الإمام الرضا عليه السلام عند أهل السُّنّة
  • عنوان المقال: الإمام الرضا عليه السلام عند أهل السُّنّة
  • الکاتب: الشيخ محمّد محسن الطبسي
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 19:49:5 1-9-1403

الإمام الرضا عليه السلام عند أهل السُّنّة

الكتاب: الإمام الرضا عليه السلام عند أهل السُّنّة.

المؤلّف: الشيخ محمّد محسن الطبسي.

الناشر: مجمع البحوث الإسلاميّة التابع للآستانة الرضويّة المقدّسة ـ مشهد.

الطبعة: الأولى ـ سنة 1432 هجريّة.

 

مقدّمتان مُبيِّنتان

الأولى: للشيخ نجم الدين الطبسي ( والد المؤلّف ) جاء فيها قوله حول الإمام الرضا عليه السلام: هذه الشخصيّة الجليلة التي أثارت احترام كبار علماء السنّة مِن كلّ مذهبٍ وفرقة، حتّى طأطؤوا الرؤوس أمام مرقده الشريف تعظيماً له.. فقد نُقل في أحوال ابن خُزَيمة الشافعي قول الشاهد: فرأيتُ من تعظيمه لتلك التربة وتواضعه لها وتضرّعه عند الوصول إليها ما تَحيَّرنا فيه... وقالوا بأجمعهم: لو لم يعلم هذا أنّه سُنّةٌ وفضيلة لما فعَلَ ذلك. ( فرائد السمطين للجويني الشافعي 198:2، تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني الشافعي 339:7 ).

وقد اعترفوا بقضاء الحوائج عند الإمام الرضا عليه السلام والتوسّل به إلى الله تعالى، وهو مجرَّب، بحيث إنّ محمّد بن علي بن سهل ـ وهو من فقهاء المذهب الشافعي ـ قال فيه: ما عرض لي مهمّ مِن أمر الدين والدنيا فقصدتُ قبر الرضا لتلك الحاجة ودعوتُ عند القبر، إلاّ قُضِيَت تلك الحاجة وفَرّج الله عنّي ذلك المهمّ، وقد صارت إليّ هذه العادة أن أخرج إلى ذلك المشهد في جميع ما يعرض لي؛ فإنّه عندي مجرَّب. ( فرائد السمطين 220:2 ).

ولا ينسى التاريخ ما كتبه ابن حِبّان البستي الشافعي في ( الثّقات 426:8 ) حيث قال: قد زرتُه مراراً كثيرة، وما حَلَّت بي شدّة في وقت مُقامي بطوس فزرتُ قبر عليّ بن موسى الرضا ـ صلوات الله على جَدّه وعليه ـ، ودعوتُ الله إزالتَها عنّي، إلاّ استُجيبت لي وزالت عنّي تلك الشدّة، وهذا جرّبتُه مراراً فوجدتُه كذلك.

ويعود الشيخ نجم الدين الطبسي فيقول: وتُعَدّ هذه الحقائق وما اعترف بها كبار علماء أهل السنّة شاهداً على زيف آراء الرادّين على عقيدة التوسّل والتبرّك، والزيارة والاستغاثة بقبور أئمّة أهل البيت عليهم السلام وقبور الصالحين، والأولياء المؤمنين، بينما قرأنا اعترافات علماء السنّة بالزيارة والتوسّل والتبرّك قبل تشكيكات ابن تيمية بـ ( 200 ) سنة و ( 300 ) سنة، وبعضها قبل ظهور فرقة التضليل بـ ( 800 ) سنة.

وقد تعرّض هذا الكتاب إلى بيان المواقف الإيجابية عند أهل السنّة ومذاهبهم تجاه الإمام الرضا عليه السلام، والرؤى المنصفة نوعاً ما حياله، مستفيداً من عشرات المصادر المهمّة، والكتب المراجع لهذه المذاهب، من خلال بحثٍ ودراسةٍ واسعة النطاق وبأسلوبٍ يُقنع القارئ الباحث حول أصالة الولاء لأهل البيت عليهم السلام، وأنّ مِن دواعي هذا الولاء، بل مِن دواعي محبّة رسول الله صلّى الله عليه وآله، زيارةَ قبورهم، وإحياء أمرهم.

وكفانا عِلمُنا أنّ أبا زُرعة الرازي ومحمّد بن أسلم الطوسي قد خرجا لاستقبال الإمام الرضا عليه السلام في نَيسابور مع ( 000 / 20 ) شخص، وقد وصف حالَهم الحاكم النيسابوري الشافعي فقال: وهم بين صارخٍ وباكٍ، ومتمرّغٍ في التراب، ومُقبِّلٍ لحافر بغلته، وقد علا الضجيج! ( الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة، لابن الصبّاغ المالكي:242 ).

