أحاديث الأبدال في مصادر أتباع الخلافة
تحريف رواة الخلافة لمفهوم الأبدال
الأبدال في أحاديث النبي وآله صلى الله عليه وآله صفة وردت في مدح أصحاب
المهدي عليه السلام الثلاثين أو أكثر الذين يلتقي بهم ويعملون معه في غيبته
.
وكذلك أصحابه الخاصون الثلاث مئة وثلاثة عشر ، الذين يبايعونه عند ظهوره ،
ومنهم أبدال الشام ونجباء مصر وعصائب العراق وغيرهم .
هذا هو مفهوم الأبدال الذي حدَّث به النبي صلى الله عليه وآله وعترته
الطاهرون عليهم السلام .
لكن تعالَ انظر ماذا فعل كعب الأحبار ورواة الخلافة بهذه الأحاديث !
لقد وجدوا فيها ضالتهم في مدح معاوية وأهل الشام ، فأطلقوا خيالهم ونسجوا
فضائل لأهل الشام بأنهم أبدال الله في أرضه ! ثم فصلها أتباعهم المتصوفة
لشيوخهم فجعلوهم أولياء الله الأبدال ، بدل أصحاب الإمام المهدي عليه
السلام !
وبهذا دخلت الى مصادر المسلمين أحاديث كثيرة عن الأبدال منسوبة الى النبي
صلى الله عليه وآله تزعم أن الأبدال كلهم في الشام ، ثم تنازلوا فجعلوا
أكثرهم بالشام ، وأعطوا جزءً منهم لمناطق المسلمين الأخرى !
أما عددهم فجعلوهم أول الأمر ثلاثين في كل عصر ، ثم زادوهم الى أربعين ، ثم
الى ستين وثمانين ، وثلاث مئة ، وخمس مئة .
كما أعطوهم مقام إبراهيم عليه السلام فقالوا إنهم مثله ، ثم تواضعوا
فجعلوهم شبيهين به لأن قلوبهم سليمة كقلبه ! قال أبو هريرة: لن تخلو الأرض
من ثلاثين مثل إبراهيم خليل الرحمن بهم تُغاثون وبهم تُرزقون وبهم
تُمطرون).(الجامع الصغير:2/422) ووضعوا عدداً من رواياتهم على لسان علي
عليه السلام ولسان عُبَادَة بن الصامت المعروف بعدائه لعثمان ومعاوية وبني
أمية حتى مات رحمه الله !
ففي تاريخ دمشق:1/296 ، عن علي عليه السلام : والأبدال بالشام وهم قليل.
قال كعب: الأبدال ثلاثون . وفي فضائل الشام/26 ، عن علي عليه السلام قال:
مَهْ ، لاتسب أهل الشام جماً غفيراً فإن فيهم الأبدال . وفي الحاكم:4/553 ،
عن علي عليه السلام : فلا تسبوا أهل الشام وسبوا ظلمتهم فإن فيهم الأبدال).
وروى أحمد:5/322 ، عن عُبَادَة بن الصامت ، عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال: الأبدال في هذه الأمة ثلاثون مثل إبراهيم خليل الرحمن، كلما مات
رجل أبدل الله تبارك وتعالى مكانه رجلاً ). ومجمع الزوائد:10/62: ووثقه ،
ونوادر الأصول/69 ، وتهذيب ابن عساكر:1/61 62 والمقاصد الحسنة/8 ،والجامع
الصغير:1/470 ، وصححه , وجمع الجوامع:1/661 ، وكنز العمال:12/185 ، وفيض
القدير:3/168 ، وكشف الخفاء:1/24 وكرامات الأولياء/32 ، ومسند الشاشي:3/215
، وجامع المسانيد:7/135، والمسند الجامع:8/112، والدرر المنتثرة/148.
ثم زادوو عددهم الى أربعين وستين وثمانين
روى أحمد:1/112، عن علي عليه السلام قالوا له إلعن أهل الشام يا أمير
المؤمنين فقال: لا، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: الأبدال
يكونون بالشام وهم أربعون رجلاً كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلاً. يُسقى
بهم الغيث ويُنتصر بهم على الأعداء ويُصرف عن أهل الشام بهم العذاب.
والفردوس:1/119 ، عن أنس: الأبدال أربعون رجلاً وأربعون امرأة ، كلما مات
رجل منهم أبدل الله مكانه رجلاً وكلما ماتت امرأة أبدل الله مكانها امرأة .
