الرد على نظرية إثبات الحد لله تعالى، ق(5)
  • عنوان المقال: الرد على نظرية إثبات الحد لله تعالى، ق(5)
  • الکاتب: سماحة السيد كمال الحيدري
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 7:10:37 3-10-1403

سلسلة حلقات من برنامج - مطارحات في العقيدة - على قناة الكوثر الفضائية

30/08/2010

المُقدَّم: عظم الله لكم الأجر وعظمه مشاهدينا الكرام، بذكرى مصاب أمير المؤمنين وسيد المرسلين وخليفة رسول رب العالمين صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام، إذ تصادف في مثل هذه الأيام والليالي من شهر رمضان المبارك، نحييكم تحية طيبة لكم مشاهدينا الكرام مشاهدي قناة الكوثر الفضائية السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، هذا موعدكم مع حلقة جديدة من برنامج مطارحات في العقيدة ضمن حلقاته الليلية في شهر رمضان المبارك، عنوان حلقة الليلة هو: (رد نظرية إثبات الحد لله، القسم الخامس) أرحب باسمكم بضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.

سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.

المُقدَّم: سماحة السيد هل من خلاصة وتمهيد لما سبق في الحلقة السابقة.

سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

في الواقع بغض النظر عن الآثار المترتبة على هذه المسألة وهي أن لله تعالى حد أو ليس له حد، يكفي أن يعرف المشاهد الكريم أننا قلنا في البحث السابق أن المثبتين للحد قالوا أن من ينكر الحد لله سبحانه وتعالى فقد نفى عنه الوجود والشيئية، وأي أهمية أعظم من هذه الأهمية، أن المثبتين للحد يقولون من أنكر الحد فكأنه أنكر وجود الله سبحانه وتعالى وأنكر شيئية الحق سبحانه وتعالى، يعني أن الله ليس بشيء، هذا أمر، وكذلك صرحوا بأنه من أنكر الحد فقد كفر بالله سبحانه وتعالى، إذن واقعاً المسألة تستحق الوقوف عندها بشكل دقيق وهذا ما أشار إليه الإمام الدارمي في رده على بشر المريسي في (رد الإمام الدارمي عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد، ص24) قال: (فهذا كله وما أشبهه شواهد ودلال على الحد ومن لم يعترف به فقد كفر بتنزيل الله وجحد آيات الله سبحانه وتعالى) إذن القضية تصل إلى هذا المستوى من الآثار مهمة، وكذلك اتضح لنا المثبتين للحد قالوا بأنه من ينكر وجود الحد لله سبحانه وتعالى يلزم منه أن يكون صاحب بدعة وخارج عن الملة وهذا ما أشرنا إليه من الإمام أحمد بن حنبل في كتاب (إثبات الحد لله، ص1221) للدشتي، قال: (ومن خالف شيئاً من هذه المذاهب فهو مخالف مبتدع خارج من الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق) إذن القضية واقعاً لها أهمية كبيرة، طبعاً في المقابل الذين وجود الحد كأئمة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام قالوا أن من أثبت الحد لله فقد أبطل أزل الحق سبحانه وتعالى، ولهذا قالوا: ومن حده فقد عده ومن عده فقد أبطل أزله. وإذا صار باطل الأزلية يعني حادثاً، وإذا كان حادثاً يكون ممكناً لا غني ولا واجب، فالقضية مهمة جداً إلى هذا المستوى وهو أن كلا الطرفين يعتقد، المثبتون يقولون من نفى صار كافراً والنافون يقولون من أثبت يكون قد نفى وجود الحق سبحانه وتعالى. فلا يتبادر إلى ذهن المشاهد الكريم أن المسألة مسألة فرضية أو نظرية أو ترفية أو لا ثمرة لها، كما تكلم بعض الأخوة بالأمس وقال لماذا أنتم تقفون عند هذه المسألة. الجواب: أخي العزيز أن هذه المسألة تترتب عليها آثار مهمة سواء لمن أثبتها أو لمن نفاها. ولذا نحن قلنا بالأمس أن العلامة صالح العثيمين ليس من حقه أن يقول أني متوقف في المسألة في النتيجة المثبت تترتب آثاره والنافي تترتب آثار لها، هذه نكتة كان بودي أن يلتفت إليها المشاهد الكريم ويعرف أن هذه داخلة في صلب العقيدة لابد أن تدخل في صلب معرفة الله سبحانه وتعالى، أن الله سبحانه وتعالى ينتهي إلى نهاية، له حد أو ليس له حد، حتى أبين مرة أخرى مثال يقرب إلى ذهن المشاهد، لو أخذنا أي عدد من الأعداد فليكن العدد 100، هذا العدد 100 متناهي لأنه يوجد بعده العدد 101، لو أخذنا العدد 1000 يوجد بعده العدد 1001، لو أخذنا العدد مليون يوجد بعده العدد مليون وواحد، أي عدد فرضناه يمكن أن نفرض ما هو بعده وما هو فوقه، أما لو فرضنا أن هناك عدد لا متناهي فلا يمكن أن يفرض ما بعده، فالقضية خطيرة جداً. سؤالنا هو: أن الله سبحانه وتعالى هل هو محدود يمكن أن يفرض ما وراء له أو لا يمكن. السؤال المطروح في التوحيد، وهو محل بحثنا، لأن الكثير من الأخوة تسألوا عن أهمية هذه المسألة. وأهمية هذه المسألة هل أن الله سبحانه وتعالى بحسب وجوده بحسب حقيقته وبحسب نفسه وبحسب ذاته، هل أنه متناهٍ له حد بنحو يمكن أن يفرض له ما وراء، ولذا بالأمس الإمام الرضا قال إذا فرض له ما وراء فرض له أمام، باعتبار أنه فرض له حد. أما إذا قلنا أن الله سبحانه وتعالى ليس له حد فهو غير متناهي يعني لا يمكن أن يفرض له ما وراء وأمام ونحو ذلك. إذن القضية مهمة جداً وخطيرة جداً في مباحث التوحيد، ولذا تجدون أننا وقفنا كثيراً في هذه المسألة لأنها تعد الأرضية والأساس لباقي المسائل المرتبطة بعلم التوحيد سواء على مستوى توحيد الأسماء والصفات أو على مستوى توحيد الربوبية أو على مستوى توحيد العبودية أو على مستوى توحيد الأفعال ونحو ذلك من الأقسام، هذه نقطة.

