لُقِّبَ الإمام الرضا (عليه السلام) بكوكبة من الألقاب الكريمة ، وكل لقب منها يرمز إلى صفة من صفاته الكريمة، وهذه بعضها:
الأول: (الرضا).
اختلف المؤرخون والرواة في الشخص الذي أضفى على الإمام (عليه السلام) هذا اللقب الرفيع، حتى غلب عليه، وصار اسماً يُعرف به.
وقد عَلَّلَ أحمد البزنطي السبب الذي من أجله لُقِّب بـ(الرضا) فقال: إنما سُمِّي (عليه السلام) الرضا، لأنه كانَ رِضَى لله تَعَالى في سَمَائِه، وَرِضَى لِرسُوله والأئمة (عليهم السلام) بعده في أرضه.
الثاني: (الصابر).
وإنما لُقِّب (عليه السلام) بذلك لأنه صَبَر على المِحَن والخُطُوب التي تَلَقَّاهَا مِن خُصُومِهِ وأعدَائِه.
الثالث: (الزكِي).
لأن الإمام (عليه السلام) قد كان من أزكياء البشر، ومن نبلائهم وأشرافهم.
الرابع: (الوفي).
أما الوفاء فهو عنصر من عناصر الإمام (عليه السلام)، وذاتي من ذاتياته، فقد كان (عليه السلام) وَفِياً لأُمَّتِه ووطَنِه.
الخامس: (سراج الله).
فَقد كَان الإمام (عليه السلام) سِرَاجاً لله، يَهدِي الضالَّ وَيرشدُ الحَائِر.
السادس: (قُرَّة عينِ المُؤمنين).
ومن ألقابه الكريمة أنه (عليه السلام) كان قُرَّة عينِ المؤمنين، فَقد كَان زَيناً وفخراً لهم.
السابع: (مكيدة المُلحدين).
وإنما لُقِّب (عليه السلام) بذلك لأنه أبطلَ شُبَه المُلحِدين وَفَنَّد أوهامَهُم، وذلك في مناظراته التي أُقيمت في البلد العباسي، والتي أَثبتَ فيها أصالة القيم والمبادئ الإسلامية.
الثامن: (الصدِّيق).
فقد كان (عليه السلام) كـ(يوسُفُ الصدِّيق) الذي ملك مصر، فقد تَزعَّم جميع أنحاء العالم الإسلامي، وكانت لَهُ الولاية المُطلَقة عليه.
التاسع: (الفاضل).
فهو أفضل إنسانٍ وأكملُهُم في عصره، ولهذه الظاهرة لُقِّبَ (عليه السلام) بـ (الفاضل).
فهذه بعض الألقاب الكريمة التي لقب بها، وهي تنم عن سُمُوِّ شخصيته وعظيم شأنه (عليه السلام).
المصدر: مركز آل البيت العالمي للمعلومات (الإمام الرضا عليه السلام)
إثبات الإمام الرضا عليه السلام بأنّ الله تعالى لا يؤين ولا يكيف
القسم : الإمام علي الرضا عليه السلام || التاريخ : 2011 / 01 / 19 || القرّاء : 1272
عن محمّد بن عبدالله الخراسانيّ خادم الرضا عليه السّلام قال: دخل رجل من الزنادقة على الرضا عليه السّلام وعنده جماعة.
فقال له أبوالحسن عليه السّلام: أرأيت إن كان القول قولكم ـ وليس هو كما تقولون ـ ألسنا وايّاكم شرعاً سواء، ولا يضرّنا ما صلّينا وصمنا وزكيّنا وأقررنا؟! فسكت.
فقال أبو الحسن: وان لم يكن القول قولنا ـ وهو كما نقول ـ ألستم قد هلكتم ونَجَوْنا؟!
قال الزنديق: رحمك الله، فأوجدني كيف هو وأين هو؟
قال: ويلك! إنّ الّذي ذهبت إليه غلط، هو أيّن الأين وكان ولا أين، وهو كيّف الكيف وكان ولا كيف، ولا يُعرف بكيفوفيّة، ولا بأينونيّة، ولا يُدرَك بحاسّة، ولا يُقاس بشيء.
قال الرجل: فإذن إنّه لا شيء إذ لم يدرك بحاسّة من الحواسّ.
فقال أبوالحسن عليه السّلام: ويلك! لمّا عجزتْ حواسّك عن إدراكه أنكرتَ ربوبيّته، ونحن إذا عجزتْ حواسّنا عن إدراكه أيقنّا أنّه ربّنا، وأنّه شيء بخلاف الأشياء.
قال الرجل: فأخبرني متى كان!
قال أبوالحسن عليه السّلام: أخبرني متى لم يكن، فاُخبرك متى كان!
قال الرجل: فما الدليل عليه؟
قال أبوالحسن عليه السّلام: إنّي لمّا نظرتُ إلى جسدي فلم يمكنّي فيه زيادة ولا نقصان في العرض والطول، ودفع المكاره عنه وجرّ المنفعة إليه، علمتُ أنّ لهذا البنيان بانياً فأقررتُ به، مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته وانشاء السحاب، وتصريف الرياح، ومجرى الشّمس والقمر والنجوم، وغير ذلك من الآيات العجيبات المتقنات، علمتُ أنّ لهذا مُقدِّراً ومُنشئاً.
قال الرجل: فلِمَ لا تدركه حاسّة البصر؟
قال: للفرق بينه وبين خلْقه الذين تدركهم حاسّة الأبصار منهم ومن غيرهم، ثمّ هو أجلّ من أن يدركه بصر، أو يحيط به وَهْم، أو يضبطه عقل..
قال: فحُدَّه لي!
قال: لا حدّ له.
قال: ولِمَ؟
قال: لأنّ كلّ محدود متناهٍ، وإذا احتمل التحديد احتمل الزيادة، وإذا احتمل الزيادة احتمل النقصان، فهو غير محدود، ولا متزايد ولا متناقص، ولا متجزّي، ولا متوهَّم.
قال الرجل: فأخبرني عن قولكم: إنّه لطيف وسميع وبصير وعليم وحكيم، أيكون السميع إِلاَّ بالأُذن، والبصير إِلاَّ بالعين، واللّطيف إِلاَّ بعمل اليدين، والحكيم إِلاَّ بالصنعة؟!
فقال أبوالحسن عليه السّلام: إنّ اللّطيف منّا على حدّ اتّخاذ الصنعة، أو ما رأيت أنّ الرجل يتّخذ شيئاً فيلطف في اتّخاذه، فيقال: ما ألطف فلاناً! فكيف لا يقال للخالق الجليل: لطيف إذ خلق خلقاً لطيفاً وجليلاً، وركّب في الحيوان منه أرواحها، وخلق كلّ جنس مبايناً من جنسه في الصورة، ولا يشبه بعضه بعضاً، فكلُّ به لطف من الخالق اللّطيف الخبير في تركيب صورته.
ثمّ نظرنا إلى الأشجار وحملها أطايبها، المأكولة منها وغير المأكولة، فقلنا عند ذلك: إنّ خالقنا لطيف لا كلطف خلقه في صنعتهم، وقلنا: إنّه سميع لأنّه لا يخفى عليه أصوات خلقه ما بين العرش إلى الثرى، من الذّرّة إلى أكبر منها في برها وبحرها، ولا تشتبه عليه لغاتها، فقلنا عند ذلك: إنّه سميع لا باُذن، وقلنا: إنّه بصير لاببصر، لأنّه يرى أثر الذرّة السحماء في اللّيلة الظلماء على الصخرة السوداء، ويرى دبيب النّمل في اللّيلة الدجية، ويرى مضارّها ومنافعها، وأثر سفادها، وفراخها ونسلها، فقلنا عند ذلك: إنّه بصير لا كبصر خلقه. قال: فما برح حتّى أسلم، وفيه كلام غير هذا.
المصدر:
التوحيد: الشيخ الصدوق ص252.