في رحاب : فضل الإمام عليّ (عليه السلام)على الصحابة
  • عنوان المقال: في رحاب : فضل الإمام عليّ (عليه السلام)على الصحابة
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 20:2:25 1-9-1403

في رحاب : فضل الإمام عليّ (عليه السلام)على الصحابة
 

مقدّمة
لم يتحدد الدليل الشرعي لإبراز أفضلية الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام)بخصوص جهد الرسول(صلى الله عليه وآله) والكلام الذي كان يصدر منه بحق علي(عليه السلام) وإنّما رافق ذلك نزول الكثير من الآيات القرآنية التي تكفلت بظهور مناقب علي(عليه السلام) .
والملاحِظ لكل النصوص سيجد أنها من وجه قد سلّطت الضوء على أفضلية علي(عليه السلام) على الصحابة لا من باب عقد المقارنة فحسب، وإنّما تتسع النصوص لأكثر من هذا المعنى فتشمل بمقصودها أن علياً بمؤهلاته القدسية هو الإنسان المُعد لتولّي الإمامة بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) لا سواه.
وبغضّ النظر عن العصمة والعلم الحضوري الذي يمتلكه الإمام أو المعاجز ـ الكرامات ـ التي كانت تظهر على يديه، دون غيره، يبقى علي(عليه السلام) بقدراته وعلومه وصفاته الأفضل من الصحابة، حتى على فرض مقياس مدرسة الخلفاء التي تنظر للإمام علي(عليه السلام)كصحابي ليس إلاّ.
من هنا سنتناول موضوع أفضلية الإمام علي(عليه السلام) على الصحابة ضمن عدة اُمور:
الأمر الأوّل: مظاهر من شخصية الإمام عليّ (عليه السلام)
إنّ سلوك الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) وملامحه الربّانية تشكل النموذج الإلهي والقدوة الحسنة.
ولا يمكن أن نتوصل الى الأعماق والأسرار التي يحملها هذا النموذج عبر انتقاء بعض مظاهره العلمية أو السلوكية.
لكن المشاهد حتى لو وقف على بعض مظاهره لكفاه دليلاً على أفضلية الإمام(عليه السلام) على الصحابة لا في ميدان محدّد ، بل وفي كل الميادين، بحيث لا يبقى مع ذلك أدنى شك أن علياً لا يضاهيه أحدمن الصحابة،وإليك بعض مظاهر شخصيته(عليه السلام) :
1 ـ مظاهر شخصية الإمام علي(عليه السلام) فيالجانب العلمي:
من الثابت أن الإمام عليّاً(عليه السلام) كان أعلم الصحابة، وقد بلغ الكمال العلمي عند علي(عليه السلام) الى درجة حتى قال عنه الرسول(صلى الله عليه وآله): «أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها»[1]. ولم يقل الرسول(صلى الله عليه وآله)مثل هذا القول لأحد من الصحابة.
ويؤكد ذلك قوله (عليه السلام): «علمني رسول الله(صلى الله عليه وآله) ألف باب من العلم يفتح لي من كل باب ألف باب»[2].
وتفوّقُ علي(عليه السلام) بعلمه الإلهي الذي اختص به; دعاه أن يقول: «لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً»[3].
وتصريحه (عليه السلام) بأن العلم الذي يحمله كبير لا يقوى على حمله أحد من الصحابة: «ها إنّ هاهنا لعلماً جمّاً لو أصبت له حملة ـ وأشار الى صدره ـ »[4].
فهذه الأقوال تدل بكل وضوح على أن عليّاً بلغ من العلم مرتبة لا يمكن لأحد من الخلق أن يبلغها سوى رسول الله(صلى الله عليه وآله) .
والى هذا أشار (عليه السلام) بقوله: «بل اندمجتُ على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوى[5] البعيدة»[6].
وعن أبي الطفيل قال: شهدت علياً يقول: «وسلوني، والله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم وسلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلاّ وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار، في سهل أم في جبل»[7].
وعن سعيد بن المسيب أنه قال: «لم يكن أحد من صحابة رسول الله يقول سلوني إلاّ علياً»[8].
وقد شهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) وفي أكثر من مرّة بأفضلية «علي» وتفوقه العلمي على كلّ الصحابة.
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لفاطمة الزهراء(عليها السلام): «أما ترضين أن اُزوّجك أقدم اُمّتي سلماً، وأكثرهم علماً، وأعظمهم حلماً»[9].
وقال(صلى الله عليه وآله): «أعلم اُمّتي من بعدي علي بن أبي طالب»[10].
وقال(صلى الله عليه وآله): «علي وعاء علمي ووصيي وبابي الذي اوتى منه»[11].
وقال(صلى الله عليه وآله): «علي باب علمي ومبين لاُ مّتي ما أرسلت به من بعدي»[12].
وقال(صلى الله عليه وآله): «أعلم اُ مّتي بالسنّة والقضاء بعدي علي بن أبي طالب»[13].
وقال(صلى الله عليه وآله): «أنت تبيّن لاُمّتي ما اختلفوا فيه بعدي»[14].
وقال(صلى الله عليه وآله): «ليُهنك العلم أبا الحسن، لقد شربت العلم شرباً ونهلته نهلاً»[15].
2 ـ مظاهر شخصية الإمام علي(عليه السلام) في الجانب الإيماني:
هذه الصفحة من حياة الإمام علي(عليه السلام) قد منح فيها زخماً معنوياً ورسم فيها صورة عالية للأجيال، وسجل فيها الأسبقية على الصحابة قاطبة.
فقوة الإيمان ميزة ينفرد بها علي(عليه السلام) وقد تجسدت في صور شتى، ففي العبادة هو المثال، فقد جاء في تفسير قوله تعالى: (تراهم ركّعاً سُجّداً)[16] على أنها نزلت في علي(عليه السلام)[17].
وقال بهذا الصدد: «صليت مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) قبل الناس سبع سنين وأنا أوّل من صلّى معه»[18].
وقال(عليه السلام): «ما أعرف أحداً من هذه الاُ مّة عَبَدَ الله بعد نبيّنا غيري...»[19].
وقال(عليه السلام): «أسلمت قبل إسلام الناس وصليت قبل صلاتهم»[20].
فكان علي(عليه السلام) أعبد الناس وأكثرهم صلاة وصوماً، ومنه تعلّم الناس صلاة الليل وملازمة الأوراد، وقيام النافلة، وما ظنّك برجل يبلغ من محافظته على ورده أن يبسط له نطع بين الصفين ليلة الهرير، فيصلي عليه ورده والسهام تقع بين يديه وتمر على صماخيه يميناً وشمالاً، فلا يرتاع لذلك، ولا يقوم حتى يفرغ من وظيفته؟ وما ظنّك برجل كانت جبهته كثفنة البعير لطول سجوده[21]؟
وقيل لعلي بن الحسين زين العابدين(عليه السلام) ـ وكان قد بلغ الغاية في العبادة ـ : أين عبادتك من عبادة جدك؟
قال(عليه السلام): «عبادتي من عبادة جدّي كعبادة جدّي من عبادة رسول الله(صلى الله عليه وآله)»[22].