النقطة الثاني التي نحتاج إليها في الخلاصة، وهو أن هذه المسألة القائلون بالحد إنما طرحوا هذه المسألة تصوراً منهم أنه لا يمكن إثبات البينونة بينه وبين غيره يعني الخلق إلا في إثبات الحد له، فلذا أمنوا بهذا وقالوا لو لم نؤمن بذلك لوقعنا في الحلولية.

النقطة الأخرى هو أن هذه المسألة لم تطرح لا في الكتاب ولا في السنة ولا في كلمات أكابر الصحابة وإنما طرحها العلماء وهذا يكشف أن هناك جملة من المسائل العقدية لابد أن تطرح في علم الكلام ولابد أن تطرح في المباحث العقلية فلا ينبغي لبعض أنصاف أهل العلم عندما تطرح مسألة يقول أنها لم ترد في الكتاب ولا في السنة، هذه المسألة ايضاً لم ترد في الكتاب والسنة ولكنه حتى أولئك الذين يتقيدون بنظرية الكتاب والسنة نجدهم أيضاً طرحوها لأنها قضية عقلية كلامية لابد أن تطرح.

والقضية الأخيرة وهي أنه لابد أن يعرف المشاهد الكريم أن هذه النظرية إلى الآن يوجد فيها أتباع كثيرون يعني أتباع ابن تيمية وما بعد ابن تيمية محمد عبد الوهاب ومن بعد محمد عبد الوهاب من تلامذته كلهم يعتقدون أن الله له حد، لا يتبادر إلى الذهن أن القضية قضية تأريخية مرتبطة بالعلماء السابقين، ومن الشواهد على ذلك ما ورد في كتاب (قمع الدجاجله الطاعنين في معتقد أئمة الإسلام الحنابلة، ص240) رد على حسن بن فرحان المالكي في كتابه (قراءة في كتب العقائد) تأليف عبد العزيز بن فيصل الراجحي، تقديم معالي الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان، يقول: (بل صنف الإمام محمود بن أبي القاسم بن بدران الدشتي) صاحب إثبات الحد (جزءً في ذلك سماه إثبات الحد لله تعالى) إذن يعتقدون إلى يومنا إلى بأهمية هذا الكتاب (وساق فيه ما ورد في الباب من أحاديث) وقد أتضح أنه لا يوجد نص من الكتاب والسنة، ولا أعلم أين تلك الأحاديث التي تكلمت عن الحد (من أحاديث وآثار ومنها أثر ابن المبارك) والواقع أنه لا يوجد إلا أثر ابن المبارك لأن القضية لم تكن مطروحة لا في الكتاب ولا في السنة ولا في كلمات كبار الصحابة. ثم يقول (فإذا عرفت ذلك علمت أنه قد دل عليه الكتاب والسنة الصحيحة) أنا لا أدري أي إيهام وأي اشتباه وأي غلط وأي تدليس هذا، مع أن العلماء الكبار يقولون لم يرد ومنهم العثيمين كما قرأنا، اللهم إلا أن يقول قائل بأن مراده من دل عليه يعني دل على علوه في مكان فنستفيد منه الحد، وهذا يبحث في محله، نحن حديثنا الآن في إثبات الحد لله لا في إثبات المكان والعلو لله، (فإذا عرفت ذلك علمت أنه قد دل عليه الكتاب والسنة الصحيحة، بل المتواترة وآثار السلف وإجماعهم في المسألة). قلت إلا أن نوجه كلام هذا الكاتب المعاصر أن مقصوده في ضمير (عليه) ليس الحد وإنما علو الله واستوائه على عرشيه فلا يبقى إشكال في المسألة.

هذه الخلاصة أشرت إليها ليتضح للمشاهد الكريم أن المسألة أساسية في معارف التوحيد وفي معرفة الله سبحانه وتعالى.

المُقدَّم: الآن من هم القائلون بأن الله تعالى محدود بحد.

