الإمام الرضا (ع) حليف القرآن الكريم ـ القسم الثالث
  • عنوان المقال: الإمام الرضا (ع) حليف القرآن الكريم ـ القسم الثالث
  • الکاتب: الشيخ باقر شريف القرشي
  • مصدر: حياة الإمام الرضا (ع)
  • تاريخ النشر: 3:51:5 4-9-1403

أهتم الإمام الرضا ( عليه السلام ) اهتماما بالغا في تفسير القرآن الكريم فأولاه المزيد من العناية في محاضراته وبحوثه التي ألقاها على الفقهاء والعلماء وسائر طلابه ، وقد نقلها الرواة والمفسرون للقرآن ، وهذا بعضها :

نماذج من تفسيره للقرآن :

38 – قوله تعالى : ( قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم ) ( 89 ) .

قال ( عليه السلام ) : في تفسير هذه الآية الكريمة ” كان لإسحاق النبي منطقة يتوارثها الأنبياء والأكابر ، وكانت عند عمة يوسف ، وكان يوسف عندها ، وكانت تحبه فبعث إليها أبوه ، أن ابعثيه إلي وارده إليك ، فبعثت إليه أن دعه عندي الليلة لأشمه ثم أرسله إليك غدوة فلما أصبحت أخذت المنطقة فربطتها في حقوه وألبسته قميصا ، فبعثت به إليه ، وقالت : سرقت لمنطقة فوجدت عليه ، وكان إذا سرق أحد في ذلك الزمان دفع إلى صاحب السرقة ، فأخذته فكان عندها ( 90 )

39 – قوله تعالى : ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) ( 91 ) .

قال ( عليه السلام ) : في تفسير الآية إنه شرك لا يبلغ به الكفر ( 92 ) والمعنى انه شرك في طاعتهم للشيطان ، وليس شرك عبادة ليلحقوا بقافلة الكفار .

40 – قوله تعالى : ( حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا ) ( 93 ) .

وطلب المأمون من الإمام الرضا ( عليه السلام ) تفسير الآية الكريمة فقال ( عليه السلام ) : يقول الله : ( حتى إذا استيئس من قومهم ، فظن قومهم أن الرسل قد كذبوا ، جاء الرسل نصرنا ) ( 94 ) .

41 – قوله تعالى : ( هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا ) ( 95 )

قال ( عليه السلام ) في تفسير الخوف والطمع في الآية ” خوفا للمسافر وطمعا للمقيم ” ( 96 ) .

42 – قوله تعالى : ( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم . . . ) ( 97 ) .

قال ( عليه السلام ) في تفسير الآية الكريمة : إن الامر صار إلى الله تعالى ( 98 ) .

43 – قوله تعالى : ( فاصفح الصفح الجميل . . . ) ( 99 ) .

فسر الإمام ( عليه السلام ) الصفح الجميل بالعفو من غير عتاب ( 100 ) .

44 – قوله تعالى : ( قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمني مما عملت رشدا . . . ) ( 101 ) .

روى محمد بن علي بن بلال عن يونس في كتاب رفعوه إلى الإمام الرضا ( عليه السلام ) يسألونه عن العالم الذي أتاه موسى أيهما كان أعلم ؟ وهل يجوز أن يكون على موسى حجة في وقته ، فكتب ( عليه السلام ) في الجواب :

” أتى موسى العالم فأصابه في جزيرة من جزائر البحر ، إما جالسا وإما متكئا ، فسلم عليه موسى فأنكر السلام إذ كان الأرض ليس بها سلام .

قال : من أنت ؟ قال أنا موسى بن عمران :

” أنت موسى بن عمران الذي كلمه الله تكليما ؟ ” . ” نعم . . . ” .

” ما حاجتك ؟ . . . ” . ” جئت لتعلمني مما علمت رشدا . . . ” .

” إني وكلت بأمر لا تطيقه ، ووكلت بأمر لا أطيقه . . ” . وساق له الامرين ( 102 ) .

45 – قوله تعالى : ( وله من في السماوات والأرض ومن عنده يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون ) ( 103 ) .

استشهد الإمام الرضا ( عليه السلام ) بهذه الآية الكريمة على عصمة الملائكة قال ( عليه السلام ) :

” ان الملائكة معصومون ، محفوظون عن الكفر والقبائح بألطاف الله تعالى قال الله تعالى فيهم : ( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) .

