ظهور الشيعة وانتشارهم
  • عنوان المقال: ظهور الشيعة وانتشارهم
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 23:11:43 1-9-1403

إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) هو الذي أظهر مصطلح ( الشيعة ) وأصَّلَه وجذَّره في وعي الأمة ووجدانها .

 

فقال أبو حاتم الرازي :

( إن أول اسم لمذهب ظهر في الإسلام هو الشيعة ، وكان هذا لقب أربعة من الصحابة : أبو ذر ، وعمار ، والمقداد ، وسلمان ) [ الزينة 3 / 10 ] .

وقال الخونساري : ( اختص باسم الشيعة أولاً سلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، ومقداد بن الأسود ، وعمَّار بن ياسر ، في عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لملازمتهم علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) [ روضات الجنات / 334 ط بيروت ] .

وقال جابر بن عبد الله الانصاري : كُنَّا عند النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فأقبل علي ( عليه السلام ) ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : والذي نفسي بيده ، إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة ، فنزل قوله تعالى :

( إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيرُ البَرِيَّةِ ) [ البيِّنة : 7 ] .

[ تاريخ ابن عساكر 2 : 442 ط بيروت / ترجمة علي ( عليه السلام ) ] .

وعلى كل حال ، فكان في زمن النبي ( صلى الله عليه وآله ) جماعة يتشيعون لأمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) أقَرّهم وأيَّدهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ورضي عنهم ووعدهم بالفوز يوم القيامة .

ثم ظهر التشيع لعلي ( عليه السلام ) عند حدوث الاختلاف في أمر الخلافة يوم وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فتشيَّع يومئذ لعلي جميع بني هاشم وبني عبد المطلب ، وانظمَّ إليهم الزبير بن العَوَّام ، وثلاثة عشر من المهاجرين والأنصار ، فأرادوا علياً ( عليه السلام ) للخلافة .

وقيل أن مجموعهم لم يبلغ الأربعين ، حتى أنه روي عنه ( عليه السلام ) أنه قال : لو وجدت أربعين رجلاً لقاتلتهم .

وقيل بل كانوا سبعمائة من أكابر الصحابة ، وهذا إن صحَّ فالمانع له عن الطلب والقتال إما علمه بأنهم لا يثبتون معه على القتال ، أو إتِّقاء الفتنة في زمان عدم استقرار الدين .

ثم ازداد عدد الشيعة في صدر الإسلام شيئاً فشيئاً حتى بلغوا ألفاً أو أكثر .

وبعد نَفي أبي ذر إلى الشام تشيَّع منها جماعة بسببه ، ولما رأى معاوية ذلك أخرجه إلى القرى بعيداً عن مراكز المُدُن وجماهير الناس ، فوقع في جبال بني عاملة فتأثروا فيه وتشيعوا بسببه .

ولما وقعت الفتن في الإسلام وقُتل عثمان ، ووقعت حرب الجمل ، ثم صِفِّين ، ثم النَهرَوَان ، كان أبا ذر أكثر الصحابة مع الإمام علي ( عليه السلام ) ومن أشياعه ، وأفراد منهم مع معاوية ، وقليل اعتزل الفريقين .

ثم جعل الإمام علي ( عليه السلام ) عاصمته ( مَحلُّ خِلافَتِهِ ) الكوفة ، فتشيع كثير من أهل الكوفة والبصرة وما جاورهما .

ثم أخذ الإمام علي ( عليه السلام ) يرسل عُمَّاله وشيعته إلى الأمصار المختلفة ، وذلك لتفقيه الناس بأمور دينهم وتدبير أمورهم .

فكان في مكة ، والمدينة ، والطائف ، واليمن ، ومصر ، كثير من الشيعة ، مضافاً إلى من في العراق وفارس .

بل كان معظم أهل اليمن شيعة لعلي ( عليه السلام ) ، ولا زال لحد الآن الكثير منهم على مذهب زيد الشهيد ، ويُسَمَّوْنَ بـ ( الزيديَّة ) ، كما يوجد عدد كثير من الشيعة الإمامية الإثني عشرية في مصر ، وقسم كبير منهم يُسَمَّوْنَ بـ ( العَلَوِيَّة ) .

ولما قتل الإمام الحسين ( عليه السلام ) استعظم أكثر المسلمين ذلك ، حتى أن بعض الأمويين تَنَبَّهُوا لفضل أهل البيت ( عليهم السلام ) وما أصابهم من الظلم ، إضافة إلى أعمال بني أمية اللاَّدينية ، وفسقهم العلني في زمن يزيد وغيره ، فارتدَّ قسم كبير من الناس عن بني أمية .

وهكذا كثر عدد الشيعة في التابعين وتابعي التابعين كثرة مفرطة ، وما زال عدد الشيعة يزداد حيناً فحيناً إلى أواخر الدولة الأموية ، فظهرت شيعة بني هاشم من العلويين والعباسيين بشكل واضح ونتيجتها وَلَّدَت الدولة العباسية .

وفي زمن الدولة العباسية كثرت شيعة العلويين في الحجاز ، واليمن ، والعراق ، لا سِيَّمَا في الكوفة والبصرة ، وفي مصر وخراسان وسائر بلاد فارس .

ورغم الخوف والاضطهاد لأهل البيت ( عليهم السلام ) وشيعتهم في زمن الدولة الأموية والعباسية ، وحُبُّ السلاطينَ للمال والجاه والسلطة ، اضطرَّ أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) وشيعتهم للتستُّر والاختفاء .

فكتم أهل البيت ( عليهم السلام ) علومهم إلا عن خواص أصحابهم ، لأن الملك عقيم ، والناس على دين ملوكهم ، وحب المال والجاه والرئاسة أمر مجبولة عليه النفوس .

ورغم كل ذلك فقد ازداد عدد الشيعة وظهر أمرهم كلما قَلَّ الضغط والاضطهاد ، وخاصة في أواخر الدولة الأموية ، وبداية الدولة العباسية .

ففي عهد السفَّاح والمنصور اشتهر مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) وانتشرت مدرسته عند الناس ، وخاصة في عصر الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) ، ولذلك نسب مذهب أهل البيت إليه ( عليهم السلام ) فقيل المذهب الجعفري .

هكذا انتشر التشيع في الأمة حتى سرى إلى الملوك ، فَمَالَ إليه من ملوك بني أمية معاوية الأصغر ( الثاني ) .

ومال إليه وناصَرَهُ عمر بن عبد العزيز ، كما أن المأمون من بني العباس تظاهر بالمشايعة لعلي وولده ( عليهم السلام ) ، وجعل الإمام الرضا ( عليه السلام ) ولي عهده ، وقد اختلفت الأسباب الحقيقية لهذا الأمر .

وكان بعده الإمام الناصر من بني العباس شيعياً ، وكذلك الملك علي بن صلاح الدين الأيوبي ، وكبراء وزراء بني العباس وكتابهم .

ولما خرج الإمام الرضا ( عليه السلام ) إلى خراسان في زمن المأمون تشيَّع كثير من أهلها ، إضافة إلى ما كان فيها من الشيعة .

وعند حدوث الضعف في الدولة العباسية ، وخروج أكثر أمصارها عن أيديهم ظهرت الدولة البُوَيهِيَّة في العراق ، وفارس ، والدولة الحمدانية ، في دمشق وحلب والموصل ، والدولة الفاطمية ، في مصر والشام والحجاز وأفريقيا ، فانتشرت الشيعة في هذه الأماكن وكثرت كثرة مُفرِطَة .

وما زال التشيع ينتشر ويَقِلُّ ، ويظهر ويختفي ، ويوجد ويُعدَم ، في بلاد الإسلام ، حسب تعاقب الدول الغاشمة وتشددها وتساهلها مع الشيعة ، حتى أصبح عدد الشيعة اليوم في أنحاء المعمورة ما يقارب ربع المسلمين أو أكثر من ذلك .

متى بدأ التشيع ؟
للمؤرخين والكتّاب آراء متعددة في ظهور التشيّع نذكر أهمّها :

الرأي الأول :
أن التشيع نشأ بعد وفاة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) .

الرأي الثاني :
أن التشيع ظهر في عصر عُثمان ، بالنظر لبروز أحداث داخل المجتمع الإسلامي .

الرأي الثالث :
أن ظهور التشيع كان بعد مصرع الإمام الحسين ( عليه السلام ) في كربلاء ، ولم يكن التشيع قبل ذلك سوى رأي سياسي .

وبعد استشهاد الإمام الحسين ( عليه السلام ) إمتزج هذا الرأي بالدماء ، وأصبح عقيدة راسخة يدافعون عنها ويجاهدون في سبيلها ، ويدافع عن هذا الرأي جماعة من المستشرقين .

الرأي الرابع :
أن التشيع نشأ من عبد الله بن سَبَأ ، حيث حاول هذا الرجل – الذي أسلم في زمن عثمان – إضلال المسلمين ، فبدأ بالحجاز ، ثم البصرة ، ثم الكوفة ، ثم الشام ، وتبنى هذا الرأي أبو جعفر الطبري .

ولا بد من الإشارة إلى نقطة مهمة وهي أن المصدر التاريخي الذي دَوَّن قضية عبد الله بن سَبَأ هو الطبري ، ومنه استقت بقية المصادر الأخرى .

ثم إن الطبري اعتمد كثيراً في رواياته على سيف بن عُمر ، فلو استطعنا إسقاط وثاقة سيف بن عمر المتوفى سنة ( 170 هـ ) ، وأثبتنا أسطورية عبد الله بن سَبَأ ، فآنذاك يسقط هذا الرأي .

وبالفعل وصف علماء الرجال سيف بن عُمر بأنه ضعيفٌ ، وكذَّابٌ ، وكان يضع الأحاديث ، وإضافة لذلك لم يذكر لنا التاريخ رواية تشير إلى أن عُثمان قد سعى لتأديبه أو توبيخِهِ للحَدِّ من تصرفاته ونشاطاته .

الرأى الخامس :
وهذا الرأي الصحيح ، وهو أن أول من وضع بذرة التشيع هو الرسول ( صلى الله عليه وآله ) جنباً إلى جنب مع بذرة الإسلام ، والأدلة على ذلك كثيرة .

ويمكن مراجعة أسباب نزول الآيات المباركات :

كقولِهِ تعالى : ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) [ الشعراء : 214 ] .

وقولِهِ تعالى :

( إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ البَرِيَّةِ ) [ البينة : 7 ] .

وقولِهِ تعالى :

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ) [ النساء : 59 ] وآيات أخرى لا مجال لذكرها هنا ، وهناك روايات كثيرة تدل على هذا المضمون ولا يَسَع المقام لذكرها .

ولعل الذين يؤيدون قول البعض بأن التشيع ظاهرة طارئة في المجتمع الإسلامي ، وذلك لأن الأكثرية الغالبة من المسلمين وقفت إلى جانب الحاكمين ، ثم استلم الأمويون وغيرهم زمام الأمور ، وصرفوها عن أصحابها الشرعيين .

ولا يمكن الاعتماد على الكثرة فنعطيها ( الأصالة ) ، ونعطي القلة صفة ( الظاهرة الطارئة ) ، لأن القرآن الكريم يُنبِّه إلى أن الأكثرية لا تدل على الأصالة والصحة ، فقال تعالى : ( وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ) [ المؤمنون : 70 ]

أ ـ (اسألوا علماء الشيعة لماذا لم يصرَّح باسم عليّ في القرآن) ؟

ب ـ (لا ذكر لعليّ ولإمامته في القران) .

وللإجابة ينبغي لنا أوّلاً تعريف معنى الإمامة :

الإمام : الإمام في اللغة : الإنسان الذي يؤتمّ به ويقتدى بقوله أو فعله محقّاً كان أو مبطلا ( [4]) ، وبهذا المعنى جاء في قوله تعالى :

(يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُناس بِإمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَأونَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلا * وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أعْمى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أعْمى وَأضَلُّ سَبِيلا ) (الإسراء / 71 ـ 72) .

ومن الثاني ما ورد ذكره في قوله تعالى :

(فَقاتِلُوا أئِمَّةَ الكُفْرِ إنَّهُمْ لا أيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ ) (التوبة / 12) .

والإمام في الإسلام هو الهادي إلى سبيل الله بأمر من الله إنساناً كان كما ورد ذكره في قوله تعالى :

(وَإذ ابْتَلى إبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمات فَأتَمَّهُنَّ قالَ إنِّي جاعِلُكَ لِلناسِ إماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (البقرة / 124) .

وقوله تعالى :

(وَجَعَلْناهُمْ أئمَّةً يَهْدُونَ بِأمْرِنا ... ) (الأنبياء / 73) .

أو كان كتاباً كما ورد ذكره في قوله تعالى :

(وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إماماً وَرَحْمَة ) (هود / 17) .

وندرك من فحوى الآيات المذكورة أعلاه أنّ شرط الإمام في الإسلام إن كان كتاباً أن يكون منزلا من قبل الله على رُسُله لهداية الناس كما كان شأن كتاب خاتم الأنبياء محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) : القرآن الكريم ، ومن قبله كتاب موسى : التوراة ، وكذلك شأن كتب سائر الأنبياء( [5]) . وإن كان إنساناً أن يكون معيّناً من قبل الله لقوله تعالى :

(إنِّي جاعِلُكَ لِلناسِ إماماً ) (البقرة / 124) ، و (عَهْدِي ) . وأن يكون غير ظالم لنفسه ولا لغيره أي غير عاص لله لقوله تعالى :

(لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (البقرة / 124) .

وفي ضوء ما سبق يصحّ القول بأنّ الإمام في الاصطلاح الإسلامي هو :

أ ـ الإنسان المعصوم من الذنوب والمعيَّن من قِبَل الله لهداية الناس .

ب ـ الكتاب المنزل من قِبَل الله على رس4له لهداية الناس .

بعد بيان معنى الإمام ، للجواب على سؤال الكاتب (لماذا لا نجد في القرآن بحث إمامة عليّ (عليه السلام) ولا اسمه) نقدم المقدمتين التاليتين :

 

المقدّمة الأُولى

في هذه الأمّة ، القرآن هو الكتاب المنزل لهداية الناس مع السنّة النبويّة وأحدهما مكمّل للآخر إذ أنّ الإسلام كلّه : عقائده وأحكامه، وسائر علومه، أصوله في القرآن ، وشرحه وتفسيره ، مثاله وتجسيده في سنّة النبيّ ـ أي حديثه وسيرته ـ ولذلك قرن الله طاعته بطاعة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال سبحانه:

(أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ ) (آل عمران / 32) .

و (أَطِيعُواْ اللهَ والرَّسُول ) (آل عمران / 132) .

و (أَطيِعُوا اللهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) (النساء / 59) .

و (وَأطِيعُوا اللهَ وََسُولَهُ ) (الأنفال / 1)( [6]) .

وقَرن معصية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بمعصيته وقال تعالى :

(ومَنْ يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ ) (الجنّ / 23) .

(فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) (الشعراء / 216)( [7]) .

وسلب الاختيار عن المؤمنين في ما يقضي الله ورسوله في قوله :

(وَمَا كَانَ لُمؤْمِن وَلاَ مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهْم وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِيناً )(الأحزاب / 36) .

وبيّن عزّ اسمه أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حجّة الله على الخلق في قوله وفعله ، وأنّ الله جعله إماماً يُقتَدَى به وذلك في قوله تعالى :

(فآمنوا بِالله ورَسُوله النبيّ الأُمِّيّ الّذي يؤمن بِالله وكلماته واتّبعوه)(الأعراف / 158)( [8]) .

وقوله : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (الحشر / 7) .

وقوله : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ... ) (الأحزاب / 21) .

وقوله : (وَمَا يَنطِقُ عَن الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ) (النجم / 3 ـ 4) .

وقوله : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ا لاَْقَاوِيلِ * لاََخَذْنَا مِنْهُ بِالْيمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ا لْوَتِينَ ) (الحاقّة / 44 ـ 46) .

 

المقدّمة الثانية

أخبر الرسول الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) بأ نّه سيأتي رجال بعده يقولون : اتلوا علينا من القرآن فحسب ولا يكتفون بحديث الرسول . وما أشرنا إليه في المقدّمة الأولى كان من قول الله تعالى في إثبات حجيّة سنّة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)مع النصّ القرآني وقد قال الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذا الصدد أيضاً ما رواه أصحاب الصحاح بمدرسة الخلفاء :

أ ـ في سنن أبي داود والترمذي وابن ماجة والدارمي ومسند أحمد واللّفظ للأوّل في باب لزوم السنّة من كتاب السنّة :

عن المقدام بن معدي كرب( [9]) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انّه قال :

«ألا إنِّي أُوتيت الكتاب ومثله معه ، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول : عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه حلالاً فأحلُّوه ، وما وجدتم فيه حراماً فحرِّموه ...» .

وفي آخر الحديث بسنن الترمذي : «وإنّ ما حرّم رسول الله كما حرّم الله» .

وفي سنن ابن ماجة : (مثل ما حرّم الله) .

وفي مسند أحمد عنه ، قال :

حرّم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم خيبر أشياء ثمّ قال : «يوشك أحدكم أن يكذّبني وهو متّكئ على أريكته يُحدِّث بحديثي ، فيقول : بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرَّمناه . ألا وإنّ ما حرّم رسول الله مثل ما حرّم الله»( [10]) .

ب ـ في سنن أبي داود والترمذي وابن ماجة ومسند أحمد واللّفظ للأوّل :

عن عبيد الله بن أبي رافع( [11]) عن أبيه ، أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال :

«ألا لا ألفينَّ أحداً منكم متّكئاً على أريكته يأتيه الأمر بما أمرت به أو نهيت عنه فيقول : لا أدري ، ما وجدت في كتاب الله اتّبعته ! » .

وفي مسند أحمد : «ما أجد هذا في كتاب الله»( [12]) .

ج ـ في كتاب الخراج من سنن أبي داود ، باب في تعشير أهل الذمّة .

عن العرباض بن سارية السلمي( [13]) قال :

(نزلنا خيبر ومعه مَن معه من أصحابه ، وكان صاحب خيبر رجلاً مارداً منكراً فأقبل إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقال : يا محمّد ! ألكم أن تذبحوا حمرنا وتأكلوا ثمرنا وتضربوا نساءنا ؟ فغضب ـ يعني النبيّ ـ وقال : يا ابن عوف ! إركب فرسك ثمّ ناد : «ألا إنّ الجنّة لا تحلُّ إلاّ لمؤمن ، وأن اجتمعوا للصلاة» .

قال : فاجتمعوا ثمّ صلّى بهم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ثمّ قام ، فقال :

«أيحسب أحدكم متّكئاً على أريكته قد يظنّ الله لم يحرِّم شيئاً إلاّ ما في هذا القرآن ! ألا وإنِّي وعظت وأمرت ونهيت عن أشياء ، إنّها لمثل القرآن أو أكثر ، وإنّ الله لم يحلَّ لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلاّ بإذنهم ، ولا ضرب نسائهم ، ولا أكل ثمارهم إذا أعطوكم الذي عليهم)( [14]) .

د ـ في مسند أحمد ، عن أبي هريرة( [15]) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لا أعرفنَّ أحداً منكم أتاه عنِّي حديث وهو متّكئ في أريكته ، فيقول : أُتلُ عليّ به قرآناً»( [16]) .

وقال حسّان بن ثابت( [17]) كما في مقدّمة الدارمي : «كان جبريل ينزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالسنّة كما ينزل عليه بالقرآن»( [18]) .

* * *

هذا بعض ما ورد في القرآن والحديث في الحثّ على الأخذ بسنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والنهي عن مخالفته ، والتشديد على مَنْ يهمل السنّة بحجّة الاكتفاء بكتاب الله وحده . أضف إلى ذلك أ نّه لا يمكن أخذ الإسلام من القرآن وحده ، ودون الرجوع إلى سنّة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فإنّنا في إقامة الصلاة ـ مثلاً ـ نأخذ من حديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عدد ركعاتها وسجداتها ، وأذكارها وشروطها ومبطلاتها ، ومن سيرته نأخذ كيفيّاتها .

وفي أداء الحجّ نأخذ من سنّة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) : عقد إحرامه ، وتشخيص مواقيته ، وأشواط طوافه ، وصلاته ، وسعيه ، وتقصيره ، وسائر مناسكه في عرفات والمشعر ومنى ، إقامتنا فيهنّ وإفاضتنا عنهنّ ، ورمي جمراته ، وهديه وحلقه ، وتحديد زمان كلّ منها وتشخيص مكانها ، واجبها ومسنونها وحرامها .

إذاً لا يمكن العمل بالقرآن وحده في إقامة الصلاة وأداء الحجّ دون الرجوع إلى سنّة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكذلك شأن سائر الأحكام .

ولهذا لا بدّ لنا من الرجوع إلى القرآن والسنّة معاً لأخذ الإسلام عنهما ، ولا يفصل بينهما إلاّ مَن أراد أن (يتحرّر) من قيود الإسلام ويعمل وفق هوى نفسه ، فإنّ ذلك ميسور له مع سلخ السنّة المفسّرة للقرآن عن القرآن ثمّ تأويل القرآن وفق ما يهواه .

اهتمام الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمر تعيين

أُولي الأمر من بعده

قبل أن ندرس النصوص الواردة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في تعيين اُولي الأمر من بعده ، ندرس شيئاً من اهتمام الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا الأمر في ما يأتي :

إنّ أمر الإمامة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان من الاُمور المهمّة التي لم تغب عن بال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ومَن كان حوله ، بل كانوا يفكّرون فيه منذ البدء ; فقد رأينا بيحرة من بني عامر بن صعصعة يشترط على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)لإسلامهم أن يكون لهم الأمر من بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ورأينا هوذة الحنفيّ يطلب من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) منحه شيئاً من الأمر( [19]) .

وكذلك كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ أيضاً ـ يفكِّر في الأمر من بعده ويدبِّر له منذ أوّل يوم دعا إلى الإسلام ، وأوّل يوم أخذ فيه البيعة لإقامة المجتمع الإسلامي .

أمّا تدبيره في أوّل يوم أخذ فيه البيعة لإقامة المجتمع الإسلامي ، فقد كان ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما ، والنسائي وابن ماجة في سننهما ، ومالك في الموطّأ ، وأحمد في المسند ، وغيرهم في غيرها ـ واللفظ للأوّل ـ قال :

قال عبادة بن الصامت : بايعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على السمع والطاعة في (العسر واليسر) والمنشط والمكره ، وأن لا ننازع الأمر أهله ... ( [20]) .

وعبادة هذا كان أحد النقباء الاثني عشر على الأنصار يوم بيعة العقبة الكبرى( [21]) حين قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) للنيف والسبعين من الأنصار الّذين بايعوه : أخرجوا إليَّ اثني عشر نقيباً يكونون على قومهم بما فيهم . فأخرجوا من بينهم اثني عشر نقيباً ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للنقباء : أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ، ككفالة الحواريّين لعيسى بن مريم (عليه السلام) ...( [22]) .

وإنّ عبادة بن الصامت أحد اُولئك النقباء الاثني عشر روى من بنود البيعة التي بايعوا الرسول عليها : «أن لا ينازعوا الأمر أهله» .

وإنّما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من (الأمر) الوارد في هذا الحديث الصحيح ، والذي يذكر فيه أخذ البيعة من اثنين وسبعين رجلا وامرأتين من الأنصار أن لا ينازعوا الأمر أهله ، هو الأمر الذي تنازعوا عليه في سقيفة بني ساعدة( [23]) ، وأهل الأمر هم الّذين ذكرهم الله تعالى في قوله : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ )( [24]) .

وإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإن لم يشخّص هنا وليّ الأمر من بعده ، لأ نّه لم يكن من الحكمة أن يعرّف وليّ الأمر من بعده وهو من غير قبيلة الأنصار ، ولعلّ نفوس بعض المبايعين لم تكن تتحمّل ذلك يومئذ ، غير أ نّه أخذ البيعة منهم أن لا ينازعوه حين يعيّنه لهم بعد ذلك .

