علم عمر
  • عنوان المقال: علم عمر
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 4:40:24 2-9-1403

يفترض في عمر بن الخطاب أن يكون من أِشدّ الناس اهتماما بالعلم ، لأنه هو نفسه يروي في فضله ما يروي. فعنه أنه قال: إنّ الرجل ليخرج من منزله وعليه من الذنوب مثل جبل تهامة فإذا سمع العلم وخاف واسترجع على ذنوبه انصرف إلى منزله وليس عليه ذنب، فلا تفارقوا مجالس العلماء فإنّ الله لم يخلق تربة على وجه الأرض أكرم من مجالس العلماء»([1]). لكنه اعترف هو نفسه أنّه شغله عن العلم الصفق بالأٍسواق! ومع ذلك فقد قالوا عن عمر بن الخطّاب " عبقريّ "، وقالوا " أعلم الأمّة بعد رسول الله(ص) وأبي بكر "، مع أنه هو نفسه يخالفهم في ما يذهبون إليه ويصرّح أنّ كلّ النّاس أفقه منه. قال السّيوطي: وأخرج سعيد بن منصور وأبو يعلى بسند جيد عن مسروق قال: ركب عمر بن الخطّاب المنبر ثمّ قال: أيّها النّاس، ما إكثاركم في صداق النّساء وقد كان رسول الله(ص)وأصحابه وإنّما الصّدقات فيما بينهم أربعمائة درهم فما دون ذلك، ولو كان الإكثار في ذلك تقوى عند الله أو مكرمة لم تسبقوهم إليها، فلا أعرفن ما زاد رجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم؛ ثمّ نزل فاعترضه امرأة من قريش فقالت له: يا أمير المؤمنين نهيت النّاس أن يزيدوا النّساء في صدقاتهنّ على أربعمائة درهم؟ قال: نعم. فقالت: أما سمعت ما أنزل الله يقول {وآتيتم إحداهن قنطارا}؟ فقال: اللّهمّ غفرانك([2]). ويذكر الغرناطي في التّسهيل تتمّة الكلام فيقول: "وقد استدلّت به المرأة على جواز المغالاة في المهور حين نهى عمر بن الخطّاب عن ذلك فقال عمر(رض) امرأة أصابت ورجل أخطأ، كلّ النّاس أفقه منك يا عمر "([3]).

 

أقول:

هذا رأي عمر في علمه وفقهه، وإقرار العقلاء على أنفسهم جائز.

قصة الكلالة .

وقد رووا أنّه لما نزلت يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة والنبي(ص) في مسير له وإلى جنبه حذيفة بن اليمان فبلغها النبي(ص)حذيفة وبلّغها حذيفة عمر بن الخطّاب وهو يسير خلفه، فلما استخلف عمر سأل عنها حذيفة ورجا أن يكون عنده تفسيرها، فقال له حذيفة: والله إنّك لعاجز إن ظننت أنّ إمارتك تحملني أن أحدّثك ما لم أحدّثك يومئذ فقال عمر: لم أرد هذا رحمك الله([4]). وهذا الكلام من طرف حذيفة يكشف عن تقوى وورع لا يملك عمر إلاّ أن يتراجع أمامهما، فقد قال له حذيفة بالحرف "إن ظننت أنّ إمارتك تحملني أن أحدّثك". وترجمته بلغة أصرح:"إنّك عندي أميرا أو مأمورا بمنزلة سواء". وأخرج ابن جرير عن عمر قال: لأن أكون أعلم الكلالة أحبّ إلي من أن يكون لي جزية قصور الشّام. وأخرج ابن جرير عن الحسن بن مسروق عن أبيه قال: سألت عمر وهو يخطب النّاس عن ذي قرابة لي ورث كلالة فقال الكلالة، الكلالة، الكلالة، وأخذ بلحيته ثمّ قال: والله لأن أعلمها أحبّ إليّ من أن يكون لي ما على الأرض من شيء، سألت عنها رسول الله(ص) فقال ألم تسمع الآية التي أنزلت في الصّيف، فأعادها ثلاث مرات([5]).

 

أقول:

وهذا يعني أنّ عمر بن الخطاب من الدنيا وهو يجهل الكلالة. فعن ابن سيرين قال: كان عمر بن الخطّاب إذا قرأ {يبيّن الله لكم أن تضلّوا} قال اللّهمّ من بيّنت له الكلالة فلم تتبين لي([6]).

 

أقول:

يقول الله تعالى ﴿ولقد يسّرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر ﴾، فالقرآن بلسان عربيّ مبين، ولا بيان أوضح من بيان الله تعالى، ولهذا لم يذكروا أنّ أشخاصا آخرين عجزوا عن فهم الكلالة؛ الوحيد الذي لم يفهمها ولم تتبيّن له هو عمر بن الخطّاب، وهو القرشيّ الفصيح، فما هو السرّ في ذلك؟! هذا الرّجل الذي يستشفّ الوحي قبل نزوله وينزل القرآن موافقا له إذا به يحجب عن السّماء ويعجز عن فهم أبسط قضيّة في المواريث.

قال الشنقيطي: وعمر لم يكن عنده علم بقضاء رسول الله(ص) في دية الجنين حتى أخبره المذكوران قبل، ولم يكن عنده علم من أخذ رسول الله(ص) الجزية من مجوس هجر حتى أخبره عبد الرحمان بن عوف، ولا من الاستئذان ثلاثا حتى أخبره أبو موسى الأشعري وأبو سعيد الخدري ([7]).

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن قبيصة بن جابر قال: حججنا زمن عمر فرأينا ظبيا فقال أحدنا لصاحبه أتراني أبلغه فرمى بحجر فما أخطأ حشاه فقتله، فأتينا عمر بن الخطّاب فسألناه عن ذلك وإذا إلى جنبه رجل يعني عبد الرحمن بن عوف فالتفت إليه فكلّمه، ثمّ أقبل على صاحبنا فقال: أعمدا قتله أم خطأ؟ قال الرجل: لقد تعمّدت رميه وما أردت قتله. قال عمر: ما أراك إلاّ قد أشركت بين العمد والخطأ، اعمد إلى شاة فاذبحها وتصدّق بلحمها وأسق إهابها يعني ادفعه إلى مسكين يجعله سقاء؛ فقمنا من عنده فقلت لصاحبي: أيّها الرجل، أعظم شعائر الله، والله ما درى أمير المؤمنين ما يفتيك حتّى شاور صاحبه، اعمد إلى ناقتك فانحرها فلعلّ ذلك؛ قال قبيصة وما أذكر الآية في سورة المائدة يحكم به ذوا عدل منكم، قال فبلغ عمر مقالتي فلم يفجأنا إلاّ ومعه الدرّة فعلا صاحبي ضرباً بها وهو يقول أقتلت الصّيد في الحرم وسفّهت الفتيا؟ ثم أقبل علي يضربني فقلت: يا أمير المؤمنين، لا أحلّ لك منّي شيئا مما حرّم الله عليك. قال: يا قبيصة إنّي أراك شابّاً حديث السنّ فصيح اللّسان فسيح الصدر، وإنه قد يكون في الرجل تسعة أخلاق صالحة وخلق سيء فيغلب خلقه السيّء أخلاقه الصّالحة فإياك وعثرات الشّباب([8]).

أقول: إن يكن عمر صادقا في قوله «يغلب خلقه السيّء أخلاقه الصّالحة» فإنّه هو أوّل الضّحايا في ذلك، وقد شهد عليه من شهد من الصّحابة بسوء الخلق والغلظة والفظاظة.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن الحسن أنّ عمر بن الخطّاب لم يكن يرى بأسا بلحم الصّيد للمحرم إذا صيد لغيره وكرهه علي بن أبي طالب([9]).

أقول: والنّاس أحرار في اختيار أحد القولين لكن عليهم ألاّ ينسوا أن أحد الرّجلين هو باب مدينة العلم و الحقّ معه يدور معه حيث دار، وأنّ الثّاني مات ولم يعرف الكلالة !).

قال السّيوطي:وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشّيخ عن أبي الصّلت الثّقفي أنّ عمر بن الخطّاب قرأ هذه الآية {ومن يرد أن يضلّه يجعل صدره ضيقا حرجا} بنصب الرّاء وقرأها بعض من عنده من أصحاب رسول الله حرجا بالخفض فقال عمر: ابغوني رجلا من كنانة واجعلوه راعيا ولكن مدلجيا؛ فأتوه به فقال له عمر: يا فتى ما الحرجة فيكم؟ قال : الحرجة فينا الشّجرة تكون بين الأشجار التي لا تصل إليها راعية ولا وحشيّة ولا شيء. فقال عمر: كذلك قلب المنافق لا يصل إليه شيء من الخير([10]).

قال الشّوكانيّ: وقد اختلف أهل العلم في ذلك إذا كان معلوم القدر يمكن الوقوف على حقيقته، وكلامهم مدوّن في كتب الفروع، والظّاهر من قوله ﴿والسنّ بالسنّ﴾ أنّه لا فرق بين الثّنايا والأنياب والأضراس والرّباعيّات وأنّه يؤخذ بعضها ببعض ولا فضل لبعض على بعض وإليه ذهب أكثر أهل العلم كما قال ابن المنذر وخالف في ذلك عمر بن الخطّاب> ومن تبعه([11]).

قالوا: وكتب عمر بن الخطّاب إلى أبي عبيدة: أمّا بعد فإنّه بلغني أنّ نساء من نساء المسلمين يدخلن الحمّامات مع نساء أهل الشّرك، فانه من قبلك عن ذلك، فإنّه لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن ينظر إلى عورتها إلاّ أهل ملّتها([12]).

وعن ابن شهاب عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أنّ عمر بن الخطّاب(رض) خرج إلى الشّام فلمّا جاء سرغ بلغه أن الوباء قد وقع بالشّام فأخبره عبد الرّحمن بن عوف أنّ رسول الله(ص) قال: «إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه»، فرجع عمر من سرغ([13]).

أقول: وهو حديث آخر من الأحاديث التي غابت عن عمر أو غاب عنها عمر.

وعن معدان بن أبي طلحة قال: خطب عمر بن الخطّاب(رض) فقال: إنّي لا أدع بعدي شيئا أهمّ عندي من الكلالة، ما راجعت رسول الله(ص) في شيء ما راجعته في الكلالة، وما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي في الكلالة حتّى طعن بأصبعه في صدري وقال:«يا عمر، ألا تكفيك آية الصّيف التي في آخر سورة النساء؟» وإني إن أعش أقض فيها بقضيّة يقضي بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ القرآن ([14])!

 

أقول:

في قوله«إنّي لا أدع بعدي شيئا أهمّ عندي من الكلالة» ما يدعو إلى العجب، فإنّ مسألة الكلالة قضية جزئية لم يقل أحد أنّها بلغت ذلك المستوى من الأهمّيّة! ولا خلاف بين المسلمين أنّ مسألة الخلافة أهمّ منها ومن غيرها، وهو نفسه يعلم ذلك.

ومن الأحاديث التي غابت عن عمر حديث عن أبي مصعب عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أنّ عمر بن الخطّاب ذكر المجوس فقال: ما أدري كيف أصنع في أمرهم ؟ فقال عبد الرّحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول الله (ص) يقول: سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب([15]).

قال البغوي: روي أنّ عمر بن الخطّاب قال لكعب الأحبار: خوّفنا! قال: يا أمير المؤمنين، والذي نفسي بيده لو وافيت يوم القيامة بمثل عمل سبعين نبيّا لأتت عليك ساعات وأنت لا تهمّك إلاّ نفسك، وإنّ لجهنّم زفرة لا يبقى ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل منتخب إلاّ وقع جاثيا على ركبتيه حتّى إبراهيم خليل الرحمن يقول: يا رب لا أسألك إلاّ نفسي وإن تصديق ذلك: الذي أنزل الله عليكم { يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها}([16]).

 

أقول:

هذا الذي تحار له العقول، رجل صحب رسول الله(ص) في مكّة والمدينة وسمع الوحي فورا إثر نزوله، يسأل رجلا لم ير رسول الله طرفة عين، ولا زال ينهل من توراة شهد عليها القرآن الكريم بالتّحريف! وقد كان في وسع عمر بن الخطّاب أن يقول لكعب الأحبار :فأين أنت عن قوله تعالى {إنّ الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون * لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون * لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون ..}([17]) . لا يحزنهم الفزع الأكبر يا كعب، دع عنك التّوراة المحرّفة إن كنت أسلمت يا كعب.

وأخرج الطّبراني وأبو نعيم في الحلية عن مغيث الأوزاعيّ أنّ عمر بن الخطّاب قال لكعب الأحبار: كيف تجد نعتي في التّوراة؟ قال: خليفة قرن من حديد أمير شديد لا يخاف في الله لومة لائم، ثمّ يكون من بعدك خليفة تقتله أمّة ظالمين له، ثمّ يقع البلاء بعده ([18]).

 

أقول:

المقصود من هذا الحوار هو تصوير خلافة السّقيفة أنّها شرعيّة، وأنّ أبطالها مذكورون في التّوراة! وإلاّ فكيف خفي هذا عن كل اليهود الذين قرأوا التوراة واكتشفه كعب؟

وعن قتادة أن عمر بن الخطّاب قال لكعب: ألا تتحوّل إلى المدينة فيها مهاجر رسول الله(ص) وقبره فقال كعب: إنّي وجدت في كتاب الله المنزل يا أمير المؤمنين أن الشام كنز الله من أرضه و بها كنزه من عباده([19]).

 

أقول:

فيه دعوة كعب إلى زيارة قبر النّبيّ (ص) وهو قول مفحم لأتباع ابن تيمية. وانظر إلى جواب كعب الأحبار ليس فيه ذرّة احترام لرسول الله(ص)، إضافة إلى مخالفته للقرآن الكريم، فإنّ القرآن الكريم يقول عن الكعبة{ إنّ أوّل بيت وضع للنّاس للذي ببكّة مباركا وهدى للعالمين}([20]) فمكّة قبل بيت المقدس، وليست المدينة دون مكّة فضلا وبركة، بما لها من دور في إيواء النّبي(ص) ومن معه، وترسيخ الإسلام والدّفاع عنه، كما أنّه قد نزل فيها قرآن كثير. ثمّ لاحظ إصرار كعب على الاستشهاد بكتاب الله المنزل! وسائل نفسك عن أيّ كتاب يتحدّث؟ إن كان يتحدّث عن القرآن فإنّ القرآن لا يصف الشّام بمثل حديث كعب، وقد ثبت أنّ حبيب الله ورسوله سبّ وشتم ولعن على منابر الشّام ما يقرب من قرن من الزّمان. أمّا إن كان يتحدّث عن التّوراة ـ وهو على زعمهم قد أسلم ـ فإنّه ينبغي عليه نسيانها لأنّ القرآن شهد عليها بالتّحريف، ولو كان موسى بن عمران حيّا لما وسعه إلاّ أن يتّبع النّبي(ص) !

و عن أبي سعيد الخدري قال: سلّم عبد الله بن قيس([21]) على عمر بن الخطّاب ثلاث مرات فلم يأذن له فرجع فأرسل عمر في أثره فقال: لم رجعت ؟ قال: إنّي سمعت رسول الله(ص) يقول: إذا سلّم أحدكم ثلاثا فلم يجب فليرجع. قال عمر: لتأتينّ على ما تقول ببيّنة وإلاّ لأفعلنّ بك كذا وكذا غير أنّه قد أوعده قال: فجاء أبو موسى الأشعري ممتقعا لونه و أنا في حلقة جالس فقلنا: ما شأنك ؟ فقال: سلّمت على عمر فأخبرنا خبره فهل سمع أحد منكم من رسول الله(ص) ؟ قالوا: نعم، كلّنا قد سمعه قال فأرسلوا معه رجلا منهم حتّى أتى عمر فأخبره بذلك. ورواه بسر بن سعيد عن أبي سعيد الخدري وفيه: قال أبو موسى الأشعري: قال رسول الله(ص): إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع([22]).

 

أقول:

ما هي الأمور الخطيرة التي تترتّب على هذا الحديث حتى يتصرّف عمر بذلك الشكل؟

قال ابن القيم: "والذين حفظت عنهم الفتوى من أصحاب رسول الله(ص) مائة ونيف وثلاثون نفسا ما بين رجل وامرأة، وكان المكثرون منهم سبعة عمر بن الخطّاب، وعليّ بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعائشة أمّ المؤمنين، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عبّاس، وعبد الله بن عمر؛ قال أبو محمد بن حزم ويمكن أن يجمع من فتوى كلّ واحد منهم سفر ضخم. قال: وقد جمع أبو بكر محمد بن موسى بن يعقوب بن أمير المؤمنين المأمون فتيا عبد الله بن عبّاس (رض) في عشرين كتابا، وأبو بكر محمّد المذكور أحد أئمّة الإسلام في العلم والحديث"([23]).

 

أقول:

ينبغي لمن أراد أن يتصدّى للفتوى أن يعرض نفسه على قول الله
عزّ وجلّ{ ولا تقف ما ليس لك به علم إنّ السّمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسؤولا}. وليس عمر بن الخطّاب من أهل الفتوى لأنّه غاب عنه قرآن كثير وحديث كثير، ويكفي لتأكيد ذلك أنّه مات لا يعرف الكلالة، وكان لا يرى التّيمّم لمن لم يجد الماء، وقضايا كثيرة من هذا القبيل.

وقال الشّعبي: من سرّه أن يأخذ بالوثيقة في القضاء فليأخد بقول عمر. وقال مجاهد: إذا اختلف النّاس في شيء فانظروا ما صنع عمر فخذوا به. وقال بن المسيّب: " ما أعلم أحدا بعد رسول الله(ص) أ علم من عمر بن الخطّاب ". وقال أيضا: " كان عبد الله يقول لو سلك النّاس واديا وشعبا وسلك عمر واديا وشعبا لسلكت وادي عمر وشعبه ". وقال بعض التّابعين: دفعت إلى عمر فإذا الفقهاء عنده مثل الصّبيان قد استعلى عليهم في فقهه وعلمه. وقال محمد بن جرير: لم يكن أحد له أصحاب معروفون حرّروا فتياه ومذاهبه في الفقه غير ابن مسعود، وكان يترك مذهبه وقوله لقول عمر. وكان لا يكاد يخالفه في شيء من مذاهبه ويرجع من قوله إلى قوله. وقال الشّعبي كان عبد الله لا يقنت. وقال: ولو قنت عمر لقنت عبد الله([24]).

 

أقول:

لا داعي إلى التعليق على كلّ الأقوال السّابقة، وإنّما تعليقي على بعضها، أحدها قول عبد الله الذي " لو سلك النّاس واديا وشعبا وسلك عمر واديا وشعبا لسلكت وادي عمر وشعبه"، فإنّ عمر سلك يوم أحد ويوم خيبر ويوم الأحزاب ويوم حنين واديا مريعا اسمه وادي الجبناء. والثّاني كلام التّابعي المجهول، فإنّ قوله: " دفعت إلى عمر فإذا الفقهاء عنده مثل الصّبيان قد استعلى عليهم في فقهه وعلمه"يكذّبه الواقع، وقد كان عمر نفسه يقول: " كلّ الناس أفقه من عمر" ولو كان التّابعي المجهول صادقا لقال: "قد استعلى عليهم بدرّته "، فإن درّة عمر نسخت وخصّصت وقيّدت إلى ما شاء الله. والثّالث قول مجاهد" إذا اختلف النّاس في شيء فانظروا ما صنع عمر فخذوا به " فإنّ عمر بن الخطّاب خالف رسول الله في مسائل كثيرة ولا يحلّ لمسلم أن يخالف رسول الله(ص) متعمّدا؛ فمجاهد بقوله هذا يدعو النّاس إلى مخالفة رسول الله(ص) .

قال ابن القيم: ومن هذا لمّا كتب الكاتب بين يدي أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب حكما حكم به فقال: هذا ما أرى الله أمير المؤمنين عمر، فقال: لا تقل هكذا ولكن قل: هذا ما رأى أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب([25]).

 

أقول:

و هذا يعني بكل وضوح أنّ عمر يشهد على نفسه أنّ حكمه ليس بإلهام من الله رغم تملّق الكاتب، وهذه القصّة كافية لنسف دعوى التّحديث والتّكليم.

وقال ابن قيّم الجوزيّة في نفس المعنى: " قال ابن وهب حدّثنا يونس بن يزيد عن بن شهاب أن عمر بن الخطّاب قال وهو على المنبر: «يا أيّها النّاس إنّ الرّأي إنّما كان من رسول الله(ص) مصيبا أنّ الله كان يريه، وإنمّا هو منّا الظّنّ والتّكلّف »([26]). فهو يشهد أنّ رأيه ليس إراءة من الله، بل يشهد أنّ رأيه ظنّ وتكلّف.

ولطالما تناقض عمر في الأحكام الشّرعيّة وغيرها؛ فعن وهب بن منبه عن الحكم بن مسعود الثّقفيّ قال: «قضى عمر بن الخطّاب في امرأة توفيت وتركت زوجها وأمّها وأخويها لأبيها وأمّها وأخويها لأمّها فأشرك عمر بين الإخوة للأم والأب والإخوة للأمّ في الثّلث فقال له: رجل إنّك لم تشرك بينهم عام كذا وكذا، قال عمر: تلك على ما قضينا يومئذ وهذه على ما قضينا اليوم([27])!

 

أقول: كلّ عام هو في شأن.

و عن عطاء أنّ عمر بن الخطّاب (رض) قال: آية من كتاب الله تعالى ما وجدت أحدا يشفيني عنها، قوله تعالى{أيحبّ أحدكم أن تكون له... } الخ، فقال ابن عبّاس: يا أمير المؤمنين إنّي أجد في نفسي منها فقال له عمر: فلم تحقر نفسك ! فقال: يا أمير المؤمنين هذا مثل ضربه الله تعالى فقال أيحب أحدكم أن يكون عمره يعمل بعمل أهل الخير وأهل السّعادة حتى إذا كبر سنّه وقرب أجله ورقّ عظمه وكان أحوج ما يكون إلى أن يختم عمله بخير عمل بعمل أهل الشّقاء فأفسد عمله فأحرقه قال: فوقعت على قلب عمر وأعجبته([28]).

 

عمر يسأل كعبا:

وسأل عمر كعبا فقال: أخبرني عن هذا البيت! فقال: « إنّ هذا البيت أنزله الله تعالى من السّماء ياقوته مجوّفة مع آدم عليه السّلام فقال: يا آدم، إنّ هذا بيتي فطف حوله وصلّ حوله كما رأيت ملائكتي تطوف حول عرشي وتصلّي ونزلت معه الملائكة فرفعوا قواعده من حجارة فوضع البيت على القواعد، فلمّا أغرق الله قوم نوح رفعه الله وبقيت قواعده([29]).

أقول: لماذا يسأل كعبا الذي تأخّر إسلامه، ويترك من عاشوا مع رسول الله(ص) منذ بعثته إلى وفاته؟ وما قيمة جواب كعب بعد أن أخبر القرآن الكريم بتحريف التّوراة والإنجيل؟!

 

مسائل عمر:

قال الرّازيّ في تفسيره: روى الو احدي عن أبي الصّلت الثقفيّ قال: قرأ عمر بن الخطّاب(رض) هذه الآية ثمّ قال: ائتوني برجل من كنانة جعلوه راعيا، فأتوا به فقال له عمر: يا فتى ما الحرجة فيكم؟ قال: الحرجة فينا الشّجرة تحدق بها الأشجار فلا يصل إليها راعية ولا وحشيّة. فقال عمر: كذلك قلب الكافر لا يصل إليه شيء من الخير([30]) !

أقول:

قال الشاعر: لا تنه عن خلق وتأتي مثله...

من حقّ المسلم أن يتساءل: لماذا يعاقب عمر صبيغا على سؤاله حول الذّاريات ولا يعاقب نفسه هو على سؤاله عن الحرجة؟ اللّهمّ إلاّ أن تكون باؤه تجرّ وباء غيره لا تجرّ !

وفي التّسهيل في تفسير قوله تعالى{يؤمنون بالجبت والطاغوت}: قال ابن عبّاس: الجبت هو حييّ بن أخطب والطّاغوت كعب بن الأشرف، وقال عمر بن الخطّاب: الجبت السّحر والطّاغوت الشّيطان. وقيل الجبت الكاهن والطّاغوت السّاحر، وبالجملة هما كلّ ما عبد وأطيع من دون الله»([31]).

ورووا عن عمر بن الخطّاب أنه قال:« أنا فئة لكل مسلم»([32]). قال الغرناطي: «وهذا إباحة لذلك والفرار من الذّنوب الكبائر»([33]).

أقول: لكنّ عمر لام المسلمين المتحيزين في أكثر من موطن.

قالوا: «وقد كان عمر بن الخطّاب أشكل عليه معنى التخوّف في الآية حتّى قال له رجل من هذيل التخوّف التنقّص في لغتنا »([34]).

وذكر ابن الجوزي أنّ سعيد بن المسيب قال: سأل عمر بن الخطّاب رسول الله(ص) كيف نورث الكلالة؟ فقال: أوليس قد بين الله تعالى ذلك؟ ثمّ قرأ {إن كان رجل يورث كلالة} فأنزل الله عزّ وجلّ {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}.

أقول: ومات عمر بن الخطّاب ولم يعرف الكلالة، وهو المحدّث الذي يحدّثه الحقّ جلّ وعلا مباشرة.

وعن عبيد الله بن عبد الله أنّ عمر بن الخطّاب سأل أبا واقد اللّيثيّ ما كان رسول الله(ص) يقرأ في العيد قال: بقاف واقتربت. رواه مسلم وأهل السّنن الأربعة من حديث مالك به. وفي رواية لمسلم عن فليح عن ضمرة عن عبيد الله عن أبي واقد قال سألني عمر (رض) فذكره([35]).

أقول: ألم يصلّ عمر مع رسول الله(ص) صلاة العيد أعواما عديدة، وهو الذي لم يفارق المدينة، وليس أبو واقد أقدم صحبة لرسول الله(ص) منه!

قال ابن عاشور: وأمّا الجهة الثالثة من جهات الإعجاز وهي ما أودعه من المعاني الحكميّة والإشارات العلميّة فاعلموا أنّ العرب لم يكن لهم علم سوى الشّعر وما تضمّنه من الأخبار؛ قال عمر بن الخطّاب: " كان الشّعر علم القوم، ولم يكن لهم علم أصحّ منه "([36]).

أقول: قصّة الحطيئة و الزّبرقان بن بدر وتحكيم حسّان بن ثابت وقوله

«نعم، وسلح عليه» تكشف مدى جهل عمر بن الخطّاب بالشّعر.

وقد عدّ الصحابة معنى الكلالة هنا من مشكل القرآن حتى قال عمر بن الخطّاب: " ثلاث لأن يكون رسول الله بينهم أحبّ إليّ من الدّنيا: الكلالة والرّبا والخلافة ". و قال أبو بكر: " أقول فيها برأيي فإن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمنّي ومن الشيطان، والله منه بريء. الكلالة ما خلا الولد والوالد "([37]).

وكان أمر الكلالة عند عمر بن الخطّاب مشكلا فقال: ما راجعت رسول الله في شيء مراجعتي إياه في الكلالة ولوددت أنّ رسول الله لم يمت حتى يبيّنها.
و قال على المنبر: ثلاث لو بيّنها رسول الله كان أحبّ إليّ من الدّنيا، الجدّ والكلالة والخلافة وأبواب من الربا. و روي عنه (رض) أنّه كتب فيها كتابا فمكث يستخير الله فيه ويقول: اللهمّ إن علمت فيه خيرا فأمضه! فلمّا طعن دعا بالكتاب فمحي فلم يدر أحد ما كان فيه. و روى الأعمش عن إبراهيم وسائر شيوخه قال ذكروا أنّ عمر (رض) قال: لأن أكون أعلم الكلالة أحبّ إلي من جزية قصور الشّام. وقال طارق بن شهاب: أخذ عمر بن الخطّاب كتفا وجمع أصحاب النبي (ص) ثم قال: لأقضينّ في الكلالة قضاء تحدّث به النّساء في خدورها، فخرجت عليهم حيّة من البيت فتفرّقوا، فقال عمر: لو أراد الله أن يتمّ هذا الأمر لأتمّه([38]).

واختلف السّلف في الكلالة فروى جرير[..] عن سعيد بن المسيّب أنّ عمر بن الخطّاب سأل رسول الله(ص): كيف يورث الكلالة؟ قال: أو ليس قد بين الله تعالى ذلك؟ ثم قرأ {وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة} إلى آخر الآية، فأنزل الله تعالى {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} إلى آخرها؛ قال: فكأنّ عمر لم يفهم فقال لحفصة: إذا رأيت من رسول الله طيب نفس فسليه عنها. فرأت منه طيب نفس فسألته عنها فقال: أبوك كتب لك هذا؟ ما أرى أباك يعلمها أبدا! قال: فكان عمر يقول ما أراني أعلمها أبدا وقد قال رسول الله(ص) ما قال([39]).

أقول: هو ذاك، لم يعلمها عمر، وخرج من الدّنيا ولم يعلمها. والرّواية السّابقة تخالف رواية " القول ما قلت ".

قالوا: ولم يعلم عمر بأنّ النبي(ص) قضى في دية الجنين بغرة عبد أو وليدة حتى أخبره المذكوران قبل، ولم يعلم عمر(رض) بأنّ المرأة ترث من دية زوجها حتّى أخبره الضحّاك بن سفيان أنّ النبيّ(ص) كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضّبابيّ من دية زوجها، ولم يعلم أيضا بأخذ الجزية من المجوسيّ حتّى أخبره عبد الرّحمن بن عوف بأنّ النبي(ص) أخذ الجزية من مجوس هجر، ولم يعلم بحكم الاستئذان ثلاثا حتى أخبره أبو موسى الأشعريّ وأبو سعيد الخدريّ (رض). ولم يعلم عثمان (رض) بوجوب السّكنى للمتوفّى عنها حتّى أخبرته قريعة بنت مالك أنّ النبي(ص) ألزمها بالسّكنى في المحلّ الذي مات عنها زوجها فيه حتى تنقضي عدّتها، وأمثال هذا أكثر من أن تحصر([40]).

 

أقول:

هذه مسائل غابت عن عمر، وفي قول الشنقيطيّ " وأمثال هذا أكثر من أن تحصر " اعتراف بكثرة أخطاء عمر ".

قالوا: وقال عمر بن الخطّاب(رض): أبيّ أعلمنا بالمنسوخ([41])..

 

أقول:

هذا عمر يعترف بأنّ أبيّا أعلم منه بالمنسوخ، علما أنّ من فاته العلم بالمنسوخ فقد فاته علم كثير.

قصة عمر بن الخطّاب مع العشّار:

روى هشام بن محمّد الكلبي عن أبيه أنّ عمر بن الخطّاب (رض) خرج في الجاهليّة تاجرا إلى الشّام، فمرّ بزنباع بن روح ـ و كان عشّارا ـ فأساء إليه في اجتيازه و أخذ مكسه فقال عمر بعد انفصاله:

متى ألف زنباع بن روح ببلدة   إلى النّصف منها يقـرع السنّ بالنّدم
و يعلم أنّي من لؤي بن غالب   مطاعين في الهيجا مضاريب في التّهم

 

فبلغ ذلك زنباعا فجهّز جيشا لغزو مكّة فقيل له: إنّها حرم الله ما أرادها أحد بسوء إلاّ هلك كأصحاب الفيل، فكفّ زنباع فقال:

 

تمنى أخو فهر لقاي و دونه   قراطبة مثل اللّيوث الحواظر
فوالله لولا الله لا شيء غيره   و كعبته راقت إليكم معاشري
لأقتل منكم كلّ كهل معمّم   و أسبي نساء بين جمع الأباعر

 

فبلغ ذلك عمر (رض) فأجابه و قال:

 

ألم تر أنّ الله أهلك من بغى علينا قديما في قديم المعاشر

إلى قوله:

فدونك زرنا تلق مثل الذي لقوا جميعهم من دراعين و حاسر )([42]).

 

أقول:

شاعريّة عمر غير ثابتة، خلافا لما في القصة السابقة، فقد روى ابن سعد عن ابن أبي عوف وعبد العزيز بن يعقوب الماجشون قالا: قال عمر بن الخطّاب لمتمّم بن نويرة يرحم الله زيد بن الخطّاب، لو كنت أقدر أن أقول الشّعر لبكيته كما بكيت أخاك([43]). وهذا يعني أنه لم يكن يقدر أن يقول الشعر، ومن كان شاعرا لا يقول: لو كنت أقدر أن أقول الشعر. وقيل لابن أبي عوف: ما كان عمر يقول الشّعر؟ فقال: لا، ولا بيتا واحدا([44]).

ولا بيتا واحدا معناه أنّه لا يقول الشعر أصلا لا قليلا ولا كثيرا.

ثمّ إذا كان عمر بن الخطّاب شاعرا فكيف غاب عنه هجاء الحطيئة الزّبرقان بن بدر؟

عن الشعبي أنّ الزّبرقان بن بدر أتي عمر بن الخطاب وكان سيد قومه فقال يا أمير المؤمنين إن جرولا هجاني - يعني الحطيئة - فقال عمر بم هجاك فقال بقوله دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي.

فقال عمر: ما أسمع هجاء إنما هي معاتبة فقال الزبرقان يا أمير المؤمنين والذي نفسي بيده ما هجي أحد بمثل ما هجيت به فخذ لي ممن هجاني. فقال عمر: علي بابن الفريعة يعني حسان بن ثابت؛ فلما أتي به قال له: يا حسان إن الزبرقان يزعم أن جرولا هجاه فقال حسان: بم؟ قال بقوله دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطّاعم الكاسي. فقال حسان: ما هجاه يا أمير المؤمنين. قال: فماذا صنع به؟ قال: سلح عليه! فقال عمر: علي بجرول فلما جيء به قال له يا عدوّ نفسه تهجو المسلمين فأمر به فسجن([45]) .

وقد كان حذيفة راوي هذا الحديث مرجعا للصّحابة في معرفة أحوال الفتن ومعرفة أهل النّفاق وتمييز أهل الحقّ من أهل الباطل لما حفظ في هذا المقام الذي قامه رسول الله(ص). و من ذلك سؤال عمر بن الخطّاب له عن الفتن فقال إنّ بينك وبينها بابا. فقال: هل يفتح أو يكسر؟ فقال: بل يكسر. فعرف عمر أنّه الباب، وأنّه يقتل كما أخبر حذيفة من سأله عن ذلك هل علم عمر ذلك فقال نعم، كما يعلم أنّ دون غد اللّيلة، فإنّي حدّثته بحديث ليس بالأغاليط، وهذا ثابت في الصحيح.

هذا عمر يسأل حذيفة عن الفتن، وما أكثر سؤالات عمر لمن يفترض أنّه أعلم منهم!.

قال الشنقيطي: «فأبو بكر لم يكن عالما بقضاء رسول الله(ص) في ميراث الجدّة حتّى أخبره المغيرة بن شعبة ومحمد بن مسلمة، وعمر لم يكن عنده علم بقضاء رسول الله(ص) في دية الجنين حتّى أخبره المذكوران قبل، ولم يكن عنده علم من أخذ رسول الله(ص) الجزية من مجوس هجر حتّى أخبره عبد الرّحمان بن عوف، ولا من الاستئذان ثلاثا حتّى أخبره أبو موسى الأشعري وأبو سعيد الخدري »([46]).

 

تلك أمور غابت عن عمر، ومع ذلك يقولون إنّه كان من القضاة.

قال الألباني: وأخرج أبو يعلى والحسن بن سفيان بإسناد حسن عن المغيرة بن شعبة أنّ زرارة بن جري قال لعمر بن الخطّاب: إنّ النبي(ص) كتب إلى الضحّاك بن سفيان أن يورّث امرأة أشيم الضّبابي من دية زوجها، فقضى بذلك عمر بن الخطّاب بعد رواية الضحّاك وزرارة والمغيرة ذلك له عن النبي(ص) كما علم، لا لأنّه لا يقبل خبر الواحد بل لإشاعة الخبر وإشهاره بالموسم، وردّ ما كان رآه أنّ الدّية إنّما هي للعصبة لأنّهم يعقلون عنه، لأنّه لا قياس مع النّص([47]).

روى الشّعبي أنّ كعب بن سور كان جالسا عند عمر بن الخطّاب فجاءت امرأة فقالت: يا أمير المؤمنين ما رأيت رجلا قطّ أفضل من زوجي، والله إنّه ليبيت ليله قائما ويظلّ نهاره صائما، فاستغفر لها وأثنى عليها، واستحيت المرأة وقامت راجعة. فقال كعب: يا أمير المؤمنين هلاّ أعديت المرأة على زوجها؟ فلقد أبلغت إليك في الشّكوى! فقال لكعب: اقض بينهما فإنّك فهمت من أمرها ما لم أفهم. قال: فإنّي أرى كأنّها امرأة عليها ثلاث نسوة هي رابعتهنّ، فأقضي بثلاثة أيّام ولياليهنّ يتعبّد فيهنّ ولها يوم وليلة. فقال عمر: والله ما رأيك الأوّل بأعجب من الآخر، اذهب فأنت قاض على البصرة، نعم القاضي أنت. رواه سعيد. صحيح. أورده الحافظ في ( الإصابة ) في ترجمة كعب هذا وذكر عن ابن عبد البرّ أنّه خبر عجيب مشهور، وأنّه قال: رواه أبو بكر بن أبي شيبة في (مصنّفه) من طريق محمد بن سيرين، ورواه الشعبي أيضا. قال الحافظ: وأورده ابن دريد في (الأخبار المنثورة عن أبي حاتم السجستاني عن أبي عبيدة وله طرق )([48]).