وقال عز وجل : ( وله من في السماوات والأرض ومن عنده – يعني الملائكة – لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون ، يسبحون الليل والنهار لا يفترون ) ( 104 ) .

46 – قوله تعالى : ( ووهبنا اسحق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين * وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وايتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين ) ( 105 ) .

استشهد الإمام الرضا ( عليه السلام ) بالآيتين الكريمتين على طهارة الأنبياء ، وانهم صفوة خلق الله قال ( عليه السلام ) :

” ثم أكرمه الله عز وجل – يعني إبراهيم – – بأن جعلها – – يعني الإمامة – في ذريته وأهل الصفوة والطهارة ، فقال عز وجل : ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وأقام الصلاة وايتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين ) فلم تزل – يعني الإمامة – في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا قرنا ، حتى ورثها النبي ( ص ) فقال الله جل جلاله : ( ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ) فكانت خاصة فقلدها عليا بأمر الله عز وجل على رسم ما فرض الله تعالى ، فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والايمان بقوله تعالى : ( قال الذين أوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث ) فهي – اي الإمامة – في ولد علي بن أبي طالب خاصة إلى يوم القيامة إذ لا نبي بعد محمد ( صلى الله عليه وآله ) ( 106 ) .

47 – قوله تعالى ، ( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات . . . ) ( 107 ) .

تحدث الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن المنافع في الحج ، والغاية من تشريعه قال ( عليه السلام ) :

” وعلة الحج الوفادة إلى الله عز وجل ، وطلب الزيادة والخروج من كل ما اقترف ، وليكون تائبا مما مضى مستأنفا لما يستقبل وما فيه من استخراج الأموال ، وتعب الأبدان ، وخطرها عن الشهوات واللذات والتقرب بالعبادة إلى الله عز وجل والخضوع والاستكانة والذل شاخصا في الحر والبرد ، والامن والخوف تائبا ؟ ؟ في ذلك دائما .

وما في ذلك لجميع الخلق من المنافع ، والرغبة ، والرهبة إلى الله تعالى ، ومنه ترك قسوة القلب ، وخساءة النفس ، ونيسان الذكر ، وانقطاع الرجاء والأمل ، وتجديد الحقوق ، وحظر النفس عن الفساد ، ومنفعة من في شرق الأرض وغربها ومن في البر والبحر ، ممن يحج ، ومن لا يحج من تاجر وجالب وبائع ومشتر ، وكاسب ومسكين ، وقضاء حوائج أهل الأطراف والمواضع الممكن لهم الاجتماع فيها كذلك ليشهدوا منافع لهم ” ( 108 ) .

48 – قوله تعالى : ( ثم ليقضوا تفثهم . . . ) ( 109 ) .

فسر الإمام ( عليه السلام ) التفث بتقليم الأظفار ، وطرح الوسخ وطرح الاحرام عنه – اي عن الحاج بعد قضائه لعملية الحج – ( 110 ) .

49 – قوله تعالى : ( الله نور السماوات والأرض ) ( 111 )

قال ( عليه السلام ) في تفسير الآية : الله هاد لأهل السماوات وهاد لأهل الأرض ( 112 ) .

50 – قوله تعالى ( فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين ، قال ربي إني ظلمت نفسي فاغفر لي ) ( 113 ) .

وجه المأمون إلى الإمام الرضا ( عليه السلام ) السؤال التالي فقال له :

” يا بن رسول الله أليس من قولك ان الأنبياء معصومون ؟ ” . ” بلي . . . ” .

” اخبرني عن قول الله فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان ؟ . . . ” .

فاجابه الامام عن تفسير الآية :

” ان موسى دخل مدينة من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها وذلك بين المغرب والعشاء ، فوجد فيها رجلين يقتتلان ، هذا من شيعته وهذا من عدوه ، فقضى على العدو بحكم الله تعالى ذكره فوكزه فمات ، قال هذا من عمل الشيطان ، يعني الاقتتال الذي وقع بين الرجلين ، لا ما فعله موسى من قتله ( انه ) يعني الشيطان عدو معضل مبين ” .

وطفق المأمون قائلا : ” فما معنى قول موسى : ” رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي ” .

