دعوة المأمون للصلاة :
دعا المأمون العباسي ـ الحاكم الإسلامي آنذاك ـ الإمام الرضا ( عليه السلام ) إلى إقامة صلاة عيد الفطر بالناس والخطبة بهم .
فأجابه الإمام الرضا ( عليه السلام ) : ( قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخول الأمر ـ وهي عدم تدخله في أي أمر من الأُمور ـ فاعفني عن الصلاة بالناس ) .
أصر المأمون على الإمام ( عليه السلام ) بالصلاة ، فقال ( عليه السلام ) : ( إن أعفيتني فهو أحبّ إلي ، وإن لم تعفني خرجت كما خرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) و أمير المؤمنين ( عليه السلام )) .
فقال المأمون : أخرج كيف شئت . وأمر القوّاد والناس أن يبكّروا إلى باب الرضا ( عليه السلام ) .
اجتماع الناس والقادة :
في الصباح الباكر اجتمع الناس على باب دار الإمام ( عليه السلام ) ينتظرون خروجه للصلاة ، وجاء قادة الجيش ومعهم مجموعة من الجند ، ووقفوا على الباب ، وجلست النساء والأطفال على السطوح والطرقات ليتفرّجوا على موكب الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، وهو خارج إلى الصلاة .
خروج الإمام الرضا ( عليه السلام ) للصلاة :
لمّا طلعت الشمس اغتسل الإمام ( عليه السلام ) غسل يوم العيد ، ولبس ثيابه ، وتعمّم بعمامة بيضاء من قطن ، ألقى طرفاً منها على صدره ، وطرفاً بين كتفيه ، وتطيّب ، وأمر مواليه أن يصنعوا مثل صنعه ، وأخذ بيده عكّازة ، وخرج بتلك الحالة وهو حاف ، فمشى قليلاً ورفع رأسه إلى السماء وكبّر ، وكبّر مواليه معه ، ومشى حتّى وقف على الباب ، فلما رآه القوّاد والجند في تلك الصورة ، نزلوا من على خيولهم إلى الأرض ، وكبّر ( عليه السلام ) على الباب ، وكبّر الناس معه ، وعلت أصواتهم بالتكبير ، وتذكّروا في صورة الإمام ( عليه السلام ) صورة جدّه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
ويصف البحتري خروج الإمام ( عليه السلام ) إلى الصلاة بهذه الكيفية بقوله :
ذكروا بطلعتك النبي فهلّلوا | لمّا طلعت من الصفوف وكبّروا | |
حتّى انتهيت إلى المصلّى لابسا | نور الهدى يبدو عليك فيظهر | |
ومشيت مشية خاضع متواضع | لله لا يزهو ولا يتكبّر | |
ولو أنّ مشتاقاً تكلّف غير ما | في وسعه لمشى إليك المنبر |
وضجّة مدينة مرو بالبكاء والعويل لمّا رأوا الإمام ( عليه السلام ) بتلك الصورة ، وسمعوا تكبيره .
عيد الفطر
ترك الإمام الرضا ( عليه السلام ) للصلاة :
بلغ المأمون ذلك فارتاع ، وفزع ، فقال له الفضل بن سهل ذو الرئاستين : يا أمير المؤمنين ، إن بلغ الرضا المصلّى على هذا السبيل افتتن به الناس ، وخفنا كلّنا على دمائنا ، فانفذ إليه أن يرجع .
فبعث إليه المأمون بعض جلاوزته : قد كلّفناك شططاً وأتعبناك ، ولست أحب أن تلحقك مشقّة ، فارجع وليصل بالناس من كان يصلّي بهم على رسمه ، فدعا ( عليه السلام ) بخفّه فلبسه ، ورجع من دون أن يصلّي بالناس ، واختلف أمر الناس في ذلك اليوم ولم تنتظم صلاتهم .