من علامات الظهور
إبراهيم تحسين عبد الواحد
مجلة الانتظار العدد الأول / جمادى الأول / 1426 هـق
العَلامة في اللغة : شيء يُنصب في الفلوات تهتدي به الضالّة (1) .
والعَلامة : الأمارة (2) .
وقد وردت عن أئمّة الهدى (عليهم السلام) طائفة من الروايات في علامات الظهور ، تُلقي أضواءً كاشفة على مجمل الظروف التي ستواكب عملية ظهور المنقذ المنتظر ، الذي يترقّب ظهوره المؤمنون بلهفة ، ويضرعون إلى خالقهم الحكيم الرؤوف في تعجيل فرجه وتقريب أيّامه ، لأنّهم يرقبون فيه السفير الذي ادّخرته السماء ليمثّل إرادتها في ربوع البسيطة ، من خلال إخراجه رقاب المؤمنين من نير عبودية الطواغيت ، وإدخاله إيّاهم إلى ساحة عزّ عبادة الواحد الأحد .
وما دام أمر المهديّ المنتظر (عليه السلام) من الميعاد الذي قطعه الله تبارك وتعالى على نفسه ، وهو ـ تعالى ـ لا يُخلف الميعاد (3) ، فلا بدّ أن يتعرّف المنتظرون على علامات ظهوره ، ولمّا كان مثل المنتظر (عليه السلام) ، مثل الساعة لا تأتي إلاّ بغتة (4) ، وكان على المؤمنين أن يحذروا من قسوة القلوب من طول الأمد ـ أمد الغيبة - (5) ، وأن يكونوا ـ وباستمرار ـ من المنتظرين لظهوره ، ومن الذين أعدّوا أنفسهم لشرف مواكبة مسيرته الظافرة .
وروي أنّه يخرج من الوادي اليابس ، وأنّه من ولد عتبة بن أبي سفيان (6) ؛ وروي أنّ خروجه يتزامن في سنة واحدة مع خروج الخراساني واليماني (7) .
وروي عن الإمام الصادق (عليها السلام) أنّ السفياني يوقع بالشيعة مقتلةً في الكوفة ، وأنّه يملك قدر حَمْل امرأة أو حمل جمل (8) .
وجاء أنّ السفياني والخراساني يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان (9) ، وجاء أنّ السفياني يبعث جيشاً في طلب المهديّ ، فيُخسف بهذا الجيش في بيداء المدينة (10) .
من علامات الظهور الحتميّة :
1ـ خروج السفياني : وردت الرواية عن الإمام الباقر والإمام الجواد (عليهما السلام) بأن خروج السفياني من المحتوم الذي لا بدّ منه (11) .
2ـ ظهور اليماني : ظهور اليماني هو أحد العلامات الحتميّة لظهور الإمام المهدي (عليه السلام) ، وقد ورد التأكيد على ذلك من الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) ، وقالوا بأنّه ليس في الرايات أهدى من راية اليماني ، لأنّه يدعو إلى المهدي عليه السلام (12) .
3ـ الصيحة : ورد عن أئمة الهدى (عليهم السلام) التأكيد على أنّ الصيحة : هي النداء الذي يأتي من السماء ، يُسمع الفتاة في خِدرها ، ويُسمع أهل المشرق والمغرب ، وأنّ أعناق أعداء الله تعالى ستخضع عند سماع الصيحة (13) ، وأكّدت بعض الروايات أنّ الصيحة هي صيحة جبرئيل إلى هذا الخلق ، يناديهم باسم القائم (عليه السلام) فمن اعتبر بذلك الصوت فأجاب نالته رحمة الله عزّ وجل (14) .
4ـ الخسف في البيداء : الخسف في البيداء (بيداء المدينة المنوّرة) من المحتوم الذي أكّد الأئمة الهداة (عليهم السلام) ، بأنّه من العلامات التي تكون بين يدي أمر خروج الإمام المنتظر (عليه السلام) ، وأكّدوا على حقيقة أنّ علامات الظهور أشبه بنظام الخرز ، يتبع بعضه بعض (15) ، ويظهر من الروايات أنّ الخسف يكون بجيش السفياني الذي يتحرّك لغزو المدينة - مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) - ، فيأمر الله تعالى الأرض فتأخذهم ، وهو قول الله عزّ وجل : (( وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ )) (16) (17) .
5ـ السيف والطاعون : رُويَ عن أمير المؤمنين والإمام الصادق (عليهما السلام) : أنّه سيكون بين يدي القائم (عليه السلام) موتٌ أحمر وموت أبيض ـ وفي رواية : الطاعون الأحمر والطاعون الأبيض ـ وهما السيف والطاعون الجارف على التوالي (18) .
هذا مجمل بأهمّ العلامات الحتميّة لظهور الإمام المهدي (عليه السلام) ، وهناك علامات أخرى ستواكب ذلك الظهور المبارك ، منها :
نزول عيسى ابن مريم (عليه السلام) ، خروج الدجال ، خروج دابّة الأرض ، طلوع الشمس من مغربها ، الدخان .
--------------------
الهوامش:
(1) لسان العرب 9: 373 (علم).
(2) مجمع البحرين 6: 123 (علم).
(3) أنظر كلام الإمام الباقر عليها السلام أبي هاشم الجعفري، الغيبة للنعماني: 301/ح4.
(4) أنظر كلام الإمام الرض عليها السلام مع دعبل الخزاعي، عيون أخبار الرضا 2: 256/ح35.
(5) أنظر كلام الإمام الصادق عليها السلام في تفسير قوله تعالى (ولا تكونوا كالذين أُتوا الكتاب من قَبْلُ فطال عليهم الأمد فقست قلوبُهم)، قال عليها السلام: الأمد (أمد الغيبة)، الغيبة للنعماني: 24، المقدّمة.
(6) الغيبة للنعماني: 255 ـ 256/ ح 13؛ الغيبة للطوسي: 270.
(7) الغيبة للطوسي: 271.
(8) الغيبة للطوسي: 272، 272، 278، 279.
(9) الغيبة للطوسي: 259.
(10) الغيبة للنعماني: 280/ ح67.
(11) أنظر: الغيبة للنعماني: 301/ح4 و ح10، بحار الأنوار 52: 249.
(12) أنظر: الغيبة للنعماني: 253/ح13، الإرشاد للمفيد 2: 375.
(13) أنظر: روضة الكافي: 310، الغيبة للطوسي: 110، تفسير مجمع البيان: 4: 184.
(14) أنظر: الغيبة للنعماني: 253/ح13.
(15) أنظر: الغيبة للنعماني: 257/ ح15، 262/ ح21.
(16) سورة سبأ: 51.
(17) تفسير العياشي2: 56، الغيبة للنعماني: 304/ ح14.
(18) الغيبة للطوسي: 267، الغيبة للنعماني: 289/ ح6.
---------------------------------
مراجعة وضبط النص شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي .