الرد على نظرية إثبات الحد لله تعالى، ق(14)
  • عنوان المقال: الرد على نظرية إثبات الحد لله تعالى، ق(14)
  • الکاتب: سماحة السيد كمال الحيدري
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 21:45:5 2-10-1403

سلسلة حلقات من برنامج - مطارحات في العقيدة - على قناة الكوثر الفضائية

14/10/2010

المُقدَّم: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين السلام عليكم مشاهدينا الكرام مشاهدي قناة الكوثر الفضائية ورحمة الله وبركاته هذا موعدكم مع حلقة جديدة من برنامج مطارحات في العقيدة عنوان حلقة الليلة (الرد على نظرية إثبات الحد لله تعالى، القسم الرابع عشر) أرحب باسمكم بضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري مرحباً بكم سماحة السيد.

سماحة السيد كمال الحيدري: أهلا ومرحباً بكم.

المُقدَّم: سماحة السيد في البدء هل يمكن بيان وزيادة توضيح للقاعدة التي أشرتم لها في الحلقة السابقة.

سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين، والصلاة والسلام على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.

يتذكر المشاهد الكريم كان الحديث في أن الله سبحانه وتعالى له حد ينتهي عنده وينتهي إليه أو لا يوجد له ذلك. قلنا هذه المسألة تعد من المفاصل الأساسية التي تميز توحيد ابن تيمية الشيخ ابن تيمية وأتباع ابن تيمية ومقلدي ابن تيمية والوهابية عن باقي جميع علماء المسلمين، يعني عموم المسلمين ذهبوا إلى أن الله سبحانه وتعالى ليس له حد ينتهي إليه، قالوا لأن المحدودية تورث الحدوث، وتورث أن يكون حادثاً لا قديماً، هذا بحثه إن شاء الله سيأتي.

ولكن بعض العلماء ومنهم الشيخ ابن تيمية ذهبوا إلى أن الله سبحانه وتعالى محدود ولم يتابع ابن تيمية على رأيه هذا إلا الوهابية، يعني أتباع ومقلدي محمد بن عبد الوهاب وهؤلاء الذين يسمون أنفسهم الآن بالسلفية، طبعاً عندما أقول الوهابية وعندما أقول السلفية واقعاً حديثي مع أهل العلم منهم، وإلا عموم هؤلاء المسلمين حتى لو سموا أنفسهم وهابية أو سلفية واقعاً لا يعلمون مثل هذه المسائل، ولذا أنا أوجه خطابي إلى هؤلاء جميعاً أقول أبنائي وأخواني وبناتي وأخواتي التفتوا إلى هذه الحقيقة، وأن هذه الإلهة الذي تعتقدون به هل هو محدود أو غير محدود، لأن عموم علماء المسلمين ذهبوا إلى أن الله غير محدود وأنه غير متناهي إلا الشيخ ابن تيمية ومن تبع الشيخ ابن تيمية. لماذا ذهبوا إلى ذلك، يعني ما هو السبب والعلة الحقيقية التي أدت بهؤلاء إلى أن يعتقدوا بأن الله محدود بحد؟ قالوا: لو لم نقل بأن الله محدود بحد للزم أن يكون حالاً في الاشياء، يعني نظرية الحلول، إذن لكي نثبت التمايز بينه وبين خلقه ولكي نثبت التباين بينه وبين خلقه إذن لابد من الإيمان بأنه محدود، يعني لكي يثبت التمايز بين هذا الكتاب وهذا الكتاب إذن لابد أن ينتهي هذا الكتاب عند حد حتى يبدأ الكتاب الثاني ويبدأ الكتاب الثالث وهكذا.

نحن قلنا بأن مدرسة أهل البيت لا تؤمن بأن الله سبحانه وتعالى محدود بحد، بل تعتقد أن الله سبحانه وتعالى غير محدود بحد، ومع ذلك تؤمن بأن الله متمايز عن خلقه وخلقه متمايز عنه، وبائن عن خلقه وخلقه بائن عنه، ولكن هنا نكتة بيناها هذه هي القاعدة التي أسسها واصل لها القرآن الكريم وبينها أئمة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام، قالوا بأن الله تعالى بائن عن خلقه وخلقه بائن عنه وأن الله متميز عن خلقه وخلقه متميز عنه ولكن لا كتميز المخلوقات بعضها عن بعض، لا كتباين المخلوقات بعضها عن بعض. لأنه نحن عندما نأتي إلى تمايز المخلوقات وإلى تباين المخلوقات، نجد أن تباينها يكون بنحو المحدودية، يعني هذا محدود وهذا محدود، بل أن التمايز بينها يكون بنحو تراخي المسافة، يعني توجد مسافة بين هذا وبين هذا، وقد تقل المسافة وقد تبعد المسافة.

