن الخطّاب، وفيها غزا معاوية الصّائفة حتى بلغ عمورية ومعه من أصحاب رسول الله عبادة بن الصامت وأبو أيوب خالد بن زيد وأبو ذرّ وشدّاد بن أوس، وفيها فتح معاوية عسقلان على صلح . وقيل كان على قضاء الكوفة في السّنة التي توفّي فيها عمر بن الخطّاب شريح وعلى البصرة كعب بن سور، وأما مصعب بن عبد الله فإنّه ذكر أن مالك بن أنس روى عن ابن شهاب أنّ أبا بكر وعمر ما لم يكن لهما قاض.

 

أقول:

وأنت ترى أنّه ليس فيهم هاشميّ واحد مع أنّ النبي(ص) من بني هاشم، كما أنّه ليس فيهم بدري واحد! لكن فيهم ابن آكلة الأكباد، وابن رأس الأحزاب، وفيه ابن من نزل في حقّه قوله تعالى {إن شانئك هو الأبتر}، و من هجا رسول الله(ص)بسبعين بيتا من الشّعر فقال (ص): " اللهم إني لا أقول الشعر فالعنه بكل بيت لعنة"([12])! وفيهم من كان عليّ عليه السلام يقنت بلعنه في الصّلوات. وبالجملة، فيهم أعداء علي بن أبي طالب(ع) الذين حاربوه فيما بعد، وسبّوه وشتموه ولعنوه، ولازالوا إلى هذه اللحظة يتمتّعون بحصانة لا تقبل النقاش.

عن مجالد عن الشعبي قال: بعث عمر بن الخطّاب أول ما بعث إلى الكوفة أبا عبيد الثقفي أبا المختار فقتل فبعث سعد بن أبي وقاص فمكث خمس سنين ثم نزعه ثم بعث عمار بن ياسر فمكث سنة ثم نزعه وبعث المغيرة بن شعبة فمكث سنة ثم قتل عمر فلما ولي عثمان بعث سعدا إلى الكوفة فمكث سنة([13]).

قال ابن قتيبة: وقال ابن الكلبي كان أميّة بن عبد شمس خرج إلى الشّام فأقام بها عشر سنين فوقع على أمة للخم يهوديّة من أهل صفوريّة يقال لها ترنا وكان لها زوج من أهل صفورية يهوديّ فولدت له ذكوان فادعاه أميّة واستلحقه وكناه أبا عمرو، ثمّ قدم به مكة، فلذلك قال النبي(ص)لعقبة يوم أمر بقتله: إنّما أنت يهوديّ من أهل صفورية . و (الوليد بن عقبة) ولاّه عمر على صدقات بني تغلب وولاّه عثمان الكوفة بعد سعد بن أبى وقّاص فصلّى بأهلها وهو سكران وقال أزيدكم؟ فشهدوا عليه بشرب الخمر عند عثمان فعزله وحدّه([14]).

أقول: ولاّه عمر بن الخطّاب بعد أن شهد عليه القرآن الكريم أنه فاسق([15])، فانظر مدى احترام عمر بن الخطاب للقرآن الكريم.

قال السيوطي : وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن جرير والنحاس في ناسخه وابن المنذر والبيهقي في سننه من طرق عن عمر بن الخطّاب قال إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة ولي اليتيم إن استغنيت استعففت وإن احتجت أخذت منه بالمعروف فإذا أيسرت قضيت([16]).

أقول: وهذا الذي رفضه الإمام علي(ع) حين جاءه أخوه ابن أمّه وأبيه عقيل بن أبي طالب يلتمس منه تقديم العطاء، ويذكرون في هذا الباب أنّه وضع في كفّه جمرة. وإنّما على القيم على بيت المال أن يكون أسوة لغيره في الصّبر، إذا احتاج صبر أو اقترض من الموسرين، لا أن يمدّ يده إلى بيت المال.

قال الآلوسي: صحّ أن عمر بن الخطّاب (رض) غرّب نصر بن حجاج إلى البصرة بسبب أنّه لجماله افتتن بعض النّساء به فسمع قائلة يقال: إّنها أمّ الحجّاج الثّقفيّ ولذا قال له عبد الملك يوما: " يا ابن المتمنّية " تقول هل من سبيل إلى خمر فأشربها *أو هل سبيل إلى نصر بن حجاج* إلى فتى ماجد الأعراق (...) سهل المحيّا كريم غير ملجاج([17]) .

 

أقول:

هل نفاه إلى مدينة ليس بها نساء؟ أم أنّه نقل المشكلة من المدينة المنوّرة إلى غيرها من مدن الإسلام؟ وهل كان بقية الصحابة والتّابعين جميعا من الدّمامة بحيث لا يجري عليهم هذا الحكم؟ ألم يقولوا عن دحية الكلبي أنّه كان جميلا؟! ألم يذكروا أن جبريل تمثّل بصورته؟ وما ذنب نصر بن حجاج إذا ذكرته امرأة في أبيات من الشّعر وديننا يقول{ لا تزر وازرة وزر أخرى}؟! على كل حال فإنّ الإسلام لا ينفي شخصا لجماله ولا لدمامته، وليس في النّاس من خلق نفسه حتى يلام على شيء من ذلك؛ وقد كان عمر أحول أعسر أروح، فلعلّه حسد نصر بن حجّاج ؟!وقد ذكر القصّة أيضا الشّاعر المصريّ حافظ إبراهيم في قصيدته التي يمجّد فيها عمر بن الخطاب!

و أخرج ابن أبي شيبة عن قلابة قال: كان عمر بن الخطّاب لا يدع في خلافته أمة تتقنّع ويقول: القناع للحرائر لكيلا يؤذين. وأخرج هو ( أي ابن أبي شيبة) وعبد بن حميد عن أنس (رض)قال: رأى عمر (رض)جارية مقنّعة فضربها بدرّته وقال: القي القناع لا تتشبّهي بالحرائر. وجاء في بعض الرّوايات أنّه (رض)قال لأمة رآها مقنّعة: يالكعاء أتشبّهين بالحرائر. وقال أبو حيان: نساء المؤمنين يشمل الحرائر والإماء والفتنة بالإماء أكثر لكثرة تصرّفهن بخلاف الحرائر، فيحتاج إخراجهنّ من عموم النّساء إلى دليل واضح انتهى. وأنت تعلم أنّ وجه الحرّة عندنا ليس بعورة فلا يجب ستره، ويجوز النّظر من الأجنبيّ إليه إن أمن الشّهوة مطلقا وإلاّ فيحرم. وقال القهستاني: منع النظر من الشّابة في زماننا ولو بلا شهوة وأمّا حكم أمة الغير ولو مدبّرة أو أمّ ولد فكحكم المحرم، فيحلّ النّظر إلى رأسها ووجهها وساقها وصدرها وعضدها إن أمن شهوته وشهوتها. وظاهر الآية لا يساعد على ما ذكر في الحرائر، فلعلّها محمولة على طلب تستر تمتاز به الحرائر عن الإماء أو العفائف مطلقا عن غيرهنّ فتأمل([18]).

هكذا تنفتح أبواب التّأويل لتبرير أعمال عمر، لكن قول أبي حيان "نساء المؤمنين يشمل الحرائر والإماء والفتنة بالإماء أكثر لكثرة تصرّفهن بخلاف الحرائر، فيحتاج إخراجهنّ من عموم النّساء إلى دليل واضح" يدلّ على أنّه لا يأخذ الأحكام عن عمر ولا يبالي بقوله حين يعارض القرآن الكريم.

وقال ابن عاشور: كان عمر بن الخطّاب مدة خلافته يمنع الإماء من التقنّع كي لا يلتبّسن بالحرائر ويضرب من تتقنّع منهنّ بالدّرّة ثمّ زال ذلك بعده([19]).

 

أقول:

ما معنى " زال ذلك بعده " ؟ هل يعني أنّ المسلمين تركوا سنّة الرّاشدين؟

قال ابن عقيل:.وقد لعن النّبيّ(ص)من أحدث حدثا أو آوى محدثا ولعن من ضارّ بمسلم أو مكر به، ولعن من سبّ أصحابه ولعن الرّاشي والمرتشي والرائش، ولعن من غيّر منار الأرض، ولعن السّارق ولعن شارب الخمر ومشتريها وحاملها والمحمولة إليه. وقال «من يلعن عمّارا لعنه الله»، ولعن من ولي من أمر المسلمين شيئا فأمّر عليهم أحدا محاباة ولعن منْ أخاف أهل المدينة ظلما. "([20])

أقول: إذا كان عمر يعلم هذا الذي ذكره ابن عقيل فلماذا ولّى قدامة بن مظعون محاباة وهو يعلم أنّ في الأمّة من هو خير منه.