سماحة السيد كمال الحيدري: هناك مجموعة من الأعلام قالوا بأن الله له حد، من أولئك ما ورد (مسائل الإمام أحمد بن محمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، ص359) رواية حرب بن إسماعيل الكرماني، أعتنى بإخراجه الدكتور ناصر بن سعود بن عبد الله السلامة، مكتبة الراشد، ناشرون، قال: (خلق الله سبع سماوات بعضها فوق بعض، وسبع أرضين بعضها أسفل من بعض، وبين الأرض العليا والسماء الدنيا مسيرة خمسمئة عام، والماء فوق السماء السابعة، وعرش الرحمن فوق الماء، والله تبارك وتعالى على العرش والكرسي موضع قدميه) هذا هو تصويرهم عن الله سبحانه وتعالى، سبع سماوات بعضها فوق بعض ثم فوقها الماء ثم عرشه على الماء، وكان عرشه على الماء إشارة إلى تلك الآية المباركة، والله جالس على العرش، قاعد على العرش، لأن الآية تقول (الرحمن على العرش استوى) وقدميه على الكرسي، هذا التصوير، وأنا أتصور أنه من الواضح أن الله عندهم جسم، كيف أن الملك يجلس على العرش، هؤلاء صوروا الحق سبحانه وتعالى بهذه الطريقة، ولكن موجود كبير جداً لأن كرسيه وسع السماوات والأرض فما بالك بالعرش. يقول: (فإن احتج مبتدع) يقول أن الله جالس على العرش في السماء، لا أنه موجود في كل مكان (فإن احتج مبتدع أو مخالف أو زنديق) يعني بمجرد أن تقول لهذا الاتجاه وهذا المنطق وهذا المنهج تقول له ماذا تقولون في قوله تعالى: (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) وهذا يتنافى مع قولكم أنه جالس هناك، مباشرة تُتهم بأنك زنديق ومبتدع ومخالف، نحن مشكلتنا مع هذا المنطق، يعني أما أن تتفق معه في الرأي وأما أنت زنديق وكافر ومبتدع ومشرك ومخالف وخارج عن الملة ولست على نهج الحق، يا أخوان أنت مجتهد والآخرون أيضاً اجتهدوا، أنت وصلت إلى أن الله جالس في مكان على عرش، والآخرون لم يفهموا ذلك قالوا عال في دنوه ودان في علوه، ليس بجسم حتى يكون قريباً أو بعيد بمعنى الجسمية، لعله يصيبون وأنت تخطأ ولعلك تصيب وهم مخطئون، لماذا هذا المنطق، واقعاً هذه الحلقات إنما جئت إليها وتكلمت فيها لأبين منهج جديد في الحوار، منهج جديد في البحث العلمي، لا ضرورة لاتهام الآخر إذا لم يتفق معكم في الرأي، أنا معتقد أن الإمامة تعد ركناً من أركان اعتقادي أنت اتفقت معي فبها ونعمت وإن لم تتفق معي فلك رأيك ولي رأيي، أنت معتقد أن الخليفة الأول والثاني والثالث أفضل من علي، ولا أقل الأول والثاني أفضل، وأنا معتقد أن تلامذة علي بن أبي طالب أفضل من أبي بكر وعمر، تقول لي: كيف يكون، أقول: ذاك رأيك وهذا رأيي. إذن أخواني الأعزاء البحث ينبغي أن يكون بحث قائم على الاحترام وقبول الآخر، نحن نحترم آرائكم واجتهاداتكم وأنتم ينبغي أن تحترموا آرائنا واجتهاداتنا. يقول: (فإن احتج مبتدع أو مخالف أو زنديق فقال (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) (وهو معكم أينما كنتم) (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) ونحو ذلك من متشابه القرآن) من أين علمت أن هذه من المتشابهات، أنا أقل محكمة، أنا أقول (الرحمن على العرش استوى) متشابهة وأنت تقول محكمة، إذن تعال نجلس ونؤسس لقواعد حتى نميز المحكم من المتشابه، لا يمكن أن تحكم تبعاً لمزاجك وهواك أن تجعل أي آية أعجبتك جعلتها محكمة وأي آية لم تعجبك تجعلها متشابهة. هذا المنطق منطق مشلول سقيم وغير علمي وغير دقيق.

يقول: (ونحو ذلك من متشابه القرآن) من أين جاء متشابه (فقل إنما يعني بذلك العلم) هذا تأويل خلاف ظاهر الآية، لأن الآية تقول (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) ولم تقل علمنا أقرب، (وهو) هل أن ضمير هو يعني علمه، أي منطق هذا، تقول لي باعتبار أن القواعد الأخرى تقتضي هذا، قد أوافقك، ولكن أقول أنت الذي تنتقد الآخرين وتقول أن هذا تأويل وهذا مجاز وخلاف الظاهر. يقول: (إنما يعني بذلك العلم لأن الله تبارك وتعالى على العرش ... وهو بائن من خلقه لا يخلو من علمه مكان) لأنه لا يستطيع أن يقول لا يخلو منه مكان، (ولله عرش وللعرش حملة يحملونه) أنا أسأل أيهما أقوى الحامل أو المحمول؟ لا يوجد عاقل إذا كان كلاهما جسم لا يعقل أن يقول أحد أن المحمول أقوى من الحامل، الله يحمل الملائكة أم الملائكة يحملون الله؟ الله يحملهم، هنا بعد ذلك سيتضح أن وجود الملائكة بالله سبحانه وتعالى قائم به سبحانه وتعالى، ولولاه لما كان هناك شيء وسيأتي بحثه. قال: (للعرش حملة يحملونه وله حد) المورد الأول هو (مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه برواية حرب بن إسماعيل الكرماني). هذا هو المورد الأول.

المورد الثاني ما ورد في كتاب (الرد إلى الجهمية، ص98) للإمام أبي سعيد الدارمي، المتوفى 280هـ، قال: (لأن الكلمة قد اتفقت من الخلق كلهم أن الشيء لا يكون إلا بحد وصفة) ولا أدري من أين جاء بهذا الإجماع، كلمة من؟ كتاب، سنة، صحابة؟ لا، وإنما بدأت القضية من عبد الله بن المبارك المتوفى سنة 281هـ. هذه الادعاءات من غير دقة موجودة كثيراً في كلماته. قال: (لأن الكلمة قد اتفقت من الخلق كلهم أن الشيء لا يكون إلا بحد وصفة وأن لا شيء ليس له حد ولا صفة) فلذلك قلتم لا حد له وقد أكذبكم الله تعالى فسمى نفسه أكبر الأشياء، إذن يعتقدون أن الله جسم، الآن لا أريد الدخول في التفاصيل، لأن الأكبرية والأصغرية، ارجعوا إلى أي كتاب علمي يقولون هو وصف الكميات، عندما نقول هذه كمية وهذه كمية هذا جسم وهذا جسم عند ذلك نقول هذا أكبر من هذا وهذا أصغر من هذا. أما إذا قلنا في الأمور المعنوية أنت لا تستطيع أن تجيب بهذا، إذا سألتك عن الشجاعة أكبر او العلم، تقول هذا السؤال لا معنى له لأن الشجاعة من الأمور المعنوية، في الأمور المعنوية أنا أسألك شجاعة فلان أكبر أو شجاعة فلا، تقول هذا السؤال لا معنى له، لأن الصغر والكبر وصف الأجسام والشجاعة والعلم والكرم والجود هذه معاني فلا معنى لأن تتصف بالأكبرية والأصغرية، إذن هؤلاء عندما يصفون الله أكبر الأشياء وأعظم الأشياء مرادهم منه الجسمية.

