فضل شهر رجب *
إعداد واقتباس :
قسم المقالات في شبكة الإمامين الحسنَين ( عليهما السلام )
أين الرجبيّون ؟
حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي السمرقندي ، قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود العيّاشي عن أبيه ، قال : حدّثنا الحسين بن إشكيب عن محمّد بن علي الكوفي عن أبي جميلة المفضّل بن صالح عن أبي رمحة الحضرمي ، قال :
سمعتُ جعفر بن محمّد بن علي عليه السلام يقول : ( إذا كانَ يومُ القيامَةِ نادى منادٍ من بِطْنَانِ العَرْشِ أَيْنَ الرَجَبِيّونَ ، فَيَقومُ أُنَاسٌ يَضِيءُ وجوههم لأهل الجَمْعِ ، على رؤوسِهِم تيجانُ المُلْكِ ، مُكَلَّلَةً بالدُرِّ والياقوتِ ، مَعَ كلِّ واحدٍ مِنْهُم ألْفُ مَلَكٍ عن يَمِيْنِهِ ، وألفُ مَلَكٍ عَنْ يَسَارِهِ ، يقولونَ : هنيئاً لك كرامة الله عزّ وجل يا عبد الله ، فيأتي النداء من عند الله جلّ جلاله : عبادي وإِمَائِي وعزّتي وجلالي لأكرمَنّ مثواكم ولأجزِلَنّ عطاءكم ( عطاياكم ) ولأُوتِيَنَّكُم مِن الجنّةِ غُرفَاً تَجرى من تحتها الأنهارُ ، خالدين فيها ونِعْمَ أَجْرُ العاملين ؛ أنّكم تطوّعتُم بالصوم لي في شهرٍ عَظّمْتُ حُرْمَتَهُ وأوجبْتُ حقّه ، ملائكتي أَدْخِلُوا عبادي وإمَائِي الجنّةَ ، ثمّ قال جعفر بن محمّد عليه السلام : هذا لِمَنْ صَامَ مِن رَجَبٍ شيئاً وَلَو يَومَاً وَاحِداً في ( من ) أَوّله أَو وَسَطه أو آخِرهِ ) (1) .
رجب نهر في الجنّة :
حدّثنا محمّد بن الحسن ، قال : حدّثنا الحسن بن الحسين بن عبد العزيز المهتدي (2) عن سيف المبارك عن أبيه عن أبي (3) الحسن عليه السلام ، قال : ( رَجَبٌ نَهْرٌ في الجنّةِ ، أَشدُّ بياضَاً مِن اللَبَنِ ، وأَحْلَى مِن العَسَلِ ، مَنْ صَامَ يَومَاً مِن رَجَبٍ ، سَقَاهُ اللهُ مِنْ ذَلك النَهْر ) (4) .
رجب شهر عظيم :
11 ـ وبهذا الإسناد قال : قال أبو الحسن عليه السلام : ( رَجَبٌ شهرٌ عظيمٌ ، يُضاعِفُ اللهُ فيهِ الحسناتِ ، ويَمْحُو فيه السيّئاتِ ، ومَنْ صَامَ يَومَاً مِن رَجَب تَبَاعَدَتْ عَنْه النَارُ مَسِيْرَة سَنَة ، ومَنْ صَامَ ثَلاثةَ أيَامٍ وَجَبَتْ له الجنَة ) (5) .
أَلاَ إنّ رَجَبَاً شهرُ اللهِ الأَصَم :
عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : ( أَلاَ إنّ رَجَبَاً شَهْرُ اللهِ الأَصمّ ، وهو شهرٌ عظيمٌ ، وإنّما سُمّي الأصم (6) ؛ لأنّه لا يُقارِبهُ شَهْرٌ من الشهورِ حرمةً وفضلاً عند الله ، وكانَ أهلُ الجاهليّةِ يعظّمونَهُ في جاهليّتها ، فلمّا جاءَ الإسلامُ لم يزددْ إلاّ تعظيماً وفضلاً .