أمّا في مظاهر الإيمان الاُخرى فنجده(عليه السلام) القمّة في النزاهة والخلق الإلهي، وأنه المثل القرآني الذي ساقه لمعنى الصدق ، فقد قال تعالى: (والذين آمنوا بالله ورسله اُولئك هم الصديقون)[23].
وهذه الآية حسب رواية أحمد بن حنبل أنها نزلت في علي بن أبي طالب(عليه السلام)[24].
وهناك آيات كثيرة تشهد بأن علياً(عليه السلام) هو النموذج الحي لمعنى الإيمان فقد قال تعالى: (أجعلتم سقاية الحاجّ وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين)[25].
هذه الآية وما بعدها نزلت في حقّ «علي» لما افتخر طلحة ابن شيبة والعباس، فقال طلحة: أنا أولى بالبيت، لأن المفتاح بيدي، وقال العباس: أنا أولى، أنا صاحب السقاية، والقائم عليها، فقال علي(عليه السلام): «أنا أوّل الناس إيماناً وأكثرهم جهاداً»، فأنزل الله تعالى هذه الآية لبيان أفضلية الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) عليهما[26].
وقال تعالى: (أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون)[27] المؤمن علي(عليه السلام) والفاسق الوليد[28].
بهذه الآية يقدم القرآن الكريم للناس نموذجه الإيماني المتمثل في علي(عليه السلام).
(واُلوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين)[29]
ذهب جملة من المفسرين على أن الآية منطبقة في علي(عليه السلام)لأنه كان مهاجراً ذا رحم[30].
كما بيّن رسول الله(صلى الله عليه وآله) للناس وفي أكثر من موضع مدى تسليم علي للرسالة وتعاليمها، وسابقته في الإسلام، وأنه الإنسان القادر بقوة إيمانه على حل المشكلات عند التباسها.
روي عن أبي ذر، حيث قال: دخلنا على رسول الله(صلى الله عليه وآله)فقلنا: من أحبّ أصحابك إليك ، إن كان أمر كنا معه، وإن كانت نائبة كنا من دونه؟
قال: «علي، أقدمكم سلماً وإسلاماً»[31].
نكتفي بهذا القدر من الأدلة الكاشفة عن قوة إيمان علي(عليه السلام)وأفضليته لنرى جانبه الجهادي.
3 ـ مظاهر شخصية الإمام علي(عليه السلام)في الجانب الجهادي:
أما الجهاد عند علي(عليه السلام) فالخوض في إثباته يجري مجرى إيضاح الواضحات وتقرير البديهيات ، فإنه لا خلاف بين جميع المسلمين وغيرهم أن علياً في جهاده كان أشجع الصحابة بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأكثرهم إقداماً، وإن كانت الشجاعة وحب الجهاد عند الصحابة ظاهرة بارزة في حياتهم، إلاّ أنها عند علي(عليه السلام)تبدو قيمتها أكثر جلاءً في المهمات الصعبة وعند تراجع الآخرين وعدم قدرتهم على تجاوزها، فيتقدم علي(عليه السلام) بتفوقه الإلهي لفك الطوق عن المسلمين، وهذا ما تشهد به المعارك التي خاضها ضد المشركين وأهل الكتاب في بدر والأحزاب وخيبر وحنين وغيرها.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) يوم خيبر: «لأدفعن الراية الى رجل يحب الله ورسوله ويفتح الله عليه، قال عمر: فما أحببت الإمارة قط قبل يومئذ، فدفعها الى علي(عليه السلام)قال: قال: ولا تلتفت، فسار قريباً، قال: يا رسول الله علامَ نقاتل؟
قال(صلى الله عليه وآله): على أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإذا فعلوا ذلك عصموا دماءهم وأموالهم إلاّ بحقها وحسابهم على الله تعالى»[32].
وفي غزوة الخندق: ضرب الإمام علي أروع مثال لنصرة الحق وتميز به عن غيره من الصحابة، وقد عزّز الرسول(صلى الله عليه وآله) قيمة هذا الحدث العظيم عندما صرح بأن الإمام يمثل جانب الحق كلّه ، فقد روى الجمهور:
أنه لما برز عمرو بن عبد ودّ العامري في غزوة الخندق، وقد عجز عنه المسلمون، قال النبي(صلى الله عليه وآله): «برز الإيمان كلّه الى الشرك كلّه»[33].
ونقل أحمد بن حنبل في مسنده، قال:: خطب الحسن(عليه السلام)فقال: «لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأولون بعلم ولا يدركه الآخرون، كان رسول الله(صلى الله عليه وآله)يبعثه بالراية، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله لا ينصرف حتى يفتح له»[34].
وروى الخوارزمي قال: حدثنا عبيدالله بن عائشة عن أبيه قال: «كان المشركون إذا أبصروا علياً في الحرب عهد بعضهم الى بعض»[35].
وعن جابر بن عبدالله قال: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله)يقول يوم الحديبية ـ وهو آخذ بضبع علي بن أبي طالب ـ يقول: هذا أمير البررة وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله، ثم مدّ بها صوته وقال: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد الدار; فليأت الباب»[36].
وعن ابن عباس قال: «كان المهاجرون يوم بدر: سبعة وسبعين رجلاً، وكان الأنصار: مائتين وستة وثلاثين رجلاً، وكان صاحب راية رسول الله(صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب، وصاحب راية الأنصار سعد ابن عبادة»[37].
وعن ابن عباس قال: «إن راية المهاجرين كانت مع علي(عليه السلام)في المواقف كلها يوم بدر ويوم اُحد ويوم خيبر ويوم الأحزاب ويوم فتح مكة ولم تزل معه في المواقف كلها»[38].
ويحدثنا الإمام علي بن أبي طالب عن صحبته لرسول الله(صلى الله عليه وآله)عندما عزما على كسر الأصنام التي كانت فوق الكعبة وقد صعد(عليه السلام)على منكبي رسول الله(صلى الله عليه وآله) :
قال علي(عليه السلام): «إنطلقت مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) حتى أتينا الكعبة، فصعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) على منكبي ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنهض فنهضت ـ فنهض به علي ـ فلما رأى رسول الله(صلى الله عليه وآله) ضعفي قال لي: إجلس فجلست، فنزل النبي(صلى الله عليه وآله)وجلس لي، وقال لي: إصعد على منكبي، فصعدت على منكبيه فنهض بي. فقال علي(عليه السلام): إنه يخيل إليّ أني لو شئت لنلت اُفق السماء، فصعدت على الكعبة وعليها تمثال من صفر أو نحاس، فجعلت أعالجه لاُزيله يميناً وشمالاً وقداماً ومن بين يديه ومن خلفه حتى استمكنت منه، فقال نبي الله: اقذفه، فقذفت به فكسرته كما يكسر القوارير، ثم نزلت فانطلقت أنا ورسول الله(صلى الله عليه وآله)نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد»[39].