والطبراني الكبير:10/224 ، وكرامات الأولياء/44 ، عن ابن مسعود قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله : لايزال أربعون رجل من أمتي قلوبهم على قلب
إبراهيم يدفع الله بهم عن أهل الأرض يقال لهم الأبدال . وتهذيب ابن
عساكر:1/63 مرسلاً ، عن قتادة: لن تخلو الأرض من الأربعين... ومجمع
الزائد:10/63 عن الطبراني . والجامع الصغير:1/471 ، و:2/422 ، وحسنه ، وكنز
العمال:12/186 187 .
وفي كشف الخفاء/25 و26، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه
وآله قال: إن أبدال أمتي لم يدخلوا الجنة بالأعمال ولكن دخلوها برحمة الله
تعالى وسخاوة النفس وسلامة الصدر والرحمة لجميع المسلمين ).
وفي فضائل الشام/42 ، عن علي بن أبي طالب قال سألت رسول الله صلى الله عليه
وآله عن الأبدال؟ فقال: هم ستون رجلاً ).
وفي نوادر الأصول للترمذي/69 ، عن أنس قال: البدلاء أربعون رجلاً ، اثنان
وعشرون بالشام ، وثمانية عشر بالعراق ، وكلما مات وأحد بُدِّل بآخر ، فإذا
كان عند القيامة ماتوا كلهم !
وفي الطبراني الكبير:18/65: لاتسبوا أهل الشام ، فإني سمعت رسول الله يقول:
فيهم الأبدال ، وبهم تنصرون وبهم ترزقون . وتهذيب ابن عساكر:1/60 .
وفي الجامع الصغير:1/470: الأبدال بالشام وهم أربعون رجلاً ، كلما مات رجل
أبدل الله مكانه رجلاً . يُسقى بهم الغيث ويُنتصر بهم على الأعداء ، ويُصرف
عن أهل الشام بهم العذاب . الأبدال أربعون رجلاً وأربعون امرأة ، كلما مات
رجل أبدل الله تعالى مكانه رجلاً، وكلما ماتت امرأة أبدل الله تعالى مكانها
امرأة). وفيض القدير:3/219 .ثم جعلوهم خمس مئة
في حلية الأولياء:1/8 ، عن ابن عمر قال: قال رسول الله: صلى الله عليه وآله
خيار أمتي في كل قرن خمسمائة ، والأبدال أربعون ، فلا الخمسمائة ينقصون ولا
الأربعون ، كلما مات رجل أبدل الله عز وجل من الخمسمائة مكانة وأدخل من
الأربعين مكانهم . قالوا: يا رسول الله دلنا على أعمالهم ؟ قال: يعفون عمن
ظلمهم ، ويحسنون إلى من أساء إليهم ويتواسون فيما آتاهم الله عز وجل ).
وحلية الأولياء:3/172 173 عن الطبراني ، والقول المسدد/108، وكشف
الخفاء/25، عن ابن عمر ، وفيه: وهم في الأرض كلها .
أما ابن عربي ففضل أن يبقي العدد مفتوحاً ! قال في الفتوحات المكية:2/13:
(لكونهم أربعين عند من يقول إن الأبدال أربعون نفساً ، ومنهم من يقول سبعة
أنفس ، وسبب ذلك أنهم لم يقع لهم التعريف من الله بذلك). انتهى.
راجع الكثير الذي رووه فيهم وصححوه وقالوه في تفسير قوله تعالى: وَلَوْلا
دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرض .
(البقرة:251) ، كما في الدر المنثور:1/320 .
كما انتقد بعض علمائهم بعض أحاديث الأبدال وحكموا بوضعها !
قال الأميني رحمه الله في: الوضاعون وأحاديثهم/29: ولقد نفى الكثير من
العلماء صحة هذه الأحاديث وهذه الروايات وقالوا بأنها روايات باطلة سنداً
ومتناً ، كما أن أهل الحديث المحققين قد تكلموا في أسانيد أحاديث الأبدال
هذه ، ومنهم الحافظ ابن الجوزي ) .
في كل تحريف إبحث عن كعب !
لا مبالغة في هذا القول بعد أن اطلعت على مزاعمه في الدجال وفي مدح معاوية
والشام وأهلها ، وذم الحجاز وبقية البلاد ! وقد علق الشيخ أبو رية في كتابه
أضواء على السنة النبوية/134، على تدخل كعب في حديث الأبدال الذي رواه ابن
عساكر:1/296، فقال: (في كل وادٍ أثرٌ من ثَعْلَبَهْ) !
