محورية القرآن الكريم في المعرفة ا لدينية، ق(2)
  • عنوان المقال: محورية القرآن الكريم في المعرفة ا لدينية، ق(2)
  • الکاتب: سماحة السيد كمال الحيدري
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 8:1:21 3-10-1403

02/08/2011

المُقدَّم: السلام عليكم مشاهدينا الكرام ورحمة الله وبركاته، أحييكم في هذه الحلقة من برنامج مطارحات في العقيدة، هذه هي الحلقة الثانية التي نتحدث فيها عن (محورية القرآن الكريم في المعرفة الدينية، القسم الثاني) أيضاً حول هذا الموضوع نستضيف سماحة آية ا لله السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بسماحة السيد. سنكون حول هذا الموضوع والمواضيع المتعلقة به على طول شهر رمضان. 

سماحة السيد كمال الحيدري: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين، وكذلك أرحب بجميع الأعزاء من المشاهدين الكرام، إن شاء الله تعالى نكون في هذا الشهر المبارك في خدمة الأعزاء.

المُقدَّم: قبل البدء بالحديث أنوه لبعض الأمور، أربعين دقيقة وبعدها سنأخذ الاتصالات الهاتفية التي لابد أن تكون في صلب الموضوع، ونأسف لعدم أخذ أي اتصال خارج البرنامج، هذا أولاً، وثانياً لابد أن يكون السؤال في نطاق أدب الحوار.

سماحة السيد كانت هناك إجابة مبتورة في الليلة الماضية لسؤال من أحد المتصلين الأفاضل حول المرجعية بعد الأئمة أو في عصر الغيبة.

سماحة السيد كمال الحيدري: في الواقع بأن هذا السؤال والجواب عنه مرتبط بحديث سابق لأوانه باعتبار بأنه لابد أن يثبت لنا بحسب التسلسل المنطقي للبحث أن يثبت لنا من هم المرجعية بعد رسول الله. فإذا ثبتت المرجعية من هم مرجعية فهم الكتاب وتفسير القرآن وتفسير النص الديني بعد رسول الله، يأتي هذا التساؤل وهو أنه من هم المرجع في تفسير النص الديني في عصر الغيبة الكبرى.

وفي كلمة واحدة أنا قلت في الليلة الماضية بأن أئمة أهل البيت عليه السلام أوجدوا نظام المرجعية وأسسوا لنظام المرجعية لتكون المرجعية ولتكون المؤسسة الدينية وليكون علماء الدين هم الذين يتصدون لتفسير النص الديني، يعني عندما نريد أن نفهم أي نص ديني سواء كان في القرآن أو في السنة بالمعنى الأعم ما ورد عن رسول الله وعن أئمة أهل البيت لابد من الرجوع إلى علماء الدين أو إلى المؤسسة الدينية المتخصصين في هذا المجال، وهنا لابد أن أؤكد على هذه الحقيقة أن هذه المؤسسة لا يتبادر إلى ذهن أحد أن هذه المؤسسة إنما أسست في عصر الغيبة يعني أن علماء الشيعة أسسوا نظام المرجعية وهذا النظام المتعارف بيننا، بل نحن نعتقد بحسب التتبع التأريخي أن أئمة أهل البيت هم الذين أسسوا لهذا النظام. ولذا أنا أعتقد بأن هذا النظام يعد أحد أقدس المقدسات الشيعية ويعد أحد أهم ثوابت نظام الفكري الشيعي عموماً، هذه نقطة.

والنقطة الثانية التي لابد أن يلتفت إليها، طبعاً ما هي شروط المتصدي يعني عالم الدين أو المرجع الديني الذي يفسر النص الديني وكيف ينتخب وأبحاث أخرى لعلنا نوفق في حلقات لاحقة في هذا الشهر أو بعد هذا الشهر أن نقف عند ذلك، وهو ما يدخل تحت عنوان دور المؤسسات الدينية في عصر الغيبة والمسؤوليات التي ألقيت على عاتقها فيما يتعلق بجانب التنظير أو ما يتعلق بجانب التطبيق. في الواقع وحتى أقرب هذه الحقيقة لذهن المشاهد الكريم أنا أعتقد أن نظام المرجعية في الفكر الشيعي يعد واحد من مصاديق الشجرة الطيبة التي جاء ذكرها في القرآن الكريم (ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها).

السؤال المطروح هنا: وهو أن هذه الشجرة المباركة التي أسس لها أهل البيت وثمرها وأكلها دائم ونتاجها دائم بحسب نص الآية المباركة، ما فرق هذه الشجرة عن باقي الأشجار؟

الجواب: الأشجار الأخرى التي ضرب هذا المثل كل شجرة أو كل نوع من الشجر له نوع من الثمر، ولكن هذه الشجرة المباركة التي أسس لها أهل البيت واقعاً ثمراتها متنوعة ومختلفة، يعني بعض ثمراتها عقائدية وبعض ثمراتها فقهية وبعض ثمراتها أخلاقية، وهنا المسألة هنا يتصور البعض عندما يقع تعدد الآراء وتعدد القراءات وتعدد الرؤى وتعدد الإفهام يتصور أن هناك نحو من التناقض والاختلاف.

وهنا لابد أن أنبه المشاهد الكريم هذا لا فقط ليس فيه أي تناقض، بل يعد من أهم عناصر قوة مدرسة أهل البيت، لأن هذه تتكامل فيما بينها.

