موقف ابن تيمية من حديث الغدير (القسم الأول)
  • عنوان المقال: موقف ابن تيمية من حديث الغدير (القسم الأول)
  • الکاتب: مؤسسة الإمام الجواد عليه السلام
  • مصدر: مؤسسة الإمام الجواد عليه السلام
  • تاريخ النشر: 2:19:53 3-10-1403

المقدم: السلام عليكم مشاهدينا الكرام ورحمة الله وبركاته أحييكم في هذه الحلقة من مطارحات في العقيدة، موضوع جديد ومسألة جديدة سوف نستمع إليها من خلال سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، بشكل متواصل وفي حلقته الأولى بعد سلسلة المباحث التي أنتهينا منها في الحلقات السابقة، (موقف ابن تيمية من حديث الغدير، القسم الأول) أرحب بسماحة آية الله السيد كمال الحيدري، سماحة السيد سوف نبدأ بحثاً جديداً في هذه القضية، موقف ابن تيمية من حديث الغدير، بداية وبطبيعة الحال كل موضوع جديد يحتاج الى تمهيد، هذا التمهيد ربما يتناول المنهج وفي بعض الاحيان يتناول المضمون، تمهيد هذا الموضوع سؤالنا الاول.

سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

في هذه المقدمة وفي هذا التمهيد بودي الإشارة إلى المنهج الذي وقفنا عليه مراراً في الأبحاث السابقة، قلنا أن المنهج المتبع أن الشيخ ابن تيمية في عموم مؤلفاته وكتبه أنه عندما يصل إلى فضيلة أو منقبة أو خصيصة من خصائص الإمام علي نجده أنه يتعامل معها من خلال الخطوات التالية:

الخطوة الأولى: أنه يحاول مباشرة إذا وجد طريقاً لذلك أو حتى لو لم يجد طريقاً ذلك أن يقول أن هذا الحديث من حيث السند هو موضوع مختلق كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله، وهذا ما وجدناه بشكل واضح في حديث المؤاخاة وهذا ما اتضح أيضاً فيما يرتبط (أنت ولي كل مؤمن بعدي) حيث قال أنه موضوع ومختلق وكذب وممتنع ونحو ذلك.

باعتقادي لماذا يفعل ذلك؟ لأنه يعتقد بأنه أساساً من خلال ذلك القارئ يثق بالشيخ ابن تيمية فعندما يقول أنه مختلق وموضوع وكذب فلا يراجع بعد ذلك، لأنه لا يعقل أن حديثاً صحيحاً يقول عنه الشيخ ابن تيمية أنه كذب أو موضوع أو مختلق. إذن الخطوة الأولى مباشرة أنه يقول أن الحديث موضوع أن الحديث كذب. هذه هي الخطوة الأولى.

الخطوة الثانية: هو أنه إذا لم يستطع أن يناقش سند الحديث يذهب إلى مضمون الحديث وإلى دلالة الحديث وإلى فقه الحديث ليقول ليفرغ الحديث من محتواه يقول هذه أساساً ليست فضيلة، هي أقرب إلى الذم منها إلى المدح، وهذا ما فعله إذا يتذكر الأعزاء فيما سبق في حديث (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) حيث قال أن علي بن ابي طالب عندما سمع أن الرسول يريد أن يبقيه بكى فتأمل فالرسول تطييباً لخاطره، فيرجعه إلى الذم ويقول هذا أقرب إلى الذم منه إلى المدح، وفي موارد أخرى بالنسبة إلى الزهراء وبالنسبة إلى الحسن وبالنسبة إلى الحسين ولا أريد الدخول في هذه الموارد. إذن الخطوة الثانية هي تفريغ النص من محتواه ومن مضمونه الدال على منقبة وفضيلة لعلي عليه السلام أو لواحد من أهل بيت النبي.

الخطوة الثالثة: إذا لم يسعه لا مناقشة سند الرواية أو النص ولا تفريغ محتوى النص من الفضيلة والمنقبة ينتقل إلى الخطوة الثالثة وهو أنه يقول حتى لو ثبتت أن هذه فضيلة لعلي بن أبي طالب عليه السلام فهي ليست مختصة وإنما يشترك الغير فيها معه، بل لعله يوجد عند الغير أعلى مما هو موجود عند علي.

هذه هي الخطوات الثلاث التي ينتهجها في منهجه في التعامل مع النصوص الواردة في فضائل علي عليه أفضل الصلاة والسلام. ولذا من هنا أدعو كل متتبع لكلمات الشيخ ابن تيمية أن يلحظ هذه الحقيقة ويلتفت إليها بشكل جيد.