ولكي تعرف نفوذ كعب وقداسة كلامه يكفي أن تقرأ أنه أقنع عمر وكبار
المسؤولين بأكاذيب صريحة مفضوحة ، فأخذوا فتواه بأن المحرم للحج الذي يحرم
عليه صيد البر يجوز له أن يصيد الجراد ويأكله، لأن الجراد حيوان بحري وليس
برياً لأنه يولد من أنف الحوت ! فهو يعطس وينثره كل ستة أشهر مرة !
روى عبد الرزاق في مصنفه:4/435 ، أن كعباً بعد (إسلامه) كان مع جماعة
محرمين: (ثم لما كان ببعض الطريق طريق مكة مرَّت رِجْلٌ من جراد فأمرهم كعب
أن يأخذوا فيأكلوا ، فلما قدموا على عمر ذكروا ذلك له فقال: ما حملك على أن
تفتيهم بهذا ؟ قال: هو من صيد البحر ، قال: وما يدريك؟ قال: يا أمير
المؤمنين ! والذي نفسي بيده إن هو إلا نَثرةُ حوت ينثرهُ في كل عام مرتين).
وموطأ مالك:1/352 .
ولم يكتفوا بالعمل بكذب كعب كفتوى دينية مقدسة ، بل سرعان ما جعلوه حديثاً
نبوياً ، رواه أبو داود ، وابن ماجة:2/1074 ، عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال: (إن الجراد نثرة الحوت في البحر) ! وزاد الراوي أنه رأى شخصاً شهد
أنه رأى الحوت يعطس وينثر الجراد ! قال ابن ماجه: (قال هاشم: قال زياد:
فحدثني من رأى الحوت ينثره) ! وتمسك أئمتهم فأفتى به الشافعي وأحمد حنبل !
(مغني ابن قدامه:3/534) .
هذه واحدة من هرطقات كعب تلمسها أنت اليوم ، ويعلم الله كم لها من أخوات
يهوديات لم تنكشف لك، خاصة في عدائه لأهل البيت عليهم السلام ، وكلها ما
كانت لتؤثر كثيراً لولا أنها تحولت على أيدي رواة السلطة الى (أحاديث
نبوية) .
أما أهل البيت عليهم السلام ، فقد وقفوا أمام هذا التحريف اليهودي وإن غضبت
الحكومات وغيبت مواقفهم ! روى في الكافي:4/393، أن أمير المؤمنين عليه
السلام (مرَّ على قوم يأكلون جراداً فقال: سبحان الله وأنتم محرمون؟!
فقالوا: إنما هو من صيد البحر ! فقال لهم: إرمسوه في الماء إذاً ) !!
وقالوا إن الأبدال خلفاء الأنبياء عليهم السلام وأنهم عجمٌ لا عربَ فيهم !
في تفسير القرطبي:3/259: (واختلف العلماء في الناس المدفوع بهم الفساد من
هم؟ فقيل هم الأبدال وهم أربعون رجلاً كلما مات واحد بدل الله آخر ، فإذا
كان عند القيامة ماتوا كلهم ! اثنان وعشرون منهم بالشام وثمانية عشر
بالعراق .
وخرج أيضاً عن أبي الدرداء قال: إن الأنبياء كانوا أوتاد الأرض ، فلما
انقطعت النبوة أبدل الله مكانهم قوماً من أمة محمد صلى الله عليه وآله يقال
لهم الأبدال !.... فهم خلفاء الأنبياء قوم اصطفاهم الله لنفسه واستخلصهم
بعلمه لنفسه ، وهم أربعون صدِّيقاً منهم ثلاثون رجلاً على مثل يقين إبراهيم
خليل الرحمن... لا يموت الرجل منهم حتى يكون الله قد أنشأ من يخلفه ).
انتهى.
قال أبو داود في سننه:2/30 ، عن عنبسة بن عبد الواحد القرشي الأموي: (كنا
نقول إنه من الأبدال قبل أن نسمع أن الأبدال من الموالي) !
وفي سؤالات الأجري لأبي داود:1/204: (سئل أبو داود عن عنبسة بن عبد الواحد
القرشي ، قال: سمعت محمد بن عيسى يقول: كنا نرى أنه من الأبدال حتى سمعنا
أن الأبدال من الموالي . ثنا أبو داود ، نا محمد بن عيسى بن الطباع ، نا
ابن فضيل عن أبيه عن الرحال بن سالم ، عن عطاء قال قال رسول الله صلى الله
عليه وآله : الأبدال من الموالي ولا يبغض الموالي إلا منافق).وتاريخ
بغداد:12/279، وتهذيب الكمال:22/421، وإكمال الكمال:4/32 ، وغيرها !