أمّا المقدّمة الثانية ـ فهي للشيخ الطبسي المؤلّف، وقد قال فيها: الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام هو ابن رسول الله صلّى الله عليه وآله، وهو ثامن أئمّة الحقّ خلفاءِ نبيّ الله صلّى الله عليه وآله، وهو إلى ذلك حقيقةٌ نورانية ساطعة، ظهر كثير من بركاته على المذهب الشيعي، وبعضها على المذاهب السنيّة، بحيث أصبح أتباعها يلهجون بالثناء على الإمام ومدحه وتمجيده.

وقد دوّن علماؤهم ذلك في مؤلّفاتهم، ولو أنّ ما دوّنوه من فضائل عالِم آل محمّدٍ صلّى الله عليه وعليهم لم يبيّن مكانته الحقيقيّة، وإنّما كان ذلك اعترافاً منهم وفق رُؤاهم ومستوى فهمهم لهذا الإمام الهمام. وقد عبّرت مواقف بعض علماء أهل السنّة وأقوالهم عن الإقرار بشيءٍ من الحقيقة النورانية للإمام الرضا عليه السلام في حياته وبعد شهادته، لذلك كانت هنالك ضرورةٌ في جمع هذا التراث وتصنيفه، على الرغم من كثيرٍ ممّا اكتنفه من النقص واللاموضوعيّة.

بعد هذا يقول المؤلّف تحت عنوانٍ جانبي: ضرورة هذه الدراسة: ـ هنالك أربعة دوافع مهمّة وراء تدوين هذا الكتاب، وهي:

ـ تزايد زوّار العتبة الملكوتيّة للإمام الرضا عليه السلام من قريبٍ وبعيد، ومن كلّ مذهبٍ وطائفة، مع عدم وضوح رأي أهل السنّة تجاه الإمام الرضا عليه السلام، ومع تشتّت الآراء حوله عليه السلام، لا سيّما وقد غزتهم التشكيكات الضالّة المضلّة المحذّرة من التعرّف على أهل بيت النبيّ صلّى الله عليه وآله، فضلاً عن زيارة قبورهم الطاهرة، ومنها قبر الإمام عليّ الرضا سلام الله عليه:

ثمّ كتب المؤلّف صفحات تحت هذه العناوين الفرعيّة.

أهداف الدراسة، الدراسات السابقة ( 15 كتاباً نموذجاً )، هذا الكتاب ( عرض مواضيعه في سبعة فصول )، تنبيهات:وهي ثلاث:

الأولى: المقصود من أهل السنّة في هذا الكتاب غالباً علماء وأتباع المذاهب: الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي والظاهري. وقد نقلنا من آرائهم تلك التي ظهرت منذ القرن الهجري الثاني إلى يومنا هذا.

الثانية: إنّ منهج دراستنا هذه ليس توصيفيّاً ( استعراضيّاً )، ولا تحليليّاً بحتاً، بل هو جامع للأسلوبينِ معاً.

التنبيهة الثالثة: هي أن بحوث هذا الكتاب اعتمدت على أكثر من ( 200 ) مصدر من مصادر أهل السنّة مباشرةً، إلاّ في حالاتٍ خاصّةٍ لم نجد فيها سبيلاً للوصول إلى النُّسخ الأصليّة؛ إمّا لكونها خطيّة أو غير موجودة أساساً ( مفقودة )، فنقَلْنا عنها بواسطة المصادر الأخرى.

 

إلى الكتاب في فصوله السبعة:

الأوّل: حول حياة الإمام الرضا عليه السلام: ـ نسبه المبارك، اسمه وكنيته ولقبه « الرضا » ومَن الذي لقّبه به، والده الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام، مولده، شهادته أولاده.

الثاني: شخصيّة الإمام الرضا عليه السلام: مكانته الروائية من وجهة نظر أهل السنّة، منزلته في كلام الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم، مكانته في كلام أهل السنّة، سؤالان بدون إجابة!

أ. إذا كان للإمام الرضا عليه السلام عند أهل السنّة ذلك المقام الروحي والعلمي والعرفاني والاجتماعي الجليل، فلماذا لا توجد له في صحاحهم حتّى رواية واحدة في مجالات: الفقه والتفسير وغيرهما ؟!

ب. لقد عاش في زمان الإمام الرضا عليه السلام كبار علماء أهل السنّة، مثل: مالك ابن أنس ـ صاحب المذهب ـ ( ت 190 هـ )، وابن عيّاش ( ت 193 هـ )، وأبو يعقوب يوسف بن أسباط ( ت 195 هـ )، وسفيان بن عُيَينة ( ت 198 هـ )، ومحمّد بن إدريس الشافعي ـ صاحب المذهب ـ ( ت 204 هـ )، وأبو داود الطيالسي ـ صاحب المسند ـ ( ت 207 هـ )، وغيرهم عشرات من الرواة والمحدّثين والفقهاء المعروفين، فلماذا لم ينقل عنه أيُّ واحدٍ من هؤلاء أيَّ رواية ولا أيَّ سؤالٍ فقهي ؟! ولماذا لم يكن بينهم وبين الإمام أيُّ تواصل ؟! والذهبي الشافعيّ يكتب: أفتى عليّ بن موسى الرضا وهو شابّ في أيّام مالك بن أنس... وكان عليّ بن موسى الرضا مِن أئمّة الأمصار.