قال ابن عبد البرّ وأخبار الآحاد عند العلماء من علم الخاصّة لا ينكر على أحد جهل بعضها، والإحاطة بها ممتنعة، وما أعلم أحدا من أئمّة الأمصار مع بحثهم وجمعهم إلاّ وقد فاته شيء من السّنن المرويّة من طريق الآحاد؛ وحسبك بعمر بن الخطّاب فقد فاته من هذا الضّرب أحاديث فيها سنن ذوات عدد من رواية مالك في الموطّإ ومن رواية غيره أيضا، وليس ذلك بضارّ له ولا ناقص من منزلته([49]).

 

أقول:

فكيف يدّعون إذا أنّه أعلم الأمّة بعد رسول الله وأبي بكر؟.

قال ابن حزم: وهذا عمر يقول في حديث الاستئذان أخفي علي هذا من أمر رسول الله(ص)، ألهاني الصّفق في الأسواق. وقد جهل أيضا أمر إملاص المرأة وعرفه غيره، وغضب على عيينة بن حصن حتى ذكره الحرّ بن قيس بن حصن بقوله تعالى ﴿خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين﴾ وخفي عليه أمر رسول الله(ص) بإجلاء اليهود والنّصارى من جزيرة العرب إلى آخر خلافته، وخفي على أبي بكر قبله أيضا طول مدّة خلافته، فلمّا بلغ ذلك عمر أمر بإجلائهم فلم يترك بها منهم أحدا. وخفي على عمر أيضا أمره عليه السلام بترك الإقدام على الوباء وعرف عبد الرحمن بن عوف، وسأل عمر أبا واقد الليثي عما كان يقرأ به رسول الله(ص) في صلاتي الفطر والأضحى، هذا وقد صلاّهما رسول الله(ص) أعواما كثيرة، ولم يدر ما يصنع بالمجوس حتّى ذكّره عبد الرّحمن بأمر رسول الله(ص) فيهم، ونسي قبوله عليه السلام الجزية من مجوس البحرين وهو أمر مشهور ولعلّه (رض) قد أخذ من ذلك المال حظّا، كما أخذ غيره منه. و نسي أمره عليه السلام بأن يتيمّم الجنب فقال: لا يتيمّم أبدا ولا يصلّي ما لم يجد الماء. و ذكّره بذلك عمّار، وأراد قسمة مال الكعبة حتى احتجّ عليه أبي بن كعب بأن النبي(ص) لم يفعل ذلك فأمسك. وكان يردّ النّساء اللواتي حضن ونفرن قبل أن يودّعن البيت حتّى أخبر بأنّ رسول الله(ص) أذن في ذلك فأمسك عن ردّهن. وكان يفاضل بين ديات الأصابع حتّى بلغه عن النبي(ص) أمره بالمساواة بينها فترك قوله وأخذ بالمساواة؛ وكان يرى الدية للعصبة فقط حتى أخبره الضحّاك بن سفيان بأن النبي(ص) ورّث المرأة من الدّية، فانصرف عمر إلى ذلك. ونهى عن المغالاة في مهور النساء استدلالا بمهور النبي(ص) حتى ذكّرته امرأة فرجع عن نهيه . وأراد رجم مجنونة حتى أعلم بقول رسول الله(ص) رفع القلم عن ثلاثة فأمر ألا ترجم وأمر برجم مولاة حاطب حتى ذكره عثمان بأن الجاهل لا حد عليه فأمسك عن رجمها وأنكر على حسان الإنشاد في المسجد فأخبره هو وأبو هريرة أنه قد أنشد فيه بحضرة رسول الله(ص) فسكت عمر ([50]).

قال ابن القيم: «وخفي على عمر تيمم جنب فقال لو بقي شهرا لم يصل حتى يغتسل وخفي عليه دية الأصابع فقضى في الإبهام والتي تليها بخمس وعشرين حتى أخبر أن كتاب آل عمرو بن حزم أن رسول الله ص - قضى فيها بعشر عشر فترك قوله ورجع إليه وخفي عليه شأن الاستئذان حتى أخبره به أبو موسى وأبو سعيد الخدري وخفي عليه توريث المرأة من دية زوجها حتى كتب إليه الضحاك بن سفيان الكلابي وهو أعرابي من أهل البادية أن رسول الله ص أمره أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها وخفي عليه حكم إملاص المرأة حتى سأل عنه فوجده عند المغيرة بن شعبة وخفي عليه أمر المجوس في الجزية حتى أخبره عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله ص - أخذها من مجوس هجر وخفي عليه سقوط طواف الوداع عن الحائض فكان يردهن حتى يطهرن ثم يطفن حتى بلغه عن النبي(ص) خلاف ذلك فرجع عن قوله وخفي عليه التسوية بين دية الأصابع وكان يفاضل بينها حتى بلغته السنة في التسوية فرجع إليها وخفي عليه شأن متعة الحج وكان ينهى عنها حتى وقف على أن النبي ص أمر بها فترك قوله وأمر بها وخفي عليه جواز التسمي بأسماء الأنبياء فنهى عنه حتى أخبره به طلحة أن النبي ص - كناه أبا محمد فأمسك ولم يتماد على النهي هذا وأبو موسى ومحمد بن مسلمة وأبو أيوب من أشهر الصحابة ولكن لم يمر بباله >أمر هو بين يديه حتى نهى عنه وكما خفي عليه قوله تعالى إنك ميت وإنهم ميتون وقوله وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم حتى قال والله كأني ما سمعتها قط قبل وقتي هذا وكما خفي عليه حكم الزيادة في المهر على مهر أزواج النبي ص - وبناته حتى ذكرته تلك المرأة بقوله تعالى وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا فقال كل أحد أفقه من عمر حتى النساء وكما خفي عليه أمر الجد والكلالة وبعض أبواب الربا فتمنى أن رسول الله ص - كان عهد إليهم فيها عهدا وكما خفي عليه يوم الحديبية أن وعد الله لنبيه وأصحابه بدخول مكة مطلق لا يتعين لذاك العام حتى بينه له النبي ص - وكما خفي عليه جواز استدامة الطيب للمحرم وتطيبه بعد النحر وقبل طواف الإفاضة وقد صحت السنة بذلك وكما خفي عليه أمر القدوم على محل الطاعون والفرار منه حتى أخبر بأن رسول الله(ص) قال إذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوها فإن وقع وأنتم بأرض فلا تخرجوا منها فرارا منه هذا وهو أعلم الأمة بعد الصديق على الإطلاق وهو كما قال ابن مسعود لو وضع علم عمر في كفة ميزان وجعل علم أهل الأرض في كفة لرجح علم عمر قال الأعمش فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي فقال والله إني لأحسب عمر ذهب بتسعة أعشار العلم ([51]).

عن ذر عن ابن عبد الرحمان بن أبزى عن أبيه أن رجلا سأل عمر بن الخطّاب عن التيمم فلم يدر ما يقول فقال عمار أتذكر حيث كنا في سرية فأجنبت فتمعكت في التراب فأتيت النبي(ص) فقال إنما يكفيك هكذا وضرب شعبة بيديه على ركبتيه ونفخ في يديه ومسح بهما وجهه وكفيه.

 

أقول:

انظر إلى قوله لم يدر ما يقول. ولماذا يسأل الناس عمر؟ لأنه مرتكز في أذهانهم أن الذي يخلف رسول الله(ص) إنما يخلفه ليبين للنّاس معالم دينهم.

عن ضمرة بن سعيد عن عبيد الله بن عبد الله قال: خرج عمر يوم عيد فسأل أبا واقد الليثي بأي شيء كان النبي(ص) يقرأ في هذا اليوم فقال بقاف واقتربت([52]).

قال مالك رحمه الله تعالى تشهد عمر بن الخطابالموقوف عليه أفضل لأنه علمه الناس على المنبر ولم ينازعه أحد فدل على تفضيله وهو التحيات لله الزاكيات لله الطيبات الصلوات لله سلام عليك أيها النبي إلى آخره([53]).

أقول: كيف يتعلم الناس شيئا مارسوه مع النبي(ص) يوميا طيلة عشر سنين؟!وأين الفرق بين تعليمهم التّشهّد وتعليمهم الفاتحة؟!

وعن ابن إدريس عن جعفر عن أبيه أن عمر بن الخطّاب سأل عن جزية المجوس فقال عبد الرحمن بن عوف سمعت رسول الله(ص) يقول سنوا بهم سنة أهل الكتاب. حدثنا وكيع قال ثنا سفيان ومالك بن أنس عن جعفر عن أبيه أن عمر بن الخطّاب استشار الناس في المجوس في الجزية فقال عبد الرحمن بن عوف سمعت رسول الله(ص) يقول سنّوا بهم سنة أهل الكتاب([54]).

قال الشنقيطي:ومنه قول الحطيئة أو النجاشي قبيلة لا يخفرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل فإنه يروى أن عمر لما سمع هذا الهجاء حمله على المدح وقال ليت آل الخطاب كانوا كذلك ولمّا قال الشاعر بعد ذلك فإنه يروى أن عمر لما سمع هذا الهجاء حمله على المدح وقال ليت آل الخطاب كانوا كذلك ولمّا قال الشاعر بعد ذلك ولا يردون الماء إلا عشيّة وإذا صدر الوارد عن كل منهل، قال عمر أيضا ليت آل الخطاب كانوا كذلك، فظاهر هذا الشعر يشبه المدح ولذا ذكروا أن عمر تمنّى ما فيه من الهجاء لأهل بيته لأنّه عنده مدح وصاحبه يريد الذم بلا نزاع.

أقول:لاشكّ أنّ الشاعر يقصد الذّمّ، والشاعر هو الحطيئة أهجى أهل زمانه، وقد شكّوا حين موته إن كان مات على الإسلام.وإنّما فهم عمر من كلامه المدح لقلّة علمه بالشّعر، ويدلّ على ذلك ما قاله حسان بن ثابت لعمر في قصّة الحطيئة والزبرقان بن بدر.

وفي التسهيل: « وقد كان عمر بن الخطّاب أشكل عليه معنى التخوف في الآية حتى قال له رجل من هذيل التخوف التنقّص في لغتنا»([55]).

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن ابن سيرين قال كان عمر بن الخطّاب إذا قرأ يبين الله لكم أن تضلوا قال اللهم من بينت له الكلالة فلم تتبين لي([56]).

قال السرخس: وقد كان عمر يقول لا ميراث للزوج والزوجة من الدية ثم رجع إلى هذا الحديث ([57]).

وقال عبد بن حميد حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس قال كنا عند عمر بن الخطّاب وفى ظهر قميصه أربع رقاع فقرأ وفاكهة وأبا فقال ما الأب ثم قال إن هذا لهو التكلف فما عليك أن لا تدريه.

وقال ابن تيمية: وكذلك لم يأمر عمر بن الخطّاب أن يقضي ما تركه من الصلاة لأجل الجنابة لأنّه لم يكن يعرف أنّه يجوز الصّلاة بالتيمم.

أقول: أعلم الأمة بعد رسول الله وأبي بكر في سلم ترتيب ثقافة السقيفة لا يعرف أنه يجوز الصلاة بالتيمم.

روى عبد الرحمن بن أذينة عن أبيه قال أتيت عمر بن الخطابفسألته عن تمام العمرة فقال ائت عليا فسله فعدت فسألته فقال ائت عليا عليه السلام فسله فأتيت عليا فقلت إني قد ركبت الخيل والإبل والسفن فأخبرني عن تمام العمرة فقال تمامها أن تنشئها من بلادك فعدت إلى عمر فسألته فقال ألم أقل لك ائت عليا فسله فقلت قد سألته فقال تمامها أن تنشئها من بلادك قال هو كما قال([58]).

وقال هشيم أنا عمر بن أبى زائدة عن الشعبي قال كان أبو بكر يقول الشعر وكان عمر يقول الشعر وكان على يقول الشعر وكان على اشعر الثلاثة([59]).

 

الموافقات

قالوا عن عمر بن الخطّاب إنه محدث، ورووا في ذلك أحاديث منها ما ذكره الرازي في التفسير الكبير قال:

وروى سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال لما نزلت هذه الآية قال عمر بن الخطّاب فتبارك اللّه أحْسن الْخالِقِين فقال رسول الله(ص) هكذا نزلت يا عمر وكان عمر يقول وافقني ربي في أربع في الصلاة خلف المقام وفي ضرب الحجاب على النسوة وقولي لهن لتنتهنّ أو ليبدلنّه الله خيرا منكنّ، فنزل قوله تعالى{عسى ربّه إِن طلّقكنّ أن يبْدِله أزْواجا خيْرا مّنكنّ}. والرابع قلت فتبارك اللّه أحْسن الْخالِقِين فقال هكذا نزلت قال العارفون هذه الواقعة كانت سبب السعادة لعمر وسبب الشقاوة لعبد الله كما قال تعالى يضلّ به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضلّ به إلاّ الفاسقين [البقرة: 26] ([60]).

عن إبراهيم بن المهاجر عن مجاهد قال كان عمر إذا رأى الرأي نزل به القرآن ([61]).

وقال الآلوسيّ: قال عبد الوهاب الشعراني:... واعلم أنّ حديث الحقّ سبحانه للخلق لا يزال أبدا غير أنّ من الناس من يفهم أنّه حديث كعمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه ومن ورثه من الأولياء ومنهم من لا يعرف ذلك ويقول: ظهر لي كذا وكذا ولا يعرف أنّ ذلك من حديث الحقّ سبحانه معه وكان شيخنا يقول: كان عمر من أهل سماع المطلق الذين يحدثهم الله تعالى في كل شيء([62]).

هذا ما يقوله الشعراني! عمر يحدثه الله تعالى في كل شيء ؛ لكنّه لم يحدّثه في الكلالة حتى مات وهو يجهلها؛ ولم يحدّثه في كثير من القضايا التي خالف فيها رسول الله (ص)، ولا في باقي القضايا التي أخطأ فيها باجتهاده! بل إنّهم ذكروا أيضا أنّ عمر بن الخطّاب كان يخطئ في زمن النبي(ص). قال ابن تيمية: فان سيد المحدثين والمخاطبين الملهمين من هذه الأمّة هو عمر بن الخطّاب، وقد كانت تقع له وقائع فيردها عليه رسول الله أو صديقه التّابع له الآخذ عنه الذي هو أكمل من المحدّث الذي يحدّثه قلبه عن ربّه([63]).

وقال أيضا: وقد ثبت في الصّحيح تعيين عمر بأنّه محدّث في هذه الأمّة فأي محدّث ومخاطب فرض في أمّة محمد فعمر أفضل منه! ومع هذا فكان عمر (رض) يفعل ما هو الواجب عليه فيعرض ما يقع له على ما جاء به الرسول فتارة يوافقه فيكون ذلك من فضائل عمر كما نزل القرآن بموافقته غير مرة وتارة يخالفه فيرجع عمر عن ذلك كما رجع يوم الحديبية لما كان قد رأى محاربة المشركين والحديث معروف في البخاريّ وغيره([64]).

أقول: هل يعني ابن تيمية بقوله «فأي محدّث ومخاطب فرض في أمّة محمد فعمر أفضل منه» أنّ عمر بن الخطّاب أفضل من عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام؟! سبحانك هذا بهتان عظيم. لو كان الأمر كذلك لخرج رسول الله(ص) يوم المباهلة يباهل بعمر بن الخطّاب؛ وما أكثر ما أعرض النبي(ص) عن عمر.

وقال[ابن تيمية] أيضا: والمحدّث يأخذ عن قلبه أشياء وقلبه ليس بمعصوم فيحتاج أن يعرضه على ما جاء به النبي ولهذا كان عمر (رض) يشاور الصحابة رضي الله عنهم ويناظرهم ويرجع إليهم في بعض الأمور وينازعونه في أشياء فيحتج عليهم ويحتجون عليه بالكتاب والسنة ويقرّرهم على منازعته، ولا يقول لهم أنا محدّث ملهم مخاطب فينبغي لكم أن تقبلوا منى ولا تعارضوني([65]).

نعم، لم يكن يقول لهم ذلك لأنّ حديث المحدّث لم يكن قد وضعه الوضاعون بعد! لكنه قال:« متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما» وهذه أشدّ من تلك بكثير.

وقال في مجموع الفتاوى: حتى أن المحدث منهم كعمر بن الخطّاب إنما يؤخذ منه ما وافق الكتاب والسنّة، وإذا حدّث شيئا في قلبه لم يكن له أن يقبله حتى يعرضه على الكتاب والسنّة، وكذلك لا يقبله إلاّ أن وافق الكتاب والسنّة، وهذا باب واسع في فضائل القرآن على ما سواه([66]).

وقال: وكذلك عمر بن الخطّاب كان يقرّ على نفسه في مواضع بمثل هذه فيرجع عن أقوال كثيرة إذا تبين له الحق في خلاف ما قال، ويسأل الصحابة عن بعض السنة حتى يستفيدها منهم، ويقول في مواضع والله ما يدرى عمر أصاب الحق أو أخطأه، ويقول امرأة أصابت ورجل اخطأ([67]).

 

اقتراحات عمر على النبي (ص):

يقول الله تعالى في سورة الحجرات{لا تقدموا بين يدي الله ورسوله}.....

عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري قال حدثني أبي قال كنّا مع رسول الله(ص)في غزاة فأصاب النّاس مخمصة فاستأذن الناس رسول الله(ص) في نحر بعض ظهورهم وقالوا أيبلغنا هذه فلما رأى عمر بن الخطّاب أنّ رسول الله(ص) لن يأذن لهم في نحر بعض ظهورهم قال: يا رسول الله وكيف بنا إذا نحن لقينا القوم غدا جياعا أرجالا، إن رأيت يا رسول الله أن تدعو الناس ببقايا أزوادهم فتجمعها ثمّ تدعو الله بالبركة فيها، فإنّ الله سيبلغنا بدعوتك أو قال سيبارك لنا في دعوتك. فدعا رسول الله(ص) ببقايا أزوادهم فجعل النّاس يجيئون بالحثية من الطّعام وفوق ذلك، فكان أعلاهم من جاء بصاع من تمر فجمعنا رسول الله(ص) ثمّ قام فدعا بما شاء الله أن يدعو، ثمّ دعا الجيش بأوعيته وأمرهم أن يحتثوا، فما بقي في الجيش وعاء إلاّ ملأه وبقي مثله فضحك رسول الله(ص) حتى بدت نواجذه فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد إنّي رسول الله، لا يلقى الله عبد يؤمن بهما إلا حجبت عنه النّار يوم القيامة[68].

قال السيوطي:وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال مشى عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وقرظة بن عبد عمر وبن نوفل والحارث بن عامر بن نوفل ومطعم بن عدي بن الخيار بن نوفل في أشراف الكفار من عبد مناف إلى أبي طالب فقالوا لو أن ابن أخيك طرد عنا هؤلاء الأعبد فإنهم عبيدنا وعسفاؤنا كان أعظم له في صدورنا وأطوع له عندنا وأدنى لاتّباعنا إيّاه وتصديقه فذكر ذلك أبو طالب للنبي(ص) فقال عمر بن الخطّاب لو فعلت يا رسول الله حتى ننظر ما يريدون بقولهم وما يصيرون إليه من أمرهم فأنزل الله وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم إلى قوله أليس الله بأعلم بالشاكرين قالوا وكانوا بلالا وعمار بن ياسر وسالما مولى أبي حذيفة وصبحا مولى أسيد ومن الحلفاء ابن مسعود والمقداد بن عمرو وواقد بن عبد الله الحنظلي وعمرو بن عبد عمر وذو الشمالين ومرثد بن أبي مرثد وأشباههم ونزلت في أئمة الكفر من قريش والموالي والحلفاء وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا الآية فلما نزلت أقبل عمر بن الخطّاب فاعتذر من مقالته فأنزل الله وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا الآية([69]).

 

أقول:

هذه المرة خالف عمر ربّه في أمر خطير وهو طرد المؤمنين من حول رسول الله ! وإذا كان رضاه حكما وغضبه عزّا كما جاء في معجم الطبراني([70])، فإن القضيّة تصبح عويصة!.

وقال الغرناطي في التّسهيل: في الصحيح إن الله كتب كتابا فهو عنده فوق العرش إنّ رحمتي سبقت غضبي أنه من عمل منكم سوءا الآية وعد بالمغفرة والرحمة لمن تاب وأصلح وهو خطاب للقوم المذكورين قبل وحكمها عام فيهم وفي غيرهم والجهالة قد ذكرت في النساء وقيل نزلت بسبب أن عمر بن الخطّاب أشار على رسول الله(ص)أن يطرد الضعفاء عسى أن يسلم الكفار فلما نزلت لا تطرد ندم عمر على قوله وتاب منه فنزلت الآية([71]).

و عن عبيد بن حنين أنه سمع ابن عبّاس يقول: مكثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر بن الخطّاب عن المتظاهرتين فما أجد له موضعا أسأله فيه حتى خرج حاجا وصحبته حتى إذا كان بمر الظهران ذهب لحاجته وقال: أدركني بإداوة من ماء فلما قضى حاجته ورجع أتيته بالإداوة أصبها عليه فرأيت موضعا فقلت: يا أمير المؤمنين من المرأتان المتظاهرتين على رسول الله ؟ فما قضيت كلامي حتى قال: عائشة وحفصة .

وعن عبد الله بن عبّاس قال: حدثني عمر بن الخطّاب قال: لما اعتزل نبي الله(ص)نساءه دخلت عليه وأنا أرى في وجهه الغضب فقلت: يا رسول الله ما شقّ عليك من شأن النساء فلئن كنت طلقتهن فإن الله وملائكته وجبرائيل وميكائيل وأنا وأبو بكر معك وقلما تكلمت وأحمد الله بكلام إلا رجوت أن يكون الله مصدق قولي فنزلت هذه الآية آية التخيير {عسى ربه إن طلّقكنّ أن يبدله أزواجا خيرا منكنّ } { وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين } الآية وكانت عائشة ابنة أبي بكر وحفصة تتظاهران على سائر نساء النبي (ص)([72]).

قال الشوكاني: وأخرج ابن عبد الحكم وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في كتاب الأضداد وأبو الشيخ وعن عمر بن الخطّاب أنه سمع رجلا ينادي بمنى يا ذا القرنين فقال عمر: ها أنتم قد سمعتم بأسماء الأنبياء فما بالكم وأسماء الملائكة([73]) ؟

 

أقول:

علما أنّ ذا القرنين لم يكن من الملائكة! و عمر بن الخطاب يقول عنه « فما بالكم وأسماء الملائكة» ؟

وعن ابن عبّاس قال: قال عمر بن الخطّاب« فهوي رسول الله(ص) ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله(ص) وأبو بكر قاعدين ( يبكيان ) قلت: يا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما ؟ فقال رسول الله (ص): أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة لشجرة قريبة من رسول الله (ص)وأنزل الله تعالى: { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض } إلى قوله: { فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا}([74]).

قال ابن إسحاق: لم يكن من المؤمنين أحد ممن حضر إلا أحب الغنائم إلا عمر بن الخطّاب فإنه أشار على رسول الله(ص) بقتل الأسرى وسعد بن معاذ قال: يا رسول الله كان الإثخان في القتل أحب إلي من استبقاء الرجال فقال رسول الله (ص): لو نزل عذاب من السماء ما نجا منه غير عمر بن الخطّاب وسعد بن معاذ([75]).

لكنهم رووا أيضا عن ابن إسحاق ما يلي:« وسعد بن معاذ واقف عند رسول الله(ص)في رجال من الأنصار في العريش - رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجه سعد الكراهية فقال كأنك تكره ما يصنع الناس قال أجل والله يا رسول الله كانت أول وقعة أوقعها الله في المشركين وكان الإثخان في القتل أحبّ إليّ من استبقاء الرجال..([76]). ورووا قول النبي(ص) « لو نزل عذاب من السماء لم ينج منه إلا سعد بن معاذ لقوله يا نبي الله كان الإثخان في القتل أحب إلي من استبقاء الرجال »([77]).

وبما أن الجمع متعذر لحصر النّجاة في رجل واحد كما هو واضح في الروايات السابقة، فقد تصدى من تصدى وتبرّع بالنجاة للرجلين جميعا بضم أحدهما إلى الآخر، وهكذا وجدت أحاديث تقول « ولو نزل عذاب من السماء لما نجا منه غير عمر وسعد بن معاذ »([78]). ولكن كفة عمر بن الخطاب تبقى دائما أرجح فإنّه قرشي ولي الخلافة، وتملّق السّلطان في تاريخ العرب أمر معلوم فيما سبق من الأزمان، مشهود في أيّامنا بالوجدان.

ولذلك فإنّ سعد بن معاذ رغم استشهاده في أيّام النبي(ص)، وحضور جموع كثيرة من الملائكة في جنازته، وكونه صاحب مناديل في الجنّة، فإنّه لن يكون من بين العشرة المبشّرين بالجنّة، لأنّه ليس قرشيا، هذا مع أنّه لم يثبت له فرار من الزّحف، بخلاف الخلفاء الثّلاثة القرشيّين، فإنّ لهم في الفرار بصمات لا تمحى. والفرار من الزحف من الكبائر! وعليه يكون القرشيّ محظيّا عند الله تعالى حتّى لو كان غارقا في الذّنوب إلى ذقنه.

قالوا: وهذه الآية نزلت في احتجاب أزواج النبيّ(ص)وسببها ما رواه أنس من قعود القوم يوم الوليمة في بيت زينب وقيل سببها أن عمر بن الخطّاب أشار على رسول الله(ص)بأن يحجب نساءه فنزلت الآية موافقة لقول عمر([79]).

 

أقول:

أي أنّه لو لم يشر عمر بن الخطّاب على رسول الله(ص) لما نزل قرآن بخصوص الحجاب !

وروى سعيد بن جبير قال: كان النبيّ(ص)يصلّي فمرّ رجل من المسلمين على رجل من المنافقين فقال له: رسول الله يصلّي وأنت جالس لا تصلّي؟ فقال له: امضِ إلى عملك إن كان لك عمل! فقال: ما أظنّ إلاّ سيمرّ بك من ينكر عليك؛ فمرّ عليه عمر بن الخطّاب قال: يا فلان، إنّ رسول الله يصلّي وأنت جالس؟ فقال له مثلها، فوثب عليه فضربه وقال: هذا من عملي. ثمّ دخل المسجد وصلّى مع رسول الله(ص) فلمّا فرغ رسول الله من صلاته قام إليه عمر فقال: يا نبي الله مررت آنفا على فلان وأنت تصلّي وهو جالس فقلت له: نبيّ الله يصلّي وأنت جالس؟ فقال لي: مرّ إلى عملك فقال عليه الصلاة والسلام: هلاّ ضربت عنقه؟ فقام عمر مسرعا ليلحقه فيقتله فقال له النبي (ص)يا عمر، ارجع فإنّ غضبك عزّ ورضاك حكم. إن لله في السموات ملائكة له غنى بصلاتهم عن صلاة فلان. فقال عمر: يا رسول الله وما صلاتهم فلم يردّ عليه شيئا فأتاه جبريل فقال: يا نبي الله سألك عمر عن صلاة أهل السّماء؟ قال: نعم. قال: أقرئه منّي السّلام وأخبره بأن أهل سماء الدّنيا سجود إلى يوم القيامة يقولون سبحان ذي الملك والملكوت وأهل السماء الثانية قيام إلى يوم القيامة يقولون سبحان ذي العزّة والجبروت وأهل السّماء الثالثة ركوع إلى يوم القيامة يقولون سبحان الحيّ الذي لا يموت فهذا هو تسبيح الملائكة([80]).

 

أقول:

هناك منافقون قاموا بأعمال لا يمكن أن يقرن بها عمل هذا الرجل ومع ذلك قال النبي(ص): لا يسمع النّاس أنّ محمّدا يقتل أصحابه، فكيف يخالف فجأة ويأمر بضرب عنق متخلف عن صلاة الجماعة؟ ولم يقل أحد من الفقهاء بضرب عنق من تخلّف عن صلاة الجماعة. ولا يخفى ههنا تقريرهم أنّ رسول الله(ص) يصحّح فعل عمر ويؤيّده.

وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن يهوديا لقي عمر فقال« إنّ جبريل الذي يذكر صاحبكم عدوّ لنا» فقال عمر:« من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين» قال: فنزلت على لسان عمر! وقد نقل ابن جرير الإجماع على أن سبب نزول الآية ذلك([81]).

وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والعدني والدارمي والبخاريّ والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن أبي داود في المصاحف وابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والطحاويّ وابن حبان والدارقطني في الأفراد البيهقي في سننه عن أنس بن مالك قال: قال عمر بن الخطّاب وافقت ربي في ثلاث أو وافقني ربي في ثلاث: قلت يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى فنزلت واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى؛ وقلت يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهم البر والفاجر فلو أمرتهن أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب؛ واجتمع على رسول الله(ص) نساؤه في الغيرة فقلت لهن عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن التحريم الآية فنزلت كذلك([82]).

قال السيوطي:وأخرج مسلم وابن أبي داود وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في سننه عن جابر أن النبيّ(ص) رمل ثلاثة أشواط ومشى أربعا حتى إذا فرغ عمد إلى مقام إبراهيم فصلى خلفه ركعتين ثم قرأ واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى. وأخرج ابن ماجه وابن أبي حاتم وابن مردويه عن جابر قال لما وقف رسول الله(ص)يوم فتح مكة عند مقام إبراهيم قال له عمر يا رسول الله هذا مقام إبراهيم الذي قال الله واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى قال نعم. وأخرج الطبراني والخطيب في تاريخه عن ابن عمر أن عمر قال يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى. وأخرج عبد بن حميد والترمذي عن أنس أن عمر قال يا رسول الله لو صلّينا خلف المقام فنزلت واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وأخرج ابن أبي داود عن مجاهد قال كان المقام إلى لزق البيت فقال عمر بن الخطّاب يا رسول الله لو نحيته إلى البيت ليصلي إليه الناس ففعل ذلك رسول الله(ص)فأنزل الله واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وأخرج ابن أبي داود وابن مردويه عن مجاهد قال: قال عمر «يا رسول الله لو صلّينا خلف المقام فأنزل الله واتخذوا من مقام إبراهيم مصلّى فكان المقام عند البيت فحوله رسول الله(ص)إلى موضعه هذا قال مجاهد وقد كان عمر يرى الرأي فينزل به القرآن وأخرج ابن مردويه من طريق عمر بن ميمون عن عمر أنه مرّ بمقام إبراهيم فقال يا رسول الله أليس نقوم مقام إبراهيم خليل ربّنا؟ قال: بلى. قال: أفلا نتخذه مصلّى ؟ فلم يلبث إلا يسيرا حتى نزلت واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى. وأخرج ابن أبي شيبة في مسنده والدارقطني في الأفراد عن أبي ميسرة قال قال عمر يا رسول الله هذا مقام خليل ربنا أفلا نتخذه مصلى فنزلت واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى([83]).

 

أقول:

لا شغل للسماء إلا موافقة عمر!

قال السيوطي: وأخرج أحمد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم بسند حسن عن كعب بن مالك قال كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فنام حرم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد فرجع عمر بن الخطّاب من عند النبي(ص) ذات ليلة وقد سمر عنده فوجد امرأته قد نامت فأيقظها وأرادها فقالت إني قد نمت فقال ما نمت ثم وقع بها وصنع كعب بن مالك مثل ذلك فغدا عمر بن الخطّاب إلى النبي(ص) فأخبره فأنزل الله {علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم}([84]).

قال الآلوسي:أخرج ابن جرير عن عائشة أن أزواج النبي عليه الصلاة والسلام كن يخرجن باللّيل إذ برزن إلى المناصع وهو صعيد أفيح وكان عمر بن الخطّاب (رض) عنه يقول للنبي: أحجب نساءك فلم يكن رسول الله (ص) يفعل فخرجت سودة بنت زمعة (رض) ليلة من الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة فناداها عمر رضي الله تعالى عنه بصوته الأعلى قد عرفناك يا سودة حرصا على أن ينزل الحجاب فأنزل الله تعالى الحجاب وذلك أحد موافقات عمر (رض) وهي مشهورة([85]).

فعمر بن الخطاب إذا أحرص من الله تعالى ورسوله على الأحكام التي فيها مصالح المسلمين!! و قوله حرصا يعني قطعا أنّ هذا الحرص لم يكن عند الله والرّسول، لأنّه إن كان فلماذا يتأخّر أثره حتى يضجر عمر ويضيق ذرعا بالواقع؟!.

قال الآلوسي: أخرج الإمام أحمد عن عمر بن الخطّاب (رض) قال خرجت أتعرض لرسول الله (ص) قبل أن أسلم فوجدته قد سبقني إلى المسجد فوقفت خلفه فاستفتح سورة الحاقّة فجعلت أعجب من تأليف القرآن فقلت هذا والله شاعر فقال ﴿وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون﴾ قلت كاهن فقال لا ﴿ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل.. ﴾ إلى آخر السورة، فوقع الإسلام في قلبي كل موقع([86]).

أقول: وربّما لو قال عمر: «هذا فيلسوف» لنزل " ولا بقول فيلسوف.. " !
فوا عجبا لأمّة هذا مبلغ علمها وهذه حرمة كتاب ربّها عندها، أن جعلت الآي الحكيم تابعا في نزوله لهوى رجل وهو على حال الشّرك، ويشهد على نفسه أنّه كان أضلّ من بعير أهله!!

قال ابن الجوزي: قوله تعالى يسألونك عن الخمر والميسر في سبب نزولها قولان أحدهما أن عمر بن الخطّاب قال اللهمّ بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت هذه الآية والثاني أن جماعة من الأنصار جاؤوا إلى النبي(ص) وفيهم عمر ومعاذ فقالوا: أفتنا في الخمر فإنّها مذهبة للعقل، مسلبة للمال، فنزلت هذه الآية([87]).

قال: والرابع أن عمر بن الخطّاب كان أشار على رسول الله(ص) تأخير الفقراء استمالة للرؤساء إلى الإسلام فلما نزلت ولا تطرد الذين يدعون ربهم جاء عمر يعتذر من مقالته ويستغفر منها فنزلت فيه هذه الآية قاله ابن السائب([88]).

وروي عن ابن عمر قال: لما أشار عمر بقتلهم وفاداهم رسول الله(ص) أنزل الله تعالى ما كان لنبي إلى قوله حلالا طيبا فلقي النبي(ص) عمر فقال كاد يصيبنا في خلافك بلاء([89]).

أقول: لا يدرى ما هو الواجب طاعة الرسول (ص) أم طاعة عمر؟! وكيف يصحّ هذا بعد قوله تعالى ﴿ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم﴾([90]). كان الأولى أن ينزل " فليحذر الذين يخالفون عن أمر عمر أن تصيبهم فتنة..".

قال ابن الجوزي: قوله تعالى ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم في سبب نزولها قولان أحدهما أن رسول الله ص وجه غلاما من الأنصار يقال له مدلج بن عمرو إلى عمر بن الخطّاب وقت الظهيرة ليدعوه فدخل فرأى عمر على حالة كره عمر رؤيته عليها فقال يا رسول الله وددت لو أن الله أمرنا ونهانا في حال الاستئذان فنزلت هذه الآية قاله ابن عبّاس([91]).

الاستئذان سلوك حضاري يدرك بالوجدان. لكن لابدّ أن يكون عمر بن الخطّاب وراء كل تشريع!.

قال: والثالث أنّ عمر بن الخطّاب قال: قلت «يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو أمرتهن أن يحتجبن فنزلت آية الحجاب». أخرجه البخاريّ من حديث أنس وأخرجه مسلم من حديث ابن عمر، كلاهما عن عمر([92]).

قال: أحدها أنّ عمر بن الخطّاب رأى جارية متبرّجة فضربها وكفّ ما رأى من زينتها فذهبت إلى أهلها تشكو، فخرجوا إليه فآذوه فنزلت هذه الآية رواه عطاء عن ابن عبّاس([93]).

قال ابن الجوزي في زاد المسير: وعن أنس عن عمر بن الخطّاب قال: «بلغني بعض ما آذى به رسول الله نساؤه فدخلت عليهنّ فجعلت أستقرئهنّ واحدة واحدة! فقلت والله لتنتهنّ أو ليبدلنّه الله أزواجا خيرا منكنّ. فنزلت هذه الآية والمعنى واجب من الله إن طلقكنّ رسوله أن يبدله أزواجا خيرا منكنّ مسلمات أي خاضعات لله»([94]).

لكن هذه القصّة تقابلها قصّة أخرى في صحيح البخاريّ تشبهها إلى حدّ بعيد. ففي البخاريّ: قال عمر:ثمّ خرجت حتّى دخلت على أمّ سلمة لقرابتي منها فكلّمتها فقالت أمّ سلمة: عجبا لك يا ابن الخطّاب دخلت في كلّ شيء حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله و أزواجه فأخذتني و الله أخذا كسرتني عن بعض ما كنت أجد([95]).