وهذا ما نريد في هذه الليلة إن شاء الله أن نقف عليه في حديث الغدير لنرى ماذا فعل بحديث الغدير، هل طبق عليه هذا المنهج وهذه الخطوات أم لا؟ هذا أولاً.

وثانياً نريد أن نتعرف أن هذا المنطق وأن هذا المنهج وهذه الخطوات التي يستعملها في التعامل مع النصوص الواردة في بيان فضائل ومناقب وخصائص علي بن أبي طالب هل يتعامل بنفس هذا المنهج مع النصوص التي وردت في معاوية مثلاً أو التي وردت في بني أمية أو التي وردت في أبي بكر وعمر وعثمان ... .

المقدم: وغيرهم من الصحابة.

سماحة السيد كمال الحيدري: لا، أتكلم عن هؤلاء باعتبار أن الحديث في كباب الصحابة، هل يتعامل بنفس هذا المنطق وبنفس هذا المنهج أو له منهج آخر ومنطق آخر يتعامل فيها مع تلك النصوص الواردة في حق أولئك.

المقدم: إذن انتهينا من المنهجية التي وضعتموها في تعامل ابن تيمية مع النصوص الواردة بحق علي وآل بيت النبي.

سماحة السيد كمال الحيدري: نحن نريد أن نضع اليد فقط على روايات علي.

المقدم: ثم مقارنة ذلك بغيره بمنهجية أخرى.

سماحة السيد كمال الحيدري: ماذا يفعل؟ لا أريد أن أدعي منهجية أخرى، أريد أن أقول أنه يفعل نفس هذا المنهج أو لا.

المقدم: هل يلتزم بهذه المنهجية عندما يتعامل مع النصوص الأخرى أو مع الصحابة الآخرين أم لا؟ والآن الحديث عن حديث الغدير، ما هو تعامل وموقف ابن تيمية من حديث الغدير.

سماحة السيد كمال الحيدري: حديثنا الأصلي هو هذا، وهو أنه كيف تعامل مع حديث الغدير، أحاول في هذه الليلة بشكل واضح وصريح أطبق هذه الخطوات على حديث الغدير، ويعلم المشاهد الكريم أن واحدة من أهم الروايات والفضائل والمناقب والخصائص التي ثبتت لعلي وبها امتاز على جميع الصحابة بلا استثناء، تقول لي: لماذا؟ أقول: لأنه لم يثبت بأي حديث أن رسول الله قال لأحد من الصحابة من كنت مولاه فهذا أبو بكر مولاه، فهذا عمر مولاه، فهذا عثمان مولاه، وإنما فقط هذا المقام ثابت لعلي، بغض النظر عن المعنى، وأصلاً لا أتكلم ما هو المراد من المولى؟ المحبة أو غيرها، لماذا أن رسول الله يضع يده على علي ويقول في حقه هذا، لماذا يضع يده على علي ويقول أنت مني بمنزلة هارون من موسى، لماذا يقول في حق علي أنت ولي كل مؤمن، لا أتكلم ... فقط أترك المشاهد الكريم أن يتأمل ويتدبر ويتحقق لماذا أن رسول الله وضع يده على علي في مثل هذه الألفاظ ولم يثبت هذا اللفظ لغيره من الصحابة.

المهم أعزائي عندما جاء إلى حديث الغدير ابن تيمية في كتابين من أهم مصنفاته ومؤلفاته وهما كتاب منهاج السنة وكتاب مجموع فتاوى ابن تيمية. أنا في هذه الليلة سأقف طويلاً عند هذه المسألة ونحن نعيش على أبواب الغدير، من حيث المضمون أولاً جاء وقال أن واقعة الغدير لم يثبت من الصيغ والنصوص فيها إلا قول رسول الله (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) أما قوله اللهم والي ومن والاه، انصر من نصره، أخذ من خذه، عادي من عاداه، من كنت أولى به من نفسه فعلي مولاه، يقول هذه كلها على القاعدة كلها كذب وموضوعة. فقط (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) ليس إلا وكله كذب.

إذن أولاً حاول، ماذا فعل؟ أولاً حاول أن يسقط سند كل ما زاد على هذا المقطع، إذن مقطع واحد وهو (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) وحيث أن المولى يمكن أن تكون له معاني متعددة، إذن في الخطوة الثانية ميّع مضمون الحديث، لماذا؟ لأنه لا توجد هناك قرائن أخرى محتفة بالحديث حتى نستعين بها لفهم الحديث، انظروا إلى هذه الرؤية التي بعد ذلك ستتضح أنها الحق والإنصاف إنها رؤية شيطانية، يعني الإنسان عنده قدرة استثنائية في تفريغ هذه الروايات من محتواها الحقيقي، إذن أسقط اعتبار باقي السند إلا هذا المقطع (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) هذا أولاً.

وثانياً جاء إلى السند، سند هذا المقطع (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) إذن أولاً باقي القرائن الموجودة في الحديث أسقطها عن الاعتبار قال كذب لوجوه، لا وجه واحد بل لوجوه.

ثانياً جاء إلى هذا قال وأما هذا المقطع فلم يرد في الكتب المعتبرة، فلم يرد في الكتب المعتبرة، في أمهات المصادر، وإنما ورد في بعض الكتب، يعني غير الأمهات وغير الصحاح، هذا أولاً. وثانياً حتى هذا الذي ورد في غير الأمهات والصحاح المعتبرة اختلف علماء الحديث وعلماء السند بعضهم قال حسن وبعضهم قال مطعون فيه. إذن هذا المقطع صحيح أو ليس بصحيح؟ لا، أقصى ما يكون هو حسن، وإلا حتى الحسن لعله غير ثابت. ثم حاول أن ينقل بعض كلمات من يعتقد بهم هو ليقول أنه لا يوجد هناك طريق صحيح لهذا الحديث.

تقول: سيدنا أليس هذا تجني على ابن تيمية، هل يعقل لأحد أن يدعي في حديث الغدير هذا المعنى؟

أعزائي حتى لا ندعي على أحد وهذه ليست طريقتنا سنقرأ لأعزاء عبارات ابن تيمية.

المصدر الاول: كتاب (منهاج السنة، ج4، ص256و257) لابن تيمية، تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم، طبعة الأربعة المجلدات، وفي طبعة الثمان مجلدات (ج7، ص320) يقول: (لكن حديث الموالاة) يعني من كنت مولاه فهذا علي مولاه (قد رواه الترمذي وأحمد في مسنده عن النبي أنه قال: من كنت مولاه فعلي مولاه) هذا القدر (وأما الزيادة وهي قوله اللهم والي من والاه وعادي من عاداه وأنصر من نصره وأخذل من خذله فلا ريب أنه كذب) أصلاً من المسلمات وقلت لكم أنه باعتبار أن هناك من يثق بهذا الرجل فعندما يقول أيعقل أنه يقول كذب وهو مثلاً صحيح. ثم قال: (وكذلك قوله: أنت أولى بكل مؤمن ومؤمنة كذب أيضاً). هذه هي الخطوة الأولى، إذن فرغ الحديث من كل القرائن وأسقط باقي القرائن سنداً. (وأما قوله من كنت مولاه فهذا علي مولاه فليس هو في الصحاح) لا يوجد في أي الكتب المعتبرة.

المقدم: في المسانيد.

سماحة السيد كمال الحيدري: لا لا، ليس في المسانيد، في الكتب الصحاح يعني صحاح البخاري وصحيح مسلم، الكتب المعتبرة، يعني أمهات الكتب (لكن هو مما رواه العلماء ...) الآن سؤال: رواه العلماء مقبول أو لا؟ يقول: (وقد تنازع الناس في صحته) هذا القدر الذي لم يرد في الأمهات اختلف الناس في صحته (فنقل عن البخاري وإبراهيم الحربي وطائفة من أهل العلم بالحديث أنهم طعنوا فيه وضعفوه) هذا الاتجاه الأول، الاتجاه الثاني (ونقل عن أحمد بن حنبل أنه حسنه) لا صححه، يعني هو أقل من درجة الصحيح.

إلى أن يقول: (وقال ابن حزم) يؤيد كلامه، (وقال ابن حزم: وأما من كنت مولاه فعلي مولاه فلا يصح من طرق الثقات أصلاً) يعني إذا كان كذلك فسنده لا يوجد فيه ثقة. هذا حديث الغدير.

سائر الأحاديث ما هي؟ يقول نعم كل الذي ثبت له أنت مني بمنزلة هارون من موسى، لأعطين الراية غداً لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق، فقط هذه الثلاثة ثبتت وإما سائر الأحاديث التي يتعلق بها الروافض فموضوعة. خط أحمر على كل ما ورد في علي. فقط هذه، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى ... أما لأعطين الراية غداً رجل يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله قال باعتبار أنه كان متألماً ومريض فأراد أن يطيب خاطره، وأما لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق، يقول هذا موجود عند الصحابة لا يبغضهم من يؤمن بالله واليوم الآخر. إذن بقيت منقبة لعلي أو لا؟ لا، لا يوجد شيء.

(وأما سائر الأحاديث) ومع ذلك يخرج البعض ويقول لماذا سيدنا أنت تقول أن ابن تيمية ناصبي الهوى وأنه أموي الهوى وأنه معادي ومبغض لعلي عليه السلام. بينكم وبين الله أيوجد محب لعلي يحاول أن يفرغ كل هذه الفضائل والمناقب، طبعاً أنا في عقيدتي هذا ليس محباً للنبي لأن نص القرآن يقول (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وهذا لو كان يحب رسول الله، لو كان يؤمن برسول الله لما رد كلامه.

(واما سائر الأحاديث التي يتعلق بها الروافض فموضوعة يعرف ذلك من له أدنى علم بالأخبار ونقلها). هذا المصدر الأول.

المقدم: وهنا هناك دس يعني جعل كل ما يتعلق بفضائل أمير المؤمنين علي عليه السلام مختصة بالروافض، وكأنما المسلمين لم ينقلوا أي فضيلة له.

سماحة السيد كمال الحيدري: أما الكتاب الثاني وهو (مجموع فتاوى الشيخ ابن تيمية، ج4، ص417) برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، يقول: (وأما قوله: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والي من والاه، فهذا ليس في شيء من الأمهات) إذن في الكتب الهامشية التي لا قيمة لها.

المقدم: أين رواه أحمد والترمذي كما يقول.

سماحة السيد كمال الحيدري: سيأتي هو لا يعتبرها كذلك. (إلا في الترمذي) وهذا معناه أنه لا يعتبره من أمهات الكتب (وليس فيه إلا من كنت مولاه فعلي مولاه، وأما الزيادة فليست في الحديث، وسُئل عنها الإمام أحمد) يعني الزيادة (فقال: زيادة كوفية). يعني مصدرها أهل الكوفة (ولا ريب أنها كذب لوجوه ... وقوله: اللهم انصر من نصره خلاف الواقع، وقوله: اللهم والي من والاه مخالف لأصل الإسلام) يعني من آمن بهذا فهو هدم أصل الإسلام. ثم يقول (فمن أهل الحديث ... وأما قوله من كنت مولاه فعلي مولاه فمن أهل الحديث من طعن فيه كالبخاري وغيره، ومنهم من حسنه، فإن كان قاله) يعني قاله أو لم يقله رسول الله؟

المقدم: لم يقله.

سماحة السيد كمال الحيدري: حتى في هذه الجملة (فإن كان قاله فلم يرد به ولاية مختص بها علي) أبداً (بل ولاية مشتركة) هذا الذي قلناه في الخطوة الثالثة، وهو أنه إذا لم يستطع أن يفعل شيء ولم يستطع أن يفرغ المحتوى يقول أن هذه مشتركة بين المؤمنين (وهي ولاية الإيمان التي للمؤمنين والموالاة ضد المعاداة ولا ريب أنه يجب موالاة المؤمنين على من سواهم ففيه رد على النواصب فقط) وإلا فأنه ليس خصوصية ثابتة لعلي.

المقدم: يعني إذا سأل أحد لماذا لم يقلها بحق غيره.

سماحة السيد كمال الحيدري: وهذا الذي قلته أنا أتحداه.

إذن أعزائي إلى هنا اتضح بشكل واضح أنه طبق الخطوات الثلاث بشكل دقيق على حديث الغدير بشكل لا ريب فيه، وهو أولاً إسقاط السند، وثانياً تفريغ المحتوى، وثالثاً على فرض ثبوت السند والمحتوى فهو مشترك مع غيره. ولذا عندما وصل العلامة الألباني إلى كلمات ابن تيمية في هذا المجال تعجب من ابن تيمية. وهذه من الموارد النادرة. أين؟

في (سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج4، ص344، رقم الحديث 1750) يقول: (إذا عرفت هذا) الحديث مهم جداً وهو من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم والي من والاه وعادي من عاداه، بعد أن ينقل الحديث يقول (إذا عرفت هذا فقد كان الدافع لتحرير الكلام عن الحديث وبيان صحته أنني رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية قد ضعف الشطر الأول من الحديث وأما الشطر الآخر فقد زعم أنه كذب) واقعاً زعم هذا. (وهذا من مبالغاته) لا يريد أن يقول شيء آخر، بل هي من تخرصاته وعدائه ونصبه لعلي. (وهذا من مبالغاته الناتجة في تقديري من تسرعه في تضعيف الأحاديث قبل أن يجمع طرقها ويدقق النظر فيها والله المستعان) إذن القضية واضحة لعلامة مثل الألباني أنه لا أقل ابن تيمية هنا لم يدقق وتسرع. وهنا سؤالنا، وهو أنه هذا هو منهجه في مكان آخر أو لا؟ منهجه ليس كذلك؟ وهذا الذي نريد أن نقف عنده.

المقدم: كيف أصبح شيخ الإسلام وهو المتسرع.

سماحة السيد كمال الحيدري: الآن اتضح أنه في أحاديث سابقة قال عنه كذا والآن ايضاً يقول عنه كذا.

المقدم: نأتي إلى السؤال الذي يرد منطقياً على هذا المنهج، كيف تعامل ابن تيمية فيما يتعلق بالأحاديث التي رويت بحق الآخرين من الصحابة. أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية، هل تعامل معهم بنفس هذا المنهج الذي تعامل به مع الأحاديث الواردة في فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أم أنه اختار أمراً ومنهجاً آخر.

سماحة السيد كمال الحيدري: في الواقع هنا لا أريد أن أطيل على المشاهد الكريم لأن البحث طويل الذيل ولكنا نحاول أن نلملمه في هذه الحلقة. أعزائي أضرب مثالاً واحداً على ذلك وأقف عنده لنرى كيف تعامل الشيخ ابن تيمية مع فضائل الآخرين، أو الروايات الواردة في فضائل أبي بكر مثلاً، في فضائل عمر، في فضائل معاوية, وأضرب مثال فيما يتعلق بالخليفة الثاني عمر بن الخطاب، لنرى بأنه عندما ترد رواية في فضائل عمر كيف يتعامل معها.

من الروايات التي وقف عندها الشيخ ابن تيمية طويلاً وكررها في أكثر كتبه، طبعاً أكثر الكتب المرتبطة بهذا البحث، حاول أنه كلما جاءت مناسبة أن يذكر هذا الحديث، ما هو هذا الحديث، هذا الحديث وهو ما ذكره في (مجموع فتاوى الشيخ ابن تيمية، ج35، ص123) قال: (ومع هذا فقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: قد كان في الأمم قبلكم محدثون) يعني تحدثهم الملائكة (فإن يكن في أمتي أحد فعمر). أنا لا أعلم لماذا أنه إذا صارت لعمر فهي فضيلة وأما إذا قلناها لعلي وفاطمة قالوا أن هؤلاء يؤمنون بالوحي بعد النبي صلى الله عليه وآله ويقولون أن هؤلاء أنبياء وتحدثهم الملائكة، وهذا ما قلناه في الزهراء أنها محدثة وهذا ما نعتقده في الأئمة، لماذا باءكم تجر وباء الشيعة فيها ألف تهمة وتهمة. (وفي الترمذي) يجعلها بين قوسين يعني هذا نص الترمذي (لو لم أبعث فيكم) يعني بما أني خاتم الأنبياء والمرسلين، الله سبحانه وتعالى لم تكن عنده مشكلة كان يوجد هناك أحد آخر يستطيع أن يقوم بنفس دوري (لبعث فيكم عمر) إذن ليس هناك مشكلة، يعني الله سبحانه وتعالى لسبب ولآخر لو لم يبعث رسول الله بما هو خاتم الأنبياء والمرسلين وبما هو أفضل الأولين والآخرين يوجد من هو على مستواه أن يبعثه في آخر الأنبياء وخاتم للأنبياء والمرسلين، من هو؟ عمر. أنا لا أعلم بينكم وبين الله لو أن شيعياً قال هذا في علياً، كان يقول لو لم يبعث رسول الله لكان علي له صلاحية وقابلية أن يتحمل ... لسمعنا التهم ... هذا يقوله في مجموع الفتاوى. هذا المورد الأول.

أنا سوف أركز على المصادر الكثيرة حتى أبين للأعزاء أن ابن تيمية ... هذه فلتة لسان أو اشتباه، وإنما يؤكد ذلك في مجموع كتبه الأساسية.