أَلاَ إنّ رَجَبَاً شَهْرُ اللهِ ، وشعبانَ شهري ، ورمضانَ شهرُ أُمَّتِي ، أَلاَ فَمَنْ صَامَ مِنْ رَجَب يَوْمَاً إيماناً واحتسابَاً استوجَبَ رِضوان اللهِ الأكبر ، وأَطْفَأ صومُهُ في ذلك اليومِ غَضَبَ اللهِ ، وأَغْلَقَ عنه باباً مِن أبوابِ النارِ ، ولو أُعْطِي ملأُ الأرضِ ذَهَبَاً مَا كان بأفضل مِن صَومِه ، ولا يستكمل له أجره بشيءٍ مِن الدنيا دون الحسناتِ إذا أَخْلَصَهُ للهِ ، وله إذا أمسى عشرُ دعواتٍ مستجابات ، إنْ دعا بشيءٍ في عاجل الدنيا أعطاهُ اللهُ ، وإلاّ ادّخر له من الخير أفضل مَا دَعا بِهِ دَاعٍ مِن أَوليائِهِ وأَحِبّائِهِ وأَصْفيائِهِ .
وَمن صامَ مِن رجب يومين ، لم يَصِفْ الواصفون من أهل السماء والأرض ما لَهُ عند الله من الكرامةِ ، وكُتِبَ له من الأجر مثل أجور عشرة من الصادقين في عمرهم ، بالغة أعمارهم ما بلغتْ ، وشفع يوم القيامة في مثلِ ما يشفعونَ فيهِ ، ويحشرهُ معهم في زُمْرتِهِم ، حتى يدخل الجنّة ويكون مِن رُفَقَائِهِم .
ومَن صام من رجب ثلاثة أيّام ، جعلَ اللهُ بَيْنَهُ وبين النار خَنْدَقاً أو حِجَابَاً طول مسيرة سبعين عاماً ، ويقول الله عزّ وجل عند إفطاره : لقد وجب حَقّك عَلَيّ ، ووجبتْ لك محبّتي وولايتي ، أُشْهِدُكُم يا ملائكتي أنّي قد غفرتُ له ما تقدّمَ مِن ذنبِهِ وما تأخّر .
ومَن صامَ مِن رجب أربعةَ أيَام ، عُوفِي من البلايا كلِّها : مِن الجنون والجذام والبرص وفتنة الدجّال ، وأُجِيْرَ مِن عذابِ القبرِ ، وكُتِبَ له مثلُ أجورِ أُوْلِي الأَلبابِ التوّابين الأوّابين ، وأُعْطِي كتابه بيمينِهِ في العابدين في أوائل العابدين .
ومَن صامَ مِن رجب خمسةَ أيَام ، كان حقّاً على الله أنْ يرضيه يوم القيامة ، وبُعث يوم القيامة ووجْهُه كالقَمَرِ ليلة البدر ، وكُتب له عدد رَمْل عَالِج حسناتٌ ، وأُدْخِلَ الجنّة بغير حساب ، ويُقال له تَمَنَّ على رَبّك ما شِئْتَ .
ومَنْ صامَ مِن رجب ستّةَ أيَام خرج من قبره ، ولِوَجْهِهِ نورٌ يَتَلأْلأُ أَشَدّ بياضاً مِن نورِ الشمسِ ، وأُعْطِي سوى ذلك نوراً يستضيءُ به أهلُ الجَمْعِ يومَ القيامةِ ، وبُعثَ مِن الآمنينَ يومَ القيامةِ ، حتّى يمرّ على الصراطِ بغير حسابٍ ، ويُعافَى مِن عقوقِ الوالدَين وقطيعةِ الرَحِم .
ومَنْ صامَ مِن رجب سبعةَ أيَام ، فإنّ لجهنّمَ سبعةَ أبوابٍ ، يَغلقُ اللهُ عنه بصومِ كلّ يومٍ باباً من أبوابِهَا ، وحَرّمَ اللهُ جَسَدَهُ على النارِ .
ومَن صامَ مِن رجب ثمانيةَ أيّامٍ ، فإنّ للجنّة ثمانيةَ أبوابٍ ، يَفتحُ اللهُ له بصومِ كلِّ يومٍ باباً مِن أبوابها ، وقال له ادْخُلْ مِن أيِّ أبوابِ الجِنَانِ شِئْتَ .
ومَنْ صامَ مِن رجب تسعةَ أيَامٍ ، خَرجَ مِن قبرِهِ وهو ينادي : لا إلهَ إلاّ اللهُ ، ولا يَصْرِفُ وَجْههُ دُوْنَ الجَنّة ، وخَرجَ مِن قبرِهِ وَلِوَجْهِهِ نورٌ يَتَلأْلأُ لأَهْلِ الجَمْعِ ، حتى يقولوا هذا نَبِيٌّ مُصْطَفَى ، وإنّ أَدْنَى مَا يُعْطَى أنْ يَدْخُلَ الجَنّةَ بغيرِ حسابٍ .