قال ابن عاشور:وفي حديث آخر في الصحيح عن أنس أيضا أن عمر بن الخطّاب (رض) قال له: يا رسول الله يدخل عليك البرّ و الفاجر فلو أمرت أمّهات المؤمنين بالحجاب فأنزل الله آية الحجاب([96]).

وفيه اعتراف أنّ عمر لا يعتقد بعدالة جميع الصحابة، وظاهر ما ذكروه أنّ النبي(ص)لم يعلّق على كلام عمر، ومثل هذا السّكوت يعدّ تقريرا لقول عمر.

أقول: هل كان نزل قوله تعالى { وأزواجه أمهاتهم} حتى يقول عمر فلو أمرت أمّهات المؤمنين([97])!

قال السيوطي: وأخرج ابن مردويه من طريق عمرو بن ميمون عن عمر بن الخطّاب أنه مر بمقام إبراهيم فقال يا رسول الله أليس نقوم مقام خليل ربنا قال بلى قال أفلا نتخذه مصلى فلم يلبث إلا يسيرا حتى نزلت([98]).

وأخرج عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن يهوديا لقي عمر بن الخطّاب فقال إن جبريل الذي يذكر صاحبكم عدوّ لنا فقال عمر:«من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين» قال فنزلت على لسان عمر.

يقولون: «على لسان عمر »، وفيه إشكال كبير على الذين يقولون إنّ القرآن ليس بمخلوق.

وأخرج ابن مردويه من طريق عمرو بن ميمون عن عمر بن الخطّاب أنه مرّ من مقام إبراهيم فقال: يا رسول الله أليس نقوم مقام خليل ربّنا ؟ قال: بلى قال: أفلا نتخذه مصلّى فلم نلبث إلا يسيرا حتى نزلت:﴿واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى﴾([99]).

قال: {وما كان لنبي.. } الآية روى أحمد وغيره عن أنس قال استشار النبي(ص) في الأسرى يوم بدر فقال: إن الله قد أمكنكم منهم فقال عمر بن الخطّاب فقال: يا رسول الله اضرب أعناقهم فأعرض عنه فقال أبو بكر: نري أن تعفو عنهم وأن تقبل منهم الفداء فعفا عنهم وقبل منهم الفداء فأنزل الله ﴿ لولا كتاب من الله سبق ﴾الآية.

ههنا إعراض النبي (ص)عن عمر، والذين يجعلون هذا من الموافقات لا يفقهون كلام الله تعالى، فإنّه سبحانه عزّوجلّ يقول{وما كان الله ليعذّبهم وأنت فيهم} ولم يقل "وما كان الله ليعذّبهم وعمر فيهم !.

أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا سوار بن عبد الله العنبري حدثنا أبو عامر العقدي حدثنا خارجة بن عبد الله الأنصاري عن نافع عن بن عمر أن النبي(ص) قال إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه وقال بن عمر ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه وقال عمر بن الخطّاب إلا نزل القرآن على نحو مما قال عمر([100]).

قلت: نعم؛ ابن عمر يروي في فضائل أبيه عمر، ويجرّ النّار إلى قرصه، وعندنا في المغرب العربي مثل يقول: لا يمدح العروس إلا أمّها أو فمها!).

ورووا أنّ عمر بن الخطّاب شتمه أعرابيّ من المشركين فشتمه عمر وهمّ بقتله فكاد أن يثير فتنة فنزلت هذه الآية{ قل للذين آمنوا يغفروا...}([101]).

أقول: حتّى حين يشتم عمر ينزل قرآن يؤيّده.

وقال مجاهد: «وقد كان عمر يرى الرأي فينزل به القرآن»([102]).

قال مقاتل والزجاج: « كان عمر عند رسول الله(ص)إذ أنزلت عليه هذه الآية فقال عمر: فتبارك الله أحسن الخالقين. فقال النبي(ص):«هكذا أنزلت عليّ»؛ فكأنه أجرى على لسانه هذه الآية قبل قراءة النبي(ص)([103]).

وعن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة قالت:« كان عمر بن الخطّاب يقول لرسول الله(ص)حجب نساءك، قالت فلم يفعل، قالت وكان أزواج رسول الله(ص)يخرجن ليلا إلى ليل قبل المناصع؛ فخرجت سودة بنت زمعة وكانت امرأة طويلة فرآها عمر وهو في المسجد فقال: قد عرفتك يا سودة حرصا على أن ينزل الحجاب قالت فانزل الله عز وجل الحجاب([104]).

أقول: وكأن نزول القرآن الكريم قضية إلحاح وإصرار!

قال ابن حجر: وقد كان عمر يعدّ نزول آية الحجاب من موافقاته([105]).

وقال ابن تيمية: « وليس في أولياء هذه الأمّة من يأخذ عن الله سبحانه شيئا بلا واسطة نبيّ أفضل من عمر، ومع هذا فكلّ ما يرد عليه بدون واسطة النبيّ عليه أن يعتبره بما جاء به النّبي(ص) فإن وافقه قبله وإن خالفه ردّه، كما كان عمر بن الخطّاب يفعل فإنّه كان إذا وقع له شيء وجاءت السنّة بخلافه ترك ما عنده لما جاءت به السنّة حتى كانت المرأة إذا نازعته فيما قاله بآية من كتاب الله ترك ما رآه لما دلّ عليه النّص، وهذا هو الواجب عليه وعلى كل من آمن بالله ورسوله؛ فإنّ ما جاء به الرّسول معصوم أن يستقرّ فيه خطأ قد فرض الله على خلقه تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر. وأمّا ما يرد على قلوب الأولياء فليس معصوما وليس عليهم تصديقه بل وليس لهم العمل بشيء منه إذا خالف الكتاب والسنة([106]).

مواقف متناقضة .

كثرت تناقضات عمر بن الخطاب في الفتوى وغيرها حتى قال الإمام علي عليه السلام في حقه: فصيّرها في حوزة خشناء يغلظ كلامها ويخشن مسّها، ويكثر العثار فيها، والاعتذار منها، فصاحبها كراكب الصّعبة إن أشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحّم، فمني النّاس لعمر الله بخبط وشماس وتلوّن واعتراض([107]). والمفروض أن من يكون خليفة رسول الله(ص) يكون أشبه الناس به هديا، وهو ما لم يوفق إليه عمر، فإن النبي(ص) لم يتناقض، لا في أقواله ولا في أفعاله، وكان عمر بن الخطّاب على خلاف ذلك تماما. بل يمكن أن يقال إن النّسبة بين رسول الله(ص) وبين عمر بن الخطّاب هي النّسبة بين المتوازيين لايلتقيان أبدا؛ وهذه نماذج من تلك التّناقضات التي وقع فيها الخليفة ولم يراجع عنها حتى خرج من الدنيا.

عن إسماعيل عن قيس قال رأيت عمر بن الخطّاب وهو يجلس والنّاس معه وبيده جريدة وهو يقول:« أيّها النّاس اسمعوا وأطيعوا قول خليفة رسول الله(ص) إنّه يقول إنّي لم آلكم نصحا. قال ومعه مولى لأبي بكر يقال له شديد معه الصّحيفة التي فيها استخلاف عمر»([108]).

هذا في ما يخصّ كتاب أبي بكر، لكن موقفه من كتاب رسول الله(ص) كان على خلاف ذلك تماما، علما أن رسول الله(ص) يوحى إليه وأبو بكر لا يوحى إليه.

قال القرطبيّ وفي البخاريّ عن عبد الله بن عبّاس قال: قدم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر فينزل على ابن أخيه الحر بن قيس بت حصن وكان من النفر الذين يدنيهم عمر وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو شبابا الحديث وقد مضى في آخر الأعراف وفي صحيح مسلم أن نافع بن عبد الحرث لقي عمر بعسفان وكان عمر يستعمله على مكة فقال: من استعملته على أهل الوادي ؟ فقال: ابن أبزى فقال: ومن ابن أبزى ؟ قال: مولى من موالينا قال: فاستخلفت عليهم مولى ! قال: إنه قارئ لكتاب الله وإنه عالم بالفرائض، قال عمر: أما إن نبيكم(ص)قد قال: إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين([109]).

أقول: تناقض عمر ههنا في كونه كان ينوي أن يستخلف سالم مولى أبي حذيفة ـ وهو مولى ـ على كلّ المسلمين، وهو هنا يتعجّب من استخلاف مولى على أهل مكّة خاصة!

وروى البغويّ عن الزّهريّ عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أنّ أبا هريرة قال: لما توفّي رسول الله(ص) وكان أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب فقال عمر بن الخطّاب لأبي بكر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله(ص)«أمرت أن أقاتل النّاس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلاّ الله عصم منّي ماله ونفسه إلا بحقّه وحسابه على الله» ؟ فقال أبو بكر: والله لأقاتلنّ من فرق بين الصّلاة والزّكاة فإنّ الزّكاة حقّ المال، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدّونها إلى رسول الله(ص)لقاتلتهم على منعها. قال عمر: فوالله ما هو إلاّ أن قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنّه الحق([110]).

أقول هذا اعتقاد عمر: إذا شرح صدر أبي بكر لشيء فهو الحقّ، أمّا حينما ينشرح صدر رسول الله(ص)فهو يهجر والعياذ بالله تعالى.

وعن النّعمان بن بشير قال: كنت عند منبر رسول الله (ص)فقال رجل: ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد أن أسقي الحاجّ وقال الآخر: ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد أن أعمر المسجد الحرام، وقال الآخر: الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتما فزجرهم عمر بن الخطّاب وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله(ص)وهو يوم الجمعة ولكن إذا صلّيت دخلت فاستفتيت رسول الله(ص)فيما اختلفتم فيه ففعل فأنزل الله عز وجل: { أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام } إلى قوله: { والله لا يهدي القوم الظالمين}([111]).

أقول: عمر بن الخطاب ينهى النّاس عن رفع الصّوت عند منبر رسول الله (ص)لكنه لا يلتزم بذلك، ولا يبالي أن يرفع الصّوت عند رسول الله نفسه في آخر حياته(ص)؟!.

وعن الزّهري أنّ عمر بن الخطّاب قال: إن وليت شيئا من أمر النّاس فلا تبال لومة لائم([112]).

أقول: لكنّ عمر تعلّل في دفع الخلافة عن عليّ (ع) بقوله:«والله لو وليها لانتقضت عليه من أقطار الأرض »! وكان أولى به ألا تأخذه في الله لومة لائم.

قال الآلوسي: وأخرج ابن المنذر عن عمر بن الخطّاب أنه قال: لو وجدت فيه (أي الحرم) قاتل الخطّاب ما مسسته حتى يخرج منه([113]).

هذا كلام فيه نطر فإن المسلمين يرون عن النبي(ص) أنّ حرمة المؤمن أعظم من حرمة الكعبة، ولم يرع عمر حرمة فاطمة (ع) يوم السّقيفة، وبيتها أعظم حرمة من الكعبة، لأنّه كان يؤوي أربعة مطهّرين بنصّ الكتاب العزيز، وعمر بن الخطّاب نفسه يصلّي عليهم يوميّا في كلّ صلواته حين يقول«اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد».

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عمر بن الخطّاب أنه سئل عن الذين ينامون في المسجد فقال: هم العاكفون([114]).

هذا رأي عمر في من ينام في المسجد، ومن يطالع كتب الفقه الإسلامي يجد فيها كلاما مخالفا لما يذهب إليه عمر.

وقد ردّ عمر كثيرا مما حكم به أبو بكر كما هو معلوم في شأن السّبي وغيره، بل ذهب إلى الطعن في نفس خلافة أبي بكر فقال عنها «فلتة».

قال عمر بعد أن طعن: «إن أقام هؤلاء النفر الستة أكثر من ثلاثة أيام لم ينصبوا لهم رجلا منهم ويسمعوا له ويطيعوا فاضربوا أعناقهم. وإن اختلفوا وأجمع منهم ثلاثة ولم يجمع معهم الباقون، فاضربوا أعناق الثّلاثة الذين ليس فيهم عبد الرّحمن بن عوف. وإن اجتمع أربعة وخالف اثنان فاضربوا أعناق الاثنين» ! !

ذلك ما قاله بعدما شهد للستة المعنيين بالإيمان، وأشعر في كلامه أّنهم أفضل من الباقين، وهو ما اعتمدت عليه مدرسة الخلفاء في ترتيب الأفضليّة. وذكر عمر فيما ذكر أنّ النّبي(ص) توفّي وهو عنهم راض! فهل يحلّ قتل من توفّي رسول الله(ص)وهو عنه راض؟ومن أين جاء عمر بالأجل(ثلاثة أيام )؟ ولو فرضنا أنّهم لم يصلوا إلى نتيجة في ثلاثة أيّام، ولو فرضنا أن النّزاع بينهم طال أكثر من ثلاثة أيّام، أكان أبو طلحة يضرب رؤوسهم؟ وهل كان يحلّ له ذلك؟ ولو فرضنا أنّه ضرب أعناقهم، ما يكون حكمهم عند الله تعالى وفي المقتولين خمسة من أهل بدر ومن المبشّرين بالجنّة؟!

أقول: في رأيي أنّ تلك كانت مسرحيّة لتمرير المؤامرة بسلام، فإنّ عبد الرّحمن بن عوف كان أمين سرّ عمر، وكان كثير الخلوات به، وكان متزوّجا من ثلاث نسوة من بني أميّة. وحينما أغمي على أبي بكر أثناء كتابة الوصيّة (وأذكّر أنّه لم يسمح لرسول الله(ص)بكتابته الوصيّة ) كتب عثمان بن عفان من تلقاء نفسه (إنّي استخلفت عليكم عمر....) فهل كان عثمان يقرأ في قلب أبي بكر؟

 

رأي عمر في من يستحقّ الولاية

ولعمر بن الخطّاب أيضا كلام في هذا المعنى رواه ابن عساكر عن عثمان بن مقسم قال: قال المغيرة بن شعبة لعمر أدلّك على القويّ الأمين؟ قال بلى! قال: عبد الله بن عمر. قال: ما أردت بقولك هذا؟ والله لأن يموت فاكفّنه بيديّ أحبّ إليّ من أن أولّيه وأنا أعلم أنّ في النّاس من هو خير منه([115]).

 

عمر يعلم بخاتمة عثمان .

قال ابن أبي الحديد: ثم أقبل (عمر) على عثمان، فقال: هيها إليك ! كأنّي بك قد قلّدتك قريش هذا الأمر لحبّها إيّاك، فحملت بني أميّة وبنى أبى معيط على رقاب النّاس، وآثرتهم بالفيء، فسارت إليك عصابة من ذؤبان العرب، فذبحوك على فراشك ذبحا. والله لئن فعلوا لتفعلنّ، ولئن فعلت ليفعلنّ، ثمّ أخذ بناصيته، فقال: فإذا كان ذلك فاذكر قولي، فإنّه كائن. ذكر هذا الخبر كلّه شيخنا أبو عثمان في كتاب " السّفيانية " وذكره جماعة غيره في باب فراسة عمر، وذكر أبو عثمان في هذا الكتاب عقب رواية هذا الخبر قال: وروى معمر بن سليمان التّيمىّ عن أبيه عن سعيد بن المسيّب عن ابن عبّاس، قال: سمعت عمر ابن الخطّاب يقول لأهل الشورى: إنّكم إن تعاونتم و توازرتم وتناصحتم أكلتموها وأولادكم، وإن تحاسدتم وتقاعدتم وتدابرتم وتباغضتم، غلبكم على هذا الأمر معاوية بن أبى سفيان، وكان معاوية حينئذ أمير الشام([116])!

أقول: انظر إلى قوله: « كأنّي بك قد قلّدتك قريش هذا الأمر» يتبيّن لك أنّ قريشا لم تكن تنظر إلى الخلافة أنّها مسألة شرعيّة ومنصب إلهيّ، وإنّما كانت تراها قضيّة قرشيّة بحتة، ولقريش أن تولّي من تشاء، وأنت تعلم أنّ قريشا قد حاربت الإسلام بكل ما أوتيت، ولم تدخل فيه إلاّ مكرهة بعد فتح مكّة، فمن أين صارت الخلافة قضيّة قرشيّة؟!! وأمّا عبارة "الأئمّة من قريش" التي يرفعونها ورقة "فيتو" كلّما جرى حديث عن الخلافة فهي محرّفة تعارضها أحاديث متواترة منها حديث الغدير وحديث الثّقلين. والأئمّة من عترة النّبي(ص) خاصّة لا ينازعهم إلا هالك، ولو كان عمر بن الخطّاب يعتقد فعلا أنّ الأئمّة من قريش لما قال أمام النّاس «لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا لاستخلفته»! لكنها السّياسة، والسّذّج من المسلمين يعزون الكلام السّابق وما جرى مجراه إلى فراسة عمر وينسون دوره في حياكته!.

 

اعتراف عمر بحق علي (ع) في الخلافة .

عن ابن عباس{ قال كنت أسير مع عمر بن الخطّاب في ليلة وعمر على بغل وأنا على فرس فقرأ آية فيها ذكر عليّ بن أبي طالب فقال: أما والله يا بني عبد المطّلب لقد كان عليّ فيكم أولى بهذا الأمر منّي ومن أبي بكر، فقلت في نفسي لا أقالني الله إن أقلته فقلت: أنت تقول ذلك يا أمير المؤمنين وأنت وصاحبك وثبتما وافترعتما الأمر منّا دون النّاس! فقال إليكم يا بني عبد المطلب أما إنّكم أصحاب عمر بن الخطّاب! فتأخّرت وتقدّم هنيهة فقال: سر لا سرت، وقال: أعد عليّ كلامك، فقلت: إنّما ذكرت شيئا فرددت عليك جوابه ولو سكتّ سكتنا؛ فقال: إنّا والله ما فعلنا الذي فعلنا عن عداوة ولكن استصغرناه وخشينا أن لا تجتمع عليه العرب وقريش لما قد وترها! قال: فأردت أن أقول كان رسول الله يبعثه فينطح كبشها فلم يستصغره، أفتستصغره أنت وصاحبك؟ فقال: لا جرم فكيف ترى، والله ما نقطع أمرا دونه ولا نعمل شيئا حتى نستأذنه([117]).

وعن محمّد بن كعب عن ابن عمر قال: قال عمر لأصحاب الشورى: لله درهم لو ولّوها الأصيلع كيف يحملهم على الحقّ وإن حمل علي عنقه بالسّيف قال: فقلت تعلم ذلك منه ولا تولّيه؟ قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير منّي، وإن أترك فقد ترك من هو خير مني([118])...

مواقف محرجة:

قال الحسن بن عليّ يوما لعمر بن الخطّاب:« انزل عن منبر أبي »، فقال عمر: «هذا منبر أبيك»([119]).

وقد ثبت أنّ عمر بن الخطّاب كان يكبّر في قبّته فيكبّر أهل السّوق بتكبيره حتى ترتج منى تكبيرا([120]).

أقول:يرفع صوته بالتّكبير وينهى غيره عن ذلك.

قال ابن كثير في ذكر قصة وفد نصارى نجران: فأتوا النبي(ص) فقالوا: يا أبا القاسم قد رأينا أن لا نلاعنك ونتركك على دينك ونرجع على ديننا ولكن ابعث معنا رجلا من أصحابك ترضاه لنا يحكم بيننا في أشياء اختلفنا فيها في أموالنا فإنّكم عندنا رضا. فقال رسول الله(ص): " ائتوني العشيّة أبعث معكم القويّ الأمين " فكان عمر بن الخطّاب> يقول: ما أحببت الإمارة قطّ حبّي إيّاها يومئذ رجاء أن أكون صاحبها! فرحت إلى الظّهر مهجرا فلمّا صلى رسول الله(ص)الظّهر سلّم ثمّ نظر عن يمينه وشماله فجعلت أتطاول له ليراني فلم يزل يلتمس ببصره حتى رأى أبا عبيدة بن الجرّاح فدعاه فقال: «أخرج معهم فاقض بينهم بالحقّ فيما اختلفوا فيه» قال عمر: فذهب بها أبو عبيدة>([121]).

أقول: هذا عمر بن الخطّاب يشهد على نفسه بحبّ الإمارة يومها، ويوم خيبر أيضا يقول: «ما أحببت الإمارة إلاّ يومئذ» فما أكثر التّناقض في كلام عمر مع شهادته على نفسه بحبّ الإمارة، وقد رووا أن النبيّ(ص) قال:« إنّا والله لا نولّي هذا الأمر من يحبّه أو من يحرص عليه» فعمر في نظر النبي(ص) لا يستحقّ أن يكون على النّاس، لأنّه يحبّ الإمارة ويحرص عليها، وقد بلغ به حرصه عليها أن أراد تحريق البيت على المطهّرين بنص الكتاب العزيز!..

قال ابن عاشور:أمّا قول عمر بن الخطّاب لا ندع كتاب الله وسنّة نبيّنا لقول امرأة أحفظت أم نسيت. فهو دحض لرواية فاطمة ابنة قيس...فلا تكون معارضة لآية حتى يصار إلى الجمع بالتّخصيص والتّرخيص([122]).

ههنا يقول عمر: كتاب ربّنا وسنّة نبيّنا، لكنّه يوم الرزيّة قال: حسبنا كتاب الله، وهذا معناه أنّ الاعتقاد بالكتاب والسنّة تابع للمصلحة عند عمر؛ فحينما تكون السنّة منطوية على خلاف ما يهوى عمر يهتف قائلا: حسبنا كتاب الله! ولا يبقى للسنّة مكان.

وأخرج الدار مي عن عمر بن الخطّاب قال إنه سيأتيكم ناس يجادلونكم بمشتبهات القرآن فخذوهم بالسنن فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله([123]).

 

تارة حسبنا كتاب الله، وتارة حسبنا السّنن!

قال الجصّاص: وروى معمر عن سماك بن الفضل عن وهب بن منبه عن الحكم بن مسعود الثّقفيّ قال: شهدت عمر بن الخطّاب أشرك الإخوة من الأب والأمّ مع الإخوة من الأمّ في الثّلث فقال له رجل: قضيت عام أوّل بخلاف هذا. قال كيف قضيت؟ قال جعلته للأخوة من الأمّ ولم تعط الإخوة من الأب والأمّ شيئا! قال: «تلك على ما قضينا وهذه على ما قضينا»([124]).

أقول: على أيّ أساس كان القضاء الأوّل وعلى أيّ أساس كان القضاء الثّاني؟ أم أنّ الأمر فوضى؟وكيف اختلف القضاء والموضوع واحد؟!

قال النّحّاس: ومما يحتج به لهذا القول ما قرئ على أحمد بن محمد بن الحجاج عن يحيى بن سليمان قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن زيد بن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر بن الخطّاب يقول لعجوز نصرانيّة:« أسلمي أيّتها العجوز تسلمي، إنّ الله بعث محمّدا بالحقّ ». قالت العجوز: أنا عجوز كبيرة وأموت إلى قريب. فقال عمر: اللهمّ اشهد! ثمّ قال: لا إكراه في الدّين([125]).

أقول: إذا كان «لا إكراه في الدين »، فلماذا هدّد عمر فاطمة بنت رسول الله(ص) بتحريق بيتها عليها وعلى أولادها وزوجها؟ أفلا كانت عنده فاطمة عليها السّلام بمنزلة هذه العجوز النّصرانيّة فيعاملهما جميعا في ضوء «لا إكراه في الدّين » ؟!).

وروى ابن عساكر أنّ المغيرة بن شعبة لعمر أدلّك على القويّ الأمين؟ قال: بلى! قال: عبد الله بن عمر؛ قال: ما أردت بقولك هذا؟ والله لأن يموت فأكفنه بيديّ أحبّ إليّ من أن أوليّه وأنا أعلم أنّ في النّاس من هو خير منه([126]).

فعلى فرض ضعف الحديث الذي رواه الحاكم وغيره، فإنّ لقول عمر عند من يأتمّ به شأن وأيّ شأْن! و هو عند العامّة (أهل السّنّة والجماعة) قطْعا أفضل من معاوية بحيْث لا وجه للمقايسة، وابنه عبد الله بن عمر أيضا أفضل من يزيد بن معاوية بحيث لا سبيل إلى المقايسة، ومع ذلك لم يرض عمر أن يولّي ابنه مع وجود من هو خيْر منه؛ لكنّه عيّن أعداء رسول لله(ص) على الأمصار وهو ما سمح لهم بنشر ثقافة معادية لأهل البيت عليهم السلام، وقد تجلّت آثار ذلك فيما بعد في حرب الجمل وحرب صفّين، وبشكل خاص في فاجعة كربلاء.

لماذا ولّى الطّلقاء على المسلمين في جميع الأمصار، والطّلقاء ـ قطعا ـ دون المهاجرين والأنصار؟! وهو القائل على ما نقله ابن تيمية في مجموع فتاواه <من ولي من أمر المسلمين شيئا فولّى رجلا لمودّة أو قرابة بينهما فقد خان الله ورسوله والمسلمين>([127]). وسيأتي لاحقا أنه هو نفسه ولّى قدامة بن مظعون لقرابته لا غير، وندم على ذلك وقال بصريح العبارة < لم يبارك لي فيه>.

وقال المغيرة بن شعبة أخبرنا نبينا(ص)عن رسالة ربّنا من قتل منّا صار إلى الجنّة. قال عمر للنبي(ص)أليس قتلانا في الجنّة وقتلاهم في النّار؟! قال بلى([128]).

أقول: ويوم أحد أيضا كان قتلانا في الجنّة وقتلى المشركين في النّار فما بال عمر يفضل الفرار بنفسه و ترك النبي(ص)بين أيدي الأعداء على الثّبات في وجه الأعداء؟!وهل هناك دنية أكبر من الفرار من الزّحف بعد تجاوز الأربعين من العمر؟!

قال ابن عبد البرّ في ترجمة أبي بكرة:« وكان من فضلاء الصّحابة، وهو الذي شهد على المغيرة بن شعبة فبتّ الشّهادة، وجلده عمر حدّ القذف إذ لم تتمّ الشّهادة ثمّ قال له عمر: تب تقبل شهادتك. فقال له: إنّما تستتيبني لتقبل شهادتي؟ قال: أجل. قال: لا جرم، إنّي لا أشهد بين اثنين أبدا ما بقيت في الدّنيا»([129]).

أقول:إذا كان عمر يعتقد أنّ أبا بكرة لم يكذب على المغيرة بن شعبة في شهادته عليه بالزّنا فكيف يطلب منه أن يكذب نفسه؟ وفي أيّ دين يطلب من الصّادق أن يكذب نفسه؟! وقد تصوّر عمر أنّ أبا بكرة سيحرص على العدالة الشّكلية التي لا علاقة لها بالتّقوى والورع، تصوّر عمر أنّ أبا بكرة سيتخلّى عن عدالته الحقيقيّة مقابل عدالة تمضيها الدّولة، فطلب منه أن يكذب نفسه، وكان جواب أبي بكرة قاسيا حيث أعلمه أنّ الشّهادة ليست مهمّة عنده، وأنه لا يهمّه أن تكذّبه السّلطة الحاكمة طالما هو صادق عند الله تعالى. وقد أصرّ أبو بكرة على موقفه هذا إلى درجة أن سجّله في وصيّته وهو يودّع الدنيا، فشهد أن المغيرة زنى بجارية بني فلان، وأن عمر فرح حين درأ الحدّ عنه. ولو كان أبو بكرة شاكّا في أمر المغيرة لما كتبه في وصيّته، فقد ذكروا أنّه كان مثل النصل من العبادة([130])، ولا يعقل أن يتعمّد عابد بذاك المستوى ختم عمره بقذف رجل بريء. وأمّا فيما يخصّ الشّهادة التي لم تتمّ، فينبغي أن يقال أنّ عمر بن الخطّاب منع من إتمامها حين لقّن الشاهد الرّابع من طرف خفيّ، وقد ظهر ذلك الشّاهد فيما بعد على حقيقته مجرما سفّاحا لا أثر للرّحمة في قلبه. وقد دفع ثمن تفسيق مسلم لحماية فاجر فشهد على أمّه سميّة بالزّنا وعلى أبيه بالدّياثة([131]).

قال الزّبير: حدّثني محمّد بن سلام قال: أرسل عمر بن الخطّاب إلى الشّفّاء بنت عبد الله العدويّة أن أغدي عليّ. قالت: فغدوت عليه فوجدت عاتكة بنت أسيد بن أبي العيص ببابه فدخلنا فتحدّثنا ساعة فدعا بنمط فأعطاها إيّاه ودعا بنمط دونه فأعطانيه قالت: فقلت تربت يداك يا عمر أنا قبلها إسلاما وأنا بنت عمّك دونها وأرسلت إليّ وجاءتك من قبل نفسها! فقال: ما كنت رفعت ذلك إلاّ لك، فلما اجتمعتما ذكرت أنّها أقرب إلى رسول الله(ص)منك([132]).

أقول: هل كانت عاتكة بنت أسيد بن أبي العيص أقرب إلى رسول الله(ص) من فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة (ع)، ومع ذلك فقد بالغ في أذاها حتّى خرجت من الدّنيا ساخطة عليه؟!).

قال ابن حبّان:ثمّ اعتمر عمر وساق معه عشر بدنات ونحرها في منحر رسول الله(ص)ومعه من الصّحابة عبادة بن الصّامت، وأبو ذرّ، وأبو أيّوب، وشدّاد بن أوس، وكان نافع بن عبد الحارث عامله على مكّة فتلقّاه نافع فقال عمر: من خلّفت على أهل الوادي فقال: ابن رجل من الموالي. قال عمر: أمولى أيضا؟ قال: يا أمير المؤمنين إنّه قارئ للقرآن عالم بالفرائض. فقال عمر: سمعت رسول الله(ص)يقول إن الله عز وجل يرفع بهذا القرآن أقواما ويضع به آخرين([133]).

أقول: لماذا يتعجّب عمر من تولية نافع رجلا من الموالي على أهل الوادي وهو نفسه قال: لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيّا لاستخلفته؟ كيف يتعجّب من تولية مولى على محلّة ولا يتعجّب من تولية مولى على المسلمين كافّة؟!

وذكر ابن حبّان أيضا أنّ عمر بن الخطّاب قال: إنما أتخوّف أحد رجلين إمّا رجل يرى أنّه أحقّ بالملك من صاحبه فيقاتله أو رجل يتأوّل القرآن. في كتاب الله الشّيخ والشّيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة نكالا من الله والله عزيز حكيم. ألا فلا تهلكوا عن آية الرجم فقد رجم رسول الله(ص) ورجمنا معه، ولولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي فقد قرأناها بكتاب الله([134]).

ألم يقل عمر «إذا وليت شيئا من أمر النّاس فلا تبال لومة لائم»([135])، فما باله يبالي بلوم اللاّئمين ويخشى أقوالهم أن يقولوا زاد في كتاب الله.

قال ابن حبّان: أرسل عمر إلى عائشة يستأذنها في أن يدفن مع رسول الله(ص) وأبى بكر فأذنت له، فقال عمر: أنا أخشى أن يكون ذلك لمكان السّلطان منّى! فإذا متّ فاغسلوني، فكفّنوني، ثمّ قفوا بي على بيت عائشة وقولوا: أيلج عمر؟ فان قالت نعم فأدخلوني، وإن أبت فادفنوني بالبقيع([136]).

أقول: يستأذن عند بيت عائشة إحدى أزواج النبي(ص) ولا يستأذن عند بيت فاطمة سيدة نساء العالمين وبنت خير الخلق أجمعين، وقد أمر في القرآن الكريم بمودة آل رسول الله لا بمودة آل أبي قحافة، والله سائله عن هذا التصرّف المتناقض، ولا يؤذن لأحد من أرباب التّبرير أن يدافع عنه يومها. والنقطة الأخرى هي أنّهم رووا أنّ النبي(ص)لا يورث، وبموجب ذلك حرموا فاطمة (ع) ميراثها، وإذا كان الأمر كذلك فمن أين حصلت عائشة على البيت؟! إن كان بالميراث فإن فاطمة أولى؛ وإن كان بالنحلة فلم أخذوا من فاطمة عليها السلام ما كان تحت يدها في حياة أبيها(ص)؟! و على فرض أن عائشة ورثت فإنها لا ترث إلا التسع من الثّمن، لأنّ النبي(ص) توفي عن تسع نساء، والمرأة لا ترث إلا الثّمن مع وجود الولد كما هو مفصّل بدقّة في سورة النساء الشّريفة. وتبقى المسألة محلّ تدبّر.

قال ابن حزم: وقد جاء ما قلناه عن عمر (رض)نصّا دون تأويل كما أنبأ عبد الله بن ربيع (...) عن بكير بن عبد الله بن الأشجّ أنّ عمر بن الخطّاب قال:« سيأتي قوم يجادلونكم بشبهات القرآن فخذوهم بالسّنن فإنّ أصحاب السّنة أعلم بكتاب الله عز وجل»([137]).

إذا فلماذا قال يوم الرّزيّة حسبنا كتاب الله وهاهو ذا يرجع إلى السّنن؟ وهل السّنن إلاّ قول وفعل وتقرير النّبي(ص)؟! ماذا يقول المدافعون عن عمر في هذا وأمثاله؟ ).

في حديث ابن عمر عند بن أبي شيبة أنّ أبا بكر مرّ بعمر وهو يقول:«ما مات رسول الله(ص)ولا يموت حتى يقتل الله المنافقين وكانوا اظهروا الاستبشار ورفعوا رؤوسهم فقال: أيّها الرّجل إنّ رسول الله(ص)قد مات ألم تسمع الله تعالى يقول إنك ميّت وإنّهم ميّتون، وقال تعالى: وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد([138]).

إذا، لماذا يقول حسبنا كتاب الله؟!ما معنى حسبنا كتاب الله في حياة النبي(ص)؟ ولماذا عسكر بالجرف ولم يبتعد عن المدينة حين كان في جيش أسامة؟! وأين كانت الملائكة التي تحدّثه عادة وتصوّب قوله وفعله مقابل قول وفعل النّبي(ص)؟!).

عن يعلى بن أمية (رض)قال طفت مع عمر (رض)فلما كنت عند الركن الذي يلي الباب مما يلي الحجر أخذت بيده ليستلم فقال ما طفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت بلى قال فهل رأيته يستلمه قلت لا قال ما بعد عنك فان لك في رسول الله أسوة حسنة([139]).

أقول: من يسمع هذا الكلام يتصوّر أنّ عمر بن الخطّاب كان مقتديا بالنبي(ص) في كلّ أقواله وأفعاله، متأسيا به في هديه، والحال غير ذلك، فإنّه كان يخالفه في حياته، وتوسّع في مخالفته بعد وفاته(ص)، وتفاصيل ذلك موزّعة في كتب الفرقين.

وعن ابن جريج قال أخبرني عمرو بن دينار أن عبد الله بن أبي سلمة حدثه أن سليمان بن يسار أخبره أن التّوأمة بنت أميّة بن خلف طلّقت البتّة فجعلها عمر بن الخطّاب واحدة. قال وأخبرنا معمر وبن جريج عن عمرو بن دينار عن محمد بن عباد بن جعفر أن عمر بن الخطّاب سئل عن رجل طلّق امرأته البتّة فقال الواحدة تبتّ، راجع امرأتك فهي واحدة.

مرة يجعل الواحدة ثلاثا ومرة يجعل الثلاث واحدة!

قال أبو بكر: «من كان يعبد الله فإنّ الله حيّ لا يموت، ومن كان يعبد محمّدا فإنّ محمّدا قد مات وقال: " إنك ميت وإنهم ميتون " فقال عمر: أفي كتاب الله هذا يا أبا بكر قال: نعم قال عمر: هذا أبو بكر صاحب رسول الله في الغار وثاني اثنين فبايعوه فحينئذ بايعوه([140])!

و عن الحكم بن عتيبة أن رسول الله(ص)بعث عمر بن الخطّاب على الصدقة فأتى العباس يسأله صدقة ماله قال قد عجلت لرسول الله(ص)صدقة سنتين فرافعه إلى رسول الله(ص)فقال رسول الله(ص) صدق عمّي قد تعجلنا منه صدقة سنتين([141]).

في حياة النبي (ص) ولا يثق في العباس!. قال أخبرنا الفضل بن دكين قال حدثنا أبو إسرائيل عن الحكم قال بعث النبي(ص)عمر على السعاية فأتى العباس يطلب منه صدقة ماله فأغلظ له فأتى عليا فاستعان به على النبي(ص)فقال (ص)تربت يداك أما علمت أن عمّ الرجل صنو أبيه إن العباس، سلفنا زكاة العام عاما أول.

أقول:

هذا ما جرى بين عمر والعباس بن عبد المطلب ، يوما يكذّبه ويوما يستسقي به!

قال نافع بن الحارث بخصوص قصة المغيرة: رأيته على بطن المرأة يحتفز عليها، ورأيته يدخل ما معه ويخرجه كالميل في المكحلة. ثم شهد شبل بن معبد على شهادته، ثم أبو بكرة، ثم أقبل زياد رابعا. فلما نظر إليه عمر قال: أما إني أرى وجه رجل أرجو أن لا يرجم رجل من أصحاب رسول الله(ص)على يده ولا يخزى بشهادته. وكان المغيرة قدم من مصر فأسلم وشهد الحديبية مع رسول الله(ص). فقال زياد: رأيت منظرا قبيحا وسمعت نفسا عاليا. وما أدرى أخالطها أم لا ؟ ويقال لم يشهد بشئ. فأمر عمر بالثّلاثة فجلدوا([142]).