النصوص الواردة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)

في تعيين وليّ الأمر من بعده

كما جاء في القرآن وكتب مدرسة الخلفاء

أوّلاً ـ في السنة الثالثة من البعثة :

عيّن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وليّ الأمر من بعده وشخّص وصيّه وخليفته في مجتمع أصغر من مجتمع بيعة الأنصار له (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وذلك في أوّل يوم دعا الأقربين إليه للإسلام ، كما رواه جمع من أهل الحديث والسير مثل : الطبري، وابن عساكر، وابن الأثير ، وابن كثير، والمتّقي ، وغيرهم ـ واللفظ للأوّل( [25]) ـ روى : عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) انّه قال :

لمّا نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (وَأنْذِرْعَشِيرَتَكَ الأقْرَبِين )(الشعراء / 214) ، دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقال لي :

«يا عليّ ! إنّ الله أمرني أن اُنذر عشيرتي الأقربين ، فضقت بذلك ذرعاً ، وعرفت أنِّي متى اُباديهم بهذا الأمر أرى ما أكره ، فصمتّ عليه ، حتّى جاءني جبرئيل فقال : يا محمّد ! إن لا تفعل ما تؤمر به يعذّبك ربّك . فاصنع لنا صاعاً من طعام ، واجعل عليه رجل شاة ، واملأ لنا عسّاً من لبن ، ثمّ اجمع لي بني عبد المطّلب حتّى اُكلِّمهم واُبلِّغهم ما اُمرت به .

ففعلت ما أمرني به ، ثمّ دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه ، فيهم أعمامه : أبو طالب ، وحمزة ، والعبّاس ، وأبو لهب . فلمّا اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم ، فجئت به . فلمّا وضعته تناول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حذية (أي : قطعة) من اللحم فشقّها بأسنانه ، ثمّ ألقاها في نواحي الصفحة ، ثمّ قال : خذوا بسم الله . فأكل القوم حتّى ما لهم بشيء من حاجة ، وما أرى إلاّ موضع أيديهم . وأيم الله الذي نفس عليّ بيده إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدّمت لجميعهم . ثمّ قال : إسقِ القوم ، فجئتهم بذلك العسّ ، فشربوا منه حتّى رووا منه جميعاً ، وأيم الله إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله .

فلمّا أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يكلِّمهم ، بَدَره أبو لهب إلى الكلام فقال : لشدّ ما سحركم صاحبكم . فتفرّق القوم ولم يكلّمهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقال الغد : يا عليّ ! إنّ هذا الرجل سبقني إلى ما قد سمعت من القول ، فتفرّق القوم قبل أن اُكلّمهم ، فعدّ لنا من الطعام بمثل ما صنعت ، ثمّ اجمعهم إليَّ .

قال : ففعلت ، ثمّ جمعتهم ، ثمّ دعاني بالطعام ، فقرّبته لهم ففعل كما فعل بالأمس ، فأكلوا حتّى ما لهم بشيء حاجة ، ثمّ قال : إسقهم ، فجئتهم بذاك العسّ ، فشربوا حتّى رووا منه جميعاً . ثمّ تكلّم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : يا بني عبد المطّلب ! إنِّي والله ما أعلم شابّاً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا قد جئتكم به . إنِّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه . فأ يّكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ؟

قال : فأحجم القوم عنه جميعاً وقلت ـ وإنِّي لأحدثهم سنّاً ، وأرمصهم عيناً ، وأعظمهم بطناً ، وأحمشهم ساقاً ـ : أنا يا نبيّ الله أكون وزيرك عليه . فأخذ برقبتي ، ثمّ قال : إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا . قال : فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع» .

ثانياً ـ في غزوة تبوك :

في صحيح البخاري ، ومسلم ، ومسند الطيالسي ، وأحمد ، وسنن الترمذي ، وابن ماجة وغيرها( [26]) واللفظ للأوّل : أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعليّ : «أنت منِّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أ نّه ليس نبيّ بعدي» .

ولفظ مسلم وغيره : «إلاّ أ نّه لا نبيّ بعدي» .

وفي رواية ابن سعد في الطبقات عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم قالا :

لمّا كان عند غزوة جيش العسرة وهي تبوك قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ ابن أبي طالب : إنّه لا بدّ من أن اُقيم أو تقيم ، فخلّفه ، فلمّا فصل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غازياً قال ناس : ما خلّف عليّاً إلاّ لشيء كرهه منه ، فبلغ ذلك عليّاً فاتّبع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى انتهى إليه ، فقال له : ما جاء بك يا عليّ ؟ قال : لا يا رسول الله إلاّ أنِّي سمعت ناساً يزعمون أ نّك إنّما خلّفتني لشيء كرهته منِّي ، فتضاحك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقال : يا عليّ ! أما ترضى أن تكون منِّي كهارون من موسى غير أ نّك لست بنبيّ ؟ قال : بلى يا رسول الله ، قال : فإنّه كذلك( [27]) .

وقد ذكرنا بعض ألفاظ الحديث في باب من استخلفه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) على المدينة في غزواته في كتاب معالم المدرستين .

المراد من لفظ «منِّي» في أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) :

إنّ لفظ « منِّي » في حديث «أنت منِّي بمنزلة هارون من موسى» يوضِّح المراد من هذا اللفظ في أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الاُخرى ، وذلك أنّ هارون لمّا كان شريك موسى في النبوّة ووزيره في التبليغ ، وكان عليّ من خاتم الأنبياء بمنزلة هارون من موسى باستثناء النبوّة ، يبقى لعليّ الوزارة في التبليغ .

وكذلك بيّن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) المراد من لفظ «منِّي» في حديثه يوم عرفات في حجّة الوداع حيث قال :

«عليّ منِّي وأنا من عليّ . لا يؤدّي عنِّي إلاّ أنا أو عليّ»( [28]) ، وعلى هذا فإنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فسّر لفظ «منِّي» في هذه الأحاديث بكلّ وضوح وجلاء ، وصرّح (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ القصد منه ; أ نّه منه في مقام التبليغ عن الله إلى المكلّفين بلا واسطة. ومن ثمّ يتّضح معنى «منِّي» في أحاديث اُخرى للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في حقّ الإمام عليّ والذي جاء فيها غير مفسّرة .

مثل ما جاء في رواية بريدة في خبر الشكوى أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قال له : «لا تقع في عليّ فإنّه منِّي و ... »( [29]) .

ورواية عمران بن حصين : «إنّ عليّاً منِّي ... »( [30]) .

* * *

في كلّ هذه الروايات وما يأتي قصد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ عليّاً والأئمة من ولده ، من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حمل أعباء التبليغ إلى المكلّفين مباشرة ووظيفتهم من نوع وظيفته ، وعلى هذا فَهُم منه وهو منهم ، يشتركون في التبليغ ويخـتلفون في أ نّه يأخذ الأحكام التي يبلِّغها من الله عن طريق الوحي ، وهم يأخذونها عن طريق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فهم مبلِّغون عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الاُمّة وقد أعدّهم الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لحمل أعباء التبليغ ، وذلك بما عصمهم الله من الرجس وطهّرهم تطهيراً ، كما أخبر سبحانه عن ذلك في آية التطهير( [31]) ، وبما أفاض الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على الإمام عليّ خاصّة ممّا أوحى الله إليه ، ثمّ ورث الأئمة من أبيهم الإمام عليّ ذلك واحداً بعد الآخر ، كما نصّت على ذلك الروايات الآتية .

حامل علوم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) :

في تفسير الفخر الرازي وكنز العمّال قال علي :

(علّمني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ألف باب من العلم وتشعّب لي من كلّ باب ألف باب)( [32]) .

وفي تفسير الطبري وطبقات ابن سعد وتهذيب التهذيب وكنز العمال وفتح الباري واللفظ للأخير : عن أبي الطفيل قال : شهدت عليّاً وهو يخطب ويقول :

(سلوني فوالله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلاّ حدّثتكم به ، وسلوني عن كتاب الله ، فوالله ما من آية إلاّ وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل ... )( [33]) .

ومن ثمّ قال في حقّه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما رواه جابر بن عبدالله :

«أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، فمن أراد المدينة فليأت الباب» . قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد( [34]) .

وفي رواية : «فمن أراد العلم فليأت الباب»( [35]) .

وفي رواية : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الحديبيّة وهو آخذ بيد عليّ يقول :

«هذا أمير البررة وقاتل الفجرة ، منصور مَنْ نصره ، مخذول مَنْ خذله ، ـ يمدّ بها صوته ـ أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، فمن أراد البيت فليأت الباب»( [36]) .

ولفظه في رواية ابن عبّاس : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها»( [37]) .

وفي رواية الإمام عليّ ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أنا دار العلم وعليّ بابها»( [38]) .

وقال في حقّه ـ أيضاً ـ كما رواه ابن عباس : «أنا مدينة الحكمة وعليّ بابها ، فمن أراد الحكمة فليأت الباب»( [39]) .

وفي رواية الإمام عليّ ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أنا دار الحكمة وعليّ بابها»( [40]) .

وقال في حقّه كما في رواية أبي ذرّ : «عليّ باب علمي ومبيّن لأُمّتي ما اُرسلت به بعدي ... »( [41]) .

وقال كما في رواية أنس بن مالك : إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعليّ (عليه السلام) : «أنت تبيِّن لاُمّتي ما اختلفوا فيه بعدي» . قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين( [42]) .

وفي رواية قال له : «أنت تؤدِّي عنِّي وتسمعهم صوتي وتبيِّن لهم ما اختلفوا فيه بعدي» .

وقد يسّر الله لخاتم أنبيائه أن يزقّ ابن عمّه العلم في ما هيّأ لهما من الاجتماع في بيت واحد منذ أن كان الإمام عليّ طفلا كما رواه الحاكم( [43]) .

ثالثاً ـ خبر يوم الغدير :

لمّا صدر رسول الله من حجّة الوداع( [44]) نزلت عليه في اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة( [45]) آية :

(يَا أَ يُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ )( [46]) (المائدة / 67) .

فنزل غدير خمّ من الجحفة( [47]) وكان يتشعّب منها طريق المدينة ومصر والشام( [48]) ووقف هناك حتّى لحقه من بعده وردّ من كان تقدّم ونهى أصحابه عن سمرات متفرّقات بالبطحاء أن ينزلوا تحتهنّ ، ثمّ بعث إليهنّ فقُمّ ما تحتهنّ من الشوك( [49]) ونادى بالصلاة جامعة( [50]) وعمد إليهنّ( [51]) وظلّل لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بثوب على شجرة سمرة من الشمس ، فصلّى الظهر بهجير( [52]) ثمّ قام خطيباً فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ وقال ما شاء الله أن يقول ، ثمّ قال : «إنِّي اُوشك أن اُدعى فاُجيب ، وإنِّي مسؤول وأنتم مسؤولون ، فماذا أنتم قائلون ؟ » .

قالوا : نشهد أ نّك بلّغت ونصحت فجزاك الله خيراً .

قال : «أليس تشهدون أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً عبده ورسوله وأنّ الجنّة حقّ وأنّ النار حقّ ؟ » .

قالوا : بلى نشهد ذلك .

قال : «اللّهمّ اشهد» .

ثمّ قال : «ألا تسمعون ؟ » .

قالوا : نعم .

قال : «يا أ يُّها الناس ! إنِّي فرط وأنتم واردون عليَّ الحوض وإنّ عرضه ما بين بصرى إلى صنعاء( [53]) فيه عدد النجوم قدحان من فضّة ، وإنِّي سائلكم عن الثقلين ، فانظروا كيف تخلّفونني فيهما» .

فنادى مناد : وما الثقلان يا رسول الله ؟

قال : «كتاب الله ، طرف بيد الله وطرف بأيديكم ، فاستمسكوا به ، لا تضلّوا ولا تبدّلوا ، وعترتي أهل بيتي ، وقد نبّأني اللطيف الخبير أ نّهما لن يتفرّقا حتّى يردا عليَّ الحوض ، سألت ذلك لهما ربِّي ، فلا تقدموهما فتهلكوا ، ولا تقصّروا عنهما فتهلكوا ، ولا تعلّموهما فهما أعلم منكم»( [54]) .

ثمّ قال : «ألستم تعلمون أنِّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ » .

قالوا : بلى يا رسول الله !( [55]) .

قال : «ألستم تعلمون ـ أو تشهدون ـ أنِّي أولى بكلّ مؤمن من نفسه ؟ » .

قالوا : بلى يا رسول الله( [56]) .

ثمّ أخذ بيد عليّ بن أبي طالب بضبعيه فرفعها حتّى نظر الناس إلى بياض إبطيهما( [57]) ، ثمّ قال :

«أ يُّها الناس ! الله مولاي وأنا مولاكم( [58]) ; فمن كنت مولاه ، فهذا عليّ مولاه( [59]) . اللّهمّ والِ مَنْ والاه ، وعادِ مَنْ عاداه( [60]) ، وانصر مَنْ نصره ، واخذل مَنْ خذله( [61]) ، وأحبّ مَنْ أحبّه ، وابغض مَنْ أبغضه»( [62]) .

ثمّ قال : «اللّهمّ اشهد»( [63]) .

ثمّ لم يتفرّقا ـ رسول الله وعليّ ـ حتّى نزلت هذه الآية :

(اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً ) (المائدة / 3) .

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ، ورضا الربّ برسالتي والولاية لعليّ»( [64]) .

وفي باب ما نزل من القرآن بالمدينة من تأريخ اليعقوبي :

(إنّ آخر ما نزل عليه : (اليَوْمَ أكْمَلْتُ ... ) وهي الرواية الصحيحة الثابتة ، وكان نزولها يوم النصّ على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ـ صلوات الله عليه ـ بغدير خمّ)( [65]) .

فلقيه عمر بن الخطّاب بعد ذلك فقال له : هنيئاً لك يا ابن أبي طالب ، أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة( [66]) .

وفي رواية قال له : بخ بخ لك يا ابن أبي طالب( [67]) .

تتويج الوصيّ :

وكانت لرسول الله عمامة ، تسمّى السحاب كساها علياً عند ذاك( [68])وكانت سوداء اللون( [69]) وكان الرسول يلبسها في أيام خاصّة( [70]) مثل يوم فتح مكّة( [71]) ، ورووا في كيفيّة تتويج الإمام بها يوم الغدير كالآتي :

عن عبدالأعلى بن عدي البهراني قال : دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليّاً يوم غدير خمّ فعمّمه وأرخى عذبة العمامة من خلفه( [72]) .

وعن عليّ (عليه السلام) قال : عمّمني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم غدير خمّ بعمامة سوداء طرفها على منكبي( [73]) .

وفي مسند الطيالسي وسنن البيهقي قال : عمّمني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم غدير خمّ بعمامة سدلها خلفي ، ثمّ قال : إنّ الله عزّ وجلّ أمدّني يوم بدر وحنين بملائكة يعتمّون هذه العمّة ... وقال : إنّ العمامة حاجزة بين المسلمين والمشركين ... ( [74]) .

* * *

ذكرنا الروايات السابقة اللاّتي تثبت إمامة عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) في كتب مدرسة الخلفاء ، وفي ما يأتي نذكر الروايات التي تثبت إمامة أئمة أهل البيت (عليهم السلام) من ولده والتي عيّن الله ورسوله فيها الأوصياء والأئمّة من بعد الرسول وعرّفهم للأمّة .

تنقسم أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله) بمدرسة الخلفاء والتي نصّ فيها على انّ الأئمة من بعده من عترته إلى قسمين :

القسم الأوّل

ما أبان فيها انّهم عدل القرآن دون أن يعيِّن عددهم كالآتي بيانه :

حديث الثقلين في حجّة الوداع :

روى الترمذي عن جابر ، قال : رأيت رسول الله في حجّته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول :

«يا أ يُّها الناس ! إنِّي قد تركت فيكم ، ما إن أخذتم به لن تضلّوا ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي» .

قال الترمذي : وفي الباب عن أبي سعيد وزيد بن أرقم وحذيفة بن اُسيد( [75]) .

في غدير خمّ :

في صحيح مسلم ومسند أحمد وسنن الدارميّ والبيهقيّ وغيرها واللفظ للأوّل ، عن زيد بن أرقم ، قال :

(إنّ رسول الله قام خطيباً بماء يدعى خُمّاً بين مكّة والمدينة ... ثمّ قال :

«ألا يا أ يُّها الناس ! فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربِّي فاُجيب ، وإنِّي تارك فيكم الثقلين : أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ... وأهل بيتي ... » )( [76]) .

وفي سنن الترمذيّ ومسند أحمد واللفظ للأوّل :

«إنِّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يتفرّقا حتّى يردا عليَّ الحوض ، فانظروا كيف تخلّفونني فيهما»( [77]) .

وفي مستدرك الصحيحين :

«كأنِّي قد دعيت فأجبت ، إنِّي تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله ، وعترتي ; فانظروا كيف تخلّفونني فيهما ، فإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ... »( [78]) .

وفي رواية :

«أ يُّها الناس ! إنِّي تارك فيكم أمرين لن تضلّوا إن اتّبعتموهما ، وهما كتاب الله وأهل بيتي عترتي ... » .

قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين( [79]) .

وقد جاء هذا الحديث بألفاظ اُخرى في مسند أحمد وحلية الأولياء وغيرهما( [80]) عن زيد بن ثابت .

* * *

في الحديث السابق أخبر الرسول في آخر سنة من حياته : أ نّه بشر ، يُوشك أن يأتيه رسول ربّه ، ويدعى فيجيب ويلتحق بربّه ، وقال : «وإنِّي تارك فيكم ، ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض ، فانظروا كيف تخلّفونني فيهما» .

قاله مرّة في عرفة ، واُخرى في غدير خمّ ، وهذا النصّ من رسول الله في تعيين مرجع الأمّة من بعده، عمّ فيه ذكر جميع الأئمة من عترته في الروايات التالية :

القسم الثاني

الروايات الصحيحة التي نصّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فيها على عدد الأئمّة :

حديث عدد الأئمّة :

أخبر الرسول أنّ عدد الأئمّة الذين يلون من بعده إثنا عشر ، كما روى عنه ذلك أصحاب الصحاح والمسانيد الآتية :

أ ـ روى مسلم عن جابر بن سمرة أ نّه سمع النبيّ يقول :

«لا يزال الدين قائماً حتّى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة ، كلّهم من قريش» .

وفي رواية : «لا يزال أمر الناس ماضياً ... » .

وفي حديثين منهما : «إلى اثني عشر خليفة ... » .

وفي سنن أبي داود : «حتّى يكون عليكم اثنا عشر خليفة» .

وفي حديث : «إلى اثني عشر»( [81]) .

وفي البخاري ، قال : سمعت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : «يكون اثنا عشر أميراً» ، فقال كلمة لم أسمعها . فقال أبي : قال : «كلّهم من قريش» .

وفي رواية : ثمّ تكلّم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بكلمة خفيت عليّ فسألت أبي : ماذا قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟ فقال : «كلّهم من قريش»( [82]) .

وفي رواية : «لا تضرّهم عداوة مَن عاداهم»( [83]) .

ب ـ وفي رواية :

«لا تزال هذه الاُمّة مستقيماً أمرها ، ظاهرة على عدوّها ، حتّى يمضي منهم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش ، ثمّ يكون المرج أو الهرج»( [84]) .

ج ـ وفي رواية :

«يكون لهذه الاُمّة اثنا عشر قيِّماً لا يضرّهم مَن خذلهم ، كلّهم من قريش»( [85]) .

د ـ وفي رواية :

«لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلا»( [86]) .

هـ ـ وعن أنس :

«لن يزال هذا الدين قائماً إلى اثني عشر من قريش فإذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها»( [87]) .

و ـ وفي رواية :

«لا يزال أمر هذه الاُمّة ظاهراً حتّى يقوم اثنا عشر كلّهم من قريش»( [88]) .

ز ـ وروى أحمد والحاكم وغيرهما واللفظ للأوّل عن مسروق قال :

«كنّا جلوساً عند عبدالله (ابن مسعود) يقرئنا القرآن، فسأله رجل فقال: يا أبا عبدالرّحمن ! هل سألتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كم يملك هذه الاُمّة من خليفة ؟ فقال عبدالله : ما سألني عن هذا أحد منذ قدمت العراق قبلك ، قال : سألناه فقال : اثنا عشر عدّة نقباء بني إسرائيل»( [89]) .

ح ـ وفي رواية :

قال ابن مسعود : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «يكون بعدي من الخلفاء عدّة أصحاب موسى»( [90]) .

قال ابن كثير : «وقد روي مثل هذا عن عبدالله بن عمرو وحذيفة وابن عباس»( [91]) . ولست أدري هل قصد من رواية ابن عباس ما رواه الحاكم الحسكانيّ عن ابن عباس أو غيره .

نصّت الروايات الآنفة أنّ عدد الولاة اثنا عشر وأ نّهم من قريش ، وقد بيّن الإمام عليّ في كلامه المقصود من قريش وقال : «إنّ الأئمّة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلح على سواهم ولا يصلح الولاة من غيرهم»( [92]) .

وقال : «اللّهمّ بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة إمّا ظاهراً مشهوراً أو خائفاً مغموراً لئلاّ تبطل حجج الله وبيِّناته ... »( [93]) .

كانت تلكم الروايات التي نصّت على عدد الأئمة في كتب الحديث بمدرسة الخلفاء ، وقد جاء النص على عددهم في التوراة كالآتي بيانه :

الأئمّة الإثنا عشر في التوراة

قال ابن كثير : «وفي التوراة التي بأيدي أهل الكتاب ما معناه : أنّ الله تعالى بشّر إبراهيم بإسماعيل وأ نّه ينمّيه ويكثّره ويجعل من ذرِّيّته اثني عشر عظيماً» .

وقال : «قال ابن تيميّة : وهؤلاء المبشّر بهم في حديث جابر بن سمرة وقرّر أ نّهم يكونون مفرّقين في الاُمّة ولا تقوم الساعة حتّى يوجدوا» .

وغلط كثير ممّن تشرّف بالإسلام من اليهود فظنّوا أ نّهم الذين تدعو إليهم فرقة الرافضة فاتّبعوهم( [94]) .

قال المؤلِّف : والبشارة المذكورة أعلاه في سفر التكوين ، الإصحاح (17 / الرقم : 18 ـ 20) من التوراة المتداولة في عصرنا . وقد جاءت هذه البشارة في الأصل العبري كالآتي :

جاء في سفر التكوين قول (الربّ) لإبراهيم (عليه السلام) ما نصّه بالعبرية :

«في لِيشّماعيل بيَرخْتي أوتؤوْفي هِفْريتي أوتو في هِرْبيتي بِمِثوْد مِثوداو شنيم عَسار نِسيئيم يوليد في نِتتيف لِگوي گدول»( [95]) .

وتعني حرفياً : «وإسماعيل اُباركه ، واُثمِّره ، واُكثِّره جدّاً جدّاً ، اثني عشر إماماً يلد ، وأجعله اُمّة كبيرة» .

أشارت هذه الفقرة إلى أنّ المباركة والإثمار والتكثير إنّما تكون في صلب إسماعيل (عليه السلام) و «شنيم عسار» تعني «اثنا عشر» ، ولفظة «عسار» تأتي في «العدد التركيبي إذا كان المعدود مذكّراً»( [96]) ، والمعدود هنا «نسيئيم» وهو مذكّر وبصيغة الجمع لإضافة الـ (يم) في آخر الإسم ، والمفرد «ناسي» وتعني : «إمام ، زعيم ، رئيس»( [97]) .

وأمّا قول (الربّ) لإبراهيم (عليه السلام) في الفقرة نفسها أيضاً :

«في نِتتيف كوي كدول» ، نلاحظ أنّ «في نِتتيف» مكوّنة من حرف العطف (في) ، والفعل (ناتَن) بمعنى : (أجعل ، أذهب)( [98]) ، والضمير «يف» في آخر الفعل «نِتتيف» يرجع إلى إسماعيل (عليه السلام) ، أي «وأجعله» ، وأمّا كلمة (كوي) فتعني : «اُمّة ، شعب»( [99]) ، و «كدول» تعني : «كبير ، عظيم»( [100]) ، والمعنى (وأجعله اُمّة كبيرة) .

ويتّضح من هذه الجملة أنّ التكثير والمباركة إنّما هما في صلب إسماعيل (عليه السلام)، ممّا يجعل القصد واضحاً في انّ المراد انّهم من نسل الرسول محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)باعتبارهم امتداداً لنسل إسماعيل (عليه السلام) ، ذلك لأنّ الله تعالى أمر إبراهيم بالخروج من بلاد «نمرود» إلى الشام، فخرج ومعه امرأته «سارة» و «لوط»، مهاجرين إلى حيث أمرهم الله تعالى ، فنزلوا أرض فلسطين . ووسّع الله تعالى على إبراهيم (عليه السلام) في كثرة المال ، فقال : «ربّ ما أصنع بالمال ولا ولد لي» ، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه «إنِّي مكثّر ولدك حتّى يكونوا عدد النجوم» . وكانت «هاجر» جارية لسارة ، فوهبتها لإبراهيم (عليه السلام) ، فحملت منه ، وولدت له إسماعيل (عليه السلام) ، وإبراهيم يومئذ ابن «ستّ وثمانين سنة»( [101]) .

والقرآن الكريم يشير إلى ذلك في ما أخبر عن إبراهيم (عليه السلام) انّه قال في مناجاته لله تعالى : (رَبَّنا إِنِّي أسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِواد غَيْرِ ذِي زَرْع عِنْدَ بَيْتِكَ الـمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الـثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُون ) (إبراهيم / 37) ، وتنصّ الآية الكريمة على أنّ إبراهيم (عليه السلام) قد أسكن بعضاً من ذرِّيّته وهو إسماعيل (عليه السلام)في مكّة ودعا الله تعالى أن يجعل في ذرِّيّته الرّحمة والهداية للبشرية ما بقي الدهر ، فاستجاب الله لدعوته بأن جعل في ذرِّيّة إسماعيل محمّداً (صلى الله عليه وآله وسلم)واثني عشر إماماً من بعده . وقد قال الإمام الباقر (عليه السلام) : «نحن بقية تلك العترة وكانت دعوة إبراهيم لنا»( [102]) .

خلاصة الأحاديث الآنفة

نستنتج ممّا سبق : أنّ عدد الأئمّة في هذه الاُمّة اثنا عشر على التوالي ، وأنّ بعد الثاني عشر منهم ينتهي عمر هذه الدنيا .

فقد جاء في الحديث الأوّل : «لا يزال هذا الدِّين قائماً حتّى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة ... » .

فإنّ هذا الحديث يعيِّن مدّة قيام الدين ويحدِّدها بقيام الساعة ، ويعيِّن عدد الأئمّة في هذه الاُمّة باثني عشر شخصاً . وفي الحديث الخامس : «لن يزال هذا الدِّين قائماً إلى اثني عشر من قريش فإذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها» .

ويدلّ هذا الحديث على تأييد وجود الدين بامتداد الاثني عشر وأنّ بعدهم تموج الأرض .

وفي الحديث الثامن : حصر عددهم بإثني عشر بقوله : «يكون بعدي من الخلفاء عدّة أصحاب موسى» .

ويدلّ هذا الحديث على أ نّه لا خليفة بعد الرسول عدا الاثني عشر . وأنّ ألفاظ هذه الروايات المصرّحة بحصر عدد الخلفاء بالاثني عشر وأنّ بعدهم يكون الهرج وتموج الأرض وقيام الساعة تبيّن ألفاظ الأحاديث الاُخرى التي قد لا يفهم من ألفاظها هذا التصريح .

وبناءً على هذا لا بدّ أن يكون عمر أحدهم طويلا خارقاً للعادة في أعمار البشر كما وقع فعلا في مدّة عمر الثاني عشر( [103]) من الأئمّة أوصياء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) .

حيرتهم في تفسير الحديث

لقد حار علماء مدرسة الخلفاء في بيان المقصود من الاثني عشر في الروايات المذكورة وتضاربت أقوالهم كالآتي بيانه :

قال ابن العربي في شرح سنن الترمذي : «فعددنا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)اثني عشر أميراً فوجدنا أبا بكر ، عمر ، عثمان ، عليّاً ، الحسن ، معاوية ، يزيد ، معاوية بن يزيد ، مروان ، عبدالملك بن مروان ، الوليد ، سليمان ، عمر ابن عبدالعزيز، يزيد بن عبدالملك، مروان بن محمّد بن مروان ، السفّاح ... » .

ثمّ عدّ بعده سبعة وعشرين خليفة من العباسيين إلى عصره ، ثمّ قال : «وإذا عددنا منهم اثني عشر ، انتهى العدد بالصورة إلى سليمان وإذا عددناهم بالمعنى كان معنا منهم خمسة ، الخلفاء الأربعة وعمر بن عبدالعزيز ، ولم أعلم للحديث معنى»( [104]) .

وقال القاضي عياض في جواب القول : أ نّه ولي أكثر من هذا العدد : «هذا اعتراض باطل ، لأ نّه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقل : لا يلي إلاّ اثنا عشر ، وقد ولي هذا العدد ، ولا يمنع ذلك من الزيادة عليهم»( [105]) .

ونقل السيوطي في الجواب : «أنّ المراد : وجود اثني عشر خليفة في جميع مدّة الإسلام إلى القيامة يعملون بالحقّ وإن لم يتوالوا»( [106]) .

وفي فتح الباري : «وقد مضى منهم الخلفاء الأربعة ولا بدّ من تمام العدّة قبل قيام الساعة» .

وقال ابن الجوزي : «وعلى هذا فالمراد من «ثمّ يكون الهرج» : الفتن المؤذنة بقيام الساعة من خروج الدجّال وما بعده»( [107]) .

قال السيوطي : «وقد وجد من الاثني عشر الخلفاء الأربعة والحسن ومعاوية وابن الزبير وعمر بن عبدالعزيز ، هؤلاء ثمانية ، ويحتمل أن يضمّ إليهم المهديّ العباسي لأ نّه في العبّاسيين كعمر بن عبدالعزيز في الاُمويّين ، والطاهر العباسي أيضاً لما اُوتيه من العدل ويبقى الاثنان المنتظران أحدهما المهديّ لأ نّه من أهل البيت»( [108]) .

وقيل : «المراد : أن يكون الاثنا عشر في مدّة عزّة الخلافة وقوّة الإسلام واستقامة اُموره ، ممّن يعزّ الإسلام في زمنه ، ويجتمع المسلمون عليه»( [109]) .

وقال البيهقي : «وقد وجد هذا العدد بالصفة المذكورة إلى وقت الوليد بن يزيد بن عبدالملك ثمّ وقع الهرج والفتنة العظيمة ثمّ ظهر ملك العباسيّة ، وإنّما يزيدون على العدد المذكور في الخبر ، إذا تركت الصفة المذكورة فيه ، أو عدّ منهم من كان بعد الهرج المذكور»( [110]) .

وقالوا : «والذين اجتمعوا عليه : الخلفاء الثلاثة ثمّ عليّ إلى أن وقع أمر الحكمين في صفّين فتسمّى معاوية يومئذ بالخلافة ، ثمّ اجتمعوا على معاوية عند صلح الحسن ، ثمّ اجتمعوا على ولده يزيد ولم ينتظم للحسين أمر بل قتل قبل ذلك ، ثمّ لمّا مات يزيد اختلفوا إلى أن اجتمعوا على عبدالملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير ، ثمّ اجتمعوا على أولاده الأربعة : الوليد ، ثمّ سليمان ، ثمّ يزيد ، ثمّ هشام ، وتخلّل بين سليمان ويزيد عمر بن عبدالعزيز ، والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبدالملك اجتمع الناس عليه بعد هشام تولّى أربع سنين»( [111]) .

بناءً على هذا فإنّ خلافة هؤلاء الاثني عشر كانت لإجماع المسلمين عليهم وكان الرسول قد بشّر المسلمين بخلافتهم له في حمل الإسلام إلى الناس .

قال ابن حجر عن هذا الوجه : «إنّه أرجح الوجوه» .

وقال ابن كثير : «إنّ الذي سلكه البيهقيّ ووافقه عليه جماعة من أنّ المراد هم الخلفاء المتتابعون إلى زمن الوليد بن يزيد بن عبدالملك الفاسق الذي قدمنا الحديث فيه بالذمّ والوعيد فإنّه مسلك فيه نظر ، وبيان ذلك أنّ الخلفاء إلى زمن الوليد بن يزيد هذا أكثر من اثني عشر على كلّ تقدير ، وبرهانه أنّ الخلفاء الأربعة ، أبا بكر وعمر وعثمان وعليّاً خلافتهم محقّقة ... ثمّ بعدهم الحسن بن علي كما وقع لأنّ عليّاً أوصى إليه ، وبايعه أهل العراق ... حتّى اصطلح هو ومعاوية ... ثمّ ابنه يزيد بن معاوية ، ثمّ ابنه معاوية بن يزيد ، ثمّ مروان بن الحكم ، ثمّ ابنه عبدالملك بن مروان ، ثمّ ابنه الوليد بن عبدالملك ، ثمّ سليمان بن عبدالملك ، ثمّ عمر بن عبدالعزيز ، ثمّ يزيد بن عبدالملك ، ثمّ هشام بن عبدالملك ، فهؤلاء خمسة عشر ، ثمّ الوليد بن يزيد ابن عبدالملك ، فإن اعتبرنا ولاية ابن الزبير قبل عبدالملك صاروا ستّة عشر ، وعلى كلّ تقدير فهم اثنا عشر قبل عمر بن عبدالعزيز ، وعلى هذا التقدير يدخل في الاثني عشر يزيد بن معاوية ويخرج عمر بن عبدالعزيز ، الذي أطبق الأئمّة على شكره وعلى مدحه وعدّوه من الخلفاء الراشدين ، وأجمع الناس قاطبة على عدله ، وأنّ أيّامه كانت من أعدل الأيام حتّى الرافضة يعترفون بذلك ، فإن قال : أنا لا أعتبر إلاّ من اجتمعت الاُمّة عليه لزمه على هذا القول أن لا يعدّ عليّ بن أبي طالب ولا ابنه ، لأنّ الناس لم يجتمعوا عليهما وذلك أنّ أهل الشام بكمالهم لم يبايعوهما .

وذكر : أنّ بعضهم عدّ معاوية وابنه يزيد وابن ابنه معاوية بن يزيد ، ولم يقيّد بأيّام مروان ولا ابن الزبير ، لأنّ الاُمّة لم تجتمع على واحد منهما ، فعلى هذا نقول في مسلكه هذا عادّاً للخلفاء الثلاثة ، ثمّ معاوية ، ثمّ يزيد ، ثمّ عبدالملك ، ثمّ الوليد بن سليمان ، ثمّ عمر بن عبدالعزيز ، ثمّ يزيد ، ثمّ هشام ، فهؤلاء عشرة ، ثمّ من بعدهم الوليد بن يزيد بن عبدالملك الفاسق ، ويلزمه منه إخراج عليّ وابنه الحسن ، وهو خلاف ما نصّ عليه أئمّة السنّة بل الشيعة»( [112]) .

ونقل ابن الجوزي في كشف المشكل وجهين في الجواب :

أوّلا : «أ نّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أشار في حديثه إلى ما يكون بعده وبعد أصحابه ، وإنّ حكم أصحابه مرتبط بحكمه ، فأخبر عن الولايات الواقعة بعدهم ، فكأ نّه أشار بذلك إلى عدد الخلفاء من بني اُميّة ، وكأنّ قوله : «لا يزال الدين» أي الولاية إلى أن يلي اثنا عشر خليفة ، ثمّ ينتقل إلى صفة اُخرى أشدّ من الاُولى ، وأوّل بني اُميّة يزيد بن معاوية وآخرهم مروان الحمار ، وعدّتهم ثلاثة عشر ، ولا يعدّ عثمان ومعاوية ولا ابن الزبير لكونهم صحابة ، فإذا أسقطنا منهم مروان بن الحكم للاختلاف في صحبته ، أو لأ نّه كان متغلّباً بعد أن اجتمع الناس على عبدالله بن الزبير ، صحّت العدّة ، وعند خروج الخلافة من بني اُميّة وقعت الفتن العظيمة والملاحم الكثيرة حتّى استقرّت دوله بني العباس فتغيّرت الأحوال عمّا كانت عليه تغييراً بيِّناً»( [113]) .

وقد ردّ ابن حجر في فتح الباري على هذا الاستدلال .

ونقل ابن الجوزي الوجه الثاني عن الجزء الذي جمعه أبو الحسين بن المنادي في المهدي ، وأ نّه قال : «يحتمل أن يكون هذا بعد المهدي الذي يخرج في آخر الزمان ، فقد وجدت في كتاب دانيال : إذا مات المهدي ، ملك بعده خمسة رجال من ولد السبط الأكبر ، ثمّ خمسة من ولد السبط الأصغر ، ثمّ يوصي آخرهم بالخلافة لرجل من ولد السبط الأكبر ، ثمّ يملك بعده ولده فيتمّ بذلك اثنا عشر ملكاً كلّ واحد منهم إمام مهديّ ، قال : وفي رواية ... ثمّ يلي الأمر بعده اثنا عشر رجلا : ستّة من ولد الحسن ، وخمسة من ولد الحسين ، وآخر من غيرهم ، ثمّ يموت فيفسد الزمان» .

علّق ابن حجر على الحديث الأخير في صواعقه وقال : «إنّ هذه الرواية واهية جدّاً فلا يعوّل عليها»( [114]) .

وقال قوم : «يغلب على الظنّ أ نّه عليه الصلاة والسلام أخبر ـ في هذا الحديث ـ بأعاجيب تكون بعده من الفتن حتّى يفترق الناس في وقت واحد على اثني عشر أميراً ، ولو أراد غير هذا لقال : يكون اثنا عشر أميراً يفعلون كذا ، فلمّا أعراهم عن الخبر عرفنا أ نّه أراد أ نّهم يكونون في زمن واحد ... »( [115]) .

قالوا : «وقد وقع في المائة الخامسة ، فإنّه كان في الأندلس وحدها ستّة أنفس كلّهم يتسمّى بالخلافة ومعهم صاحب مصر والعباسية ببغداد إلى من كان يدّعي الخلافة في أقطار الأرض من العلوية والخوارج»( [116]) .

قال ابن حجر : «وهو كلام من لم يقف على شيء من طرق الحديث غير الرواية التي وقعت في البخاري هكذا مختصرة ... »( [117]) .

وقال : «إنّ وجودهم في عصر واحد يوجد عين الافتراق فلا يصحّ أن يكون المراد»( [118]) .

قال المؤلِّف : هكذا لم يتّفقوا على رأي في تفسير الروايات السابقة ، ثمّ إنّهم أهملوا إيراد الروايات التي ذكر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فيها أسماء الاثني عشر لأ نّها كانت تخالف سياسة الحكم بمدرسة الخلفاء مدى القرون . وخرّجها المحدِّثون بمدرسة أهل البيت في تآليفهم بسندهم إلى أبرار الصحابة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ونقتصر هنا على إيراد نزر يسير منها في ما يأتي ممّا رواه الفريقان :

أسماء الأئمّة الاثني عشر لدى مدرسة الخلفاء :

أ ـ الجويني( [119]) عن عبدالله بن عباس ، قال : قال رسول الله : «أنا سيِّد النبيِّين وعليّ بن أبي طالب سيِّد الوصيّين ، وإنّ أوصيائي بعدي اثنا عشر ، أوّلهم عليّ بن أبي طالب وآخرهم المهدي» .

ب ـ الجويني ـ أيضاً ـ بسنده عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله : «إنّ خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي الاثني عشر أوّلهم أخي وآخرهم ولدي» .

قيل : يا رسول الله ! ومَن أخوك ؟ قال : «علي بن أبي طالب» .

قيل : فمن ولدك ؟ قال : «المهدي الذي يملأها قسطاً وعدلا كما مُلئت جوراً وظلماً . والذي بعثني بالحقّ بشيراً ونذيراً لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج فيه ولدي المهدي فينزل روح الله عيسى بن مريم فيصلِّي خلفه ، وتشرق الأرض بنور ربّها ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب» .

ج ـ الجويني ـ أيضاً ـ بسنده عمّن قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)يقول : «أنا وعليّ والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهّرون معصومون»( [120]) .

* * *

اقتضت سياسة الحكم لدى مدرسة الخلفاء مدى القرون إخفاء أمثال الأحاديث الآنفة عن أبناء الأمّة الإسلاميّة وإسدال الستار عليها . وجاهد القسم الأكبر من أتباع مدرستهم في هذا السبيل كما مرّ بنا فعلهم بأمثالها في بحث دراسة عمل مدرسة الخلفاء بنصوص سنّة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) التي تخالف اتِّجاهها ، باب عشرة أنواع من الكتمان والتحريف لسنة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)وأصحابه في كتابنا معالم المدرستين( [121]) .

وليس هذا مجال إيراد تلكم الأحاديث ، وإنّما نذكر في ما يأتي تراجم الاثني عشر الذين تواترت الإشارة إليهم والتنصيص على أسمائهم في أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) .

تراجم الأئمّة الاثني عشر

بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)

الإمام الأوّل : أمير المؤمنين علي (عليه السلام) .

أبوه : أبو طالب بن عبدالمطّلب بن هاشم .

اُمّه : فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف .

كنيته : أبو الحسن والحسين ، أبو تراب .

لقبه : الوصيّ ، أمير المؤمنين .

مولده : ولد في الكعبة ببيت الله الحرام( [122]) ، سنة ثلاثين بعد عام الفيل .

كيفيّة شهادته : قتله الخارجي عبدالرّحمن بن ملجم بالكوفة في رمضان سنة أربعين للهجرة . ودفن خارج الكوفة في النجف الأشرف .

الإمام الثاني : الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) .

اُمّه : فاطمة الزّهراء بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .

كنيته : أبو محمّد .

لقبه : السبط الأكبر ، المجتبى .

مولده : ولد في المدينة في النصف من رمضان سنة ثلاث بعد الهجرة .

استشهد بالسّم : لخمس ليال بقين من ربيع الأوّل سنة خمسين للهجرة ودفن بالبقيع في المدينة المنوّرة .

الإمام الثالث : الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) .

اُمّه : فاطمة الزّهراء بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .

كنيته : أبو عبدالله .

لقبه : السبط ، شهيد كربلاء .

مولده : ولد في المدينة في شعبان سنة أربع للهجرة .

استشهاده : قتله جيش الخليفة يزيد مع أهل بيته وأنصاره في العاشر من محرّم سنة إحدى وستِّين . وقبره في كربلاء من مدن العراق( [123]) .

الإمام الرابع : عليّ بن الحسين الشهيد (عليه السلام) .

اُمّه : غزالة ، وقيل : شاه زنان .

كنيته : أبو الحسن .

لقبه : زين العابدين ، السّجّاد .

مولده : ولد في المدينة سنة ثمان وثلاثين أو سبع وثلاثين أو ثلاث وثلاثين .

شهادته : استشهد بالسّم سنة أربع وتسعين للهجرة . ودفن في البقيع إلى جانب عمّه الحسن السبط( [124]) .

الإمام الخامس : محمّد بن عليّ السّجّاد (عليه السلام) .

اُمّه : اُمّ عبدالله بنت الحسن بن عليّ (عليه السلام) .

كنيته : أبو جعفر .

لقبه : الباقر .

مولده : ولد في المدينة سنة سبع وخمسين للهجرة .

شهادته : استشهد بالسّم سنة سبع عشرة ومائة للهجرة . ودفن في البقيع إلى جانب أبيه( [125]) .

الإمام السادس : جعفر بن محمّد الباقر (عليه السلام) .

اُمّه : اُمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر .

كنيته : أبو عبدالله .

لقبه : الصادق .

مولده : ولد في المدينة سنة ثلاث وسبعين للهجرة .

شهادته : استشهد بالسّم سنة ثمان وأربعين ومائة للهجرة . ودفن في البقيع إلى جانب أبيه( [126]) .

الإمام السابع : موسى بن جعفر الصادق (عليه السلام) .

اُمّه : حميدة .

كنيته : أبو الحسن .

لقبه : الكاظم .

مولده : ولد في المدينة سنة ثمان وعشرين ومائة للهجرة .

شهادته : استشهد بالسّم سنة ثلاث وثمانين ومائة للهجرة في سجن الخليفة هارون الرشيد ببغداد . ودفن في مقابر قريش في الجانب الغربي من بغداد يومذاك ، وفي مدينة الكاظمية في العراق اليوم( [127]) .

الإمام الثامن : عليّ بن موسى الكاظم (عليه السلام) .

اُمّه : الخيزران .

كنيته : أبو الحسن .

لقبه : الرضا .

مولده : ولد سنة ثلاث وخمسين ومائة للهجرة في المدينة المنوّرة .

شهادته : استشهد بالسّم سنة ثلاث ومائتين. ودفن بطوس خراسان( [128]).

الإمام التاسع : محمّد بن عليّ الرضا (عليه السلام) .

اُمّه : سكينة .

كنيته : أبو عبدالله .

لقبه : الجواد .

مولده : ولد سنة خمس وتسعين ومائة للهجرة في المدينة المنوّرة .

شهادته : استشهد بالسّم سنة مائتين وعشرين للهجرة ببغداد . ودفن إلى جانب جدّه موسى بن جعفر بمقابر قريش( [129]) .

الإمام العاشر : عليّ بن محمّد الجواد (عليه السلام) .

اُمّه : سمّـانة المغربيّة .

كنيته : أبو الحسن العسكري .

لقبه : الهادي .

مولده : سنة أربع عشرة ومائتين للهجرة في المدينة المنوّرة .

شهادته : استشهد بالسّم سنة أربع وخمسين ومائتين . ودفن بمدينة سامراء (سرّ مَنْ رأى) بالعراق( [130]) .

الإمام الحادي عشر : الحسن بن عليّ الهادي (عليه السلام) .

اُمّه : اُمّ ولد اسمها سوسن .

كنيته : أبو محمّد .

لقبه : العسكري .

مولده : ولد سنة إحدى وثلاثين ومائتين في سرّ مَنْ رأى .

شهادته : استشهد بالسّم سنة ستِّين ومائتين . ودفن في سرّ مَنْ رأى( [131]) .

وقبور جميع الأئمة الأحد عشر المذكورين يزورها المسلمون اليوم ، وعليها قباب عالية عدا الأئمة الأربعة المدفونين في البقيع بالمدينة المنوّرة ، فإنّ الحكم الوهّابي لمّا دخل المدينة هدمها مع سائر قبور أزواج الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وقبور صحابته .

الإمام الثاني عشر : المهدي ، محمّد بن الحسن العسكري (عج) .

اُمّه : اُمّ ولد يقال لها نرجس ، وقيل : صيقل .

كنيته : أبو عبدالله ، أبو القاسم .

لقبه : القائم ، المنتظر ، الخلف ، المهدي ، صاحب الزمان .

مولده : ولد في سامراء سنة خمس وخمسين ومائتين .

وهو آخر الأئمة ، وهو حيّ يرزق( [132]) .

* * *

تنبيه مهمّ : جاء في إحدى الروايات الماضية : « ... يمضي منهم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش ، ثمّ يكون المرج والهرج» .

وفي اُخرى : «لن يزال هذا الدين قائماً إلى اثني عشر من قريش ، فإذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها» .

وكلا اللفظين يدلاّن على نهاية العالم بعد الثاني عشر ممّن يأتون من بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وعلى هذا فلا بدّ من أن يطول عمر أحد الاثني عشر إلى نهاية الدنيا ، وهذا ما وقع فعلا بطول عمر الوصيّ الثاني عشر المهديّ ، محمّد بن الحسن العسكريّ (عليه السلام) ، فإنّ مجموع الروايات يصدق على الأئمّة الاثني عشر المذكورين ولا يصدق على من سواهم .

تدلّ الروايات السابقة على ما يأتي :

أوّلاً : ان عدد خلفاء النبي وأئمة المسلمين لا يتجاوز الاثني عشر وكلّهم من قريش كما صرّحت بذلك الروايات الآتية :

أ ـ «ويكون لهذه الأمّة اثنا عشر قيِّماً كلّهم من قريش»( [133]) .

ب ـ «يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش»( [134]) .

ج ـ «يملك هذه الأمّة اثنا عشر خليفة»( [135]) .

فكلّ هذه العبارات صريحة في حصر عدد الأئمة بالاثنى عشر .

ثانياً : تؤكِّد الروايات الآتية استمرار إمامة الأئمة الاثني عشر إلى قيام الساعة :

في صحيح مسلم : «لا يزال الدين قائماً حتّى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش»( [136]) .

وقد أخرجنا الحديث من مصادر مدرسة الخلفاء المعتبرة والتي تدل على استمراريّة الإمامة إلى يوم القيامة كالحديث الذي جاء فيه : «لا يزال الدين قائماً حتّى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش»( [137]) .