ومن هنا أوجه خطابي في كلمة أخيرة إلى جميع الأعزاء الذين يستمعون لي الآن أو بعد ذلك، أعزائي من أراد أن يشكك في هذا الأصل الثابت من أصول الفكر الشيعي وهو نظام المرجعية أو ينتقص من ذلك اعلموا إما هو جاهل وإما هو مريض وإما هو مدسوس، لا يعلم من أين ... ولذا لابد من الوقوف أمام هذا التصور.

المُقدَّم: عندي ملاحظة عليك سماحة السيد أرجو أن تكون الإجابة على الأسئلة مختصرة حتى نستطيع استقبال اتصالات أكير.

الحديث الذي تحدثنا فيه في الليلة الماضية حول محورية القرآن الكريم في المعرفة ضمن ما رويتموه ونقلتموه من حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، السؤال هنا بعد أن بين الإمام في نهج البلاغة أن المحور هو القرآن الكريم، هل أشار الإمام إلى المراجع في بيان الكتاب وفهمه وتفسيره مفهوماً أو مصداقاً بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبالتأكيد عند وقوع الاختلاف وليس في حالة الإجماع على رأي واحد.

سماحة السيد كمال الحيدري: هذه القضية وكما أشرنا في الليلة الماضية لا إشكال ولا شبهة أن هذا القرآن الذي بأيدينا وببيان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام هو المرجع الأول والمصدر الأول والمحور لجميع المعارف الدينية، أنتم انظروا إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وقد قرأنا بعض عباراته ولكن من باب التأكيد أعيد قراءة بعض العبارات. يقول في (نهج البلاغة، الخطبة 132) شرح محمد عبدة، يقول: (وكتاب الله بين أظهركم ناطق لا يعيى لسانه وبيت لا تهدم أركانه وعز لا تهزم أعوانه) طبعاً أنا لست بصدد شرح هذه المقاطع وإلا إذا وجدنا إذن هزيمة في الأمة فمنشأه الابتعاد عن كتاب الله، إذا وجدنا ذلة في الأمة منشأه الابتعاد عن كتاب الله، إذا وجدنا اختلاف في الأمة منشأه الابتعاد عن كتاب الله، ولذا نجد الإمام في مقطع آخر يقول: (كتاب الله تبصرون به وتنطقون به وتسمعون به وينطق بعضه ببعض ...) وفي الخطبة (155) ومن كلام له عليه السلام يقول: (وعليكم بكتاب الله فإنه الحبل المتين والنور المبين والشفاء النافع والري الناقع) الذي يرفع العطش (والعصمة للمتمسك) من تمسك به فقد عصمه الله، اعتصام بالعروة الوثقى (والنجاة للمتعلق لا يعوج فيقام) بخلاف غيره فأنه قد يقع فيه الاعوجاج (ولا يزيغ فيستعتب ولا تخلقه كثر الرد وولوج السمع من قال به صدق ومن عمل به سبق).

إذن إذا تأخرنا ما هو سببه؟ أننا ابتعدنا عن القرآن الكريم.

إذا وقعنا في الزيغ ما هو سببه؟ أننا ابتعدنا عن القرآن الكريم.

وعلى أي الأحوال فأنا لا أريد أن أدخل في تفصيل هذا.

إذن هذا هو كتاب الله بأيدينا، في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله في أي قضية إذا كان يقع في الاختلاف فكان المرجع لفهم ولبيان ولتفسير هذا الكتاب هو الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، لماذا؟ (لتبين للناس ما أنزل إليهم) إذا قضى الله ورسوله أمره فلا تكون الخيرة لغيره ويسلموا تسليماً. إذن هذا في عهد رسول الله، وهنا أيضاً أؤكد هذه الحقيقة لا يتبادر إلى ذهن أحد عندما نقول أننا نحتاج إلى بيان رسول الله وإلى تفسير رسول الله لحل النزاع أن القرآن لا يكفي. لا أبداً، القرآن غني بيان، نحن لكي نرفع اختلافنا نحتاج إلى بيان رسول الله، لا أن القرآن ناقص لا يكمل إلا ببيان رسول الله، هذه المغالطة لا يغالط علينا أحد يقولون أن الشيعة تقول أن القرآن ناقص ويحتاج إلى تتميم من بيان رسول الله، لا لا، القرآن كامل وتام ونور وبيان ومبين وتبيان ... ولكن أنا عندما ارجع إلى القرآن لأن فهمي قاصر، بتعبير القرآن الكريم في سورة الرعد (وأنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها) هذا إنائي الذي لا يستطيع أن يفهم النص القرآني فاحتاج إلى بيان رسول الله، هذا في عهد رسول الله.

المُقدَّم: قبل أن ندخل في مرحلة ما بعد الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم هل – وهذا سؤال محوري- هل في القرآن الكريم ما يشير إلى أن القرآن أو الوحي أو الرسول أشاروا إلى من هم أيضاً ضمن سياق الرسول في بيان المعرفة.