يقول عمر: أرجو ألاّ يرجم رجل من أصحاب رسول الله(ص)على يده ولا يخزى بشهادته، فلماذا أخزى رجلا من أصحاب رسول الله(ص) اسمه أبو بكرة وجلده وسلبه عدالته وأبطل شهادته؟! ماذا يقول المنصفون في مثل هذا المقام من الكيل بمكيالين؟.

و عن عبد الملك بن عبد الله بن أبي سفيان عن عمه أنه سمع عمر بن الخطّاب يقول قيّدوا العلم بالكتاب([143]).

أقول:

وهذا عجيب منه وهو الذي منع من تدوين السنّة فبقي المسلمون إلى زمن متأخّر ليس لهم كتاب في حديث النبي(ص)([144]).

وعن إسماعيل بن خالد عن قيس أنّ عمر بن الخطّاب فرض لأهل بدر لقريبهم ومولاهم في خمسة آلاف خمسة آلاف وقال لأفضّلنّهم على من سواهم.

أقول:

ليته فضّل أهل بدر فيما هو أهمّ من ذلك، وأقصد به المناصب الحسّاسة التي تتعلق بمستقبل دولة الإسلام يومها؛ لكن الذي حصل هو العكس تماما، فقد عيّن عمر على البدريّين طلقاء لا همّ لهم إلا مصالحهم الشخصية والعائلية والقبليّة، وقد بدت نتائج ذلك وآثاره فيما بعد في حرب الجمل وحرب صفّين والانقسام الذي حصل بين المسلمين والذي لم يلتئم إلى يومنا هذا!

قالوا: فأرسل عمر إلى أبي ذر وإلى سلمان فقال لأبي ذر أنت سمعت هذا الحديث من رسول الله(ص) قال نعم والله وبعد الوادي واد آخر من نار قال وسأل سلمان فكره أن يخبر بشيء فقال عمر: من يأخذها بما فيها؟ فقال: أبو ذر من سلت الله أنفه وعينيه وأصدع خدّه إلى الأرض([145]).

أقول: بعد هذا يجتهد في صرف الأمر عن عليّ (ع)حتّى وهو على فراش الموت.ويقول: لا أتحمّلها حيّا وميتا، وهو قد تحمّلها تمام التّحمّل لأنه حسم قضيتها بطريقته، فحدّد المهلة وعدد المرشّحين والحكم الفصل فيها، وهل هناك تحمّل أكبر من هذا؟!

وعن موسى بن علي بن رباح عن أبيه أن عمر بن الخطّاب خطب الناس في الجابية فحمد الله وأثنى عليه ثم قال من أحبّ أن يسأل عن القرآن فليأت أبيّ بن كعب، ومن أحبّ أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومن أحب أن يسأل عن الفقه فليأت معاذ بن جبل، ومن أحبّ أن يسأل عن المال فليأتني فإن الله جعلني خازنا وقاسما.

أقول:

لا يدرى أين تصنف هذه المغالطات وما شابهها، فإنّ عمر يقول « لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو حسن »، وطالما استخرج له علي (ع)الحلول بعد أن يئس غيره! فالرجل عن عمد يلبّس على نفسه وعلى المسلمين وهو يعرف باب مدينة العلم كما يعرف أبناءه.

فوثب عمرو بن العاص فقال يا أمير المؤمنين أرأيت إن كان رجل من المسلمين على رعية فأدب بعض رعيته إنّك لمقصّه منه؟ قال: أي والذي نفس عمر بيده لأقصنه منه، أنا لا أقصه منه وقد رأيت رسول الله(ص)يقص من نفسه؟ ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم ولا تمنعوهم من حقوقهم فتكفروهم ولا تجمروهم فتفتنوهم ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم([146])!

أقول:

يقول هذا وهو صاحب الدرة يضرب النساء والرجال على حد سواء!.

و روى عبد الرزاق عن الثوري عن يونس بن عبيد عن ابن سيرين قال: قال عمر بن الخطّاب:« ما في شيء من أمر الجاهلية غير شيئين غير أني لست أبالي أي المسلمين أنكحت وأيّهن نكحت»([147]). وروى أيضا عن ابن جريج قال «أخبرني إبراهيم بن أبي بكر أن عمر بن الخطّاب كان يشدد في الأكفاء» ([148]). والجمع بين القولين كما ترى! فهو يشدّد من جهة، ولا يبالي من جهة.

قالوا: قال عمر: «ألا وإنّه بلغني أنّ فلانا قال لو قد مات عمر بايعت فلانا! فمن بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فإنّه لا بيعة له ولا للذي بايعه»([149]).

أقول:

فهل كانت بيعته لأبي بكر عن مشورة من المسلمين؟!

قال ابن حبان: انقلب عبد الرحمن بن عوف إلى منزله بمنى في آخر حجّة حجّها عمر بن الخطّاب فقال: إن فلانا يقول لو قد مات عمر بايعت فلانا قال عمر إني قائم العشيّة في النّاس وأحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمرهم.

أقول:

أليس ذلك ما فعله عمر وأبو عبيدة؟ بايعا أبابكر من دون مشورة من المسلمين؟!

وفي صحيح ابن حبان: قال أبو حاتم: «قول عمر إن بيعة أبي بكر كانت فلتة ولكن الله وقى شرها يريد أن بيعة أبي بكر كان ابتداؤها من غير ملأ والشيء الذي يكون عن غير ملأ يقال له الفلتة وقد يتوقع فيما لا يجتمع عليه الملأ الشرّ»([150]).

و عن معمر عن عبيد الله بن عدي بن الخيار قال: قال عمر لا تبغضوا الله إلى عباده يكون أحدكم إماما فيطول عليهم ما هم فيه ويكون أحدكم قاصا ويطول عليهم ما هم فيه([151]).

يقول هذا وهو الذي يصلّي بهم الصبح فيقرآ سورة يوسف وسورة الكهف!!

 

 

روايات عمر .

قال السيوطي: > روى له عن رسول الله(ص)خمسمائة حديث وتسعة وثلاثون حديثا روى عنه عثمان بن عفان وعلى بن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وابن مسعود وأبو ذر وعمرو بن عنبسة وابنه عبد الله وابن عباس وابن الزبير وأنس وأبو هريرة وعمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري والبراء بن عازب وأبو سعيد الخدري وخلائق آخرون من الصحابة وغيرهم <([152]).

وعن ابن علية عن رجاء بن أبي سلمة قال بلغني أنّ معاوية كان يقول عليكم من الحديث بما كان في عهد عمر فإنّه كان قد أخاف النّاس في الحديث عن النّبيّ (ص)([153]).

لا تعليق !

و عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطّاب قال: حدثت أن موسى أو عيسى قال يا ربّ ما علامة رضاك عن خلقك؟ قال أن أنزل عليهم الغيث إبان زرعهم، وأحبسه إبان حصادهم، وأجعل أمورهم إلى حلمائهم وفيئهم في أيدي سمحائهم. قال: يا ربّ فما علامة السّخط؟ قال: أن أنزل عليهم الغيث إبّان حصادهم وأحبسه إبّان زرعهم واجعل أمورهم إلى سفهائهم وفيئهم في أيدي بخلائهم([154]). والله تعالى أعلم.

يقول عمر بن الخطّاب: «حدّثت» بالمبنيّ للمجهول، ولا يبعد أن يكون المحدّث كعب الأحبار! وقد امتنع القطر حتى أجدبت الأرض في خلافة عمر، وعام الرّمادة هو عام الرّمادة، فإن يكن ما حدّثه عمر صحيحا فقد كان الله ساخطا على أهل المدينة في خلافته، وهو من أهل المدينة! وإذا كان الأمر كذلك فإنّه لا يخفى مقتضى عبارة « واجعل أمورهم إلى سفهائهم»، وقد كانت الأمور عام الرمادة وقبله وبعده بيد عمر!

وعن يحيى بن سعيد الأنصاري قال أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي أنّه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول سمعت عمر بن الخطّاب على المنبر قال «سمعت رسول الله (ص)يقول إنما الأعمال بالنيات وإنما لكلّ امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه»([155]).

و عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أنّ عمر بن الخطّاب خطب بالجابية فقال قام فينا رسول الله (ص)قيامي فيكم فقال استوصوا بأصحابي خيرا ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشو الكذب حتى إن الرجل ليسبق بالشهادة قبل أن يسألها فمن أراد منكم بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد ولا يخلون أحدكم بامرأة فإن الشيطان ثالثهما ومن سرته حسنة وساءته سيئة فهو مؤمن([156]).

يقوم رسول الله في أصحابه ويقول لأصحابه« استوصوا بأصحابي خيرا»

هكذا يقول الحديث، وهذا يورد إِشكالا كبيرا على علماء الرجال في تعريفهم للصحابي!

عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن عبد الله بن معبد عن أبي قتادة قال جاء أعرابي إلى النبي(ص)يسأله كيف صيامك فأعرض عنه وكان إذا سئل عن شيء يكرهه عرف ذلك في وجهه فسكت حتى ذهب غضب رسول الله(ص)ثم قال له عمر كيف تقول يا رسول الله في صيام الدهر قال لا صام ولا أفطر أو قال ما صام وما أفطر قال فما تقول في صيام يومين وفطر يوم قال ومن يطيق ذلك قال فصيام يوم وفطر يومين قال وددت أن أطيق ذلك قال فصيام يوم وفطر يوم قال ذلك صيام داود. قال: فما تقول في صيام ثلاثة أيام من كل شهر؟ قال: ذلك صيام الدّهر قال: فصيام يوم الاثنين؟ قال: ذلك يوم ولدت فيه ويوم أنزل عليّ فيه قال فصيام عاشوراء؟ قال: كفّارة سنة. قال فصيام يوم عرفة؟ قال: كفّارة سنة وما قبلها([157]).

وفي كتاب الجهاد عن معمر عن الزهري أنّ عمر بن الخطّاب خرج على مجلس في مسجد رسول الله (ص)وهم يتذاكرون سريّة هلكت في سبيل الله فيقول بعضهم هم عمّال الله هلكوا في سبيله فقد وجب أو وقع أجرهم على الله، ويقول قائل الله أعلم بهم لهم ما احتسبوا؛ فلمّا رآهم عمر قال لهم ما كنتم تتحدّثون قالوا كنّا نتحدث في هذه السريّة فيقول قائل كذا ويقول قائل كذا فقال عمر: والله إن من النّاس ناسا يقاتلون ابتغاء الدنيا وإن من الناس ناسا يقاتلون رياء وسمعة وإن من النّاس ناسا يقاتلون إن دهمهم القتال ولا يستطيعون إلاّ إياه وإن من النّاس ناسا يقاتلون ابتغاء وجه الله أولئك الشّهداء وكلّ امرئ منهم يبعث على الذي يموت عليه، وإنّها والله ما تدري نفس ما هو مفعول بها ليس هذا الرّجل الذي قد تبيّن لنا أنّه قد غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر([158]).

أقول: أخطأ عمر ههنا، لأنّه غفل أو تغافل عن أمر لم يكن ينبغي له أن يغفل عنه، فإنّ رسول الله(ص) شهد بمحضره لعليّ وفاطمة والحسن والحسين بالجنّة، وشهد لجعفر بن أبي طالب أنه يطير مع الملائكة في الجنّة. هؤلاء قطعا في الجنّة لا يشكّ في ذلك إلا مكذّب لرسول الله(ص). و مع ذلك لا يستثنيهم عمر بن الخطّاب ويقول بكل بساطة « ليس هذا الرّجل الذي قد تبيّن لنا أنّه قد غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر»([159]). فإن كان لا يعتقد بنجاتهم فقد كذّب رسول الله(ص)! وإن كان تجاهلهم فقد أساء الأدب مع الله تعالى في حقّ من يصلّي عليهم يوميا في كل صلواته فرضا ونفلا !

قال الرّازيّ: عن عمر بن الخطّاب «إن الرّجل ليخرج من منزله وعليه من الذّنوب مثل جبل تهامة، فإذا سمع العلم وخاف واسترجع على ذنوبه انصرف إلى منزله وليس عليه ذنب، فلا تفارقوا مجالس العلماء فإن الله لم يخلق تربة على وجه الأرض أكرم من مجالس العلماء([160]).

أقول: لكن عمر شهد على نفسه أنه ألهاه الصفق في الأسواق عن العلم.

قال الرازي: وقال ابن عبّاس إني لأرجو كما لا ينفع مع الشّرك عمل كذلك لا يضرّ مع التوحيد ذنب. ذكر ذلك عند عمر بن الخطّاب فسكت عمر([161]).

وعن محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول سمعت عمر بن الخطّاب يقول على المنبر سمعت رسول الله(ص)يقول: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فهذا أيضا عموم لكل عمل ولا يجوز أن يخص به بعض الأعمال دون بعض بالدعوى([162]).

وعن عمر بن الخطّاب قال: «كنت جالسا مع النبي(ص)فقال: أنبئوني بأفضل أهل الإيمان إيمانا قالوا: يا رسول الله الملائكة. قال: هم كذلك ويحق لهم، وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها. قالوا: يا رسول الله الأنبياء الذين أكرمهم الله برسالاته والنبوّة. قال: هم كذلك ويحقّ لهم وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها. قالوا: يا رسول الله الشهداء الذين استشهدوا مع الأنبياء. قال: هم كذلك ويحقّ لهم وما يمنعهم وقد أكرمهم الله بالشّهادة مع الأنبياء بل غيرهم؛ قالوا: فمن يا رسول الله؟ قال: أقوام في أصلاب الرّجال يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني ويصدّقونني ولم يروني يجدون الورق المعلّق فيعملون بما فيه فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيمانا([163]).

أقول: إن صحّ الحديث فإنّه ينسف حديث القرن الأوّل ودعوى أنّ إيمان الصّحابة ليس فوقه ولا مثله إيمان، لأنّ الحديث المذكور أعلاه يقول: " فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيمانا"، وبالإيمان يتفاضل النّاس عند الله تعالى.

قال ابن الجوزيّ: قوله تعالى{ إذ تستغيثون ربكم} سبب نزولها ما روى عمر بن الخطّاب: لمـّا كان يوم بدر نظر النّبي(ص) إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيف ونظر إلى المشركين وهم ألف وزيادة فاستقبل القبلة ثم مدّ يديه وعليه رداؤه وإزاره ثم قال: اللهمّ أنجز ما وعدتني، اللهمّ أنجز ما وعدتني، اللهمّ إنّك إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض أبدا، فما زال يستغيث ربّه ويدعوه حتى سقط رداؤه، فأتاه أبو بكر الصديق فأخذ رداءه فرداه به ثمّ التزمه من ورائه وقال: يا نبيّ الله كفاك مناشدتك ربّك فإنّه سينجز لك ما وعدك! وأنزل الله تعالى هذه الآية.

أقول: إذا كان أبو بكر بهذه الدّرجة من الثّقة بالله والطمأنينة بحيث يطمئن رسول الله(ص)فما باله لم يطمئن نفسه في الغار على فرض كونه "صاحبه في الغار"؟.

وفي الصّحيح أنّ عمر بن الخطّاب قال له يهودي آية في كتابكم تقرءونها لو علينا نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا فقال له عمر أي آية هي فقال اليوم أكملت لكم دينكم فقال له عمر قد علمنا ذلك اليوم نزلت على رسول الله (ص)وهو واقف بعرفة يوم الجمعة([164]).

أقول:هذه الرواية معارضة بروايات نزول الآية يوم الغدير.

وعن عمر بن الخطّاب أيضا أن رسول الله(ص)قال من دخل السّوق فقال لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف ألف درجة([165]).

أقول: إذا علم أن عمر كان يلهيه الصفق بالأسواق على حضور مجالس رسول الله تبيّن سبب اهتمامه بهذه الرواية وما تعد به من الأجر الكبير. فهنيئا للتّجار والمتسوّقين.

قال ابن كثير: وعن عمر بن الخطّاب قال: قال رسول الله(ص):« إني ممسك بحجزكم هلمّ عن النّار هلمّ عن النار وتغلبونني، تتقاحمون فيها تقاحم الفراش والجنادب فأوشك أن أرسل حجزكم وأنا فرطكم على الحوض فتردون علي معا وأشتاتا أعرفكم بسيماكم وأسمائكم كما يعرف الرجل الغريب من الإبل في إبله فيذهب بكم ذات اليمين وذات الشمال فأناشد فيكم رب العالمين أي ربّ قومي أي رب أمتي، فيقال: يا محمد إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك إنهم كانوا بعدك يمشون القهقرى على أعقابهم([166]).

و عن عمر بن الخطّاب عن رسول الله(ص)قال: " ليس من ليلة إلا والبحر يشرف فيها ثلاث مرات يستأذن الله أن ينفضح عليهم فيكفه الله عز وجل "([167]).

أقول: تكلّموا في هذا الحديث من جهة الإسناد، ويكفي لردّه أنّه تعارضه أحاديث أن الله تعالى آمن هذه الأمة من الخسف والغرق و..، فإذا كان الله تعالى قد آمن الأمّة من الغرق فما معنى أن يستأذن البحر كلّ ليلة؟!

وأخرج الطبراني وغيره بسند جيد عن عمر بن الخطّاب أن رسول الله قال لعائشة إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا هم أصحاب البدع وأصحاب الأهواء([168]).

أقول: إن تكن البدع المستحسنة أيضا منها يضقِ الخناق على الخليفة، فإنّ بدعه المستحسنة عديدة، وقد شهد على نفسه بذلك حين قال:«نعمت البدعة»([169]).

قال الجصّاص: وروى يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عبّاس سمعت عمر بن الخطّاب يقول سمعت رسول الله(ص)يقول وهو بوادي العقيق أتاني الليلة آت من ربّي فقال: صلّ في هذا الوادي المبارك وقل حجّة وعمرة. وروي عمرة في حجة([170]).

وفيه رد على منكري التبرّك.

و أخرج الحاكم وصحّحه عن عمر بن الخطّاب قال: قال رسول الله(ص) «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتّى تقوم السّاعة » ([171]).

الحديث يقول «طائفة من أمتي» ولا يقول كلّ أمّتي، وعلامة كون الأمّة على الحقّ كونها تحت راية علي بن أبي طالب عليه السلام، لأنّه مع الحق والحقّ معه يدور معه حيث دار، ويوم السّقيفة لم يكن عليّ عليه السلام مع جماعة السّقيفة، ولم تكن جماعة السقيفة تحت راية عليّ، بل كانت في مواجهته، وبما أنّ القرآن الكريم يقول بصراحة ﴿فماذا بعد الحقّ إلاّ الضّلال﴾، فقد كانت جماعة السّقيفة تحت راية الضّلال، وقد أجرى الله تعالى على لسان عمر اعترافا بذلك حين قال " إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة "، فشهد عليها أنّها فلتة، وأنّ صاحب مثلها يستحقّ القتل" فمن عاد لمثلها فاقتلوه "، وإذا كان صاحب مثلها يستحقّ القتل فإنّ صاحبها أيضا يستحقّ القتل، لأنّ حكم الأمثال واحد، ولا تبديل لكلمات الله.

قال السيوطي: وأخرج الحاكم وصحّحه عن عمر بن الخطّاب قال: قال رسول الله(ص) لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحقّ حتّى تقوم السّاعة([172]).

الحديث يقول طائفة من أمّتي ولا يقول كل أمّتي، وعلامة كون الأمّة على الحقّ كونها تحت راية عليّ بن أبي طالب (ع)، لأنّه مع الحقّ والحقّ معه يدور معه حيث دار، ويوم السّقيفة لم يكن عليّ عليه السلام مع جماعة السقيفة، ولم تكن جماعة السقيفة تحت راية عليّ، بل كانت في مواجهته، وبما أنّ القرآن الكريم يقول بصراحة ﴿فماذا بعد الحقّ إلاّ الضّلال﴾، فقد كانت جماعة السّقيفة تحت راية الضّلال، وقد أجرى الله تعالى على لسان عمر اعترافا بذلك حين قال «إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة»، فشهد عليها أنّها فلتة، وأنّ صاحب مثلها يستحقّ القتل«فمن عاد لمثلها فاقتلوه»، وإذا كان صاحب مثلها يستحقّ القتل فإنّ صاحبها أيضا يستحقّ القتل، لأنّ حكم الأمثال واحد، ولا تبديل لكلمات الله.

وعن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطّاب عن النبي(ص) أنه قال «إنّ الميت ليعذّب في قبره بالنياحة» رواه البخاريّ في الصحيح عن عبدان عن أبيه عن شعبة([173]).(روايات عمر ).

وعن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة قال توفيت ابنة لعثمان (رض)بمكة وجئنا لنشهدها وحضرها بن عمر وبن عباس رضي الله عنهم وإني لجالس بينهما أو قال جلست إلى أحدهما ثم جاء الآخر فجلس إلى جنبي فقال عبد الله بن عمر{ لعمرو بن عثمان ألا تنهى عن البكاء فإن رسول الله(ص)قال إنّ الميت ليعذّب ببكاء أهله عليه، فقال ابن عبّاس{قد كان عمر>يقول بعض ذلك ثم حدث قال صدرت مع عمر>من مكّة حتى إذا كنا بالبيداء إذا هو بركب تحت ظلّ سمرة فقال اذهب فانظر من هؤلاء الرّكب قال فنظرت فإذا صهيب فأخبرته فقال: ادعه لي فرجعت إلى صهيب فقلت ارتحل فالحق أمير المؤمنين فلما أصيب عمر دخل صهيب يبكي يقول وا أخاه، وا صاحباه! فقال عمر>: يا صهيب أتبكي عليّ وقد قال رسول الله(ص) إنّ الميت يعذّب ببعض بكاء أهله عليه؟ قال ابن عباس{: فلما مات عمر>ذكرت ذلك لعائشة<فقالت: رحم الله عمر والله ما حدّث رسول الله(ص)«إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه» ولكن رسول الله(ص)قال إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه وقالت حسبكم القرآن {ولا تزر وازرة وزر أخرى}. قال ابن عباس{ عند ذلك والله هو أضحك وأبكى قال بن أبي مليكة والله ما قال ابن عمر{ شيئا([174]).

أقول: "ما قال ابن عمر شيئا" معناه أنّه يسلّم بما ذكره ابن عباس، وما ذكره ابن عباس يبطل ما قاله ابن عمر؛ وحسبك قول عائشة « والله ما حدّث رسول الله(ص)«إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه» فإنّها تقسم أنّ رسول الله(ص) لم يقل ما نقله ابن عمر وأبوه. وقد ثبت أن رسول الله(ص) بكى لوفاة ولده إبراهيم وعمّه أبي طالب وزوجته خديجة وشهادة عمه حمزة وشهادة جعفر بن أبي طالب.

قال الرازي: روى ابن عمر عن النبي(ص)أنّه قال إن الميت ليعذب ببكاء أهله فعائشة طعنت في صحّة هذا الخبر واحتجّت على صحة ذلك الطّعن بقوله تعالى {ولا تزر وازرة وزر أخرى} فإنّ تعذيب الميت بسبب بكاء أهله أخذ للإنسان بجرم غيره وذلك خلاف هذه الآية([175]).

وعن نافع عن ابن عمر عن عمر أنه سأل رسول الله (ص)أ ينام أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم، ويتوضّأ وضوءه للصّلاة([176]).

وفي فتح القدير أيضا: أخرج البخاريّ في تاريخه وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عمر بن الخطّاب في قوله {ألم تر إلى الذين بدّلوا نعمة الله كفرا} قال: هما الأفجران من قريش بنو المغيرة وبنو أميّة، فأمّا بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر وأمّا بنو أميّة فمتّعوا إلى حين([177]).

أقول: فلماذا كان يولّيهم على الأمصار على رؤوس المهاجرين والأنصار ما دام يعلم أنهم كذلك؟

و عن نافع عن عبد الله بن عمر قال رأى عمر بن الخطّاب حلة سيراء عند باب المسجد فقال يا رسول الله لو اشتريتها فلبستها يوم الجمعة وللوفد؟ قال: إنما يلبسها من لا خلاق له في الآخرة. ثمّ جاءت حلل فأعطى رسول الله(ص)عمر منها حلّة وقال: أكسوتنيها وقلت في حلة عطارد ما قلت؟ فقال: إني لم أكسكها لتلبسها، فكسا عمر أخا له بمكّة مشركا([178]).

عن علقمة بن وقّاص عن عمر بن الخطّاب وفى حديث الحرث أنه سمع عمر يقول قال رسول الله(ص)إنما الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه([179]).

أقول: فما هو الظّنّ إذا بمن ناوروا وتمرّدوا على أوامر رسول الله(ص)وتخلّفوا عن جيش أسامة واحتلّوا المدينة احتلالا، ثمّ هجموا على أشرف بيت وهدّدوا بتحريقه إذا هو لم يدخل فيما دخل فيه الناس؟! صار آل رسول الله من الناس، وصارت قريش ملوك الناس!وتلك الأمثال نضربها للناس.

و عن يحيى بن هانئ عن نعيم بن دجاجة قال سمعت عمر بن الخطّاب يقول لا هجرة بعد وفاة رسول الله(ص)([180]).

و عن قيس ابن مسلم عن طارق بن شهاب قال جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطّاب فقال يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا قال أي آية قال اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم السلام دينا فقال عمر إني لأعلم المكان الذي نزلت فيه واليوم الذي نزلت فيه نزلت على رسول الله(ص)في عرفات في يوم جمعة([181]).

وعن شعبة قال حدثنا خليفة قال سمعت عبد الله بن الزبير قال لا تلبسوا نساء كم الحرير فاني سمعت عمر بن الخطّاب يقول قال رسول الله(ص)من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة([182]).

و عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله(ص)قال يوم خيبر لأدفعنّ اليوم اللواء إلى رجل يحب الله ورسوله يفتح الله عليه قال عمر فما أحببت الإمارة إلا يومئذ فتطاولت لها فقال لعلي قم فدفع اللواء إليه ثم قال له اذهب ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك فمشى هنيهة ثم قام ولم يلتفت للعزمة فقال على ما أقاتل الناس...([183]).

فيها اعتراف عمر بحب الإمارة، واعترافه بأن عليا (ع) دقيق في تطبيق طاعة النبي(ص) إذ أنه لم يلتفت بعد أن قال له " اذهب ولا تلتفت ".

وعن عمر بن الخطّاب أن رسول الله(ص)قال: من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف ألف درجة خرجه الترمذي([184]).

 

مخالفات عمر للنبي(ص) :

بدأ عمر بن الخطّاب إسلامه بمخالفة النبي(ص). قال السيوطي: وأخرج ابن أبي شيبة عن جابر:«قال كان أول إسلام عمر أن عمر قال ضرب أختي المخاض ليلا فخرجت من البيت فدخلت في أستار الكعبة فجاء النبي(ص)فدخل الحجر وعليه تبان، وصلى لله ما شاء الله ثمّ انصرف، فسمعت شيئا لم أسمع مثله فخرج فاتبعته فقال: من هذا؟ فقلت: عمر! فقال: يا عمر ما تدعني لا ليلا ولا نهارا؟ فخشيت أن يدعو علي فقلت أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله! فقال: يا عمر أسرّه. قلت: لا والذي بعثك بالحقّ لأعلننه كما أعلنت الشّرك([185]).

و لم يترك عمر مخالفته للنّبيّ بعد وفاته(ص) فهذا القوشجيّ الحنفيّ يذكر في شرح التّجريد في مبحث الإمامة ما نصّه أنّ عمر قال وهو على المنبر أيها النّاس ثلاث كنّ على عهد رسول الله(ص)وأنا أنهى عنهنّ وأحرّمهن وأعاقب عليهنّ: متعة النّساء. ومتعة الحجّ. وحيّ على خير العمل. ثمّ راح القوشجيّ يبرّر فعل عمر ويلتمس له العذر إذ يعتبره مجتهدا فقال:"إنّ ذلك ليس ممّا يوجب قدحا فيه فإنّ مخالفة المجتهد لغيره في المسائل الاجتهادية ليس ببدع ".

يقول القوشجي" مخالفة المجتهد لمثله "! و إذاً، فرسول الله وعمر مثلان !!

ويقول القوشجيّ " في المسائل الاجتهادية "، فهل يكون الأذان
ومتعة الحجّ ومتعة النّساء الواردتان في القرآن الكريم من المسائل الاجتهاديّة؟ !

وروى البخاريّ في صحيحه عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عبّاس قال: لما اشتدّ بالنبي(ص) وجعه قال ائتوني بكتاب اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده قال عمر إنّ النبيّ(ص)غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا فاختلفوا وكثر اللغط قال قوموا عنى ولا ينبغي عندي التنازع فخرج ابن عبّاس يقول إنّ الرّزيئة كلّ الرّزيئة([186]) ما حال بين رسول الله(ص)وبين كتابه الكتاب([187]).

و في رواية بكى ابن عبّاس حتى خضب دمعه الحصباء فقال: اشتدّ برسول الله(ص)وجعه فقال: أتوني بكتاب اكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده أبدا. فتنازعوا ولا ينبغي عند نبيّ التّنازع فقالوا: هجر رسول الله(ص) !([188]).

قال الآلوسيّ: روي أن عيينة والأقرع جاءا يطلبان أرضا من أبي بكر فكتب بذلك خطا فمزقه عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه وقال: هذا شيء يعطيكموه رسول الله(ص)تأليفا لكم فأمّا اليوم فقد أعزّ الله تعالى الإسلام وأغنى عنكم، فإن ثبتّم على الإسلام وإلاّ فبيننا وبينكم السّيف فرجعوا إلى أبي بكر فقالوا: أنت الخليفة أم عمر؟ بذلت لنا الخطّ ومزّقه عمر! فقال>: هو إن شاء! ووافقه ولم ينكر عليه أحد من الصّحابة (رض) مع احتمال أنّ فيه مفسدة كارتداد بعض منهم وإثارة ثائرة([189]).

أقول: في هذه القصّة لم يخالف عمر أبا بكر فقط بل خالف رسول الله(ص) وخالف الله تعالى، وسهم المؤلّفة قلوبهم ثابت في القرآن الكريم ولم ينزل قرآن ينسخه. وأما قوله « ولم ينكر عليه أحد من الصّحابة» فإنّه لا معنى له لأن الأمور الشرعية لم تبن يوما من الأيام على إنكار الصحابة وعدم إنكارهم، والمتأمّل في قول الله تعالى {لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتّم}يستشفّ أمورا كثيرة، ويكفي أنّ الصحابة لم يستنكروا الهجوم على بيت فاطمة عليها السلام والتهديد بتحريقه، وهذا مما يصدق عليه قول الله تعالى {وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم}.

روى عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني بن أبي الحسين أن ابن شهاب أخبره أنّ عثمان كان يصدق الخيل وأنّ السّائب بن يزيد أخبره أنّه كان يأتي عمر بن الخطّاب بصدقة الخيل قال أبن أبي حسين: وقال ابن شهاب «لم أعلم أن النبي(ص)سن صدقة الخيل»([190]).

ورووا أنّ عمر بن الخطاب خرج ليلة ومعه عبد الرحمن بن عوف وذلك في رمضان والنّاس أوزاع متفرقون يصلّي الرجل لنفسه، ويصلّي الرّجل فيصلّي بصلاته النّفر، فقال عمر بن الخطّاب: إنّي لأظنّ أن لو جمعنا هؤلاء على قارئ واحد كان أفضل؛ فعزم أن يجمعهم على قارئ واحد فأمر أبيّ بن كعب فأمّهم، فخرج ليلة والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال نعم البدعة هذه والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون يريد آخر الليل وكانوا يقومون في أول الليل([191]).

وعن محمد بن إسحاق عن الزهري عن محمد بن عبد الله بن نوفل قال: سمعت الضحاك بن قيس عام حجّ معاوية يسأل سعدا عن متعة الحجّ فقال كان عمر ينهى عنها؛ فقال سعد: بل من هو خير من عمر قد فعلها، رسول الله(ص) ([192]).

أقول: وهذا يعني أن موقف رسول الله(ص)وموقف عمر بن الخطاب من متعة الحج متباينان تماما، ولا يمكن أن يكون عمر والحال هذه مقتديا برسول الله(ص) مستنّا بهديه.

و عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال: كان عمر يقول: لا يصلّى الجنب حتّى يجد الماء، فقال له عمار: ألم تعلم أن رسول الله(ص)بعثني أنا وأنت فأجنبت فتمعّكت بالصّعيد فأتينا رسول الله(ص)فأخبرناه فقال«إنما كان يكفيك وضرب بيديه الأرض ضربة فمسح وجهه وكفيه» فقال عمر لعمّار: اتّق الله! فقال: أما والله لئن شئت لا أذكره ما عشت([193]).

قال الطيبي (بخصوص قصة عمر وأبي هريرة): ليس فعل عمر ومراجعته النّبيّ اعتراضا عليه وردّا لأمره، إذ ليس ما بعث به أبا هريرة إلاّ لتطييب قلوب الأمّة وبشراهم فرأى عمر إن كتمه هذا أصلح لئلا يتكلوا([194]) ! والحاصل أنه عليه الصلاة والسلام لكونه رحمة للعالمين ورحيما بالمؤمنين ومظهرا للجمال على وجه الكمال وطبيبا لأمّته على كل حال لما بلغه خوفهم وفزعهم واضطرابهم أراد معالجتهم بإشارة البشارة لإزالة الخوف والنذارة فإن المعالجة بالأضداد ولما كان عمر مظهرا للجلال وعلم أنّ الغالب على الخلق التّكاسل والاتّكال فرأى أنّ الأصلح لأكثر الخلق المعجون المركّب بل غلبة الخوف بالنسبة إليهم أنسب فوافقه وهذه مرتبة علية ومزية جلية لعمر. وأمّا قول ابن حجر وكان وجه استباحة عمر لذلك أنّه لأبي هريرة بمنزلة الشيخ والمعلم وللشّيخ والمعلّم أن يؤدب المتعلم بمثل ذلك إذا رأى منه خلاف الأدب وهو هنا المبادرة إلى إشاعة هذا الخبر قبل تفهّم المراد من النّبي مع إشكاله وما يترتّب عليه من اتّكال النّاس وإعراضهم عن الأعمال وكان حقّه إذا أمر بتبليغه أن يتفهّم المراد به ليورده في موارده دون غيرها، فاقتضى اجتهاد عمر أنّ إخلاله بذلك مقتض لتأديبه فأدّبه بذلك([195]).

أقول: ليس لعمر بن الخطاب ولاية على أبي هريرة في حياة رسول الله(ص)، لا في هذه القضية ولا في غيرها، ويبدو أنّ الآلوسي وابن حجر يريان عمر بن الخطاب شريكا لرسول الله، بل أكثر من شريك، لأن الشريك يستشير شريكه قبل الحسم في قضية ما، وعمر ههنا لم يستشر رسول الله(ص)قبل أن يتصرف مع أبي هريرة بتلك الطريقة المشينة؛ والذين يدافعون عادة عن أبي هريرة يتخلّون عن الدفاع عنه ههنا، كي لا يلزم من ذلك الطعن في سلوك عمر!

قال التوربشتي(في مسألة بيع أمّهات الأولاد ): يحتمل أن النسخ لم يبلغ العموم في عهد الرسالة، ويحتمل أن بيعهم في زمان النبي كان قبل النسخ، وهذا أولى التّأويلين؛ وأما بيعهم في خلافة أبى بكر فلعلّ ذلك كان في فرد قضيّة فلم يعلم به أبو بكر(رض) ولا من كان عنده علم بذلك، فحسب جابر أنّ النّاس كانوا على تجويزه فحدث ما تقرر عنده في أوّل الأمر، فلمّا اشتهر نسخه في زمان عمر عاد إلى قول الجماعة يدل عليه قوله فلما كان عمر نهانا عنه فانتهينا. وقوله هذا من أقوى الدّلائل على بطلان بيع أمّهات الأولاد، وذلك أنّ الصّحابة لو لم يعلموا أنّ الحقّ مع عمر لم يتابعوه عليه، ولم يسكتوا عنه أيضا! ولو علموا أنّه يقول ذلك عن رأي واجتهاد لجوّزوا خلافه لا سيما الفقهاء منهم وإن وافقه بعضهم خالفه آخرون([196]).

أقول: انظر إلى هذه الفقيه العمري الذي ثبتت عنده مخالفة عمر بن الخطّاب للنّبي(ص)فراح يتمحل في التّأويل وكأنّ عمر أولى بالطّاعة من صاحب الشريعة(ص)! اتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون لله. ثم اعجب ولا ينقضي العجب من قوله« وذلك أن الصحابة لو لم يعلموا أنّ الحقّ مع عمر لم يتابعوه عليه ولم يسكتوا عنه أيضا»، وهو يعلم أنّ الصّحابة خالفوا رسول الله(ص) يوم الحديبية([197]) وكان زعيم المعارضة يومها عمر بن الخطاب نفسه، وقد اعترف أنّه شكّ يومها حين قال:« ما زلت أصوم وأصلي وأتصدق وأعتق من الذي صنعت مخافة كلامي الذي تكلمت به يومئذ حتى رجوت أن يكون خيرا»([198]).