وسبب الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وآله أن أبا داود وعامة مؤلفي
مصادر الخلافة وأئمة مذاهبها من الموالي! ومعنى كلامه أنه كان يحسب عنبسة
بن عبد الواحد وهو من أولاد سعيد بن العاص الأموي من الأبدال لصلاحه
وعبادته ، لكن لما اطلع على هذا الحديث النبوي ! وعرف أن الأبدال كلهم من
غير العرب ، عدل عن رأيه !
وقد حاول في عون المعبود في شرح أبي داود:8/151، أن يعكس المعنى ويفسر
الموالي بالشرفاء ويجعل بني أمية منهم ! وهي محاولة فاشلة !
وقال المناوي في فيض القدير:3/220: ( الأبدال من الموالي): ظاهره أن ذا هو
الحديث بتمامه وليس كذلك بل بقيته عند مخرجه الحاكم: ولا يبغض الموالي إلا
منافق اهـ . وفي بعض الروايات أن من علامتهم أيضاً أنه لا يولد لهم وأنهم
لا يلعنون شيئاً ! قال الغزالي: إنما استتر الأبدال عن أعين الناس والجمهور
لأنهم لا يطيقون النظر إلى علماء الوقت ، لأنهم عندهم جهال بالله وهم عند
أنفسهم وعند الجهلاء علماء ! (خاتمة): قال ابن عربي الأوتاد الذين يحفظ
الله بهم العالم أربعة فقط وهم أخص من الأبدال والإمامان أخص منهم والقطب
أخص الجماعة . والأبدال لفظ مشترك يطلقونه على من تبدلت أوصافه المذمومة
بمحمودة ويطلقونه على عدد خاص وهم أربعون وقيل ثلاثون وقيل سبعة ، ولكل وتد
من الأوتاد الأربعة ركن من أركان البيت، ويكون على قلب عيسى له اليماني ،
والذي على قلب نبي من الأنبياء . فالذي على قلب آدم له الركن الشامي ،
والذي على قلب إبراهيم له العراقي ، والذي على قلب محمد له ركن الحجر
الأسود ، وهو لنا بحمد الله )! انتهى.
أقول: لاحظ أن ابن عربي يدعي أنه أفضل أهل الأرض وأنه إمام الأبدال !
ثم قال المناوي: وإنما خالف المصنف(أي السيوطي)عادته باستيعاب هذه الطرق
إشارة إلى بطلان زعم ابن تيمية أنه لم يرد لفظ الأبدال في خبر صحيح ولا
ضعيف إلا في خبر منقطع ، فقد أبانت هذه الدعوى عن تهوره ومجازفته وليته نفى
الرواية بل نفى الوجود وكذب من ادعى الورود... وهذه الأخبار وإن فرض ضعفها
جميعها لكن لاينكر تقوي الحديث الضعيف بكثرة طرقه وتعدد مخرجيه إلا جاهل
بالصناعة الحديثية أو معاند متعصب ).
وقالوا علامة الواحد من الأبدال أن يكون عقيماً !
قال ابن حجر في لسان الميزان:2/506: (قال الإمام أحمد رضي الله عنه: من
علامة الأبدال أنه لا يولد لهم ، وكان حماد بن سلمة من الأبدال ولم يولد
له) !
وفي تهذيب الكمال:7/264: (وقال شهاب بن المعمر البلخي: كان حماد بن سلمة
يعد من الأبدال ، وعلامة الأبدال أن لا يولد لهم ، تزوج سبعين امرأة فلم
يولد له) . وميزان الإعتدال:1/591 ، وأنساب السمعاني:2/356 ، وعون
المعبود:8/151، وغيرها .
بل جعلوا ذلك حديثاً عن علي عليه السلام ! ففي مغني المحتاج:1/11: (عن على
رضى الله تعالى عنه: الأبدال بالشام والنجباء بمصر والعصائب بالعراق ، أي
الزهاد ، وعلامة الأبدال أن لا يولد لهم).انتهى. وهوكلام نسخوه من اليهودية
والنصرانية نسخاً !في كلامهم عن الأبدال وقعوا في عقيدة الإمامة الربانية !
فرَّ أتباع الخلافة من عقيدة الإمامة الربانية ، لكنهم وقعوا فيها بشكل سئ
في عقيدة الأبدال ! فمفهوم الأبدال لا يتحقق إلا بأن يكونوا منظومة إلهية
من نخبة مختارة في كل عصر ، كلَّما مات منهم شخصٌ جعل الله بدله آخر .
وقد أقرَّ العلماء السنيون بذلك ، وأن الأبدال سبب الرزق والمطر والنصر !