فاجابه الامام عن معنى الآية الكريمة :

” يقول : وضعت نفسي غير موضعها بدخول هذه المدينة فاغفر لي ، أي استرني من أعدائك لئلا يظفروا بي فيقتلوني فغفر له انه هو الغفور الرحيم ، قال موسى : رب بما أنعمت علي من القوة حتى قتلت رجلا بوكزة فلن أكون ظهيرا للمجرمين بل أجاهدهم بهذه القوة حتى ترضى .

فأصبح موسى في المدينة خائفا يترقب ، فإذا الذي يستصرخه بالأمس يستصرخه على آخر قال موسى له : انك لغوي مبين : قاتلت رجلا بالأمس ، وتقاتل هذا اليوم لأؤدبنك وأراد أن يبطش به ، فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما وهو من شيعته قال : يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ؟ ان تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض ، وما تريد أن تكون من المصلحين ” .

فقال المأمون : جزاك الله عن أنبيائه خيرا يا أبا الحسن ( 114 ) .

51 – قوله تعالى : ( كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون ) ( 115 ) .

قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لما نزلت ” انك ميت وانهم ميتون ” قلت : يا رب أيموت الخلق كلهم ، ويبقى الأنبياء ؟ فنزلت ( كل نفس ذائقة الموت ) ( 116 ) .

52 – قوله تعالى : ( خلق السماوات بغير عمد ترونها ) ( 117 ) .

استشهد الإمام ( عليه السلام ) بالآية الكريمة في الحديث التالي روي الحسين بن خالد قال : قلت لأبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) : اخبرني عن قول الله : ” والسماء ذات الحبك ” قال : هي محبوكة إلى الأرض وشبك بين أصابعه ، فقلت : كيف تكون محبوكة إلى الأرض .

والله تعالى : ( رفع السماوات بغير عمد ترونها ) فقال ( عليه السلام ) : سبحان الله ! ! أليس الله يقول ( بغير عمد ترونها ) فقلت: بلى .

فقال : فثم عمد ولكن لا ترونها ( 118 ) .

52 – قوله تعالى : ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات ) ( 119 ) .

روى أحمد بن عمر قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن قول الله عز وجل : ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ) الآية فقال ( عليه السلام ) : ولد فاطمة ( عليها السلام ) ، والسابق بالخيرات لا يعرف الامام ( 120 ) .

53 – قوله تعالى : ( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ) ( 121 ) .

روى الأشعث بن حاتم قال : كنت بخراسان حيث اجتمع الرضا والفضل بن سهل ، لمأمون في الايوان : ب‍ ( مرو ) ، فوضعت المائدة ، فقال الرضا ( عليه السلام ) :

إن رجلا من بني إسرائيل سألني بالمدينة ، فقال : النهار خلق قبل أم الليل ؟ فما عندكم ؟ قال : وأداروا الكلام ، فلم يكن عندهم في ذلك شئ .

فقال الفضل للرضا : أخبرنا بها أصلحك الله ، قال نعم :

من القرآن أم من الحساب ، قال له الفضل : من جهة الحساب فقال : قد علمت يا فضل إن طالع الدنيا السرطان ، والكواكب في مواضع شرفها ، فزحل في لميزان ، والمشتري في السرطان والمريخ في الجدي ، والشمس في الحمل ، والزهرة في الحوت وعطارد في السنبلة ، والقمر في الثور فتكون الشمس في العاشر في وسط السماء فالنهار قبل الليل .

ومن القرآن قوله تعالى : ( ولا الليل سابق النهار ) أي الليل قد سبقه النهار .

ونقل الآلوسي في تفسيره روح المعاني هذا الحديث ، وعقبه بقوله : وفي الاستدلال بالآية بحث ظاهر ، وأما بالحساب فله وجه في الجملة ، ورأى المنجمين ان ابتداء الدورة دائرة نصف النهار ، وله موافقة لما ذكره ، والذي يغلب على الظن عدم صحة الخبر من مبتدئه فالرضا أجل من أن يستدل بالآية على ما سمعت من دعواه .

وعلق السيد الطباطبائي على مقال الآلوسي بقوله : وقد اختلط عليه الامر في تحصيل حقيقة معنى الليل والنهار توضيحه : ان الليل والنهار متقابلان نقابل العدم والملكة كالعمى والبصر ، فكما ان العمى ليس مطلق عدم البصر حتى يكون الجدار مثلا أعمى لعدم البصر فيه ، بل هو عدم البصر مما من شأنه أن يتصف بالبصر كالانسان كذلك الليل ليس هو مطلق عدم النور ، بل هو زمان عدم استضاءة ناحية من نواحي الأرض بنور الشمس ، ومن المعلوم أن عدم الملكة يتوقف في تحققه على تحقق الملكة المقابلة له قبله حتى يتعين بالإضافة إليه ، فلولا البصر لم يتحقق عمى ، ولولا النهار لم يتحقق الليل .

فمطلق الليل بمعناه الذي هو به ليل مسبوق الوجود بالنهار وقوله : ( ولا الليل سابق النهار ) وإن كان ناظرا إلى الترتيب المفروض بين النهار والليل ، وان هناك نهارا وليلا ، ونهارا وليلا ، وان واحدا من هذه الليالي لا يسبق النهار الذي بجنبه .

لكنه تعالى أخذ في قوله : ( ولا الليل سابق النهار ) مطلق الليل ، ونفى تقدمه على مطلق النهار ، ولم يقل : ان واحدا من الليالي الواقعة في هذا الترتيب لا يسبق النهار الواقع في الترتيب قبله .

فالحكم في الآية مبني على ما يقتضيه طبيعة الليل والنهار بحسب التقابل الذي أودعه الله بينهما ، وقد استفيد منه الحكم بانخفاض الترتيب في تعاقب الليل والنهار فان في كل ليل هو افتقاد النهار الذي يتلوه ، فلا يتقدم عليه ، والى هذا يشير ( عليه السلام ) بعد أن ذكر الآية بقوله : أي الليل قد سبقه النهار ، يعني ان سبق النهار الليل هو خلقه قبله وليس كما يتوهم أن هناك نهرا أو ليالي موجودة ، ثم يتعين لكل منها محله .

وقول المعترض : ” وأما الحساب فله وجه في الجملة ” لا يدري وجه قوله : في الجملة ، وهو وجه تام مبني على تسليم أصول التنجيم صحيح بالجملة على ذلك التقدير لا في الجملة .

وكذا قوله : ( ورأى المنجمين ان ابتداء الدورة دائرة نصف النهار وله موافقة لما ذكره ) ، لا يحصل لان له دائرة نصف النهار وهي الدائرة المارة على القطبين ، ونقطة ثالثة بينهما غير متناهية في العدد لا تتعين لها نقطة معينة في السماء دون نقطة أخرى فيكون كون الشمس في إحداهما نهارا للأرض دون الأخرى ( 122 ) .

54 – قوله تعالى : ( وهل أتاك نبؤا الخصم إذ تسوروا المحراب * إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق . . . ) ( 123 ) .

استشهد الإمام الرضا ( عليه السلام بالآيتين وما بعدهما على بطلان ما ذهب إليه ابن الجهم وقومه في شأن نبي الله داود ( عليه السلام ) قال الإمام ( عليه السلام ) لابن الجهم : ” وأما داود فما يقول : من قبلكم فيه ؟ ” .

قال ابن الجهم : ” إنهم يقولون : إن داود كان يصلي في محرابه إذ تصور له إبليس على صورة طير أحسن ما يكون من الطيور ، فقطع داود صلاته وقام يأخذ الطير إلى الدار ، فخرج في أثره فطار الطير إلى السطح فصعد في طلبه فسقط الطير في دار أوريا بن حيان .

فاطلع داود في أثر الطير فإذا بامرأة أوريا تغتسل فلما نظر إليها هواها ، وكان قد اخرج أوريا في بعض غزواته فكتب إلى صاحبه أن قدم أوريا أمام التابوت ، فقدم فظفر أوريا بالمشركين فصعب ذلك على داود ، فكتب إليه ثانية أن قدمه أمام التابوت فقدم فقتل أوريا ، وتزوج داود بامرأته .

ولما سمع الامام هذا الأباطيل التي ألصقت بنبي من أنبياء الله تعالى ضرب جبهته ، وقال : ” انا لله وانا إليه راجعون لقد نسبتم نبيا من أنبياء الله إلى التهاون بصلاته حتى خرج في اثر الطير ، ثم بالفاحشة ، ثم بالقتل ” .

يا بن رسول الله ما كانت خطيئته ؟ ” .