قالوا: وقد كان[عمر] أصاب من مال الله بضعة وثمانين ألفا فكسر لها رباعه وكره بها كفالة أولاده فأدّاها إلى الخليفة من بعده، وفارق الدّنيا تقيّا نقيّا على منهاج صاحبيه([21]).

عن عمران بن مسلم عن سويد بن غفلة قال: قال عمر إن شئت فامسح على العمامة وإن شئت فانزعها([22]).

عن المغيرة بن شعبة قال: قال رجل أصلح الله الأمير إن آذنك يعرف رجالا فيؤثرهم بالإذن ا قال عذره الله والله إن المعرفة لتنفع عند الكلب العقور والجمل الصؤول قال بله من الرجل الحر ذي الحسب، والله إن كنّا لنصانع في إذن عمر بن الخطّاب([23]) .

أقول: لم يكن الناس يصانعون في إذن رسول الله(ص)، ولا في إذن علي بن أبي طالب (ع).

وكان له من العمال وقت ما توفى على الكوفة المغيرة بن شعبة وعلى البصرة أبو موسى وعلى حمص أعمالها عمير بن سعد الضمري وعلى دمشق معاوية بن أبى سفيان وعلى صنعاء يعلى بن منية وعلى الجند عبد الله بن أبى ربيعة وعلى الطائف سفيان بن عبد الله الثقفي وعلى مكة نافع بن عبد الحارث وعلى مصر عمرو بن العاص ...([24]).

وعن يونس عن ابن شهاب قال لما توفّي يزيد بن أبي سفيان أمّر عمر مكانه معاوية ثمّ نعاه عمر لأبي سفيان فقال: يا أبا سفيان احتسب يزيدا. فقال: من أمّرت مكانه؟ قال: معاوية. قال: وصلتك رحم([25]) !

 

أقول:

ما هو الضابط الذي اعتمده عمر في هذا الاستخلاف؟ أوليس عجيبا أنه يحقّ ليزيد بن أبي سفيان الطّليق بن الطّليق أن يستخلف أخاه الطّليق وهو يودّع الدنيا، ولا يحق لرسول الله(ص)أن يستخلف أحدا؟! هذا هو دين السقيفة، يجوز فيه للطّلقاء ما لا يجوز لرسول الله(ص).

قالوا: هاجر عتبة بن غزوان إلى أرض الحبشة وهو ابن أربعين سنة، ثم عاد إلى رسول الله(ص) وهو بمكة فأقام معه حتى هاجر إلى المدينة مع المقداد، وكان من السابقين ... ثم شهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله(ص)، وسيّره عمر بن الخطّاب إلى أرض البصرة ليقاتل من بالأبلة من فارس... ثم خرج حاجا وخلف مجاشع بن مسعود وأمره أن يسير إلى الفرات، وأمر المغيرة بن شعبة أن يصلّي بالناس، فلمّا وصل عتبة إلى عمر استعفاه عن ولاية البصرة فأبى أن يعفيه فقال: اللهم لا تردّني إليها !فسقط عن راحلته فمات سنة سبع عشرة وهو منصرف من مكة إلى البصرة بموضع يقال له: معدن بني سليم. قاله ابن سعد . وقال المدايني: مات بالربذة سنة سبع عشرة وقيل: سنة خمس عشرة وهو ابن سبع وخمسين سنة وكان طوالا جميلا([26]) .

ويفصّل ابن عساكر ما دار بين عمر وعتبة فيقول: كان سعد بن أبي وقّاص يكتب إلى عتبة بن غزوان كتاب الأمير عليه، فأنف من ذلك عتبة وكتب إلى عمر أن يقدم عليه فأذن له، واستخلف المغيرة بن شعبة وخرج حتى أتى عمر فشكا إليه تسليط سعد بن أبي وقّاص عليه فسكت عمر عنه، فأعاد ذلك مرارا حتى إذا أكثر عليه فقال: وما عليك يا عتبة أن تقرّ بالإمارة لرجل من قريش له صحبة مع رسول الله(ص) وشرف! فلمّا قضى حاجته أمره عمر أن يرجع إلى عمله فأبى أن يفعل وحلف أن لا يرجع إليه أبدا ولا يلي عملا([27]) .

 

أقول:

هذا حرص من عمر على إذلال النّاس لكبراء قريش، ولو كان عتبة بن غزوان عاملا لرسول الله(ص) و استعفاه لأعفاه، لأنه لا إكراه في الدين. ومع ذلك فإنّ في ما استدل به حجة على عمر نفسه، فإن كل ما أثبته عمر لسعد بن أبي وقاص ثابت لعتبة بن غزوان، وقد مرّ بك قولهم "هاجر عتبة بن غزوان إلى أرض الحبشة وهو ابن أربعين سنة، ثم عاد إلى رسول الله(ص) وهو بمكة فأقام معه حتى هاجر إلى المدينة مع المقداد، وكان من السابقين" . وهذا يعني أنّ له هجرتين، هجرة إلى الحبشة وهجرة إلى المدينة، وليس سعد بن أبي وقاص من المهاجرين إلى الحبشة. وقد ذكر عمر بن الخطاب لسعد بن أبي وقاص عيوبا حين رشحه ضمن من رشّح لخلافة فقال له:" إنما أنت صاحب مقنب من هذه المقانب ، تقاتل به ، وصاحب قنص وقوس وأسهم ، وما زهرة ، والخلافة وأمور الناس" ! ونقل ابن أبي الحديد عن الجوهري أن عثمان " أقبل على الناس[في المسجد] ، وقال : إن هاتين [ يعني عائشة وحفصة] لفتّانتان ، يحلّ لي سبّهما ، وأنا بأصلهما عالم . فقال له سعد بن أبي وقاص: أتقول هذا لحبائب رسول الله (ص)! فقال: وفيم أنت ! وما هاهنا ! ثم أقبل نحو سعد عامدا ليضربه ، فانسل سعد . فخرج من المسجد، فاتبعه عثمان، فلقي عليا عليه السلام بباب المسجد، فقال له عليه السلام: أين تريد ؟ قال: أريد هذا الذي كذا وكذا - يعنى سعدا يشتمه - فقال له علي (ع): أيها الرجل، دع عنك هذا. قال فلم يزل بينهما كلام ، حتى غضبا .. "([28]). فإذا كان سعد بن أبي وقاص شريفا بالقدر الذي يصوّره عمر فلم يعامله عثمان بهذه الطريقة المهينة، ويهمّ بضربه لولا أنّه انسل؟ وهل يضرب الأشراف؟

أأأ

وقد مات عتبة بن غزوان بعد ذلك بمدة قصيرة، ويبقى موته بهذه الطريقة لغزا للباحثين يشبه إلى حدّ بعيد موت سعد بن عبادة الذي ادّعوا أن الجنّ قتلته، وهذا معناه أن الجنّ صارت جهاز مخابرات في دولة السّقيفة.

وعن الشّعبي عن قرظة قال بعثنا عمر إلى الكوفة فشيعنا على ميلين فقال أتدرون لم شيّعتكم قالوا:« نحن أصحاب رسول الله(ص)». قال: « إنّكم تأتون أهل قرية لهم دويّ بالقرآن كدوي النّحل فلا تحدّثوهم فتشغلوهم! جرّدوا القرآن وأقلّوا الرواية عن رسول الله(ص)». قال قرظة فأتوني بعد فقلت:«إنّ عمر قد نهانا أن نحدّث»([29]). رواه بن ماجة عن أحمد بن عبدة عن حماد بن زيد عن مجالد

 

أقول:

هذا موقف عمر من رواية الحديث الشريف! والواقع يكذّب ذلك، فإنّ علماء الحديث هم من حفظة القرآن الكريم ، ومنهم من تضلّع في التّفسير والأصول أيضا، ولم كن رواية الحديث شاغلة عن القرآن الكريم إلاّ في ذهن عمر بن الخطاب .

قالوا :وكان له من العمال وقت ما توفى على الكوفة المغيرة بن شعبة وعلى البصرة أبو موسى وعلى حمص أعمالها عمير بن سعد الضمري وعلى دمشق معاوية بن أبى سفيان وعلى صنعاء يعلى بن منية وعلى الجند عبد الله بن أبى ربيعة وعلى الطائف سفيان بن عبد الله الثقفي وعلى مكة نافع بن عبد الحارث وعلى مصر عمرو بن العاص .. ([30]).