سماحة السيد كمال الحيدري: في زمن رسول الله كان المحور هو الرسول، ولا يحق لأحد إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون له الخيرة من أمرهم. نعم، إذا فهموا شيئاً من الكتاب وأمضاه رسول الله نعم، وأما افترضوا أن هذا الصحابي فهم شيئاً وهذا الصحابي فهم شيئاً آخر ووقع الاختلاف بينهم، من المرجع في حل الاختلاف؟ لا يمكن أن يقول لنا قائل أن القرآن هو المرجع، لماذا؟ لأن هؤلاء قرءوا القرآن وفهموا شيء وأولئك قرءوا القرآن وفهموا شيئاً آخر. إذن يحتاج الصحابة إلى مرجع لحل الاختلاف يستنطق القرآن ويفهم القرآن وقوله يكون هو الفصل وهو الحكم وهو الحاكم وهو الفيصل.

هذا في عهد رسول الله.

من هنا لابد أن ننتقل إلى المرحلة الثانية وهي أن رسول الله صلى الله عليه وآله (إنك ميت وأنهم ميتون) من الواضح أن رسول الله انتقل إلى رحمة الله، ماذا ترك للأمة من مرجع. هنا توجد عدة احتمالات تحتاج إلى تفصيل وهنا أقول في جملة واحدة:

إما أن تقولوا أن الرسول ترك أمته سدى قال إذا اختلفتم، يا رسول الله إذا اختلفنا ماذا نفعل؟ يقول: افعلوا كما تريدون. وأنا أتصور لا يتفوه بهذه المقولة أحد. أنتم انظروا إلى أي دولة حتى لو لم تكن من الدول المتقدمة تجدون أنه إذا وقع اختلاف في فهم القوانين والقواعد الدستورية توجد هناك مرجعية لفض الاختلاف، لأن نظام البشر ونظام الإنسان لا يعقل أن يكون هناك اختلاف ولا توجد هناك مرجعية يكون لها حكم الفصل في حل الاختلاف.

بعد رسول الله وهنا أنا لا أتكلم على مستوى الخلافة والتطبيق وعلى مستوى الإمامة السياسية، لا يخلط المشاهد الكريم ويتصور أني أتكلم على مستوى الخلافة السياسية، المرجعية في فهم الدين، وفي المعرفة الدينية وفي تفسير النص الديني التي هي أهم مشكلة وأعقد من مسألة الخلافة السياسية.

وبعد ذلك سيتضح أن علياً عليه السلام هو كان يعتقد لنفسه والنصوص تدل على أن رسول الله نصبه للخلافة والإمامة السياسية من بعدهن ولكنه لظروف لم تحصل تلك، ولكنه تنازل عن الإمامة السياسية ولكن لم يتنازل عن مسألة تفسير النص القرآني، بقي هو المرجع والخلفاء قبلوا.

المُقدَّم: وشهد له الآخرون بذلك.

سماحة السيد كمال الحيدري: وشهدوا بهذا الموقع أن المرجعية العلمية والمرجعية الدينية من اختصاص علي عليه السلام، هذه كانت واضحة عند الصحابة أن علي عليه السلام لا يسوى بغيره، وهذا ما يصرح به علي بعد ذلك بأنه لا يسوى بنا أحد.

هذا سأشير له لاحقاً.

إذن احتمال أن رسول الله ترك الأمة سدى هذا لا يقوله عاقل فضلاً عن أن يكون عالماً أو فقيهاً.

إذن يوجد احتمال آخر وهو أن رسول الله أرجع وأوجد مرجعية لفهم النص الديني عند الاختلاف، هنا وجد اتجاهان:

الاتجاه الأول وهو الاتجاه الذي ذهب إليه كبار علماء أهل السنة، قالوا أن المرجعية هو فهم كبار أصحاب رسول الله، لا كلهم، ولكن كبارهم وأعيناهم والنخبة العلمية لا النخبة السياسية ولا النخبة المالية، ولذا هؤلاء الذين يسمونهم بفهم الصحابة أو يسمى بفهم الصحابة أو سنة الصحابة أو حجية قول الصحابة ليس مرادهم كل صحابي كل صحابي على انفراد قوله يكون حجة، ويكون قوله حجة في فهم الدين، ليس الأمر كذلك، وإلا لما استقر حجر على حجر، عند الاختلاف إذن لمن المرجعية، هذا هو الرأي الذي تبناه علماء أهل السنة أو ما يسمون بالسلفية، يعني فهم الصحابة له مرجعية، يعني نحن الآن عندما نأتي إلى القرآن الكريم نفهم منه شيئاً ولكن الصحابة فهموا منه شيئاً آخر ولم يرد فيه حديث من رسول الله، بماذا نعمل بفهمنا أو بفهم الصحابة؟ يقولون نعمل بفهم الصحابة. لأنهم أقرب إلى الرسول وعاصروا السنة وعاصروا الحديث ...

الاتجاه الآخر وهذا هو الخلاف الأساسي، البعض يتصور ان الخلاف بين مدرسة أهل السنة ومدرسة أهل البيت أن الخلاف فقط في القضية السياسية، لأن هنا قد يقول قائل: القضية السياسية انتهت فلماذا نحن الآن نختلف عليها؟

لا يا أخي العزيز، الاختلاف الأصلي قبل أن نصل إلى مسألة الخلافة والإمامة السياسية هي الاختلاف في المرجعية في فهم الدين وتفسير النص الديني وبيان معارف القرآن الكريم.

المُقدَّم: سماحة السيد قد يرد هنا إشكال أن ليس هناك خلافاً حقيقياً في هذا المجال لأننا أشرنا أن الخلفاء أيضاً وكبار الصحابة اعترفوا بمرجعية أهل البيت لكن هناك من صور ...

سماحة السيد كمال الحيدري: القضية أعمق من هذه، لأنهم كانوا يرجعون إلهي فيما يريدونه، أما ما لم ينسجم مع قضايا السلطة لا يرجعون إليه.

أنا أريد أن انظر للقضية بغض النظر عن أنهم رجعوا أو لم يرجعوا.

إذن أعزائي وجد هنا اتجاهان أساسيان:

الاتجاه الأول يعتقد بأن المرجعية لعلي وأهل بيته من بعده، يعني الحسن والحسين ... إلى آخر قائمة الأئمة، المهم المرجعية لعلي. أهل البيت بعد ذلك لهم حساب آخر.

الاتجاه الثاني يقول: أن المرجعية لأعلام الصحابة ولأعيان الصحابة ولفقهاء الصحابة وللنخبة العلمية من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله.

ولكنه هنا لابد أن أشير، هنا حاول بنو أمية وعلى رأسهم معاوية أن يعطوا تفسيراً ثالثاً للقرآن الكريم، يعني يوجدوا مرجعية ثالثة لفهم النص الديني لا هو مستند إلى أهل البيت ولا هو مستند إلى الصحابة. نعم، تمترسوا بالصحابة وقالوا هذا رأي الصحابة مع أنه ليس رأي الصحابة، وهذا هو الذي حاولنا نحن أن نقف عليه في السنة الماضية لنقول بأن النهج الأموي معالم الإسلام الأموي يختلف عن معالم إسلام أهل السنة ويختلف عن معالم النظرية التي طرحها أئمة أهل البيت عليهم السلام.

معاوية حاول ذلك بكل ما أوتي من قوة، ولكن وأعلن ذلك ولذا نجد أنه لا فقط أقصى علياً وأبعده وسبه ولعنه بل قتل الكثير من الصحابة، والآن لا أريد أن أدخل في هذا البحث وتقول عليهم ووضع الأحاديث بأسمائهم وفعل ما فعل. ولكن المشكلة لو كانت تقف عند هذا الحد لما كانت عندنا مشكلة، القضية امتدت إلى ابن تيمية، ابن تيمية جاء بعد قرون ونظّر للإسلام الأموي ومعالم الإسلام الأموي وأسس له وأقام الأدلة على صحته، ولكنه ماذا فعل مع هذا الفارق؟ وهو أنه أسر البغض لعلي وإبعاد علي وأظهر كأنه يحب علي، وبهذا افترق عن معاوية. يعني إذا سألني سائل ما الفرق بين ابن تيمية ومعاوية؟ أقول: أن معاوية كان يعلن النصب لعلي وأهل بيته، ولكن ابن تيمية لم يعلن النصب، أبطن يعني بعبارة أخرى استعمل التقية، لا أريد أن أقول نافق ... ولكن استعمل التقية في مسألة أهل البيت، لم يعلن النصب ولكنه أسر النصب لأهل البيت، ولذا أنا في اعتقادي أن النهج الأموي مر بمرحلتين:

المرحلة الأولى: مرحلة الإعلان.

والمرحلة الثانية: مرحلة الإسرار والإبطان، يعني مرحلة التقية، والآن ابن تيمية وأتباع ابن تيمية يعني محمد بن عبد الوهاب وأتباعه هؤلاء أيضاً في باطنهم ينصبون العداء ولكنه لا يظهرون هذه الحقيقة.

إذن بنحو الإجمال استطيع أن أقول للمشاهد الكريم صارت عندنا مناهج واتجاهات ثلاثة في مرجعية فهم النص الديني:

الاتجاه الأول: الصحابة.

الاتجاه الثاني: أهل البيت.

الاتجاه الثالث: الذي أسس له النهج الأموي والذي اصطلحت عليه معالم الإسلام الأموي.

المُقدَّم: سماحة السيد هذا ما أردت أن اشير إليه، لربما هناك تقارب بين فهم مرجعية أهل البيت ومرجعية الصحابة على اعتبار أن أهل البيت علي هو من الصحابة أيضاً.

سماحة السيد كمال الحيدري: هذه نكتة جيدة، وهي أن الصحابة وإن اختلفوا معنا في مسألة الصحابة ولكن لم يختلفوا معنا في مرجعية علي وأنه أحد كبار الصحابة وأنه لابد أن يحترم.

المُقدَّم: هذا ما كنت أقصده من السؤال، أما النهج الأموي فهو يختلف لأنه أراد إقصاء كاملاً حتى للصحابة، لكنه تمترس بهم فقط. هناك المحور الثالث إذا كنتم انتهيتم من المحور الثاني، الآن حددنا ثلاث اتجاهات لتفسير النص وفهم النص الديني بعد رسول الله، هل حدد الإمام علي المرجعية هو بنفسه، يعني بالنص الوارد عنه هل حدد المرجعية في فهم النص في هذه المرحلة.

سماحة السيد كمال الحيدري: هذه نكتة أساسية، ومن هنا أدعو الأخوة الذين يراجعون نهج البلاغة، في هذه الأيام الكثير من القنوات تحاول أن تبرز بعض مقاطع نهج البلاغة ونسوا المقاطع الأخرى، يعني جعلوا نهج البلاغة عضين يستدلوا ببعض وينكرون البعض الآخر أو يتركونه أن يجعلونه في الزوايا المظلمة.