وشرح الامام قصة داود قائلا :

” إن داود انما ظن أنه ما خلق الله خلقا هو أعلم منه ، فبعث الله عز وجل إليه الملكين فتسورا المحراب ، فقال : خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ، ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط ، إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ، ولي نعجة واحدة ، فقال اكفلنيها وعزني في الخطاب فعجل داود على المدعى عليه ، فقال :

لقد ظلمت بسؤال نعجتك إلى نعاجه ، ولم يسأل المدعي البينة على ذلك ، ولم يقبل على المدعى عليه ، فيقول له : ما تقول ؟ فكان هذا خطيئة رسم الحكم لا ما ذهبتم إليه الا تسمع الله عز وجل يقول : ( يا داود انا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ) إلى آخر الآية .

” فقال يا بن رسول الله : فما قصته مع أوريا ؟ . . . ” .

فقال ( عليه السلام ) : ” إن المرأة في أيام داود كانت إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوج بعده أبدا ، فأول من أباح الله عز وجل له أن يتزوج بامرأة قتل بعلها داود ، فتزوج بامرأة أوريا لما قتل ، وانقضت عدتها فذلك الذي شق على الناس من قتل أوريا ” ( 124 ) .

55 – قوله تعالى : ( قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ) ( 125 ) .

سأل محمد بن عبيدة الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن تفسير قوله تعالى ” لما خلقت بيدي ” قال ( عليه السلام ) : يعني بقدرتي وقوتي ( 126 ) .

56 – قوله تعالى : ( إن الذين يبايعونك انما يبايعون الله ) ( 127 ) .

استشهد الإمام الرضا ( عليه السلام ) بالآية الكريمة في الحديث التالي :

روى عبد السلام بن صالح الهروي ، قال : سألت علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) يا بن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث : أن المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم في الجنة ؟ فقال ( عليه السلام ) : يا أبا الصلب ان الله تعالى فضل نبيه محمدا على جميع خلقه من النبيين والملائكة ، وجعل طاعته طاعته ، ومبايعته مبايعته ، وزيارته في الدنيا والآخرة زيارته ، فقال عز وجل : ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) وقال : ( إن الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم ) وقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : من زارني في حياتي أو بعد موتي ، فقد زار الله .

ودرجته في الجنة أعلى الدرجات ، ومن زاره في درجته في الجنة من منزله فقد زار الله تبارك وتعالى ( 128 ) .

57 – قوله تعالى : ( ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم ) ( 129 ) .

قال ( عليه السلام ) : ادبار السجود أربع ركعات بعد المغرب ، وادبار النجوم ركعتان قبل صلاة الصبح ( 130 ) .

58 – قوله تعالى : ( قد انزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات . . . ) : ( 131 )

سئل الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن الذكر في الآية الكريمة فقال ( عليه السلام ) : الذكر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ونحن أهله ( 132 ) .

59 – قوله تعالى : ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول ) ( 133 ) .

التقى الامام بابن هداب ، فقال ( عليه السلام ) له : إن أنا أخبرك أنك ستبتلى في هذه الأيام بدم ذي رحم لك لكنت مصدقا لي ؟ قال : لا فان الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى ، قال الامام : أو ليس انه يقول : ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول ) فرسول الله ( ص ) عند الله مرتضى ، ونحن ورثة ذلك الرسول الذي اطلعه الله على ما يشاء من غيبه ، فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ( 134 ) .

60 – قوله تعالى : ( وجوه يومئذ ناضرة ، إلى ربها ناظرة ) ( 135 ) .

قال ( عليه السلام ) في تفسير الآيتين : يعني مشرقة تنتظر ثواب ربها ( 136 ) .

61 – قوله تعالى : ( وسبحه ليلا طويلا ) ( 137 ) .

سأل أحمد بن محمد الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن التسبيح في الآية فقال : صلاة الليل ( 138 ) .

62 – قوله تعالى : ( وجاء ربك والملك صفا صفا . . . ) ( 139 ) .

سأل علي بن فضال الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن تفسير هذه الآية فقال : ان الله سبحانه لا يوصف بالمجئ والذهاب تعالى عن الانتقال انما يعني بذلك ، وجاء أمر ربك ( 140 ) .

63 – قوله تعالى : ( فلا اقتحم العقبة ) ( 141 ) .