وتتلخّص صورة سلوك الإمام علي بكل جوانبها الإلهية عندما يشبّهه رسول الله(صلى الله عليه وآله)بالأنبياء(عليهم السلام) فقد قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «من أراد أن ينظر الى آدم في علمه والى نوح في عزمه والى إبراهيم في حلمه والى موسى في هيبته والى عيسى في زهده; فلينظر الى علي بن أبي طالب»[40].
4 ـ مظاهر شخصية الإمام علي(عليه السلام) في الجانب السلوكيوالأخلاقي:
ولا يقتصر تفوق علي بن أبي طالب(عليه السلام)وتميزه على الصحابة في الجوانب التي ذكرناها ، وإنّما أمسى عليّ بتجسيده لقيم الرسالة ومفاهيمها وأخلاقها النموذج والمثال الذي يثير العزيمة والهمم في نفوس الصحابة، مما كان موضع ثناء الحق سبحانه، وفيما يلي نقف على مفردات من سلوكه وأخلاقه التي تميّزه عن غيره:
1 ـ قال تعالى: (ومن الناس مَن يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله)[41].
إنّها نزلت في علي بن أبي طالب(عليه السلام) لمّا خلفه الرسول، عندما هاجر(صلى الله عليه وآله) لقضاء دينه وردّ ودايعه، فبات على فراشه، وأحاط المشركون بالدار، فأوحى الله الى جبرائيل، وميكائيل: إني قد آخيت بينكما، وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار كل منهما الحياة فأوحى الله إليهما: ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب، آخيت بينه وبين محمد، فبات على فراشه، يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة؟ إهبطا الى الأرض، فاحفظاه من عدوّه، فنزلا فكان جبرائيل عند رجليه، فقال جبرائيل: بخ بخ، من مثلك يابن أبي طالب، يُباهي الله بك الملائكة»[42].
2 ـ (ويُطعمون الطعام على حُبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً* إنّما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً)[43].
روى الجمهور: أن الحسن والحسين مَرِضا، فعادهما رسول الله(صلى الله عليه وآله)وعامة العرب، فنذر عليّ صوم ثلاثة أيام، وكذا اُمهما فاطمة(عليها السلام)وخادمتهم فضة، لئن برئا وليس عند آل محمد(صلى الله عليه وآله)قليل ولا كثير، فاستقرض أمير المؤمنين(عليه السلام) ثلاثة أصوع من شعير، وطحنت فاطمة منها صاعاً، فخبزته أقراصاً لكل واحد قرص، وصلّى عليّ المغرب ثم أتى المنزل، فوضع بين يديه للإفطار، فأتاهم مسكين وسألهم، فأعطاه كل منهم قوته، ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا شيئاً.
ثم صاموا اليوم الثاني، فخبزت فاطمة صاعاً آخر، فلما قدمته بين أيديهم للإفطار أتاهم يتيم، وسألهم القوت، فتصدق كل منهم بقوته.
فلما كان اليوم الثالث من صومهم وقدم الطعام للإفطار، أتاهم أسير وسألهم القوت، فأعطاه كل منهم قوته، ولم يذوقوا في الأيام الثلاثة سوى الماء.
فرآهم النبي(صلى الله عليه وآله) في اليوم الرابع وهم يرتعشون من الجوع، وفاطمة(عليها السلام) قد التصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عينُها فقال(صلى الله عليه وآله): واغوثاه يا الله! أهل محمد يموتون جوعاً؟ فهبط جبرئيل، فقال خذ ما هنّأك الله تعالى به في أهل بيتك فقال: وما آخذ يا جبرئيل؟ فأقرأه ( هل أتي )[44].
3 ـ وسئل الإمام علي(عليه السلام) ـ وهو على المنبر في الكوفة  ـ عن قوله تعالى: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً)[45]. فقال: «اللهم غفراً هذه الآية نزلت فيَّ وفي عمّي حمزة وفي ابن عمّي عبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب، فأما عبيدة فقضى نحبه شهيداً يوم بدر، وحمزة قضى نحبه شهيداً يوم اُحد، وأما أنا فانتظر أشقاها يخضب هذه من هذه وأشار بيده الى لحيته ورأسه، عهد عهدهُ اليَّ حبيبي أبو القاسم(صلى الله عليه وآله)»[46].
4 ـ قوله تعالى: (... فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه)[47]. فهذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب[48].
5 ـ قوله تعالى: (هو الذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين)[49].
عن أبي هريرة قال: مكتوب على العرش لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، محمد عبدي ورسولي أيّدته بعلي بن أبي طالب، وذلك قوله تعالى: (هو الذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين)يعني علي بن أبي طالب(عليه السلام)[50].
6 ـ وقوله تعالى: (هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم)[51] عن ابن عباس أنه علي(عليه السلام)[52].
هذه الآية توضح صفة العدالة عند علي، وهي من الصفات التي تفوّق بها، فكانت العدالة عنده(عليه السلام) هي المعيار الذي يتحكم في علاقاته وسلوكه ومواقفه وبنفس المضمون: (وممن خلقنا اُمّة يهدون بالحق وبه يعدلون)[53] قال علي(عليه السلام): «هم أنا وشيعتي»[54].
7 ـ قوله تعالى: (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرّاً وعلانية)[55].
رسم علي(عليه السلام) صورة الإنفاق وطبيعته الواعية والنزيهة والتي تلبّي الغرض الإلهي في طريقة العمل، فكانت ممارساته(عليه السلام)وعطاءاته للصدقات تراعي مقام المستحق من جهة ، وتؤدي الى دعوة الناس للعمل بالإنفاق من جهة اُخرى، لذا كانت موضع مدح القرآن له من هذه الناحية ، فقوله تعالى: (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرّاً وعلانية)روى الجمهور أنها نزلت في علي(عليه السلام) كانت معه أربعة دراهم أنفق في الليل درهماً، وبالنهار درهماً، وفي السرّ درهماً، وفي العلانية درهما»[56].
8 ـ كما أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) أمره الله تعالى بالتواضع للمؤمنين: (واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين)[57].
كان أمير المؤمنين(عليه السلام) كأخيه رسول الله(صلى الله عليه وآله) مقتدياً بسيرته ، إذ كان متواضعاً للمؤمنين في كلّ حالاته في قدرته وضعفه الظاهريين، وفي عزلته وحكومته، وفي حربه وسلمه...
قال ابن أبي الحديد المعتزلي: عن صالح بيّاع الأكسية، إنّ جدّته لقيت علياً(عليه السلام) بالكوفة ومعه تمرٌ يحمله، فسلّمت عليه، وقالت له: أعطني ـ يا أمير المؤمنين ـ هذا التمر أحمله عنك الى بيتك؟
فقال(عليه السلام): «أبو العيال أحقّ بحمله».
قالت: ثم قال لي: «ألا تأكلين منه؟» .
فقلت: لا اُريد.
قالت: فانطلق به الى منزله، ثم رجع مرتدياً بتلك الشملة، وفيها قشور التمر، فصلى بالناس فيها الجمعة[58].
9 ـ عن عبدالله بن الحسين بن الحسن، قال: أعتق عليّ(عليه السلام) في حياة رسول الله(صلى الله عليه وآله) ألف مملوك مما مجلت[59] يداه وعرق جبينه، ولقد ولي الخلافة وأتته الأموال، فما كان حلواه إلاّ التمر، ولا ثيابه إلاّ الكرابيس»[60].
10 ـ عن زاذان: أنه كان(عليه السلام) يمشي في الأسواق وحده وذاك يرشد الضال، ويعين الضعيف ويمرّ بالبياع والبقال، فيفتح عليه القرآن ويقرأ: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون عُلوّاً في الأرض[61])»[62].
11 ـ وفي الصبر نجده(عليه السلام) قد احتجّ يوم الشورى بالصبر على ضياع حقّه.
عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال: كنت على الباب يوم الشورى فارتفعت الأصوات بينهم، فسمعت عليّاً(عليه السلام)يقول: «بايع النّاس أبا بكر، وأنا والله أولى بالأمر منه، وأحقّ به منه، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف.
ثم بايع الناس عمر وأنا والله أولى بالأمر منه، وأحقّ منه، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف.
ثم أنتم تريدون أن تبايعوا عثمان؟!! إذاً لا أسمع ولا اُطيع، وإنّ عمر جعلني من خمسة نفر أنا سادسهم لا يعرف لي فضلاً عليهم في الصلاح ولا يعرفونه لي، كلّنا فيه شرع سواء، وأيم الله لو أشاء أن أتكلّم، ثم لا يستطيع عربيّهم ولا عجميّهم ولا معاهد منهم ولا المشرك، ردّ خصلة منها لفعلت».
ثمّ قال: «اُنشدكم الله ـ أيها الخمسة ـ أفيكم أحد هو أخو رسول الله(صلى الله عليه وآله)، غيري؟».
قالوا: لا.
قال: «أمنكم أحد له عمّ مثل عمّي حمزة بن عبدالمطلب، أسد الله وأسد رسوله، غيري ؟»
قالوا: لا.
قال: «أمنكم أحد له ابن عمّ مثل ابن عمّي رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟»
قالوا: لا.
قال: «أمنكم أحد له أخ مثل أخي جعفر المزيّن بالجناحين يطير مع الملائكة في الجنّة؟»
قالوا: لا.
قال: «أمنكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله)سيدة نساء هذه الاُ مّة؟»
قالوا: لا.
قال: «أمنكم أحد له سبطان مثل الحسن والحسين سبطا هذه الاُ مّة ابنا رسول الله(صلى الله عليه وآله)، غيري؟»
قالوا: لا.
قال: «أمنكم أحد قتل مشركي قريش قبلي؟»
قالوا: لا.
قال: «أمنكم أحدٌ وحّد الله قبلي؟»
قالوا: لا.
قال: «أمنكم أحدٌ أمر الله بمودّته ، غيري؟ »
قالوا: لا.
قال: «أمنكم أحد غسّل رسول الله(صلى الله عليه وآله) قبلي»
قالوا: لا.
قال: «أمنكم أحد سكن المسجد يمرّ فيه جنباً، غيري؟».
قالوا: لا.
قال: «أمنكم أحد ردّت عليه الشمس بعد غروبها حتى صلّى العصر، غيري؟»
قالوا: لا.
قال: «أمنكم أحد قال له رسول الله(صلى الله عليه وآله) حين قرب إليه الطير فأعجبه: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير، فجئت أنا لا أعلم ما كان من قوله ، فدخلت عليه قال: وإليّ يا ربّ، وإليّ ياربّ، غيري؟»
قالوا: لا.
قال: «أمنكم أحد كان أقتل للمشركين عند كلّ شديدة تنزل برسول الله(صلى الله عليه وآله)، منّي؟»
قالوا: لا.
قال: «أمنكم أحد كان أعظم غناءً عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) حين اضطجعت على فراشه ووقيته بنفسي وبذلت له مهجتي، غيري؟»
قالوا: لا.
قال: «أمنكم أحد كان يأخذ الخمس، غيري وغير فاطمة(عليها السلام)؟»
قالوا: لا.
قال: «أفيكم أحد يأخذ الخمس سهماً في الخاصّ وسهماً في العامّ ، غيري؟»
قالوا: لا.
قال: «أفيكم أحد يطهّره كتاب الله، غيري؟ حتّى سدّ النبي(صلى الله عليه وآله)أبواب المهاجرين جميعاً وفتح بابي إليه، حتى قام إليه عمّاه حمزة والعباس، وقالا: يا رسول الله، سددت أبوابنا وفتحت باب علي؟!!
فقال النبي(صلى الله عليه وآله): ما أنا فتحت بابه، ولا سددتُ أبوابكم ، بل الله فتح بابه وسدّ أبوابكم».
قالوا: لا.
قال: «أفيكم أحد تمّم الله نوره من السماء، حتى قال: (فآت ذا القُربى حقّه)[63] ؟
قالوا: اللهمّ لا.
قال: «أفيكم أحد ناجى رسول الله(صلى الله عليه وآله) ست عشرة مرّة غيري، حين نزلت: (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدّموا بين يدى نجواكم صدقة)[64] ؟
قالوا: اللهمّ لا.
قال: «أفيكم أحد ولّي غمض رسول الله(صلى الله عليه وآله) غيري؟»
قالوا: لا.
قال: «أفيكم أحد كان آخر عهده برسول الله(صلى الله عليه وآله) حتّى وضعه في حفرته، غيري؟»
قالوا: لا[65].
ومع وجود هذه الفضائل والمناقب فيه(عليه السلام) مع ذلك صبر لله وفي الله حتى لا يتشتّت أمر المسلمين، ولم يرجع الناس كفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف، وهذا الصبر من أحسن الصبر، وله أجر غير ممنون.
12 ـ وفي الحلم «كان (عليه السلام) أحلم الناس عن ذنب، وأصفحهم عن مسيء، ويحلم عند جهل الناس، وهو مثال للحلم، صدق رسول الله(صلى الله عليه وآله) حيث قال في خبر: «لو كان الحلم رجلاً لكان علياً(عليه السلام)»[66].
ونجده(عليه السلام) يوم الجمل حيث ظفر بمروان بن الحكم ـ وكان أعدى الناس له وأشدهم بغضاً ـ فصفح عنه.
وكان عبدالله بن الزبير يشتمه على رؤوس الأشهاد ، وخطب يوم البصرة، فقال: أتاكم الوغد اللئيم علي بن أبي طالب!! وكان علي يقول: «مازال الزبير رجلاً منا أهل البيت حتى شبّ عبدالله» فظفر به يوم الجمل فأخذه أسيراً ، فصفح عنه وقال: «إذهب فلا أرينّك» لم يزده على ذلك...[67].
الأمر الثاني
الآيات النازلة في حق الإمام علي(عليه السلام) ولم ينزل مثلها في حق غيره
نختار في هذه الفقرة بعض الآيات النازلة في حق علي(عليه السلام)والتي تبين أفضليته على الصحابة ، لا كل الآيات التي تبيّن فضله والتي نزلت في حقه مطلقاً ، لأن هذه تحتاج الى بحث مستقل. فمن الآيات التي يمتاز بها علي(عليه السلام) ولا تنسحب على غيره وبها تثبت أفضليته على الصحابة، وتوضح من ثمّ مدى علاقة علي(عليه السلام)بالقرآن:
1 ـ ما عن ابن عباس أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: «ما أنزل الله آية فيها ( يا أيها الذين آمنوا)إلاّ وعلي رأسها وأميرها»[68].
2 ـ وعن ابن عباس أيضاً أنه قال: لما نزل (قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى)[69]، قالوا: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال: «علي وفاطمة وابناهما»[70].
وبهذه الآية تصبح المودّة لعليّ واجبة على غيره من الصحابة.
3 ـ قوله تعالى: (واجعل لي وزيراً من أهلي)[71] فعن ابن عباس(رضي الله عنه)أ نّه قال: أخذ النبي(صلى الله عليه وآله)بيد علي بن أبي طالب(عليه السلام)ـ ونحن بمكة ـ وبيدي، وصلّى أربع ركعات ، ثم رفع يده الى السماء فقال: «اللهم إن موسى بن عمران سألك وأنا محمد نبيّك أسألك أن تشرح لي صدري وتحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيراً من أهلي علي بن أبي طالب أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري» قال ابن عباس: «سمعت منادياً ينادي يا أحمد قد اُتيت ما سألت»[72].
4 ـ قال تعالى: (إنّما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)[73].
اعتمد القرآن الكريم في خصوص هذه الآية على تبيان أفضلية الإمام على غيره من الصحابة عن طريق ابراز الجانب السلوكي المصحوب بالتصريح بأن عليّاً هو الولي للمؤمنين.
وقد أجمعوا على نزول هذه الآية في علي بن أبي طالب لمّا تصدّق بخاتمه على المسكين في الصلاة بمحضر من الصحابة.
قال الزمخشري عن قوله (وهم راكعون) : وقيل: هو حال من يؤتون الزكاة. بمعنى يؤتونها في حال ركوعهم في الصلاة، وأنها نزلت في علي كرم الله وجهه حين سأله سائل وهو راكع في صلاته فطرح له خاتمه كأنه كان مرجاً[74] في خنصره، فلم يتكلف لخلعه كثير عمل تفسد بمثله صلاته.
فإن قلت: كيف صح لعليّ(عليه السلام) واللفظ جماعة؟
قلت: جيء به على لفظ الجمع وإن كان السبب فيه رجلاً واحداً، ليرغب الناس في مثل فعله فينالوا مثل ثوابه، ولينبّه على أن سجية المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البر والإحسان وتفقّد الفقراء، حتى إن لزمهم أمر لا يقبل التأخير وهم في الصلاة; لم يؤخروه الى الفراغ منها»[75].
5 ـ قال تعالى: (يا أيها الرسول بلّغ ما اُنزل إليكَ من ربّك...)[76].
صرّح أئمة التفسير والحديث أنها نزلت في بيان فضل علي(عليه السلام)يوم الغدير حيث أخذ رسول الله(صلى الله عليه وآله) بيد علي(عليه السلام)وقال: «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله، وادر الحق معه كيف مادار»[77].
وبهذا التنصيب الإلهي لعلي ـ حسب هذا النص القرآني ـ يثبت أنه(عليه السلام) هو الأفضل بعد الرسول(صلى الله عليه وآله) من غيره.
6 ـ وقال تعالى: ( إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)[78].
إن الآية تنص على حصر إرادة الله تعالى هنا في إذهاب الرجس عن أهل البيت وتطهيرهم تطهيراً كاملاً شاملاً، وهذا الحصر إنّما هو بالنسبة الى ما يتعلق بأهل البيت، وإلا فإن لله تعالى إرادات تشريعية وتكوينية، غيرها بالضرورة، فالمعنى أن إرادة إذهاب الرجس والتطهير مختصة بهم دون غيرهم، فتصير في قوة أن يقال: يا أهل البيت، أنتم الذين يريد الله أن يذهب عنكم الرجس ويطهركم من الأدناس. فالإرادة هذه تكوينية لا محالة، فإن الإرادة التشريعية للتطهير لا تختص بقوم دون قوم وبيت دون بيت. والإرادة التكوينية منه تعالى لا تنفك عن المراد. فتطهير أهل البيت من الرجس أمر واقع بإرادة الله تعالى، فهم المعصومون من الذنوب والآثام والاخطاء.
هذا هو الظاهر من نفس الجملة بصرف النظر عما قبلها.
وروايات نزولها في أهل البيت ـ أهل بيت الوحي المطهّرين، النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين ـ دون غيرهم كثيرة جداً تربو على سبعين حديثاً من طرق الفريقين، وإذا لم يكن مثل هذه الروايات معتمداً عليها فبأي حديث بعده يؤمنون؟!
وهذه الروايات التي روتها الشيعة بطرقهم عن أمير المؤمنين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وعلي بن موسى الرضا(عليهم السلام) عن اُم سلمة وأبي ذر وأبي ليلى وأبي الأسود الدؤلي وعمر بن ميمون الأودي وسعد بن أبي وقاص، وروتها السنة بأسانيدهم عن اُم سلمة وعائشة وأبي سعيد الخدري وسعد ووائلة بن الأصقع وأبي الحمراء وابن عباس وثوبان مولى النبي(صلى الله عليه وآله) وعبد الله بن جعفر وعلي بن أبي طالب والحسن بن علي(عليهم السلام)، كلها تدل على أن الآية نزلت في الخمسة الطيبة: رسول الله وابن عمه علي وبنته فاطمة وسبطيه الحسنين(عليهم السلام)، وهم المرادون بأهل البيت دون غيرهم[79].