واقعاً أمير المؤمنين عليه السلام بعد أن بين أن القرآن هو المحور الأساسي في جميع المعارف الدينية أشار بشكل واضح وصريح إلى أنه هو وأهل بيته عليهم أفضل الصلاة والسلام هو المحور وهم المرجع في تفسير النص الديني، اليوم أنا أحاول أن أقف عند مقاطع ثلاثة في هذا المجال. ارجع وأقول في (نهج البلاغة) شرح الشيخ محمد عبدة.

المُقدَّم: هذه المسألة مهمة لأن هناك اليوم الكثير ممن يحاول أن يصور أن علياً لم يتحدث بهذا الأمر ولم يشر إلى نفسه وأن ما تقول به مدرسة أهل البيت هو تقوّل على علي.

سماحة السيد كمال الحيدري: أنا أقرأ مقاطع ثلاثة لأمير المؤمنين لتروا أن أمير المؤمنين أشار إلى أنه هو المرجع وهو الذي لابد أن يرجع إليه في هذا المجال أو لا.

المقطع الأول: ما ورد في (الخطبة 87) في بيان صفات المتقين وصفات الفساق، أولاً يشير أمير المؤمنين إلى نمط من العلماء يقول في واقعهم أنهم أهل جهل ولكن يسمون من أهل العلم، لابد أن نميز هؤلاء، ولذا يقول هنا (وآخر قد تسمى عالماً وليس به) ليس هو عالم (فاقتبس جهائل من جهال وأضاليل من ضلال ونصب للنسب أشراكاً من حبائل غرور وقول زور قد حمل الكتاب على آراءه وعطف الحق على أهوائه ... فالصورة صورة إنسان والقلب قلب حيوان لا يعرف باب الهدى فيتبعه ولا باب العمى فيصد عنه فذلك ميت الأحياء) هذا هو النمط الأول من العلماء.

النمط الثاني يا أمير المؤمنين يا رأس صحابة رسول الله ماذا تقول؟ يقول: (فأين تذهبون وأنى تؤفكون والأعلام قائمة) يا أمير المؤمنين ما هي هذه الأعلام بعد رسول الله التي تقول لهم أين تذهبون وأنى تؤفكون. يقول: (والأعلام قائمة والآيات واضحة والمنار منصوبة فأين يتاه بكم، بل كيف تعمهون وبينكم عترة نبيكم) إذن من هم المرجعية بعد رسول؟ العترة، الأعلام والمنار والآيات وأنه إذا ابتعدتم عنهم وقعتم في العمى والتيه والضلال ونحو ذلك. (وبينكم عترة نبيكم) اتفقت حتى كلمة اللغويين أن لفظ العترة لا تشمل النساء، قد عنوان الأهل يشمل النساء، أما لفظ العترة لا يشمل إلا خواصه.

يا أمير المؤمنين وما هي خصائص عترة نبيكم؟ قال: (وهو أزمة الحق) زمام الحق بيدهم (وأعلام الدين وألسنة الصدق) أنا لا أعلم أن الإمام أمير المؤمنين إذا أراد أن يقول إلي إلي أنا المرجع إليكم إذن بأي لغة يتكلم حتى يفهم الناس (وهم أزمة الحق وأعلام الدين وألسنة الصدق).

يا أمير المؤمنين ماذا يجب على الأمة أن تفعل، أنتم بهذه المواصفات؟ قال: (فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن) لأنهم هم عدل القرآن وهم مفسر القرآن، هم الذين أوكل إليهم رسول الله تفسير القرآن وبيان القرآن (فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن وردوهم) من الورود (وردوهم ورود الهيم العطاش) ثم قال: (أيها الناس، خذوا عن خاتم النبيين) هذا الذي أقوله ليس من عندي بل من خاتم النبيين (خذوها من خاتم النبيين) انظروا الإمام عليه السلام بماذا يستدل؟ انظروا جيداً أن الإمام بماذا يستدل أنه يا أمير المؤمنين هذا المقام من أين جاء لك، يقول: جاء لي من حديث رسول الله في حديث الثقلين، جاء لي هذا الموقع ويتذكر الأعزاء في الأطروحة المهدوية تفصيلاً وقفنا عند (إني تارك فيكم ما إن تمسكم بهما لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنهما لم يفترقا حتى يردا علي الحوض).

(أيها الناس خذوها عن خاتم النبيين صلى الله عليه وآله أنه يموت من مات منا وليس بميت) سلام الله عليكم (يموت من مات منا وليس بميت) لأن هذا هو خط الحقيقة وهذا هو خط المعرفة الصحيحة عندهم، لا عند غيرهم (ويبلى من بلي منا وليس ببالٍ فلا تقولوا بما لا تعرفون فإن أكثر الحق فيما تنكرون). والله هذه الخطبة لا أعلم كيف يتكلم الإمام مع الناس حتى يفهموا. قال: (فإن أكثر الحق فيما تنكرون واعذروا من لا حجة لكم عليه) أنتم ليس لكم حجة عليه بل هو له الحجة عليكم (واعذروا من لا حجة لكم عليه) يا أمير المؤمنين من هو الذي لا حجة لهم عليه؟ قال: (وأنا هو). أيها المسلمون لا يوجد لأحد بعد رسول الله حجة على علي عليه السلام بل هو الحجة على من كان بعد رسول الله.