ولم يخالفهم في ذلك إلا ابن تيمية الذي أنكر أصل أحاديث الأبدال ، فردوا
عليه ورووا أحاديث في مقامهم وتأثيرهم ، وتمسكوا بها !
وما دام الأبدال منظومة من تدبير الله العزيز الحكيم عز وجل ، فلا بد أن
يكون لهم برنامج عمل يقومون به بتوجيه إمامهم المهدي من ربه عليه السلام ،
أو بأن يكونوا هم أئمة في عصر واحد !
وهكذا ، تجد جزاء من رفض قبول منظومة الأئمة الربانيين من العترة النبوية
الطاهرة عليهم السلام وخالف الأحاديث الصحيحة المتواترة فيهم !
وحتى ابن تيمية الذي أنكر الأئمة من العترة عليهم السلام وأنكر الأبدال
تراه أعطى مقامهم للسحرة وزعم أنهم يقدرون على المعجزات ، وأنه شخصياً عنده
جني !
لقد أعجب القوم مفهوم الأبدال فسرقوه ووضعوه لأهل الشام ! ثم وجدوا أنه
يستبطن كونهم منظومة إلهية لأنه لا معنى للبدلاء في كل عصر إلا بذلك !
فزعموا أن الله تعالى جعل منظومة الأبدال بعد انقطاع النبوة !
قال الترمذي في نوادر الأصول:1/263: (عن حذيفة بن اليمان قال: الأبدال
بالشام وهم ثلاثون رجلاً على منهاج إبراهيم عليه السلام كلما مات رجل أبدل
الله مكانه آخر ، فالعصب بالعراق أربعون رجلاً ، كلما مات رجل أبدل الله
مكانه آخر ، عشرون منهم على اجتهاد عيسى بن مريم وعشرون منهم قد أوتوا
مزامير آل داود ، والعصب رجال تشبه الأبدال...وروي في الخبر أن الأرض شكت
إلى الله تعالى ذهاب الأنبياء وانقطاع النبوة فقال لها: سوف أجعل على ظهرك
صديقين أربعين فسكنت) !
وقال القيصري في شرح الفصوص/129: (وعند انقطاع النبوة أعني نبوة التشريع
بإتمام دائرتها وظهور الولاية من الباطن، انتقلت القطبية إلى الأولياء
مطلقاً ، فلايزال في هذه المرتبة واحد منهم قائم في هذا المقام لينحفظ به
هذا الترتيب والنظام). انتهى.
وهكذا تمسكوا بالظني وعضوا عليه بالنواجذ ! ورفضوا القطعي وهو حديث النبي
صلى الله عليه وآله الذي دلهم على إمام الأبدال في كل عصر بقوله المتواتر
صلى الله عليه وآله : (إني أوشك أن أدعى فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين
كتاب الله عز وجل وعترتي كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي
أهل بيتي ، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ
الحوض، فانظروني بم تخلفوني فيهما). أحمد:3/17و14و26 و59 .
لقد فرضوا على الله منظومة عباد خاصين ، لم ينزل بهم سلطاناً ! وجعلوا لهم
خلافة الأنبياء عليهم السلام ومقامهم الرباني ! ثم عادوا وأرخصوا مقامهم
وزعموا أن من يقول كل يوم (اللهم ارحم أمة محمد)يكون من الأبدال ويصير
خليفة للنبي صلى الله عليه وآله به ترزق الأمة وتنصر وتحيا ! قال العجلوني
في كشف الخفاء:1/28: فائدة: للأبدال علامات: منها ما ورد في حديث مرفوع
ثلاث من كن فيه فهو من الأبدال: الرضا بالقضاء ، والصبر عن المحارم ،
والغضب لله . ومنها: ما نقل عن معروف الكرخي أنه قال: من قال اللهم ارحم
أمة محمد في كل يوم كتبه الله من الأبدال ، وهو في الحلية لأبي نعيم بلفظ:
من قال في كل يوم عشر مرات اللهم أصلح أمة محمد ، اللهم فرج عن أمة محمد
اللهم ارحم أمة محمد ، كتب من الأبدال . ومنها: ما نقل عن بعضهم أنه قال:
علامة الأبدال أنهم لا يولد لهم ).انتهى.
ولا نطيل في هذا البحث ، بل نختمه بالشكر العميق لله تعالى الذي هدانا
لولاية العترة الطاهرة عليهم السلام سفينة نجاة الأمة وأئمة الأبرار
والأبدال ، وأعاذنا من ولاية الأنداد من دون الله ، الذين اخترعهم أحبار
يهود ورواة الحكومات .
المصدر
معجم احاديث الامام المهدي عليه السلام
الشيخ علي الكوراني