وانّ هذا الحديث يبشِّر ببقاء الدين إلى يوم القيامة من ناحية ، ويستنبط منه انّ عمر الثاني عشر ، لا بدّ أن يطول لكي تبقى الإمامة إلى يوم القيامة ، ويتّجه في هذا المقام السؤالان التاليان :

أ ـ كيف بقيت هذه المجموعة من الأحاديث سالمة ؟ ولم تشملها رقابة الخلافة سيّما الأمويّة منها ؟

ب ـ كيف رويت كل تلكم الأحاديث في كتب الحديث بمدرسة الخلفاء وموسوعاتهم وسلمت من كتمان وتحريف السلطة الحاكمة وخاصّة الأمويّين منهم ؟

والجـواب :

يغلب على الظّن انّ زمن نشر هذه الأحاديث كان في عصر لم يتجاوز عدد الخلفاء بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عدد أصابع اليد الواحدة ولم تتوقّع مدرسة الخلفاء عند سماحها لنشر مثل تلك الأحاديث انّهم سيواجهون بعد ذلك أمراً صعباً في تفسير الأحاديث ، ورويت على عهد معاوية ويزيد بن معاوية وكان قد بلغ عدد الخلفاء إلى ذلك الوقت ستة خلفاء أو سبعة ، ولم تر عصبة الخلافة في نشر تلك الأحاديث خطراً على كيانها . ولمّا تجاوز بعد ذلك عدد الخلفاء الاثني عشر خليفة لم تتمكّن عصبة الخلافة من المنع عن نشرها أو تحريفها واضطرّوا إلى تأويلها واختلفوا في التأويل .

ووجدنا توجيه علماء مدرسة الخلفاء بعيداً عن الحقّ والواقع والتفسير الصحيح لتلك الأحاديث وهو ما صرّحت به روايات مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) والتي تنص على إمامة أئمّة أهل البيت الاثني عشر (عليهم السلام) وتواترت روايتها في كتب الصحاح والسنن والمسانيد بمدرسة الخلفاء والتي اعترف الجميع بصحّتها وصحّة أسانيدها .

«الإشكال الذي وجّهتموه إلينا يرد على المهديّ في معتقدك، فإنّك تزعم أنّ محمّداً (صلّى الله عليه وسلّم) نصب الأئمّة الاثني عشر من بعده خلفاء في أمّته ، فقتل عليّ ثمّ الحسن ثمّ الحسين إلى المهديّ ، لكنّكم غيّبتم المهديّ قبل ألف ومائتي سنة وتركتم الأمّة الاسلاميّة بلا خليفة لله في خلقه ، فكيف ترون أنّ ما فعله المهديّ أمر معقول في حين ان (عدم تعيين الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) للخليفة) في رأيكم هو ما يرفضه العقل السليم »؟

ونقول في جوابه :

أوّلاً : في قولك : «بأ نّك تزعم أنّ محمّداً نصب الأئمّة الاثني عشر ... إلى المهديّ» .

إنّ الاعتقاد بتعيين النبيّ للأئمّة الاثني عشر إلى المهديّ وكذا غيبة المهديّ إلى يومنا هذا ليس أمراً يخصّ الشيعة بل قد ورد ذلك في روايات الفريقين ، وقد ذكرنا الروايات الصحيحة الواردة في مصادر مدرسة الخلفاء حول إمامة الأئمة الاثني عشر فيما مرّ آنفاً .

وأمّا قوله : «تركتم الأمّة الاسلاميّة بلا خليفة» فينبغي أوّلاً أن نعرف وظيفة الأئمّة سواء أكانوا من الأنبياء أم الأوصياء لكي نتمكن من الإجابة عن هذا السؤال، ويتيسّر ذلك بمراجعة القرآن والسنّة ودراسة سيرة الأنبياء.

جاء في القرآن الكريم :

1 ـ في آية 35 من سورة النحل : (فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ ا لْبَلاَغُ المُبِينُ ) .

2 ـ في آية 99 من سورة المائدة : (ما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ ا لْبَلاَغُ ) .

3 ـ في آية 54 من سورة النور : (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ ا لْبَلاَغُ المُبِينُ ).

وكتب أبو سلمان في الصفحة التاسعة من كتابه الذي نشره باسم الشاب الشيعي الجاهل : لكنّكم غيّبتم المهديّ قبل 1200 سنة وتركتم الأمّة الاسلامية بلا خليفة ، ولا يوجد الآن أحد على وجه الكرة الأرضيّة يمكنه أن يدعي أ نّه خليفة الله في خلقه . فكيف ترون أنّ ما فعله المهديّ أمر معقول في حين أن تصرّف النبيّ (عدم تعيينه للخليفة) في رأيكم هو ما يرفضه العقل السليم .

أقول جواباً عن ذلك : إنّ الاعتقاد بالمهديّ (عليه السلام) لا يختصّ بالشيعة بل إنّ علماء من مدرسة الخلفاء أيضاً يشاركونهم في ذلك ، ونورد في ما يأتي الأحاديث الصحيحة المدوّنة في كتبهم عن هذا الموضوع :

أ ـ بشارات النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بظهور المهديّ (عج) في آخر الزمان :

1 ـ المهدي (عليه السلام) يواطئ اسمه اسم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) :

في سنن الترمذي في باب ما جاء في المهدي (عليه السلام) ، وسنن أبي داود في كتاب المهديّ وفي غيرهما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :

«ولا تذهب الدنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي»([138]) .

2 ـ المهديّ (عليه السلام) من أهل بيت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) :

في مستدرك الصحيحين ومسند أحمد وغيرهما ، عن أبي سعيد الخدري، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :

«لا تقوم الساعة حتّى تملأ الأرض ظلماً وجوراً وعدواناً ، ثمّ يخرج من أهل بيتي مَنْ يملأها قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وعدواناً»([139]) .

وفي سنن ابن ماجة في أبواب الجهاد عن أبي هريرة ، قال :

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم لطوّله الله عزّ وجلّ حتّى يملك رجل من أهل بيتي ، يملك جبل الديلم والقسطنطينيّة» .

وفي سنن ابن ماجة في أبواب الفتن في باب خروج المهديّ ، ومسند أحمد وغيرهما ، عن عليّ (عليه السلام) قال :

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «المهديّ منّا أهل البيت يصلحه الله في ليلة» . ورواه آخرون أيضاً([140]) .

وفي مستدرك الصحيحين قال : عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أ نّه قال : «المهديّ منّا أهل البيت ، أشمّ الأنف ، أقنى ، أجلى ، يملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً ، يعيش هكذا ـ وبسط يساره وإصبعين يمينة المسبّحة والإبهام وعقد ثلاثة ـ » .

قال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ، وأيضاً رواه أبو داود في سننه([141]) .

3 ـ المهديّ (عليه السلام) من ولد فاطمة (عليها السلام) :

في سنن أبي داود عن اُمّ سلمة قالت : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : «المهديّ من عترتي من ولد فاطمة»([142]) .

وفي كنز العمّال قال : عن عليّ (عليه السلام) ، قال : «المهديّ رجل منّا من ولد فاطمة»([143]) .

4 ـ المهديّ (عليه السلام) من ولد الحسين (عليه السلام) :

في ذخائر العقبى عن أبي أيّوب الأنصاري قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :

«يولد منهما ـ يعني الحسن والحسين (عليهما السلام) ـ مهديّ هذه الأمّة»([144]) .

وفي ذخائر العقبى ـ أيضاً ـ قال : عن حذيفة أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال :

«لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث الله رجلا من ولدي اسمه كاسمي ، فقال سلمان : من أيّ ولدك يا رسول الله ؟ قال : من وَلَدي هذا» ، وضرب بيده على الحسين (عليه السلام) .

* * *

أكّد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في رواياته على إمامة الإمام الأوّل علي بن أبي طالب (عليه السلام) أكثر من سائر الأئمة ، وبَشَّرَ بآخرهم المهديّ ، وأنّ عددهم اثنا عشر ، وإذا عرفنا من الروايات الإمام الأوّل منهم والآخر وعددهم ، لا يبقى أدنى شكّ في مَنْ هم الأئمّة من أهل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الذين عددهم اثنا عشر .

ب ـ مَنْ قال من علماء مدرسة الخلفاء بأنّ الإمام المهديّ (عج) هو ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) :

1 ـ الشيخ كمال الدين أبو سالم محمّد بن طلحة الحلبيّ الشافعيّ القرشيّ المتوفّى سنة (652 أو 654 هـ ) فى كتابه مطالب السؤول ، ص 88 ، طبع إيران سنة (1287 هـ ) قال : الباب الثاني عشر في أبي القاسم محمد بن الحسن الخالص بن علي المتوكّل بن محمد القانع بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين (الشهيد) بن عليّ المرتضى أمير المؤمنين بن أبي طالب ، المهديّ الحجّة الخلف الصالح المنتظر (عليهم السلام) ورحمته وبركاته . (ثمّ قال) :

 

·                                 فهذا الخلف الحجّة قد أيّده الله وأعلى في ذرى العلياء بالتأييد مرقاه وقد قال رسول الله قولاً قد رويناه يرى الأخبار في المهديّ جاءت بمسمّـاه وقد أبداه بالنسبة والوصف

·                                 هدانا منهج الحقّ وآتاه سجاياه وآتاه حُلى فضل عظيم فتحلاّه وذو العلم بما قال إذا أدرك معناه وقد أبداه بالنسبة والوصف وقد أبداه بالنسبة والوصف

وسمّـاه

 

·                                 ويكفي قوله منِّي لاشراق محيّاه ولن يبلغ ما أديت أمثال وأشباه فإن قالوا هو المهديّ ما مانوا بما

·                                 ومن بضعته الزهراء مرساه ومسراه فإن قالوا هو المهديّ ما مانوا بما فإن قالوا هو المهديّ ما مانوا بما

فاهوا

وقال : قد رتع من النبوّة في أكناف عناصره ورضع من الرسالة أخلاف أواصره ، وترع من القرابة بسجال معاصرها ، وبرع في صفات الشرف ، فعقدت عليه بخناصرها ، فاقتنى من الأنساب شرف نصابها ، واعتلى عند الانتساب على شرف أحسابها ، واجتنى جنى الهداية من معادنها وأسبابها، فهو من ولد الطهر البتول ، المجزوم بكونها بضعة الرسول ، فالرسالة أصلها ، وانّها لأشرف العناصر والأصول .

فأمّا مولده فبسرّ مَنْ رأى في الثالث والعشرين من رمضان سنة (258هـ )، وأمّا نسبه أباً وأمّاً فأبوه الحسن الخالص، وأمّا أمّه أمّ ولد تسمّى صيقل ، وحكيمة ، وقيل غير ذلك ، وأمّا اسمه فمحمّد ، وكنيته أبو القاسم ، ولقبه الحجّة ، والخلف الصالح . وقيل : المنتظر .

ثمّ ذكر أحاديث في أ نّه الإمام المهديّ الموعود المنتظر ثمّ ذكر بعض الاعتراضات بالنسبة إلى أحواله (عليه السلام) من حيث الغيبة وطول العمر وغير ذلك وأجاب عن الجميع أحسن الجواب .

2 ـ الشيخ محيي الدين أبو عبدالله محمّد بن علي بن محمّد المعروف بابن الحاتميّ الطائيّ الأندلسيّ الشافعيّ المتوفى سنة (638 هـ ) المدفون بصالحيّة الشام وقبره مزار فإنّه قال في الباب (366) من كتاب الفتوحات : اعلموا أ نّه لا بدّ من خروج المهديّ (عليه السلام) لكن لا يخرج حتى تمتلئ الأرض جوراً وظلماً ، فيملأها قسطاً وعدلا ، ولو لم يكن من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله تعالى ذلك اليوم ، حتّى يلي ذلك الخليفة ، وهو من عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من ولد فاطمة (رضي الله عنها) جدّه الحسين بن عليّ بن أبي طالب ووالده الحسن العسكريّ ، ابن الإمام عليّ النقيّ (بالنون) بن محمّد التقيّ (بالتاء) ابن الإمام عليّ الرضا ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمّد الباقر ابن الإمام زين العابدين ابن الإمام الحسين ابن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنهم) يواطئ اسمه اسم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)يبايعه المسلمون بين الركن والمقام ، يشبه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الخلق بفتح الخاء ، وينزل عنه في الخلق بضمّها ، إذ لا يكون أحد مثل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)في أخلاقه والله تعالى يقول : (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُق عَظِيم ) (القلم / 4) ، هو أجلى الجبهة ، أقنى الأنف ، أسعد الناس به أهل الكوفة ، يقسم المال بالسويّة ، ويعدل في الرعيّة . يأتيه الرجل فيقول : يا مهديّ ! أعطني وبين يديه المال فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله (ثّم نقل أوصافه وبعض أفعاله) وهذه الأمور ذكرها ابن الصبّان في إسعاف الراغبين ، باب (2) ، ص 131 ـ 133 بهامش نور الأبصار ، ص 131 ـ 133 ، قالوا : ومن شعر الشيخ محيي الدين في أوصاف الإمام (عليه السلام) ما ذكره في الفتوحات ، باب (366) :

 

·                                 هو السيِّد المهديّ من آل أحمد هو الشمس يجلو كلّ غمّ وظلمة هو الوابل الوسميّ حين يجود

·                                 هو الصارم الهنديّ حين يبيد هو الوابل الوسميّ حين يجود هو الوابل الوسميّ حين يجود

وفي ينابيع المودّة ، ص 467 قال : قال الشيخ محيي الدين بن العربي في كتابه (عنقاء المغرب في بيان المهديّ الموعود ووزرائه) هذه الأبيات :

 

·                                 فعند فنا خاء الزمان ودالها مع السبعة الأعلام والناس غفّل فاشخاصهم خمس وخمس وخمسة ومَنْ قال إنّ الأربعين نهاية وإن شئت أخبر عن ثمان ولا تزد فسبعتهم فى الأرض لا يجلونها وثامنهم عند النجوم لزيم

·                                 على فاء مدلول الكرور يقوم عليم بتدبير الأمور حكيم عليهم ترى أمر الوجود يقيم لهم فهو قول يرتضيه كليم طريقهم فردّ إليه قويم وثامنهم عند النجوم لزيم وثامنهم عند النجوم لزيم

3 ـ وفي ينابيع المودّة ، ص 467 ، وفي الفتوحات المكّية في الباب (366) منزل وزراء المهديّ الظاهر في آخر الزمان الذي بشّر به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهو من أهل البيت ، إنّ لله خليفة يخرج ، وقد امتلأت الأرض جوراً وظلماً ، فيملأها قسطاً وعدلا . ولو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يلي من عترة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، يبايع بين الركن والمقام ، أسعد الناس به أهل الكوفة ، ويقسم المال بالسويّة ويعدل في الرعيّة ويفصل في القضيّة . يخرج على فترة من الدين ، ومَنْ أبى قتل ، ومَنْ نازعه خذل ، يظهر من الدين ما هو الدين عليه في نفسه ما لو كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيّاً لحكم به ، يرفع المذاهب من الأرض ، فلا يبقى إلاّ الدين الخالص ، وأعداؤه مقلِّدة العلماء أهل الاجتهاد ، فيدخلون كرهاً تحت حكمه ، خوفاً من سيفه وسطوته ، ورغبة فيما لديه ، يفرح به عامّة المسلمين ، يبايعه العارفون بالله تعالى من أهل الحقائق عن شهود وكشف بتعريف إلهي ، وله رجال إلهيون يقيمون دعوته ، وينصرونه ، وهم الوزراء ، يحملون أثقال المملكة ، قال :

 

·                                 هو السيِّد المهديّ من آل أحمد هو الوابل الوسمي حين يجود

·                                 هو الوابل الوسمي حين يجود هو الوابل الوسمي حين يجود

وهو خليفة مسدّد يفهم منطق الحيوان ، ويسري عدله في الإنس والجانّ ، ووزراؤه من الأعاجم ما فيهم عربيّ لكن لا يتكلّمون إلاّ بالعربيّة لهم حافظ ليس من جنسهم ما عصى الله قطّ هو أخص الوزراء وأفضل الأمناء .

4 ـ أخرج الحديث السابق ابن الصبّان الشافعي الحديث في إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار ، ص 131 ـ 133 وفي لفظه اختلاف وزيادة ونقصان عمّا في ينابيع المودّة وكلاهما نقلا ذلك من الفتوحات ، ولو قلنا إنّ التغيير من الشيخ سليمان القندوزي كان أولى لأ نّه متأخّر عنه فإنّ وفاته سنة (1294) ووفاة ابن الصبّان في سنة (1206) وإن كان يحتمل انّ التغيير في النقل من فعل الغير ، وعلى كلّ ننقل لفظ ابن الصبّان الشافعي وغيره ممّن تكلم في الموضوع وعلى المراجع اختيار ما رآه صحيحاً في نظره.

وقال في ص 131 من نور الأبصار : اعلم انّه لا بدّ من خروج المهديّ (عليه السلام) ، وذكر الحديث إلى قوله : ابن الإمام عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنهم) يواطئ اسمه اسم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، يبايعه المسلمون بين الركن والمقام ، يشبه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الخلق بفتح الخاء وينزل عنه في الخلق بضمّها إذ لا يكون أحد مثل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أخلاقه . أسعد الناس به أهل الكوفة ، يقسّم المال بالسويّة ويعدل به في الرعيّة يمشي الخضر بين يديه يعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً ، يقفو أثر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يخطئ ، له ملك يسدّده من حيث لا يراه ، يفتح المدينة الروميّة بالتكبير ، مع سبعين ألفاً من المسلمين ، يشهد الملحمة العظمى مأدبة الله بمرج عكّا ، يعزّ الله به الاسلام بعد ذلّه ، ويحييه بعد موته ، ويضع الجزية ، ويدعو إلى الله تعالى بالسيف فمن أبى قتل ومَنْ نازعه خذل ، يحكم بالدين الخالص عن الرأي ، يخالف في غالب أحكامه مذاهب العلماء ، فينقبضون منه لذلك ، لظنّهم انّ الله تعالى لا يحدث بعد أئمّتهم مجتهداً ، وأطال في ذكر وقائعه معهم ، ثمّ قال :

واعلم انّ المهديّ إذا خرج يفرح به جميع المسلمين خاصّتهم ، وعامّتهم ، وله رجال الهيّون يقيمون دعوته وينصرونه ، هم الوزراء له يتحمّلون (أثقال) المملكة ويعينوه على ما قلّده الله ، ينزل إليه عيسى بن مريم بالمنارة البيضاء شرقيّ دمشق متّكئاً على ملكين ملك عن يمينه وملك عن يساره إلى أن يقول : وفي زمانه يقتل السفياني عند شجرة بغوطة دمشق ويخسف بجيشه في البيداء ...

وقال في محلّ آخر من الفتوحات : قد استوزر الله تعالى للمهديّ طائفة خبّأهم الله تعالى في مكنون غيبه أطلعهم كشفاً وشهوداً على الحقائق وما هو أمر الله في عباده ، فلا يفعل المهديّ شيئاً إلاّ بمشاورتهم ، وهم على أقدام رجال من الصحابة الّذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وهم من الأعاجم ليس فيهم عربيّ ، لكن لا يتكلّمون إلاّ بالعربيّة ، لهم حافظ من غير جنسهم ما عصى الله قطّ هو أخصّ الوزراء ... الحديث .

وبالمراجعة إلى ألفاظ هذا الحديث والحديث الذي أخرجناه نقلا من ينابيع المودة تعرف ما فيهما من الاختلاف والزيادة .

وأخرج في مشارق أنوار اليقين ، ص 104 في الفصل الثاني ما أخرجه ابن الصبّان في إسعاف الراغبين نقلا من الفتوحات ولفظه يساوي لفظ ابن الصبّان . وأخرجه القاضي حسين بن محمّد بن الحسن الدياربكري المالكي المتوفّى سنة (966 هـ ) في كتابه تاريخ الخميس ، ج 2 ، ص 321 ، وفي لفظه اختصار واختلاف ، ومن العجيب أ نّه ينقل ذلك من الفتوحات المكيّة .

5 ـ أخرج الشيخ أبو عبدالله محمّد بن يوسف بن محمّد القرشيّ الكنجيّ الشافعيّ المتوفّى سنة (658) في كتابه (البيان في أخبار صاحب الزمان) ص 336 ، باب (25) وقال : في الدلالة على جواز بقاء المهديّ (عليه السلام) : إنّ المهديّ ولد الحسن العسكريّ فهو حيّ موجود باق منذ غيبته إلى الآن (كما في ينابيع المودّة ، ص 471) .

من أولياء الله تعالى ، وبقاء الدجّال وإبليس الملعونين من أعداء الله تعالى ، وهؤلاء قد ثبت بقاؤهم بالكتاب والسنّة وقد اتّفق عليه ، قال : ثمّ انكروا جواز بقاء المهديّ (ثمّ قال) : وها أنا أبيِّن بقاء كلّ واحد منهم (أي الأولياء) و (الأعداء) فلا يسع بعد هذا العاقل انكار جواز بقاء المهديّ (عليه السلام)ثمّ أخذ في إثبات جواز بقائهم وقال :

(أمّا بقاء عيسى (عليه السلام) فالدليل على بقائه قوله تعالى (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ) (النساء / 159) . (قال) ولم يؤمن به أحد منذ نزول هذه الآية إلى يومنا هذا ولا بدّ أن يكون ذلك في آخر الزمان) . ووردت أحاديث كثيرة في انّ عيسى (عليه السلام) رفعه الله إلى السماء لما أراد اليهود قتله وهو باق في السماء حتّى ينزل إلى الأرض بعد ظهور الإمام المهديّ (عليه السلام) ويُصلِّي خلفه وبواسطته ، تؤمن جميع النصارى في زمانه ويكونون من أصحاب الإمام المهديّ (عليه السلام) وعيسى (عليه السلام) رئيسهم وأميرهم وأمير جيش الإمام ويفتح كثيراً من البلدان . راجع باب أحوال عيسى (عليه السلام) وصلاته خلفه الإمام المهديّ (عليه السلام) وانّ بقاء عيسى حياً إلى عصرنا لا شكّ فيه وتؤيِّده الأحاديث الكثيرة المرويّة في كتب صحاح أهل السنّة والإماميّة ; منها ما أخرجه مسلم في صحيحه ، ج 2 ، ص 500 ، وهو قوله : «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم» .

وأخرج الحديث البخاري في صحيحه ، ج 13 ، ص 357 ، ط . الهند سنة (1372 هـ ) . وقال : روى أبو هريرة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «كيف بكم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم» .

وأخرج الحديث في سنن ابن ماجة ، ج 2 ، ص 267 . ولفظه يساوي لفظ البخاري .

وفي الحاوي للفتاوي ، ج 2 ، ص 167 قال : روى أبو داود وابن ماجة بسنديهما عن أبي امامة الباهلي (أ نّه) قال : خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحدّثنا عن الدجّال وذكر ما يفعله الدجّال (إلى أن يقول) : وإمامهم رجل صالح فبينما إمامهم قد تقدّم ليُصلّي الصبح إذ نزل عيسى بن مريم والإمام في صلاة الصبح فرجع ذلك الإمام يمشي القهقري ليتقدّم عيسى يصلّي بهم فيضع عيسى يده بين كتفيه ، ثمّ يقول : تقدّم فصل فإنّها لك أقيمت فيُصَلَّي بهم إمامهم .

وأخرج الحديث في الملاحم والفتن ، ج 1 ، ص 54 ، ط . أوّل ، باب (1286) نقلا من فتن أبي نعيم . وقال : أخرجه عن أبي امامة الباهليّ . قال : ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الدجّال فقالت أم شريك : فأين المسلمون يومئذ يا رسول الله ؟ قال : ببيت المقدس يخرج (أي الدجّال) حتّى يحاصرها ، وإمام المسلمين يومئذ رجل صالح فيقال له : صلّ الصبح فإذا كبّر ودخل فيها نزل عيسى بن مريم (من السماء) فإذا رآه ذلك الرجل عرفه فرجع القهقري (وهو في الصلاة) فيتقدّم (عيسى) فيضع يده بين كتفيه ثمّ يقول : صلّ فإنّما أقيمت لك ، فيُصلِّي عيسى وراءه .

وفي مشارق الأنوار ، ج 2 ، ص 322 قال : ينزل عيسى في زمانه (أي زمان الإمام المهديّ (عليه السلام) ) بالمنارة البيضاء شرقيّ دمشق آخر الليل ويأتيه المهديّ فيجتمع عليه ويطلبه الناس وقت الصبح (ليُصلِّي بهم) فيمتنع ويقول : إمامكم منكم فيتقدّم المهديّ تكرمة لهذه الأمّة ونبيّها .