 

الفصل الثالث: روايات الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام، والتي رواها علماء السنّة عن رُواتهم:

أ. رواية سلسلة الذهب ( رواية الحِصن، رواية الإيمان، وحدة روايات الحِصن والإيمان ).

ب. قدوم الإمام إلى نيسابور ومواقف علماء السنة، والناس معه.

ج. روايات أخرى. وقد طال هذا الفصل إلى أكثر من ( 80 ) صفحة.

 

الرابع: إمامته عليه السلام: ـ معنى الإمام، والنصوص الدالّة على إمامة عليّ بن موسى الرضا عليه السلام عند علماء أهل السنّة! وقد أورد أربعةً منها عند:

1 ـ المسعودي الشافعي: في كتابه ( إثبات الوصيّة:170 ).

2 ـ ابن الصبّاغ المالكي: في كتابه ( الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة ـ عليهم السلام ـ:243 ـ 244 )، وقد أورد روايتين في إمامته عليه السلام.

3 ـ محمّد الخواجه بارسا البخاري الحنفي: في كتابه ( فصل الخطاب لوصل الأحباب ـ عنه: ينابيع المودّة لذوي القربى للشيخ سليمان القُندوزي الحنفي 166:3 ـ الفصل 65 ).

4 ـ القاضي بهجت أفندي الشافعي: قال ـ آخِذاً هذه الرواية بنظر الاعتبار: كان الإمام الرضا عليه السلام ـ وهو أكبر أولاد الإمام موسى الكاظم عليه السلام ـ الإمامَ حسب وصيّته عليه السلام.

 

الخامس: تعلّق هذا الفصل بموضوع ولاية العهد، وقد تشعّب على نحو ثلاثة أسئلة هي:

1 ـ مَن اقترح التنازل عن الحكم واستحداث ولاية العهد: أهو المأمون، أم الفضل بن سهل؟

2 ـ أكان المأمون صادقاً في تنازل عن الحكم، أو في تنصيب الإمام عليه السلام لولاية العهد ؟

3 ـ ما هي ردود فعل الإمام الرضا عليه السلام في مقابل اقتراحات المأمون ؟

 

السادس: حول كرامات الإمام الرضا عليه السلام: ـ ما هي آراء أهل السنّة حول هذه الكرامات ؟ ثمّ عرض المؤلف جملةً منها من طريق أهل السنّة.

 

الفصل السابع: والأخير ـ: وعنوان: زيارته عليه السلام في أربعة محاور:

• فضل زيارته عليه السلام.

• مشهد الإمام الرضا عليه السلام.

• زيارات علماء أهل السنّة والجمهور لمشهد الإمام الرضا عليه السلام.

• وتوسّلاتهم بالإمام عليه السلام ولواذهم بعتبته الشريفة.

• ثمّ تأتي الخاتمة، تعقبها فهارس: للآيات الكريمة، والأحاديث الشريفة، وفهرس عامّ، وفهرس للأشعار، ثمّ فهرس للمصادر، بعده فهرس للمحتويات.

 

وينتهي الكتاب

بالصفحة ( 320 )، ولا تنتهي فضائل الإمام الرضا عليه السلام، ولا تنقطع أنواره الإلهيّة، فهي تشرق هنا وهناك، وقد يتعجّب القارئ: أكلُّ هذا من كتب علماء أهل السنّة، وعندهم ؟! وبعد هذا التعجّب المتسائل تتوافد على العقل هذه التساؤلات أيضاً:

ـ أليس ذلك حُجّةً عليهم وقد صدرت منهم هذه الإقرارات الواضحة الصريحة بإمامة الرضا عليّ بن موسى وأفضليّته عليه السلام ؟!

ـ ولماذا لم تُروَّج وتُعلن هذه الإقرارات اليوم في كتبهم، ومِن على منابرهم ؟ وهل الخَلَف، قد تنكّروا لآراء السَّلف ؟!

لقد جاء الشيخ محمّد محسن الطبسيّ بأسلوبٍ جميل ومنهجٍ علميّ، ألزمَ بهما القومَ الحجّة من جهة، وبدّد التصوّر الخاطئ الذي يقول بأنّ علماء السنّة كلّهم غير منصفين، وغير مُقرّين بفضائل أهل البيت وأفضليّتهم على الصحابة والتابعين.

فكانت المبادرة مِن قِبل الشيخ المؤلّف موفّقةً وناجحة، ومُلزِمةً أيضاً، وقد اتّسمت في بعض جوانبها بالابتكار. ولكن، تحتاج هذه المبادرة إلى مُضيٍّ واستمرار في عرض فضائل أهل البيت عليهم السلام جميعاً عند علماء السنّة.

هذا ما ننتظره، والله الموفّق للمؤمنين المخلصين.