قال الألباني:حديث جابر بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله(ص)وعهد أبي بكر فلما كان عمر نهانا فانتهينا رواه أبو داود([199]).

وقال:حديث جابر: " بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله(ص)وعهد أبي بكر فلما كان عمر نهانا فانتهينا " رواه أبو داود ) 2 131 صحيح. أخرجه أبو داود ( 3954 ) وكذا ابن حبان ( 1216 ) والحاكم ( 8 12 - 19 ) والبيهقي ( 10 347) من طريق حماد بن سلمة عن قيس بن سعد عن عطاء بن أبي رباح عنه. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذّهبيّ، وهو كما قالا([200]).

أخطاء في سجل عمر :

هل يجوز ذكر أخطاء عمر ؟

هذا موقف الذهبيّ من أبي بكر بن أبي دارم الكوفي محدّث توفي في القرن الرابع يقول فيه: مات أبو بكر (بن أبي دارم) في المحرّم سنة اثنتين وخمسين وثلاث مئة وقيل سنة إحدى وخمسين. قال الحاكم:«هو رافضيّ غير ثقة». وقال محمّد بن حمّاد الحافظ: «كان مستقيم الأمْر عامّة دهره، ثمّ في آخر أيّامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب ؛ حضرته ورجل يقرأ عليه أنّ عمر رفس فاطمة حتّى أسقطت محسنا، وفي خبر آخر قوله تعالى﴿وجاء فرعون﴾ عمر﴿ومن قبله﴾ أبو بكر ﴿والمؤتفكات﴾ عائشة وحفصة فوافقته وتركت حديثه. قلت([201]) شيخ ضالّ معثر([202]).

إذا، لم يعد للرجل حرمة لأنه سمح لنفسه أن ينظر إلى عمر بن الخطاب بغير العين التي ينظر بها غيره، وإن كانت قصّة الهجوم على بيت فاطمة (ع) من طرف عمر بن الخطاب وجماعته وتهديد من في البيت بالتّحريق ثابتة منذ القرون الأولى، لكنّ ثقافة الكرسي تقول:« إنّ الحاكم المتربّع على كرسي الحكم دائما على صواب حتّى حين يخالف رسول الله(ص)»؛وهذه الثقافة لا تزال سائدة في عالمنا العربيّ، وهي التي تمجّد الحاكم حين يقصف شعبه جوّا وبرّا، أو يقتل الحجّاج في الشّهر الحرام في البلد الحرام.

قال ابن تيمية: وكان عمر بن الخطّاب يشاور الصّحابة فتارة يرجع إليهم، وتارة يرجعون إليه، وربما قال القول فتردّ عليه امرأة من المسلمين قوله وتبيّن له الحقّّ فيرجع إليها ويدع قوله كما قدر الصّداق، وربما يرى رأيا فيذكر له حديث عن النّبيّ فيعمل به ويدع رأيه! وكان يأخذ بعض السّنّة عمّن هو دونه في قضايا متعدّدة، وكان يقول القول فيقال له أصبت فيقول والله ما يدرى عمر أصاب الحقّ أم أخطأه([203]).

أقول: ولا يصحّ أن يكون العمريّون أشدّ عمريّة من عمر نفسه.

قال الرّازيّ: ولو كذّبنا معاوية لكذّبنا أصحاب صفّين كالمغيرة وغيره على أنّ معاوية لو كان كذّابا لما ولاّه عمر وعثمان على النّاس([204])!.

هذا قول الرازي، وهو نفسه يذكر أنّ الوليد بن عقبة بن أبي معيط ولاّه رسول الله(ص) على الصّدقات ونزل فيه قرآن يصفه بـ"الفاسق ". وقبلها اختار موسى قومه سبعين رجلا وكان منهم ما كان! أوليس معاوية الطّليق الذي ولاه عمر على المسلمين هو من أحدث في جسم الأمة شرخا لا يزال إلى اليوم يفعل من داخل الأمة ما لا يقوى على فعله الأعداء من الخارج؟ ألم يولّ عمر نسيبه قدامة بن مظعون فشرب الخمر ؟

بلى! ولكنّ تقديس الحاكم قضية لا تقبل الجدل، ولهذا فإنه لا مجال لاحتمال الخطإ في سلوك لخليفة عمر.

قال السيوطي: وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن أبي الأسود الدؤلي أن عمر بن الخطّاب رفعت إليه امرأة ولدت لستة أشهر فهمّ برجمها، فبلغ ذلك عليّا فقال: ليس عليها رجم، قال الله تعالى{ والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين}وستة أشهر فذلك ثلاثون شهرا ([205]).

وعدّ الشّنقيطيّ بعض أخطاء عمر فقال: ولم يعلم عمر بأنّ النبيّ(ص) قضى في دية الجنين بغرّة عبد أو وليدة حتى أخبره المذكوران قبل، ولم يعلم عمر بأنّ المرأة ترث من دية زوجها حتّى أخبره الضّحّاك بن سفيان أنّ النّبيّ(ص) كتب إليه أن يورّث امرأة أشيم الضّبابيّ من دية زوجها، ولم يعلم أيضا بأخذ الجزية من المجوسيّ حتّى أخبره عبد الرّحمن بن عوف بأنّ النّبيّ (ص)أخذ الجزية من مجوس هجر. ولم يعلم بحكم الاستئذان ثلاثا حتى أخبره أبو موسى الأشعريّ وأبو سعيد الخدريّ، ولم يعلم عثمان بوجوب السكنى للمتوفّى عنها حتّى أخبرته قريعة بنت مالك أنّ النّبيّ(ص) ألزمها بالسّكنى في المحلّ الذي مات عنها زوجها فيه حتى تنقضي عدّتها، وأمثال هذا أكثر من أن تحصر([206]).

هذه مسائل غابت عن عمر، وفي قول الشنقيطيّ « وأمثال هذا أكثر من أن تحصر » اعتراف بكثرة أخطاء عمر.

قال الشنقيطي: روى الأثرم بإسناده عن ظبيان بن عمارة قال شهد على المغيرة بن شعبة ثلاثة نفر أنّه زان، فبلغ ذلك عمر فكبّر عليه وقال شاط ثلاثة أرباع المغيرة بن شعبة؛ وجاء زياد فقال: ما عندك؟ فلم يثبت، فأمر بجلدهم فجلدوا وقال شهود زور! فقال أبو بكرة: أليس ترضى إن أتاك رجل عندك يشهد رجمه؟ قال: نعم، والذي نفسي بيده؛ فقال أبو بكرة: وأنا أشهد أنّه زان ! فأراد أن يعيد عليه الحدّ فقال عليّ: يا أمير المؤمنين إنّك إن أعدت عليه الحدّ أوجبت عليه الرّجم. وفي حديث آخر فلا يعاد فيه فرية جلد مرّتين قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللّه: قول عليّ إن جلدته فارجم صاحبك؟ قال: كأنه جعل شهادته شهادة رجلين. قال أبو عبد اللّه: وكنت أنا أفسّره على هذا حتى رأيته في هذا الحديث فأعجبني ثم قال: يقول إذا جلدته ثانية فكأنّك جعلته شاهدا آخر.([207]).

وعن أبي العباس ثعلب قال لما أن قال أبو بكرة أشهد أنه لزان قال عمر اجلده! قال له عليّ: إذا فارجم صاحبك، لأنك قد اعتددت بشهادته فصارت شهادتين وإنما هي شهادة واحد أعادها([208]).

قال ابن طيفور:وذكر ابن الأعرابي أنّ عمر بن الخطّاب قال أيها الناس ما هذه الصّداقات ( جمع صداق وهو مهر الزّوجة ) التي قد مددتم إليها أيديكم لا يبلغني أن أحدا جاوز بصداقه صداق النبي(ص)؛ قال فقامت امرأة برزة فقالت: ما جعل الله لك ذلك يا بن الخطّاب، وقد قال الله عز وجل{و آتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا }([209]) فقال عمر: ألا تعجبون أمير أخطأ وامرأة أصابت ناضل أميركم فنضل.

أقول: لم يسمّ الراوي المرأة التي اعترضت على عمر مع أنه ليس في وسع كلّ امرأة فعل ذلك، وانظر إليها تخاطبه فتقول: «يا ابن الخطاب» ولا تقول: «يا أمير المؤمنين»!

مسائل انفرد بها عمر .

قال السّيوطيّ:أخرج سعيد بن منصور بسند صحيح عن عمر بن الخطّاب قال: لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار فلينظروا كل من كان له جدة ولم يحجّ فيضربوا عليهم الجزية. ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين([210]).

وقال اليعقوبيّ: وتوفّي عمرو ليلة الفطر سنة 43 فأقر ّمعاوية ابنه عبد الله بن عمرو، ثمّ استصفى مال عمرو، فكان أوّل من استصفى مال عاملٍ. ولم يكن يموت لمعاوية عامل إلاّ شاطر ورثته ماله، فكان يكلّم في ذلك فيقول: هذه سنّة سنّها عمر بن الخطّاب([211]).

و لما توفي رسول الله(ص) قام عمر بن الخطّاب فقال إنّ رجالا من المنافقين يزعمون أنّ رسول اله (ص)توفي ! وإنّ رسول الله(ص)ـ والله ـ ما مات، ولكن ذهب إلى ربّه كما ذهب موسى بن عمران، فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثمّ رجع إليهم بعد أن قيل قد مات ؛ والله ليرجعنّ رسول الله(ص)كما رجع موسى فليقطعنّ أيدي رجال وأرجلهم زعموا أنّ رسول الله (ص) مات فخرج أبو بكر فقال: على رسلك يا عمر، أنصت، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيّها النّاس، إنّه من كان يعبد محمّدا فإنّ محمّدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإنّ الله حيّ لا يموت ثمّ تلا هذه الآية {وما محمد إلا رسول..} الآية فوالله لكأنّ النّاس لم يعلموا أنّ هذه الآية نزلت حتى تلاها أبو بكر يومئذ وأخذ النّاس عن أبي بكر، فإنّما هي في أفواههم ؛ قال عمر: فوالله ما هو إلاّ أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى وقعت إلى الأرض ما تحملني رجلاي، وعرفت أن رسول الله(ص)قد مات([212]).

 

أقول:

لم يمت النبيّ(ص) في نظر عمر، مع أن القرآن الكريم يصرّح بذلك أكثر من مرة أن النبي(ص) { إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون}، {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم..}، هذا مع أنّ الاعتقاد بحتميّة الموت لا يحتاج إلى الالتزام بدين، فإنّ الدّهري والمادّي الشيوعي والملحد والزّنديق، كلّ هؤلاء يعتقدون بحتمية الموت مع أنهم ليسوا على دين!

وأخرج البيهقيّ عن ابن عائذ قال: خرج رسول الله(ص)في جنازة رجل فلما وضع قال عمر بن الخطّاب لا تصلّ عليه يا رسول الله فإنّه رجل فاجر (!) فالتفت رسول الله(ص)إلى الناس قال هل رآه أحد منكم على الإسلام فقال رجل نعم يا رسول الله حرس ليلة في سبيل الله فصلى عليه رسول الله(ص)وحثا عليه التراب وقال:«أصحابك يظنون أنك من أهل النار وأنا أشهد أنك من أهل الجنة وقال يا عمر إنك لا تسأل عن أعمال الناس ولكن تسأل عن الفطرة([213]).

وهذا صحابي آخر يتعرض لسلوك مماثل من طرف عمر بن الخطاب في حياة النبي(ص). قال ابن الجوزي في ترجمة الحكم بن كيسان مولى لبني مخزوم : «وكان في عير قريش التي أصابها عبد الله بن جحش بنخلة فأسره المقداد وأراد عبد الله بن جحش ضرب عنقه فقال له المقداد دعه حتى نقدم به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدموا به جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى الإسلام وأطال دعاءه فقال عمر علام تكلم هذا يا رسول الله والله لا يسلم هذا آخر الأبد دعني أضرب عنقه ويقدم إلى أمه الهاوية فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتفت إلى عمر وأسلم الحكم وجاهد وقتل ببئر معونة ورسول الله صلى الله عليه وسلم راض عنه([214]).

أقول: لا يزال أناس من المدافعين عن الصّحابة ـ كلّ الصحابة ـ يتنازلون عن متبنّياتهم ويتراجعون عمّا ألزموا به أنفسهم كلّما تعلّق الأمر بعمر بن الخطاب؛ فهذان صحابيان يقضى نحبه على عهد رسول الله(ص)، ويشهد له رسول الله(ص) بالجنّة، لكنّ عمر بن الخطّاب يأبى إلاّ أن يشهد عليه بالفجور، ومصير من يموت على الفجور معلوم { إنّ الأبرار لفي نعيم وإنّ الفجّار لفي جحيم}، والثاني قتل ببئر معونة ورسول الله (ص) عنه راض، والمقتولون ببئر معونة شهداء كما هو مقرّر في محلّه، ومع ذلك حرص عمر على ضرب عنقه وزعم أنّه

لا يسلم آخر الأبد، وأنّه يعجّل به إلى أمّه الهاوية. وقد تبيّن أنّ الرجلين من أهل الجن، وأحدهما شهيد! فأين الملائكة التي تحدّث عمر وأين الموافقة الإلهيّة؟! ولم يرد في القصّة ما يشير إلى أنّ عمر بن الخطّاب اعتذر إلى رسول الله(ص)من سوء الظّنّ بمؤمن من أهل الجنّة. ومن تدبّر قول النبي(ص)««أصحابك يظنّون أنّك من أهل النّار وأنا أشهد أنّك من أهل الجنة» يتبيّن له أنّ من الصّحابة ـ وعلى رأسهم عمر ـ من كان يتّهم الصّحابة في الدّين ويشهد عليهم بالفجور دون الرّجوع في ذلك إلى رسول الله(ص)؛ فإذا كان هذا شأنهم في حياته فكيف تكون الحال بعد وفاته(ص) ؟

قال القرطبي:« وروي أن عمر بن الخطّاب خطب بالجابية فقال: من أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذ بن جبل ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني فإن الله تعالى جعلني له خازنا وقاسما»([215]).

أقول: يعتقد عمر بن الخطاب أنّ معاذا و زيد بن ثابت أفقه وأعلم من علي (ع) بعد أن سمع النبي(ص) يقول:«أنا مدينة العلم وعلي بابها».
و يزعم أنّ الله تعالى جعله خازنا وقاسما للمال، والواقع أنّ أبا بكر بن أبي قحافة هو الذي جعله كذلك.

و أخرج عبد الرزاق عن عمر بن الخطّاب أنّه قال لرجل: أتزوّجت؟ قال: لا. قال: إمّا أن تكون أحمق وإمّا أن تكون فاجرا([216]).

هذا رأي عمر في من لم يتزوّج دون أن يسأل عن عذره، وهذا القول من عمر مفحم لأتباع ابن تيمية الذي تجاوز الستّين ومات عزبا.

ورووا أنّ عن عمر بن الخطّاب قال إنّي أحلف لا أعطي أقواما، ثمّ يبدو لي أن أعطيهم فأطعم عشرة مساكين، كل مسكين صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، أو نصف صاع من قمح([217]).

وأخرج سعيد بن منصور والبخاريّ في تاريخه وابن المنذر عن عمر بن الخطّاب قال: احتكار الطعام بمكة إلحاد بظلم([218]).

قال السيوطي: وأخرج البيهقي في سننه عن عائشة: « إنّ المقام كان في زمن رسول الله (ص)و زمان أبي بكر ملتصقا بالبيت ثم أخّره عمر بن الخطّاب»([219]).

وقال الشوكاني في نفس الموضوع: وفي مقام إبراهيم (ع) أحاديث كثيرة مستوفاة في الأمّهات وغيرها، والأحاديث الصّحيحة تدلّ على أنّ مقام إبراهيم هو الحجر الذي كان إبراهيم يقوم عليه لبناء الكعبة لمّا ارتفع الجدار أتاه إسماعيل به ليقوم فوقه كما في البخاريّ من حديث ابن عبّاس وهو الذي كان ملصقا بجدار الكعبة، وأوّل من نقله عمر بن الخطّاب كما أخرجه عبد الرزاق والبيهقيّ بإسناد صحيح وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق مختلفة([220]).

قلت:لأجل ذلك كانت هناك مشكلة في الطّواف، فعند بعض المسلمين يصحّ الطّواف خارج مقام إبراهيم، وعند بعضهم لا يصحّ إلاّ بين البيت والمقام. ولم تكن هذه المشكلة على عهد رسول الله (ص).

وعن معمر عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عبّاس قال كان الطلاق على عهد رسول الله (ص)وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة فقال عمر بن الخطّاب إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم ([221]).

و عن مجالد عن الشعبي قال: كتب أبو موسى إلى عمر أنه يأتينا كتب ما نعرف تأريخها فأرّخ، فاستشار أصحاب النبي(ص) فقال بعضهم: أرّخ لمبعث رسول الله(ص)، وقال بعضهم: أرخ لموت رسول الله(ص)، فقال عمر: أرخ لمهاجر رسول الله(ص) فإن مهاجر رسول الله(ص)فرق بين الحق والباطل فأرخ([222]).

قالوا: وكان الذي جعل المحرّم أوّل شهر من العام عمر بن الخطّاب([223]).

قال ابن عاشور: وعليه فلما روي عن عمر بن الخطّاب أنه كتب إلى عمرو بن العاص أن لا يحمل جيش المسلمين في البحر مؤول على الاحتياط وترك التغرير وأنا أحسبه قد قصد منه خشية تأخر نجدات المسلمين في غزواتهم لأن السّفن قد يتأخر وصولها إذا لم تساعفها الرياح التي تجري بما لا تشتهي السفن، ولأن ركوب العدد الكثير في سفن ذلك العصر مظنّة وقوع الغرق ولأنّ عدد المسلمين يومئذ قليل بالنسبة للعدوّ فلا ينبغي تعريضه للخطر، فذلك من النظر في المصلحة العامة([224]).

أقول:

ليس العرب أوّل من ركب البحر للغزو أو التّجارة أو غيرها، والقرآن حافل بذكر الجواري في البحر وجعلها من الآيات! و قد اختار الله تعالى لنبيه نوح (ع)الفلك، وضرب بحمل النّاس في الفلك أمثلة كثيرة في القرآن الكريم، وجعلها من الآيات. ولو استلزم احتمال وقوع الخطر المنع من الإقدام لتوجّب على النّاس أن يبقوا في بيوتهم. وقد حملت السّفن والبواخر عبر القرون ما لا يحصى من الألوف المؤلفة لحج بيت الله الحرام. كما أثبت التّاريخ أن كبريات المعارك الحاسمة إنّما حسمت في البحر، ولذلك تسارعت الدّول إلى تأسيس الأساطيل؛ وعليه فلا معنى لكلام عمر، ويبقى كلام الفاضل بن عاشور في الدّفاع عن عمر في هذه المسألة من رواسب ثقافة الكرسيّ.

وقال الجصّاص: روي عن جماعة من الصحابة إباحة التجارة في البحر وقد كان عمر بن الخطّاب منع الغزو في البحر إشفاقا على المسلمين([225]).

و عن أيوب عن ابن سيرين أن عمر بن الخطّاب أراد أن يضرب من جلود الإبل دراهم فقالوا إذا يفنى الإبل فتركها([226]).(أوائل عمر ).

ما رواه مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير وأبو سعيد الأشجّ ومحمد بن المثنى العنزي واللفظ لابن نمير قالوا حدثنا ابن إدريس عن أبيه عن سماك بن حرب عن علقمة بن وائل عن المغيرة بن شعبة قال لما قدمت نجران سألوني فقالوا إنكم تقرؤون يا أخْت هارون وموسى قبل عيسى بكذا وكذا فلما قدمت على رسول الله(ص)سألته عن ذلك فقال إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم[227]. هذا لفظ مسلم في الصحيح وهو دليل على أنه رجل آخر غير هارون أخي موسى ومعلوم أن هارون أخا موسى قبل مريم بزمن طويل.(عمر وأسماء الأنبياء ).

وفي جامع الترمذي((1168)) (2/107)، عن عائشة قالت: كان

النبي(ص) يغير الاسم القبيح.

وقد اعترض قوم من أهل الأهواء فقالوا قد أجلى عمر بن الخطّاب أهل نجران إلى الشام بعد أن أمنهم رسول الله وكتب لهم كتابا أن لا يحشروا وأرادوا بهذا الطعن على عمر ؛ وهذا جهل ممن قاله أو عناد لأن الأعمش روى عن سالم بن أبي الجعد قال أمن رسول الله أهل نجران وكتب لهم أن لا يحشروا ثم كتب لهم بذلك أبو بكر الصديق > بعد رسول الله ثم كتب لهم ذلك عمر بن الخطابفكثروا حتى صاروا أربعين ألف مقاتل فكره عمر أن يميلوا على المسلمين فيفرقوا بينهم وقالوا لعمر نريد أن نتفرق ونخرج إلى الشام فاغتنم ذلك منهم وقال نعم ثم ندموا فلم يقلهم([228])...

وعن علقمة بن وائل عن المغيرة بن شعبة قال لما قدمت نجران سألوني فقالوا إنكم تقرؤون يا أخْت هارون وموسى قبل عيسى بكذا وكذا فلما قدمت على رسول الله (ص)سألته عن ذلك فقال إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم ا ه هذا لفظ مسلم في الصحيح وهو دليل على أنه رجل آخر غير هارون أخي موسى ومعلوم أن هارون أخا موسى قبل مريم بزمن طويل([229]). وهذا معناه أن التسمي بأسماء الأنبياء كان موجودا بعد موسى عليه السلام، فليس العرب أول من ابتدعه.

حدثنا عبيد الله بن معاذ ثنا أبي عن حبيب بن الشهيد عن يزيد بن أسلم عن أبيه قال دعا عمر ابنه عبد الرحمن ليغير كنيته وكانت كنيته أبو عيسى فقال يا أمير المؤمنين والله إن رسول الله (ص)كنى المغيرة بن شعبة بها قال بن أبي عاصم وكان للمغيرة بن شعبة كنيتان أبو عبد الله وأبو عيسى([230]).وعبد الرحمن هذا مات في حدّ الخمر" .

نهي الخليفة عن التسمية باسم النبي الأعظم(ص)، وأمره المسمين به بتغيير أسمائهم، وقد قال رسول‏اللّه(ص) فيما رووا : ((من ولد له ثلاثة أولاد فلم يسم احدهم محمدا فقد جهل))، وقال(ص): «إذا سميتم محمدا فلا تضربوه ولا تحرموه‏»

وقال(ص): ((إذا سميتم الولد محمدا فأكرموه، وأوسعوا له في المجلس، ولا تقبحوا له وجها))([231]).

و عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطّاب ( رض) قال لصهيب: إنّي لأحبّك لولا خصال فيك! قال فقال: وما هي؟ قال اكتناؤك بأبي يحيى وليس لك ولد وادعاؤك إلى النمر بن قاسط ولست منهم، قال فقال صهيب: أمّا اكتنائي بأبي يحيى فإنّ رسول الله كنّاني بأبي يحي فما كنت لأدعها. وأمّا قولك انتمائي إلى النّمر بن قاسط ولست منهم فأنا من النّمر بن قاسط ولو لم أكن منهم ما ادعيت إليهم وأما عجمتي فإنّي استرضعت بالأبلة فالعجمة في لساني منه([232]).

أقول:

يلاحظ أنّ عمر أنكر على صهيب اكتناءه بأبي يحي وذكر علّة ذلك فقال: "ولا ولد لك" فالعلّة إذاً كونه لا ولد له. ولم يذكر شيئا عن كون يحي من أسماء الأنبياء. لكنّه أنكر أسماء الأنبياء على ولده عبد الرحمن والمغيرة بن شعبة. فإن كانت العلّة " لا ولد " فقد كان للمغيرة بن شعبة وعبد الرحمن أولاد ؛ وإن كانت العلّة اسم النبيّ فلم غض الطرف عنها في حديثه مع صهيب؟!

قال اليعقوبيّ:. وتوفّي عمرو ليلة الفطر سنة 43 فأقر ّمعاوية ابنه عبد الله بن عمرو، ثمّ استصفى مال عمرو، فكان أوّل من استصفى مال عاملٍ. ولم يكن يموت لمعاوية عامل إلاّ شاطر ورثته ماله، فكان يكلّم في ذلك فيقول: هذه سنّة سنّها عمر بن الخطّاب([233]).

وقال حماد عن زيد بن أسلم أن رجلا جاء فنادى "يستأذن أبو عيسى على أمير المؤمنين ". فقال عمر: من أبو عيسى ؟ قال المغيرة بن شعبة: أنا ! فقال عمر: وهل لعيسى من أب فكنّاه بأبي عبد الله([234]).

عن ثمامة بن عبد الله بن أنس عن جده أنس بن مالك قال: " كنّ إماء عمر يخدمننا كاشفات عن شعورهنّ تضطرب ثديّهن". قلت: وإسناده جيد، رجاله كلّهم ثقات غير شيخ البيهقي أبي القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحربيّ وهو صدوق كما قال الخطيب. وقال البيهقي عقبه: "والآثار عن عمر بن الخطّاب في ذلك صحيحة "([235]).

أقول:

انظر إلى قوله تضطرب ثديّهن ! وتخيل المشهد بمحضر عمر .

قالوا: وهو أوّل من سمّي أمير المؤمنين لما توفّي أبو بكر قال عمر:
«قيل لأبي بكر خليفة رسول الله(ص)، فكيف يقال لي خليفة خليفة رسول الله(ص) ؟ هذا يطول ! فقال له المغيرة بن شعبة: أنت أميرنا ونحن المؤمنون، وأنت أمير المؤمنين ! قال: فذاك([236]).

أقول: تعدّدت الروايات حول هذه المسألة.

وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال كان عمر بن الخطّاب لا يترك أحدا من العجم([237])..( إلام يستند هذا القرار؟!).

عن سفيان عن ثور بن يزيد عن عطاء بن دينار قال: قال عمر لا تعلموا رطانة الأعاجم ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم([238]).

وأخرج السلفي في الطيوريات بسند صحيح عن ابن عمر عن عمر أنه أراد أن يكتب السنن فاستخار الله شهرا فأصبح وقد عزم له ثم قال إني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتابا فأقبلوا عليه وتركوا كتاب الله([239]).

أقول: من الذي عزم له؟!

وأخرج ابن سعد عن ابن عمر أنّ عمر أمر عماله فكتبوا أموالهم منهم سعد ابن أبي وقاص فشاطرهم عمر في أموالهم فأخذ نصفا وأعطاهم نصفا([240]).

أقول:

كان معاوية فيما بعد يشاطر عماله أموالهم فإذا كلّم في ذلك قال: هذه سنّة سنّها عمر بن الخطّاب.

قال ابن تيمية بخصوص صلاة التراويح جماعة: وعمر بن الخطّاب الذي أمر بذلك وإن سمّاه بدعة فإنّما ذلك لأنّه بدعة في اللّغة، إذ كلّ أمر فعل على غير مثال متقدّم يسمّى في اللّغة بدعة، وليس مما تسمّيه الشّريعة بدعة وينهى عنه([241])!!

قال ابن تيمية: وكذلك محاباة الولاة في المعاملة من المبايعة والمؤاجرة والمضاربة والمساقاة والمزارعة ونحو ذلك من الهدايا، ولهذا شاطر عمر بن الخطّاب (رض) من عماله من كان له فضل ودين لا يتّهم بخيانة وإنّما شاطرهم لما كانوا خصّوا به لأجل الولاية من محاباة وغيرها([242]).

من أقوال عمر .

وعن الحسن: أوّل خطبة خطبها حمد الله وأثنى عليه ثمّ قال أمّا بعد فإنّي ابتليت بكم وابتليتم بي، فما كان بحضرتنا باشرنا، ومهما غاب عنا وليناه أهل القوّة والأمانة ؛ فمن يحسن نزده حسنى، ومن يسيء نعاقبه. ثمّ قال: بلغني أنّ النّاس قد هابوا شدّتي وخافوا غلطتي وقالوا قد كان عمر يشدّد علينا ورسول الله بين أظهرنا، فكيف الآن وقد صارت الأمور إليه! ولعمري من قال ذلك فقد صدق ؛ كنت مع رسول الله فكنت عبده وخادمه حتّى قبضه الله وهو راض عنّي ولله الحمد وأنا أسعد النّاس بذلك، ثمّ ولي أبو بكر فكنت خادمه وعونه أخلط شدّتي بلينه فأكون سيفا مسلولا حتّى يغمدني (!)([243]) فما زلت معه كذلك حتى قبضه الله تعالى وهو عني راض ولله الحمد، وأنا أسعد النّاس بذلك. ثمّ إنّي وليت الآن أموركم ! اعلموا أن تّلك الشدّة قد تضاعفت ولكنّها إنّما تكون على أهل الظّلم والتّعدّي على المسلمين. وأمّا أهل السّلامة في الدّين والقصد فإنّما اللّين لهم من بعضهم لبعض ولست أدع أحدا يظلمه أحد أو يتعدّى عليه حتى أضع خدّه بالأرض وأضع قدمي على الخدّ الآخر حتى يذعن للحقّ ! ولكم عليّ أيّها النّاس ألا أخبأ عنكم شيئا من خراجكم، وإذا وقع عندي ألاّ يخرج إلاّ بحقّه، ولكم عليّ ألاّ ألقيكم في المهالك، وإذا غبتم في البعوث فأنا أبو العيال حتّى ترجعوا. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم([244]).

أقول:

قوله " قبضه الله تعالى وهو عنّي راض" غير صحيح، لأنّ النّبيّ(ص) قال لهم بعد أن تنازعوا عنده ورفعوا أصواتهم: " قوموا عنّي" وقد غضب من كلمة عمر يومها، فكيف يكون راضيا عنه؟! ولو كان رسول الله(ص) راضيا عنه عند وفاته لعرفت له فاطمة(ع) ذلك، لأنّها بضعة من رسول الله(ص) ومطهّرة بنصّ الكتاب العزيز. فعبارة "قبضه الله تعالى وهو عني راض" من وضع الرّواة بلا أدنى شكّ، لأنّ فاطمة(ع) ماتت ساخطة على عمر بن الخطّاب، وقد قال النبي(ص) عنها: " إنّ الله يرضى لرضاها ويغضب لغضبها " وما ذلك إلاّ لأنّ نفسها قدسية، فأراد العمريّون أن يجدوا لعمر مخرجا فأدرجوا عبارات يرومون من ورائها أن يقولوا: " إنه لا يضرّ عمر وحزبه أن تسخط عليهم فاطمة(ع) ما دام النبي(ص) راضيا عنهم " وهو غير صحيح، لأنّ رضا فاطمة(ع) في طول رضا الله تعالى ورسوله (ص)، فكيف تكون فاطمة ساخطة عليهم ويكون النبي(ص) راضيا عنهم؟!

قال ابن القيم: وذكر ابن الهادي عن محمد بن إبراهيم التيمي قال: قال عمر بن الخطّاب:«إياكم والرأي فإن أصحاب الرأي أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يعوها وتفلّتت منهم أن يحفظوها فقالوا في الدين برأيهم». ([245])..

أقول: هذا موقفه من الرّأي وهو أوّل من أسّس له وعمل في الدين برأيه، حتى شهد عليه من الصّحابة من شهد في حكم شرعيّ أنّه " قال رجل برأيه".

قال السيوطي: وأخرج ابن أبي شيبة و البيهقي عن عمر بن الخطّاب قال النساء ثلاث امرأة عفيفة، مسلمة، هيّنة، ليّنة، ودود، ولود تعين أهلها على الدهر ولا تعين الدّهر على أهلها، وقليل ما تجدها وامرأة وعاء لم تزد على أن تلد الولد، وثالثة غلّ قمل يجعلها الله في عنق من يشاء، وإذا أراد أن ينزعه نزعه([246]).

عن إبراهيم بن مرة عن محمد بن شهاب قال: قال عمر بن الخطاب: لا تعترض فيما لا يعنيك، واعتزل عدوّك، واحتفظ من خليلك إلاّ الأمين فإنّ الأمين من القوم لا يعادله شيء ؛ ولا تصحب الفاجر فيعلمك من فجوره، ولا تفش إليه سرّك، واستشر في أمرك الذين يخشون الله عز وجل. حدثنا الحسن[..] عن ابن الزبير قال: قال عمر بن الخطاب: « إن لله عبادا يميتون الباطل بهجره، ويحيون الحقّ بذكره رغّبوا فرغبوا، ورهّبوا فرهبوا، خافوا فلا يأمنون، أبصروا من اليقين ما لم يعاينوا فخلطوه بما لم يزايلوه، أخلصهم الخوف فكانوا يهجرون ما ينقطع عنهم لما يبقى لهم ؛ الحياة عليهم نعمة، والموت لهم كرامة فزوّجوا الحور العين، و أخدموا الولدان المخلّدين([247]).

وروي أنّ عمر بن الخطّاب وصف زهيرا فقال: كان لا يمدح الرّجل إلا بما فيه([248]).

وأخرج البخاريّ في تاريخه من طريق الزهري إنّ عمر بن الخطّاب قال إن وليت شيئا من أمر النّاس فلا تبال لومة لائم([249]).

قال المقدسي في أحسن التقاسيم: و ما ذهبوا إليه يسمّى اختلاء لا التقاء، فان قيل لم جعلت بحار الأعاجم من السبعة بعد ما قلت إن الله خاطبهم بما يعرفونه فالجواب فيه من وجهين أحدهما أن العرب قد كانت تسافر إلى فارس ألا ترى أن عمر بن الخطّاب قال: > إنّي تعلّمت العدل من كسرى
و ذكر خشيته و سيرته»([250]).

حدثنا عبد الله قال حدثنا داود بن عمرو الضبي قال حدثنا محمد بن مسلم عن عمرو يعني ابن دينار قال سمعت أبان بن عثمان قال دخلت على عمر بن الخطاب حين طعن ورأسه في التراب فذهبت أرفعه فقال دعني ويلي ويل أمي إن لم يغفر لي ويلي ويل أمي إن لم يغفر لي([251]).‏

وأخرج الحكيم الترمذي عن عمر بن الخطّاب قال لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح إيمان أبي بكر([252]).

أقول:

نعم، بفضل إيمان أبي بكر نال الخلافة، وأبو بكر لم ينفعه إيمانه الراجح في اثنتين وثمانين غزوة مع رسول الله(ص)كان همّه في أكثرها أن يفرّ بجلده ويسلم رسول الله(ص) للأعداء عرضة للقتل .

وأخرج الخطيب عن عمر بن الخطّاب قال: والله لما يزع الله بالسلطان أعظم مما يزع بالقرآن([253]).

وسمع عمر بن الخطّاب إنسانا يقرأ هذه {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله } فقال عمر: « إنا لله وإنا إليه راجعون ، قام رجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فقتل([254]).

وقال عمر: كفى سرفا أن لا يشتهي الرجل شيئا إلا اشتراه فأكله([255]).

عن أبي غرزة أنه أخذ بيد ابن الأرقم فأدخله على امرأته فقال أتبغضينني قالت: نعم. قال له ابن الأرقم: ما حملك على ما فعلت؟ قال: كثرت عليّ مقالة الناس. فأتى ابن الأرقم عمر ابن الخطاب فأخبره، فأرسل إلى أبي غرزة فقال له: ما حملك على ما فعلت؟ قال: كثرت علي مقالة النّاس. فأرسل إلى امرأته فجاءته ومعها عمّة منكرة فقالت: إن سألك فقولي: استحلفني فكرهت أن أكذب. فقال لها عمر: ما حملك على ما قلت؟ قالت: إنه استحلفني فكرهت أن أكذب، فقال عمر: بلى، فلتكذب إحداكن ولتجمل فليس كل البيوت تبنى على الحبّ ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام([256]).

قال ابن القيم: وقال عبيد الله بن عبد الله: بن عتبة: ما رأيت أحدا أعلم بالسّنّة ولا أجلد رأيا ولا أثقب نظرا حين ينظر مثل ابن عبّاس، وإن كان عمر بن الخطّاب ليقول له قد طرأت علينا عضل أقضية أنت لها ولأمثالها([257]).

كلمات عمر بن الخطّاب .

عن عثمان بن عفان قال أنا آخركم عهدا بعمر دخلت عليه ورأسه في حجر ابنه عبد الله بن عمر فقال له ضع خدي بالأرض قال فهل فخذي والأرض إلا سواء قال ضع خذي بالأرض لا أم لك في الثانية أو في الثالثة ثم‌شبك بين رجليه فسمعته يقول ويلي وويل أمي إن لم يغفر الله لي حتى فاضت نفسه. قال أخبرنا قبيصة بن عقبة قال أخبرنا سفيان عن عاصم بن عبيد الله قال حدثني أبان بن عثمان عن عثمان قال آخر كلمة قالها عمر حتى قضي ويلي وويل أمي إن لم يغفر الله لي ويلي وويل أمي إن لم يغفر الله لي ويلي وويل أمي إن لم يغفر الله لي قال أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس قال أخبرنا سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد وعبيد الله بن عمر عن عاصم بن عبيد الله عن سالم بن عبد الله أن عمر بن الخطّاب قال ليتنى لم أكن شيئا قط ليتنى كنت نسيا منسيا قال ثم أخذ كالتبنة أو كالعود عن ثوبه فقال ليتني كنت مثل هذا([258]).