استشهد الإمام ( عليه السلام ) بهذه الآية في الحديث التالي : روى جعفر بن خلاد قال : كان أبو الحسن الرضا ( عليه السلام ) إذا أكل أتى بصحيفة فتوضع قرب مائدته فيعمد إلى أطيب الطعام مما يؤثر به فيأخذ من كل شئ شيئا فيضع في تلك الصفحة ثم يأمر بها للمساكين ثم يتلو هذه الآية ( فلا اقتحم العقبة ) ثم يقول : علم الله عز وجل أنه ليس كل انسان يقدر على عتق رقبة فجعل لهم السبيل إلى الجنة ( 142 ) .

64 – قوله تعالى : ( ألم يجدك يتيما فآوى * ووجدك ضالا فهدى * ووجدك عائلا فأغني ) ( 143 ) .

سأل المأمون الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن تفسير هذه الآيات فقال : قال الله تعالى : لنبيه محمد ( ألم يجدك يتيما فآوى ) .

يقول : ألم يجدك وحيدا فآوى إليك الناس ؟ ” ووجدك ضالا ” يعني عند قومك ” فهدى ” أي هداهم إلى معرفتك ؟ ” ووجدك عائلا فأغنى ” يقول : أغناك بأن جعل دعاءك مستجابا ؟ . . . ” .

فقال المأمون : بارك الله فيك يا بن رسول الله ( 144 ) .

65 – قوله تعالى : ( قل هو الله أحد ) ( 145 ) .

قال الإمام ( عليه السلام ) : في تفسير أحد ، انه ” أحد لا بتأويل عدد ” ( 146 ) .

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض الآيات التي أدلى الإمام الرضا ( عليه السلام ) بتفسيرها ، والتي استشهد بها في معرض أحاديثه وهي تدلل على أنه كان حليف القرآن الكريم ، وانه أولاه المزيد من العناية في محاضراته وبحوثه .

 

الهوامش

(89) سورة يوسف / آية 77 .

(90) تفسير العياشي .

(91) سورة يوسف / آية 106 .

(92) تفسير العياشي .

(93) سورة يوسف / آية 110 .

(94) الميزان 11 / 282 .

(95) سورة الرعد / آية 12 .

(96) المعاني .

(97) سورة الرعد / آية / 11 .

(98) تفسير العياشي .

(99) سورة الحجر / آية 85 .

(100) الميزان 11 / 297 .

(101) سورة الكهف / آية 66 .

(102) الميزان .

(103) سورة الأنبياء / آية 19 .

(104) الميزان 14 / 281 .

(105) سورة الأنبياء / آية 72 – 73 .

(106) الميزان 14 / 308 .

(107) سورة الحج / آية 28 .

(108) الميزان 14 / 377 – 378 .

(109) سورة الحج / آية 29 .

(110) من لا يحضره الفقيه .

(111) سورة النور / آية 35 .

(112) الميزان 15 / 139 .

(113) سورة القصص / آية 15 – 16 .

(114) الميزان 16 / 22 – 23 .

(115) سورة العنكبوت / آية 57 .

(116) الميزان 16 / 146 .

(117) سورة لقمان / آية 10 .

(118) تفسير القمي .

(119) سورة فاطر / آية 32 .

(120) الميزان 17 / 49 .

(121) سورة يس / آية 40 .

(122) الميزان 17 / 95 – 96 .

(123) سورة ص / آية 21 – 22 .

(124) الميزان 17 / 200 .

(125) سورة ص / آية 57 .

(126) الميزان 17 / 229 .

(127) سورة الفتح / آية 10 .

(128) الميزان 18 / 225 – 226 .

(129) سورة الطور – آية 49 .

(130) تفسير القمي .

(131) سورة الطلاق / آية 10 – 11 .

(132) البرهان .

(133) سورة الجن / آية 26 – 27 .

(134) الخرائج والجرائح .

(135) سورة القيامة / آية 22 – 23 .

(136) الميزان 20 / 116 .

(137) سورة الدهر / آية 26 .

(138) مجمع البيان .

(139) سورة الفجر / آية 22 .

(140) الميزان 20 / 287 .

(141) سورة البلد / آية / 11 .

(142) الميزان 20 / 295 .

(143) سورة الضحى / آية 6 – 8 .

(144) البرهان .

(145) سورة التوحيد / آية / 1

(146) الميزان 20 /391.