أقول: وأنت ترى أسماء أعداء علي بن أبي طالب (ع) بارزة على القائمة، هل كان ذلك بمحض الصّدفة ؟!

عن ابن شهاب عن سليمان بن أبي حثمة عن جدّته الشفّاء وكانت من المهاجرات الأول وكان عمر بن الخطّاب إذا دخل السوق أتاها قال: سألتها من أول من كتب عمر أمير المؤمنين فقالت: كتب عمر أمير المؤمنين إلى عامله على العراقين أن ابعث إليّ برجلين جلدين نبيلين أسألهما عن أمر الناس قال فبعث إليه بعديّ بن حاتم طيء ولبيد بن ربيعة فأناخا راحلتيهما بفناء المسجد ثم دخلا المسجد فاستقبلا عمرو بن العاص فقالا: استأذن لنا على أمير المؤمنين. فقلت أنتما والله أصبتما اسمه هو الأمير ونحن المؤمنون.. وكان قبل ذلك يكتب من عمر خليفة خليفة رسول الله(ص)فجرى الكتاب من عمر أمير المؤمنين من ذلك([31]).

 

أقول:

هذه القصّة تبطل قصة المغيرة بن شعبة ـ وقد زعموا أنّه خليفة رسول الله، وقالوا في نفس الوقت إن رسول الله (ص) مات و لم يستخلف أحدا، فكيف صار خليفته إذاً؟.

عن حبيب بن أبي ثابت أن عمر بن الخطّاب قال ما تقولون في تولية ضعيف مسلم أو قويّ فاجر؟ فقال له المغيرة: المسلم الضّعيف إسلامه له وضعفه عليك وعلى رعيتك، وأما القوي الفاجر ففجوره عليه وقوّته لك ولرعيتك! فقال له عمر: فأنت وأنا باعثك يا مغيرة.. الفاجر القوي أحب إلى عمر من المسلم الضعيف، ونسي عمر الطرف الثالث الذي أشار إليه النبي(ص) وهو المؤمن القويّ، فهل نفد المؤمنون الأقوياء في عهد عمر في زمن كل أهله عدول؟!.

وأنت ترى أنه شهد على المغيرة بالفجور، وقد مرّ بك قول عمر من استعمل فاجرا وهو يعلم أنّه فاجر فهو مثله»([32]). وقوله أيضا: «لا يستعمل الفاجر إلاّ الفاجر»([33]).وعن ابن عمر: « لا يولّي الخائن إلا الخائن»([34]). وللمغيرة بن شعبة قصة معروفة في كتب التاريخ والفقه. وهي قصّة تناولها المؤرّخون والرّجاليّون والفقهاء والأصوليّون؛ وفيها شهد ثلاثة من المسلمين على المغيرة بن شعبة أنّه زنى، وتخلّف الشّاهد الرابع وتراجع عن شهادته، وهو الذي شهد فيما بعد على أمّه بالزّنا وعلى أبيه بالدّياثة. و سبب تراجعه عن الشّهادة هو تلقين الخليفة عمر بن الخطّاب إيّاه من طرف خفيّ، فكان نتيجة ذلك أن جلد الشّهود ونجا المغيرة، وقد بقي أبو بكرة([35]) مصرّا على موقفه من عمر والمغيرة، وأصرّ على شهادته حتى جعلها في وصيته عند الوفاة. وبقي المغيرة بعد فعلته يتقلّب في مناصب الدولة إلى أن توفي في سنة50 في حكم معاوية.

وعن هشام عن محمد قال كان الرجل يقول للرجل غضب الله عليك كما غضب أمير المؤمنين على المغيرة عزله عن البصرة واستعمله على الكوفة([36]).

وعن أبي بردة بن أبي موسى عن أبي موسى أن عمر بن الخطّاب بعث على البصرة المغيرة بن شعبة ثم عزله عنها حين كان من أمر أبي بكرة ما كان وبعث عليها أبا موسى ثم بعث المغيرة على اليمن ثم عزله عنها وبعثه إلى الكوفة فقتل عمر وهو على الكوفة([37]).

 

أقول:

طالما تقلّب المغيرة في المناصب على عهد عمر، وكان يعزله ويوليه؛ إن كان أهلا للولاية فلماذا يعزله؟! وإن كان عزله بحقّ فلماذا يوليه بعد ذلك؟!

ويقال إن أول من ارتشى في الإسلام يرفأ غلام عمر بن الخطّاب رشاه المغيرة ابن شعبة ليقدّمه في الإذن بالدّخول إلى عمر ؛ لأنّ يرفأ لما كان هو الواسطة في الإذن للنّاس وكان الحقّ في التّقديم في الإذن للأسبق إذ لم يكن مضطرّا غيره إلى التّقديم كان تقديم غير الأسبق اعتداء على حق الأسبق فكان جورا وكان بذل المال لأجل تحصيله إرشاء ولا أحسب هذا إلا من أكاذيب أصحاب الأهواء للغض من عدالة بعض الصّحابة فإن صحّ ولا إخاله: فالمغيرة لم ير في ذلك بأسا ؛ لأن الضرّ اللاحق بالغير غير معتدّ به أو لعلّه رآه إحسانا ولم يقصد التّقديم ففعله يرفأ إكراما له لأجل نواله أما يرفأ فلعلّه لم يهتد إلى دقيق هذا الحكم([38]).

أقول: هكذا يدافع المفسرون عن الباطل حينما يتعلّق الأمر بالصحابة، ومن حقّ كل موحّد أن يتساءل : إن كان ربّ الصحابة هو ربّ بقيّة العالمين، فإنّه يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر، والرّشوة من المنكر، فلا يعقل أن يقبلها حين تأتي من صحابي ، بل على عكس ذلك تماما يكون الأمر المنكر أشدّ قبحا حين يأتي من صحابي؛ وإن كان رب الصحابة غير رب بقية العالمين فالقضيّة لا تعنينا.

قال أبو الحسن المدايني: كانت الطواعين المشهورة العظام في الإسلام خمسة طاعون شيرويه بالمدائن على عهد النبي(ص)في سنة ست من الهجرة، ثم طاعون عمواس في زمن عمر بن الخطّاب(رض) وكان بالشام مات فيه خمسة وعشرون ألفا([39])..

أقول: الطاعون على عهد رسول الله(ص) مات فيه الكفار، وأمّا على عهد عمر فكان على المسلمين! ومات فيه كثير من المسلمين.

وعن أبي حصين يرفعه إلى عمر أنه حين وجه الناس إلى العراق قال جردوا القرآن وأقلوا الراوية عن رسول الله(ص) وأنا شريككم([40]).

أقول: ينهى عمر المسلمين عن رواية حديث رسول الله(ص) ويعدّ ذلك من خدمة الإسلام ، ويتوقع عليه الأجر!

قال ابن حزم: وروي عنه أيضا (رض) أنّه حبس ابن مسعود من أجل الحديث عن النبي(ص) كما روينا بالسند المذكور إلى بندار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال: قال عمر لابن مسعود ولأبي الدرداء وأبي ذرّ ما هذا الحديث على رسول الله(ص)؟ قال وأحسبه أنه لم يدعهم أن يخرجوا من المدينة حتى مات. قال عليّ[41]: هذا مرسل ومشكوك فيه من شعبة فلا يصح ولا يجوز الاحتجاج به. ثم هو في نفسه ظاهر الكذب والتوليد لأنه لا يخلو عمر من أن يكون اتهم الصحابة وفي هذا ما فيه أو يكون نهى عن نفس الحديث وعن تبليغ سنن رسول الله (ص) إلى المسلمين وألزمهم كتمانها وجحدها وأن لا يذكروها لأحد فهذا خروج عن الإسلام وقد أعاذ الله أمير المؤمنين من كل ذلك ولئن كان سائر الصحابة متهمين في الكذب على النبي(ص) فما عمر إلا واحد منهم وهذا قول لا يقوله مسلم أصلا([42]).

 

أقول:

لا يقوله من هو على دين السّقيفة، أمّا من كان على بيّنة من ربّه فإنّه يسمّي الأمور بأسمائها، ولا يرى حرجا في أن يثبت لعمر ما أثبته عمر لنفسه. وخير دليل على صحّة نهي عمر عن رواية حديث رسول الله(ص) أنّ أوّل كتاب في الحديث النّبويّ الشّريف هو كتاب موطّإ مالك في بداية الدولة العبّاسيّة بعد مرور أكثر من 120 سنة من وفاة النبي(ص). لماذا طلّ هذا التأخّر في كتابة الحديث؟!