يظهر من هذه الأحاديث وأمثالها انّ عيسى (عليه السلام) يبقى حيّاً إلى أن يصلِّي وراء الإمام المهديّ (عليه السلام) فعليه لا يبعد في أن يبقى الإمام المهديّ حيّاً كما بقي عيسى حيّاً . وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : يكون في أمّتي ما كان في الأمم السابقة فكما بقي عيسى وهو من الأمم السابقة فكذلك بقي الإمام .

وأمّا بقاء الخضر أو إلياس فمن المسلّمات عند المسلمين وكما أطال الله بقاء الخضر كذلك أبقى الإمام المهديّ (عليه السلام) لأ نّه حجّة الله في أرضه ولولا بقاؤه لم تبق الأرض فإنّ بقاء الأرض ببركته .

وفي تذكرة خواصّ الأئمة ، ص 376 ، ط . النجف الأشرف قال : قال السدي : يجتمع المهديّ وعيسى بن مريم فيجيء وقت الصلاة فيقول المهديّ لعيسى : تقدّم ، فيقول عيسى : أنت أولى بالصلاة . فَيُصلِّي عيسى وراءه مأموماً ثمّ يذكر سبب صلاة عيسى خلف الإمام حسب اجتهاده ونظرياته . ثمّ يذكر المعمّرين ويقوّي القول ببقاء الإمام (عليه السلام) وينكر على مَن استبعد ذلك لأ نّه له نظائر في الدنيا قبل الاسلام وفي الاسلام .

وأيضاً قال الكنجيّ في كفاية الطالب ، ص 312 : أنّ أبا محمّد الحسن العسكريّ ابنه (عليه السلام) وهو الإمام بعده وانّ مولده (أي الحسن العسكري) بالمدينة في شهر ربيع الأوّل سنة (232 هـ ) وقبض يوم الجمعة لثمان ليال خلون من ربيع الأوّل سنة (260 هـ ) وله يومئذ ثمان وعشرون سنة ودفن في داره بسرّ مَنْ رأى في البيت الذي دفن فيه أبوه (عليّ الهاديّ (عليه السلام) ) وخلّف ابنه وهو الإمام المنتظر (ثمّ قال) وسنذكره أي الإمام المنتظر منفرداً (أي في كتاب خاصّ) فكتب فيه (عليه السلام) وهو كتاب مطبوع .

6 ـ الشيخ جلال الدين محمّد العارف البلخيّ الروميّ المعروف بالمولويّ المتوفى سنة (672 هـ ) فإنّه ذكر في ديوانه الكبير وروى ذلك عنه الشيخ سليمان في ينابيع المودة ، ص 473 . قال : أنشد هذه الأبيات (في أحوال أهل البيت (عليهم السلام) ومنهم المهدي المنتظر (عليه السلام) ) :

 

·                                 اى سرور مردان على ; مردان سلامت مى كنند وى صفدر مردان ، على مردان سلامت مى كنند

·                                 وى صفدر مردان ، على مردان سلامت مى كنند وى صفدر مردان ، على مردان سلامت مى كنند

إلى أن يقول :

 

·                                 با قاتل كفار گو، با دين و با ديندار گو با درج دو گوهر بگو با برج دو اختر بگو با زين دين، عابد بگو با نور دين باقر بگو با موسى كاظم بگو با طوسى عالم بگو با مير دين، هادى بگو با عسكرى مهدى بگو با باد نوروزى بگو با بخت فيروزى بگو با شمس تبريزى بگو مستان سلامت مى كنند

·                                 با حيدر كرّار گو، مستان سلامت مى كنند با شَبرَ و شُبير بگو مستان سلامت مى كنند با جعفر صادق بگو مستان سلامت مى كنند با نقى قائم بگو مستان سلامت مى كنند با آن ولى مهدى بگو مستان سلامت مى كنند با شمس تبريزى بگو مستان سلامت مى كنند با شمس تبريزى بگو مستان سلامت مى كنند

7 ـ قال الشيخ الكامل صلاح الدين الصفدي المتوفّى سنة (764 هـ ) في شرح الدائرة (كما في ينابيع المودّة ، ص 471) انّ المهديّ الموعود هو الإمام الثاني عشر من الأئمه أوّلهم سيِّدنا عليّ وآخرهم المهديّ (رضي الله عنهم) ونفعنا الله بهم .

8 ـ أخرج الشيخ جمال الدين أحمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن مُهَنّى المتوفّى سنة (828 هـ ) في كتاب عمدة الطالب ، ص 186 ـ 188 ، طبع النجف الأشرف سنة (1323 هـ ) قال : أمّا عليّ الهادي فيلقّب العسكريّ لمقامه بسرَّ مَنْ رأى وكانت تسمّى العسكر وأمّه أمّ ولد ، وكان (عليه السلام) في غاية الفضل ونهاية النبل ، أشخصه المتوكّل إلى سرَّ مَنْ رأى فأقام بها إلى أن توفِّي (مسموماً) وأعقب من رجلين هما الإمام أبو محمّد الحسن العسكريّ (عليه السلام) كان من الزهد والعلم على أمر عظيم وهو والد الإمام محمّد المهديّ (صلوات الله عليه) ثاني عشر الأئمة عند الإماميّة ، وهو القائم المنتظر عندهم من أمّ ولد اسمها نرجس .

9 ـ أخرج الشيخ أبو عبدالله أسعد بن عليّ بن سليمان عفيف الدين اليافعيّ اليمنيّ المكّي الشافعيّ المتوفّى سنة (768 هـ ) في كتابه مرآة الجنان ج 2 ، ص 107 وص 172 ، طبع حيدرآباد الدكن سنة (1328 هـ ) قال : وفي سنة (260 هـ ) توفّي الشريف العسكريّ أبو محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى الرضا بن جعفر الصادق ، أحد الأئمة الاثني عشر على اعتقاد الإماميّة وهو والد (الإمام) المنتظر صاحب السرداب ويعرف بالعسكريّ وأبوه أيضاً يعرف بهذه النسبة توفّي في يوم الجمعة سادس ربيع الأوّل وقيل ثامنه ، وقيل غير ذلك من السنة المذكورة ودفن بجنب قبر أبيه بسرَّ مَنْ رأى .

10 ـ أخرج العلاّمة السيِّد عليّ بن شهاب الدين الهمدانيّ الشافعيّ المتوفّى سنة (786 هـ ) في كتابه المودّة في القربى([145]) ، في المودة العاشرة ، أحاديث متعددة فيها إثبات وجود الإمام المهديّ (عليه السلام) وانّه يظهر في آخر الزمان يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلماً([146]) .

11 ـ الشيخ شهاب الدين الدولة آبادي المتوفّى سنة (849 هـ ) ، وله مؤلفات متعددة في التفسير والمناقب ، منها كتاب (هداية السعداء) ذكر فيه أحاديث في أحوال الإمام الحجّة المنتظر ابن الحسن العسكريّ . وذكر فيه انّه غائب عن الأبصار وله عمر طويل كما عمّر مثله من المؤمنين عيسى وإلياس والخضر ومن الكافرين الدجّال والشيطان والسامري .

12 ـ أخرج شمس الدين أبو عبدالله محمّد بن أحمد الذهبي الشافعي (ت 804 هـ ) ، في كتابه دول الاسلام ، ج 1 ، ص 122 ، طبع حيدرآباد سنة (1337 هـ ) وقال : بأنّ الإمام المهدي (عليه السلام) من أولاد الإمام الحسن العسكريّ وهو باق إلى أن يأذن الله له بالخروج فيملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً .

13 ـ أخرج الشيخ عليّ بن محمّد بن أحمد المالكيّ المكيّ المعروف بابن الصبّاغ (ت 855 هـ ) في كتابه الفصول المهمّة ، ص 273 وص 274 من الباب (12) أحوال الإمام المهديّ (عليه السلام) وذكر ولادته وتاريخها ، وقال : انّ أمّه نرجس خير أمة . قال : ولد أبو القاسم محمّد الحجّة بن الحسن الخالص بسرَّ مَنْ رأى ليلة النصف من شعبان سنة (255 هـ ) . وأمّا نسبه أباً وأمّاً فهو أبو القاسم ، محمّد الحجّة بن الحسن الخالص بن عليّ الهاديّ بن محمّد الجواد بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر ابن عليّ (زين العابدين) بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (صلوات الله عليهم أجمعين) وأمّا أمّه فأمّ ولد ، يقال لها نرجس ، خير أمة ، وقيل اسمها غير ذلك، وكنيته أبو القاسم ، وأمّا لقبه ، فالحجّة ، والمهديّ الصالح ، والقائم المنتظر ، وصاحب الزمان ، وأشهرها المهديّ . صفته (عليه السلام) : شاب مربوع القامة ، حسن الوجه والبشرة يسيل شعره على منكبيه ، أقنى الأنف ، أجلى الجبهة ، بوابه محمّد بن عثمان ، معاصره المعتمد (العباسي) .

ولا يخفى انّ الأوصاف التي ذكرها ابن الصبّاغ للإمام المهديّ (عليه السلام) هي أوصاف ذكرها له جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) . (ثمّ انّ ابن الصبّاغ) ذكر بعض من دوّن أوصافه وأحواله (عليه السلام) في كتاب خاصّ . قال : وممّن جمع أحواله من العلماء الشيخ جمال الدين أبو عبدالله محمّد بن إبراهيم الشهير بالنعماني في كتابه الذي صنّفه في الغيبة وطول الغيبة . قال : وجمع الحافظ أبو نعيم أربعين حديثاً في أمر المهديّ خاصّة . قال : وصنّف الشيخ أبو عبدالله محمّد ابن يوسف الكنجي الشافعي (في أحوال الإمام المهدي (عليه السلام) ) كتابه (البيان في أخبار صاحب الزمان)([147]) .

14 ـ أخرج الشيخ شمس الدين أبو المظفّر يوسف بن قزاغلي الحنفيّ ابن عبدالله سبط بن الجوزيّ (ت 654 هـ ) . قال في كتابه تذكرة خواصّ الأمّة ، ص 88 ، الطبعة الأولى في إيران سنة (1287 هـ ) : فصل الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى الرضا بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، وأمّه أمّ ولد اسمها سوسن ، وكنيته أبو محمّد ، ويقال له : العسكريّ أيضاً ، ولد (عليه السلام) سنة (231 هـ ) بسرّ مَنْ رأى وتوفي بها سنة (260 هـ ) في خلافة المعتمد على الله (العباسيّ) وكان سنّه (عند الوفاة) تسعاً وعشرين سنة (ثمّ قال) : وأولاده (أي أولاد الإمام الحسن العسكريّ) محمّد الإمام (ثمّ قال) : فصل هو محمّد بن الحسن بن عليّ ابن محمّد بن عليّ بن موسى الرضا بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين ابن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وكنيته أبو عبدالله ، وأبو القاسم ، وهو الخلف الحجّة ، صاحب الزمان ، القائم ، المنتظر ، التالي ، وهو آخر الأئمة .

أنبأ عبدالعزيز بن محمود بن البزّار عن أبي عمر ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي اسمه اسمي وكنيته ككنيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جوراً» فذلك المهديّ، ثمّ قال سبط بن الجوزيّ: وهذا الحديث مشهور . وقد أخرج أبو داود ، والزهري عن علي بمعناه . (ثمّ قال) : ويقال له ذو الاسمين ، محمّد وأبو القاسم (قال) : قالوا أمّه أمّ ولد يقال لها صيقل .

15 ـ أخرج شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتميّ نزيل مكّة المشرّفة الشافعيّ (ت 993 هـ ) في الصواعق المحرقة له ، ص 127 ، ط . مصر سنة (1308) : وقال عند ذكره الأئمّة الاثني عشر (أبو محمّد الحسن الخالص) ولد سنة (232 هـ ) (ثمّ ذكر كرامة من كراماته المعروفة وخبر استسقائه في سامراء وخبر الراهب الذي كان يخفي بين أصابعه عظام بعض الأنبياء وإذا رفعه بين أصابعه إلى السماء أمطرت وإذا سترها انقطع المطر فعرف ذلك الإمام وأخذ منه العظم وبعد ذلك كلّما دعا لم تمطر ، فخرج الناس من التوهّم وعرفوا حيلة الحبر النصراني) .

قال : وكان الإمام الحسن العسكري عزيزاً مكرّماً إلى أن مات بسرَّ مَنْ رأى . ودفن عند أبيه (عليّ الهاديّ) وعمره ثمان وعشرون سنة . (قال) : ويقال انّه سمّ أيضاً (كما سمّوا آباءه الكرام) قال : ولم يخلّف غير ولده (أبي القاسم محمّد الحجّة) وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنوات آتاه الله الحكمة (قال) : ويسمّى القائم ، المنتظر . قيل : لأ نّه ستر وغاب فلم يعرف أين ذهب . انتهى ما في الصواعق لابن حجر مع الاختصار .

وقد ذكر في ص 100 ـ 103 الأحاديث المرويّة عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في حقّه . وأخرج أكثره خالنا الشيخ نجم الدين (رحمه الله) في كتابه (المهديّ الموعود المنتظر (عليه السلام) ) . وقد أخرج الشيخ سليمان القندوزيّ الحنفيّ ما ذكره ابن حجر في ينابيع المودة ، ص 452 مفصّلا .

16 ـ أخرج الشيخ عبدالله بن محمّد بن عامر الشبراويّ الشافعيّ المتوفّى بعد سنة (1154 هـ ) في كتابه الإتحاف بحبّ الاشراف ، ص 178 ، طبع مصر سنة (1316 هـ ) وقال : الحادي عشر من الأئمّة الحسن الخالص ويلقّب بالعسكريّ ، ولد بالمدينة لثمان خلون من ربيع الأوّل سنة (232 هـ ) و توفي (عليه السلام) يوم الجمعة لثمان خلون من ربيع الأوّل سنة (260 هـ ) وله من العمر ثمان وعشرون سنة . قال : ويكفيه شرفاً انّ الإمام المهديّ المنتظر من أولاده فللّه در هذا البيت الشريف ، والنسب الخضم المنيف وناهيك به فخاراً ، وحسبك فيه من علوّه مقداراً ، فهم جميعاً في كرم الأرومة ، وطيِّب الجرثومة كأسنان المشط ، متعادلون ، ولسهام المجد مقتسمون ، فيا له من بيت عالي الرتبة سامي المحلّة ، فلقد طاول السماك علا ونبلا وسما على الفرقدين منزلة ومحلاً ، هؤلاء الأئمة ، تناسقوا في الشرف ، فاستوى الأوّل والتالي ، وكم اجتهد قوم في خفض منارهم ، والله يرفعه ، وركبوا الصعب والذلول في تشتيت شملهم ، والله يجمعه ، وكم ضيّعوا من حقوقهم ، ما لا يهمله الله ، ولا يضيِّعه ، أحيانا الله على حبّهم ، وأماتنا عليه ، وادخلنا في شفاعة مَنْ ينتمون في الشرف إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكانت وفاته (أي الحسن العسكريّ) بسرَّ مَنْ رأى ، ودفن بالدار التي دفن فيها أبوه ، وخلّف بعده ولده وهو الثاني عشر من الأئمة ، أبو القاسم ، محمّد الحجّة ، ابن الإمام الحسن الخالص ، بسرَّ مَنْ رأى ليلة النصف من شعبان سنة (255 هـ ) قبل موت أبيه بخمس سنين ، وكان أبوه قد أخفاه حين ولد ، وستر أمره ، لصعوبة الوقت ، وخوفه من الخلفاء (العباسيّين) فإنّهم في ذلك الوقت كانوا يطلبون الهاشميين ويسجنونهم ويقتلونهم ليقضوا على الإمام المهديّ (عليه السلام) لما بلغهم من الأحاديث التي وصلت إليهم من الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)وأخبرتهم انّ الإمام المهديّ الموعود المنتظر (عليه السلام) يقطع دابر الظالمين ويستولي على الدنيا ولا يترك أحداً منهم في الأرضين .

(قال الشبراوي) : وكان الإمام محمّد الحجّة يلقب أيضاً بالمهديّ، والقائم، والمنتظر ، والخلف الصالح ، وصاحب الزمان ، وأشهرها : المهديّ ، (قال) : ولذلك ذهبت الشيعة (إلى) انّه الذي صحّت (الأخبار) والأحاديث بأ نّه يظهر في آخر الزمان ، وانّه موجود ولهم في ذلك تآليف كثيرة . ثمّ قال : وقد أشرق نور هذه السلسلة الهاشميّة ، والبيضة الطاهرة النبويّة والعصابة العلويّة وهم إثنا عشر إماماً مناقبهم عَليّة وصفاتهم سنيّة، ونفوسهم شريفة أبيّة ، وأرومتهم كريمة محمّدية ، وهم محمّد الحجّة بن الحسن الخالص ابن عليّ الهاديّ بن محمّد الجواد بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين ابن الإمام الحسين أخي الإمام الحسن ولدي اللّيث الغالب عليّ بن أبي طالب (رضي الله تعالى عنهم أجمعين) .

17 ـ الشيخ أبو المواهب الشيخ عبدالوهّاب بن أحمد بن عليّ الشعرانيّ المتوفّى سنة (973 هـ ) أو سنة (960 هـ ) . قال في كتابه (اليواقيت والجواهر) ص 145 ، طبع مصر سنة (1307 هـ ) . البحث الخامس والستّون ، في بيان انّ جميع أشراط الساعة التي أخبر بها الشارع حقّ لا بدّ أن تقع كلّها قبل قيام الساعة . وذلك ، كخروج المهديّ (عج) . قال : وهو من أولاد الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام) ، ومولده ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين . وهو باق إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم (عليه السلام) فيكون عمره إلى وقتنا هذا وهو سنة (958 هـ ) سبعمائة وست وستون سنة (766 هـ ) . (ثمّ قال الشعراني) : هكذا أخبرني الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كرم الريش المطلّ على بركة الرطل بمصر المحروسة عن الإمام المهديّ حين اجتمعت به ووافقه على ذلك شيخنا السيِّد عليّ الخوّاص .

ونقل الشعراني في كتابه الطبقات الكبرى ما قاله في (اليواقيت والجواهر) في قول الشيخ حسن العراقي .

18 ـ الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كرم الريش . ذكر الإمام الحجّة المهديّ (عليه السلام) ، وانّه اجتمع به ، وذلك كما ذكره الشعراني في (لواقح الأنوار في طبقات الأخبار) ، ج 2 المطبوع بمصر سنة (1305 هـ ) وقال فيه : انّ الشيخ حسناً العراقي في ضمن سياحته اجتمع مع الإمام المهديّ الحجّة وسأله عن عمره فقال له : يا ولدي ! عمري الآن (620) سنة . قال الشعرانيّ : فقلت ذلك لسيِّدي عليّ الخواص فوافق على عمر المهديّ (رضي الله عنهما)([148]) .

19 ـ ذكر الشيخ نور الدين عبدالرحمن بن أحمد بن قوام الدين المعروف بجاميّ الشافعيّ في كتابه شواهد النبوّة (الإمام المهديّ الموعود المنتظر) الحجّة بن الحسن الإمام الثاني عشر . وذكر كثيراً من أحواله وكراماته . وقال : هو الذي يملأ الأرض عدلا وقسطاً . وذكر خبر ولادته نقلا من عمّته حكيمة وغيرها . وقال فيها : لمّا ولد جثا على ركبتيه ورفع سبّابته إلى السماء وعطس فقال : الحمد لله ربّ العالمين . وذكر بعض من رأى الإمام المهديّ ومن سأل الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) عن الخلف بعده . قال : فدخل الإمام الدار ثمّ خرج وقد حمل طفلا كأ نّه البدر في ليلة تمامه في سنّ ثلاث سنين فقال الإمام للسائل : لولا كرامتك على الله لم اُرِك هذا الولد الذي اسمه اسم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكنيتهُ كنيتُه ، وهو الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً .

وذكر في خبر مَنْ دخل على الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام) ورأى بيتاً عليه ستر مسبل ، فسأله عن الخلف بعده ، فقال له : ارفع الستار ، فرفع الستر فرأى الإمام الحجّة المهديّ المنتظر (عليه السلام) . وذكر أيضاً خبر الأشخاص الّذين بعثهم المعتمد أو المعتضد ليفتّشوا دار الإمام العسكري بسامراء ويأخذوا الإمام المهديّ إن وجدوه ، فلم يعثروا عليه في الدار ، فدخلوا سرداباً هناك فوجدوه في آخر السرداب . وكان السرداب مملوءاً بالماء والمهدي (عليه السلام) في آخره على سجّادة فوق الماء وكلّما حاولوا الوصول إليه غرقوا في الماء ولم يتمكّنوا من الوصول إليه فأخبروا بذلك الخليفة العباسي الذي أرسلهم بما وقع ، فأمرهم بكتمان ما رأوا ، وقال لهم : إن أظهرتم ذلك أمرت بقتلكم ، فكتموا ذلك في حياته .

20 ـ العلاّمة الشيخ أبو بكر أحمد بن الحسين بن عليّ البيهقي النيسابوري الفقيه الشافعيّ المتوفّى سنة (458 هـ ) ذكر في كتابه شعب الإيمان وقال : اختلف الناس في أمر المهديّ فتوقّفت جماعة وأحالوا العلم إلى عالمه ، واعتقدوا انّه واحد من أولاد فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخلقه الله متى شاء ، يبعثه نصرةً لدينه ، وطائفة يقولون : إنّ المهديّ الموعود ، ولد يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ، وهو الإمام الملقّب بالحجّة ، القائم المنتظر ، محمّد بن الحسن العسكريّ وانّه دخل السرداب بسرّ مَنْ رأى وهو مختف عن أعين الناس ، ينتظر خروجه ، ويظهر ويملأ الأرض عدلا وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً (ثمّ انّ البيهقي أجاب القائلين بامتناع بقائه إلى هذا الحين لطول الزمان) وقال : ولا امتناع في طول عمره وامتداد أيّامه كعيسى بن مريم والخضر (عليهما السلام) .

الأمر الثالث

قال أبو عمر السجودي في الصفحة السابعة :

«عن أوصياء النبي الاثني عشر : إذا كان عليّ حقاً هو الوصيّ للنبيّ ، وكانت الإمامة من أصول الدين وكان عليّ معصوماً وأفضل من إبراهيم وأخيراً لو كان الأئمة هم المصدر للتشريع في الاسلام» .

نقول في جوابه : إنّ النبي عيّن أوصياءه الاثني عشر لحفظ الشريعة وتبليغها وتنفيذ أحكامها وذلك بأمر من الله سبحانه وتعالى .

وانّ حفظ الشريعة وتبليغها وتطبيقها في عصر الأوصياء تتطلّب الأمرين الآتي ذكرهما :

الأوّل : إنّ النبيّ يبلِّغُ شريعته لأوصيائه .

الثاني : أن يقوم الأوصياء بحمل الشريعة وتبليغها على مرّ العصور كما نبيِّن ذلك في ما يأتي :

الف ـ كيف بَلَّغَ النبيّ شريعته لأوصيائه من بعده وكيف قام الأوصياء بحفظ الشريعة وتبليغها للناس ؟

تضمّن القرآن الكريم أصول أحكام الدين الاسلامي ، وأوكل تفصيلها وشرحها إلى النبيّ العظيم والمبلِّغين الأوائل الذين أخذوا العلم عنه . وقد أملى النبيّ حديثه وما أوحي إليه ممّا يحتاجه الناس إلى يوم القيامة على عليّ (عليه السلام) ودوّنها عليّ (عليه السلام) في كتاب له يُسمّى الجامعة .

وكان عليّ (عليه السلام) يتلقّى تلك العلوم من خلال لقاءات متنوعة :

1 ـ لقاءات تعليميّة منتظمة :

نقلت المصادر الحديثيّة تفاصيل اللقاءات بين الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وابن عمّه الوصيّ الإمام (عليه السلام) ونذكر هنا على سبيل المثال ما ورد في الكافي والوسائل ومستدركه وجاء موجزه في نهج البلاغة واللفظ للأوّل ، قال الإمام عليّ في حديثه : «قد كنت أدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كلّ يوم دخلة وكل ليلة دخلة فيخليني فيها أدور معه حيث دار ، وقد علم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انّه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري ، وأحياناً كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يأتيني في بيتي ، وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عنِّي نساءه . فلا يبقى عنده غيري ، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عنّي فاطمة ولا أحد من بنيّ ، وكنت إذا سألته أجابني وإذا سكت وانتهت أسئلتي ابتدأني ، وما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) آية من القرآن إلاّ أقرأنيها وأملاها عليَّ فكتبتها بخطّي ، وعلّمني تأويلها وتفسيرها ، وناسخها ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها ، وخاصّها وعامّها ، ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها ، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علماً أملاه عليَّ وكتبته ، منذ دعا الله لي بما دعا .. » ([149]) .