هؤلاء أيضاً اعتقدوا أولاً نظرية ابن تيمية وأتباع ابن تيمية اعتقدوا أن الله أيضاً يتمايز عن خلقه كتمايز المخلوقات بعضها عن بعض وثانياً قالوا أنه يتمايز بالمسافة، قالوا أنه بيننا وبين الله توجد كذا مسافة، هذه المسافة مع الأسف الشديد نحن عندما نراجع كلمات هؤلاء هذه المسافة هكذا يبينوها لنا. هذه الرواية واردة في كتاب (التوحيد، ج1) للإمام ابن خزيمة المتوفى سنة 311هـ، حققه وخرج أحاديثه الزهيري، دار المغني للنشر، بودي أن يلتفت المشاهد ما هي المسافة بيننا وبين الله سبحانه وتعالى، يقول: (عن عبد الله قال ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمئة عام) هذه الأرض والسماء الأولى (وما بين كل سماء إلى الأخرى مسيرة خمسمئة عام) فإذا فرضنا أنها سبعة فثلاثة آلاف وخمسمئة وهذه خمسمئة فأربعة آلاف (وما بين السماء السابعة إلى الكرسي مسيرة خمسمئة عام) هذا أربعة آلاف وخمسمئة (وما بين الكرسي إلى الماء مسيرة خمسمئة عام) هذه تكون خمسمئة آلف (والعرش على الماء والله على العرش) إذن خمسمئة ألف الرواية لا تبين لنا هذه الخمسة آلاف سنة هل هي سنوات ضوئية مثلاً أو هي سنوات محسوبة بالبغال والحمير أو بالأقدام بالطائرات بالمشي على الأقدام، هذا تابع لهم، ولكنه قالوا هناك بأن هناك مسافة بيننا وبين الله تعالى، هذه هي المسافة، وعلى هذا الأساس رتبوا وإن شاء الله تعالى بعد ذلك سيأتي قالوا أن الله في ذلك المكان وليس في أي مكان آخر، فهو بعيد عنا بذاته بوجوده وإن كان معنا بعلمه. لماذا؟ لأن الله حصروه في مكان معين في كرسي في عرش في مكان معين، هذا هو التوحيد الذي يصوره الشيخ ابن تيمية وأتباع ابن تيمية وهو أن الله في مكان وكل الأمكنة الأخرى تخلو منه، أنا لا أعلم عند ذلك ماذا يفعلون بقوله تعالى (وهو معكم أين ما كنتم) (أقرب إليكم من حبل الوريد) بل يحول بين المرء وقلبه، (وإذا سألك عبادي عني فأني قريب أجيب دعوة الداعي) إذن هذه هي النظرية التي يبني عليها الشيخ ابن تيمية كل مبانيه الأخرى.

كل المسائل الأخرى التي يتكلم عنها ابن تيمية في المكان والحيز والجسم والمحدودية كلها نتيجة الإيمان بان الله له مكان ومحدود بحد. أما في المقابل نحن قلنا أن الله سبحانه وتعالى غير محدود بحد ومتمايز عن خلقه ولكن لا نقبل أن يكون هذا التمايز كتمايز مخلوق عن مخلوق آخر، لأنه تعالى قال (ليس كمثله شيء) ولو تمايز، قاعدة عامة بودي أن المشاهد الكريم بأي مستوى كان يلتفت إليها بل يكتبها ويحتفظ بها، من قال أن الله يتمايز ويباين خلقه كما تتمايز المخلوقات بعضها عن بعض إذن آمن بإله مثله شيء، وصريح القرآن يقول (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) ومن هنا تجد أن الأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام قالوا فكل ما في الخلق لا يوجد في خالقه، قاعدة، فكل ما في الخلق، في الخلق يوجد التمايز بهذه الطريقة فلا يوجد في خالقه، في الخلق توجد المحدودية فلا يوجد في خالقه، هؤلاء نسوا عندما أثبتوا الحد له كان ينبغي أن يقول حد لا كالحدود لكنهم نسوا أن يقولوا حد لا كالحدود، أثبتوا أنه كالحدود.

قال الإمام أمير المؤمنين: (وكل ما في الخلق لا يوجد في خالقه وكل ما يمكن في الخلق يمتنع من صانعه) لا يعقل ذلك.

سؤال: إذا كان الأمر كذلك لا يتمايز عن خلقه كما تتمايز الموجودات، إذن كيف يتمايز؟ قالوا كما قرأنا الرواية في (الأصول من الكافي، ج1، ص214، ب 3 من أبواب كتاب التوحيد، باب أنه لا يعرفه إلا به) قال: (داخل في الأشياء لا كشيء داخل في شيء وخارج من الأشياء لا كشيء خارج من شيء، سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره) فلو كان الحق متمايزاً عن الأشياء كتمايز الأشياء بعضها من بعض إذن لم يكن هذا من صفاته ومن اختصاصاته بل أن كل الموجودات تكون بهذه الطريقة وبهذا الشكل.

