ولادته وعائلته
ولادته والبشارة النبوية
وُلد الإمام الهادي (عليه السلام) في نواحي المدينة المنورة، في قرية أسسها الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) تسمى: صرّيا.
وقد بشر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بولادة الإمام الهادي (عليه السلام) بقوله: (... وأن الله تعالى ركب في صلبه نطفة لا باغية ولا طاغية، بارة مباركة، طيبة طاهرة، سقاها عنده علي بن محمد، فألبسها السكينة والوقار، وأودعها العلوم وكل سرٍ مكتوم، من لقيه وفي صدره شيء أنبأه به وحذّره من عدوه...).
وقد اختلف المحدثون في تاريخ ولادته:
فقيل: وُلد في شهر رجب، ويؤيد هذا القول، الدعاء المروي عن الإمام المهدي (عليه السلام): (اللهم إني أسألك بالمولودين في رجب: محمد بن علي الثاني وابنه علي بن محمد المنتجب..).
وذكر بان عياش إن ولادته (عليه السلام) كانت في الثاني من شهر رجب، أو الخامس منه، وقيل: (في الليلة الثالثة عشرة منه، سنة 214ه-، وقيل: 212ه-.
وقيل: كانت ولادته (عليه السلام) في النصف من ذي الحجة، أو السابع والعشرين منه.
كنيته وألقابه
اسمه وكنيته
اسمه: علي، وكنيته: أبو الحسن وقد يعبر عنه –في الأحاديث المروية- بأبي الحسن الثالث أبو أبي الحسن الأخير. للفرق بينه وبين الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر والإمام أبي الحسن الرضا (عليهما السلام).
ألقابه
الهادي، النقي، وهما أشهر ألقابه، والنجيب، المرتضى، العالم، الفقيه، الأمين، الناصح، المفتاح، المؤتمن، الطيب، العسكري، المتوكل.
وكان الإمام يُخفي لقبه (المتوكل) ويأمر أصحابه أن لا يلقبوه بالمتوكل لأنه كان لقب الحاكم العباسي يومذاك.
وقد يعبر عن الإمام الهادي (عليه السلام) ب-(الفقيه العسكري) أو (العسكري) أو (صاحب العسر) أو (الصادق).
العلة التي من أجلها سمي علي بن محمد والحسن ابن علي عليهما السلام العسكريين
• روي أن المحلة التي يسكنها الإمامان علي بن محمد والحسن بن علي عليهما السلام بسر من رأى كانت تسمى عسكر فلذلك قيل لكل واحد منهما العسكري.
زوجاته وأبناؤه
أولاد الإمام الهادي (عليه السلام)
كان للإمام الهادي (عليه السلام) من الذكور أربعة، وبنت واحدة، فالذكور هم:
- السيد محمد، وكنيته أبو جعفر.
- الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).
- جعفر.
- الحسين.
وأما البنت فاسمها: علية.
وذكر بعض النسابين، زيداً وموسى وعبد الله ولكنهم غير معروفين.
وفيما يلي شرحً موجز عن حياة من ذكرنا:
السيد محمد
كنيته: أبو جعفر.
كان أكبر أولاد أبيه، وكان سيداً جليلاً مجمعاً للكمالات، وكانت الشيعة وغيرهم يظنون أنه الإمام بعد أبيه، حسب القاعدة المعروفة عن الشيعة بأن الإمامة تكون في الولد الأكبر إذا لم يكن فيه عيب أو نقص ينافي الإمامة. ولكن السيد محمد توفي في زمن أبيه.
لما خرج الإمام الهادي (عليه السلام) من المدينة إلى سامراء ترك ابنه السيد محمد في المدينة المنورة وهو طفل، وبعد سنوات التحق الولد بأبيه ومكث عنده مدة، ثم أراد الرجوع والعودة إلى المدينة المنورة، وفي الطريق وصل إلى مدينة بلد، فمرض هناك وفارق الحياة، في سنة 253ه- تقريباً، وعمره فوق العشرين سنة، وشق الإمام العسكري ثوبه في مصيبة وفاة أخيه هذا.
وقبره بين سامراء وبغداد، وله مشهد مشيد، يزوره الناس من كافة الطبقات وأجلاء العلماء، وأعاظم الفقهاء، وأكابر المجتهدين والمحدثين وغيرهم.
وقد ظهرت كرامات كثيرة من مرقده الشريف من شفاء المرضى وغير ذلك.. حتى ألف المرحوم البحاثة العلامة الميرزا محمد الطهراني رسالة في كرامات السيد محمد، وهكذا ألف المرحوم العلامة الشيخ محمد علي الأردوبادي كتاباً سماه (سبع الدجيل)، نقل فيه كرامات عديدة للسيد محمد المزبور.
في ترجمة كل من علي بن عبد الله بن مروان الأنباري، والحسن بن الحسين الأفطس، وعلي بن عمر النوفلي وشاهويه بن عبد الله بن سليمان، والجلابي وغيرهم ما يشير إلى هذا السيد الجليل، من تصور أنه الإمام بعد أبيه، ومن حضور الشيعة عند الإمام الهادي (عليه السلام) لما توفي السيد محمد، ونص الإمام الهادي على إمامة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).
وأعقب أولاداً، سكن بعضهم في بخارى، وبعضهم في تركيا، وبعض سلالته منتشرون في العراق، ومنهم السادة آل بعّاج المعروفون في العراق.
