يعتبر ابن تيمية الحراني, وهو ابو العباس تقي الدين احمد بن عبد الحليم الدمشقي الحنبلي من رواد المذهب السلفي واليه تنتسب الوهابية بكل فخر واعتزاز, ويصنف ابن تيمية مدرسة فكرية وعقائدية من اشد المدارس الاسلامية اقصاء للآخر وتنكيلا به, حيث خرّج على مائدته الفكرية الآف العلماء المتشددين الذين يمقتون افكار غيرهم ويزدرئون منها, بل يصفون كل مخالف لهم بالكفر والزندقة, وهذا المذهب تجلى بشكل واضح في الوهابية المنتشرة في ايامنا هذه في السعودية.
المذهب التيمي مذهب اقصائي لكل ما لا ينسجم واهواء ابن تيمية وهذا ما يعتبره اتباعه مذهبا تجديدياً, وان ما قام به ابن تيمية تجاه التراث الاسلامي هو التجديد وارجاع الاسلام الى اصله.
واشد من يعاديهم ابن تيمية هم الشيعة الامامية وهذا لا يعني ان عداءه للمذاهب الاخرى ليس بظاهر لمن تتبع كتبه ورسائله وافكاره.
يعترف ابن تيمية بالقضية المهدوية ويؤمن بها وبخروج رجل يسوس العالم في آخر الزمان وينتشر على يديه القسط والعدل, وهذا بحد ذاته يعتبر من اهم الادلة التي يمكن لمن يؤمن بالمهدوية ان يستدل بها على اتباع هذه المدرسة, وهذا نص كلامه في الجزء الرابع من كتاب (منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية).
حيث يقول: (واما الحديث الذي رواه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي اسمه كاسمي وكنيته ككنيتي يملا الارض عدلا كما ملئت جورا وذلك هو المهدي عليه السلام).
فالجواب ان الاحاديث التي تحتج بها على خروج المهدي احاديث صحيحة رواها ابو داوود والترمذي واحمد وغيره من حديث ابن مسعود بقوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الذي رواه ابن مسعود لو لم يبق من الدنيا الا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه رجل مني او من اهل بيتي يواطيء اسمه اسمي واسم ابيه اسم ابي يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ورواه الترمذي وابو داوود برواية ام سلمة وفيه أيضاً المهدي عليه السلام من عترة فاطمة عليها السلام.
انتهى كلامه.
ففي هذا المقطع يقرر ابن تيمية ان العقيدة المهدوية وانتشار العدل في آخر الزمان امر حتمي لا يمكن ان يتطرق اليه الشك, وان الاحاديث التي رويت في القضية المهدوية صحيحة السند.
ثم إننا تتبعنا حديث ابي داوود الذي روى فيه الاسم مع ذكر اسم الاب ووجدناه لا ينسجم والقواعد الرجالية ولا يمكن الالتزام بصحته سنديا فيبقى الحديث الاول راجحاً في نفسه وهذا شيء آخر سلطنا عليه الضوء دفعا لما يرد الى الاذهان من ان ابن تيمية يؤمن بمهدي غير مهدي الشيعة الامامية.
والذي نريد ان نقوله ان ما يؤمن به ابن تيمية ليس خرافة ولا من نسج خيال الشيعة وانما هو حقيقة حتمية ثابتة في الآثار والاخبار قد صرح بصحتها وانتسابها الى النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم وان التشخيص لمصداقها الخارجي قضية اخرى لا علاقة لها باصل القضية, وهذا بحد ذاته يسقط قول كل من يقول ان المهدوية خرافة او ان المهدوية قضية مذهبية يختص بها الشيعة الامامية.
هذه جملة من كلام ابن تيمية يمكن للمتامل ان يستدل بها على من يعتمد كلام (ابن تيمية) ويثبت له من خلالها ان القضية المهدوية قضية حقيقية ليست بذات جذور شيعية فقط ولم يختص بها الشيعة الامامية دون غيرهم من الفرق الاسلامية.
==================
صحيفة صدى المهدي عليه السلام العدد