حوار حول الإمامة
إِحتجاجه صلوات الله عليه فيما يتعلّق بالإِمامة وصفات من خصّه الله تعالى بها، وبيان الطّريق إِلى من كان عليها، وذمّ من يجوّز اختيار الإِمام، ولؤم من غلا فيه، وأمر الشّيعة بالتورية والتقيّة عند الحاجة إِليهما وحسن التأدّب.
أبويعقوب البغداديّ قال: إِنَّ ابن السِّكِّيت قال ـ لأبي الحسن الرّضا عليه السّلام ـ:
لماذا بعث الله موسى بنَ عِمران بيده البيضاء وآلة السّحر، وبعث عيسى بآية الطبّ، وبعث محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم بالكلام والخطب؟
فقال له أبوالحسن عليه السّلام: إِنَّ الله لمّا بعث موسى عليه السّلام كان الغالب على أهل عصره «السّحر»، فأتاهم من عند الله بما لم يكن في وسع القوم مثله، وبما أبطل به سحرهم، وأثبت به الحجّة عليهم.
وإِنَّ الله بعث عيسى عليه السّلام في وقت قد ظهرت فيه «الزّمانات»، واحتاج النّاس إلى الطّبّ، فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله، وبما أحيى لهم الموتى وأبرأ لهم الأكمه والأبرص بإذن الله، وأثبت به الحجّة عليهم.
وإِنَّ الله بعث محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم في وقت كان الأغلب على أهل عصره «الخطب والكلام» ـ وأظنّه قال: والشِّعر ـ فأتاهم من عند الله عزّوجلّ من مواعظه وأحكامه ما أبطل به قولهم وأثبت به الحجّة عليهم.
قال: فما زال ابن السِّكِّيت يقول له: والله ما رأيت مثلك قط! فما الحجّة على الخلق اليوم؟
فقال عليه السّلام: العقل، يعرف به الصّادق على الله فيصدّقه، والكاذب على الله فيكذّبه.
فقال ابن السِّكِّيت: هذا والله هو الجواب.
قد ضمّن الرّضا عليه السّلام في كلامه هذا: أَنَّ العالَم لا يخلو في زمان التكليف من صادق من قِبَلِ الله تعالى يلتجئ المكلّف إليه فيما اشتبه عليه من أمر الشريعة، صاحب دلالة تدلّ على صدقه عليه تعالى، يتوصّل المكلّف إلى معرفته بالعقل، ولولاه لما عرف الصّادق من الكاذب، فهو حجّة الله تعالى على الخلق أوّلاً(1).
-----------
1ـ رواه الصّدوق رحمه اللهّ في علل الشرائع ص 121ـ الباب 99/الرقم6. والعيون 79:2 ـ الباب 32/الرقم12: عن جعفر بن محمّد بن مسرور، عن الحسين بن محمّد بن عليّ [عامر]، عن أبي عبداللهّ السيّاريّ، عن أبي يعقوب البغداديّ ... ونقله في بحارالأنوار 70:11 و 105:1.
نقلاً من موقع شبكة الإمام الرضا عليه السلام