لا يقول لي قائل: سيدنا في روايات الكافي أيضاً موجود أن الله أكبر الأشياء؟

أهل البيت بينوا مرادهم من الأكبرية ليس الأكبرية الجسمية، هم قالوا الله أكبر من أن يوصف، يعني بوصف المخلوقين، وإلا الله سبحانه وتعالى له صفات ولكن صفاته ليست صفات المخلوقين التي هي زائدة على ذاته. إلى أن يقول: (قال أبو سعيد والحجة لقول ابن المبارك) إذن القضية مؤسسة من ابن المبارك، يعني لا في الكتاب ولا في السنة ولا في كلمات كبار الصحابة ولا في كلمات التابعين، (والحجة لقول ابن المبارك قول الله تبارك وتعالى (وترى الملائكة حافين من حول العرش) فلماذا يحفون حول العرش، إلا لأن الله عز وجل فوقه) يعني الحماية الخاصة، هذا هو تصويرهم. أنا عندما وقفت عند هذه الأبحاث أردت أن يعرف المشاهد الكريم هؤلاء الذين كتبوا هذه الكتب والى الآن يدرسونها في مدارسهم وجامعاتهم انظروا إلى هذا التصور عن الله كم هو سقيم وساذج، فكأنه هو جالس على عرشه والملائكة محيطون به. (إلا لأن الله عز وجل فوقه ولو كان في كل مكان لحفوا بالأمكنة كلها) هذا استدلالهم (لا بالعرش دونها ففي هذا بيان بيّن للحد) هذا هو المورد الثاني.

المورد الثالث هو ما ورد في كتاب (الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية، ج3، ص161) لان بطة العكبري الحنبلي، المتوفى 387هـ، قال: (قال حرب قلت لإسحاق بن راهويه العرش بحد) محدود (قال: نعم، وذكر عن ابن المبارك) آخر السند ينتهي إلى عبد الله بن المبارك، يعني منشأ هذه الفكرة ابن المبارك، وأنا لا أعلم أن هذا ابن المبارك إمام أو نبي أو وصي حتى تكون لأقواله هذه القيمة (وذكر عن ابن المبارك قال هو على عرشه بائن من خلقه بحد).

المُقدَّم: وما وراء الحد ماذا يكون يا ابن المبارك.

سماحة السيد كمال الحيدري: لا يوجد، مثل العدد مئة يوجد شيء آخر غيره، يقول هذا الأثر في رقم 118 أثر إسحاق بن راهويه لأن بعضهم قالوا أن هذه النسبة إلى ابن المبارك سندها غير صحيح يقول السند صحيح إلى ابن المبارك.

المصدر الرابع الذي اشار إلى هذا المعنى هو كتاب (السنة، ج1، ص176) للإمام أبي عبد الرحمن عبد الله بن إمام أهل السنة أحمد بن محمد بن حنبل المتوفى 290 هـ، تحقيق ورواية الدكتور محمد بن سعيد القحطاني، قال: (وسمعت عبد الله) عبد الله بن المبارك (يقول نعرف ربنا فوق سبع سماوات على العرش بائن من خلقه بحد) هذا في كتاب السنة.

وكذلك ما ورد في كتاب (درء تعارض العقل والنقل أو موافقة صحيح المنقول لصريح المنقول، ج1، ص386) لابن تيمية، تحقيق محمد رشاد سالم، قال: (قلت لأحمد بن حنبل يحكى عن ابن المبارك) يعني لا يوجد هذا القول لا في التابعين ولا في الصحابة فضلاً عن الكتاب والسنة (يحكى عن ابن المبارك وقيل له كيف نعرف ربنا قال في السماء السابعة على عرشه بحد، فقال أحمد: هكذا هو عندنا). إذن أيضاً من هؤلاء القائلين بالحد.

ومن القائلين الحد ما ورد في كتاب (العلو للعلي العظيم، ج2، ص1122) للذهبي الشافعي الأثري المتوفى 748هـ دراسة وتحقيق عبد الله بن صالح البراك، دار الوطن، إسحاق بن راهويه عالم خراسان، يشير إلى نفس المطلب.

ومن الموارد ما ورد في كتاب (اجتماع الجيوش الإسلامية، ص226) للإمام ابن القيم مع بيان موقف ابن القيم من بعض الفرق، إعداد وتحقيق الدكتور عواد عبد الله المعتق، مكتبة الرشد، الرياض، أيضاً نفس الكلام وارد هناك.

يبقى عندي بأنه ممن أحصى القائلين بوجود الحد لله هذا الكتاب، يعني الأخوة إذا أرادوا أن يحصوا من قال بوجود الحد لله يجدوه في كتاب (إثبات الحد لله عز وجل وبأنه قاعد وجالس على عرشه، ص31 - 36) صنفه الدشتي المتوفى 665هـ، قال: (المبحث الخامس، من صرح من أهل العلم بإثبات الحد لله) استقرأهم تأريخياً من سنة 181هـ إلى وقتنا الحاضر، وقد ثبت لكم أنه أتباع ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب الآن المدرسة السلفية الحديثة في المملكة العربية يؤمنون بهذه المدرسة، يقول: (عبد الله بن المبارك، الحميدي عبد الله بن الزبير) ولا يعلم أنه من الأئمة (سعيد بن منصور، أحمد بن حنبل، إسحاق بن راهويه، حرب بن إسماعيل الكرماني، الأثرم أحمد بن محمد بن هانئ، عثمان بن سعيد الدارمي، عبد الله بن أحمد بن حنبل، الخلال أبو بكر أحمد بن محمد، أبو عبد الله بن بطة العكبري، يحيى بن عمار السجستاني، أبو القاسم ابن منده، أبو إسماعيل الأنصاري الهروي صاحب كتاب الأربعين في دلائل التوحيد، أبو الحسن الجزري، القاضي أبو يعلى، أبو العلاء الهمداني) صاحب الرد على التأويلات (أبو القاسم التيمي، ابن الزاغوني، الدشتي، وشيخ الإسلام ابن تيمية) مجموعهم إلى هنا 21 فقط من كل علماء الأمة الإسلامية التي فيها عشرات الآلاف من المحققين والعلماء (ابن القيم، ابن أبي العز الحنفي، يوسف بن عبد الهادي) ثم بعد ذلك عندما نأتي إلى المدرسة الحديثة يعني أتباع محمد بن عبد الوهاب (الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى النجدي، الشيخ سليمان بن سحمان النجدي، الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ الفوزان) المجموع مع المعاصرين لا يتجاوز عددهم 28.

سؤالي هنا للمشاهد الكريم وهو: بينكم وبين الله لو أردنا أن نعد كل علماء الإسلام، لا أتكلم عن علماء مدرسة أهل البيت، بل في جمهور المسلمين، بينكم وبين الله ألا يتجاوزون الآلاف من العلماء، (20-30) منهم قائلون بأن الله له حد، ثم هؤلاء يأتون ويدلسون ويكذبون على الأمة ويوهموا الأمة أن هذا رأي أهل السنة والجماعة، نحن مشكلتنا مع هذا التدليس العلمي الممنهج، هذا التدليس من أين جئتم وصرتم تمثلون أهل السنة والجماعة حتى تخرجون في مواقعكم وتدعون نحن أهل السنة والجماعة، كذبتم أنتم لا تمثلون أهل السنة والجماعة، وأنا أتصور عموم الناس الذين يتبعونكم لو يعرفون هذه الحقائق أنا على يقين أنهم سيحاسبونكم يقولون لماذا تدعون أنكم أهل السنة والجماعة ولا يتجاوز عددكم قبل ابن تيمية عدد أصابع اليد 18 وبعد ابن تيمية 10 أشخاص، وإلا هذا الكتاب كتب حتى يبرزون قوة هذه النظرية ولكن ما استطاعوا أن يجمعوا إلى هذا العدد البائس، إذا قيس إلى باقي العلماء. إذن هذه النظرية بغض النظر عن نظرية مدرسة أهل البيت، الجواب: أنها ليست هي نظرية أهل السنة والجماعة وإنما ابتدأت القضية بعبد الله بن المبارك ثم جاءت إلى أن وصلت إلى بعض الأعلام من قبيل الدارمي وابن مندة ثم الزاغوني إلى أن جاءت إلى ابن تيمية ثم هذه المدرسة السلفية الحديثة التي تدعي أنها من أتباع ابن تيمية أسست لهذا وكتبت الكتب الكثيرة، وبهذه التعابير غير العلمية، لا أريد أن أقول شيء آخر، وبهذه التعابير غير المؤدبة وهو التعبير، بينكم وبين الله إنسان يحترم نفسه علمياً يسمي كتابه (قمع الدجاجلة) هذا عنوان كتاب بينكم وبين الله. الدجاجلة جمع دجال.

المُقدَّم: بمجرد أن الشيخ حسن اختلف معكم.

سماحة السيد كمال الحيدري: بغض النظر عن الشيخ حسن فرحان المالكي، افترض اختلفتم مع الشيخ المالكي أو مع غيره، أهذا هو منطق الحوار عندكم، من يختلف معكم يكون دجالاً، فإذا كان هذا المنطق سوياً أنا أيضاً أسميك دجال، إذا كنت تريد أن تتعامل بهذا المنطق، إذا كنت تريد أن تتعامل بمنطق إذا خالفتني فأنت دجال، فعندما تخالفني أنت تكون دجال، إذا أردت أن تعاملني بمنطق إذا خالفتك فأنا كافر، فأنت ايضاً إذا اختلفت معي فأنت كافر، إذا أردت تعاملني بمنطق أنه إذا اختلفت معك فأنا صاحب بدعة أنا اختلف معي فأنت صاحب بدعة، إذا كنت أنا أهل شرك فأنت صاحب شرك، إذا أنا خارج عن الملة أنت خارج عن الملة.

إذن أخواني الأعزاء تعالوا نرفع هذه الحالة التي هي أقرب إلى الحالة التهريجية والهمجية منها إلى الحالة العلمية، تعالوا نتفق على أصول هذه الأصول إن اتفقنا عليها فبها ونعمت، نحن جميعاً على ملة الإسلام الجميع يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم هناك قضايا قد نتفق فيها وقد نختلف، وإذا لم نتفق أنا وأنتم، العلماء لم نتفق فيما بيننا اطمأنوا أن هذا سينعكس سلباً إلى أتباعنا فيتحول إلى سيارات مفخخة ويتحول إلى قنابل متحركة وانتحارية، ويتحول إلى اعتقال هنا وهناك وذبح. بينكم وبين الله هذا هو المنطق، هذا تعامل النبي صلى الله عليه وآله، حتى مع المنافقين الذين كانوا في زمانه، رسول الله وفي كتبكم وفي كتبنا موجود أنه لم يسمح أن يؤذى أحد من المنافقين الذين كانوا يعلمون أنهم منافقين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (لا تعلم ما احدثوا بعدك، يقول أصحابي أصحابي).

المُقدَّم: سماحة السيد الآن قضية وعدتم المشاهد الكريم بأن تذكروا نظرية أهل البيت عليه السلام في ثبوت الحد أو عدمه.

سماحة السيد كمال الحيدري: إلى هنا اتضح أن هؤلاء ما استطاعوا أن يجمعوا إلا ثلاثين شخصاً قديماً وحديثاً بأن الله له حد، وإلا حتى بعض علمائهم الكبار مثل صالح العثيمين قال بالتوقف لأنه وجد ما هي النتائج الخطيرة المترتبة على إثبات الحد لله سبحانه وتعالى.

أما نظرية أهل البيت، المشاهد الكريم لابد أن يلتفت بشكل واضح ودقيق أن أهل البيت واحدة من أهم مفاصل أعتقاد أهل البيت في التوحيد أن الله ليس له حد، بمعنى يعني غير متناهٍ كما أشرنا في مثال العدد، قلنا العدد إذا كان يمكن إضافة ما فوقه عدد آخر يكون أكبر منه يكون هذا محدوداً، أي عدداً فرضته وإن كان أمام آلاف الأصفار تستطيع أن تضيف إليه شيء فيكون أكبر منه، هل يمكن أن يفرض شيء يكون ما وراء الحق سبحانه وتعالى أو لا يمكن؟

أهل البيت عليه أفضل الصلاة والسلام لفهمهم من القرآن الكريم وما ذكره القرآن يعتقدون أنه لا يمكن أن يفرض ما وراءء شيء، أبداً، لأنه غير متناهي أما هؤلاء، طبعاً تقول لي باقي علماء المسلمين، الكثير من علماء المسلمين لم يتعرضوا لهذه المسألة حتى نعرف ما هو رأيهم هؤلاء الذي عرضوا ذكرنا رأيهم في المسألة.