وقال عمر أيضا [ بعدما طعن]: أما والله على ما يقولون وددت أنّي خرجت منها كفافا لا عليّ ولا لي وأنّ صحبة رسول الله(ص)قد سلمت لي. فتكلّم عبد الله بن عبّاس وكان عند رأسه وكان خليطه كأنّه من أهله، وكان ابن عبّاس يقرأ القرآن، فتكلّم عبد الله بن عبّاس فقال: والله لا تخرج منها كفافا لقد صحبت رسول الله(ص)فصحبته بخير ما صحبه خليفة رسول الله(ص)، وكنت تنفّذ أمره وكنت له، وكنت له وكنت، ثمّ وليتها يا أمير المؤمنين أنت فوليتها بخير ما وليها وال كنت تفعل وكنت تفعل، فكان عمر يستريح إلى حديث ابن عبّاس فقال عمر: يا ابن عبّاس كرّر عليّ حديثك فكرّر عليه، وقال ابن المقرئ كرّ علي حديثك فكرّ عليه، فقال عمر: أما والله على ما تقولون لو أنّ لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به اليوم من هول المطّلع..([259]).

و عن سماك عن ابن عبّاس قال دخلت على عمر حين طعن فقلت: أبشر يا أمير المؤمنين، والله لقد مصّر الله بك الأمصار وأوسع بك الرزق وأظهر بك الحق فقال عمر قبلها أو بعدها فقلت بعدها وقبلها قال فوالله وددت أني أنجو منها كفافا لا أؤجر ولا أؤزر([260]).

وفي طبقات ابن سعد عن سماك قال سمعت بن عبّاس قال دخلت على عمر حين طعن فجعلت أثني عليه فقال بأيّ شيء تثني عليّ بالإمرة أو بغيرها؟ قال قلت: بكلّ . قال ليتني أخرج منها كفافا لا أجر ولا وزر. قال أخبرنا محمد بن عبيد الطنافسيّ وعبيد الله بن موسى عن مسعر عن سماك الحنفيّ قال: سمعت ابن عبّاس يقول قلت لعمر: مصّر الله بك الأمصار، وفتح بك الفتوح، وفعل بك وفعل، فقال: لوددت أنّي أنجو منه لا أجر ولا وزر([261]).

وفي طبقات ابن سعد عن عاصم بن عبيد الله بن عاصم عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال رأيت عمر بن الخطّاب أخذ تبنة من الأرض فقال ليتني كنت هذه التبنة، ليتني لم أخلق، ليت أمي لم تلدني، ليتني لم أك شيئا، ليتني كنت نسيا منسيا([262]).

وفيه أيضا:

وفي الإمامة والسياسة: قال (عمر): ومن أين لي بالشهادة وأنا بجزيرة العرب ؟ ثم جعل الناس يثنون عليه، ويذكرون فضله. فقال: إنّ من غررتموه لمغرور، إني والله وددت أن أخرج منها كفافا كما دخلت فيها، والله لو كان لي اليوم ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع، فقالوا: يا أمير المؤمنين لا بأس عليك، فقال: إن يكن القتل بأسا، فقد قتلني أبو لؤلؤة، قالوا: فإن يكن ذلك فجزاك الله عنا خيرا. فقال: لا أراكم تغبطونني بها، فو الذي نفس عمر بيده، ما أدري علام أهجم، ولوددت أنّي نجوت منها كفافا لا لي ولا عليّ، فيكون خيرها بشرها، ويسلم لي ما كان قبلها من الخير([263]).

وفي الإمامة والسياسة: قال: والله لا أحملكم حيا وميتا، ثم قال: إن استخلفت فقد استخلف من هو خير مني، يعني أبا بكر، وإن أدع فقد ودع من هو خير مني يعني النبي عليه الصلاة والسلام، فقالوا: جزاك الله خيرا يا أمير المؤمنين، فقال: ما شاء الله راغبا، وددت أن أنجو منها لا لي ولا علي. فلما أحس بالموت قال لابنه: اذهب إلى عائشة، وأقرئها مني السلام، واستأذنها أن أقبر في بيتها مع رسول الله ومع أبي بكر، فأتاها عبد الله بن عمر، فأعلمها، فقالت: نعم وكرامة ثم قالت: يا بني أبلغ عمر سلامي، وقل له: لا تدع أمة محمد بلا راع، استخلف عليهم، ولا تدعهم بعدك هملا، فإني أخشى عليهم الفتنة، فأتى عبد الله فأعلمه، فقال: ومن تأمرني أن أستخلف ؟ لو أدركت أبا عبيدة بن الجراح باقيا استخلفته ووليته، فإذا قدمت علي ربى فسألني وقال لي: من وليت علي أمة محمد ؟ قلت إي ربى، سمعت عبدك ونبيك يقول: لكل أمة أمين وأمين هذه ألأمة أبو عبيدة بن الجراح، ولو أدركت معاذ بن جبل استخلفته، فإذا قدمت علي ربى فسألني: من وليت على أمة محمد ؟ قلت: إي ربى، سمعت عبدك ونبيك يقول: إن معاذ ابن جبل يأتي بين يدي العلماء يوم القيامة. ولو أدركت خالد بن الوليد لوليته، فإذا قدمت علي ربى فسألني: من وليت علي أمة محمد ؟ قلت إي ربى، سمعت عبدك ونبيك يقول: خالد بن الوليد سيف من سيوف الله سلّه على المشركين([264]).

هذا كلام جدير بأن يفحص، والتمعّن فيه كفيل بتبديد بعض الشبهات التي يتمسك بها المدافعون عن الباطل. فالمرشّحون للخلافة حسب اقتراح الخليفة عمر بن الخطّاب ثلاثة: أبو عبيدة بن الجراح ثم معاذ بن جبل، ثم خالد بن الوليد.هؤلاء هم الذين يستحقون أن يقودوا الأمّة. لكن قبل الشّروع في مناقشة ذلك تجدر الإشارة إلى أنّ هؤلاء جميعا شاركوا في الهجوم على بيت كان جبريل يستأذن قبل دخوله! و قد برّر الخليفة مقاله بكلمات يحسبها فضائل وهي أوهى من بيت العنكبوت إذا قيست بغيرها مما ورد في حق يعسوب الدين و سيد الوصيين.و لو لم يكن إلا حديث المنزلة الذي يقول فيه رسول الله لعلي (ع): «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي»ـ لو لم يكن إلا ذلك ـ لكفى، فكيف و قد صنّفت في فضائله عليه السلام كتب مستقلة، منها كتاب خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب للحافظ النسائي وكتاب فضل آل البيت للمقريزي، والرجلان من كبار علماء مدرسة الخلفاء لا سبيل للتّشكيك في منزلتهما العلمية و استقامتهما و صحّة معتقدهما عندهم. ألم ير الخليفة في واحدة من تلك الفضائل ما يجعله في مصاف من سماهم؟ ليت الخليفة ذكر آية واحدة نازلة في فضل واحد ممن ذكر! لكن القرءان حافل بالآي النازل في فضل علي وأهل بيته عليهم السلام، وهو المولود في الكعبة الذي تربى في حجر رسول الله(ص)و خديجة، وهو كفؤ فاطمة عليها السلام، وأبو سيدي شباب أهل الجنة..

إنّ عمر بن الخطّاب نفسه يشهد لعلي (ع)أنه مولاه و مولى كلى مؤمن
و مؤمنة، وقد قال له يومها: (( بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي
و مولى كل مؤمن و مؤمنة))، فإن يكن أبو عبيدة و خالد و معاذ من المؤمنين فعلي (ع)مولاهم و مولى زعمائهم و مرشحيهم و ليس أحد منهم مولى له
و كفى بذلك دليلا للباحث عن الحق.

و قد كان رسول الله(ص)يولي عليا (ع)عليهم في السرايا و لم يولّ أحدا منهم عليه. وقد خطب زعماؤهم ومقدموهم فاطمة (ع) وردّهم رسول الله(ص)وهو القائل: إذا جاءكم من ترضون دينه و خلقه فزوّجوه إلاّ تفعلوا تكن في الأرض و فساد كبير. وزوجها عليا (ع).

وفي كنز العمال: عن عمر أنه سمع رجلا يقرأ {هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ) فقال عمر: يا ليتها تمّت([265]).

وهذا معناه أنّ عمر يتمنى لو أن الإنسان لم يخرج إلى الوجود! ويبقى السؤال مطروحا: لماذا يفضل عمر بن الخطاب العدم على الوجود؟

قال القاضي عياض: «ولمّا فرض عمر بن الخطّاب لابنه عبد الله في ثلاثة آلاف ولأسامة بن زيد في ثلاثة آلاف وخمسمائة قال عبد الله لأبيه: لم فضّلته؟ فو الله ما سبقني إلى مشهد ! فقال له: لأنّ زيدا كان أحبّ إلى رسول الله (ص) من أبيك، وأسامة أحبّ إليه منك، فآثرت حبّ رسول الله(ص)على حبي([266]).

أقول: هل كان أسامة بن زيد أحبّ إلى رسول الله(ص)من فاطمة (ع) ؟ هل قال رسول الله(ص)يوما من الأيّام أسامة بضعة منّي؟! و أعجب منه قوله آثرت حبّ رسول الله(ص)على حبّي!!

قال صاحب أبي حنيفة: واستدلّ عليه بحديث سعد بن أبى وقّاص، فإنّه حين افتتح العراق باع من المسور بن مخرمة طستا بألف درهم، فباعها المسور بألفي درهم. فقال له سعد: لا تتّهمني، وردّ الطّست. فإنّي أخشى أن يسمع ذلك عمر فيرى أنّى قد حابيتك، فردّه. ثم ذُكر ذلك لعمر فقال: الحمد لله الذي جعل رعيتي تخافني في آفاق الأرض، وما زادني على ذلك شيئا. ولو كان هذا البيع جائزا لأمر عمر بردّ الطّست عليه([267]).

يحمد الله تعالى أنّ رعيّة عمر تخاف عمر في آفاق الأرض، ولا يهمّه إنّ كانت تخاف الله تعالى! وسعد بن أبي وقاص لم يقل للمسور بن مخرمة« إني أستحي من الله تعالى أن يراني حابيتك..، وإنما قال:« فإنّي أخشى أن يسمع ذلك عمر فيرى أنّى قد حابيتك».

قال السيوطي في فصل خاصّ بما ورد من كلام الصّحابة والسّلف الصّالح في فضل أبي بكر: أخرج البخاريّ عن جابر قال: قال عمر بن الخطّاب« أبو بكر سيدنا ». وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عمر قال: «لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح بهم». وأخرج ابن أبي خيثمة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن عمر قال: «إنّ أبا بكر كان سابقا مبرزا». وقال عمر«لوددت أنّي شعرة في صدر أبي بكر» أخرجه مسدّد في مسنده. وقال «وددت أنّي من الجنّة حيث أرى أبا بكر».أخرجه ابن أبي الدنيا وابن عساكر. وقال: «لقد كان ريح أبي بكر أطيب من ريح المسك!» أخرجه أبو نعيم. وأخرج ابن عساكر عن عليّ أنه دخل على أبي بكر وهو مسجى فقال: « ما أحد لقي الله بصحيفته أحبّ إليّ من هذا المسجّى». وأخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصّدّيق قال: قال رسول الله(ص):«حدثني عمر بن الخطّاب أنّه ما سبق أبا بكر إلى خير قطّ إلا سبقه به». وأخرج الطبراني في الأوسط عن عليّ قال: والذي نفسي بيده ما استبقنا إلى خير قطّ إلا سبقنا إليه أبو بكر. وأخرج في الأوسط أيضا عن جحيفة قال: قال علي خير الناس بعد رسول الله(ص)أبو بكر وعمر لا يجتمع حبي وبغض أبي بكر وعمر في قلب مؤمن([268]).

أقول:

من علامات وضع هذا الحديث أنّ فاطمة عليها السلام لم تكن تحب أبابكر وعمر، وكان عليّ (ع) أحبّ الناس إليها بعد رسول الله(ص). وفي مسند الشاميّين عن جبير بن نفير أنّ نفرا قالوا لعمر بن الخطّاب والله ما رأينا رجلا أقضى بالقسط ولا أقول بالحقّ ولا أشدّ على المنافقين منك يا أمير المؤمنين! فأنت خير النّاس بعد رسول الله(ص)! فقال عوف بن مالك كذبتم، والله لقد رأينا خيرا منه بعد رسول الله(ص). فقال: من هذا يا عوف؟ فقال: أبو بكر. فقال عمر: صدق عوف وكذبتم! والله لقد كان أبو بكر أطيب من ريح المسك وأنا أضلّ من بعير أهلي([269]).

هذه شهادة عمر على نفسه أنّه أضلّ من بعير أهله!

قال الرازي: وعن عمر بن الخطّاب أنه قال: والله لو أمرنا ربنا بقتل أنفسنا لفعلنا والحمد لله الذي لم يأمرنا بذلك([270]).

في كتاب الجهاد: "....قال عمر والله إنّ من النّاس ناسا يقاتلون ابتغاء الدّنيا، وإنّ من النّاس ناسا يقاتلون رياء وسمعة، وإنّ من النّاس ناسا يقاتلون إن دهمهم القتال ولا يستطيعون إلا إيّاه، وإنّ من الناس ناسا يقاتلون ابتغاء وجه الله، أولئك الشّهداء وكلّ امرئ منهم يبعث على الذي يموت عليه؛ وإنّها والله ما تدري نفس ما هو مفعول بها ليس هذا الرّجل الذي قد تبين لنا أنه قد غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر" ([271]).

وهذا يدلّ بوضوح على أن عمر بن الخطّاب لم يكن يعتقد بالعشرة المبشرين فضلا عن عدالة جميع الصّحابة، فهو لم يجزم بالنّجاة لغير رسول الله (ص)، لا لأبي بكر ولا غيره.

وفي التسهيل: «قال عمر بن الخطّاب التوبة النّصوح هي أن تتوب من الذنب ثم لا تعود إليه أبدا ولا تريد أن تعود([272]).

قالوا: كان عمر بن الخطّاب يقول حاسبوا أنفسكم قل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا، وتزينوا للعرض الأكبر، يومئذ لا تخفى منكم خافية فيقول هاؤم([273]).

أقول: هل حاسب عمر نفسه حينما قيل له «إنّ في البيت فاطمة» فقال: «وإن»؟ هل تدبّر في عواقب هذه الكلمة؟.

قال عمر بن الخطّاب:« كفى بالمرء سرفا أن لا يشتهى شيئا إلاّ اشتراه فأكله»([274]).

أقول: يرد عليه إشكالات منها قوله تعالى {قل من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق..}، وإذا كان المرء يشترى من حلال بدراهم حلال يتقوّى به على عبادة ربّه فأين المشكلة؟

وقال ابن جرير عن الحسن قال: قال عمر بن الخطّاب: لقد هممت أن لا أدع أحدا أصاب فاحشة في الإسلام أن يتزوّج محصنة. فقال له أبي بن كعب: يا أمير المؤمنين، الشّرك أعظم من ذلك وقد يقبل منه إذا تاب([275]).

وروى الحسن البصري قال: قال عمر بن الخطّاب: « لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار فينظروا إلى كل من كان عنده جدة ( أي سعة ) فلم يحجّ فيضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين([276]).

هذا رأي عمر في من أخّر الحجّ، و هل تنحصر الجدة في المال والرّاحلة دون مراعاة الموانع الأخرى التي قد يكون الحرج في التّصريح بها.ذلك ما لا يلتفت إليه عمر.

وعن أبي عثمان النّهدي أنّ عمر بن الخطّاب قال وهو يطوف بالبيت ويبكي: اللهمّ إن كنت كتبت عليّ شقوة أو ذنبا فامحه فإنّك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أمّ الكتاب، فاجعله سعادة ومغفرة([277]).

أقول: هذا عمر يخشى على نفسه الشّقاء وهو المبشّر بالجنة!

و روي أنّ المدينة زلزلت على عهد عمر بن الخطّاب مرّات فقال عمر: أحدثتم والله! لئن عادت لأفعلنّ و لأفعلن([278]).

أقول: لماذا يخرج عمر نفسه من المحدثين؟ أليس درء الحدّ عن المغيرة بن شعبة من أكبر ما ارتكب على عهده؟ أو لم يقل هو نفسه للمغيرة بن شعبة:«والله ما رأيتك إلا خشيت أن أرمى بحجارة من السماء»؟!

قال ابن كثير:وقد ذكرنا في مسند أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب من طرق متعدّدة عنه أنه لما تزوج ( أمّ كلثوم ) بنت علي بن أبي طالب قال: أما والله ما بي إلا أنّي سمعت رسول الله(ص)يقول: " كل سبب ونسب فإنّه منقطع يوم القيامة إلا سبي ونسبي " ( رواه الطبراني و البزار و البيهقي والحافظ الضياء في المختارة وذكر أنه أصدقها أربعين ألفا إعظاما وإكراما )([279]).

أقول:

بغض النظر عن صحة القصة أو بطلانها فإنّ في هذا الكلام مغالطة كبيرة، وشر المغالطة ما كان يغالط به المولى عز وجل، هل يعتقد عمر بن الخطاب أن نسب أم كلثوم أقرب إلى رسول الله(ص) من نسب فاطمة عليها السلام؟ وحتى أم كلثوم ـ في حال ثبوت القصّة وهو غير مسلّم ـ أقول: أيّ تعظيم وأيّ تكريم بعد أن همّ بإحراقها وإحراق أمّها وأبيها وأخويها يوم السّقيفة. والعجيب أنّه خطب أمّها من قبل، ثمّ خطبها هي وتزوّجها على زعمهم، وهذا من أشنع ما يشنّع به النّاس عرفا! فهو قد خطب إلى أهل بيت ردّوه، ومع ذلك رجع إلى نفس البيت يخطب بنت المرأة التي خطبها وردّوه!! وعلى كلّ حال إنّ له وقفة مع فاطمة يوم العرض الأكبر، فإن اتّصل سببه هناك لم يضرّه شيء، وإن انقطع سببه هناك لم ينفعه شيء. وقد خرجت فاطمة (ع) من الدّنيا ساخطة عليه، ولا شيء يدلّ على أنّها غيّرت رأيها منه في عالم البرزخ، ولا يُنقض يقين بشكّ.

وفي مختصر ابن كثير، قال قتادة: ذكر لنا أنّ أبا الدّرداء قال: لا إسلام إلا بطاعة الله ولا خير إلا في جماعة والنّصيحة لله ولرسوله وللخليفة وللمؤمنين عامّة قال: وقد ذكر لنا أنّ عمر بن الخطّاب (رض) كان يقول: عروة الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله و إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والطاعة لمن ولاّه الله أمر المسلمين (رواه ابن أبي حاتم )([280]). (من أقوال عمر ).

نعم! الطّاعة لمن ولاّه الله أمور المسلمين لا من ولّته السّقيفة، وبين الأمرين فرق كبير! ولو جاز ما يروّجون له لكان يزيد بن معاوية أيضا ممّن ولاه الله أمور المسلمين. ومن أعجب ما في هذه المسألة أنّهم من جهة يقولون إن الله تعالى ترك الأمر شورى للمسلمين، ولم يعين شخصا بذاته لا يوم الغدير ولا قبله ولا بعده، وفي نفس الوقت يقولون « من ولاّه الله أمور المسلمين»!

قالوا: وكان عمر بن الخطّاب إذا اجتهد في اليمين قال: والذي تقوم السماء والأرض بأمره أي هي قائمة ثابتة بأمره لها وتسخيره إياها([281]).(من أخبار عمر ).

وقال عمر بن الخطّاب للعبّاس: والله لإسلامك يوم أسلمت كان أحبّ إليّ من إسلام الخطاب لو أسلم، لأنّ إسلامك كان أحبّ إلى رسول الله(ص) من إسلام الخطاب([282]). (من أقوال عمر).

أقول: فاطمة أحب إلى رسول الله(ص) من عمّه العبّاس، ومع ذلك فقد هدّد عمر بتحريق البيت عليها!.

وقال قتادة: ذكر لنا أن رجلا قال لعمر بن الخطّاب: يا أمير المؤمنين قحط المطر وقنط النّاس فقال عمر:«مطرتم، ثم قرأ:{وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد}([283]).(عمر وتدبر القرآن).

وقد تورع أمير المؤمنين عمر بن الخطابعن كثير من طيبات المآكل والمشارب وتنزه عنها وقال: إني أخاف أن أكون من الذين قال الله لهم: {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها }([284]).(تناقضات عمر ـ أليس هو الذي يعزو كثرة احتلامه إلى كثرة أكل الدسم؟!).

وعن عمر بن الخطّاب:> أنه قال: ما عاقبت أحدا عصى الله تعالى فيك بمثل أن تطيع الله تبارك وتعالى وفيه([285]).( من أقوال عمر ـ لقد أطاع الله تعالى في تهديد فاطمة وأولادها بالتحريق بالنار!).

قال عمر بن الخطاب حين قيل له ألا تستخلف: لو كان أبو عبيدة حياً لاستخلفته ولو كان معاذ حياً لاستخلفته ولو كان سالم حياً لاستخلفته فإني سمعت رسول الله(ص)يقول أبو عبيدة أمين هذه الأمّة ومعاذ أمّة قانت لله ليس بينه وبين الله يوم الكشاف القيامة إلا المرسلون وسالم شديد الحب لله لو كان لا يخاف الله لم يعصه([286]).(من أقوال عمر).

أقول: ليت عمر بن الخطاب بيّن للمسلمين أمانة أبي عبيدة في أي يوم وفي أية واقعة؟! وأما سالم مولى أبي حذيفة فإنه كان حاضرا يوم خيبر، وقال رسول الله(ص)يومها «لأعطينّ الرّاية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله..>ولم يكن ذلك الحبيب غير علي (ع)، وقد قال رسول الله(ص) في علي (ع) كلاما كثيرا، كما نزل في فضائله أيضا قرآن كثير، ولكن ذلك كلّه لا يعني للخليفة عمر شيئا لأن الأمر كان محسوما، ولم تكن تلك المقالة إلا لذرّ الرماد في العيون، وإلا فأين إنجازات من سمّاهم؟! ولماذا لم يظهر لهم أثر يوم خيبر ولا يوم الخندق ولا غير ذلك من الأيّام التي يتميّز فيها الصّادق بصدقه والأمين بأمانته. ولعلّ الخليفة عمر بن الخطّاب إنّما كان يورد تلك الأسماء وتلك المقالات لينزل من مقام علي (ع) في نفوس الأجيال القادمة، لأنّ حسد معاصريه له عليه السلام كان أوضح من نار على علم.

وروي عن عمر بن الخطّاب قوله: لا تظنّنّ بكلمة خرجت من في أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا([287]).(من أقوال عمر).

أقول: لماذا لم يحمل سؤال صبيغ بن عسل التميمي على محمل الخير؟

قال الزمخشري: وروى عن عمر بن الخطّاب أنه قال: والله لو أمرنا ربنا لفعلنا والحمد لله الذي لم يفعل بنا ذلك([288]).(من أقوال عمر).

أقول: لقد أمره الله بمثل ذلك: ألاّ يولّي دبره من الزّحف وألا يرغب بنفسه عن رسول الله(ص)، ومع ذلك ولّى دبره من الزحف وفرّط في رسول الله(ص)إذ تركه بين الأعداء.

قال الزمخشري: وروي أن عمر بن الخطّاب كان إذا جاءه ولي اليتيمة نظر فإن كانت جميلة غنيّة قال: زوّجها غيرك والتمس لها من هو خير منك وإن كانت دميمة ولا مال لها قال: تزوّجها فأنت أحقّ بها([289]).(من أقوال عمر).!

أقول: لمَ لمْ يقل ذلك لعبد الرحمن بن عوف والمغيرة بن شعبة، وقد فعل كل واحد منهما خلاف ما تشتهي نفس عمر؟!).

وفي صحيح ابن حبان أنّ عمر بن الخطّاب قال " كنا معشر المهاجرين قوما نغلب نساءنا فإذا الأنصار قوم تغلبهم نساؤهم فأخذ نساؤنا يتأدّبن بأدب نساء الأنصار.. " ([290]).( أقول لعمر)

أقول: مهاجرون يغلبون نساءهم لكنّهم ساعة الجدّ لا يفكّرون إلاّ في الفرار، بينما الأنصار تغلبهم نساؤهم ـ على حدّ قول عمر ـ لكنّهم ساعة الجدّ قلّما يفرّون. وما أسهل أن يغلب المرء زوجته، وليس من شأن أهل المروءة مغالبة النساء.

وعن عبيد بن رفاعة الأنصاري قال تذاكر أصحاب رسول الله(ص) عند عمر بن الخطاب (رض)العزل فاختلفوا فيه فقال عمر رضي الله عنه: قد اختلفتم وأنتم أهل بدر الخيار فكيف بالنّاس بعدكم إذ تناجى رجلان فقال عمر: ما هذه المناجاة؟ قال: إنّ اليهود تزعم أنّها الموءودة الصغرى. فقال عليّ رضي الله عنه: إنّها لا تكون موءودة حتى تمرّ بالتّارات السّبع، {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين..} إلى آخر الآية، فعجب عمر (رض)من قوله وقال: جزاك الله خيرا([291]). وفي شرح الزرقاني قال عمر لعلي: صدقت أطال الله بقاك، فقيل إنّه أوّل من قالها في الإسلام ([292]). وفي الاستذكار فقال له عمر صدقت أطال الله بقاءك، وهذه أيضا رواية زيد بن أبي الورقاء عن ابن لهيعة. وقيل إنّ أوّل من قال في الإسلام أطال الله بقاءك عمر لعلي ـ رضي الله عنهماـ في هذا الخبر، وروى المقرئ عن ابن لهيعة مثله بإسناده وقال في آخره عمر جزاك الله خيرا([293]). (أوائل عمر ).

وروى الحاكم من طريق ابن شهاب قال: خرج عمر بن الخطّاب إلى الشّام ومعه أبو عبيدة بن الجراح فأتوا على مخاضة وعمر على ناقة فنزل عنها وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه وأخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين ! أأنت تفعل هذا ؟ ! تخلع خفيك وتضعهما على عاتقك وتأخذ بزمام ناقتك وتخوض بها المخاضة ؟ ! ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك ! فقال عمر: أوه ! لو يقل ذا غيرك أبا عبيدة جعلته نكالا لأمة محمد(ص) ! إنّا كنا أذلّ قوم فأعزّنا الله بالإسلام فمهما نطلب العزّ بغير ما أعزّنا الله به أذلّنا الله.قال الألباني: ( صحيح ) وفي رواية له: يا أمير المؤمنين ! تلقاك الجنود وبطارقة الشّام وأنت على حالك هذه ؟ فقال عمر: إنا قوم أعزنا الله بالإسلام فلن نبتغي العز بغيره([294]).

أقول: كيف أعزّ الله تعالى العرب بالإٍسلام؟ ألم يكن ذلك بمحمد وآل بيته^؟ ألم يستشهد أبو عبيدة بن الحارث في بدر وحمزة في أحد وجعفر في مؤتة؟ ألم يقض نبي الرحمة(ص) عمره الشريف مجاهدا حتى أتاه اليقين؟ فكيف كان جزاء عمر وحزبه لرسول الله وأهل بيته^؟!أليس هو الذي حمل النّار وهمّ بتحريق بيت كان جبريل يستأذن لدخوله؟!

ورووا عن عمر بن الخطّاب أنه قال " أشكو إلى الله ضعف الأمين وخيانة القويّ "([295]). يريد أسأله أن يؤيّدني بقويّ أمين أستعين به. وفيه شهادة منه على قلّة الأمناء في حاشيته وعمّاله.(من أقوال عمر ).

ومُدح رجل عند عمر بن الخطّاب بالخير فقال عمر: هل أريتموه الأبيض والأصفر ؟ يعني الدّراهم والدّنانير([296]).

وروى الحسن عن الأحنف بن قيس أنه سمع عمر بن الخطّاب يقول: لأنا أعلم بخفض العيش، ولو شئت لجعلت أكبادا وصلائق وصنابا وكراكر وأسنمة، ولكني رأيت الله نعى على قوم فقال: { أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها }. وإنما أراد عمر بذلك الخشية من أن يشغله ذلك عن واجبه من تدبير أمور الأمّة فيقع في التّفريط ويؤاخذ عليه([297]). (من أقوال عمر ).

وفي تفسير الصنعاني عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين أن عمر بن الخطّاب قال ليس المسكين بالذي لا مال له ولكن المسكين الأخلق الكسب([298]). (من أقوال عمر).

عبد الرزاق قال أنا ابن عيينة عن رجل عن الحسن في قوله لم يسرفوا ولم يقتروا أن عمر بن الخطّاب قال كفى سرفا ألاّ يشتهي رجل شيئا إلا اشتراه فأكله (من أقوال عمر ـ قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق([299]).

أقول: إذا كان ماله حلالا وكانت نيته التقوّي على العبادة فما المانع، على أنّ ما عناه لا يكاد يوجد، فمن هذا الذي لا ينفكّ يتشهّى ؟!

وسمع عمر بن الخطّاب رجلا يقول اللهمّ اغفر لي خطاياي فقال: استغفر الله للعمد، فأما الخطأ فقد تجوّز عنه([300]).

القتل الخطأ مثلا في نظر عمر لا يحتاج إلى استغفار، وموسى بن عمران قضى على الذي هو من عدوّه دون تعمّد القتل، ومع ذلك استغفر ؟!ولقد رووا أن رسول الله(ص) كان يستغفر في اليوم أكثر من سبعين مرة، وهو المعصوم.

عن هشام بن عروة في قوله تعالى أذهبتم طيبتكم في حياتكم الدنيا أن عمر بن الخطّاب قال لو شئت أن أذهب طيباتي في حياتي الدنيا لأمرت بجدي سمين فطبخ باللبن([301]).

طيباتكم لدى عمر بين الخطاب تنحصر في كبش مطبوخ باللبن!).

و عن زيد بن وهب قال: إني لجالس مع عمر بن الخطّاب إذ جاء ابن مسعود فكان الجلوس يوارونه من قصره فضحك عمر حين رآه فجعل عمر يكلّمه ويهلل وجهه ويضاحكه وهو قائم عليه ثم ولى فأتبعه عمر بصره حتى توارى فقال: كنيف ملئ علما([302]). انظر: سير أعلام النبلاء،ج 1 ص491 وطبقات ابن سعد،ج 1 ص110 والحلية،ج 1ص 129.

وقال السيوطي في الإتقان:أخرج أبو عبيد في فضائله عن عمر بن الخطّاب قال تعلّموا اللّحن والفرائض والسّنن كما تعلّمون القرآن([303]).

أقول: وكيف يتعلّمونها وقد نهى هو نفسه عن روايتها، وضرب بعض الرواة، وجلد بعضا، ونكّل ببعض؟!

قال ابن القاسم وأخبرني مالك أنّ عمر بن الخطّاب نهى عن رطانة الأعاجم وقال: إنها خب أي خبث وغش([304]).

أقول:

هذا كلام لا يمت إلى الإسلام بصلة، فإن الله تعالى قد جعل اختلاف الألسنة من آياته في الأرض . وأئمة أهل البيت عليهم السلام كانوا يتحدثون الفارسية مع أبناء فارس وهم مطهّرون بنص الكتاب العزيز، ويصلى عليهم في كل فريضة ونافلة! ؛ وإنّما شرفت العربيّة بالقرآن الكريم، وشرف العرب برسول الله(ص) وكتاب الله الكريم، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين.

وقال عمر بن الخطّاب: من خاف الله لم يشف غيظه ومن اتقى الله لم يصنع ما يريد ولولا يوم القيامة لكان غير ما ترون([305]).(من أقوال عمر ).

قال السيوطي:وأخرج وكيع و الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن المغيرة بن شعبة قال كنا في غزاة فتقدّم رجل فقاتل حتّى قتل فقالوا ألقى بيده إلى التّهلكة فكتب فيه إلى عمر فكتب عمر ليس كما قالوا، هو من الذين قال الله فيهم﴿ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله﴾([306]).

وقال عمر بن الخطّاب ما رأيت مثل من يجلس أيما بعد هذه الآية و أنكحوا الأيامى منكم التمسوا الغنى في الباه([307]). (من أقوال عمر ـ وإنّما أوردت هذا القول لعر تعجبا من ابن تيمية الذي بقي أعزب حتى خرج من الدنيا.

ومن أقوال عمر بن الخطّاب:«تفقهوا قبل أن تسودوا».قال السيوطي: معناه اجتهدوا في كمال أهليتكم وأنتم أتباع قبل أن تصيروا سادة فإنكم إذا صرتم سادة متبوعين امتنعتم من التعلم لارتفاع منزلتكم وكثرة شغلكم[308].(من أقوال عمر).

وقد حكى أحمد بن محمد بن الحجاج أن أحمد بن صالح سئل عن السّكران فقال أنا آخذ فيه بما رواه ابن جريج عن عمرو بن دينار عن يعلى بن منية عن أبيه قال سألت عمر بن الخطّاب عن حدّ السّكران فقال هو الذي إذا استقرأته سورة لم يقرأها وإذا خلطت ثوبه مع ثياب لم يخرجه([309]).

وعن الشعبي عن ابن عمر قال سمعت عمر بن الخطّاب يخطب على منبر المدينة قال أيها الناس ألا إنّه نزل تحريم الخمر يوم نزل وهي من خمسة من العنب والتّمر والعسل والحنطة والشعير والخمر ما خامر العقل([310]).

قال النّحاس: وقد يجوز أن يتمنّى الموت من له عمل صالح متخلّصا به من الكبائر، فهذا عمر بن الخطّاب لما استقامت أموره وفتح الله على يديه الفتوح وأسلم ببركته من لا يحصى عدده تمنّى الموت فقال اللهمّ كبرت سنّي ورقّ عظمي وانتشرت رعيّتي فاقبضني إليك غير مفرّط ولا مضيّع([311]).(من أقوال عمر.

يقول النّحّاس:« له عمل صالح متخلصا به من الكبائر». أقول: هيهات! تلك أمانيهم! وتحسبونه هيّنا وهو عند الله عظيم ! إذا لم يكن ذلك التّعامل مع فاطمة من الكبائر فليس هناك كبيرة يحاسب عليها إنسان! ومن زعم أنّه يفهم الإسلام أفضل مما تفهمه فاطمة (ع) فليراجع نفسه وليتثبت إن كان فعلا على دين أبيها(ص).

وعن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيّب أنّ عمر بن الخطّاب قال أيّها الناس قد سننت لكم السنن و فرضت لكم الفرائض وتركتكم على الواضحة أن لا تضلوا بالناس يمينا وشمالا وآية الرجم لا تضلوا عنها فإن رسول الله قد رجم ورجمنا وأنها قد أنزلت وقرأناها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموها البتة ولولا أن يقال زاد عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي ([312]).

عمر بن الخطّاب يتحدث عن نفسه ويخبر أنّه هو الذي سن السنن وفرض الفرائض، فماذا فعل رسول الله(ص) إذا ؟.

وروى مالك في الموطأ عن عمر بن الخطّاب أنّه قال:« أيّها النّاس، قد سنت لكم السّنن، وفرضت لكم الفرائض، وتركتكم على السّنّة الواضحة ليلها كنهارها إلا أن تضلّوا بالنّاس يمينا وشمالا([313]).

أقول:

عمر يتحدث عن نفسه فيدّعي أنه هو الذي سنّ السّنّن وفرض الفرائض، فماذا فعل رسول الله(ص)إذاً ؟ ثم هو يقول: ليلها كنهارها؟!

عن ابن عباس قال: دخلت على عمر بن الخطّاب حين طعن فقلت أبشر بالجنة يا أمير المؤمنين أسلمت حين كفر الناس وجاهدت مع رسول الله حين خذله الناس وقبض رسول الله وهو عنك راض ولم يختلف في خلافتك اثنان وقتلت شهيدا فقال أعد علي فأعدت عليه فقال والله الذي لا اله غيره لو أن لي ما على الأرض من صفراء وبيضاء لافتديت به من هول المطلع!([314])

أقول: فأين قوله أكفيكهما يا رسول الله؟ وأين حديث البشارة بالجنّة؟ وحديث أفضل الأمّة بعد اثنين؟! لقد كان عمر بن الخطّاب أعلم بنفسه من العمريّين حين جاءت سكرة الموت بالحقّ..

و عن مكحول قال: قال عمر بن الخطّاب احضروا موتاكم وذكروهم فإنهم يرون ما لا ترون ولقنوهم شهادة أن لا إله إلا الله([315]).

و عن الأعمش عن أبي الضحى قال حدثني من سمع عمر يقول إذا رأى المغيرة بن شعبة ويحك يا مغيرة والله ما رأيتك قط إلا خشيت أن تنزل علي حجارة من السماء([316]).

نعم، كان عمر يقول هذا القول كلّما رأى المغيرة بن شعبة لأنه هو الذي درأ عنه الحد، وهو أعلم الناس بفسقه، فإنه هو الذي قال له « أنت رجل فاسق»([317])!

و قال المغيرة (لعمر): يا أمير المؤمنين إنك والله ما تدري ما قدر أجلك فلو حددت لناس حدّاً أو علمت لهم علما يبهتون إليه قال فاستوى عمر جالسا ثم قال: هيه! اجتمعتم فقلتم من ترون أمير المؤمنين مستخلفا؟ فقال قائل «عليا» وقال قائل «عبد الله بن عمر فإن فيه خلفا» قال فلا يأمنوا يسأل عنها رجلان من آل عمر؟ فقلت: أنا لا أعلم لك ذلك. قال: قلت فاستخلف. قال: من؟ قلت: عثمان! قال: أخشى عقده وأثرته. قال قلت: عبد الرحمن بن عوف قال مؤمن ضعيف. قال قلت: فالزبير؟ قال: ضرس. قال قلت: طلحة بن عبيد الله قال رضاؤه رضاء مؤمن وغضبه غضب كافر! أما إنّي لو ولّيتها إيّاه لجعل خاتمه في يد امرأته! قال قلت: فعليّ؟ قال: أما إنّه أحراهم إن كان أن يقيمهم على سنّة نبيهم(ص) وقد كنّا نعيب عليه مزاحة كانت فيه([318]).

أقول:

عمر يعترف بأفضليّة عليّ (ع)على بقية السّتّة، وإن كان ذلك من تحصيل الحاصل، لكنه يزعم أنّ في عليّ (ع) دعابة، فهل منعت الدّعابة عليّا (ع) من مواجهة عمرو بن عبد ودّ؟! وهل نفع عمر بن الخطاب جدّه وعبوسه يومها؟!

و عن نافع أنّ عمر قال لرجل من ثقيف قال غير أيّوب وهو المغيرة بن شعبة قال فقال له عمر ما فعل غلامك المولد؟ قال فذلك حين دعاه عمر فسأله عنه فقال: خيرا يا أمير المؤمنين، وقد أنكحته. قال: فلعلّك تخالفه إلى امرأته إذا غاب؟! فقال: لا يا أمير المؤمنين. فقال: لو أخبرتني أنّك تفعل لجعلتك نكالا قال وبلغني أن عليا أشار إليه أن لا يعترف([319]).

أقول:

هذه القصة تحمل في طياتها ما يمكن أن يمثل منطلقا لبحث موضوعي في مسألة أبي لؤلؤة.

وعن سفيان بن عيينة حدثني الصعب بن حكيم بن شريك بن نملة عن أبيه عن جده قال ضفت عمر بن الخطابليلة فأطعمني كسورا من رأس بعير بارد وأطعمنا زيتا وقال هذا الزيت المبارك الذي قال الله عز وجل لنبيه(ص)([320]).

وعن ([321])عن عبد الكريم بن رشيد أنّ عمر بن الخطّاب قال: «يا أصحاب رسول الله، تناصحوا فإنّكم إن لا تفعلوا غلبكم عليها يعني الخلافة مثل عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفْيان (!).

قال ابن حجر:ويقال إنّ عمر قال لأهل الشّورى لا تختلفوا فإنّكم إن اختلفتم جاءكم معاوية من الشّام وعبد الله بن أبي ربيعة من اليمن فلا يريان لكم فضلا لسابقتكم؛ وإنّ هذا الأمر لا يصلح للطّلقاء ولا لأبناء الطّلقاء " فهذا يقتضي أن يكون عبد الله من مسلمة الفتح (اهـ)[322].(من أقوال عمر).

عمر بن الخطّاب أيضا كلام في هذا المعنى رواه ابن عساكر (.. )عن عثمان بن مقسم قال: قال المغيرة بن شعبة لعمر: أدلّك على القويّ الأمين؟ قال: بلى قال: عبد الله بن عمر! قال: ما أردت بقولك هذا ؟ والله لأن يموت فأكفنه بيديّ أحبّ إليّ من أن أوليّه وأنا أعلم أنّ في النّاس من هو خير منه([323]) .

لكن ابن حجر يقول في فتح الباري: والذي يظهر من سيرة عمر في أمرائه الذين كان يؤمرهم في البلاد انه كان لا يراعي الأفضل في الدّين فقط، بل يضمّ إليه مزيد المعرفة بالسّياسة مع اجتناب ما يخالف الشّرع منها، فلأجل هذا استخلف معاوية والمغيرة بن شعبة وعمرو بن العاص مع وجود من هو أفضل من كل منهم في أمر الدين والعلم([324]).

قلت: رووا أن من ولي من أمور المسلمين شيئا فأمّر عليهم رجلا وهو يرى أنّ فيهم من هو خير منه فقد خانهم. وعليه يكون عمر قد خان المسلمين في توليته الطّلقاء وأبناء الطّلقاء على المهاجرين والأنصار.

قالوا: وكان عمر يسمي معاوية«كسرى العرب»([325]).

قال رسول الله عن معاوية "صعلوك"، وقال عنه عمر " كسرى العرب "، ولا يمكن الجمع بين القولين، والمرء حرّ في اختيار ما يبدو له أصحّ القولين.

وقد سأل عمر أبا بكر: أفي كتاب الله هذا؟ و أقول: لعل عمر تشابه عليه ما في القرآن وما في التوراة، والعجيب أن أبا بكر قرأ أكثر من آية.ويلاحظ وجود المغيرة دائما إلى جنب أحد الرجلين أو كليهما، وهذا معناه أن المغيرة من أساطين حزب السقيفة.

قال عمر: والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا بكسر أوله أي ما يملؤها ذهبا حتى يطلع ويسيل لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه أي الله أو عذابه وإنما قال ذلك لغلبة الخوف الذي وقع له في ذلك الوقت من خشية التقصير فيما يجب من حقوق الله أو من الفتنة بمدحهم كذا في فتح الباري وقال الطّيبيّ كأنّه رجح جانب الخوف على الرّجاء لما أشعر من فتن تقع بعده في أصحاب رسول الله(ص)فجزع جزعا عليهم وترحما لهم ومن استغناء الله تعالى عن العالمين كما قال عيسى (ع) {إن تعذبهم فإنّهم عبادك}([326]) وكان جانب الخوف عليه غالبا فاستمر على ذلك هضما لنفسه وانكسارا ولذلك نسب ما حصل له من الفضيلة إلى منة الله تعالى وإفضاله. وفي الاستيعاب أنّ عمر حين احتضر قال ورأسه في حجر ابنه عبد الله ظلوم لنفسي غير أني مسلم أصلي صلاتي كلها وأصوم.

أقول: تلك أقوال عمر عند الوفاة وهذه تمحّلات المتأوّلين.

وذكر تمام الخبر في الشورى وتقديمه لصهيب في الصلاة وقوله في علي عليه السلام: إن ولّوها الأجلح سلك بهم الطّريق الأجلح المستقيم يعني عليّا. وقوله في عثمان وغيره. فقال له ابن عمر: ما يمنعك أن تقدّم عليا قال: أكره أن أحملها حيا وميتا([327]).

قلت: إذا كان فعلا يكره أن يتحمّلها حيّا وميتا فلماذا فصّلها على مزاجه وجعل عدد المرشّحين ستة لا أكثر، وأدار إدارتها كما لو كان حيّا بحيث يكون القرار النّهائي بيد عبد الرحمن بن عوف المتزوّج من أربع أمويات؟! أليس قد تحمّلها تمام التحمّل وهو مع ذلك يزعم أنّه لا يتحمّلها؛ هيهات هيهات أن تنفع المغالطات يوم تبلى السرائر. ولو كان عمر يريد للمسلمين الخير لما عدل عن اليقين إلى الظّنّ، ألم يقل أبو بكر ولّيتهم خيرهم في نفسي وقبلها عمر؟! لماذا يقبل نفس المبدإ حينما يكون أول منتفع منه ويرفضه حينما يتعلّق بغيره؟ ألا يدخل بذلك في قوله تعالى﴿وإن يكن لهم الحقّ يأتوا إليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظّالمون}.

قالوا:وكان (زياد) أحد الشهود على المغيرة بن شعبة مع أخويه أبي بكرة ونافع وشبل بن معبد فلم يقطع بالشّهادة فحدّهم عمر ولم يحدّه وعزله فقال: يا أمير المؤمنين أخبر النّاس أنّك لم تعزلني لخزية. فقال: ما عزلتك لخزية ولكن كرهت أن أحمل على النّاس فضل عقلك([328]).

يريد عمر بقوله هذا أن يوهم النّاس أنّ زيادا كان أعقل أهل زمانه، ولا شكّ أن زيادا كان من الدّهاة لا الأذكياء، فإن الذكاء يعبر به عن القدرات الفكرية المستعملة في الخير وما ينفع، وأما الدهاء فإنه من الشيطنة. وإنما قال عمر ذاك الكلام لزياد لأنّه كان أسرع إلى فهم عبارة عمر من السّيل إلى منتهاه، وبفضله نجا المغيرة بن شعبة في هذه الدنيا؛ وزياد هذا هو الذي شهد على أمّه بالزّنا وعلى أبيه بالدّياثة !

وقال عبد الملك بن عمير عن قبيصة بن جابر أيضا أن عمر بن الخطّاب قال له في قصّة ذكرها:«يا قبيصة، إنّي أراك شابّا فصيح اللّسان فسيح الصّدر وإنّ الرجل قد يكون فيه عشر خصال، تسع منها حسنة وواحدة سيئة فتفسد الواحدة التّسع؛ فإيّاك وعثرات اللّسان». وفي رواية «وعثرات الشباب»([329]).(من أقوال عمر ).

وأخرج البخاريّ في تاريخه من طريق الزهري أنّ عمر بن الخطّاب قال: إذا وليت شيئا من أمر النّاس فلا تبال لومة لائم([330]).

قال أبو عبيدة معمر بن المثنّى: قال رجل في مجلس يونس: قال عمر بن الخطّاب ذات يوم: لئن بقيت لأمنعنّ فروج العربيّات إلاّ من الأكفاء. فقال يونس: رحم الله عمر لو أدرك تلاعب زياد وبنيه لساءه ذلك([331]).

قلت: لقد تقدم لخطبة فاطمة بنت رسول لله(ص) وهو الذي كان ينحني للصنم طيلة ثلاثين سنة، وتكررت منه كبيرة الفرار من الزحف، وكان يضرب بغلظته المثل حتى قيل لا يسلم حتى يسلم حمار الخطاب، فهل كان يرى نفسه كفؤا لفاطمة(ع). ثم هو نفسه يقول: ما أبالي أي الناس نكحت وأيّهم أنكحت !

و عن عمر قال: ما بلت قائما منذ أسلمت.

أقول: والسياق يدلّ على أنّ عمر يستقبح البول قائما.

وعن أحمد بن بشير عن عوانة قال: ذكر عمر شيئا فقال المغيرة: الرأي فيه كذا وكذا. فقال: وما أنت والرأي؟! إذا جاء الرّأي غلبك عليه عمرو ومعاوية([332]).

وقال أبو سليمان في حديث عمر أن المغيرة بن شعبة ذكر له عثمان للخلافة فقال أخشى حفده وأثرته([333]).

أقول : هذا رأي عمر في عثمان ومع ذلك رشحه للخلافة..

عن سماك قال سمعت بن عباس قال دخلت على عمر حين طعن فجعلت أثني عليه فقال بأي شيء تثني علي بالإمرة أو بغيرها قال قلت بكل قال ليتني أخرج منها كفافا لا أجر ولا وزر.و عن مسعر عن سماك الحنفي قال سمعت بن عباس يقول قلت لعمر مصر الله بك الأمصار وفتح بك الفتوح وفعل بك وفعل فقال لوددت أني أنجو منه لا أجر ولا وزر.و عن زيد بن أسلم عن أبيه قال لما حضرت عمر بن الخطّاب الوفاة قال بالإمارة تغبطونني فوالله لوددت أني أنجو كفافا لا علي ولا لي([334]).

وعن ابن عباس قال: أنا أول من أتى عمر بن الخطّاب حين طعن فقال احفظ مني ثلاثا فإني أخاف أن لا يدركني الناس. أما أنا فلم أقض في الكلالة قضاء ولم أستخلف على الناس خليفة، وكل مملوك لي عتيق. قال فقال له الناس: استخلف. فقال: أي ذلك ما أفعل فقد فعله من هو خير مني؛ إن أترك للناس أمرهم فقد تركه نبي الله(ص) وإن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني أبو بكر، فقلت: أبشر بالجنة صاحبت رسول الله فأطلت صحبته، ووليت أمر المؤمنين فقويت وأديت الأمانة. فقال أما تبشيرك إياي بالجنة فوالله الذي لا إله إلا هو لو أن لي الدنيا وما فيها لافتديت به من هول ما أمامي قبل أن أعلم الخبر! وأما قولك في إمرة المؤمنين فوالله لوددت أن ذلك كفاف لا لي ولا علي وأما ما ذكرت من صحبة رسول الله(ص)فذاك([335]).

أقول:

لو كان حديث العشرة المبشرين بالجنة صحيحا لكان عمر بكلامه هذا مكذبا للنبي(ص).

و عن أبي هلال عن ابن بريدة أن الذي قتل زيد بن الخطّاب سلمة بن صبيح أخو أبي مريم وكان خالد أوفد عشرة إلى أبي بكر فيهم أبو مريم فحسن إسلامه بعد ذلك ويقال إن عمر قال له أقتلت زيدا لا أحبك حتى تحب الأرض الدم. قال: أو يمنعني ذاك حقي عندك؟ قال لا. قال: فلا ضير إذا([336]).

قالوا: كان الترجمان يوم الهرمزان المغيرة بن شعبة إلى أن جاء المترجم وكان المغيرة يفقه شيئا من الفارسية فقال عمر للمغيرة: قل له من أي أرض أنت فقال المغيرة: أز كدام أرضي فقال: مهرجاني فقال: تكلم بحجتك قال: كلام حي أو ميت قال بل كلام حي: قال قد آمنتني قال:خدعتني إن للمخدوع في الحرب حكمه لا والله لا أؤمنك حتى تسلم فأيقن أنه القتل أو الإسلام فأسلم ففرض له على ألفين وأنزله المدينة وقال للمغيرة ما أراك بها حاذقا ما أحسنها منكم أحد إلا خبّ وما خبّ إلا دقّ، إيّاكم وإيّاها فإنّها تنقض الإعراب([337]).

و عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: رأيت عمر بن الخطّاب أخذ تبنة من الأرض فقال:« ليتني كنت هذه التبنة ليتني لم أخلق ليت أمي لم تلدني ليتني لم أك شيئا ليتني كنت نسيا منسيا([338]).

عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال كان عمر بن الخطّاب يدنى ابن عباس فقال له عبد الرحمن بن عوف إن لنا أبناء مثله فقال إنه من حيث تعلم فسأل عمر ابن عباس عن هذه الآية إذا جاء نصر الله والفتح فقال أجل رسول الله ص(ص)اعلمه إياه قال ما اعلم منها إلا ما تعلم([339]).

عن الحسن بن الخليل أن عمر بن الخطّاب قال لو يعلم أحدكم في قوله لأخيه جزاك الله خيرا لاستكثر منها([340]).

وعن عبد الرحمن الحجري المصري أن عمر بن الخطّاب كان يقول يصفي لك ود أخيك ثلاث أن تبدأه بالسلام وأن تدعوه بأحب أسمائه إليه وأن توسع له في المجلس وكفى بالمرء عيا أن يجد على الناس فيما يأتي وأن يبدوا لهم فيهم ما يخفى عليه من نفسه وأن يؤذيه في المجلس بما لا يعنيه([341]).

وعن عمر بن عبد الرحمن بن عطية أبي دلاف عن عمر بن الخطّاب أنه قال: لا تنظروا إلى صوم امرئ ولا إلى صلاته ولكن انظروا إلى من إذا حدث صدق وإذا أؤتمن أدى وإذا أشفى ورع([342]).

و عن زيد بن عقبة عن سمرة بن جندب قال سمعت عمر بن الخطّاب يقول النساء ثلاثة امرأة هينة لينة عفيفة مسلمة ودود ولود تعين أهلها على الدهر ولا تعين الدهر على أهلها وقل ما تجدها. والثانية امرأة عفيفة مسلمة إنما هي وعاء للولد ليس عندها غير ذلك. والثالثة غل قمل يجعلها الله في عنق من يشاء ولا ينزعها غيره. والرجال ثلاثة: رجل عفيف مسلم عاقل يأتمر في الأمور إذا أقبلت ويسهب فإذا وقعت يخرج منها برأيه. ورجل عفيف مسلم ليس له رأي فإذا وقع الأمر أتى ذا الرأي والمشورة فشاوره واستأمره ثم نزل عند أمره. ورجل جائر حائر لا يأتمر رشدا ولا يطيع مرشدا(2).

و عن محمد بن سيرين قال: قال عمر بن الخطّاب ما بقي من أخلاق الجاهلية شيء ألا إني لست أبالي أي المسلمين نكحت وأيهم أنكحت([343]).

عن ابن عمر قال: قال عمر بن الخطّاب أو قال أبي: لقد أوتي علي بن أبي طالب ثلاث خصال لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم زوجه ابنته فولدت له وسدّ الأبواب إلا بابه وأعطاه الحربة يوم خيبر([344]).

و عن حصين المزني قال: قال عمر بن الخطّاب إنما مثل العرب مثل جمل أنف اتبع قائده فلينظر قائده حيث يقود فأما أنا فورب الكعبة لأحملنّهم على الطريق([345]).

عمر يزكّي نفسه والقرآن الكريم يقول: {لا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى}([346]).

عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر قال رأيت عمر بن الخطّاب أخذ تبنة من الأرض فقال ليتني هذه التبنة ليتني لم أك شيئا ليت أمي لم تلدني ليتني كنت نسيا منسيا([347]).

رأي عمر في علي (ع) .

قال عمر بن الخطاب بعد أن عين أصحاب الشورى: إن ولّوها الأجلح سلك بهم الطّريق الأجلح المستقيم يعني عليّا. وقوله في عثمان وغيره. فقال له ابن عمر: ما يمنعك أن تقدّم عليا قال: أكره أن أحملها حيا وميتا([348]).

وعن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن القارئ عن أبيه أن عمر بن الخطّاب ورجلا من الأنصار كانا جالسين فجاء عبد الرحمن بن عبد القارئ فجلس إليهما فقال عمر: إنّا لا نحب أن يجالسنا من يرفع حديثنا! فقال له عبد الرحمن: لست أجالس أولئك يا أمير المؤمنين. فقال عمر: بلى، فجالس هؤلاء وهؤلاء ولا ترفع حديثنا. ثم قال عمر للأنصاري: من ترى النّاس يقولون يكون الخليفة بعدي؟ قال فعدّد رجالا من المهاجرين ولم يسمّ عليا! فقال عمر: فما لهم من أبي الحسن، فوالله إنّه لأحراهم إن كان عليهم أن يقيهم على طريقة من الحق([349])..

وعن البراء بن عازب وزيد بن أرقم أنّ رسول اللّه لمّا نزل بغدير خمّ أخذ بيد عليّ فقال ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا بلى قال ألستم تعلمون أني أولى بكلّ مؤمن من نفسه قالوا بلى قال اللهمّ من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة[350]. رواه أحمد.

قالوا:قال عمر بن الخطّاب « ردوا الجهالات إلى السنة» ([351]).

و عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال عمر أقرؤنا أبيّ وأقضانا علي وإنا لندع من قول أبي..(أقول هذا القول من عمر وإن كان فيه اعتراف بأعلمية علي (ع) فإنه يوهم أن أبيا أقرأ من علي (ع)، والحال أن أبيّا فاته كثير من القرآن المكي وأسباب نزوله. وكيف يكون علي (ع) أقضاهم إذا لم يكن أعلمهم بالنّاسخ والمنسوخ والمطلق والمقيّد والعامّ والخاصّ؟!).

قال عمر:« حصير في البيت خير من امرأة لا تلد»([352]).

(أقول: ولم يستثن عمر ابنته حفصة بنت عمر ولا ابنة حليفه عائشة بنت أبي بكر)ولا ندري ما كان ردّ كل واحدة منهما عندما سمعتا هذا عن عمر.

حدثنا علي بن محمد وأبو بكر بن أبي شيبة قالا ثنا وكيع ثنا سفيان ثنا عمرو بن مرة عن مرة بن شراحيل قال: قال عمر بن الخطّاب ثلاث لأن يكون رسول الله(ص)بينهن أحب إلي من الدنيا وما فيها الكلالة والربا والخلافة([353]).

(وهذا القول ينطبق على ابن تيمية تمام الانطباق).

أقول: فمن الذي منعه أن يسأل رسول الله(ص). و عن إبراهيم بن ميسرة قال قال لي طاوس لتنكحن أو لأقولن لك ما قال عمر لأبي الزوائد ما يمنعك من النكاح إلا عجز أو فجور([354]).

وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: قال عمر لا تكرهوا فتياتكم على الرجل الدّميم فإنهن يحببن من ذلك ما تحبون(4).

(للتذكير فإنّ عمر كان آدم أحول أعسر أروح.).

حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع عن مطيع بن عبد الله قال سمعت الشعبي يحدث عن بن عمر قال: قال عمر لعن الله فلانا فإنه أول من أذن في بيع الخمر فإن التجارة لا تصلح فيما لا يحل أكله وشربه([355]).

أقول من هو فلان؟! ولماذا لم يصرّحوا باسمه؟!).

و عن إسماعيل عن قيس قال: قال عمر لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام(2).

عن أبي عثمان قال: قال عمر إن في المعاريض ما يكف أو يعف الرجل عن الكذب(3).

(أقوال نسبت إلى عمر).

و عن أبي هلال عن بن بريدة قال: قال عمر: ما تعلّم الرجل الفارسية إلا خبث ولا خبث إلا نقصت مروءته(4).

أقول: لقد كان الإمام علي بن موسى الرضا (ع) يتكلّم الفارسية وهو أِشرف أهل زمانه باعتراف علماء الرّجال والمؤرّخين. وقد كان خلفاء بني العباس السّفاح فمن بعده يتكلّمون الفارسيّة وكان حجّابهم وكتّابهم من الفرس، ولم يقل عنهم إنّهم كانوا خبثاء! لكن يبدو أنّ عمر صار يتأذّى من كل ما هو فارسي من يوم سمع النبي(ص) يقول: "لو كان الدّين في الثّريّا لناله رجال من فارس".

وعن عبد الرحمن بن عوف قال: دخلت على عمر فقال: يا عبد الرحمن بن عوف أتخشى أن يترك الناس الإسلام ويخرجون منه قلت لا إن شاء الله وكيف يتركونه وفيهم كتاب الله وسنن رسول الله(ص) فقال: لئن كان من ذلك شيء ليكونن بنو فلان. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح([356]).

أقول: من هم بنو فلان؟

و عن الحسن عن عمر بن الخطاب (رض)أنه ذكر الكعبة فقال والله ما هي إلا أحجار نصبها الله قبلة لأحيائنا ونوجه إليها موتانا[357].

عن علقمة قال: بينما نحن مع ابن الخطاب في أحفل ما يكون المجلس إذ نهض وبيده الدرة فمر بأبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صانع يضرب بمطرقته فقال عمر يا أبا رافع أقول ثلاث مرار فقال أبو رافع يا أمير المؤمنين قل ثلاث مرار، فقال: ويل للصّانع وويل للتّاجر من لا والله وبلى والله! يا معشر التّجار، إنّ التّجارة يحضرها الأيمان فشوبوها بالصّدقة. إلا إنّ كل يمين فاجرة تذهب بالبركة وتثبت الذنب فاتقوا لا والله وبلى والله فإنهن يمين سخطة([358]).

ومن أقوال عمر كما في تفسير الطبري: اخشوشنوا، وتمعددوا، وانزوا على الخيل نزوا، واقطعوا الرّكب، وامشوا حفاة.قال الطبري: يأمرهم في ذلك بالتّخشّن في عيشهم لئلا يتنعّموا فيركنوا إلى خفض العيش ويميلوا إلى الدّعة فيجبنوا ويحتموا عن أعدائهم([359]).

أقول: لكن الله تعالى يقول: { قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق..}.

وعن عاصم الأحول قال حدثنا الشعبي أن أبا بكر قال في الكلالة: أقول فيها برأيي فإن كان صوابا فمن الله هو ما دون الولد والوالد قال فلما كان عمر قال إني لأستحيي من الله أن أخالف أبا بكر([360]) !

أقول: يستحي أن يخالف أبابكر ولا يستحي أن يخالف الله ورسوله.بل قد خالف أبا بكر في كثير من المسائل كما أشير إليه في المحصول، فقد ع زوا إلى النظام أنه قال: ثم رويتم أن عمر (رض) قال إني لأستحيي أن أخالف أبا بكر قال النظام فإن كان عمر استقبح مخالفة أبي بكر فلم خالفه في سائر المسائل فإنه قد خالفه في الجد وفي أهل الردة وقسمة الغنائم([361]).وقد فصل في ذلك ابن القيم فقال: الوجه الثاني أن خلاف عمر لأبي بكر أشهر من أن يذكر كما خالفه في سبي أهل الردة فسباهم أبو بكر وخالفه عمر وبلغ خلافه إلى أن ردهن حرائر إلى أهلهن إلا من ولدت لسيدها منهن ونقض حكمه ومن جملتهن خولة الحنفية أم محمد بن علي فأين هذا من فعل المقلدين بمتبوعهم وخالفه في أرض العنوة فقسمها أبو بكر ووقفها عمر وخالفه في المفاضلة في العطاء فرأي أبو بكر التسوية ورأي عمر المفاضلة ومن ذلك مخالفته له في الاستخلاف وصرح بذلك فقال إن أستخلف فقد استخلف أبو بكر وإن لم أستخلف فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستخلف... وخلافه له في الجد والإخوة معلوم أيضا[362].

قال ابن حجر: قوله كان عمر يقول أبو بكر سيدنا واعتق سيدنا يعني بلالا. قال بن التين يعني أنّ بلالا من السّادة ولم يرد أنّه أفضل من عمر. وقال غيره: السيّد الأوّل حقيقة والثّاني قاله تواضعا على سبيل المجاز، أو أنّ السيادة لا تثبت الأفضلية فقد قال بن عمر: ما رأيت اسود من معاوية مع أنه رأى أبا بكر وعمر([363]).

جاء في فتح الباري قوله: ويبطله أن القوم خافوا من العقوبة بعد حتى كان عمر يقول يا حذيفة بالله هل أنا منهم([364]).

وعن الأعمش عن إبراهيم قال كان عمر إذا ذكر عنده حديث فاطمة قال ما كنا نغير في ديننا بشهادة امرأة فهذا شاهد على انه كان الدين المعروف المشهور وجوب النفقة والسكنى فينزل حديث فاطمة من ذلك منزلة الشاذ والثقة إذا شذ لا يقبل ما شذ فيه([365]).

أقول: لكنه قبل ما شذ به أبو بكر في ميراث الأنبياء مع خلافته لصريح القرآن{ وورث سليمان داوود}!

وفي فيض القدير:قال عمر فيما رواه الحاكم إنكم تؤنسون مني شدة وغلظة إني كنت مع رسول الله عبده وخادمه فكان كما قال الله تعالى بالمؤمنين رؤوف رحيم(التوبة 128) فكنت بين يديه كالسيف المسلول إلا أن يغمدني لمكان لينه. قال الحاكم صحيح على شرط مسلم وأقره الذهبي([366]).

أقول:

أين كان السّيف المسلول يوم الأحزاب حين كان عمرو بن عبد ودّ يزأر فيهم ويزمجر؟! ولماذا كان السّيف المسلول يعدو يوم أحد كالأروى هاربا من الشّهادة في سبيل الله؟!!

و عن زيد بن أسلم عن أبيه أنّ عمر(رض) قال: اللّهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك ( ص).وقال ابن زريع عن روح بن القاسم عن زيد بن أسلم عن أبيه عن حفصة بنت عمر (رض) قالت سمعت عمر نحوه وقال هشام عن زيد عن أبيه عن حفصة سمعت عمر رضي الله عنه([367]).

أقول:

قد رزقه الله فرصة الشّهادة في أحد ففرّ ينزو كالأروى، ورزقه إيّاها يوم حنين فتولّى، ورزقه إيّاها يوم خيبر فرجع يجبّن أصحابه ويجبّنونه[368]، ورزقه إياها يوم الأحزاب حين كان عمرو بن عبد ود ينادي هل من مبارز فتجاهل النداء..

قال جابر كان عمر يقول: أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا يعني بلالا([369]).

أقول:

فلماذا قال «سيّدنا الله» حينما قال النبي (ص) للأنصار: «قوموا إلى سيدكم»؟!

وقال عمر: علي أقضانا وأبي أقرؤنا وقال يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب كان عمر يتعوذ من معضلة ليس لها أبو الحسن([370]).

قالوا: كان عمر بن الخطّاب إذا رأى الرجل يتلجلج في كلامه قال خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحد[371].

وقال ابن تيمية في السّياسة الشّرعية: قال عمر بن الخطّاب: من ولى من أمر المسلمين شيئا فولى رجلا لمودّة أو قرابة بينهما فقد خان الله ورسوله والمسلمين وهذا واجب عليه، فيجب عليه البحث عن المستحقّين للولايات من نوّابه على الأمصار من الأمراء الذين هم نواب ذي السلّطان والقضاة، ومن أمراء الأجناد ومقدّمي العساكر والصّغار والكبار وولاة الأموال من الوزراء والكتاب والشّادين والسّعاة على الخراج والصّدقات وغير ذلك من الأموال التي للمسلمين وعلى كلّ واحد من هؤلاء أن يستنيب ويستعمل أصلح من يجده([372])

أقول:

لكنّ أكثر ولاته كانوا من الطلقاء ومن تأخّر إسلامهم، وقد أمّر قدامة بن مظعون الذي كان أخا زوجته زينب بنت مظعون، ثمّ تبيّن أنه شرب الخمر واعترف عمر أنّه ولاّه محاباة!

وقال أيضا: قال عمر بن الخطّاب: "احترسوا في الناس بسوء الظن" فهذا أمر عمر مع أنه لا تجوز عقوبة المسلم بسوء الظن([373]).

قال ابن كثير:وقد ثبت عن عمر انه كان يقول:<عليّ أقضانا وأبي أقرؤنا للقرآن وكان عمر يقول أعوذ بالله من معضلة ولا أبو حسن لها»([374]).

قال ابن أبي الحديد:أخبرنا أبو زيد عمر بن شبة ، قال : حدثنا محمد بن حاتم، عن رجاله ، عن ابن عباس ، قال : مر عمر بعلي ، وأنا معه بفناء داره فسلم عليه ، فقال له على : أين تريد ؟ قال : البقيع ، قال : أفلا تصل صاحبك ، ويقوم معك ؟ قال : بلى ، فقال لي على : قم معه ، فقمت فمشيت إلى جانبه ، فشبك أصابعه في أصابعي ، ومشينا قليلا ، حتى إذا خلفنا البقيع قال لي يا بن عباس ما والله إن صاحبك هذا لأولى الناس بالأمر بعد رسول الله (ص) ، إلا أنا خفناه على اثنين ، قال ابن عباس : فجاء بكلام لم أجد بدا من مسألته عنه ، فقلت : ما هما يا أمير المؤمنين ؟ قال : خفناه على حداثة سنه ، وحبه بنى عبد المطلب([375]).

أقول:

لقد كان رسول الله(ص) أيضا يحبّ بني عبد المطلب، ولم يخرجه حبّهم من رضي ولم يدخله في سخط، لأنّه كان من حيث المعاملة يساوي بينهم وبين سائر الناس، وكان علي عليه السلام على منهاجه. ولبني عبد المطلب في ذمم الناس حقوق، وليس لأحد عليهم حقّ.

عن محمد بن سيرين قال: لما طعن عمر جعل الناس يدخلون عليه فقال لرجل انظر فأدخل يده فنظر فقال ما وجدت فقال إني أجده قد بقي لك من وتينك ما تقضي فيه حاجتك قال أنت خيرهم وأصدقهم قال فقال رجل والله إني لأرجو أن لا تمس النار جلدك قال فنظر إليه حتى رثينا أو أوينا له ثم قال إن علمك بذلك يا ابن فلان لقليل لو أن لي ما في الأرض لي لافتديت به من هول المطلع([376]).

قال السيوطي: أخرج ابن سعد عن الأحنف بن قيس قال: كنا جلوسا بباب عمر فمرت جارية فقالوا: سرية أمير المؤمنين فقال: ما هي لأمير المؤمنين بسرية و لا تحل له إنها من مال الله فقلنا: فماذا يحل له من مال الله تعالى ؟ قال: إنه لا يحلّ لعمر من مال الله إلا حلّتان: حلّة للشتاء و حلّة للصّيف، و ما أحجّ به وأعتمر، و قوتي و قوت أهلي كرجل من قريش ليس بأغناهم و لا بأفقرهم! ثم أنا بعد رجل من المسلمين. و قال خزيمة ابن ثابت: كان عمر إذا استعمل عاملا كتب له و اشترط عليه أن لا يركب برذونا و لا يأكل نقيا و لا يلبس رقيقا و لا يغلق بابه دون ذوي الحاجات فإن فعل فقد حلّت عليه العقوبة.
و قال أسلم: قال عمر: لقد خطر على قلبي شهوة السّمك الطّريّ، قال: فرحل يرفأ راحلته و سار أربعا مقبلا و أربعا مدبرا و اشترى مكتلا، فجاء به و عمد إلى الراحلة فغسلها فأتى عمر فقال: انطلق حتى أنظر إلى الرّاحلة فنظر و قال: أنسيت أن تغسل هذا العرق الذي تحت أذنيها؟ عذّبت بهيمة في شهوة عمر؟! لا والله، لا يذوق عمر مكتلك .وقال عبد الله بن عيسى: كان في وجه عمر بن الخطّاب خطان أسودان من البكاء! وقال أنس: دخلت حائطا فسمعت عمر يقول و بيني و بينه جدار: عمر بن الخطّاب أمير المؤمنين بخ! و الله لتتّقينّ الله يا ابن الخطّاب أو ليعذّبنّك الله. وقال عبد الله بن عامر بن ربيعة: رأيت عمر أخذ تبنة من الأرض فقال: ليتني كنت هذه التّبنة يا ليتني لم أكن شيئا، ليت أمّي لم تلدني! وقال عبيد الله بن عمر بن حفص: حمل عمر بن الخطّاب قربة على عنقه فقيل له في ذلك فقال: إنّ نفسي أعجبتني فأردت أن أذلهّا.و قال محمد سيرين: قدم صهر لعمر عليه فطلب أن يعطيه من بيت المال فانتهره عمر و قال: أردت أن ألقى الله ملكا خائنا؟ ثمّ أعطاه من صلب ماله عشرة آلاف درهم. و قال سفيان بن عيينة: قال عمر بن الخطّاب: أحبّ الناس إليّ من رفع إلي عيوبي([377]).

__________________________

([1]) تفسير الرازي ، ج 1 ص 472.

([2]) الدر المنثور، السيوطي، ج2 ص466

([3]) التسهيل لعلوم التنزيل، ج1 ص135.

([4]) تفسير الطبري ج6ص42 و الدر المنثور ج2 ص757.

([5]) الدر المنثور، السيوطي، ج2 ص759.

([6]) مصنف عبد الرزاق ج10ص305 وتفسير الطبري ج6ص45 و تفسير ابن أبي حاتم ج4ص1127 و فتح القدير ج1ص544 و المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج2ص142 و كنز العمال ج11ص36. وفي فتح القدير، ج 1 ص 820.: وأخرج عبد الرّزاق وابن جرير وابن المنذر عن ابن سيرين قال كان عمر بن الخطّاب إذا قرأ﴿ يبين الله لكم أن تضلوا ﴾ قال: اللهم من بينت له الكلالة فلم تبين لي .

([7]) أضواء البيان، الشنقيطي، ج1ص125.

([8]) عمدة القاري ج10ص162 و تفسير ابن كثير ج2ص100و المحلى ج7 ص214 و تفسير الطبري ج7 ص48 والدر المنثور، ج3 ص191..

([9]) الدر المنثور، ج3 ص200 و تفسير الطبري، ج7 ص71 و كنز العمال، ج5 ص101.

([10]) الدرّ المنثور، السيوطي، ج3ص356.

([11]) فتح القدير، ج 2 ص 68.

([12]) سنن البيهقي الكبرى، ج7 ص95 وتفسير ابن كثير، ج3 ص285 و روح المعاني، ج18 ص143 و فتح القدير، ج4 ص26 و كنز العمال، ج16 ص253 و حسن الأسوة، ج1 ص155 و الدر المنثور ج6 ص183.

([13]) تفسير البغوي، ج 1 ص 292.

([14]) صحيح مسلم ج1ص396 وج3ص1236 ومسند الطياليسي ج1ص11 ومسند أبي يعلى ج1ص165 ومسند البزار ج1ص444 والطبقات الكبرى ج3ص336 و تفسير البغوي، ج 1 ص 178 ومختصر تاريخ دمشق ج1ص2550 والتمهيد ج5ص194.

([15]) الموطأ، ج1ص278 ومسند الشافعي، ج1ص209 و تفسير البغوي ج1ص33 ومسند عبد الرحمن بن عوف، ج1ص80 و نصب الراية، ج3ص174 و إرواء الغليل، ج5ص88 والتمهيد، ج2ص114 والاستذكار، ج3ص241 وتنوير الحوالك، ج1ص208 ومختصر المزني، ج1ص446 والروضة الندية، ج2ص345 وسبل السلام، ج1ص202 وأحكام أهل الذّمّة ن ج1ص81.