قالوا: و فعل ذلك عمر في الاستئذان ثلاثا حتى قال له أبيّ بن كعب يا عمر لا تكن عذابا على أصحاب محمد(ص)..فقال عمر: سبحان الله إنّما سمعت شيئا فأردت أن أتثبّت([43]).

أقول: لا يلزم من إرادة التّثبّت إلحاق الضّرر المعنوي بالصّحابة والتابعين، ولشدة الضّرر سمّاه أبيّ بن كعب " عذابا ".

وقال الذّهبيّ: توفّي يزيد في الطّاعون سنة ثماني عشرة، ولمّا احتضر استعمل أخاه معاوية على عمله، فأقرّه عمر على ذلك احتراما ليزيد، وتنفيذا لتوليته([44])!

 

أقول:

وهذا معناه أن يزيد بن أبي سفيان أعظم حرمة عند عمر من رسول الله(ص)، لأنّه احترم وصيّة يزيد الطّليق ولم يحترم رسول الله(ص) حين أراد أن يكتب الكتاب.

أورد الذّهبيّ عن ابن علية عن رجاء بن أبي سلمة قال: بلغني أنّ معاوية كان يقول عليكم من الحديث بما كان في عهد عةمر فإنّه كان قد أخاف النّاس في الحديث عن النّبيّ (ص)"([45]).

 

أقول:

عليكم من الحديث بما كان على عهد عمر! وأين عهد رسول الله(ص)؟!

قال الزيعلي ( توفي سنة 762 ) الحديث الثاني قال عليه السلام من قلّد إنسانا عملا وفي رعيّته من هو أولى منه فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين. قلت روى من حديث ابن عباس ومن حديث حذيفة فحديث ابن عباس أخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب الأحكام عن حسين بن قيس الحربيّ عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال النّبيّ(ص)من استعمل رجلا على عصابة وفي تلك العصابة من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين (انتهى). وقال حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وتعقّبه شيخنا شمس الدّين الذهبيّ في مختصره وقال حسين بن قيس ضعيف (انتهى). قلت رواه بن عدي في الكامل وضعف حسين بن قيس عن النّسائيّ وأحمد بن حنبل ورواه العقيلي أيضا في كتابه وأعلّه بحسين بن قيس وقال إنّما يعرف هذا من كلام عمر بن الخطّاب (انتهى). وأخرجه الطبراني في معجمه عن حمزة النصيبيني عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال: قال النّبيّ (ص)من تولّى من أمر المسلمين شيئا فاستعمل عليهم رجلا وهو يعلم أنّ فيهم من هو أولى بذلك وأعلم منه بكتاب الله وسنّة رسوله فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين، مختصرا. وأخرجه الخطيب البغداديّ في تاريخ بغداد عن إبراهيم بن زياد القرشي عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا بلفظ الطبراني قال الخطيب وإبراهيم بن زياد في حديثه نكرة وقال ابن معين لا أعرفه (اهـ). وأما حديث حذيفة فرواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا أبو وائل خالد بن محمد البصري حدثنا عبد الله بن بكر السهمي حدّثنا خلف بن خلف عن إبراهيم بن سالم عن عمرو بن ضرار عن حذيفة عن النبي (ص)قال أيّما رجل استعمل رجلا على عشرة أنفس وعلم أنّ في العشرة من هو أفضل منه فقد غشّ الله ورسوله وجماعة المسلمين([46]) .

 

أقول:

وقد اعترف عمر بالمحاباة في قضية قدامة بن مظعون.

وروى ابن عساكر عن عثمان بن مقسم قال: قال المغيرة بن شعبة لعمر أدلّك على القويّ الأمين؟ قال: بلى! قال: عبد الله بن عمر! قال: ما أردت بقولك هذ؟ والله لأن يموت فأكفنه بيديّ أحبّ إليّ من أن أوليّه وأنا أعلم أنّ في النّاس من هو خير منه([47]).

أقول: فلماذا استعمل قدامة بن مظعون إذاً؟ ولماذا استعمل الوليد بن عقبة بن أبي معيط.

وأما الواقدي فإنه ذكر أن أسامة بن زيد بن أسلم حدثه عن أبيه أن عمر أوصى أن يقرّ عمّاله سنة، فلما ولي عثمان أقرّ المغيرة بن شعبة على الكوفة سنة ثمّ عزله، واستعمل سعد بن أبي وقّاص، ثمّ عزله واستعمل الوليد بن عقبة فإن كان صحيحا ما رواه الواقدي من ذلك فولاية سعد الكوفة من قبل عثمان كانت سنة خمس وعشرين([48]) .

 

أقول:

وصايا عمر نافذة حتى بعد موته، وأما رسول الله(ص) فلا حاجة إلى وصيته و" حسبنا كتاب الله ".

قال له أبو عبيدة بن الجراح: يا أمير المؤمنين ! أفرارا من قدر الله ؟ قال: نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، لو غيرك قالها يا أبا عبيدة ! أرأيت لو أن رجلا هبط واديا له عدوتان: إحداهما خصبة و الأخرى جدبة أليس يرعى من يرعى الجدبة بقدر الله و يرعى من يرعى الخصبة بقدر الله ؟ ثم خلا به بناحية دون الناس([49])!

أقول: خلوات عمر بأبي عبيدة كثيرة، ولم يرشح منها إلى المسلمين شيء، ذهب عمر بأسراره إلى قبره، وذهب أبو عبيدة بأسراره إلى قبره، وبقي تاريخ المسلمين مليئا بالثغرات.

و كان له من العمال وقت ما توفي: على الكوفة المغيرة بن شعبة
و على البصرة أبو موسى و على حمص و أعمائلها عمير بن سعد الضمري و على دمشق معاوية بن أبي سفيان و على صنعاء يعلى بن منية و على الجند عبد الله بن أبي ربيعة و على الطائف سفيان بن عبد الله الثقفي و على مكة نافع بن عبد الحارث و على مصر عمرو بن العاص ..([50]) !

 

أقول:

ما أقل البدريين فيهم، وهو مع ذلك يفضل في العطاء حسب السبق إلى الإسلام كما يدّعي، والمناصب أهم من العطاء!

قال[ أبو بكر]: من كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ومن كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات وقال: " إنك ميت وإنهم ميتون " فقال عمر: أفي كتاب الله هذا يا أبا بكر قال: نعم قال عمر: هذا أبو بكر صاحب رسول الله في الغار وثاني اثنين فبايعوه فحينئذ بايعوه([51])!

وقيل: إنّ عمر كتب إلى عمرو بن العاص أن "قرّب دار عبد الرحمن بن ملجم من المسجد ليعلّم الناس القرآن والفقه فوسع له مكان داره وكانت إلى جانب دار عبد الرحمن بن عديس البلوي يعني أحد من أعان على قتل عثمان " ([52]).

أقول: هذا رأي عمر بن الخطاب في عبد الرحمن بن ملجم؛ يراه أهلا لأن يعلّم النّاس القرآن والفقه ! وهذا يستلزم معرفة الناسخ من المنسوخ، فكم آية حضر نزولها ابن ملجم؟!

قال الصفدي :سكن أبو بكرة البصرة و بها مات سنة إحدى وخمسين للهجرة وكان ممن اعتزل يوم الجمل، ولم يقاتل مع أحدٍ من الفريقين، وكان أحد فضلاء الصحابة. قال الحسن: لم يسكن البصرة أحد من الصّحابة أفضل من عمران بن حصين وأبي بكرة وله عقب كثير كان لهم وجاهة وسؤدد بالبصرة، وكان مِمّن شهد على المغيرة بن شعبة بالزناء فبتّ الشهادة وجلده عمر حدّ القذف إذ لم تتمّ الشّهادة ثمّ قال له: تب لتقل شهادتك فقال: لا جرم لا أشهد بين اثنين أبدا ما بقيت في الدنيا! وكان أبو بكرة يقول: أنا مولى رسول الله(ص) ويأبى أن ينتسِب، وكان مثل النّصل من العبادة حتى مات، وأوصى أن يصلِّي عليه أبو برزة الأسلمي . فصلّى عليه وقد روى له الجماعة كلّهم([53]).

وكان معاوية يقول: " عليكم من الحديث بما كان في عهد عمر فإنّه كان قد أخاف النّاس في الحديث عن النّبيّ "([54]).