وقد تجدد بناء مشهده الشريف في خلال القرنين الأخيرين مرات عديدة من تشييد المرقد وبناء القبة المنورة، وتوسيع الصحن وبناء الُحجُرات وإسالة الماء والإنارة بالكهرباء، والمرافق الصحية وغير ذلك.
وهذه المشاريع قام بها العلماء والأمراء وأهل الخير والإحسان من الإيرانيين.
وقد نظم بعض علماء الكاظمية وبعض شعراء النجف قصائد رائعة في مدح السيد محمد، مذكورة في كتاب (مآثر الكبراء في تاريخ سامراء) تأليف المرحوم الشيخ ذبيح الله المحلاتي، وفي كتاب (سبع الدجيل) للأردوبادي.
الإمام الحسن العسكري
تجدون الحديث بالتفصيل عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في الملف الخاص به.
الحسين بن الإمام الهادي
لقد أهمل التاريخ ذِكر هذا السيد الجليل، ولم يتطرق المؤرخون إلى تاريخ ولادته ووفاته وترجمة حياته.
وفي كتاب شجرة الأولياء: أن الحسين كان زاهداً عابداً معترفاً بإمامة أخيه أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام) وكان صوت الإمام المهدي (عليه السلام) يشبه صوت عمه الحسين.
وكان الناس يعبرون عنه وعن أخيه الإمام الحسن العسكري بالسبطين، تشبيهاً لهما بالإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام).
وكان له من الأولاد أربعة، وقد رحلوا –بعد وفاة أبيهم- من سامراء إلى مدينة لار من بلاد فارس في إيران فقتِلوا بعد وصولهم إليها.
السيدة حديثة أم الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)
ذكر الشيخ عباس القمي في الأنوار البهية أن أم الإمام الحادي عشر أبو محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام هي حديث أو سليل، ويقال لها الجدة، وكانت من العارفات الصالحات، وكفى في فضلها أنها كانت مفزع الشيعة بعد وفاة أبي محمد عليه السلام.
روى الشيخ الصدوق عن أحمد بن إبراهيم، قال: دخلت على حكيمة بنت محمد بن علي الرضا أخت أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام في سنة اثنتين ومئتين، فكلمتها من وراء حجاب وسألتها عن دينها فسمت لي من تأتم بهم، ثم قالت: والحجة بن الحسن (عليه السلام)، فسمت إلى أن قال: فقلت لها: أين الولد؟ يعني الحجة عليه السلام قالت: مستور، فقلت: إلى من تفزع الشيعة؟ فقالت إلى الجدة أم أبي محمد عليه السلام، فقلت لها اقتدي بمن وصيته إلى امرأة؟ قالت: اقتداء بالحسين بن علي، والحسين بن علي عليه السلام أوصى إلى أخته زينب بنت علي عليهما السلام، في الظاهر، وكان ما يخرج عن علي بن الحسين عليه السلام من علم ينسب إلى زينب ستراً على علي بن الحسين عليه السلام.
أمه أم ولد، يقال لها حديث.
وفي عيون المعجزات: اسم أمه على ما رواه أصحاب الحديث سليل رضي الله عنها، وقيل: حديث، والصحيح سليل.
وفي كشف الغمة ج3 ص292: أمه سوسن.
وفي مناقب آل أبي طالب ج4 ص421: أمه أم ولد يقال لها حديث.
وقال الحافظ عبد العزيز، وامه أم ولد يقال لها: حريبة. وقال ابن الخشاب: أمه سوسن.
وذكر المحدث الكبير الشيخ المازندراني في كتابه نور الأبصار: أن أم الإمام أبو محمد العسكري عليه السلام هي أم ولد يقال لها سوسن، وقيل تسمى حديثة أو سليل، ويقال لها جده.
وفي أعيان الشيعة أن أمه يقال لها سوسن، وقيل حديث أو حديثة، وقيل سليل، وهو الأصح، وكانت من العارفات الصالحات.
قال المفيد - في إرشاده - كان مولد أبي محمد (عليه السلام) بالمدينة في شهر ربيع الأول سنة ثلاثين ومائتين، وأمه أم ولد، يقال لها حديثة، وكانت مدة خلافته ست سنين.
وحديثة أم الإمام الحسن العسكري، صالحة من الصالحات، وطاهرة من الطاهرات، كفاها شرفاً وفخراً أنها والدة الإمام الحسن العسكري عليه السلام (زوجة الإمام الهادي) عليهما السلام.
وقد اثنى عليها الإمام الهادي عليه السلام وأشاد بمكانتها وسمو منزلتها وكرامتها، فقال: (سليل - وهو اسمها - مسلولة من الآفات، والأرجاس والأنجاس) وهي أم ولد نوبية.
وفي إثبات الوصي: روي عن العالم (عليه السلام) أنه لما دخلت سليل أم الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) على الهادي (عليه السلام) قال: سليل سلت من كل آفة وعاهة، ومن كل رجس ونجاسة، ثم قال: لا تلبثين حتى يعطيك الله عز وجل حجته على خلقه الذي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.
ثم قال المسعودي: وحملت بالإمام الحسن العسكري (عليه السلام) بالمدينة وولد عليه السلام بالمدينة سنة إحدى وثلاثين ومائتين.