قد يقول قائل: نحن لا نقبل كذا؟

أنا أريد أن أؤكد هذه النكتة وهي أن البعض يقول أن أمير المؤمنين لم يقل هذا نفسه وأنتم تقولون علي بن أبي طالب، أين قال علي بن أبي طالب أنه هو المرجع الأول والأخير لفهم ولتفسير الدين، لماذا لم يشر إلى هذا في نهج البلاغة، كونوا على ثقة نهج البلاغة مملوء من أوله إلى آخر.

قال: (واعذروا من لا حجة لكم عليه وأنا هو، ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر) ما هو الثقل الأكبر؟ القرآن، وهذه أحاديث صحيحة قرأناها من مسند أحمد وغيره، تركت فيكم أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله وعترتي أهل بيتي.

يقول: أنتم ماذا أخذتم علي حتى خالفتموني (ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر وأترك فيكم الثقل الأصغر) إذن الإمام عليه السلام يثبت مرجعيته بنص حديث الثقلين.

هذا هو المقطع الأول.

المقطع الثاني: ما ورد في (نهج البلاغة، الخطبة122) هذه الخطبة من الخطب القيمة والمفصلة وأنا أذكر محل الشاهد. يقول: (أكلكم شهد معنا صفين) قاله للخوارج وقد خرج إلى معسكرهم، أمير المؤمنين يخاطب الخوارج الذين خرجوا عليه بعد صفين، قال: (أكلكم شهد معنا صفين، فقالوا: منا من شهد ومنا من لم يشهد، قال: فامتازوا فرقتين، لأن لي حديث مع كل فرقة، فليكن من شهد صفين فرقة ومن لم يشهدها فرقة حتى أكلم كلاً بكلامه) بما ينسجم مع قواعده (ونادى الناس فقال: أمسكوا عن الكلام وأنصتوا لقولي وأقبلوا بأفئدتكم إلي فمن نشدناه شهادة فليقل بعلمه فيها) أنا استشهدكم أنتم (ثم كلمهم عليه السلام بكلام طويل ...) الآن بودي أن ترجعوا إلى الفضائيات في مثل هذه الأيام ينسبون هذا الكلام إلى أمير المؤمنين أنه قال عن معاوية إخواننا وأهل دعوتنا، يقرأون هذا المقطع ولكن يوجد سطر قبل هذا المقطع هذا لا يقرءونه إما جهلاً وإما مرضاً وغرضا. انظر ماذا يقول؟ قال: (ألم تقولوا عند رفعهم المصاحف حيلة وغيلة ومكراً خديعة إخواننا وأهل دعوتنا) يعني أمير المؤمنين يقول أم أنه يقوّل الخوارج؟ شيء غريب أن ينسب إلى علي بأنه يقول عنهم إخواننا وأهل دعوتنا، يقول أنتم قلت هذا، ويقولون علياً. ثم قال، التفتوا إلى هذا العبير العجيب ولم أجد تعبيراً أدق من هذا التعبير وهو إمام الفصاحة والبلاغة. قال: (استقالونا واستراحوا إلى كتاب الله) يعني كأن الله سبحانه، لا كأنه، بل حقيقة الله كان قد أعطى منصباً في تفسير كتاب الله ولكن القوم أقالوه من موقعه. (استقالونا) ابعدونا، لا اقل أقصونا.

يا أمير المؤمنين ما المحذور فليقصوك، ما المحذور فأنت واحد من مئات أو آلاف الصحابة، الذين وجدوا، أنت لا تفسر القرآن يوجد غيرك من يفسره، ما المحذور أنك إذا أقصيت هكذا تعتب عليهم؟ انظروا ماذا يقول؟ يقول: (ووالله إن جئتها إني للمحق الذي يتبع) أنا الذي لابد أن أتبع، لا غيري في فهم وبيان وتفسير الدين. يريد أن يقول بحجية قوله على الآخرين (ووالله إن جئتها إني للمحق الذي يتبع، استقالونا واستراحوا إلى كتاب الله وإن الكتاب لمعي ما فارقته مذ صحبته) أين تذهبون أنى تؤفكون أنى تتيهون، فهم الكتاب، لا الكتاب الورق، بل المراد فهم الكتاب وعلم الكتاب (ومن عنده علم الكتاب) أين تذهبون والكتاب معي. ولذا قال في جملة سابقة (وأن أكثر ما تذهبون إليه خلاف للحق).

لماذا قال: لأن هذا القرآن يحتاج إلى مبين عند الاختلاف وإلى مفسر. (استقالونا) احفظوا هذه الجملة وقولوها لكل من لم يعرف هذه الحقيقة عن علي في نهج البلاغة (استقالونا واستراحوا إلى كتاب الله وإن الكتاب لمعي ما فارقته مذ صحبته).

يا أمير المؤمنين يعني ماذا تريد أن تقول، ما فارقته مذ صحبته، يقول: لا يصدر مني إلا حقاً لأني إذا قلت غير الحق فقد فارقت القرآن، وهذه هي العصمة التي تدعيها مدرسة أهل البيت، يقولون: أين قال علي بن أبي طالب أنه معصوم. هنا صرح في هذا.

المُقدَّم: يبقى لدينا محور آخر إلى الليلة القادمة.