قال الزيعلي : الحديث الثاني: قال عليه السلام من قلّد إنسانا عملا وفي رعيّته من هو أولى منه فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين قلت روى من حديث ابن عباس ومن حديث حذيفة فحديث ابن عباس أخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب الأحكام عن حسين بن قيس الحربيّ عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم من استعمل رجلا على عصابة وفي تلك العصابة من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين (انتهى). وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وتعقبه شيخنا شمس الدّين الذهبيّ في مختصره وقال حسين بن قيس ضعيف (انتهى). قلت([55]): رواه بن عدي في الكامل وضعف حسين بن قيس عن النّسائيّ وأحمد بن حنبل ورواه العقيلي أيضا في كتابه وأعلّه بحسين بن قيس وقال إنّما يعرف هذا من كلام عمر بن الخطّاب (انتهى). وأخرجه الطبراني في معجمه عن حمزة النصيبيني عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال: قال النّبيّ(ص)من تولّى من أمر المسلمين شيئا فاستعمل عليهم رجلا وهو يعلم أنّ فيهم من هو أولى بذلك وأعلم منه بكتاب الله وسنّة رسوله فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين، مختصرا. وأخرجه الخطيب البغداديّ في تاريخ بغداد عن إبراهيم بن زياد القرشي عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا بلفظ الطبراني قال الخطيب وإبراهيم بن زياد في حديثه نكرة وقال ابن معين لا أعرفه (انتهى). وأما حديث حذيفة فرواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا أبو وائل خالد بن محمد البصري حدثنا عبد الله بن بكر السهمي حدّثنا خلف بن خلف عن إبراهيم بن سالم عن عمرو بن ضرار عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيّما رجل استعمل رجلا على عشرة أنفس وعلم أنّ في العشرة من هو أفضل منه فقد غشّ الله ورسوله وجماعة المسلمين([56]) .

 

أقول:

وقد اعترف عمر بالمحاباة في قضية قدامة بن مظعون، ورشح عثمان بن عفان للخلافة وهو يعرف كل نقائصه ويعلم أنّ في الأمّة من هو خير منه، وأن في توليه الخلافة خطرا كبيرا على الأمة الإسلامية، فقد روى ابن عساكر عن عثمان بن مقسم قال: قال المغيرة بن شعبة لعمر أدلّك على القويّ الأمين؟ قال: بلى قال: عبد الله بن عمر! قال: ما أردت بقولك هذا؟ والله لأن يموت فأكفنه بيديّ أحبّ إليّ من أن أوليّه وأنا أعلم أنّ في النّاس من هو خير منه([57]).

وقال أبو سليمان في حديث عمر أن المغيرة بن شعبة ذكر له عثمان للخلافة فقال أخشى حفده وأثرته([58]).

 

أقول:

هذا رأي عمر في عثمان، يخشى حفده وأثرته، لكنه مع ذلك رشحه للخلافة وأهداها إليه من طريق خفي.

و قال النووي في تهذيبه[بخصوص تسمية عمر أمير المؤمنين]: سماه بهذا الاسم عدي بن حاتم و لبيد بن ربيعة حين وفدا عليه من العراق و قيل: سماه به المغيرة بن شعبة و قيل: إنّ عمر قال للناس: أنتم المؤمنين و أنا أميركم فسمّي أمير المؤمنين و كان قبل ذلك يقال له: خليفة خليفة رسول الله، فعدلوا عن تلك العبارة لطولها([59]).

وكان عامل عمر بن الخطّاب في السنة التي قتل فيها وهي سنة ثلاث وعشرين على مكة نافع بن عبد الحارث الخزاعي وعلى الطائف سفيان بن عبد الله الثقفي وعلى صنعاء يعلى بن منية حليف بني نوفل بن عبد مناف وعلى الجند عبد الله بن أبي ربيعة وعلى الكوفة المغيرة بن شعبة وعلى البصرة أبو موسى الأشعري وعلى مصر عمرو بن العاص وعلى حمص عمير بن سعد وعلى دمشق معاوية بن أبي سفيان وعلى البحرين وما والاهما عثمان بن أبي العاص الثقفي([60]).

 

أقول:

هؤلاء هم الذين اختارهم عمر لقيادة الأمة.

قال أبو نعيم: أبو موسى الأشعري ومنهم العامل المعلم صاحب القراءة والمزمار الرابض نفسه بالسياحة في المضمار الأشعري أبو موسى عبد الله بن قيس بن حضار كان بالأحكام و الأقضية عالما وفي أودية المحبة والمشاهدة هائما وبقراءة القرآن في الحنادس مترنما وقائما وفي طول الأيام و الحرور طاويا وصائما وقد قيل إن التصوف رتوع القلب الهائم في مرتع العز الدائم حدثنا أبو بكر بن مالك ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا ابن نمير عن طلحة بن يحيى أخبرني أبو بردة عن أبي موسى (رض)أن رسول الله (ص)بعث معاذا وأبا موسى (رض) إلى اليمن وأمرهما أن يعلما الناس القرآن. حدثنا محمد بن إسحاق بن أيوب ثنا إبراهيم بن سعدان ثنا بكر بن بكار ثنا قرة بن خالد ثنا أبو رجاء العطاردي قال كان أبو موسى الأشعري يطوف علينا في هذا المسجد مسجد البصرة يقعد حلقا فكأني أنظر إليه بين بردين أبيضين يقرئني القرآن ومنه أخذت هذه السورة اقرأ باسم ربك الذي خلق قال أبو رجاء فكانت أول سورة أنزلت على محمد (ص)([61]).وقال الذهبي:وقال ابن سعد حدثنا الهيثم بن عدي قال أسلم أبو موسى بمكة وهاجر إلى الحبشة وأوّل مشاهده خيبر، ومات سنة اثنتين وأربعين. قال أبو أحمد الحاكم أسلم بمكة ثم قدم مع أهل السفينتين بعد فتح خيبر بثلاث فقسم لهم النبي (ص)،ولي البصرة لعمر وعثمان وولي الكوفة وبها مات([62]).

قالوا: في ذي الحجة من سنة44 توفي أبو موسى الأشعري اليمني الأمير نسب إلى الأشعر أخي حمير بن سبأ، وكان من أهل السابقة والسبق في الإسلام، هاجر من بلده زبيد في نحو اثنين وخمسين رجلا ورجع فركب البحر ألقتهم الريح إلى النجاشي بالحبشة فوقف مع جعفر وأصحاب حتى قدم معهم في سفينته وجعفر وأصحابه في سفينة أخرى وأسهم رسول الله جاء معهم ولم يسهم لمن غاب غيرهم، واستعمله النبي على عدن واستعمله عمر على الكوفة والبصرة وفتحت علي يده عدة أمصار وقال عليّ فيه صبغ بالعلم صبغة([63]).

أقول: في العبارة الأخيرة تحريف وتزوير ، فقد قال ابن أبي الحديد: روى عنه عليه السلام انه كان يقول في أبى موسى صبغ بالعلم صبغا وسلخ منه سلخا([64]). وهذا يعني أنهم حذفوا المقطع الثاني من كلام أمير المؤمنين عليه السلام لأن بقاءه يعني كون أبي موسى مصداقا لقوله تعالى { فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين}([65]).

وقال ابن أبي الحديد بعد أن أورد كلاما لابن متويه: انتهى كلام ابن متويه وذكرته لك لتعلم انه عند المعتزلة من أرباب الكبائر ، وحكمه حكم أمثاله ممن واقع كبيرة ومات عليها([66]).

أقول: صادف أن كان يوم مجيئهم إلى المدينة هو نفس يوم مجيء جعفر بن أبي طالب وأصحابه، فظن كثير من الناس أنهم ممن هاجر إلى الحبشة، وأبو موسى هذا لحذيفة بن اليمان فيه كلام كره ذكره ابن عبد البرّ وغيره، فحرموا من معرفة الحقائق حفاظا منهم على مكانة الشيوخ في قلوب العامة. قال ابن أبي الحديد: وروى أن عمارا سئل عن أبي موسى ، فقال لقد سمعت فيه من حذيفة قولا عظيما ، سمعته يقول صاحب البرنس الأسود ، ثم كلح كلوحا علمت منه أنه كان ليلة العقبة بين ذلك الرهط([67]).

 

أقول :

يقصد الرهط الذين حاولوا اغتيال النبي(ص) ليلة العقبة، ولماذا لم تصلنا قائمة الباقي من الرهط؟ هذا سؤال لا يحبّ المحدّثون والمؤرّخون إثارته، لكنه بدأ يثار وسوف يثار أكثر وبإلحاح في المستقبل. وهذا الرجل الذي يعدّه حذيفة بن اليمان ممّن حاولوا اغتيال النبي(ص) ليلة العقبة يقول عنه الذّهبيّ: " أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس بن سليم ين حضار بن حرب الإمام الكبير التميمي الفقيه المقري " ويزعم أنّ النبي(ص) قال في حقّه :" اللّهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما "([68])، ومن حقّ كل مسلم أن يسائل الذّهبيّ فيقول له: إذا كان النبي (ص) قد دعا لأبي موسى الأشعري فلماذا كان علي بن أبي طالب(ع) يقنت بلعنه؟! هل يجوز لعلي بن أبي طالب (ع) أن يقنت بلعن رجل دعا له النبي (ص) أن يدخله الله يوم القيامة مدخلا كريما؟! وعلى كل حال، فقد دخل أبو موسى الأشعري يوم دومة الجندل مدخل غير كريم!