ومَنْ صامَ مِن رجب عشرةَ أيَامٍ ، جعلَ اللهُ لهُ جَنَاحَيْنِ أَخْضَرَيْنِ مَنظُوْمَيْنِ بَالدُرِّ واليَاقوتِ ، يَطيرُ بهما على الصراط كالبرقِ الخاطِفِ إلى الجِنَانِ ، ويُبدّلُ اللهُ سيّئاتَه حسناتٍ ، وكُتِبَ مِن المُقَرَّبِيْنَ القَوَّامِيْنَ للهِ بالقِسْطِ ، وكأنّه عَبَدَ اللهَ مئةَ عامٍ ، صابراً قائماً مُحْتَسِبَاً .
ومَنْ صامَ مِن رجبٍ أَحَدَ عَشَرَ يَومَاً ، لَمْ يُوَافِ اللهَ يومَ القيامَةِ عبدٌ أفضلَ منهُ ، إلاّ مَنْ صامَ مثلَه أَو زَادَ عَلَيْهَِ .
ومَنْ صامَ مِن رجبٍ اثني عَشَرَ يَومَاً ، كُسِيَ يومَ القيامةِ حُلّتَان خَضْرَاوَان ، مِن سندسٍ وإسْتَبْرَقٍ ، ويُجْبَرُ بِهِمَا ، لو دُلِيَتْ حُلّةٌ مِنْهُمَا إلى الدنيا لأَضَاءَتْ مَا بينَ شَرْقِهَا وغَرْبِهَا ، وصارتْ الدنيا أَطيبَ مِن رِيْحِ المِسْكِ .
ومَنْ صَامَ مِن رجبٍ ثلاثةَ عَشَرَ يَوماً ، وُضِعَتْ لهُ يومَ القيامةِ مائدةً مِن ياقوتٍ أخضر فِي ظِلّ العرشِ ، قَوَايِمُهَا مِن دُرٍّ ، أَوْسَع مِن الدنيا سبعينَ مَرّةٍ ، عليها صحائفُ الدُرِّ والياقوتِ ، في كلِّ صحيفةٍ سبعونَ ألف لَوْنٍ مِن الطعامِ ، لا يَشبَهُ اللونُ اللونَ ولا الرِيْحُ الريحَ ، فيأكلُ منها والناسُ في شِدّةٍ شديدةٍ وكربٍ عظيمٍ .
ومَنْ صَامَ مِن رجبٍ أربعةَ عَشَرَ يَومَاً ، أعطاهُ اللهُ مِن الثوابٍ ما لا عَيْن رأتْ ولا أُذُن سَمِعَتْ ، ولا خَطَرَ على قَلْبِ بَشَرٍ مِن قصور الجِنَانِ التي بُنِيَتْ بالدُرِّ والياقوتِ .
ومَنْ صَامَ مِن رجبٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَومَاً ، وَقَفَ يومَ القيامَةِ مَوْقِفَ الآمِنينَ ، فَلا يَمُرّ بهِ مَلَكٌ ولا رسولٌ ولا نبيٌّ إِلاّ قالوا طُوْبَى لك ، أنتَ آمنٌ مُقَرّبٌ مُشَرّفٌ مَغْبُوْطٌ مَحْبُوْرٌ سَاكِنُ الجِنَانِ .
ومَنْ صَامَ مِن رَجَبٍ سِتّةَ عَشَرَ يَومَاً ، كانَ في أوائل مَن يَركَبُ عَلَى دوابٍ مِن نورٍ ، تطيرُ بهمْ فِي عَرَصَةِ الجِنَانِ إلى دارِ الرَحْمَانِ .
ومَنْ صَامَ سَبْعَةَ عَشَرَ يَومَاً مِن رَجَبٍ ، وُضِعَ لهُ يومَ القيامةِ على الصراطِ سبعونَ أَلْف مِصْبَاحٍ مِن نورٍ ، حتى يَمرّ على الصراطِ بِنُوْرِ تلكَ المصابيح إلى الجِنَانِ ، تُشيِّعُهُ المَلائِكَةُ بالترحيبِ والسلامِ .
ومَنْ صَامَ مِن رَجَبٍ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَومَاً ، زَاحَمَ إبراهيمَ فِي قُبّتِهِ فِي جَنَّةِ الخُلْدِ عَلَى سُرُرِ الدُرِّ واليَاقوتِ .
ومَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ تِسْعَةَ عَشَرَ يَومَاً ، بَنَى اللهُ لهُ قصراً مِن لؤلؤٍ رَطْبٍ بِحِذَاءِ قَصْرِ آدَمَ وإبراهيمَ عليه السلام ، فِي جَنّةِ عَدْنٍ ، ويُسَلّمُ عليهما وَيُسَلِّمَانِ عَليهِ تَكْرِمَةً لهُ وإيْجَابَاً لِحَقِّهِ ، وَكَتَبَ اللهُ له بكلِّ يومٍ يَصومُ منها كصيامِ أَلْفِ عَامٍ .
ومَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ عشرينَ يَومَاً ، فَكَأَنَّمَا عَبَدَ اللهَ عشرين أَلْفَ عَامٍ .
ومَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ إِحْدَى وعشرينَ يَوْمَاً ، شُفِّعَ يَومَ القيامةِ فِي مثلِ رَبِيْعَة وَمُضَر ، كلّهم مِن أهلِ الخطايا والذنوبِ .
ومَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ اثنين وعشرينَ يَوْمَاً ، نَادَى مُنَادٍ مِن السَمَاءِ : أَبْشِرْ يَا وَلِيّ اللهِ بِالكَرَامَةِ العظيمةِ ، ومُرَافَقَةِ الذينَ أَنْعَمَ اللهُ عليهمْ مِن النَبِيِّيْنَ والصِدِّيْقين والشهداءِ والصالحينَ وحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيْقَاً .
ومَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ ثَلاثَةً وعشرين يَوْمَاً ، نُودِيَ مِنْ السَمَاءِ : طُوْبَى لَكَ يَا عَبْدَ اللهِ ، نَصَبْتَ قَلِيْلاً ، ونَعُمْتَ طَوِيْلاً ، طُوبَى لكَ إِذَا كُشِفَ الغِطَاءُ عَنْكَ ، وأَفْضَيْتَ إِلى جَسِيْمِ ثَوَابِ رَبِّكَ الكريمِ ، وجَاوَرْتَ الخَلِيْلَ فِي دارِ السلامِ .
ومَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ أَرْبَعَةً وَعشرينَ يَوْمَاً ، فَإِذَا نَزَلَ بِهِ مَلَكُ المَوْتِ يُرَاءَى لَهُ فِي صُوْرَةِ شَابٍّ ، عَلَيْهِ حُلّةٌ مِنْ دِيْبَاجٍ أَخْضَرَ ، عَلَى فَرَسٍ مِنْ أَفْرَاسِ الجِنَانِ ، وبِيَدِهِ حَرِيْرٌ أَخْضَر ، مُمَسّكٌ بِالمِسْكِ الأَذْفَرِ ، بِيَدِهِ قَدَحٌ مِنْ ذَهَبٍ ، مَمْلُوْءٌ مِن شَرَابِ الجِنَانِ ، فَسَقَاهُ إِيّاهُ عِنْدَ خُرُوْجِ نَفْسِهِ ، وَهَوَّنَ بِهِ عَلَيْهِ سَكَرَاتِ المَوتِ أَلَمَاً ، ثُمّ يَأْخُذُ رُوْحَهُ فِي تِلْكَ الحريرة ، فَيَفُوْحُ مِنْهَا رَائِحَةٌ يَسْتَنْشِقَهَا أَهْلُ سَبْع سَمَواتٍ ، فَيَظلُّ فِي قَبْرِهِ رَيَّان ، ويُبْعَثُ مِنْ قَبْرِهِ رَيّان ، حَتّى يَرِدُ حَوْضَ النَبِيِّ صَلّى اللهُ عليهِ وَآلهِ .
ومَنْ صَامَ مِن رَجَبٍ خَمْسَةً وعشرينَ يَومَاً ، فَإنّهُ إِذَا خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ تَلَقّاهُ سَبْعونَ أَلْف مَلَكٍ ، بِيَدِ كُلِّ مَلَكٍ مِنْهُمْ لِوَاءٌ مِنْ دُرٍّ وياقوتٍ ، ومَعَهُم طَرَائفُ الحُلِيّ والحُلَلِ ، فيقولونَ : يَا وَلِيّ الله ، النَجَاة إِلى رَبّكَ ، فَهُوَ مِنْ أَوّل النَاسِ دُخُوْلاً فِي جَنّاتِ عَدنٍ ، مَعَ المُقَرَّبِيْنَ الذِيْنَ رَضِيَ اللهُ عنهمْ وَرَضُوْا عَنْهُ ، ذلكَ الفوزُ العَظِيْمُ .
ومَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ سِتّةً وعشرينَ يَوْمَاً ، بَنَى اللهُ لهُ فِي ظِلِّ العَرْشِ مَئةَ قَصْرٍ مِنْ دُرٍّ وياقوتٍ ، عَلَى رَأْسِ كلِّ قَصْرٍ خَيْمَةٌ حَمْرَاء مِنْ حَرِيْرِ الجِنَانِ ، يَسْكُنُهَا نَاعِمَاً والنَاسُ فِي الحِسَابِ .
ومَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ سَبْعَةً وعشرينَ يَوْمَاً ، أَوْسَعَ اللهُ عليهِ القَبْرَ مَسِيْرَةَ أَرْبَعْمِئَة عَامٍ ، ومَلأَ جَمِيْعَ ذَلكَ مِسْكَاً وَعَنْبَرَاً .
ومَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ ثَمَانِيَةً وعشرينَ يَوْمَاً ، جَعَلَ اللهُ عَزّ وَجلّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَارِ تِسْعَةَ خَنَادِق ، كلُّ خَنْدَقٍ مَا بَيْنَ السَمَاءِ وَالأَرْضِ مَسِيْرَةَ خَمْسمئة عَامٍ .
ومَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ تِسْعَةً وعشرينَ يَوْمَاً ، غَفَرَ اللهُ لَهُ وَلَوْ كَانَ عشاراً ، وَلَوْ كَانَتْ امْرَأة فَجَرَتْ سَبْعِيْنَ مَرّةٍ بَعْدَمَا أَرَادَتْ بِهِ وَجْهَ اللهِ عَزّ وَجَلّ ، وَالخَلاص مِنْ جَهَنّم لَيَغْفِرُ اللهُ لَهَا .
ومَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ ثَلاثِيْنَ يَوْمَاً ، نَادَى مُنَادٍ مِنْ السَمَاءِ : يَا عَبْدَ اللهِ ، أَمّا مَا مَضَى فَقَد غُفِرَ لكَ ، فَاسْتَأْنِفْ العمل فِيْمَا بَقِيَ ، وَأَعْطَاهُ اللهُ عَزّ وَجَلّ فِي الجِنَانِ كُلِّهَا ، فِي كُلِّ جَنّةٍ أَرْبَعِيْنَ أَلْفِ مَدِيْنَةٍ مِنْ ذَهَبٍ ، فِي كُلّ مَدِيْنَةٍ أَرْبَعُوْنَ أَلْفِ قَصْرٍ ، فِي كُلّ قَصْرٍ أَرْبَعُوْنَ أَلْفِ أَلْفِ بَيْتٍ ، فِي كلّ بَيْتٍ أَربعونَ ألفِ ألفِ مَائِدَةٍ مِنْ ذَهَبٍ ، عَلَى كُلّ مَائِدَةٍ أَربعونَ ألفِ ألفِ قصْعَةٍ ، فِي كلّ قصْعَةٍ أربعونَ ألفِ ألفِ لونٍ مِن الطعامِ والشَرَابِ ، لِكلّ طعامٍ وشَرابٍ مِن ذلك لونٌ عَلَى حِدَة ، وفِي كلِّ بيتٍ أربعونَ ألفِ ألفِ سَرِيْرٍ مِن ذَهَبٍ ، طُوْلُ كُلِّ سَرِيْرٍ ألفِ ذِرَاعٍ فِي أَلْفَي ذِرَاعٍ ، عَلَى كُلِّ سَرِيْرٍ جَارِيَةٍ مِن الحُوْرِ ، عَلَيْهَا ثَلاثمئة ألف ذُؤَابَةٍ مِنْ نُوْرٍ ، تَحْمِلُ كُلُّ ذُؤَابَةٍ مِنْهَا ألفَ أَلفَ وَصِيْفَةٍ ، يُغلّفُهَا بالمِسْكِ والعَنْبَرِ ، إِلَى أنْ يُوَافِيْهَا صَائمُ رَجَب ، هذا لِمَنْ صَامَ شَهْرَ رَجَبَ كُلَّهِ (7).
قيل : يا نبي الله ، فَمَنْ عجز عن صيام رجب ؛ لِضَعْفٍ أو لِعِلّة كانت به ، أو امرأة غير طاهرة ، يَصنع ماذا لِيَنال ما وصفتَ ؟
قال : يتصدّق في كلّ يوم بِرَغيفٍ على المساكين ، والذي نفسي بيده أنّه إذا تصدّق بهذه الصدقةِ كلَّ يَوْمٍ يَنَالُ مَا وصفتُ وأكْثَرَ ، إنّه لو اجتَمَعَ جَمِيْعُ الخلائقِ كلُّهم مِن أهلِ السمواتِ والأرضِ على أنْ يُقَدِّرُوا قَدَرَ ثَوَابِهِ مَا بَلَغُوا عُشْرَ مَا يُصِيْبُ فِي الجِنَانِ مِن الفَضَائل وَالدَرَجَاتِ .
قيل : يا رسول الله ، فَمَنْ لم يَقدر على هذه الصدقة ، يصنع ماذا لِيَنال مَا وَصَفْتَ ؟
قال : يُسَبّحُ اللهَ كلّ يومٍ مِن شَهٍرِ رَجَب إلى تَمَامِ ثَلاثِيْنَ يَوْمَاً بِهَذا التسبيح : مئة مَرّة سُبْحَانَ الإِلَهِ الجَلِيْلِ ، سُبْحَانَ مَنْ لاَ يَنْبَغِي التَسْبِيْحُ إِلاّ لَهُ ، سُبْحَانَ الأَعَزّ الأَكْرَم ، سُبْحَانَ مَنْ لَبِسَ العِزَّ وَهُوَ لَهُ أَهْلٌ ) .
ـــــــــــــــــــ
*
مقتبس من كتاب : فضائل الأشهر الثلاثة ، تأليف : محمّد بن علي بن الحسين بن
موسى بن بابويه القمّي ( الشيخ الصدوق (قدّه) ) تحقيق وإخراج : ميرزا غلام
رضا عرفانيان ، طبع مطبعة الآداب / النجف الأشرف / سنة : 1396هـ . ق .
(1) أخرجه في الوسائل عن كتاب : فضائل رجب : في الحديث الثاني عشر ، من
الباب السادس والعشرين ، من أبواب الصوم المندوب ، الجزء : 7 ، ص 355 .
(2) في نسخة مكتبة كاشف الغطاء : النهدي ، وأيضاً فيها : سيف بن المبارك ،
وكذا في نسخة مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام .
(3) في نسخة مكتبة كاشف الغطاء : عن علي بن الحسين رجب نهر ... ، وكذا في
نسخة مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام .
(4) أخرجه في الوسائل : الجزء : 7 ، ص 348 ، عن الفقيه ، والمقنعة ،
والمصباح ، في الباب : 26 ، من أبواب الصوم المندوب ، الحديث : 3 ، وهو
موافق لِمَا في ثواب الأعمال سنداً ومتناً . وذكره الشيخ (ره) في التهذيب :
الجزء : 4 ، ص 306 .
(5) أخرجه في الوسائل : عن الفقيه ، وكتاب فضائل رجب ، وثواب الأعمال ، في
الحديث : 4 ، من الباب : 26 ، من أبواب الصوم المندوب ، من الجزء : 7 ، ص
350 . وفي ثواب الأعمال : ص 49 . كما في البحار : الجزء : 97 ، ص 37 ،
مسيرة مئة سنة .
(6) وفي الوسائل : في ذيل الحديث : 10 ، من الباب : 20 ، من أبواب الصوم
المندوب ، من الجزء : 7 ، ص 381 ، وسُمّي شهر رجب الأصب ؛ لأنّ الرحمة
تُصبّ على أُمّتي فيه صَبّاً ، ويُقال : الأصم ؛ لأنّه نُهي فيه عن قتال
المشركين ، وهو من الشهور الحرام .
(7) أورده في الوسائل : الجزء : 7 ، ص 352 ، مختصراً وملخّصاً عن : المجالس
وثواب الأعمال ، وكتاب فضائل رجب ، إلى هنا ( أعني قوله : رجب كلّه ) في
الحديث : 9 ، من الباب : 26 ، من أبواب الصوم المندوب ، والبقيّة أوردها
عنها وعن مصباح المتهجّد : في الحديث الأوّل ، من الباب : 27 من تلك
الأبواب ، ص 358 . وذكره المصنّف في المجالس : المجلس : 80 . وفي ثواب
الأعمال : ص 32 كما هنا ، وفي عباراته فيهما وفي الوسائل اختلاف وزيادة
ونقصان غير كاشف عن تعدّد المتن .