([16]) تفسير البغوي، ج1 ص 48.

([17]) الأنبياء: 101ـ102 ، 103.

([18]) الخصائص الكبرى، ج1 ص54 و تاريخ الخلفاء، ج1ص121.

([19]) مصنف عبد الرزاق ج11ص251 تفسير الطبري ج9ص44 وتفسير البغوي ج1ص35 وج1ص329 والدر المنثور ج3ص527 و كنز العمال ج14 ص145 وتاريخ دمشق ج1ص121 و ص122وص123

[20]) آل عمران: 96.

([21]) عبد الله بن قيس هو أبو موسى الأشعري.

([22]) سنن البيهقي الكبرى، ج7ص97 و وتفسير البغوي، ج 1 ص 29.

([23]) إعلام الموقعين، ابن قيم الجوزية، ج1ص12.

([24]) إعلام الموقعين، ابن القيم، ج1ص20.

([25]) إعلام الموقعين، ابن القيم، ج1ص39.

([26]) إعلام الموقعين ابن القيم، ج1ص54.

([27]) سنن البيهقي الكبرى ج6ص255و مصنف عبد الرزاق ج10ص249و كنز العمال ج11ص12و إعلام الموقعين ج1ص111.

([28]) الدر المنثور ج2 ص49. و روح المعاني ج3ص38.

([29]) التفسير الكبير، فخر الدين الرازي ج4 ص47.

([30]) التفسير الكبير، ج13ص150.

([31]) التسهيل لعلوم التنزيل، ج1ص145.

([32]) تلخيص الحبير، ج4 ص114 و خلاصة البدر المنير، ج2 ص352 والتسهيل لعلوم التنزيل ج2ص63.

([33]) التسهيل لعلوم التنزيل، ج2ص63.

([34]) التسهيل لعلوم التنزيل، ج2ص154.

([35]) تفسير ابن كثير، ج4 ص221.وسنن ابن ماجه ج1 ص408 وسنن النسائي المجتبى) ج3 ص183 ومصنف ابن أبي شيبة ج7 ص319 ومصنف عبد الرزاق ج3 ص298 ومسند الحميدي ج2 ص375 ومسند أحمد بن حنبل ج5 ص217 وشرح السيوطي لسنن النسائي ج3 ص184 وتنقيح تحقيق أحاديث التعليق ج2 ص95 و مختصر اختلاف العلماء ج1 ص374.

([36]) التحرير والتنوير، ج1 ص70.

([37]) التحرير والتنوير، ابن عاشور، ج1 ص 907.

([38]) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ج2 ص141. وقصة محو الكتاب مذكورة في مصنف ابن أبي شيبة ج6 ص268 و المبسوط للسرخسي ج29ص152 و الذخيرة ج13 ص35.

([39]) أحكام القرآن، الجصاص، ج 3 ص 18.

([40]) أضواء البيان، ج7 ص343.

([41]) نواسخ القرآن، ج1 ص 19.

([42]) أعلام النبوة، ج1 ص 240.

([43]) كنز العمال ج4ص252 تحت رقم 11735.

([44]) نفس المصدر السابق .

([45]) كنز العمال، المتقي الهندي، ج3 ص339 رقم 8919.

([46]) أضواء البيان، ج1ص125.

([47]) إرواء الغليل، ج7 ص80. تحت رقم 2016.

([48]) المبدع ج7ص196 و المغني ج7ص230 و المغني ج10ص100 و شرح منتهى الإرادات ج3ص45 و شرح منتهى الإرادات ج3ص45 و كشاف القناع ج5ص191 و مطالب أولي النهى ج5ص265 و منار السبيل ج2ص198 و أخبار القضاة ج1ص276.

([49]) التمهيد، ابن عبد البر، ج8 ص 68.

([50]) الإحكام في أصول الأحكام، ابن حزم الأندلسي، ج 2 ص 151 و152.

([51]) إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن القيم، ج2 ص270.ادار الجيل - بيروت، 1973تحقيق: طه عبد الرءوف سعد.

([52]) سنن النسائي، ج 3 ص 183 – 184.

([53]) شرح مسلم، النووي، ج 4 ص 116.

([54]) مصنف ابن أبي شيبة، ج6ص4 30، الحديث رقم32650والحديث رقم 32651.

([55]) التسهيل لعلوم التنزيل، ج2ص154.

([56]) الدر المنثور، السيوطي، ج2 ص759.

([57]) المبسوط للسرخسي، ج26ص157.

([58]) شرح العمدة، ج2 ص 370.

([59]) البداية والنهاية، ج8 ص 8.

([60]) التفسير الكبير، ج23ص76.

([61]) مصنف ابن أبي شيبة، ج6 ص354 تحت رقم31980.

([62]) روح المعاني، الآلوسيّ، ج 25 ص 62.

([63]) مجموع الفتاوى، ابن تيمية، ج 11، ص 65.

([64]) مجموع الفتاوى، ابن تيمية، ج 11ص 205.

([65]) مجموع الفتاوى، ابن تيمية، ج11 ص 207.

([66]) مجموع الفتاوى، ج 17 ص 46..

([67]) مجموع الفتاوى ج 35 ص 123.

([68]) سنن النسائي الكبرى ج5ص244 و سنن النسائي الكبرى ج6ص279 و الآحاد والمثاني ج4ص59 و المعجم الأوسط ج1ص26 و المعجم الكبير ج1ص211 و مسند ابن المبارك ج1ص24 و مسند الشاميين ج1ص439 و كنز العمال ج12ص191 و تهذيب الكمال ج34ص138 الطبقات الكبرى ج1ص180 و معجم الصحابة ج1ص123 و الخصائص الكبرى ج1ص407 .

([69]) الدر المنثور، ج3ص 272.

([70]) الحديث في المعجم الكبير للطبرانى [ ج 21 ص48].

([71]) التسهيل لعلوم التنزيل، ج2 ص10.

([72]) تفسير الطبري، ج12 ص152.

([73]) فتح القدير، ج 3 ص 442 وأيضا في فتح الباري ج6ص383 و معاني القرآن ج4 ص285 و فتح القدير ج3 ص310.

([74]) تفسير البغوي، ج1 ص 375.

([75]) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج2 ص552و تفسير الطبري ج10 ص48 و أحكام القرآن لابن العربي ج2 ص436 و تفسير الثعلبي ج4 ص373 و تخريج الأحاديث والآثار ج2 ص39 و زاد المعاد ج3 ص185. تأويل مختلف الحديث ج1 ص158 و أصول البزدوي ج1ص280 والتوضيح في حل عوامض التنقيح ج2ص35 وتيسير التحرير ج4ص186 و كشف الأسرار ج3ص311 وكشف الأسرار ج4ص40.

([76]) مختصر السيرة، ابن كثير، ج1 ص155 و البداية والنهاية ج3 ص284 و تاريخ الطبري ج2 ص47.

([77]) تفسير الطبري ج10ص48 وأحكام القرآن لابن العربي ج2ص436.

([78]) التفسير الكبير ج15ص158 و الكشاف ج2ص225 و تفسير أبي السعود ج4ص36 و تفسير البيضاوي ج3ص122 و تفسير النسفي ج2 ص74 و مرقاة المفاتيح ج7 ص481 و الفتح السماوي ج2ص660 و شرح فتح القدير ج5ص475.

([79]) التسهيل لعلوم التنزيل، ج3ص143.

([80]) التفسير الكبير، الرازي، ج2ص159.

([81]) الدر المنثور، السيوطي، ج1ص224 عن ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.

([82]) صحيح البخاري ج1ص157 و صحيح مسلم ج4 ص1865 و صحيح ابن حبان ج15 ص319 و الجمع بين الصحيحين ج1 ص112 و سنن الدارمي ج2 ص67 و سنن سعيد بن منصور ج2 ص
607و المعجم الأوسط ج6 ص92و المعجم الأوسط ج6 ص207 و المعجم الصغير الروض الداني ) ج2 ص110 و مسند أحمد بن حنبل ج1 ص23 و مسند أحمد بن حنبل ج1 ص36 و فضائل الصحابة لابن حنبل ج1 ص315 مسند البزار ج1 ص339 و كنز العمال ج12 ص248 و مشكاة المصابيح ج3 ص1706 و أخبار المدينة ج2 ص45 و أخبار مكة للفاكهي ج1 ص441 و الموافقات ج2 ص
251 و شرح مذاهب أهل السنة ج1 ص148 و منهاج السنة النبوية ج6 ص22 و تاريخ الإسلام ج3 ص261 و تاريخ الخلفاء ج1 ص122.

([83]) الدر المنثور، ج1ص289 ـ 290.

([84]) الدر المنثور، ج1ص475.

([85]) روح المعاني، ج22 ص72.

([86]) روح المعاني، ج 29 ص 39.

([87]) زاد المسير، ابن الجوزي، ج 1 ص 239.

([88]) زاد المسير، ابن الجوزي، ج3 ص 48.

([89]) زاد المسير، ج3 ص 380.

([90]) النور: 63 .

([91]) زاد المسير، ج6 ص60.

([92]) زاد المسير، ج 6 ص 413.

([93]) وقال: زاد المسير، ج6 ص 421.

([94]) زاد المسير، ج8 ص 311.

([95]) صحيح البخاريّ ج3 ص 206 بحاشية السندي).

([96]) التحرير والتنوير، [ ج 1 - ص 384 ].

([97]) {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم } ال آية 6من سورة الأحزاب.

([98]) الإتقان في علوم القرآن، السيوطي، ج1 ص59.

([99]) لباب النقول، في أسباب النزول، السيوطي، ج 1 ص 17.

([100]) صحيح ابن حبان، ج15ص318 تحت رقم 6895.

([101]) تفسير مقاتل بن سليمان. ج2ص261 وتفسير السمعاني ج3ص249 وتفسير البغوي ج3ص119 وتفسير النسفي ج4ص130 والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ج3ص464 وتفسير العز بن عبد السلام، ج2ص221 وتفسير القرطبي، ج10ص276 و تفسير القرطبي ج16 ص156 وتفسير البيضاوي، ج5ص170 و التحرير والتنوير، ج1 ص 2470.

([102]) الدر المنثور، السيوطي، ج1 ص290.

([103]) تفسير السمرقندي، ج2 ص476..

([104]) مسند أحمد بن حنبل ج6ص271 تحت رقم 26374.

([105]) فتح الباري ج1ص249.

([106]) الصفدية، ابن تيمية، ج1 ص 253.

([107]) نهج البلاغة، ج1ص30 ـ 31.

([108]) تاريخ الطبري ج 2 ص 618.

([109]) تفسير القرطبي، ج17 ص251.

([110]) تفسير البغوي، ج 1 ص 16.

([111]) تفسير البغوي، ج1 ص22.

([112]) التاريخ الكبير، البخاري، ج4 ص19 و تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر، ج22 ص317.والدر المنثور، السيوطي، ج3 ص104

([113]) روح المعاني، الآلوسي، ج 4ص 6.

([114]) فتح القدير، الشوكاني، ج1 ص221 .

([115]) تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر، ج 31 ص 178.

([116]) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج 1 ص 186.

([117]) محاضرات الأدباء، الراغب الأصفهاني، ج2ص495 و496.

([118]) المستدرك على الصحيحين، الحاكم النيسابوري، ج3ص:101 تحت رقم4526.

([119]) ترجمة عليّ من تاريخ دمشق لابن عساكر، ج 4 ص 321.

([120]) مختصر ابن كثير، ج1 ص 143.

([121]) مختصر ابن كثير، ج1 ص223.

([122]) التحرير والتنوير، ابن عاشور، ج 1 ص 4454.

([123]) الدر المنثور ج2ص153والإتقان في علوم القرآن ج2ص9 و سنن الدارمي ج1ص62 وكنز العمال ج1ص194وكنز العمال ج1ص196 و الانتصار لأصحاب الحديث ج1ص6 و تاريخ بغداد ج14ص286 وقواعد التّحديث ج1ص50 و مفتاح الجنّة ج1ص59 و الموافقات ج4ص17 و الفقيه والمتفقه ج1ص560 و اعتقاد أهل السنة ج1ص123 و ذم الكلام وأهله ج2ص32 و جامع بيان العلم وفضله ج2ص123.

([124]) أحكام القرآن للجصاص، ج3 ص24.

([125]) الناسخ والمنسوخ للنحاس، ج1 ص259.

([126]) تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر ـ ج 31 ص 178.

([127]) مجموع الفتاوى، ابن تيمية، ج 28، ص 247.

([128]) صحيح البخاريّ، ج3ص1037. باب الجنة تحت بارقة السيوف.

([129]) الاستيعاب، ابن عبد البر، ج1 ص514.

([130]) قال ابن عبد البر:" أبى أبو بكرة أن يتوب، وكان مثل النصل من العبادة حتى مات". الاستيعاب ج1 ص 514.

([131]) الشّاهد الرّابع هو زياد بن سعيد الرّومي الذي استلحقه معاوية بن أبي سفيان بأبيه، لكنّ المسلمين أبوا أن يدخلوا مع معاوية في إثمه وقالوا: «زياد بن أبيه».

([132]) الاستيعاب، ابن عبد البر، ج 1 ص 606.

([133]) الثقات، ابن حبان، ج2 ص 235.

([134]) الثقات، ابن حبان، ج2 ص239.

([135]) التاريخ الكبير، البخاريّ، ج4ص19.

([136]) الثقات، ابن حبان، ج2 ص240 وقريب منه في تاريخ الإسلام للذهبي، ج1 ص414.

([137]) الإحكام، لابن حزم، ج2 ص 257.

([138]) فتح الباري، ابن حجر العسقلانيّ، ج8 ص 146.

([139]) سنن البيهقي الكبرى ج5 ص77 و مصنف عبد الرزاق ج5 ص45 و مسند أبي يعلى ج1ص163 و مسند أحمد بن حنبل ج1ص37 و مجمع الزوائد ج3 ص240 و كنز العمال ج5 ص68 و المعرفة والتاريخ ج2ص121 و مجمع الزوائد ج3 ص240 و إعلام الموقعين ج2 ص293و الدر المنثور، ج6ص584 و أحكام القرآن للجصاص ج1 ص97 و الأحاديث المختارة ج1ص418 و ج1ص419.

([140]) تاريخ الإسلام، الذهبي، ج1 ص 155.

([141]) مصنف ابن أبي شيبة، ج2 ص 377 تحت رقم 10098 وإرواء الغليل [ ج 3 - ص 348 ] و الطبقات الكبرى [ ج 4 - ص 26 ].

([142]) فتوح البلدان، البلاذري ج 2 ص 423.

([143]) مصنّف ابن أبي شيبة، ج 5 ص 313 تحت رقم26427.

([144]) المعروف أن كتاب " موطأ مالك " هو أقدم كتاب في الحديث النبوي.

([145]) مصنف ابن أبي شيبة ج6ص420تحت رقم32546.

 

([146]) مصنف ابن أبي شيبة، ج6ص461.

([147]) مصنف عبد الرزاق ج6ص152 تحت رقم10321.

([148]) مصنف عبد الرزاق ج6ص152 تحت رقم10322

([149]) صحيح ابن حبان، ج2ص148.

([150]) صحيح ابن حبان، ج2ص157.

([151]) مصنف ابن أبي شيبة ج5ص321 تحت رقم26517.

([152]) تاريخ الخلفاء ج1ص109.

([153]) تذكرة الحفاظ للذهبي ج 1ص7:

([154]) الدر المنثور ج3ص359.

([155]) صحيح البخاريّ، ج1ص3.

([156]) مسند ابن المبارك، ص 148.

([157]) مصنف عبد الرزاق، ج4ص295، تحت رقم7865.

([158]) الجهاد، عبد الله بن المبارك، ص 65.

([159]) ليس هنا للاستثناء بمعنى سوى، فكأنه قال سوى هذا الرجل أو غير هذا الرجل، وللنحاة في الاستثناء بليس ولا يكون كلام يطلب في كتب النحو.

([160]) التفسير الكبير، الرازي، ج2ص177.

([161]) التفسير الكبير، الرازي، ج10ص101.

([162]) المحلى، ابن حزم، ج1ص73

([163]) الدر المنثور ج1ص65، أخرجه البزار وأبو يعلى والمرهبي في فضل العلم والحاكم وصححه.

([164]) صحيح البخاري ج6ص2653، و صحيح مسلم ج4ص2313.

([165]) تفسير الثعالبي، ج3 ص132. قال الثعالبي رواه الترمذى وابن ماجة وهذا لفظ الترمذي وزاد في رواية أخرى وبنى له بيتا في الجنة ورواه الحاكم في المستدرك من عدة طرق.

([166]) مختصر ابن كثير، ج2 ص780.قال ابن كثير: أخرجه الحافظ الموصلي وقال علي بن المديني: هذا حديث حسن الإسناد

([167]) مسند أحمد بن حنبل ج1 ص43 وتفسير ابن كثير ج4 ص241 ومختصر ابن كثير، ج3 ص 425 و كنز العمال ج16 ص4 و العلل المتناهية ج1 ص52.

([168]) الإتقان في علوم القرآن،، السيوطي،، ج2 ص 509.

([169]) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ج1 ص201 وتفسير ابن كثير ج1ص162، و تفسير القرطبي ج2 ص87 و روح المعاني ج27 ص193 وتفسير البحر المحيط ج1 ص534 والجمع بين الصحيحين، ج1 ص131.

([170]) أحكام القرآن، الجصاص، ج 1 ص 357.

([171]) الدر المنثور، ج1ص767.

([172]) الدر المنثور، السيوطي، ج1ص767.

([173]) إثبات عذاب القبر، ج 1 ص 91.

([174]) صحيح البخاري ج1ص432.

[175]) التفسير الكبير، الرازي، ج20 ص137.

([176]) المعجم الكبير ج1ص71 تحت رقم 80.

([177]) فتح القدير، الشّوكانيّ، ج3 ص110ـ 111.

([178]) صحيح البخاريّ، ج 3 ص 140.

([179]) سنن النسائي، ج 6ص158و 159.

([180]) سنن النسائي، ج7 ص 146.

([181]) سنن النسائي، ج 8 ص 114.

([182]) سنن النسائي، ج 8 ص 200.

([183]) صحيح ابن حبان، ج15ص379 تحت رقم6934.

([184]) الكلم الطيب، ج 1 ص 99.

([185]) تاريخ مدينة دمشق ج44 ص29 وتاريخ الإسلام ج1ص173تاريخ الخلفاء ج1ص110..

([186]) الرزية: المصيبة الكبيرة.

([187]) صحيح البخاريّ ج 1 ص 36، 37: كتاب العلم ـ باب كتابة العلم).

([188]) صحيح البخاريّ ج5 ص137.و رواه مسلم أيضا في كتاب الوصية، باب ترك الوصية).

([189]) روح المعاني، ج 10 ص 122.

([190]) مصنف عبد الرزاق، ج4ص35تحت رقم6888.

([191]) صحيح ابن خزيمة ج2ص155 و مصنف ابن أبي شيبة ج2ص165 و مصنف عبد الرزاق ج4ص259و أخبار المدينة ج1 ص379 و الصيام للفريابي) ج1ص125وص128.

([192]) مسند البزار ج4ص65 تحت رقم 1232.

([193]) مسند الشاشي، ج2ص429 تحت رقم 1035.

([194]) انظر إلى هذا المفسّر الفقيه يزعم أن عمر أعلم بالأصلح!وأشدّ حرصا على الدين وعلى مصلحة المسلمين كيلا يتّكلوا، والقرآن الكريم يقول { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} ولم يقل إنّ عمر حريص عليكم.

([195]) مرقاة المفاتيح، ج1ص193.

([196]) مرقاة المفاتيح، ج6ص516.

([197]) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه قوموا فانحروا ثم احلقوا فوالله ما قام رجل منهم حتى قال ذلك ثلاث مرات فلما لم يقم منهم أحد. صحيح البخاري ج2 ص978و صحيح ابن حبان ج11 ص225و سنن البيهقي الكبرى ج9 ص220 و مصنف ابن أبي شيبة ج7 ص389 و مصنف عبد الرزاق ج5 ص340 و المعجم الكبير ج20 ص14و مسند أحمد بن حنبل ج4 ص330 و).

([198]) تفسير ابن كثير ج4 ص197.

([199]) مختصر إرواء الغليل، ج 1 ص351.

([200]) إرواء الغليل، الألباني: ج6 ص 189 تحت رقم1777.

([201]) القائل هو الذّهبي ّ. والمعثر كثير العثرات.

([202]) سير أعلام النبلاء، الذهبي، ج15 ص578.

([203]) مجموع الفتاوى، ج 2 ص 226.

([204]) المحصول، الرازيّ، ج 4ص 320.

([205]) الدر المنثور ج1ص688.

([206]) أضواء البيان، الشنقيطي، ج7ص343.

([207]) أضواء البيان، ج5ص444 وفي سنن البيهقي الكبرى، ج8ص234 مثله.

([208]) بلاغات النساء، ابن طيفور، ص 132.

([209]) تمام الآية: وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا [النساء : 20]

([210]) الدر المنثور ج2ص275.

([211]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص221 دار صادر بيروت.

([212]) تاريخ الطبري ج2 ص233 و تفسير أبي السعود ج2 ص93 و روح المعاني ج4 ص74
و تفسير الثعلبي ج3 ص178 و مناهل العرفان في علوم القرآن ج1 ص194 و مختصر السيرة ج1 ص250 و الكامل في التاريخ ج2 ص187 والسيرة الحلبية ج3 ص475 و الدر المنثور ج2 ص337.

([213]) الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني، ج7 ص277 و حلية الأولياء، أبو نعيم، ج1ص55 وشعب الإيمان، البيهقي، ج4 ص43 و الدر المنثور، السيوطي، ج2ص421 ومرقاة المفاتيح، ج7 ص388 ومشكاة المصابيح، الخطيب التبريزي، ج2 ص1134.

([214]) المنتظم، ابن الجوزي ، ج3 ص209.

([215]) تفسير القرطبي ج18 ص20.

([216]) مصنف عبد الرزاق ج6ص170.

([217]) مصنف ابن أبي شيبة ج3ص70 و قال السيوطي الدر المنثور ج3ص151):« أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ».

([218]) قال الشوكاني:فتح القدير، الشوكاني، ج3 ص 642.

([219]) الدر المنثور ج1ص293.

([220]) فتح القدير ج1 ص215.

([221]) أضواء البيان، الشنقيطي، ج1ص120

([222]) المصنف، ابن أبي شيبة الكوفي، ج 8 ص 64.

([223]) التسهيل لعلوم التنزيل، ج2ص75.

([224]) التحرير والتنوير، ابن عاشور، ج 1 ص 473.

([225]) أحكام القرآن للجصّاص، ص1 ص131.

([226]) تفسير الصنعاني، ج3ص 93.

([227]) أضواء البيان، ج3ص414.

([228]) الناسخ والمنسوخ للنحاس ،ج 1 ص 489.

([229]) أضواء البيان ، ج3ص414.

([230]) الآحاد والمثاني، ج2ص60 تحت رقم755.

([231]) تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي،ج3 ص91.

([232]) مسند البزار، ج6ص12 تحت رقم2086.

([233]) تاريخ اليعقوبي، ج2 ص221 دار صادر بيروت.

([234]) المعرفة والتاريخ، ج3ص173.

([235]) إرواء الغليل، ج 6 ص 204.

([236]) تاريخ دمشق، ج 44 ص 9.

([237]) مصنف عبد الرزاق، ج5ص474 تحت رقم9775.

([238]) سنن البيهقي الكبرى، ج9ص234تحت رقم18640.

([239]) تاريخ الخلفاء، السيوطي، ج1ص138.

([240]) تاريخ الخلفاء، ج1ص141.

([241]) مجموع الفتاوى، ابن تيمية، ج 31 ص 36.

([242]) السياسة الشرعية، ابن تيمية، ج 1 ص 66.

([243]) متى كان سيفا مسلولا؟ومن هم قتلاه وجرحاه؟ إن سيفا لا يقتل ولا يجرح لا يصلح إلا للمتحف.

([244]) سمط النجوم العوالي، ج2 ص468، وحياة الحيوان الكبرى، الدميري، ج1ص49.

([245]) إعلام الموقعين، ابن القيم، ج1ص55.

([246]) الدر المنثور ج2ص518.

([247]) حلية الأولياء، أبو نعيم، ج1 ص55.

([248]) إعجاز القرآن، ج 1 ص114.

([249]) الدر المنثور، ج3ص104.

([250]) أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، محمد بن أحمد مقدسى، ص 18 مكتبة مدبولي، القاهرة، الطبعة الثالثة، 14111991.

([251]) كتاب المحتضرين ج1 ص56.تحت رقم45.

([252]) الدر المنثور، ج4ص12.

([253]) فتح القدير، الشوكاني، ج3 ص 363.

([254]) تفسير البغوي، ج 1 ص 236.

([255]) تفسير البغوي، ج1 ص94.

([256]) المعرفة والتاريخ ج1 ص200 و كنز العمال ج16 ص233 رقم45859 .

([257]) إعلام الموقعين، ابن القيم، ج1ص19.

([258]) الطبقات الكبرى، محمد بن سعد، ج 3 ص 360.

([259]) تاريخ مـدينة دمشق، ابن عساكر ج 44 ص 411.

([260]) تاريخ مدينة دمشق ـ ابن عساكر، ج 44 ص 423.

([261]) الطبقات الكبرى ـ محمد بن سعد، ج 3 ص 351.

([262]) الطبقات الكبرى، محمد بن سعد، ج 3 ص 360.

([263]) الإمامة والسياسة، ابن قتيبة الدينوري تحقيق الشيري ج 1ص40.

([264]) الإمامة والسياسة، ابن قتيبة الدينوري، تحقيق الزيني ج 1 ص 28.

([265]) كنز العمال، المتقي الهندي، ج 12 ص563 تحت رقم35764.

([266]) الشفا بتعريف حقوق المصطفى ـ القاضي عياض ـ ج 2 ص 50.

([267]) السير الكبير، الشيباني، ج 3 ص 1091.

([268]) تاريخ الخلفاء، السيوطي، ج1ص59.

([269]) مسند الشاميين، الطبراني ج 2 ص 182 تحت رقم 1151.

([270]) التفسير الكبير ج10ص134.

([271]) الجهاد عبد الله بن المبارك ص 65.

([272]) التسهيل لعلوم التنزيل ج4ص132

([273]) زاد المسير، ج8ص351.

([274]) تفسير الثعالبي، ج3 ص141.

([275]) مختصر ابن كثير، ج1 ص 349.

([276]) مختصر ابن كثير، ج 1ص 237.

([277]) تفسير ابن كثير ج2ص520 وتفسير الطبري ج13ص167 وروح المعاني ج13ص170 وفتح القدير ج3ص89.

([278]) مختصر ابن كثير، ج2 ص786.

([279]) تفسير ابن كثير، ج3 ص257.

([280]) مختصر ابن كثير، ج2 ص 816.

([281]) مختصر ابن كثير، ج3 ص64.

([282]) مختصر ابن كثير، ج3 ص321.

([283]) مختصر ابن كثير، ج3 ص322.

([284]) مختصر ابن كثير [ ج 3 - ص 366 ].

([285]) مختصر ابن كثير [ ج 3 - ص 384 ].

([286]) الكامل في التاريخ ج2 ص459 والكشاف ج2 ص599 و تاريخ مدينة دمشق ج58 ص404 و تخريج الأحاديث والآثار ج2 ص250 و مختصر ابن كثير، ج 3 ص 493.

([287]) الكشاف، الزمخشري، ج 1 ص 234.

([288]) الكشاف، الزمخشري، ج 1 ص 262.

([289]) الكشاف، الزمخشري، ج1 ص285.

([290]) صحيح ابن حبان ج9 ص494.

([291]) شرح مشكل الآثار ج5 ص174 و التحرير والتنوير، ج1 ص282.

([292]) شرح الزرقاني ج3 ص295.

([293]) الاستذكار، ج6 ص227.

([294]) السلسلة الصحيحة، ناصر الدين الألباني، ج1 ص117.

([295]) التحرير والتنوير، ابن عاشور، ج 1 ص3132.

([296]) التحرير والتنوير، ج1 ص3647.

([297]) التحرير والتنوير، ج1 ص4011.

([298]) تفسير الصنعاني، ج2 ص280.

([299]) تفسير الصنعاني، ج3 ص71.

([300]) تفسير الصنعاني، ج3 ص111.

([301]) تفسير الصنعاني، ج3 ص217.

([302]) مفردات القرآن، ج1 ص175.

([303]) الإتقان، ج1 ص528.

([304]) مناهل العرفان ،ج 2 - ص 116 ..

[305]) أحكام القرآن للجصاص ،ج 2 ص 325 .

[306]) الدر المنثور، ج1ص576.

[307]) أحكام القرآن للجصاص، . ج 5 - ص 179 .

[308]) التبيان في آداب حملة القرآن، ج 1 - ص 13 .

([309]) الناسخ والمنسوخ للنحاس [ ج 1 - ص 152 ].

([310]) الناسخ والمنسوخ للنحاس [ ج 1 - ص 163 ].

([311]) الناسخ والمنسوخ للنحاس [ ج 1 - ص 533 ].

([312]) نواسخ القرآن [ ج 1 - ص 35 ].

([313]) أضواء البيان ج5 ص369، و موطأ مالك ج2 ص824 و فتح الباري ج12 ص143 و التمهيد لابن عبد البر ج23 ص92 و التمهيد لابن عبد البر ج23 ص92 و الاستذكار ج7 ص487 و الاعتصام ج1 ص77
و الاعتصام ج2 ص155 و جامع بيان العلم وفضله ج2 ص187 و

([314]) إثبات عذاب القبر ، ج 1 ص 131 .

([315]) كتاب المحتضرين ، ابن أبي الدنيا ج1ص22.

([316]) مصنف ابن أبي شيبة ج6ص201 تحت رقم30666.

([317]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص155.

([318]) مصنف عبد الرزاق، ج5ص447:

([319]) مصنف عبد الرزاق، ج7ص217 تحت رقم 12859.

([320]) المعجم الكبير، ج1ص74.تحت رقم89.

([321]) كتاب الفتن ص128 تحت رقم 306..

([322]) الإصابة، ابن حجر العسقلاني، ج4ص79.

([323]) فتح الباري - ابن حجر [ ج 13 - ص 198 ].

([324]) فتح الباري - ابن حجر [ ج 13 - ص 198 ].

([325]) الإصابة في تمييز الصحابة، ج6ص153، والاستيعاب، ج3 ص1417والبداية والنهاية، ج8 ص125 وتاريخ الإسلام، ج4 ص311 وسير أعلام النبلاء، ج3 ص134، و تاريخ الخلفاء، ج1ص195 وشرح الزرقاني ج2ص318 وتاريخ مدينة دمشق، ج59 ص114 وجص115 والفواكه الدواني، ج1 ص105 ونزهة الألباب في الألقاب، ج2ص122 وثمار القلوب في المضاف والمنسوب، ج1ص161 وتهذيب الأسماء، ج2ص 407 والأمالي في لغة العرب، ج2ص122.

([326]) المائدة 118

([327]) الاستيعاب، ج 1 ص 357 .

([328]) أسد الغابة ،ج 1 ص389 .

([329]) تهذيب الكمال، ج23 - ص 474 .

([330]) التاريخ الكبير، البخاريّ، ج4ص19.

([331]) مختصر تاريخ دمشق، ج 1 ص 1211.

([332]) تاريخ دمشق، ج 60ص 49.

([333]) غريب الحديث، الخطابي، ج2 ص111.

([334]) الطبقات الكبرى، ابن سعد، ج3ص351.

([335]) الطبقات الكبرى، ابن سعد، ج3ص353.

([336]) أخبار القضاة، ج1ص271.

([337]) تاريخ الطّبريّ، ج 2 ص 502.

([338]) الطبقات الكبرى، محمد بن سعد، ج 3 ص 360.

([339]) صحيح البخاريّ، ج 4 ص 183 – 184.

([340]) الجامع في الحديث، ج1ص260.تحت رقم 174.

([341]) الجامع في الحديث، ج1ص324 تحت رقم222.

([342]) الجامع في الحديث، ج2ص623.تحت رقم526.

([342]) مصنف ابن أبي شيبة ج3ص559 تحت رقم17147.

([343]) مصنف ابن أبي شيبة، ج4ص26.تحت رقم17435.

([344]) مصنف ابن أبي شيبة، ج6ص369 تحت رقم32099.

([345]) مصنف ابن أبي شيبة، ج6ص410تحت رقم 32473.

([346]) النجم : 32 .

([347]) مصنف ابن أبي شيبة، ج7ص98 تحت رقم34480.

([348]) الاستيعاب، ج 1 ص 357 .

([349]) مصنف عبد الرزاق، ج5ص446 تحت رقم9761.

([350]) مصنف ابن أبي شيبة ج6ص372 و ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ج1ص67 و كنز العمال ج13ص58 و مشكاة المصابيح ج3ص1723 و مرقاة المفاتيح ج11ص258 وقول عمر لعلي مذكور في تحفة الأحوذي ج10ص148 و تحفة الأحوذي ج10ص148 و تاريخ مدينة دمشق ج42ص238 و تاريخ مدينة دمشق ج42ص238 و سير أعلام النبلاء ج19ص328 و النهاية في غريب الأثر ج5ص227 و النهاية في غريب الأثر ج5ص227 .

([351]) أضواء البيان، ج1ص172 و المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج1 ص318 و تفسير القرطبي ج3 ص195 و سنن البيهقي الكبرى ج7 ص442 و سنن سعيد بن منصور 1) ج1 ص355 و السنن الصغرى للبيهقي نسخة الأعظمي) ج6 ص477 و التمهيد لابن عبد البر ج9 ص91 و الكافي في فقه ابن حنبل ج3 ص318 و الكافي في فقه ابن حنبل ج4 ص451 و المغني ج8 ص102 و كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه ج31 ص39 و منار السبيل ج2 ص253 و شرح الزركشي ج3 ص373 و المهذب ج2 ص151
و المبسوط للسرخسي ج16 ص84 و الاستذكار ج5 ص476 و ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ج1 ص81 و جامع بيان العلم وفضله ج2 ص187.

([352]) سنن النسائي الكبرى ج6ص289 تحت رقم10995.

([353]) سنن ابن ماجه ج2ص911 تحت رقم 2727

([354]) مصنف ابن أبي شيبة ج3ص453 تحت رقم15910.

([354]) مصنف ابن أبي شيبة ج3ص550 تحت رقم17054.

([354]) مصنف ابن أبي شيبة ج4ص196 تحت رقم19262.

([355]) مصنف ابن أبي شيبة، ج4ص412 تحت رقم21620.

(2) مصنف ابن أبي شيبة ج5ص216 تحت رقم25376.

(3) مصنف ابن أبي شيبة ج5ص282 تحت رقم26095.

(4) مصنف ابن أبي شيبة ج5ص299تحت رقم26280.

([356]) مجمع الزوائد ج1ص113.

([357]) سنن البيهقي الكبرى، ج3 ص409.

([358]) تهذيب الآثار، ج3 ص52.

([359]) تفسير الطبري، ج2ص178.

([360]) تفسير الطبري ج4ص284.و أضواء البيان ج7 ص316 و أضواء البيان ج7 ص325 و التفسير الكبير ج9 ص179 و الدر المنثور ج2 ص756 و تفسير ابن كثير ج1 ص461 و تفسير الطبري ج4 ص284 و أحكام القرآن للجصاص ج3 ص17 و تفسير الثعلبي ج3 ص269 و تفسير الثعلبي ج3 ص421 و سنن البيهقي الكبرى ج6 ص224 و مصنف عبد الرزاق ج10 ص304 و معرفة السنن والآثار ج5 ص49 و كنز العمال ج11 ص36 و التمهيد لابن عبد البر ج5 ص195 و تخريج الأحاديث والآثار ج1 ص291 و المحلى ج9 ص298 و إعلام الموقعين ج2 ص202 و

(2) فتح الباري ج7ص99 تحت رقم 3544.

(3) فتح الباري ج8ص635.

(4) شرح فتح القدير ج4ص406.

(5) المحصول، الرازي، ج4 ص479.

([362]) إعلام الموقعين ج2 ص235.

([363]) فتح الباري ج7 ص99.

([364]) فتح الباري ج8 ص635.

([365]) مرقاة المفاتيح ج6 ص448 و شرح فتح القدير ج4 ص406.

([366]) فيض القدير ج6ص207.

([367]) صحيح البخاري، ج2 ص668 تحت رقم 1791.

([368]) يجبّنونه: أي يقولون له:يا جبان أو أنت جبان.

([369]) مرقاة المفاتيح، ج11ص344.

([370]) تهذيب التهذيب، ج7ص296.

([371]) سير أعلام النبلاء ج3 ص73.

([372]) السياسة الشرعية، ابن تيمية، ج 1 ص 17.

([373]) السياسة الشرعية، ج 1 ص 159.

([374]) البداية والنهاية، ج 7 ص360.

([375]) شرح نهج البلاغة ،ابن أبي الحديد، ج 6 ص 50 - .51.

([376]) تاريخ مدينة دمشق ابن عساكر،ج44ص430.

([377]) تاريخ الخلفاء، ج1 ص 116.