عن سليمان [..] عن الحسن عن أبي موسى قال:«إن أمير المؤمنين عمر بعثني إليكم أعلمكم كتاب ربكم عز وجل وسنة نبيكم (ص) وأنظف لكم طرقكم». وعن محمد بن جعفر [..]عن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي عن أبيه قال: جمع أبو موسى القراء فقال: لا تدخلوا عليّ إلا من جمع القرآن! قال: فدخلنا عليه زهاء ثلاثمائة فوعظنا وقال: أنتم قرّاء أهل البلد فلا يطولنّ عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم كما قست قلوب أهل الكتاب، ثم قال: لقد أنزلت سورة كنّا نشبّهها ببراءة طولا وتشديدا حفظت منها آية" لو كان لابن آدم واديان من ذهب لالتمس إليهما واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب"! وأنزلت سورة كنا نشبّهها بالمسبّحات أوّلها سبح الله حفظت آية كانت فيها يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم ثم تسألون عنها يوم القيامة! حدثنا أبو أحمد[..] عن أبي كنانة عن أبي موسى الأشعري (رض)أنه جمع الذين قرؤوا القرآن فاذا هم قريب من ثلاثمائة فعظم القرآن وقال: إن هذا القرآن كائن لكم أجرا وكائن عليكم وزرا فاتبعوا القرآن ولا يتبعنكم القرآن فانه من اتبع القرآن هبط به على رياض الجنة ومن تبعه القرآن زخّ في قفاه فقذفه في النار. رواه شعبة وعن زياد مثله([69]). وعن ابن عون عن ابن سيرين قال: كتب أبو موسى الأشعري إلى عامر بن عبد الله بن عبد قيس الذي كان يدعى عامر بن عبد قيس: أما بعد فإني عهدتك على أمر وبلغني أنك تغيرت فاتق الله وعد([70]) .

عن مسلم بن صبيح عن مسروق قال كنا مع أبي موسى الأشعري (رض)في سفر فآوانا الليل إلى بستان حرث فنزلنا فيه فقام أبو موسى من الليل يصلّي فذكر من حسن صوته ومن حسن قراءته قال وجعل لا يمرّ بشيء إلاّ قاله ثمّ قال: اللّهمّ أنت السّلام ومنك السّلام وأنت المؤمن تحبّ المؤمن، وأنت المهيمن تحبّ المهيمن، وأنت الصّادق تحبّ الصّادق.([71]).

أقول: هذا حسن الصّوت، فأين حسن التّدبّر؟وأين كان من قوله تعالى{ يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} ([72]). عن قسامة بن زهير قال خطبنا أبو موسى (رض)بالبصرة فقال يا أيها الناس ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا فإن أهل النار يبكون الدموع حتى تنقطع ثم يبكون الدماء حتى لو أرسلت فيها السفن لجرت([73]).

قالوا: صلى أبو موسى الأشعري (رض)في كنيسة يوحنا بحمص ثم خرج فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: يا أيّها النّاس إنّكم اليوم في زمان للعامل فيه لله تعالى أجر، وسيكون بعدكم زمان يكون للعامل لله تعالى فيه أجران([74]).

 

أقول:

فأين حديث خير القرون إذاً؟

وعن أبي عمران الجوني قال: أهدى أبو موسى الأشعري إلى عمر بن الخطّاب (رض)هدية فيها سلال فاستفتح عمر سلّة منها فذاقها وقال: ردّوه ردوه لا تراه أو لا تذوقه قريش فتذابح عليه([75]).

أقول: هذا مبلغ قريش من التديّن في نظر عمر، تذابح على الحلاوة.

عن خارجة بن زيد؛ قال: كان عمر بن الخطّاب كثيرا ما يستخلف زيد بن ثابت إذا خرج إلى شيء من الأسفار، وقلما رجع من سفر إلا أقطع زيد بن ثابت حديقة من نخل([76]).

 

أقول:

كان رسول الله (ص) كثيرا ما يستخلف إذا خرج لغزو أو غيره، فإذا رجع عادت الأجواء إلى ما كانت عليه قبل سفره، ولا حدائق نغل ولا هم يحزنون.

وعن الشعبي: أنّ عمر بن الخطّاب أخذ من رجل فرسا على سوم يحمل عليه رجلا فعطب الفرس فقال عمر: اجعل بيني وبينك رجلا فقال الرّجل: صاحب بيني وبينك شريحا العراقيّ، فأتيا شريحا فقال: يا أمير المؤمنين أخذته صحيحا سليما على سوم فعليك أن تردّه سليما كما أخذته قال: فأعجبه ما قال، ثمّ بعثه قاضيا، ثم قال: ما وجدت في كتاب الله فالزم السّنّة، فإن لم يك في السّنّة فاجتهد رأي([77]) .

 

أقول:

وهذا يعني أنّ عمر بن الخطّاب كان يرى أنّه ليس على القاضي أن يرجع إلى من هو أعلم منه فيما أِشكل عليه، وهذا مخالف لكتاب الله تعالى{فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}.

وعن عبد الملك بن عمير عمّن سمع ابن عباس أنّ عمر بن الخطّاب قال: عويمل لنا بالعراق خلط في فيء المسلمين أثمان الخمر وأثمان الخنازير! ألم يعلم أنّ رسول الله(ص)قال: لعن الله اليهود حرّمت عليهم الشّحوم أن يأكلوها فجملوها فباعوها وأكلوها أثمانها([78]).

هذه شهادة من عمر ابن الخطاب أن في عماله من لا يبالي ما الحلال وما الحرام.

قالوا: ولما نقب بيت مال المسلمين قال عمر بن الخطاب لعامله هناك: انقله إلى المسجد فلا يزال المسجد فيه مصلّى([79]) أي ليتولى حراسته ومقيلا للعزّاب ومبيتا للغرباء ..

أقول: قولهم«نقب بيت مال المسلمين» يعني أنّ السطو على البنوك كان موجودا على عهد عمر. وعهد عمر هو عهد الصحابة والتابعين، أو عهد خير القرون! على أن في قوله ومبيتا للغرباء لا يمنع أن يكون الغرباء أيضا من المنقبين.

و عن أبي وائل عن يسار بن نمير قال: قال عمر بن الخطّاب: إنّ الرّجل لياتيني فيسألني فأحلف أن لا أعطيه[!] ثمّ يبدو لي فأعطيه، فاذا أمرتك أن تكفّر عنّي فأطعم عشرة مساكين، لكلّ مسكين نصف صاع من القمح أو صاع من شعير أو تمر. سنده صحيح([80]).

ويسار بن نمير هذا مولى عمر بن الخطّاب القرشي، وهو خازن عمر. روى عنه أبو وائل شقيق بن سلمة وأبو عاصم الغطفاني.

قالوا في ترجمة هنيّ: هنيّ مولى عمر بن الخطاب، وكان عامل عمر على الحمى. روى عن مولاه عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان وشهد معه صفين[!] وعن أبي بكر الصديق. روى عنه ابنه عمير بن هنيّ وأبو جعفر محمد بن علي بن الحسين وقيل إن الذي يروي عن عمرو بن العاص ويروي عنه أبو جعفر رجل آخر مولى لعمرو بن العاص فالله أعلم له ذكر في صحيح البخاري في حديث زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر استعمل مولى له يدعى هنيا على الحمى.. الحديث([81]).

 

أقول:

نعم، هذا عامل عمر على الحمى يشهد صفين مع الفئة الباغية! وانظر إلى قوله:
«روى عنه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين»، يقصدون الإمام الباقر عليه السلام، وكأنّ الإمام عليه السلام بحاجة إلى أن يروي عن الأجانب! وكيف يستسيغ الإمام المطهّر الرّواية عمّن حضر صفّين مع أعداء عليّ(ع)؟ سبحانك هذا بهتان عظيم! وإنّما جاء في طبقات ابن سعد ما يلي: أخبرنا خالد بن مخلد قال حدثني سليمان بن بلال قال حدثني جعفر بن محمد قال: سمعت رجلا من الأنصار يحدّث أبي عن هنيّ مولى عمر بن الخطاب قال: كنت أوّل شيء مع معاوية على عليّ، فكان أصحاب معاوية يقولون: لا والله لا نقتل عمّارا أبدا، إن قتلناه فنحن كما يقولون؛ فلمّا كان يوم صفّين ذهبت أنظر في القتلى فإذا عمّار بن ياسر مقتول، قال هني: فجئت إلى عمرو بن العاص وهو على سريره فقلت: أبا عبد الله، قال: ما تشاء؟ قلت: انظر أكلّمك. فقام إليّ فقلت: عمار بن ياسر ما سمعت فيه؟ فقال: قال رسول الله(ص): تقتله الفئة الباغية. فقلت: هو ذا والله مقتول. فقال: هذا باطل! فقلت: بصر به عيني مقتول. قال: فانطلق فأرنيه؛ فذهبت به فأوقفته عليه فساعة رآه انتقع لونه ثمّ أعرض في شقّ وقال: إنّما قتله الذي خرج به([82]). وأنت تراه يقول: «سمعت رجلا من الأنصار يحدّث أبي عن هني»، فالمحدِّث رجل من الأنصار، والمحدَّث هو الإمام الباقر عليه السلام، وموضوع الحديث قتل عمار بن ياسر (رض). وليس هذا ممّا يقال فيه«روى عنه» لأنّهم إنّما يقولون ذلك فيما يخصّ حديث النبي(ص).

وعن ابن سيرين قال: كان عمر إذا استعمل رجلا كتب في عهده:" اسمعوا له وأطيعوا ما عدل فيكم " قال: فلما استعمل حذيفة كتب في عهده أن اسمعوا له وأطيعوا وأعطوه ما سألكم([83]).

 

أقول:

لماذا هذا التخصيص؟ وكلّهم عدول، وكلّهم كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم.

قال ابن تيمية: وأما سائر المساجد فبين العلماء نزاع في جواز تغييرها للمصلحة وجعلها غير مسجد، كما فعل عمر بن الخطّاب بمسجد الكوفة لما بدّله وجعل المسجد مكانا آخر وصار الأوّل حوانيت التّمارين وهذا مذهب الإمام أحمد وغيره([84]).

وقد مثّل ابن تيمية لتولية الفاجر بفعل عمر بن الخطّاب فقال: إلاّ أن يمكن الجمع بين الأمرين فيفعل حينئذ تمام الواجب كما كان عمر بن الخطّاب يستعمل من فيه فجور لرجحان المصلحة في عمله، ثمّ يزيل فجوره بقوّته
و عدله([85]).

ومع أن الله تعالى يقول:{ أم نجعل المتقين كالفجار}، ويقول:{إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم } ويقول { أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون} إلا أنّ عمر بن الخطّاب لا يتردّد في تولية من يعجبه! و اعجب لابن تيمية يقول عن عمر: " يزيل الفجور"!

قالوا: كان عمر بن الخطّاب يأمر الناس عقب الحجّ أن يذهبوا إلى بلادهم لئلاّ يضيقوا على أهل مكة([86]).

 

أقول:

ولكن رسول الله (ص) لم يكن يأمر بذلك، فإن يكن هذا اجتهادا من عمر فإنّ الله تعالى لن يحاسب الناس وفق اجتهادات عمر،لأنه سبحانه وتعالى يقول:
{ وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}. وأما الاستشهاد بقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا }([87]). فيحتاج إلى إثبات أنّ الحاكم هو وليّ الأمر سواء جاءت به السّقيفة أو الدّبّابة أو الانقلاب العسكري،وساعتها يغدو واجبا على المسلمين طاعة (أبو رقيبة) و(السّادات)و(جعفر النّميري)و(معاوية ولد الطايع) وآخرين.

وقال السيوطي (تاريخ الخلفاء، ج1 ص 116): و أخرج ابن سعد عن الحسن قال: قال عمر: هان شيء أصلح به قوما أن أبدلهم أميرا مكان أمير .

قال ابن أبي الحديد : ومحمد بن مسلمة بن مسلمة بن خالد بن عدي بن مجدعة بن حادثة ابن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الأوسي الحارثي المتوفى 43 بالمدينة، من أنصار عمر بن الخطّاب ومن ملازميه واعتزل الخروج مع الإمام علي (ع) فلم يشهد الجمل ولا صفّين، ولاّه عمر على صدقات جهينة، وكان عند عمر معدّاً لكشف الأمور المعضلة في البلاد، وهو كان رسوله في الكشف عن سعد بن أبي وقّاص حين بنا القصر بالكوفة([88]).

 

أقول:

وذكر ابن أبي الحديد أيضا أن سعد بن إبراهيم روى " أنّ عبد الرحمن بن عوف كان مع عمر ذلك اليوم ، وأن محمد بن مسلمة كان معهم ، وأنّه هو الذي كسر سيف الزبير" ([89]). ويفهم من ذلك أنّ محمّد بن مسلمة كان المدير العامّ لجهاز المخابرات في عهد عمر بن الخطاب.

و عن تميم بن سلمة قال: قدم عمر بن الخطّاب من سفر فقبّل يده أبو عبيدة بن الجرّاح ثمّ خلوا يتناجيان حتى بكيا جميعا([90]).

 

أقول:

ما هو الحديث الذي أبكى الرجلين، ولماذا يبكيهما دون غيرهما؟!.

عن أبي بكرة بن أبي موسى أن أبا موسى أتى عمر بن الخطّاب بعد العشاء قال فقال له عمر بن الخطّاب ما جاء بك؟ قال: جئت أتحدّث إليك. قال: هذه الساعة؟ قال: إنّه فقه! فجلس عمر فتحدّثا ليلا طويلا حسبته قال ثمّ إنّ أبا موسى قال الصلاة يا أمير المؤمنين قال إنّا في صلاة([91]).

 

مع بيت المال :

وعن مالك بن أوس بن الحدثان قال: كان عمر يحلف على أيمان ثلاث يقول: والله ما أحد أحقّ بهذا المال من أحد، وما أنا بأحقّ به من أحد، والله ما من المسلمين أحد إلاّ وله في هذا المال نصيب إلا عبدا مملوكا ولكنّا على منازلنا من كتاب الله تعالى وقسمنا من رسول الله(ص)فالرّجل وبلاؤه في الإسلام والرّجل وقدمه في الإسلام والرّجل وغناؤه في الإسلام والرّجل وحاجته، ووالله لئن بقيت لهم ليأتينّ الرّاعي بجبل صنعاء حظّه من هذا المال وهو يرعى مكانه([92]).

 

أقول:

هذا التقسيم مخالف لما كانت عليه سيرة النبي (ص)، وكأنّ عمر لا يدري ما يقول حين يصرّح أنه " والله ما أحد أحقّ بهذا المال من أحد " ثم يقول بعد ذلك " ولكنّا على منازلنا من كتاب الله تعالى وقسمنا من رسول الله(ص)فالرّجل وبلاؤه في الإسلام.. "؛ وهذه المنازل التي يتحدث عنها تتعلق بالآخرة لا بالدنيا. ولو كانت تتعلق بالدنيا لكان رسول الله(ص) أول من يعمل بذلك، ولم يفعل، بل عامل الناس على أساس العدل، وأما الأجر والثواب فمسألة أخرى. ومن جهة ثانية فإن ذيل كلام عمر هذا يفيد أنّ عمر كان ينوي تغيير سياسته المالية إن بقي، لكنّه لم يبق، فلم يغيّر، ولعلّ هذا الكلام هو الذي عجّل بقتله بغضّ النظر عمّا نسبوه إلى أبي لؤلؤة.

وعن الزّهريّ عن يزيد بن هرمز أن نجدة الحروري حين خرج من فتنة بن الزّبير أرسل إلى ابن عبّاس يسأله عن سهم ذي القربى لمن تراه؟ قال: هو لنا لقربى رسول الله(ص) قسمه رسول الله(ص)لهم وقد كان عمر عرض علينا منه شيئا رأيناه دون حقّنا فرددناه عليه وأبينا أن نقبله وكان الذي عرض عليهم أن يعين ناكحهم وأن يقضي عن غارمهم وأن يعطي فقيرهم وأبى أن يزيدهم على ذلك([93]).

عن زيد بن ثابت قال: كان عمر يستخلفني على المدينة فوالله ما رجع من مغيب قطّ إلاّ قطع لي حديقة من نخل([94]).