وقبل أن نورد بقيّة الحديث ننقل حديثاً آخر عن زيد بن عليّ بن الحسين (عليه السلام) (ت 120 هـ ) فإنّ فيه الجواب لمن تتبادر إلى ذهنه شبهة حول كيفية تلقّي الوصيّ (عليه السلام) العلوم عن ابن عمّه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) .

في بصائر الدرجات ، باب في انّ عليّاً علم كلّ ما أنزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ليل أو نهار أو حضر أو سفر والأئمّة من بعده :

1 ـ عن زيد بن عليّ قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : ما دخل رأسي نوم ولا عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى علمت من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما نزل به جبرئيل في ذلك اليوم من حلال أو حرام أو سنّة أو أمر أو نهي فيما نزل فيه وفيمن نزل ، فخرجنا فلقيتنا المعتزلة([150]) فذكرنا ذلك لهم فقالوا ان هذا لأمر عظيم ، كيف يكون هذا وقد كان أحدهما يغيب عن صاحبه فكيف يعلم هذا ؟ قال : فرجعنا إلى زيد فأخبرناه بردّهم علينا فقال : يتحفظ على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عدد الأيام التي غاب بها فإذا التقيا قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : يا عليّ ! نزل عليَّ في يوم كذا ، كذا وكذا وفي يوم كذا ، كذا حتى يعدهما عليه إلى آخر اليوم الذي وافى فيه فأخبرناهم بذلك([151]) .

2 ـ حدّثنا محمد بن عبدالجبار ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن حماد بن عثمان ، عن عبدالأعلى بن أعين قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : قد ولدني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنا أعلم كتاب الله وفيه بدء الخلق وما هو كائن إلى يوم القيامة وفيه خبر السماء وخبر الأرض وخبر الجنّة وخبر النار وخبر ما كان وخبر ما هو كائن ، أعلم ذلك كأنّما أنظر إلى كفّي ، إنّ الله يقول فيه تبيان كلّ شيء([152]) .

تتمّة الحديث عن الإمام عليّ (عليه السلام) :

(وما ترك شيئاً علّمه الله من حلال ولا حرام ، ولا أمر ولا نهي كان أو يكون ، ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلاّ علّمنيه وحفظته ، فلم أنس حرفاً واحداً ، ثمّ وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكماً ونوراً ، فقلت : يا نبيّ الله ! بأبي أنت وأمّي منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئاً ولم يفتني شيء لم أكتبه أفتتخوّف عليّ النسيان فيما بعد ؟ فقال : لا ، لست أتخوّف عليك النسيان والجهل)([153]) .

هذا هو مجمل القول عن اللقاءات المنتظمة بين النبيّ والوصيّ .

2 ـ لقاءات تعليمية غير منتظمة :

أوردنا فيما سبق أخبار اللقاءات المنتظمة استناداً إلى مصادر الفريقين . وأمّا ما يتعلق باللقاءات غير المنتظمة فقد جاء ـ أيضاً ـ في مصادر مدرسة الخلفاء كالآتي :

روى الترمذيّ عن جابر بن عبد الله الأنصاري([154]) وقال :

«دعا رسول الله عليّاً يوم الطائف فانتجاه فقال الناس : لقد طال نجواه مع ابن عمّه ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ما انتجيته ولكنّ الله انتجاه» .

ويضيف الترمذي في توضيح الرواية قائلاً : أنّ «نجوى الله» هو بمعنى انّ الله أمر نبيّه ليناجي عليّاً([155]) .

فما هي المسألة التي ناجى بها النبي بأمر الله تعالى علياً في غزوة الطائف ؟ هل النجوى كانت تتعلق بمسائل الحرب ؟ مع العلم أنّ النبيّ كان يشاور الجميع في أمور الغزوات ولم يخصّص أحداً من بينهم للمشورة كما رأينا ذلك من سيرته (صلى الله عليه وآله وسلم) في غزوة بدر وأحد والخندق .

فلا بدّ من القول بأنّ هذا اللقاء واللقاءات الأخرى من هذا القبيل([156])كانت على نسق اللقاءات المنتظمة اليوميّة بعينها . كما انّ من الممكن أن يكون هذا اللقاء من النمط الذي أشار إليه زيد بن عليّ بن الحسين وهو انّ النبيّ حينما كان يفارق عليّاً (عليه السلام) ويغيب عنه لفترة معيّنة ، يملي على عليّ ما نزل عليه من الوحي في تلك الفترة في أوّل لقاء بينه وبين الإمام ولذلك كان يناجيه ويطيل معه النجوى ، سواءً المنتظمة أو غير المنتظمة منها .

النبيّ يأمر وصيّه الأوّل أن يدوّن العلم للأوصياء من بعده :

في أمالي الشيخ الطوسي وبصائر الدرجات وينابيع المودّة واللفظ للأوّل : عن أحمد بن محمّد بن عليّ الباقر ، عن آبائه (عليهم السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ : «اكتب ما أملي عليك» .

قال : يا نبيّ الله ! أتخاف عليَّ النسيان ؟

قال : «لست أخاف عليك النسيان ، وقد دعوت الله لك أن يحفّظك ولا ينسيك ولكن اكتب لشركائك» .

قال : قلت : ومَنْ شركائي يا نبيّ الله ؟ .

قال : «الأئمّة من ولدك بهم تسقى أمّتي الغيث ، وبهم يستجاب دعاؤهم وبهم يصرف الله عنهم البلاء وبهم تنزل الرحمة من السماء» وأومأ إلى الحسن ، وقال : «هذا أوّلهم» وأومأ إلى الحسين (عليه السلام) وقال : «الائمّة من ولده»([157]) .

نوعان من التبليغ :

ينقسم الوحي الإلهي على نبيّه إلى قسمين :

القسم الأوّل : الوحي بالأحكام الإلهيّة التي يجب إبلاغها إلى الناس في عصر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وذلك لتوفّر الشروط المقتضية لذلك في عصر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بتبليغ هذا القسم من الأحكام إلى الناس .

القسم الثاني : الأحكام التي لم يكن وقت العمل بها إلاّ بعد عصر النبيّ ، وقد علّم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عليّاً (عليه السلام) هذا القسم من الأحكام ولم يعلّمها غيره ، وكان عليّ (عليه السلام) يكتب ما يملي عليه النبيّ من الأحكام ويفرز الطائفة الأولى عن الثانية منها .

واستمرّت هذه اللقاءات إلى أن حان وقت فراق الحبيبين النبيّ والوصيّ وفي الساعات الأخيرة من حياة النبيّ وفي لقائه الخاصّ والهامّ مع الإمام بلّغه النبيّ التعاليم الإلهيّة الأخيرة كالآتي بيانه :

اللقاء التعليميّ الأخير :

قال عبدالله بن عمرو : انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال في مرضه : «اُدعوا لي أخي ، فدعي له أبو بكر فأعرض عنه ، ثمّ قال : ادعوا لي أخي ، فدعي له عمر فأعرض عنه ، ثمّ قال : ادعوا لي أخي ، فدعوا له عثمان فأعرض عنه ، ثمّ قال : اُدعوا لي أخي ، فدعي له عليّ بن أبي طالب ، فستره بثوب ، وأكبّ عليه : فلّما خرج من عنده قيل له : ما قال ؟ قال : علّمني ألف باب يفتح من كلّ باب ألف باب»([158]) .

وروت أمّ سلمة الحادث كما يلي ، قالت : والذي أحلف به أن كان عليّ ابن أبي طالب لأقرب الناس عهداً برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عدنا رسول الله غداة يقول : جاء عليّ ؟ مراراً ـ وأظنّه كان بعثه في حاجة ـ قالت : فجاء بعد ، فظننت أنّ له إليه حاجة فخرجنا من البيت فقعدنا عند الباب فكنت من أدناهم إلى الباب ، فأكبّ عليه رسول الله وجعل يسارّه ويناجيه ، ثمّ قبض رسول الله من يومه ذلك فكان عليّ أقرب الناس إليه عهداً .

قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد([159]) .

وأخيراً نرجع إلى ما رواه عمر ابن الإمام علي (عليه السلام) عن علي (عليه السلام) في هذا الصدد : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مرضه : اُدعوا لي أخي ، قال : فدعي له عليّ ، فقال : ادن منِّي ، فدنوت منه فاستند إليَّ فلم يزل مستنداً إليَّ وانّه ليكلّمني حتّى انّ بعض ريق النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ليصيبني ثمّ نزل برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وثقل في حجري فصحت : يا عبّاس ! أدركني فإنِّي هالك ! فجاء العبّاس فكان جهدهما جميعاً أن أضجعاه([160]) .

من مجموع ما قدّمناه ثبت أنّ النبيّ علّم علياً (عليه السلام) العلوم والمعارف الإسلاميّة كلّها وأملاها عليه ، ودوّنها علي (عليه السلام) في كتاب عنده ليبقى وثيقة مكتوبة عن الاسلام عند الأئمّة من ولده (عليهم السلام) .

ب ـ أن يقوم الأوصياء بعد رحيل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بنشر الشريعة وإبلاغها للناس :

وقد قاموا بذلك كالآتي بيانه :

في الكافي وبصائر الدرجات واللفظ للأوّل ، عن أبي بصير ، قال : دخلت على أبي عبدالله فقلت له : جعلت فداك ، إنِّي أسألك عن مسألة هاهنا أحد يسمع كلامي ؟ قال : فرفع أبو عبد الله (عليه السلام) ستراً بينه وبين بيت آخر فاطّلع فيه ثمّ قال : يا أبا محمّد ! سل عمّا بدا لك . قال : قلت : جعلت فداك إنّ شيعتك يتحدّثون أنّ رسول الله علّم عليّاً (عليه السلام) باباً يفتح منه ألف باب ـ إلى قوله ـ : قال : يا أبا محمّد ! إنّ عندنا الجامعة ، وما يدريهم ما الجامعة ، قال : قلت جعلت فداك وما الجامعة ؟ قال : صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله وأملاه من فلق فيه وخطّ عليّ بيمينه فيها كلّ حلال وحرام وكلّ شيء يحتاج إليه الناس حتّى الأرش في الخدش وضرب بيده إليَّ ، فقال : تأذن لي يا أبا محمّد ! قال : قلت : جعلت فداك إنّما أنا لك فاصنع ما شئت ، قال : فغمزني بيده وقال : حتّى أرش هذه ـ كأ نّه مغضب ـ قال : قلت : هذا والله العلم ... الحديث([161]) .

وعن سليمان بن خالد قال : سمعت أبا عبدالله يقول : إنّ عندنا لصحيفة يقال لها الجامعة ما من حلال وما من حرام إلاّ وهو فيها حتّى أرش الخدش([162]) .

وفي رواية : إنّ عندنا لصحيفة سبعين ذراعاً إملاء رسول الله وخطّ عليّ بيده ما من حلال ولا حرام إلاّ وهو فيها حتّى أرش الخدش([163]) .

وعن عليّ بن رئاب عن أبي عبد الله انّه سئل عن الجامعة ، فقال : تلك صحيفة سبعون ذراعاً في عرض الأديم مثل فخذ الفالج ، فيها كلّ ما يحتاج الناس إليه وليس قضيّة إلاّ وهو فيها حتّى أرش الخدش([164]) .

وفي بصائر الدرجات أيضاً عن أبي بصير عن أبي عبد الله ـ الإمام الصادق ـ قال : سمعته يقول وذكر ابن شبرمة في فتياه فقال : أين هو من الجامعة ؟ إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خط عليّ بيده فيها جميع الحلال والحرام حتّى أرش الخدش فيها([165]) .

وفي الكافي وبصائر الدرجات ، عن أبي شيبة قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : ضلّ علم ابن شبرمة عند الجامعة ، إملاء رسول الله وخطّ عليّ (عليه السلام) بيده ، إنّ الجامعة لم تدع لأحد كلاماً ، فيها علم الحلال والحرام ، إنّ أصحاب القياس طلبوا العلم بالقياس فلم يزدادوا إلاّ بعداً ، إنّ دين الله لا يصاب بالقياس ! ([166])

هكذا كان أئمة أهل البيت يتبرّأون من القول بالرأي ، ويستندون في أقوالهم إلى ما رووه عن رسول الله عن جبريل عن الباري عزّ اسمه .

وابن شبرمة هو عبدالله بن شبرمة الضبيّ الشاعر الكوفي . كان قاضياً لأبي جعفر المنصور على سواد الكوفة (ت 144هـ )([167]) .

كيف تداول أئمة أهل البيت (عليهم السلام)

كتب العلم ؟

أ ـ الأئمة علي والحسنان والسجّاد والباقر (عليهم السلام) :

في بصائر الدرجات : عن معلّى بن خنيس عن أبي عبدالله ـ الإمام الصادق (عليه السلام) ـ قال : إنّ الكتب كانت عند عليّ (عليه السلام) فلمّا سار إلى العراق استودع الكتب اُمّ سلمة فلمّا مضى عليّ كانت عند الحسن ، فلمّا مضى الحسن كانت عند الحسين ، فلمّا مضى الحسين كانت عند عليّ بن الحسين ، ثمّ كانت عند أبي ـ الإمام الباقر ـ ([168]) .

وفي بصائر الدرجات ثلاث روايات أخرى إثنتان منها عن اُمّ سلمة قالت : إنّ رسول الله استودعها كتاباً فسلّمته الإمام عليّاً بعد رسول الله ، وثالثة عن ابن عبّاس أيضاً بالمعنى نفسه([169]) .

الكافي عن سليم بن قيس ، قال : شهدت وصيّة أمير المؤمنين حين أوصى إلى ابنه الحسن (عليه السلام) وأشهد على وصيّته الحسين ومحمّداً وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته، ثمّ دفع إليه الكتاب والسلاح وقال لابنه الحسن: يا بُنيَّ ! أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن اُوصي إليك وأن أدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إليَّ رسول الله ودفع إليَّ كتبه وسلاحه ، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين ، ثمّ أقبل على ابنه الحسين ، فقال له : وأمرك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن تدفعها إلى ابنك هذا ثمّ أخذ بيد عليّ بن الحسين ، وقال لعليّ بن الحسين : وأمرك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن تدفعها إلى ابنك محمّد بن علي وأقرئه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومنِّي السلام([170]).

قال المؤلّف : ما سلّمه الإمام هنا إلى ابنه الحسن كتاب واحد وهو غير الكتب التي أودعها عند اُمّ المؤمنين اُمّ سلمة بالمدينة عند هجرته من المدينة ، والتّي تسلّمها الإمام الحسن منها عند عودته إلى المدينة .

ب ـ الإمام عليّ بن الحسين (عليه السلام) :

في غيبة الشيخ الطوسي ، ومناقب ابن شهرآشوب ، والبحار : عن الفضيل قال : قال لي أبو جعفر ـ الإمام الباقر (عليه السلام) ـ : لمّا توجّه الحسين (عليه السلام) إلى العراق ، دفع إلى اُمّ سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الوصيّة والكتب وغير ذلك ، وقال لها : إذا أتاك أكبر ولدي فادفعي إليه ما دفعت إليك ، فلمّا قتل الحسين (عليه السلام) أتى عليّ بن الحسين اُمّ سلمة فدفعت إليه كلّ شيء أعطاها الحسين (عليه السلام) ([171]) .

وفي الكافي وإعلام الورى ، ومناقب ابن شهرآشوب ، والبحار واللفظ للأوّل ، عن أبي بكر الحضرميّ عن أبي عبدالله ـ الإمام الصادق (عليه السلام) ـ قال : إنّ الحسين (عليه السلام) لمّا سار إلى العراق استودع اُمّ سلمة (رض) الكتب والوصيّة ، فلمّا رجع عليّ بن الحسين (عليه السلام) دفعتها إليه([172]) .

وكان ذلك غير الوصية التي كتبها في كربلاء ودفعها مع بقيّة مواريث الإمامة إلى ابنته فاطمة فدفعتها إلى عليّ بن الحسين وكان يومذاك مريضاً لا يرون أ نّه يبقى بعده([173]) .

ج ـ الإمام محمد الباقر (عليه السلام) :

في الكافي وإعلام الورى وبصائر الدرجات والبحار واللفظ للأوّل : عن عيسى بن عبدالله ، عن أبيه ، عن جدّه قال : إلتفت عليّ بن الحسين إلى ولده وهو في الموت وهم مجتمعون عنده ، ثمّ التفت إلى محمّد بن عليّ ابنه ، فقال : يا محمّد ! هذا الصندوق ، فاذهب به إلى بيتك ، ثمّ قال ـ أي علي بن الحسين ـ أمّا إنّه ليس فيه دينار ولا درهم ولكنّه كان مملوءاً علماً([174]) .

وفي بصائر الدرجات والبحار : عن عيسى بن عبدالله بن عمر ، عن جعفر بن محمّد ـ الإمام الصادق (عليه السلام) ـ قال : لمّا حضر عليّ بن الحسين الموت قبل ذلك أخرج السفط أو الصندوق عنده فقال : يا محمّد ! احمل هذا الصندوق ، قال : فحمل بين أربعة رجال فلمّا توفّي جاء إخوته يدّعون في الصندوق ، فقالوا : أعطنا نصيبنا من الصندوق ، فقال : والله ما لكم فيه شيء ، ولو كان لكم فيه شيء ما دفعه إليَّ ، وكان في الصندوق سلاح رسول الله وكتبه([175]) .

د ـ الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) :

في بصائر الدرجات عن زرارة عن أبي عبد الله قال : ما مضى أبو جعفر حتّى صارت الكتب إليَّ ([176]) .

وفيه ـ أيضاً ـ عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله يقول : ما مات أبو جعفر حتى قبض ـ أي أبو عبدالله ـ مصحف فاطمة([177]) .

وفيه ـ أيضاً ـ عن عنبسة العابد قال : كنّا عند الحسين ابن عمّ جعفر بن محمّد وجاءه محمّد بن عمران فسأله كتاب أرض فقال : حتّى آخذ ذلك من أبي عبدالله (عليه السلام) . قال : قلت له : وما شأن ذلك عند أبي عبدالله (عليه السلام) ؟ قال : إنّها وقعت عند الحسن ثمّ عند الحسين ثمّ عند عليّ بن الحسين ثمّ عند أبي جعفر (عليه السلام) ثمّ عند جعفر فكتبناه من عنده([178]) .

في الكافي وبصائر الدرجات: عن حمران عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : سألته عمّا يتحدّث الناس أ نّه دفعت إلى اُمّ سلمة صحيفة مختومة فقال : إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا قبض ورث عليّ (عليه السلام) علمه وسلاحه وما هناك ، ثمّ صار إلى الحسن (عليه السلام) ، ثمّ صار إلى الحسين (عليه السلام) ، فلمّا خشينا أن نغشى استودعها اُمّ سلمة ، ثمّ قبضها بعد ذلك عليّ بن الحسين (عليه السلام) قال : فقلت : نعم ، ثمّ صار إلى أبيك ، ثمّ انتهى إليك وصار بعد ذلك إليك ؟ قال : نعم([179]) .

عن عمر بن أبان : قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عمّا يتحدّث النّاس أ نّه دفع إلى اُمّ سلمة صحيفة مختومة فقال : إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا قبض ورث عليّ (عليه السلام) علمه وسلاحه وما هناك ثمّ صار إلى الحسن ثمّ صار إلى الحسين (عليه السلام) قال : قلت : ثمّ صار إلى عليّ بن الحسين ، ثمّ صار إلى ابنه ، ثمّ انتهى إليك ، فقال : نعم([180]) .

هـ ـ الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) :

في غيبة النعماني والبحار عن حمّاد الصائغ قال : سمعت المفضّل بن عمر يسأل أبا عبدالله ـ الإمام الصادق ـ إلى قول حمّاد : ثمّ طلع أبو الحسن موسى ـ الإمام الكاظم ـ فقال له أبو عبدالله (عليه السلام) : يسرّك أن تنظر إلى صاحب كتاب عليّ ؟ فقال المفضّل : وأيّ شيء أعظم من ذلك ؟ فقال : هو هذا صاحب كتاب عليّ ... الحديث([181]) .

و ـ الإمام عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) :

عن عليّ بن يقطين قال : قال لي أبو الحسن : يا عليّ ! هذا أفقه ولدي وقد نحلته كتبي وأشار بيده إلى ابنه عليّ .

وفي رواية : سمعته يقول : إنّ ابني عليّاً سيِّد ولدي وقد نحلته كتبي([182]) .

وفي الكافي وإرشاد الشيخ المفيد ، وغيبة الشيخ الطوسيّ والبحار : عن نعيم القابوسي ، عن أبي الحسن موسى ـ الإمام الكاظم (عليه السلام) ـ قال : ابني علي أكبر ولدي وأبرّهم عندي وأحبّهم إليَّ ، هو ينظر معي في الجفر ولم ينظر فيه إلاّ نبيّ أو وصيّ([183]) .

وفي رجال الكشي والبحار عن نصر بن قابوس قال : إنّه كان في دار الإمام الكاظم فأراه ابنه الإمام الرضا وهو ينظر في الجفر ، فقال : هذا ابني عليّ ، والذي ينظر فيه الجفر([184]) .

هكذا توارثوا الكتب كابراً عن كابر ، وكانوا يرجعون إليها جيلا بعد جيل يستخرجون منها العلوم والأحكام كما يتّضح ذلك من الأحاديث الآتية :

رجوع الأئمة إلى كتاب عليّ الجامعة :

إنّ أوّل مَنْ وجدنا يروي عن كتاب عليّ مباشرة الإمام عليّ بن الحسين ، كما في الكافي ومَنْ لا يحضره الفقيه والتهذيب ومعاني الأخبار والوسائل ، واللفظ للأوّل : عن أبان أنّ عليّ بن الحسين سئل عن رجل أوصى بشيء من ماله ، فقال :

«الشيء في كتاب عليّ (عليه السلام) واحد من ستّة»([185]) .

وروى من بعده الإمام الباقر عنه كما : في الخصال وعقاب الأعمال والوسائل عن أبي جعفر ـ الإمام الباقر ـ قال : في كتاب عليّ : ثلاث خصال ، لا يموت صاحبهنّ أبداً حتّى يرى وبالهنّ : البغي ، وقطيعة الرحم ، واليمين الكاذبة يبارز الله بها([186]) .

وروى الإمام أبو عبدالله الصادق عن كتاب عليّ في بيان ثبوت الشهر برؤية الهلال([187]) .

ذكرنا الأحاديث التي رواها الأئمة من كتاب الإمام عليّ وأسندوها إليه ، غير متوخّين الاستقصاء في ذلك ، وإنّما أوردناها كأمثلة لما نحن بصدده ، وفي ما يلي نورد أحاديث أصحاب الأئمة الّذين شاهدوا كتاب الإمام عليّ ، وفيها أحاديث من قرأ الكتاب ووصفه .

بغير المواضيع المذكورة هناك تسعة وثلاثون مورداً من روايات الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) من كتاب الإمام علي (عليه السلام) ([188]) ولم يكن الإمامان هما اللّذان نقلا الحديث من كتاب الإمام عليّ فحسب وإنّما هناك مجموعة من الصحابة مثل محمّد بن مسـلم([189]) وعمر بن أذينة([190]) وأبي بصير ، وابن بكير([191]) وعبدالملك بن أعين([192]) ومتعب([193]) ـ راجع معالم المدرستين([194]) ـ .

تسلسل إسناد روايات أئمة أهل البيت (عليهم السلام)

إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)

روى عذافر الصيرفي ، قال : كنت مع الحكم بن عتيبة عند أبي جعفر (عليه السلام) فجعل يسأله ، وكان أبو جعفر له مكرماً ، فاختلفا في شيء ، فقال أبو جعفر (عليه السلام) : يا بُنيَّ ! قم فأخرج كتاباً مدروجاً عظيماً ففتحه وجعل ينظر حتّى أخرج المسألة فقال أبو جعفر (عليه السلام) : هذا خطّ عليّ وإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأقبل على الحكم وقال : يا أبا محمّد ! إذهب أنت وسلمة وأبو المقدام حيث شئتم يميناً وشمالا فوالله لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبرئيل([195]) .