روى عبدالله بن أحمد بن حنبل في مسنده عن أبيه عن شداد أبي عمار، قال: دخلت على وائلة بن الأصقع وعنده قوم فذكروا علياً، فلما قاموا قال: ألا اُخبرك بما رأيت من رسول الله(صلى الله عليه وآله) ؟ قلت: بلي ، قال: أتيت فاطمة ـ رضي الله تعالى عنها ـ أسألها عن علي، قالت: توجّه، الى رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، فجلست انتظره حتى جاء رسول الله(صلى الله عليه وآله)ومعه علي وحسن وحسين ـ رضي الله تعالى عنهم ـ آخذاً كل ] واحد [منهما بيده حتى دخل، فأدنى علياً وفاطمة فأجلسهما بين يديه، وأجلس حسناً وحسيناً كل واحد منهما على فخذه، ثم لف عليهم ثوبه ـ أو قال: كساءاً ـ ثم تلا هذه الآية: ( إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا) وقال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي، وأهل بيتي أحق»[80].
وبهذا يحوز الإمام على ملكة العصمة والتي تكفي برهاناً على أنه الأفضل على من وجه الأرض دون رسول الله(صلى الله عليه وآله).
7 ـ قوله تعالى: ( فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين)[81].
يتضمن الأمر بدعوة الأبناء والنساء والأنفس ـ بصيغ الجمع في الجميع ـ وامتثال هذا الأمر يقتضي إحضار ثلاثة أفراد من كل عنوان لا أقل منها، تحقيقاً لمعنى الجمع ، لكن الذي أتى به النبي(صلى الله عليه وآله)في مقام امتثال هذا الأمر على ما يشهد به صحيح الحديث والتاريخ لم يكن كذلك، وليس لفعله(صلى الله عليه وآله)وجه إلا انحصار المصداق في ما أتى به. فالآية بالنظر الى كيفية امتثالها بما فعل النبي(صلى الله عليه وآله)تدل على أن هؤلاء هم الذين كانوا صالحين للاشتراك معه في المباهلة وأنهم أحب الخلق إليه، وأعزهم عليه، وأخص خاصته لديه، وكفى بذلك فخراً وفضلاً.
ويؤكد دلالتها على ذلك أنه(صلى الله عليه وآله) كان له عدّة نساء ولم يأت بواحدة منهن سوى بنت له، فهل يحمل ذلك إلا على شدّة اختصاصها به وحبه لها لأجل قربها الى الله وكرامتها عليه؟
كما أن انطباق عنوان «النفس» على علي(عليه السلام) لا غير يدل على أعظم فضيلة وأكرم مزية له(عليه السلام)حيث نزل منزلة نفس النبي(صلى الله عليه وآله)[82].
ويؤيده ما رواه الفريقان عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) حيث قال لعلي(عليه السلام): «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أ نّه لا نبي بعدي»[83] وقوله «أنت مني وأنا منك»[84].
وقد احتجّ مولانا أمير المؤمنين(عليه السلام) بهذه الفضيلة يوم الشورى واعترف بها القوم ولم ينكروا عليه. وقد بلغ الأمر من الوضوح مبلغاً لم يبق فيه مجال للإنكار من مثل ابن تيمية ، فقد اعترف بصحة الحديث القائل: بأن نفس رسول الله(صلى الله عليه وآله) في الآية هو علي(عليه السلام)، إلا أنه جعل ملاك التنزيل هو القرابة ، ولما التفت الى انتقاضه بعمّه العباس حيث إن العم أقرب من ابن العم قال: «إن العباس لم يكن من السابقين، ولا كان له اختصاص بالرسول(صلى الله عليه وآله)كعلي». فاضطر الى الإعتراف بأن مناط تنزيل علي(عليه السلام) منزلة نفس النبي[85] ليس هو القرابة فقط، بل سبقه الى الإسلام واختصاصه بالنبي(صلى الله عليه وآله) ، وهل يكون اختصاصه به(صلى الله عليه وآله) إلا لأجل أفضليته من غيره وأقربيته الى الله سبحانه؟![86]
ثم إن في قوله تعالى: ( ندع أبناءنا...) إشارة الى أن لغيره (صلى الله عليه وآله) شأناً في الدعوة الى المباهلة، حيث أضاف الأبناء والنساء الى ضمير المتكلم مع الغير، مع أن المحاجّة كانت معه(صلى الله عليه وآله)خاصة، كما يدل عليه قوله تعالي: ( فمن حاجّك..). وهذا هو الذي يستفاد من قوله تعالى: ( ويتلوه شاهد منه)[87] وقوله تعالى: ( قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني)[88] كما يؤيده ما ورد فيها من الروايات، وهو مقتضى إطلاق التنزيل في قوله(صلى الله عليه وآله)لعلي(عليه السلام): «أنت مني بمنزلة هارون من موسى».
ويؤيد ذلك قوله تعالى: (فنجعل لعنة الله على الكاذبين)، فإن المراد بالكاذبين هنا ليس كل من هو كاذب في كل إخبار ودعوى ، بل المراد هم الكاذبون المغرضون في أحد طرفي المحاجّة والمباهلة، فلا محالة يكون المدعي في كلا الجانبين أكثر من واحد، وإلا لكان حق الكلام أن يقال مثلاً: «فنجعل لعنة الله على من هو كاذب» حتى يصح انطباقه على الفرد أيضاً. فالمشتركون مع النبي(صلى الله عليه وآله) في المباهلة شركاء له في الدعوى.
وحيث إن المحاجّة إنّما وقعت بين النبي(صلى الله عليه وآله) وبين النصارى لا لمجرد الدعوى، بل لأجل دعوتهم الى الاسلام ، وأن الحضور للمباهلة كان تبعاً لتلك الدعوى والدعوة، فحضور من حضر أمارة على كون الحاضرين مشاركين له في الدعوى والدعوة معاً.
والروايات التي صدرت من الصحابة في آية المباهلة كثيرة جداً ، كرواية جابر بن عبدالله والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وعثمان بن عفان، وعبدالرحمن بن عوف، وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص، وعبدالله بن عباس، وأبي رافع مولى النبي(صلى الله عليه وآله)وغيرهم، ورواية جمع من التابعين عنهم كالسدي والشعبي والكلبي وأبي صالح، واطباق المحدثين والمؤرخين والمفسرين على ايداعها في موسوعاتهم، كمسلم والترمذي والطبري وأبي الفداء والسيوطي والزمخشري والرازي باتفاق الروايات وصحتها[89].
قال جابر: فيهم نزلت ( ندع أبناءنا وأبناءكم) قال جابر: (أنفسنا) رسول الله(صلى الله عليه وآله)وعلي(عليه السلام)و (أبناءنا) الحسن والحسين(عليهما السلام) و (نساءنا) فاطمة(عليها السلام)[90].
8 ـ قوله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصّالحات اُولئك هم خير البريّة)[91]. عن جابر بن عبدالله قال:
«كنا عند النبي(صلى الله عليه وآله) فأقبل علي بن أبي طالب، فقال النبي(صلى الله عليه وآله): قد أتاكم أخي»، ثم التفت الى الكعبة فضربها بيده ثم قال: «والذي نفسي بيده، إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة»، ثم قال: «إنه أولكم إيماناً معي، وأوفاكم بعهد الله، وأقومكم بأمر الله، وأعدلكم في الرعية، وأقسمكم بالسوية، وأعظمكم عند الله مزية» قال: ونزلت (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اُولئك هم خير البرية) قال: فكان أصحاب محمد(صلى الله عليه وآله) إذا أقبل علي قالوا: قد جاء خير البرية»[92].
___________________________
[1] المستدرك على الصحيحين: 3/126و 127، تاريخ بغداد: 11/49 و 50، جامع الاُصول: 9/473، ح 6489، اُسد الغابة: 4/22، البداية والنهاية: 7/372. وقد رواه الترمذي في سننه : 5/637 بلفظ: «أنا مدينة العلم وعلي بابها».
[2] تفسير الرازي: 8/21 ـ عندتفسير قوله تعالى: (إنّ الله اصطفى آدم ونحواً وآل ابراهيم...)آل عمران: 23، وكنز العمّال: 13/114 ح 36372 .
[3] المناقب لابن شهر آشوب : 2/38 ، ارشاد القلوب : 2/14 ، بحار الأنوار : 40/153 .
[4] نهج البلاغة، قصار الحكم: 147.
[5] الأرشية: جمع رشاء بمعنى الحبل، والطوى جمع طوية وهي البئر البعيدة العميقة.
[6] نهج البلاغة: الخطبة 5 .
[7] فتح الباري: 8/459 سورة الذاريات، كنزالعمال: 13/165 ح36502،الجرح والتعديل: 6/192، تهذيب الكمال:20/487،واُسد الغابة: 4/22،الرياض النضرة: 3/167 . ترجمة علي بن أبي طالب(عليه السلام)، الترجمة رقم: 4089 .
[8] الرياض النضرة: 3/166 وينابيع المودّة: 286 وذخائر العقبى: 83 .
[9] مسند أحمد: 5/26 .
[10] المناقب للخوارزمي: 49 تحقيق المحمودي، والمتقي في كنز العمال: 11 / 614 ح 32977 .
[11] كفاية الطالب: 70 و 92 وشمس الأخبار :29.
[12] كنز العمال: 11/614، ح 32981، وكشف الخفاء: 1/204.
[13] الرياض النضرة: 2/194 وتفسير النيسابوري في سورة الأحقاف، ومناقب الخوارزمي: 48، وتذكرة الخواص: 87، وفيض القدير: 4/257.
[14] رواه الحاكم في المستدرك: 2/122 .
[15] المناقب لابن المغازلي: 420، وتاريخ ابن عساكر: 2/498 .
[16] الفتح: 29.
[17] شواهد التنزيل: 2 / 183، وتفسير الخازن وفي هامشه النسفي: 4/113، وتفسير الكاشف: 3/469، وروح المعاني: 16/117.
[18] تذكرة الخواص: 63.
[19] خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 46.
[20] شرح نهج البلاغة: 1/10.
[21] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 1/27.
[22] شرح نهج البلاغة: 1/9.
[23] الحديد: 19.
[24] رواه في كتاب الفضائل من فضائل علي(عليه السلام) في حديث 154 و 339 ومنهاج السنّة على ما في تعليقة شواهد التنزيل: 2 /224، وفيه رواه الحسكاني بأسانيد متعددة، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «والصدّيقون ثلاثة حبيب النجار مؤمن آل ياسين، وحزقيل مؤمن آل فرعون، وعلي بن أبي طالب الثالث أفضلهم»، ورواه في الصواعق المحرقة: 123، والتفسير الكبير: 27/57، وذخائر العقبى: 56، والرياض النضرة: 2/153، وفيض القدير: 4/137، والدر المنثور: 5/262.
[25] التوبة: 19 .
[26] تفسير ابن كثير: 2/241 وتفسير الطبري: 10/68، وجامع الاُصول: 9/477، والتفسير الكبير: 16/10، وأسباب النزول للواحدي: 139، الدر المنثور: 3/318، 319.
[27] السجدة: 18.
[28] تفسير الطبري: 21/68، وتفسير ابن كثير: 3/462، وفتح القدير: 4/247، وأسباب النزول: 263، وذخائر العقبى: 88، وشواهد التنزيل: 1/444، وأنساب الأشراف للبلاذري: 1/162، وتاريخ دمشق: 61/199.
[29] الأحزاب: 6 .
[30] رواه ابن مردويه في كتاب المناقب، ونقله في إحقاق الحق: 3/419، عن الترمذي في مناقب المرتضوي: 62 .
[31] علل الحديث لابن أبي حاتم الرازي: ح 2664، مناقب المرتضوي للترمذي: 95، وروي في كنز العمال: 13/122، ح36392 عن ابن عباس، قال عمر بن الخطاب: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «أنت يا علي أول المؤمنين إيماناً وأوّلهم إسلاماً».
[32] مسند أحمد: 3/86، ح 8764، مجمع الزوائد: 9/123، التاريخ الكبير للبخاري: 7/263، الطبقات الكبرى لابن سعد: 2/110 باب غزوة رسول الله(صلى الله عليه وآله)خيبر، خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب للنسائي: 59.
[33] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 13/261 و 285، 19/61.
[34] مسند أحمد بن حنبل: 1/199.
[35] ابن المغازلي في مناقبه: 72، 106.
[36] تاريخ مدينة دمشق: 42/383.
[37] تاريخ الطبري: 2/138.
[38] تاريخ دمشق لابن عساكر ترجمة/ الإمام علي(عليه السلام): 1/142، الفصول المائة: 1/307.
[39] خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 113، ومستدرك الحاكم: 2/366، ومسند أحمد: 1/84، وكنز العمال: 6/407، والرياض النضرة: 2/200، وتاريخ بغداد: 13/302، وذخائر العقبى: 85.
[40] ينابيع المودّة للقندوزي، الباب: 40.
[41] البقرة: 207.