و كان من آثار سيرة عمر مع بيت المال أن تخبّط أقوام في الفقر إلى درجة خطيرة، وتقلب أقوام في الثراء حتى بطروا. فقد ذكروا أنّ الحطيئة هجا الزّبرقان بن بدر فشكاه إلى عمر بن الخطاب، فدعاه عمر ثم أمر بسجنه، فكتب إليه الحطيئة من السّجن أبياتا من الشعر يستعطفه فيها، وأُخبر عمر برقّة حاله وقلّة نصرة قومه له فدعاه وجرى بينهما حوار؛ قال عمر للحطيئة : ويحك يا جرول لم تهجو المسلمين؟ قال: لخصال احتوتني، إحداهنّ إنّما هي نملة تدب على لساني، وأخرى إنما هي كسب عيالي بعد، وثالثة أنّ الزبرقان ذو يسار في قومي وقد عرف رقة حالي وكثرة عيالي فلم يعطف عليّ وأحوجني إلى المسألة، فلمّا سألته حرمني يا أمير المؤمنين، والسّؤال ثمن لكلّ نوال، وكنت أراه يتمرّغ في مال الله ورسوله وأنا أتشحّط في الفقر والعيلة، وكنت أراه يتجشأ جشاء البعير وأنا أتقفّر فتات خبز الشّعير في رحلي مع عيالي، ويا أمير المؤمنين، من عجز عن القوت كان أعجز منه عن السكوت. فدمعت عينا عمر وقال: كم رأس مالك من العيال؟ فعدّهم عليه، فأمر لهم بطعام وكسوة ونفقة ما يكفيه سنة وقال له إذا احتجت فعد إلينا فلك عندنا مثلها فقال جرول: جزاك الله ([95]).

وفي مصنّف ابن أبي شيبة: قال (عمر): يا عتبة، إنّا ننحر كلّ يوم جزورا، فأمّا ودكها وأطايبها فلمن حضر من آفاق المسلمين، وأمّا عنقها فلآل عمر([96]) .

 

أقول:

كلّ يوم عنق جزور لآل عمر من بيت المال!

________________________

([1]) أي صوت فاطمة عليها السلام.

([2]) عمر والقوم الذين معه ليس لهم قلوب تنصدع أو أكباد تنفطر. وهذا التّصرف يكشف أنهم كانوا مستعدين لذلك اليوم.

([3]) الإمامة و السياسة لابن قتيبة الدينوري، ج 1 ص 20 .

([4]) مختصر ابن كثير، ج 2 ص 879.

([5]) مصنف ابن أبي شيبة، ج6ص361 .

([6]) كنز العمال ج5ص303 و أخبار القضاة ج3ص209.

([7]) أخبار القضاة، ج1ص 69.

([8]) أخبار القضاة، ج1 ص 69.

([9]) تاريخ اليعقوبي، ج2 ص155 .

([10]) العقد الفريد، ابن عبد ربه، ج3ص75.

([11]) كنز العمال، ج5 ص303 رقم14306.

([12]) وهو عمرو بن العاص.

([13]) المعجم الكبير، الطبراني، ج20ص367:رقم 857 .

([14]) المعارف، ابن قتيبة، ج1 ص319.

([15]) أجمع المفسرون على أن قول الله تعالى { إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا} نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط.

([16]) الدر المنثور، السيوطي، ج2ص436.

([17]) روح المعاني، الآلوسي، ج18 ص 81..

([18]) روح المعاني، ج 22 ص 89 .

([19]) التحرير والتنوير، ج1 ص3396.

([20]) النصائح الكافية، محمد بن عقيل الشافعي ـ ص 25 .

([21]) سنن الدارمي، ج1ص55 .

([22]) مصنف ابن أبي شيبة، ج1ص29 .

([23]) المعرفة والتاريخ، ج1ص245.

([24]) الثقات، ج2ص241.

([25]) الآحاد والمثاني ، ابن أبي عاصم ج 1ص 382 .

([26]) الاستيعاب، ج3 ص1026.

([27]) تاريخ دمشق، ابن عساكر، ج 60 - ص 34 .

([28]) شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد، ج 9 ص5.

([29]) تهذيب الكمال، المزي، ج 23 ص 565.

([30]) الثقات، ابن حبان ، ج 2 ص 241 .

([31]) تاريخ دمشق ، ج 44 ص 260 .

([32]) كنز العمال ج5ص303 و أخبار القضاة ج3ص209.

([33]) أخبار القضاة، ج1ص 69.

([34]) أخبار القضاة، ج1 ص 69.

([35]) أحد الشهود .

([36]) تاريخ دمشق، ابن عساكر ج 60 ص 41 .

([37]) تاريخ دمشق ج 60 ص 42 .

([38]) التحرير والتنوير، ج 1 ص 533 .

([39]) شرح النووي على مسلم، ج 1 ص 106 دار إحياء التراث العربي ـ بيروت الطبعة الثانية، 1392 .

([40]) الإحكام لابن حزم ج 2 ص 256 .

([41]) ابن حزم.

([42]) الإحكام ابن حزم ج 2 ص 256 .

([43]) الإحكام لابن حزم ج 6 ص 249 .

([44]) سير أعلام النبلاء، ج 1ص 330 .

([45]) تذكرة الحفاظ، الذهبي، ج 1 ص7.

([46]) نصب الراية، الزيعلي، ج 5 ص 37 .

([47]) تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر، ج 31 ص 178 .

[48]) تاريخ الطبري، ج2 ص590 .

([49]) السيرة لابن حبان،ج 1 ص 452 .

([50]) السيرة لابن حبان ، ج 1 - ص 476 .

([51]) تاريخ الإسلام، الذهبي، ج 1 - ص 155.

([52]) تاريخ الإسلام، ج 1 ص490.

 

([53]) الوافي في الوفيات، ج 1ص 3359 .

([54]) تذكرة الحفاظ، الذهبي، ج 1 ص7.

([55]) القائل هو الزيعلي .

([56]) نصب الراية، ج 5 ص 37 .

([57]) تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر، ج 31 ص 178 .

([58]) غريب الحديث، الخطابي، ج 2 ص 111.

([59]) تاريخ الخلفاء ،السيوطي،ج 1 ص 124 .

([60]) تاريخ الطبري، ج 2 ص 587 .

 

([61]) حلية الأولياء، أبو نعيم، ج1ص256.

([62]) سير أعلام النبلاء، الذهبي، ج2ص383.

([63]) شذرات الذهب، ج1ص53 .

([64]) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد المعتزلي، ج 13 ص 315 .

([65]) الأعراف: 175.

([66]) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج 13 ص 316 .

([67]) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد المعتزلي ، ج13ص351 .

([68]) سير أعلام النبلاء، الذهبي، ج2ص380:

([69]) حلية الأولياء، ج1ص257.

([70]) حلية الأولياء ج2ص94:

([71]) وفي حلية الأولياء، ج2ص258.

([72]) المائدة: 8.

([73]) حلية الأولياء، أبو نعيم، ج1ص261.

([74]) حلية الأولياء ، ج1ص264 .

([75]) في حلية الأولياء، ج2ص314 .

([76]) أخبار القضاة، محمد بن خلف بن حيان، ج 1 ص 108.

([77]) أخبار القضاة، محمد بن خلف بن حيان، ج 2 ص 189.

([78]) السنن الصغرى للبيهقي (نسخة الأعظمي) ج5ص382 رقم 2114 .

([79]) أضواء البيان، ج8ص327.

([80]) سنن سعيد بن منصور، ج4ص1535 رقم785.

([81]) تهذيب الكمال، ج30 ص319 رقم 6608.

([82]) الطبقات الكبرى ج3 ص253 .

([83]) مصنف ابن أبي شيبة ج6 ص544 رقم33716 ،وتاريخ مدينة دمشق ج12ص286 .

([84]) مجموع الفتاوى، ابن تيمية ج27 ص 54 .

([85]) مجموع الفتاوى، ابن تيمية، ج35 ص 31 .

([86]) دقائق التفسير، ابن تيمية، ج 2 ص 48 .

([87]) النساء: 59.

([88]) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد،ج6ص48 .

([89]) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد ،ج 6 ص 48.

([90]) الجامع في الحديث، ج1ص259 رقم 173.

([91]) مصنف ابن أبي شيبة ج2ص79 رقم 6693 .

([92]) مسند أحمد بن حنبل جص42 رقم 292.

([93]) مسند أحمد بن حنبل، جص320.

([94]) كنز العمال ج4ص243 تحت رقم 11677.

([95]) كنز العمال ج3 ص339 .

([96]) مصنف ابن أبي شيبة، ج6ص460 .