أما نظرية أهل البيت، اخواني الأعزاء استفاضت الروايات إن لم أقل تواترت تواتراً معنوياً أن الله سبحانه وتعالى ليس له حد، وليس له منتهى، وليس له طرف، وليس له غاية يقف عندها. كيف أن النهار له غاية يقف عندها فيبدأ الليل الله ليس له غاية ينتهي عندها فيبدأ شيء آخر.

أما الكلمات في هذا، أولها أنقلها من نهج البلاغة لأمير المؤمنين، ولكن بودي أن أشير إلى نكتتين مرتبطة بنهج البلاغة، اولاً لابد أن يعلم المشاهد الكريم دعوى أن نهج البلاغة وخطب نهج البلاغة ليس لها سند باعتبار أن الشريف الرضي كتبها في القرن الرابع أو الخامس وبينه وبين الإمام أمير المؤمنين أربعة قرون فلا معنى لأن يكون سندها معتر، هذه دعوى سقيمة ودعوى غير علمية، دعوى لا تصدر إلا من الجهلة، لا من أهل العلم، وذلك باعتبار أن هناك كتب مهمة كتبت في بيان مصادر نهج البلاغة، ومن هذه الكتاب الأساسية كتاب (مصادر نهج البلاغة) لعبد الزهراء الحسيني ويقع في أربعة مجلدات، نعم لا أدعي أن كل هذه الخطب خطب لها أساند وسند صحيح ولكنه قد يكون لها سند صحيح وقد لا يكون. ومن هنا لابد أن نلتفت كما لا نوافق أن كل نهج البلاغة لا سند له لا نقبل أنه يخرجون على الفضائيات والمواقع ويقولون كلما ورد في نهج البلاغة فهو حجة على مدرسة أهل البيت، لم يقل علماء مدرسة أهل البيت أن كل ما ور في نهج البلاغة صحيح. هذه قضية.

القضية الثانية التي لابد أن يلتفت إليها المشاهد الكريم في نهج البلاغة وسأقف عندها وأذكر الشواهد، وهو ما يروج له أن علماء مدرسة أهل البيت يعدون كتاب نهج البلاغة أصح كتاب عندهم بعد كتاب الله، هذه دعوى سقيمة لم يدعها من علماء أهل البيت أو لا أقل كبار علماء أهل البيت لم يدعوا هذه الدعوى.

تعالوا معنا إلى نهج البلاغة لنرى ماذا يوجد في نهج البلاغة بالنسبة إلى ذلك، هذه النسخة التي أنقل منها، ضبط نصه وابتكر فهارسه الدكتور صبحي الصالح، الطبعة ليست مهمة، في (نهج البلاغة، الخطبة 163) وهي تحت عنوان، ومن خطبة له عليه السلام الخالق جل وعلا. يقول: (فالحد لخلقه مضروب) يعني له غير موجود، يعني الحد من صفات المخلوقين، من صفات الذين خلقهم، لا من صفات الخالق بل هي من خصائص، لا أريد أن أعبر بالصفة لأنه يقولون أنه هؤلاء أيضاً لا يقولون بأن الحد صفة، الحد من خصائص المخلوق لا من خصائص الخالق، (فالحد لخلقه مضروب وإلى غيرهم منسوب) غيره يعني مخلوقاته وخلقه. هذا المورد الأول.

المورد الثاني ما ورد في (الخطبة 182) وهي المعروفة بروي عن نوف البكالي قال خطبنا بهذه الخطبة أمير المؤمنين علي عليه السلام بالكوفة وهو قائم على حجارة نصبها له جحدة بن أبير المخزومي، قال: (والحمد لله) هذه نظرية أهل البيت (والحمد لله الكائن قبل أن يكون كرسي أو عرش) لا أنه جالس على العرش، إذن الله لا حاجة له وإلا لو قلنا أنه له عرش وكرسي يكون محتاجاً إلى العرش ليستوي عليه يعني لا يستطيع الاستواء بلا العرش، (والحمد الله الكائن قبل أن يكون كرسي أو عرش أو سماء أو أرض أو جان أو انس لا يدرك بوهم) كما تتوهمون، تقولون جالس، (لا يدرك بوهم) هذه خصائص نظرية أهل البيت في التوحيد، من أراد إلى توحيدنا فليستمع إلى علي بن أبي طالب، والحمد لله على هذه النعمة، الحمد لله أننا عرفنا علي وآل بيته بتوصية وبأمر وببيان وبنص من الله سبحانه وتعالى بينه لنا رسول الله، فليكن في علم المشاهد الكريم نحن لا نقول أن الإمامة الدينية والسياسية لعلي وأهل بيته بنص من رسول الله، هذا كلام غير علمي وغير صحيح، نحن نعتقد أن إمامتهم الدينية والسياسية بنص من الله لا من رسول الله، بنص من الله لا بنص من رسول الله، نعم رسول الله بلّغ ما جعله الله ونصه الله، الجاعل لإمامتهم هو الله، (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) في ماذا؟ نحن نعتقد أن هذه الآية مرتبطة بإمامة علي الدينية والسياسية لا كما يقوله بعض المتطفلين على مثل هذه المباحث، أولئك الذين أفلسوا عقائدياً ونفسياً وانهزموا عند ذلك طرحوا هذه الأبحاث. قال: (لا يدرك بوهم ولا يقدر بفهم، ولا يشغله سائل، ولا ينقصه نائل، ولا ينظر بعين، ولا يحد بأين) انتم الذين قلتم أن الله محدود وله أين وله مكان، يقول: لا، هذه ليست من خصائص الله. هذا هو المورد الثاني.