سماحة السيد كمال الحيدري: في (نهج البلاغة، الخطبة الثانية، ص33) يقول، هؤلاء الذين يريدون أن يسووا بين علي وأهل بيته وباقي الصحابة، يقولون أين قال علي أني متميز عن الصحابة هو يقول أنا مع الصحابة شيء واحد لا افترق عنهم، بل يقرأون هنا وهناك روايات أنه قال أن الصحابة الآخرين أفضل منه وأعلم منه وأنه وأنه ...

أنا أضع هذا المقطع بيد الأعزاء الكرام المشاهدين يقول: (لا يقاس بآل محمد من هذه الأمة أحد).

المُقدَّم: وهذا ليس نقصاً في الأمة.

سماحة السيد كمال الحيدري: لا لا، باعتبار عندما إذا فرضنا لو قلنا لا يقاس بمحمد من هذه الأمة أحد، يعني فيه نقص.

كل الأنبياء هل يقاس أحد منهم بمحمد سيد الأنبياء والمرسلين وخاتم النبيين؟ لا أبداً، ولكن هل هذا معناه نقص في الأنبياء؟ أبداً، هذه درجات الكمال. الأنبياء المتفق عصمتهم بل على أعلى درجات عصمتهم. يقول: (لا يقاس بآل محمد من هذه الأمة أحد ولا يسوى بهم) هذه حقيقة، طبعاً القضية غير مختصة بعلي، بل بعلي والمعصومين من ولده (لا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً) إذن الأمة كلها نعمة آل البيت ... هم مدينون لأهل البيت.

يا أمير المؤمنين لماذا هذا المقام، باعتبار أنكم قرابة رسول الله، يعني القربى؟ يقول: لا، المسألة الدينية والمعرفة الدينية (هم أساس الدين وعماد اليقين، إليهم يفيء ... وبهم يلحق التالي ولهم خصائص حق الولاية وفيهم الوصية والوراثة ... الآن) هذا الكلام قاله بعد الخليفة الثالث بعد عثمان (الآن إذ رجع الحق إلى أهله ونقل إلى منتقله) إلى مكانه الأصلي.

إذن بهذا نصل إلى هذه النتيجة الواضحة ... من حقك أن تقول بأنه من الناحية العلمية هذا يلزم منه الدور، أن علي يقول أنا المرجع فمن يقول أن قول علي حجة علينا. لا، واقعاً أنا أتكلم مع أولئك الذين قالوا أن علياً لم يقل هذا عن نفسه، أريد أن أقف أمام هؤلاء. أما أن رسول الله هل جعل له هذه المرجعية في الفهم ولأخذ الدين أو لا؟ إن شاء الله في هذه الليالي الآتية سنقف عنده تفصيلاً.

المُقدَّم: معنا الاخ محمد علي من السعودية.

الأخ محمد علي: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ محمد علي: نبارك لكم حلول شهر رمضان المبارك ... عندي سؤال بخصوص ما ذكره السيد من خطبة الإمام علي يقول الإمام علي ... فما دلت القرآن عليه من صفته نستضيء بنور هدايته وما كلفك الشيطان علمه ما ليس في ... أئمة الهدى أثره فكل علمه إلى الله سبحانه فإن ذلك منتهى حق الله عليك. هل يريد الإمام علي عليه السلام أن يلغي دور العقل في مجال المعرفة الإسلامية بالخصوص في ا لصفات وفي أسماء الله تعالى في التوحيد؟

المُقدَّم: الأخ أبو عبد الله من الكويت، تفضلوا.

الأخ أبو عبد الله: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ أبو عبد الله: عندي سؤال (وإذا قرء القرآن عليهم لا يسجدون) هذه واحدة، قرآن عربي غير ذي عوج، يمكن أن تجيبوني بآيات قرآنية، وما هي أصول دين الشيخ أو السيد ومن هو مرجعه؟

المُقدَّم: الأخ ثائر من العراق، تفضلوا.

الأخ ثائر: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ ثائر: السؤال الأول قوله تعالى (نزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء) وقوله (آيات مبينات وقرآن مبين) وقد ورد عندنا حديث عن المعصومين قوله (يعرض الحديث على كتاب الله فما وافقه يؤخذ به وما وافقه يضرب عرض الحائط) إذن المرجع الأساسي هو القرآن ولذلك ترجع الأحاديث إلى القرآن. هل حصل أن تكونت مرجعية بعد وفاة رسول الله عندما حرقت الأحاديث تكونت مرجعية لأولي العلم الذين فسروهم بأهل الكتاب، مثلاً كان كعب الأحبار هو الذي يجلس على منبر رسول الله ويجتهد في الأمور.

المُقدَّم: هذا استباق لما ربما سنتحدث عنه في الحلقة القادمة، ما الذي فعله معاوية في مسألة فهم الكتاب، سوف نتحدث عن هذا الأمر.

الأخ ثائر: السؤال الثالث: سماحة السيد من المعلوم أنه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وبعد المعصومين حدثت علوم جديدة كعلوم الفلسفة أو علوم اليونان، هذه العلوم التي اجتهد فيها هل يمكن أن يحكم اجتهاده على الكتاب والسنة أم أنه يرجع إلى الكتاب والسنة ثم يتلقى هذه العلوم فما وافق الكتاب والسنة يأخذ بها.

المُقدَّم: الأخ عبد الله من قطر.

