- علي بن أبي طالب هو في الحقيقة والتاريخ واحد، سواء عرفته أم لم تعرفه، فالتاريخ والحقيقة يُذعنان بأنّ له ضميراً حيّاً وقهّاراً ، وأبو الشهداء والأحرار، وهو صوت العدالة الإنسانية، وشخصية الشرق الخالدة.
- يا أيّها العالَم، ماذا سيحدث لو جَمَعتَ كلّ قواك وقدراتك وأعطيتَ الناسَ في كلّ زمان عليّاً بعقله وقلبه ولسانه وذو الفقاره؟!
- هل سمعت عن حاكم لم يُشبع نفسه برغيف خبز؟ لأنّ في بلاده من ينام وهو غير شبعان، وهل سمعت عن حاكم لم يلبس الملابس الناعمة؟ لأنّ في شعبه مَن يلبس الملابس الخشنة، فهو لم يكنز لنفسه حتّى درهماً واحداً؟! وأوصى أبنائه وأصحابه أن لا يتّبعوا سوى هذه الطريقة.
فحاسب أخاه لأخذه ديناراً واحداً غير حقّه من بيت المال، وهدّد وأمر بمحاكمة حكّامه بسبب رغيف خبز أخذوه من غني وأكلوه رشوةً؟!
-هلا أعرت دنياك أذنا صاغية فتخبرك بما كان من أمر عظيم ما اعتادت الدنيا أن تحدثك عن مثله إلا قليلا بين جيل وجيل!
ـ هلا أعرت دنياك أذنا صاغية فتلقي إلى كيانك جميعا بخبرٍ عبقري ٍّحَمَلت منه في وجدانها قصة الضمير العملاق يعلو ويعلو حتى لتهون عليه الدنيا وتهون الحياة وروية الشمس المشرقة الغاربة ، وحتى يندفع بصاحبه ارتفاعا فما هو من الآدميين إلا بمقدار ما يسمون بمقياس الضمير والوجدان ؟
ـ هل عرفتَ من الخلق أميرا على زمانه ومكانه دانت له كنوز الشرق والغرب يطحن لنفسه فيأكل خبزا يابسا يكسره على ركبتيه، ويرقـَع خفـَّه بيديه ولا يكتنز من دنياه كثيرا أو قليلا .لأن همه ليس إلا أن يكون للمستضعف والمظلوم والفقير نصيرا، ينصفهم من المستغلين والمحتكرين ويمسك عليهم الحياة وكريم العيش، فما يعنيه أن يشبع ويرتوي وينام هانئا وفي الأرض" من لا طمع له في القرص" وفيها" بطونٌ غرثى وأكبادٌ حرى"
ـ هل سألت عن حاكم يحذر أن يأكل خبزا فيشبع في مواطن يكثر فيها من لا عهد لهم بشبع،وأن يلبس ثوبا ناعما وفي أبناء الشعب من يرتدي خشن اللباس ، وأن يقتني درهما وفي الناس فقرٌ وحاجة ، ويوصي أبناءه وأنصاره ألا يسيروا مع نفوسهم غير هذه السيرة، ثم يقاضي أخاه لمكان دينارٍ طلبه من مال الشعب من غير بلاء، ويقاضي أعوانه ومبايعيه وولاته من أجل رغيف يأكلونه في رشوة من غنيّ.
ـ هل عرفت إماما لدين يوصي ولاته بمثل هذا القول في الناس:" فإنهم إما أخٌ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق . أعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك الله من عفوه وصفحه.
وسواء ٌلدى الحقيقة والتاريخ أعرفت هذا العظيم أم لم تعرفه، فالتاريخ والحقيقة يشهدان أنه الضمير العملاق الشهيد أبو الشهداء علي ابن أبي طالب .
وفي ابيات رائعة يمدح الشاعر المسيحي جورج جرداق الامام علي (ع):
كلما بي عارض الخطب الم وصماني من عنا الدهر الم
رحت اشكو لعلي علتي وعلي ملجأ من كل هم
وانادي الحق في اعلامه وعلي علم الحق الاشم
فهو للظالم رعد قاصف هو للمظلوم فينا معتصم
وهو للعدل حمى قد صانه خلق فذ وسيف وقلم
من لاوطان بها العسف طغى ولأرض فوقها الفقر جثم
غير نهج عادل في حكمه يرفع الحيف اذا الحيف حكم