المورد الثالث ما ورد في (ص273، الخطبة 286) في التوحيد، وتجمع هذه الخطبة من أصول العلم ما لا تجمعها خطبة، يقول: (مفرق بين متدانياتها) يعطي أحكام الأجسام (وبمضادته بين الأمور عرف أن لا ضد له، وبمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له ... لا يشمل بحد) أساساً لا يمكن أن يكون مشمولاً للحد، لا يقول لنا قائل أننا لا نعرف حده، لا، نحن نتكلم في الواقع ونفس الأمر سواء علمنا أو لم نعلم، أنتم تقولون له حد ولكن نحن لا نعلم الحد، له كمية ولكن نحن لا نعلم الكمية. يقول: (لا يشمل بحد ولا يحسب بعد).

المُقدَّم: معنا الأخ عبد العزيز من السعودية، تفضلوا.

الأخ عبد العزيز: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ عبد العزيز: بالنسبة لموضوع الحد وإثبات الحد، عقيدة أهل السنة أن الله ليس له حد، وقال الإمام الطحاوي في عقيدة الطحاوية التي تمثل عقيدة السلف، تعالى الله عن الحدود، وعقيدة الإمام الطحاوي هي عقيدة أبي حنيفة وأبي يوسف من أئمة الحنفية والسلف، فهؤلاء الذين يثبتون الحد أهل السنة بريئون منهم، وهؤلاء الذين ذكرت أسمائهم قبل قليل، وحاشا الإمام ابن المبارك، حيث أن هناك الكثير من الكتاب من اهل السنة تحققوا من صحة الكلام المنسوب لابن المبارك وأثبتوا بطلانه. ايضاً بالنسبة لبعض الكتب التي ذكرها السيد كمال ككتاب السنة لعبد الله بن أحمد هذا سنده مكذوب، هذا الكتاب لا يصح على الكتاب أحمد، وكتاب الرد على الجهمية للإمام أحمد هذا أيضاً مكذوب على الإمام أحمد.

سماحة السيد كمال الحيدري: أنا بيني وبين الله الآن كاحتمال أن تذكر وتقول أن كتاب السنة مكذوب وكتاب الدارمي مكذوب، ابعثوا على موقعنا هذه القضايا التي بين أيديكم حتى نتثبت منها، إن ثبت ما تدعيه واقعاً نأتي إلى هنا ونقول أن هذه الكتب مكذوبة على هؤلاء.

الأخ عبد العزيز: أنا أعرف أن هذه الكتب معتمدة عند السلفية، هذه الكتب معتمدة ويحتج بها، ولكن عندنا نحن أهل السنة نقول حاشا للإمام أحمد أن يقول هذا الكلام، وهناك كتب لعقيدة الإمام أحمد بن حنبل صحيحة، مثل اعتقاد الإمام أحمد لأبي الفضل التميمي، أتمنى أن تعرض هذا الكتاب وتقارن بين العقيدتين، فهذه العقيدة المنسوبة للإمام أحمد في الكتابين الرد على الجهمية وكتاب السنة لعبد الله، هذين الكتابين سندهما ليس صحح. أما الدارمي فله هذا الكتاب وسنده صحيح، الدارمي نقول أنه مائل إلى الحشوية. أيضاً بالنسبة للإمام الذهبي نفى الحد في سير أعلام النبلاء، أنت ذكرت قبل قليل من كتاب العلو للعلي الغفار، الإمام الذهبي نفى الحد في سير أعلام النبلاء، في بدايته الإمام الذهبي تأثر بكلام ابن تيمية، ثم في آخر حياته مال إلى التفويض ونفى الحد في سير أعلام النبلاء.

سماحة السيد كمال الحيدري: أنا أشكر هذه المداخلة القيمة، لأن هذا يكشف أن أصحاب نظرية الحد أقل من الثلاثين بل أن عددهم لا يتجاوز العشرة.

الأخ عبد العزيز: وأهل السنة والجماعة هم الأشاعرة والماتردية وفضلاً الحنابلة كابن الجوزي وأبو الفضل التميمي وغيرهم. نشكرك شكراً جزيلاً لأنك توضح للناس ما حقيقة هؤلاء في التجسم الذين لا يفتحون هذا الباب أبداً، بل يتحدثون عن الشرك والتوسل وغيره من الأمور الفرعية جداً ويتركون هذا الباب المهم جداً والسلام عليكم.

سماحة السيد كمال الحيدري: جزاك الله خيراً على هذه المداخلة القيمة أولاً، وثانياً هذا الذي قلناه مراراً أن هؤلاء ليسوا أهل السنة والجماعة، هذا الأخ العزيز من أهل السنة والجماعة الآن تكلم بشكل واضح وصريح أنه حتى بعض هؤلاء الأسماء التي يحاول أتباع ابن تيمية وأتباع السلفية الحديثة وأتباع محمد بن عبد الوهاب أن يموهوا على الناس أنهم يقولون الحد، الأخ العزيز يقول بأنه لا الذهبي منهم ولا أحمد بن حنبل ولا عبد الله بن أحمد بن حنبل منهم، ومع ذلك يخرجون على الفضائيات ويموهون، أنا أتصور أن أول من يموهون عليهم هم أتباعهم، أتباعهم الذين يبحثون عن الحقيقة ولكن يتصورون أن علمائهم يصدقون عليهم، وفي الواقع يموهون ويدلسون ويكذبون عليهم عندما يقولون نحن أهل السنة والجماعة، وأهل السنة والجماعة براء كما هو واضح من كلام الأخ.

المُقدَّم: الأخ خالد من السعودية، تفضلوا.

الأخ خالد: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ خالد: في البداية أود أن أشكر السيد كمال الحيدري على هذه الأطروحات التي فتحت النقاش على أساس علمي، وسؤالي هو في البداية قبل أن يخلق الله الخلق خلق السماوات والأرض والجبال هل خلقها في داخله أم في خارجه، لأن الذين يثبتون الحد يقولون أن الله خلق السماوات والأرض والكون خارجه، أما الذين لا يثبتون الحد يقولون بأن الله خلق السموات والأرض كلها في داخله. نريد جواباً توضيحاً لهذه المسألة.