الأخ عبد الله: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ عبد الله: نبارك لكم الشهر الكريم، وادعو من الله العلي القدير أن يجمع شمل الأمة الإسلامية على الكتاب والسنة وعلى نهج الخلفاء الراشدين أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، عندي سؤال لسماحة الشيخ: عندي ثلاثة أسئلة: السؤال الأول: قلتم أن الخلفاء الراشدين كانوا يرجعون إلى أهل البيت فيما يريدون. السؤال الثاني: كيف استطاع الخلفاء أن يكونوا مع الرسول وهم منافقون، أبي بكر وعمر وعثمان أين كان الوحي من أن يوضح نفاقهم كما تقولون. قال رسول الله صلى الله عليه وآله اجعل خليفته من بعدي من ... أين العصمة التي كان يتمتع بها الرسول.

والسؤال الثالث الآية الكريمة (وقرن في بيوتكم ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة واتين الزكاة وأطعن الله ورسله إنما يريد الله أن يذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً).

المُقدَّم: هذا فيما يتعلق بتفسير آل البيت وليس فيما يتعلق بتفسير العترة.

الأخ عبد الله: السؤال الأخير: الشيخ دائماً نحن نشاهد القنوات الفضائية وخاصة قناة صفا هم يطلبون منكم أن تذهبوا وتناقشوهم وخاصة ...

المُقدَّم: الأخ أبو مهدي من السعودية، تفضلوا.

الأخ أبو مهدي: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ أبو مهدي: عندي ملاحظة نحن ننتظر السيد من فترة طويلة والملاحظة هي أن هذا البرنامج وقته قليل جداً واطلب منك عدم مقاطعة السيد في البحث.

المُقدَّم: سماحة السيد نتمنى أن تكون الإجابة مختصرة، الأول فيما يتعلق بدور العقل.

سماحة السيد كمال الحيدري: الجواب العقل ليس هو في قبال الكتاب والسنة، العقل هو أداة لفهم الكتاب والسنة. لابد أن لا تخلطوا بين أن يكون شيء في قبال الكتاب والسنة وبين أن يكون أداة لفهم الكتاب والسنة. أضرب مثالاً اللغة العربية في قبال الكتاب والسنة أو لفهم الكتاب والسنة، هل أشار أمير المؤمنين إلى الحاجة إلى اللغة العربية أو لم يشر، أنت ماذا تقول، لابد أن نتعلم قواعد اللغة العربية. الجواب: لأن هذا الكلام من حيث الألفاظ كتب باللغة العربية فلكي نفهمه نحتاج هذه الوسيلة وهذه الأداة، في جملة من المعارف الدينية نحتاج إلى أداة ووسيلة العقل لفهم الكتاب والسنة، لا لأن تكون اجتهادات العقل في قبال معارف الكتاب والسنة.

المُقدَّم: يعرض الحديث على القرآن.

سماحة السيد كمال الحيدري: نعم، هذا ما يؤيد ما أثبتناه في أول هذه الحلقات من أن المحور الأول والأخير هو القرآن الكريم، وواقعاً نحن هذا الذي نختلف فيه مدرسة أهل البيت التي تختلف عن الاتجاهات الأخرى أن الآخرين يأخذون الحديث بمجرد أن يصح الحديث حتى لو كان مخالفاً للقرآن. نحن نقول الحديث سواء كان صحيحاً أو لم يكن لابد من عرضه على كتاب الله فإن كان عليه شاهد أو شاهدان أو كان موافقاً لكتاب الله فيؤخذ وإلا فيعرض عنه وهو زخرف لم يصدر من أئمة أهل البيت. هذا من أهم قواعد منهج مدرسة أهل البيت في قبول الحديث عنهم وعدم قبول الحديث عندهم، هذا المنهج لم يعمل به كثير من المناهج الكلامية والحديثية والفقهية عند أهل السنة.

المُقدَّم: منع تدوين الحديث وتأثير ذلك في خلق المرجعية الثالثة؟

سماحة السيد كمال الحيدري: وهذا هو السبب الأساسي الذي أدى إلى أن تتكون مرجعيات متعددة، لأن حديث رسول لم يحفظ، ولذا نحن نعتقد أن واحدة من أهم المسؤوليات التي ألقيت على عاتق الإمام أمير المؤمنين وعلى عترة النبي هو حفظ تراث وسنة النبي صلى الله عليه وآله. يعني لو لم يكن علي وأهل بيته كثير من هذا التراث للعبت به الأهواء والنظريات والاتجاهات وكعب الأحبار والموضوعات، وإلا بينكم وبين الله بماذا تفسرون هذه الظواهر الغريبة، أنه نحن لم نبتعد عن عصر النص إلا قرن أو قرنين الإمام أحمد يقول أن هذا كتابي انتخبته من 750 ألف حديث. لماذا يقول ...

المُقدَّم: تأثير العلوم الفلسفية في النص.

سماحة السيد كمال الحيدري: أجبت عليه وهو أنه أساساً العلوم الفلسفية والعلوم الكلامية والعلوم العرفانية وغيرها هذه كلها أدوات ووسائل لفهم النص الديني لا لأن تكون في قبال النص الديني. إذا ثبت لنا بالقطع واليقين بنص واضح وبسند قطعي بسند ومضمون صحيح لا يمكن أن يقاوم أي اجتهاد فلسفي أو كلامي.

المُقدَّم: أسئلة الأخ أبو عبد الله من قطر سنتناولها في حلقة الغد.

شكراً لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، وشكراً لكم أعزائي المشاهدين على حسن المتابعة، ملتقانا غداً حتى ذلك الوقت استودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.