ولهذا قال لحفص بن البختري لما قال : نسمع الحديث منك فلا أدري منك سماعه أو من أبيك ، فقال : ما سمعته منِّي فاروه عن أبي وما سمعته منِّي فاروه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ([196]) ، ولنعم ما قال الشاعر :

 

·                                 ووال أناساً قولهم وحديثهم روى جدّنا عن جبرئيل عن الباري

·                                 روى جدّنا عن جبرئيل عن الباري روى جدّنا عن جبرئيل عن الباري

ولهذا قال كما رواه هشام بن سالم وحمّاد بن عثمان وغيرهما : حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدّي ، وحديث جدّي حديث الحسين ، وحديث الحسين حديث الحسن ، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين ، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قول الله عزّ وجلّ([197]) .

ولهذا قال أبو جعفر ـ الإمام الباقر (عليه السلام) ـ لجابر ، لمّا قال له : إذا حدّثتني بحديث فأسنده لي ، فقال : حدّثني أبي عن جدّي رسول الله ، عن جبرائيل ، عن الله عزّ وجلّ ، وكلّ ما اُحدِّثك بهذا الإسناد ... الحديث([198]) .

إلى هنا شخّصنا كيف قام الأئمة عملياً في توجيه الأمّة الاسلاميّة وكيف كانوا ورثة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حمل العلوم والمعارف الاسلاميّة والتي كتبها الإمام علي (عليه السلام) بخـطّه وإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ودوّنهـا في كتاب اسمه الجامعة .

_______________________

 ([1]) بَيّنا حقيقة هذا البهتان وقول الزور في ثلاثة مجلّدات باسم : القرآن الكريم وروايات المدرستين .

([2]) لقد اجتمع معي المرحوم في سوريا وأخبرني انّه بعد إعلانه اتباع خطّ أهل البيت سجن وعذّب سنتين وانّه كان يعاني طيلة حياته .

([3]) طلب منِّي (رحمه الله) شفاهاً تأسيس كليّة أصول الدين وقد قدّمت طلباً لتأسيسها في بيروت وهيّأت المكان والكادر العلمي فلم أنجح ، ثمّ حاولت القيام بذلك في سوريا وأيضاً لم أنجح ، وأخيراً وفّق الله إلى تأسيسها في قم وطهران ودزفول ولله الحمد .

([4]) راجع مادّة ( أمّ ) في معاجم اللغة .

([5]) راجع مادة : ( الكتاب ) في المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم .

([6]) وكذلك قرن الله بينهما في الآيتين 32 و 132 من آل عمران ، والآية 59 من النساء و 92 من المائدة ، والآيتين 20 و 46 من الأنفال والآية 54 من النور والآية 32 من محمد و 13 من المجادلة والآية 12 من التغابن .

وأمر بطاعة رسوله في الآية 56 من النور و 50 من آل عمران ، وراجع الآيات 108 و 110 و 126 و 131 و 144 و 150 و 163 من الشعراء ، والآية 163 من الزخرف والآية 2 من مريم و 64 من سورة النساء .

([7]) وراجع الآية 42 من النساء وآية 59 من هود وآية 10 من الحاقة وآية 21 من نوح ، وآية 14 من النساء ، وآية 36 من الأحزاب ، والآيتين 8 و 9 من المجادلة .

([8]) الآيات الآمرة باتّباع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كثيرة .

([9]) المقدام بن معدي كرب بن عمرو الكندي أحد الوافدين من كندة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وروى عنه سبعة وأربعين حديثاً أخرجها أصحاب الصحاح والسنن عدا مسلم . مات بالشام سنة سبع وثمانين وهو ابن إحدى وتسعين سنة . أسد الغابة (4 / 411) وجوامع السيرة (ص 280) وتقريب التهذيب (2 / 272) .

([10]) سنن أبي داود ، كتاب السنّة ، باب في لزوم السنّة 4 / 255 ، ح 4604 وط تصحيح محمد محيي الدين عبدالحميد 4 / 200 ، سنن الترمذي ، كتاب العلم ، باب ما نهى عنه 10 / 132 و 133 ، سنن ابن ماجة ، المقدّمة ، باب تعظيم حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والتغليظ على مَن عارضه ، (ح 12) 1 / 6 ، سنن الدارمي ، المقدّمة ، باب السنّة قاضية على كتاب الله (ح 1) 1 / 144 ، مسند أحمد 4 / 132 ، 130 ـ 131 .

([11]) عبيدالله بن أبي رافع مولى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كان كاتب عليّ وهو ثقة من الطبقة الثالثة وأخرج حديثه أصحاب المجامع الحديثية جميعاً .

([12]) سنن أبي داود ، تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد ، باب في لزوم السنّة 4 / 200 ، ح 4605، سنن الترمذي ، كتاب العلم ، باب ما نهى عنه 10 / 133 ، سنن ابن ماجة ، المقدّمة، باب تعظيم حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والتغليظ على من عارضه 1 / 6 ـ 7 ، مسند أحمد 6 / 8 .

([13]) أبو نجيح عرباض بن سارية السلمي روى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (31 حديثاً) أخرجها أصحاب الصحاح غير البخاري ومسلم ، توفي سنة خمس وسبعين أو في فتنة ابن الزبير .

أسد الغابة (3 / 399) وجوامع السيرة (ص 281) وتقريب التهذيب (2 / 17) .

([14]) سنن أبي داود، تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد ، كتاب الخراج والامارة والفيء باب تعشير أهل الذمة 3 / 170 (ح 2050) .

([15]) أبو هريرة القحطاني الدوسي كنِّي بأبي هريرة لهرّة كان يلعب بها في صغره أو لأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رآه وفي كمه هرّة فقال : «يا أبا هريرة» فكنّي بها ، أسلم عام خيبر وشهدها ، روى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (5374 حديثاً) وأخرج أحاديثه جميع أصحاب أهل الحديث .

أُسد الغابة (5 / 315) ، وجوامع السيرة (ص 275) . وبقيّة ترجمته في عبدالله بن سبأ ط أُوفسيت ، طهران سنة 1393 هـ ، (1 / 160) .

([16]) سنن ابن ماجة ، المقدّمة ، باب تعظيم حديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والتغليظ على من عارضه 1 / 9 ـ 10 ، مسند أحمد 2 / 367 .

([17]) أبو عبدالرحمن أو أبو الوليد ، حسّان بن ثابت بن المنذر الأنصاري الخزرجي شاعر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان يفاخر عنه في مسجده وقال فيه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إنّ الله يؤيِّد حسّاناً بروح القدس ما نافح عن رسول الله» وكان من أجبن الناس ولم يشهد مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئاً من مشاهده لجبنه ، ووهب له النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) سيرين أخت مارية فولدت له عبدالرحمن ، روى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حديثاً واحداً أخرجه أصحاب الصحاح ما عدا الترمذي ، ومات قبل الأربعين أو سنة خمسين أو أربع وخمسين من الهجرة وهو ابن مائة وعشرين سنة .

أسد الغابة (2 / 5 ـ 7) وجوامع السيرة (ص 308) وتقريب التهذيب (1 / 161) .

([18]) سنن الدارمي ، المقدمة ، باب السنّة قاضية على كتاب الله 1 / 145 .

([19]) راجع معالم المدرستين ، 1 / 216 ـ 217 و 269 .

([20]) صحيح البخاري ، كتاب الأحكام ، باب كيف يبايع الإمام الناس ، ح 1 ، 4 / 163 . ولفظ العسر واليسر في صحيح مسلم ، كتاب الإمارة ، باب وجوب طاعة الاُمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية ، ح 41 و 42 . وسنن النسائي ، كتاب البيعة على أن لا ننازع الأمر أهله . وسنن ابن ماجة ، كتاب الجهاد ، باب البيعة ، ح 2866 . وموطأ مالك ، كتاب الجهاد ، باب الترغيب في الجهاد ، ح 5 . ومسند أحمد 5 / 314 ، 316 ، 319 و 321 ، وراجع 4 / 411 منه .

وترجمة عبادة بسير أعلام النبلاء 2 / 3 . وتهذيب ابن عساكر 7 / 207 ـ 219 .

([21]) بترجمة عبادة في الاستيعاب 2 / 412 . واُسد الغابة 3 / 106 ـ 107 .

([22]) الطبري ، ط . أوربا 1 / 1221 .

([23]) راجع نزاع الأنصار القَبَلي مع المهاجرين في فصل السقيفة وبيعة أبي بكر، من كتاب عبدالله بن سبأ 1 / 91 ـ 163 للمؤلف .

([24]) النساء / 59 . ويأتي تفسيرها والأحاديث الواردة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حوله في بحوث الكتاب إن شاء الله تعالى .

([25]) تأريخ الطبري ، ط . أوربا 3 / 1171 ـ 1172 . وابن عساكر ، تحقيق المحمودي ، ج 1 ، ص 87 ـ 88 ، مصورة مكتبة كلية أصول الدين 12 / 1 / 67 ب ـ 68 ب ، ومختصر تاريخ دمشق 17 / 308 ـ 311 ، ترجمة الإمام . وتأريخ ابن الأثير 2 / 222 . وشرح ابن أبي الحديد 3 / 263 . وفي تأريخ ابن كثير 3 / 39 ، وقد حذف الألفاظ وقال : كذا وكذا . وكنز العمال للمتّقي 15 / 100 ، 115 و 116 منه ، وفي ص 130 : (يكون أخي وصاحبي ووليّكم بعدي) . والسيرة الحلبية ، نشر المكتبة الإسلامية ببيروت 1 / 285 .

([26]) صحيح البخاري 2 / 200 ، باب مناقب عليّ بن أبي طالب . وصحيح مسلم 7 / 120 ، باب من فضائل عليّ بن أبي طالب . والترمذي 13 / 171 ، باب مناقب علي . والطيالسي 1 / 28 و 29 ، و ح 205 ، 209 و 213 . وابن ماجة ، باب فضل عليّ بن أبي طالب ، ح 115 . ومسند أحمد 1 / 170 ، 173 ـ 175 ، 177 ، 179 ، 182 ، 184 ، 185 و 330 و 3 / 32 و 338 و 6 / 369 و 438 . ومستدرك الحاكم 2 / 337 . وطبقات ابن سعد 3 / 1 / 14 و 15 . ومجمع الزوائد 9 / 109 ـ 111 . ومصادر اُخرى كثيرة .

([27]) طبقات ابن سعد 3 / ق 1 / 15 ، ومجمع الزوائد للهيثمي 9 / 111 باختلاف يسير.

([28]) أخرجه ابن ماجة في كتاب المقدّمة ، باب فضائل الصحابة ، ص 92 من الجزء الأوّل من سننه . والترمذيّ ، كتاب المناقب 13 / 169 ، وهو الحديث 2531 ، في ص 153 من الجزء السادس من الكنز في طبعته الاُولى . وقد أخرجه الإمام أحمد في ص 164 و 165 من الجزء الرابع من مسنده من حديث حبشيّ بن جنادة بطرق متعدّدة .

([29]) مسند أحمد 5 / 356 ، وخصائص النسائي ، ص 24 ، باختلاف يسير . ومستدرك الصحيحين 3 / 110 مع اختلاف في اللفظ . ومجمع الزوائد 9 / 127 . وفي كنز العمال 12 / 207 مختصراً عن ابن أبي شيبة ، وفي 12 / 210 منه عن الديلمي ; وراجع كنوز الحقائق للمناوي ، ص 186 .

([30]) سنن الترمذي 13 / 165 ، كتاب المناقب، مناقب علي بن أبي طالب ، ومسند أحمد 4 / 437 . ومسند الطيالسي 3 / 111 ، ح 829 ، ومستدرك الحاكم 3 / 110 ، وخصائص النسائي: ص 16 و 19 ، وحلية أبي نعيم 6 / 294 . والرياض النضرة 2 / 171 ، وكنز العمال 12 / 207 و 15 / 125 .

([31]) حيث قال تعالى : (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرِّجس أهل البيت ويطهِّركم تطهيرا ) (سورة الأحزاب / 33) .

([32]) بتفسير الآية (إنّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ ... ) الطبري 8 / 21 ، وكنز العمّال 6 / 392 و 305 .

([33]) تفسير ابن جرير 26 / 116 ، وطبقات ابن سعد 2 / ق 2 / 101 ، وتهذيب التهذيب 7 / 337 ، وفتح الباري 10 / 221 ، وحلية الأولياء 1 / 67 ـ 68 ، وكنز العمال 1 / 228 .

([34]) مستدرك الصحيحين 3 / 126 ، وفي ص 127 منه بطريق آخر . وفي تأريخ بغداد 4 / 348 و 7 / 172 و 11 / 48 ، وفي ص 49 منه عن يحيى بن معين أ نّه صحيح . وفي أسد الغابة 4 / 22 . ومجمع الزوائد 9 / 114 . وتهذيب التهذيب 6 / 320 و 7 / 427 . وفي متن فيض القدير 3 / 46 . وكنز العمال ، ط . الثانية 12 / 201 ، ح 1130 . والصواعق المحرقة ص 73 .

([35]) مستدرك الصحيحين 3 / 127 ـ 129 .

([36]) تأريخ بغداد للخطيب 2 / 377 .

([37]) كنز العمال ، ط . الثانية 12 / 212 ، وح 1219 . وراجع كنوز الحقائق للمناوي .

([38]) الرياض النضرة 2 / 193 .

([39]) تأريخ بغداد للخطيب 11 / 204 . وسنن الترمذي ، كتاب المناقب ، باب مناقب عليّ بن أبي طالب 13 / 171 «أنا مدينة الحكمة وعليّ بابها» .

([40]) سنن الترمذي 13 / 171 ، باب مناقب علي بن أبي طالب ، قال : وفي الباب عن ابن عباس . وحلية الأولياء لأبي نعيم 1 / 64 . وكنز العمال ، ط . الاُولى 6 / 156 .

([41]) كنز العمال ، ط . الاُولى 6 / 156 .

([42]) مستدرك الصحيحين 3 / 122 . وكنز العمال ، ط . الاُولى 6 / 156 . وراجع المناوي في كنوز الحقائق ، ص 188 .

([43]) راجع حلية الأولياء لأبي نعيم 1 / 63 .

([44]) مجمع الزوائد 9 / 105 و 163 ـ 165 . وأنقل عن هذه الصفحات في ما يأتي من هذا البحث .

([45]) رواه الحاكم الحسكاني في 1 / 192 ـ 193 .

([46]) شواهد التنزيل للحسكاني 1 / 189 و 191 ـ 193 وأسباب النزول للواحدي ، ص 130 ، والدر المنثور 2 / 298 ، وفتح القدير 2 / 57 ، وتفسير النيسابوري 6 / 194 .

([47]) مجمع الزوائد 9 / 163 ـ 165 . وابن كثير 5 / 209 ـ 213 .

([48]) مادة ( الجحفة ) من معجم البلدان .

([49]) مجمع الزوائد 9 / 105 ، والسمر : نوع من الشجر ، وقُمّ : كُنِس . وقريب منه لفظ ابن كثير 5 / 209 .

([50]) مسند أحمد 4 / 281 . وسنن ابن ماجة ، باب فضل علي . وتأريخ ابن كثير 5 / 209 و 5 / 210 .

([51]) مجمع الزوائد 9 / 163 ـ 165 .

([52]) مسند أحمد 4 / 281 . وسنن ابن ماجة ، باب فضل علي . وتاريخ ابن كثير 5 / 212 .

([53]) كانت بصرى إسماً لقرية بالقرب من دمشق ، واُخرى بالقرب من بغداد .

([54]) مجمع الزوائد 9 / 162 ـ 163 و 165 . وبعض ألفاظه في روايات الحاكم 3 / 109 ـ 110 . وابن كثير 5 / 209 .

([55]) مسند أحمد 1 / 118 و 119 و 4 / 281 . وسنن ابن ماجة 1 / 43 ، ح 116 ، وجاء (نعم) في مسند أحمد 4 / 281 ، 368 ، 370 و 372 . وابن كثير 5 / 209 ، ولدى ابن كثير 5 / 210 : (ألست أولى بكلّ امرئ من نفسه) .

([56]) مسند أحمد 4 / 281 ، 368 ، 370 و 372 . وابن كثير 5 / 209 و 212 .

([57]) في رواية الحاكم الحسكاني 1 / 190 : فرفع يديه حتّى يرى بياض إبطيه ، وفي ص 193 منه : حتّى بان بياض إبطيهما . وضَبْعاه : الضَّبْع بسكون الباء : وسط العضد بلحمه . لسان العرب ، مادة : (ضبع) .

([58]) الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل 1 / 191 . وعند ابن كثير 5 / 209 : وأنا مولى كلّ مؤمن .

([59]) في جميع روايات الباب بجميع المصادر التي ذكرناها إلى هنا .

([60]) مسند أحمد 1 / 118 و 119 و 4 / 281 ، 370 ، 372 و 373 و 5 / 347 و 370 . ومستدرك الحاكم 3 / 109 . وسنن ابن ماجة ، باب فضل عليّ . والحاكم الحسكاني 1 / 190 و 191 . وتأريخ ابن كثير 5 / 209 و 210 ـ 213 ، وقال ابن كثير في 5 / 209 : فقلت لزيد : هل سمعته من رسول الله ؟ فقال : ما كان في الدوحات أحد إلاّ رآه بعينيه وسمعه باُذنيه . ثمّ قال ابن كثير : قال شيخنا أبو عبدالله الذهبي : وهذا حديث صحيح .

([61]) مسند أحمد 1 / 118 و 119 . ومجمع الزوائد 9 / 104 ، 105 و 107 . وشواهد التنزيل 1 / 193 . وتأريخ ابن كثير 5 / 210 و 211 .

([62]) شواهد التنزيل للحسكاني 1 / 191 . وتأريخ ابن كثير 5 / 210 .

([63]) شواهد التنزيل 1 / 190 .

([64]) رواه الحاكم الحسكاني عن أبي سعيد الخدري 1 / 157 ـ 158 ، ح 211 و 212 ، وعن أبي هريرة ، ص 158 ، ح 213 . وفي تأريخ ابن كثير 5 / 214 أوردها بإيجاز .

([65]) اليعقوبي 2 / 43 .

([66]) مسند أحمد 4 / 281 . وسنن ابن ماجة ، باب فضائل عليّ . والرياض النضرة 2 / 169 ، ولفظ (بعد ذلك) في تأريخ ابن كثير 5 / 210 .

([67]) شواهد التنزيل 1 / 157 و 158 .

([68]) في زاد المعاد لابن القيم ، (فصل في ملابسه) : أي الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، بهامش شرح الزرقاني على المواهب اللدنية 1 / 121 .

([69]) جاء ذكر لون العمامة التي توّج بها الإمام في رواية عبدالله بن بشر الآتية وفي رواية الإمام نفسه .

([70]) اُشير إلى ذلك في كتب الحديث .

([71]) صحيح مسلم ، كتاب الحجّ ، ح 451 ـ 452 . وسنن أبي داود 4 / 54 ، باب في العمائم . وشرح المواهب 5 / 10 ، عن معرفة الصحابة لأبي نعيم .

([72]) الرياض النضرة 2 / 289 في ذكر تعميمه إيّاه (صلى الله عليه وآله وسلم) بيده . وأسد الغابة 3 / 114 ، ومن ثمّ تعمّم الذريّة الباقية من نسله حتّى اليوم بالعمّة السوداء .

([73]) في ترجمة عبدالله بن بشر من الإصابة 2 / 274 ، قال : أخرجه البغوي .

([74]) كنز العمال 20 / 45 . ومسند الطيالسي 1 / 23 . والبيهقي 10 / 14 .

([75]) الترمذي 13 / 199 ، باب مناقب أهل بيت النبيّ . وراجع كنز العمال 1 / 48 .

([76]) صحيح مسلم ، باب فضائل عليّ بن أبي طالب . ومسند أحمد 4 / 366 . وسنن الدارمي 2 / 431 باختصار . وسنن البيهقي 2 / 148 و 7 / 30 منه باختلاف يسير في اللفظ . وراجع الطحّاوي في مشكل الآثار 4 / 368 .

([77]) طبقات ابن سعد 2 / ق 2 / 2 ، وط . بيروت 2 / 194 ، وفي مسند أحمد 2 / 17 ، وفي ص 14 ، 26 ، 59 منه أكثر تفصيلاً ، وسنن الترمذي ، كتاب المناقب ، باب مناقب أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأسد الغابة ، ترجمة الإمام الحسن 2 / 12 ، وط . القاهرة ، مطابع الشعب 2 / 13 ، والدر المنثور ، آية المودة من سورة الشورى 6 / 7 ، وكنز العمال 1 / 168 - 169 ، ح 959 ، و 1 / 165 ـ 166 ، و ص 167 ، ح 953 .

([78]) مسند أحمد 3 / 14 ، 26 ، 59 ، والمستدرك وتلخيصه 3 / 109 ، وخصائص النسائي ، ص 30 ، وكنز العمال ، ط 1 ، 1 / 47 ، 48 ، 97 موجزاً ، وط 2 ، 1 / 165 ـ 169 .

([79]) مستدرك الصحيحين 3 / 109 بطريقين ، وقريب منه ما في 3 / 148 .

([80]) مسند أحمد 4 / 367 و 371 و 5 / 181. وتأريخ بغداد للخطيب 8 / 442 . وحلية الأولياء 1 / 355 و 9 / 64. وأسد الغابة 3 / 147. ومجمع الزوائد للهيثمي 9 / 163 و 164.

[81] ـ صحيح مسلم 6 / 3 ـ 4 ، باب الناس تبع لقريش من كتاب الإمارة ، و ط . تحقيق محمّد فؤاد عبدالباقي ، ح 1821 ، ص 1453 ، واخترنا هذا اللفظ من الرواية لأنّ جابراً كان قد كتبها . وفي صحيح البخاري 4 / 165 ، كتاب الأحكام . وسنن الترمذي ، باب ما جاء في الخلفاء من أبواب الفتن 6 / 66 ـ 67 . وسنن أبي داود 4 / 106 ، كتاب المهدي ، ح 4279 و 4280 . ومسند الطيالسي ، ح 767 و 1278 . ومسند أحمد 5 / 86 ـ 90 و 92 ـ 101 و 106 ـ 108 . وكنز العمال 13 / 26 ـ 27 . وحلية أبي نعيم 4 / 333 .

وجابر بن سمرة بن جنادة العامريّ ثمّ السوائيّ ، ابن اُخت سعد بن أبي وقّاص ، وحليفهم ، مات في الكوفة بعد السبعين ، وروى عنه أصحاب الصحاح 146 حديثاً ، ترجمته بأسد الغابة . وتقريب التهذيب . وجوامع السيرة / 277 .

([82]) فتح الباري 16 / 338 . ومستدرك الصحيحين 3 / 617 .

([83]) فتح الباري 16 / 338 .

([84]) منتخب الكنز 5 / 321 . وتاريخ ابن كثير 6 / 249 . وتاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص 10 . وكنز العمال 13 / 26 . والصواعق المحرقة ، ص 28 .

([85]) كنز العمال 13 / 27 . ومنتخبه 5 / 312 .

([86]) صحيح مسلم بشرح النووي 12 / 202 . والصواعق المحرقة ، ص 18 . وتاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص 10 .

([87]) كنز العمال 13 / 27 .

([88]) كنز العمال 13 / 27 عن ابن النجار .

([89]) مسند أحمد 1 / 398 و 406 .

قال أحمد شاكر في الهامش الأوّل : إسناده صحيح . ومستدرك الحاكم وتلخيصه للذهبي 4 / 501 . وفتح الباري 16 / 339 مختصراً . ومجمع الزوائد 5 / 190 . والصواعق المحرقة لابن حجر ، ص 12 . وتاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص 10 . والجامع الصغير له 1 / 75 . وكنز العمال للمتقي 13 / 27 .

وقال : أخرجه الطبرانيّ ونعيم بن حمّاد في الفتن .

وفيض القدير في شرح الجامع الصغير للمناوي 2 / 458 .

وذكر الخبرين ابن كثير في تاريخه عن ابن مسعود ، باب ذكر الأئمّة الاثني عشر الذين كلّهم من قريش 6 / 248 ـ 250 .

([90]) ابن كثير 6 / 248 . وكنز العمال 13 / 27 . وراجع شواهد التنزيل للحسكاني 1 / 455 ، ح 626 .

([91]) ابن كثير 6 / 248 .

([92]) نهج البلاغة ، الخطبة 142 .

([93]) ينابيع المودّة للشيخ سليمان الحنفي في الباب المائة ، ص 523 . وراجع إحياء علوم الدين للغزالي 1 / 54 . وفي حلية الأولياء 1 / 80 بإيجاز .

([94]) تاريخ ابن كثير 6 / 249 ـ 250 .

([95]) «العهد القديم» سِفر التكوين 17 : 20 ، ص 22 ـ 23 .

([96]) «المعجم الحديث» عبري ـ عربي / 316، وطبعة دار العلم للملايين ، بيروت ، سنة 1395 هـ ـ 1975م ، ص 487 ، العمود الأوّل .

([97]) المصدر السابق / 360 .

([98]) المصدر السابق / 317 .

([99]) المصدر السابق / 84 .

([100]) المصدر السابق / 82 .

([101]) تاريخ اليعقوبي 1 / 25 ، بيروت ، دار صادر ، سنة 1379 هـ .

([102]) نقلنا ما جاء في الأصل العبري من التوراة والتعليق عليها من مقال للاُستاذ أحمد الواسطي في مجلّة التوحيد ، إصدار منظّمة الإعلام الإسلامي في طهران ، العدد 54 ، ص 127 ـ 128 .

([103]) كما سيأتي إثباته بعد الأبواب التالية .

([104]) شرح ابن العربي على سنن الترمذي 9 / 68 ـ 69 .

([105]) شرح النووي على مسلم 12/ 201 ـ 202 . وفتح الباري 16 / 339 ، واللفظ منه ، وكرّره في ص 341 .

([106]) تاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص 12 .

([107]) فتح الباري 16 / 341 . وتاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص 12 .

([108]) الصواعق المحرقة ، ص 19 . وتاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص 12 . وعلى هذا يكون لأتباع مدرسة الخلفاء إمامان منتظران أحدهما المهدي ، في مقابل منتظر واحد لأتباع مدرسة أهل البيت .

([109]) أشار إليه النووي في شرح مسلم 12 / 202 ـ 203 . وذكره ابن حجر في فتح الباري 16 / 338 ـ 341 . والسيوطي في تاريخ الخلفاء ، ص 10 .

([110]) نقله ابن كثير في تاريخه 6 / 249 عن البيهقي .

([111]) تاريخ الخلفاء ، ص 11 . والصواعق ، ص 19 . وفتح الباري 16 / 341 .

([112]) تاريخ ابن كثير 6 / 249 ـ 250 .

([113]) فتح الباري 16 / 340 ، عن ابن الجوزي في كتابه (كشف المشكل) .

([114]) فتح الباري 16 / 341 . والصواعق المحرقة لابن حجر ، ص 19 .

([115]) فتح الباري 16 / 338 .

([116]) شرح النووي 12 / 202 ، وفتح الباري 16 / 339 ، واللفظ للأخير .

([117]) نفس المصدر السابق / 338 .

([118]) نفس المصدر السابق / 339 .

([119]) قال الذهبي في ترجمة شيوخه بتذكرة الحفاظ ، ص 1505 : الإمام المحدِّث الأوحد، الأكمل ، فخر الإسلام ، صدر الدين إبراهيم بن محمّد بن حمويه الجويني الشافعي ، شيخ الصوفية . وكان شديد الاعتناء بالرواية وتحصيل الأجزاء . أسلم على يده غازان الملك .

([120]) الأحاديث أ ، ب ، ج جاءت في فرائد السمطين نسخة مصورة مخطوطة في المكتبة المركزية بجامعة طهران برقم 1164 / 1690 ـ 1691 ، الورقة 160 .

([121]) 1 / 393 .

([122]) كانت اُمّه فاطمة بنت أسد تطوف بالبيت وهي حامل بعليّ (عليه السلام)فضربها الطلق ففتح لها باب الكعبة فدخلت فوضعته فيها ، المستدرك للحاكم 3 / 483 ، وراجع تذكرة خواصّ الاُمّة ، ص 10 ، والمناقب لابن المغازلي ، ص 7 .

([123]) راجع تراجم الأئمّة ، علي وابنيه الحسن والحسين : في ذكر حوادث سنة 40 و 50 و 60 للهجرة بتاريخ الطبري ، وابن الأثير والذهبي وابن كثير ، وفي ذكر تراجمهم بتاريخ بغداد ودمشق ، والإستيعاب وأسد الغابة والإصابة ، وطبقات ابن سعد ، ولم تطبع في المطبعة الأوربية والبيروتية من طبقات ابن سعد ترجمة السبطين وإنّما طبعت بعد ذلك .

([124]) راجع ترجمته في ذكر حوادث سنة 94هـ بتاريخ ابن الأثير وابن كثير والذهبي ، وفي ترجمته بطبقات ابن سعد وحلية الأولياء ، ووفيات الأعيان ، وتاريخ اليعقوبي 2 / 303 ، والمسعودي 3 / 160 .

([125]) راجع ترجمته بتذكرة الحفاظ للذهبي ، ووفيات الأعيان ، وصفوة الصفوة ، وحلية الأولياء ، وتاريخ اليعقوبي 2 / 320 ، وتاريخ الإسلام للذهبي ، وتاريخ ابن كثير في ذكرهما حوادث سنة 115 ، 117 و 118هـ .

([126]) راجع ترجمته بحلية الأولياء ووفيات الأعيان وتاريخ اليعقوبي 2 / 381 ، والمسعودي 3 / 346 .

([127]) راجع ترجمته في مقاتل الطالبيين ، وتاريخ بغداد ، ووفيات الأعيان ، وصفوة الصفوة ، وتاريخ ابن كثير 2 / 18 ، وتاريخ اليعقوبي 2 / 414 .

([128]) راجع ترجمته بتاريخ الطبري ، وابن الأثير ، وتاريخ الإسلام للذهبي ، وتاريخ ابن كثير في ذكر حوادث سنة 203هـ ، ووفيات الأعيان ، وتاريخ اليعقوبي 2 / 453 ، والمسعودي 3 / 441 .

([129]) راجع ترجمته بتاريخ بغداد 3 / 54 ، ووفيات الأعيان ، وشذرات الذهب 2 / 48 ، والمسعودي 3 / 464 .

([130]) راجع ترجمته بتاريخ بغداد 12 / 56 ، ووفيات الأعيان ، وتاريخ اليعقوبي 2 / 484 ، والمسعودي 4 / 84 .

([131]) راجع ترجمته في وفيات الأعيان ، وتذكرة خواصّ الاُمّة لسبط بن الجوزي الحنفي ، ومطالب السؤول في مناقب آل الرسول للشيخ كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي (ت : 654هـ ) ، وتاريخ اليعقوبي 2 / 503 .

([132]) تذكرة خواصّ الأمّة لسبط بن الجوزي ، ومطالب السؤول ، ووفيات الأعيان .

([133]) كنز العمال 13 / 27 ، الأحاديث 164 ـ 166 .

([134]) المصدر نفسه .

([135]) المصدر نفسه .

([136]) صحيح مسلم 6 / 3 ط . مصر ، كتاب الامارة ، باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش ، الحديث : 10 .

([137]) صحيح مسلم 6 / 4 .

([138]) سنن الترمذي 9 / 74 . ورواه أبو داود في صحيحه في كتاب المهدي 2 / 7 ، طبعة دار إحياء السنّة النبوية (د . ت) 4 / 106 ـ 107 ، ح 4282 . ورواها أبو نعيم في حليته 5 / 75 . وأحمد بن حنبل في مسنده 1 / 376 . والخطيب البغدادي في تأريخ بغداد 4 / 388 . وكنز العمال ، ط . الأولى 7 / 188 بزيادة : (وخلقه خلقي) . والسيوطي في تفسير سورة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من تفسير الآية : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إلاّ السّاعَة ... ) ، الدرّ المنثور 6 / 58 .

([139]) مستدرك الصحيحين 4/ 557. ورواه أبو نعيم في حلية الأولياء 3/ 101 باختلاف يسير في اللفظ . وأحمد بن حنبل في مسنده 3 / 36 ، وغيرهم . والسيوطي في تفسير الآية : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إلاّ السّاعَة ... )من سورة محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) 6 / 58 .

([140]) رواه أبو نعيم في حليته 3 / 177 ، وزاد فقال : في يومين . ورواه أحمد بن حنبل أيضاً 1 / 84 . وذكر السيوطي في الدرّ المنثور 6 / 58 في تفسير سورة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، الآية : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إلاّ السّاعَة ) وقال : أخرجه ابن أبي شيبة وأحمد وابن ماجة عن عليّ (عليه السلام) ، كتاب الفتن ، باب خروج المهدي ، ح 4085 ، ص 1367 .

([141]) مستدرك الصحيحين 4 / 557 ، كتاب المهدي من سنن أبي داود 4 / 107 ، ح 4283 ، 4285 .

([142]) كتاب المهدي 4 / 107 ، ح 4284 ، وباب خروج المهدي من كتاب الفتن 2 / 1368 . وسنن أبي داود 7 / 134 . ورواه ابن ماجة في صحيحه في أبواب الفتن في باب خروج المهدي وقال : المهديّ من ولد فاطمة ، ح 4086 ، ص 1368 . ورواه الحاكم أيضاً في مستدرك الصحيحين 4 / 557 وقال : هو حقّ ـ يعني المهدي (عليه السلام) ـ وهو من بني فاطمة . وذكره الذهبي في ميزان الاعتدال 2 / 24 وقال : المهدي من ولد فاطمة . وذكره السيوطي في الدرّ المنثور في تفسير سورة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من تفسير الآية (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إلاّ السّاعَة ) 6 / 58 ، وقال : أخرجه أبو داود وابن ماجة والطبراني والحاكم عن اُمّ سلمة .

([143]) كنز العمال ، ط . الاُولى 7 / 261 .

([144]) ذخائر العقبى ، ص 136 .

([145]) الذريعة 23 / 255 .

([146]) جميع كتاب المودة في القربى أدخله السيِّد سليمان القندوزي الحنفي في كتابه ينابيع المودة وهو مطبوع فيه من ص 242 ـ 266 .

([147]) كتاب الأربعين للحافظ أبي نعيم. أورده المجلسي في ج 13 من البحار ، ط . الأولى سنة (1305 هـ ) ، ص 19 ـ 21 ، وص 78 ـ 85 من ط . الثانية سنة (1384 هـ ) بطهران . وأخرجها العلاّمة السيِّد هاشم البحراني في غاية المرام .

([148]) الشيخ عليّ الخوّاص بتشديد الواو هو صانع الخوص ، وقد ذكره الشعراني في الطبقات وبالغ في مدحه . ولا يخفى أن في عمر الإمام وقع اشتباه عندهم .

([149]) الكافي 1 / 62 ـ 63 ، والوسائل ، ط . القديمة 394 ، ح 1 ، ومستدركه 1 / 393 ، واحتجاج الطبرسي ، ص 134 ، وتحف العقول 131 ـ 132 ، وبعضه في نهج البلاغة ، الخطبة 205 ، والوافي 1 / 63 ، ومرآة العقول 1 / 215 .

([150]) هم فرقة اعتزلت مع سعد بن مالك وهو سعد بن أبي وقّاص وعبدالله بن عمر بن الخطّاب ومحمّد بن مسلمة الأنصاري وأسامة بن زيد بن حارثة الكلبي مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنّ هؤلاء اعتزلوا عن عليّ (عليه السلام) وامتنعوا من محاربته والمحاربة معه بعد دخولهم في بيعته والرضا به فسمّوا المعتزلة وصاروا أسلاف المعتزلة إلى آخر الأبد وقالوا : لا يحلّ قتال عليّ ولا القتال معه (فرق الشيعة) .

([151]) بصائر الدرجات ، ص 197 ، ح 4 . وزيد بن عليّ بن الحسين خرج على عهد هشام يدعو للرضا من آل محمّد ، وقتل في الكوفة لليلتين خلتا من صفر سنة 120هـ . قاموس الرجال 4 / 259 .

([152]) بصائر الدرجات : 4 / 197 ، الحديث الأوّل ، وقد جاء بهذا المضمون أحاديث ثلاثة في مصادر مدرسة الخلفاء ، يراجع سنن النسائي 1 / 178 ، باب التنحنح في الصلاة ، سنن ابن ماجة، كتاب الأدب، باب الاستئذان، الحديث 3708، مسند أحمد 1 / 85 ، الحديث 647 وص 107 ، الحديث 845 وص 80 ، الحديث 608 . صحيح البخاري 4 / 2 / 121 .

([153]) الكافي 1/ 63، والوسائل ط. القديمة 394، ح 1 ، ومستدركه 1/ 393، واحتجاج الطبرسي ، ص 134 ، وتحف العقول 131 ـ 132 ، وبعضه في نهج البلاغة ، الخطبة 205 ، والوافي 1 / 63 ، ومرآة العقول 1 / 215 .

([154]) جابر بن عبدالله بن عمر الأنصاري صحابيّ أدرك الإمام محمّد بن عليّ الباقر أيضاً . توفي بعد عام سبعين من الهجرة في المدينة . تقريب التهذيب 1 / 122 .

([155]) صحيح الترمذي ، كتاب المناقب ، باب مناقب عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) 13 / 173 ، وتاريخ بغداد 7 / 402 ، ونقل المضمون نفسه عن جابر بن عبدالله في تاريخ ابن عساكر 2 / 310 و 311 ، تاريخ ابن كثير 7 / 356 ، أسد الغابة 4 / 27 . كما وجاء ما يقرب من هذا المضمون عن جندب بن ناجية (أو ناجية بن جندب) في كنز العمال 6 / 399 (طبعة حيدرآباد 1312 هـ ) و 12 / 200 ، الحديث 1122 (الطبعة الثانية) ، والرياض النضرة 2 / 265 .

([156]) فمن جملة اللقاءات ما تمّت بين النبي والوصي في المدينة ، وقد أشير إليها في التفاسير في ذيل آية النجوى ـ المجادلة (12 ، 13) ، وراجع للتحقيق والتفصيل معالم المدرستين 1 / 322 .

([157]) الأمالي للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 هـ) ، مطبعة النعمان ، النجف الأشرف سنة 1384هـ ، 2 / 56 .

وبصائر الدرجات ، ص 167 عن أبي الطفيل عن أبي جعفر .

وينابيع المودة ، للشيخ سليمان الحنفي (ت 1294 هـ ) ، ص 20 ، ورجعنا إلى النسخة المطبوعة بدار الخلافة العثمانية سنة 1302 هـ .

([158]) تاريخ ابن عساكر (طبعة بيروت 1359) ، ترجمة الإمام علي (عليه السلام) ، تاريخ ابن كثير 7/ 359 ، كنز العمال 6 / 392 (الطبعة الأولى)، ومختصر تاريخ دمشق لابن عساكر 18 / 18.

([159]) مستدرك الحاكم 3 / 138 ، مصنّف ابن أبي شيبة 6 / 348 ، مجمع الزوائد 9 / 112 ، كنز العمال 15 / 128 .

([160]) طبقات ابن سعد ، باب مَن قال توفي رسول الله في حجر علي بن أبي طالب 2 / ق 2 / 51 وط . بيروت ج 2 / 263 .

([161]) أصول الكافي 1 / 239 ، ح 1 ، وبصائر الدرجات ، ص 151 ـ 152 ، والوافي 2 / 135 ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة .

([162]) بصائر الدرجات ، ص 142 ـ 143 .

([163]) بصائر الدرجات ، ص 143 .

([164]) بصائر الدرجات ، ص 142 وفي 149 إلى : في عرض الأديم ، وفي طبعة بيروت ، مؤسسة النعمان سنة 1412 هـ ، ص 154 .

([165]) بصائر الدرجات ، ص 145 و 146 و 148 .

([166]) أصول الكافي 1/ 57، ح14، وبصائر الدرجات، ص146 و 149 ـ 150، والوافي 1 / 58 . أبو شيبة الأسدي روى عن الإمام الصادق (عليه السلام) . قاموس الرجال 10 / 99.

([167]) الكنى والألقاب 1 / 313 .

([168]) بصائر الدرجات ، ص 162 .

([169]) بصائر الدرجات ، ص 163 ، ح 4 ، وص 166 ، ح 16 ، وص 168 ، ح 23 .

([170]) الكافي ، والوافي 2 / 79 .

([171]) غيبة الشيخ الطوسي ، ط . تبريز سنة 1323 هـ ، ومناقب ابن شهرآشوب 4 / 172 ، والبحار 46 / 18 ، ح 3 ، وقد أخذنا اللفظ من الأخير .

([172]) أصول الكافي 1 / 304 ، وإعلام الورى ، ص 152 ، والبحار 46 / 16 ، ومناقب ابن شهرآشوب 4 / 172 . أبو بكر الحضرمي عبدالله بن محمد روى عن الإمام الصادق (عليه السلام) . قاموس الرجال 16 / 15.

([173]) أصول الكافي 1/ 303 ، ح 3 ، وإعلام الورى، ص 152 ، والبحار 46 / 18 ، ح 5، وفي بصائر الدرجات ، ص 148 و 149 و 163 و 164 و 168 .

([174]) أصول الكافي 1 / 305 ، ح 2 ، واعلام الورى ، ص 260، وبصائر الدرجات ، باب 1 ، ص 44 ، والبحار 46 / 229 ، ح 1 ، والوافي 2 / 83 .

وعيسى بن عبدالله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب وقد يقال له : الهاشمي ، روى عن الصادق (عليه السلام) . قاموس الرجال 7 / 275 ـ 276 .

([175]) أصول الكافي 1 / 305 ، ح 1 ، والوافي 2 / 82 ، وبصائر الدرجات ، ج 4 ، باب 4 ، ص 165 ، واعلام الورى ، ص 260 ، والبحار 46 / 229 .

([176]) بصائر الدرجات ، ص 158 ، وراجع ص 180 و 181 و 186 . زرارة أبو الحسن واسمه عبد ربّه بن أعين مولى بني شيبان ، كوفي روى عن الإمام الصادق (عليه السلام) (ت 150 هـ ) . قاموس الرجال 4 / 154 .

([177]) بصائر الدرجات ، ص 158 .

([178]) بصائر الدرجات ، ص 165 و 166 منه مع حذف وإسقاط . وعنبسة بن بجاد العابد مولى بني أسد كان قاضياً ، روى عن الإمام الصادق (عليه السلام) . قا2موس الرجال 7 / 242 .

([179]) الكافي ، كتاب الحجّة 3 / 48 ، والوافي 2 / 133 ، وبصائر الدرجات ، ص 177 و 186 و 188 .

([180]) الكافي 3 / 48 ، وبصائر الدرجات ، ص 177 و 184 ، والوافي 2 / 133 .

([181]) غيبة النعماني ، ص 177، والبحار 48 / 22 ، ح 34. والمفضل بن عمر الجعفي الكوفي روى عن الإمامين الصادق والكاظم (عليهما السلام) . قاموس الرجال 9 / 93 .

([182]) لرواية علي بن يقطين ثلاثة أسانيد في بصائر الدرجات ، ص 164 ، ح 7 ـ 9 ، وفي الإرشاد ، ص 285 : نحلته كنيتي بدل كتبي ، وفي الوافي 2 / 86 . وعلي بن يقطين ، مولى بني أسد ، وله كتب (ت 182 هـ ) روى عن الصادق (عليه السلام) . قاموس الرجال 7 / 83 .

([183]) أصول الكافي 1 / 311 ـ 321 ، ح 2 ، وإرشاد الشيخ المفيد ، ص 285 ـ 286 ، وغيبة الشيخ الطوسي ، ص 28 ، والوافي 2 / 83 .

ونعيم القابوسي، لعلّه نعيم بن القابوس أخو نصر بن قابوس الآتي ذكره ، وهو من ثقات الرواة عن الإمام الكاظم (عليه السلام) . قاموس الرجال 9 / 225 .

([184]) رجال الكشي ، ص 382 ، والبحار 49 / 27 ، ح 46 .

نصر بن قابوس اللخمي الكوفي ، روى عن الأئمة الصادق والكاظم والرضا (عليهم السلام) . قاموس الرجال 9 / 195 .

([185]) فروع الكافي 7 / 40 ، ح 1 ، باب مَنْ أوصى بشيء من ماله . ومَنْ لا يحضره الفقيه 4 / 151 . ومعاني الأخبار 217 ، وكلاهما للشيخ الصدوق ، والتهذيب للشيخ الطوسي 9 / 211 ، ح 835 ، والوسائل 13 / 450 ، ح 1 ، من باب حكم من أوصى بشيء .

أبان بن تغلب بن رباح أبو سعيد البكري ، مولى بني جرير ، روى عن الأئمة السجاد والباقر والصادق (عليهم السلام) . وقال لقوم كانوا يعيبونه في روايته عن الإمام الصادق (عليه السلام) : كيف تلومونني في روايتي عن رجل ما سألته عن شيء ، إلاّ قال : قال رسول الله ؟ (ت 141 هـ ) . قاموس الرجال 1 / 73 .

([186]) الخصال ، ص 124 ، وعقاب الأعمال ، ص 261 وكلاهما للشيخ الصدوق ، والوسائل 16 / 119 .

([187]) في الاستبصار 3 / 64 ، والوسائل 7 / 184 ، ح 13352 .

([188]) راجع تفصيل الخبر في معالم المدرستين 2 / 336 ـ 339 .

([189]) محمد بن مسلم بن رياح الطحان (ت 150 هـ ) ، نقل روايته عن الإمام الباقر (عليه السلام)صاحب كتاب أربعمائة مسألة في أبواب الحلال والحرام . قاموس الرجال 8 / 378 .

([190]) اسمه محمد بن عمر بن أذينة واسم أبيه قدم على اسمه وهو من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) ، معجم رجال الحديث 13 / 21 .

([191]) ابن بكير ، أبو الأعلى عبدالله بن بكير بن أعين الشيباني من الثقات وعن الإمام الصادق نقل الرواية . قاموس الرجال 5 / 399 .

([192]) عبدالملك بن أعين ، أبو فراس الشيباني نقل الرواية عن الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) ، وفي أيام الإمام الصادق (عليه السلام) توفي . قاموس الرجال 6 / 181 .

([193]) متعب من غلمان الإمام الصادق الذين أعتق رقبتهم ، أمّا الخليفة العباسي منصور الدوانيقي فقد أمر بجلده ألف جلدة ومات على أثرها . قاموس الرجال 9 / 47 .

([194]) 2 / 339 ـ 343 .

([195]) رجال النجاشي ، ص 279 .

وعذافر بن عيسى الخزاعي الصيرفي ، روى عن الإمام الصادق (عليه السلام) . قاموس الرجال 6 / 295 .

والحكم بن عتيبة الكوفي الكندي ولاء روى عن الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) . توفي سنة 113 أو 114 أو 115هـ . قاموس الرجال 3 / 375 .

وأبو محمد مات وله نيف وستون أخرج حديثه أصحاب الصحاح . التهذيب 1 / 192 .

وسلمة بن كهيل أبو يحيى الحضرمي الكوفي ، أدرك الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) . قاموس الرجال 4 / 439 .

وأبو المقدام ثابت بن هرمز الحداد الفارسي العجلي ولاء ، أدرك الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) ، وهو وسلمة من البترية الذين دعوا إلى ولاية عليّ وخلطوها بولاية أبي بكر وعمر ، ويثبتون إمامتهما ويبغضون عثمان وطلحة والزبير وعائشة ، ويرون الخروج مع بطون ولد علي بن أبي طالب ، يذهبون في ذلك إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويثبتون لكل من خرج من ولد علي بن أبي طالب عند خروجه الإمامة . قاموس الرجال 2 / 287 ـ 289 .

([196]) الوسائل 3 / 380 ، رقم الحديث 86 ، وحفص بن البختري ، بغدادي كوفي الأصل ، روى عن الإمام الصادق (عليه السلام) ، كتاب قاموس الرجال 3 / 355 .

([197]) الكافي 1 / 53 ، وإرشاد المفيد ، ص 257 . وهشام بن سالم أبو محمد الجواليقي الجعفي ولاء ، كوفي ، روى عن الإمام الصادق ، له كتاب . قاموس الرجال 9 / 357 .

([198]) أمالي الشيخ المفيد ، ص 26 .