سماحة السيد كمال الحيدري: قلنا أن فهم السؤال نصف الجواب، هذه قاعدة، يعني إذا كان السؤال صحيحاً عند ذلك يمكن أن يجاب عليه، هذا السؤال أخي العزيز سؤال خطأ لأن الله سبحانه وتعالى ليس بجسم حتى نسأل أنه خلق الأشياء خارجه أو داخله، هذا السؤال يرد في ذاك الموضع الذي فيه الله جسم من الأجسام كهذا الجسم، افترضوا أن هذا جسم ويريد أن يخلق فنسأل يخلقه داخله أو يخلقه خارجه، لماذا؟ لأنه جسم وله حيز ويوجد عنده خارج، فهل خلقه داخله أو خارجه، أما إذا فرضنا أن الله سبحانه وتعالى ليس بجسم، ليس بمادة، ليس له مكان فإذن يا أخواني الأعزاء هذا السؤال لا معنى له، هذا من قبيل المثل القائل: وقف ديك على جدار مشترك بيننا وبين جارنا، ثم باض بيضة فهذه البيضة لنا أو للجار. الجواب: الديك لا يبيض حتى نسأل أن هذه البيضة لنا أو للجار، أنت أولاً ثبت العرش ثم انقش، أنت ثبت أن الله مادي جسماني، ثم اسأل هل هو داخله أو خارجه. تعالى الله عن مثل هذه التوهمات، تعالى الله عن مثل هذه التصورات الباطلة.

المُقدَّم: الدكتور مظلوم من أمريكا، تفضلوا.

الدكتور مظلوم: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الدكتور مظلوم: أولاً نبارك لفضيلة السيد هذا الشهر الكريم ونعظم له الأجر في ذكرى استشهاد سيد الخلق بعد رسول الله الإمام علي عليه السلام، سؤالي هو فقط ليس سؤالاً وإنما هو اقتراح، واعتذر عن هذه الجرأة، أنه لو تطيلون وقت البرنامج قليلاً ليزداد على الأقل نصف ساعة إلى 45 دقيقة لأن أخواننا هنا من أتباع السنة والجماعة يريدون أن يستمعوا أكثر لكم وهم مشتاقون كثيراً لسماعكم ولطرحكم المنقطع النظير، والكثير الكثير من أتباع السنة والجماعة وحتى من الديانات الأخرى يأتون عندنا ويستمعون لمحاضرتكم، أنا أشد على أيديكم، وكثير من الأخوة يستمعون لكم.

سماحة السيد كمال الحيدري: واقعاً هذا كلام موجه إلى مخرج البرنامج لعله يعطينا وقتاً أكثر ونستطيع أن نكون في خدمة المشاهدين الكرام.

المُقدَّم: الأخ أبو عبد الله من السعودية، تفضلوا.

الأخ أبو عبد الله: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ أبو عبد الله: عندي مداخلة أتمنى من السيد أن يأخذها بصدر رحب، بالنسبة للحد لله، هذا يعني أنه موجود في مكان واحد، فأنا أقول فيما أقول أنه لماذا نصلي باتجاه القبلة لماذا لا نصلي ونحن نائمون ومستقبلين السماء حتى تكون صلاتنا لله. إذا كان الله متواجداً على عرشه فلماذا لا تكون صلاتنا باتجاه السماء حتى تصل أسرع. الشيء الآخر ولا أريد أن أطيل عليكم بالنسبة للحلقة التي بالأمس أو قبل يوم كنت اريد أن أقول وجود الله صعب على فهمنا البشري فنحن بشر وصعب علينا، فأنا أريد من السيد كمال الله يحفظه أن يمثل بشيء ككتاب الله، كتاب الله القرآن إذا كان هو حده المصحف والمجلد والأوراق فماذا نقول لشخص يحفظ القرآن في صدره، يستطيع أن يدخل هذا الشخص إلى أماكن إلى دورة المياه والمصحف في صدره.

سماحة السيد كمال الحيدري: هذا نقض على أولئك الذي يقولون بالحد. لم تكن أسئلة وإنما كانت إشكالات على الذين يقولون بأن الله في مكان معين، يقول لهم أن الأولى أن تصلوا إلى السماء لا أن تصلوا إلى الكعبة، وهؤلاء الذين يقولون أنه إذا كان الله سبحانه وتعالى وهو معكم أين ما كنتم فلا يلزم أن يكون ذاته فيلزم أن يكون في المرحاض، فيلزم أن الإنسان الذي يحفظ القرآن ويكون في الأماكن النجسة يكون إهانة للقرآن الكريم.

المُقدَّم: حين سؤال رسول الله أين الله، قال: عند المنكسرة قلوبهم.

سماحة السيد كمال الحيدري: أما سؤالك الأخ العزيز وهو أن الإنسان لا يستطيع. نعم، لا يستطيع لأن الإنسان بلغ ما بلغ من القوة العقلية والفهم فهو محدود، والمحدود لا يستطيع أن يحيط علماً بالله، ولو كان الله محدوداً لأمكن الإحاطة به، نعم قد أنا لا أحيط به ولكن يأتي موجود آخر أقوى مني فيحيط به علماً، وهذه من خير الأدلة على أن الله يستحيل أن يكون محدوداً وإلا لو كان محدوداً لأمكنت الإحاطة العلمية به، وحيث أن صريح القرآن يقول (ولا يحيطون به علماً) إذن لا يمكن أن يكون الحق تعالى محدوداً ولو كان محدوداً لأمكن الإحاطة العلمية به. في ليلة الجمعة سأتمم نظرية أهل البيت حتى يعرف المشاهد الكريم أن أهل البيت ما هي نظريتهم في هذه المسألة التي تعد من أمهات مسائل معرفة الله سبحانه.

المُقدَّم: شكراً لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، شكراً لكم مشاهدينا الكرام، إلى اللقاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.