[42] اُسد الغابة: 4/25، وشواهد التنزيل: 1/98، ومستدرك الحاكم: 3/132، ونور الأبصار: 86، وينابيع المودّة: 92، والتفسير الكبير: 5/204، ومسند أحمد: 1/331، وتفسير الطبري: 9/140، والسيرة النبوية لدحلان في هامش السيرة الحلبية: 1/307. وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب: 4/439 وقيل: إن الآية نزلت في صهيب الرومي أقول: جعل هذه الرواية وأشباهها إنّما   هو من أعداء أهل البيت(عليهم السلام)، وإلاّ فإنه يظهر بأدنى تأمّل: أن الآية الكريمة إنما هي فضيلة من بذل النفس في سبيل الله، وليس هذا إلاّ علي بن أبي طالب(عليه السلام) في الليلة التي بات فيها على فراش رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ومدلول الرواية الواردة في صهيب الرومي ليس إلاّ بذل المال، وأين هذا من ذلك، فلا ربط بينها وبين الآية الكريمة؟
[43] الإنسان: 8 ـ 9.
[44] اُسد الغابة: 5/530، وأسباب النزول للواحدي: 331، والدر المنثور: 6/299، وذخائر العقبى: 89 و 102، ونور الأبصار: 102، وروح المعاني: 29/157، وفتح القدير: 5/338، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 1/7، وتفسير البيضاوي: 4/235، وينابيع المودّة: 93، وشواهد التنزيل: 2/298، والتفسير الكبير: 30/244 نقلاً عن الكشاف.
[45] الأحزاب: 23.
[46] نور الأبصار للشبلنجي: 97، والصواعق المحرقة: 80.
[47] المائدة: 54.
[48] التفسير الكبير: 12/20، ومستدرك الحاكم: 3/132، وكنز العمال: 5/428 و 6/391 و 393 و 396.
[49] الأنفال: 62.
[50] النور المشتعل ما نزل من القرآن في علي للحافظ أحمد بن عبدالله الأصبهاني: 89.
[51] النحل: 76.
[52] شواهد التنزيل: 1/59 ورواه ابن مردويه في المناقب كما في كشف الغمة: 96.
[53] الأعراف: 181.
[54] ينابيع المودّة: 109، وشواهد التنزيل: 1/204.
[55] البقرة: 274.
[56] أسباب النزول للواحدي: 64، والتفسيرالكبير: 7/98، والدر المنثور: 1/363، وتفسير الكشاف: 1/164، وتفسير الخازن: 1/214، وذخائر العقبى: 88، واُسد الغابة: 4/25، والصواعق المحرقة: 87، ومجمع الزوائد: 6/334، ونور الأبصار: 70.
[57] الشعراء : 215 .
[58] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2/202.
[59] مجلت يداه: عملت.
[60] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2/202.
[61] القصص: 83.
[62] المناقب لابن شهر آشوب: 2/104.
[63] الروم: 38.
[64] المجادلة: 12.
[65] فرائد السمطين: 1/319 رقم 251.
[66] المصدر السابق: 2/68 رقم 392.
[67] شرح النهج لابن أبي الحديد: 1/22.
[68] النور المشتعل من كتاب «ما نزل في القرآن في علي» للحافظ أحمد بن عبدالله الأصبهاني: 26.
[69] الشورى: 23.
[70] خصائص الوحي المبين لابن بطريق: 81.
[71] طه: 29 .
[72] خصائص الوحي المبين لابن بطريق : 245.
[73] المائدة: 55.
[74] كأنه كان مرجاً، أي قلقاً غير ثابت.
[75] الكشاف للزمخشري: 1/648 وتفسير ابن جرير الطبري: 6/186 والسيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى: (انما وليكم الله ورسوله)في سورة المائدة قال: وأخرج الخطيب في المتفق عن ابن عباس قال: تصدق علي(عليه السلام) بخاتمه وهو راكع ، فقال النبي(صلى الله عليه وآله) للسائل: من أعطاك الخاتم؟ قال ذاك الراكع، فأنزل الله (إنما وليكم الله ورسوله).
[76] المائدة: 67.
[77] أخرج ذلك متواتراً أئمة التفسير والحديث والتاريخ، وكذا تواتر نزول الآية الكريمة في يوم الغدير، وخطبة النبي(صلى الله عليه وآله) في هذا اليوم، بمحضر من مائة ألف أو يزيدون ونقلوا احتجاج أهل البيت، وكثير من الصحابة، فنقتصر  ـ طلباً للاختصار  ـ على ذكر أقل القليل من تلك المصادر منها شواهد التنزيل: 1/187 والدر المنثور: 2/298 وفتح القدير: 3/57 وروح المعاني: 6/168 والمنار: 6/463 وتفسير الطبري: 6/198 والصواعق المحرقة: 75.
[78] الأحزاب: 33.
[79] راجع الإمامة والولاية لجمع من العلماء: 150.
[80] مسند أحمد : 4/107 ، أجمع المفسرون على نزول آية التطهير في فضل (أصحاب الكساء) في بيت أم سلمة وروي متواتراً عن أئمة أهل البيت ، وكثير من الصحابة، وهذا انموذج من مصادره : الحافظ الكبير، الحنفي المعروف بالحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل: 2/10 ـ 192 بعدّة أسانيد، والحافظ جلال الدين السيوطي في الدر المنثور : 5/198 بطرق، وكذا الطحاوي في مشكل الآثار: 1/238 ـ 332 والحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد: 9/121 و 146 و 169 و 172 وأحمد بن حنبل في مسنده : 1/230 و 4/107 وابن حجر في الصواعق : 85 والطبري في تفسيره : 22/5 و 6 و 7 وابن الأثير في اُسد الغابة : 4/29 والنسائي في خصائصه : 4.
[81] آل عمران: 61.
[82] التفسير الكبير، للفخر الرازي: 8/81، تفسير الآية 61 من سورة آل عمران، المسألة الخامسة.
[83] قد أنهى البحراني الروايات الواردة عن النبي(صلى الله عليه وآله) والمشتملة على هذه العبارة من طرق السنّة الـى مائة حديث ومن طرق الشيعة الى سبعين حديثاً، فراجع غاية المرام: 109 ـ 152.
[84] خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 88 .
[85] سنن الترمذي : 5/596، حديث 3724 .
[86] منهاج السنّة ابن تيمية: 4/33، البرهان التاسع.
[87] هود: 17.
[88] يوسف: 108.
[89] الإمامة والولاية لجمع من العلماء: 138.
[90] غاية المرام: 301 الحديث 7.
[91] البيّنة: 7.
[92] تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: 42/371. ترجمة علي بن أبي طالب(عليه السلام) . روى الأعلام عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) بأن (خير البرية) علي وشيعته، منهم السيوطي في الدر المنثور: 6/379، وابن حجر في الصواعق: 96، 159، والشوكاني في فتح القدير: 5/464 والآلوسي في تفسيره: 30/207، والطبري في تفسيره: 3/171 والشبلنجي في نور الأبصار: 105، والحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل: 2/356.