ومن هنا أيضاً ورد عنهم عليهم السلام في كتاب (التوحيد، ص43) للشيخ الصدوق، قال: (فلم يحلل فيها) نفي الحلول مع أنه غير محدود ولكنه ليس حالاً فيها (فلم يحلل فيها فيقال هو فيها كائن، ولم ينأى عنها) كما يقول هؤلاء نأى عنها وابتعد عنها.

انظروا إلى مفصل النظرية أين، أولئك أمنوا بأن الله بعيد، وأنا لا أعلم إذا كان بعيد فلماذا يقول (وإذا سألك عبادي عني فأني قريب) يقول: (ولم ينأى عنها) الكثير من الأخوة يسألون سيدنا ما هي نظرية أهل البيت، هذه هي نظرية أهل البيت، ليس داخلاً فيها ولكن ليس بعيداً عنها (ولم ينأى عنها فيقال هو منها بائن) يعني كبينونة هذه الأشياء (ولم ينأى عنها فيقال هو منها بائن) ثم قال الإمام أمير المؤمنين، هذه الجملة تبين أن الإمام عليه السلام يبين أي قضية، في (نهج البلاغة، الخطبة 151) للشيخ محمد عبده قال: (والبائن) يعني الله بائن من خلقه وخلقه بائن منه (والبائن لا بتراخي مسافة) كما هي نظرية الشيخ ابن تيمية وأتباع ابن تيمية يعني الوهابية والسلفية، هؤلاء أمنوا بأن الله بائن بتراخي مسافة آلاف السنين إلى أن نصل إلى الله سبحانه وتعالى (والبائن بتراخي مسافة) ولذا بشكل واضح وصريح ومفصل الأخوة الأعزاء إذا أرادوا فهم هذه العبارات يرجعوا إلى كتاب (منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، ج9، ص178) للعلامة حبيب الله الهاشمي الخوئي، يقول: (البائن لا بتراخي مسافة) يعني أنه مباين للأشياء، نحن نعتقد بذلك (ومغاير لها، وليس تباينه تباين أين وتباعد مكان) كما يعتقد هؤلاء (وبتراخي بينه وبين غيره لأن ذلك من خواص الأينيات) يعني من خواص التي لها مكان وأين (وهو الحق تعالى وهو الذي أين الأين فلا أين له). ثم قال الإمام عليه السلام (غير كل شيء بمزايلة وغير كل شيء لا بمزايلة) يعني لا أنه يزول عنها وتزول عنه، ولكنه ليس بحالٍ فيها.

إذن إلى هنا تتضح لنا النظرية بشكل واضح، إذن الله سبحانه وتعالى، ألخص كل كلامي، الله خارج عن الأشياء لا كخروج شيء عن شيء، وداخل في الأشياء لا كحلول أو دخول شيء في شيء، لأن ذلك الخروج وهذا الدخول، يعني شيء في شيء أو عن شيء، هذا من خواص الموجودات المخلوقة لها سبحانه وتعالى وهو (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).

المُقدَّم: هو مع كل شيء بلا ممازجة وغير كل شيء لا بمزايلة. قد يقول قائل كأن السيد ألزم نفسه بشيء وأنكره على غيره، قال هو يدخل في الأشياء لا كدخول بعضها في بعض، ويخرج منها لا كخروج بعضها عن بعض، فلما ينكر على من يقول مثلاً يد لا كالأيدي، ورجل لا كالأرجل، وجسم لا كالأجسام.

سماحة السيد كمال الحيدري: الشيخ ابن تيمية وأتباع ابن تيمية يقولون أنتم لماذا تفرقون بين الصفات الإلهية، ألا تعتقدون أن الله له سمع، إلا تعتقدون أن الله سميع، ألا تعتقدون أن الله بصير، ألا تعتقدون أن الله حي، ألا تعتقدون بأن الله عالم، ألا تعتقدون بأن الله مريد، وهكذا أنكم في السمع والبصر والحياة تقولون وجود لا كهذه الوجودات وسمع لا كهذا السمع قولوا يد لا كهذه الأيدي، ورجل لا كهذه الأرجل، وأصابع لا كهذه الأصابع، ووجوه لا كهذه الوجوه، وهذا ما صرحوا به على مختلف المستويات. أنا أشير إلى بعض كلماتهم في هذا المجال.

أولاً اشير إلى كلام الشيخ ابن تيمية في (مجموعة الفتاوى، ج5، ص212) وفي طبعات أخرى (ج3، ص353) (فإذا قيل سمعه ليس كسمعنا وبصره ليس كبصرنا وإرادته ليس كإرادتنا وكذلك علمه وقدرته) يعني ليس كعلمنا وقدرتنا (قيل له وكذلك رضاه ليس كرضائنا وفرحه ليس كفرحنا ونزوله) هذا مهم عندنا إذن الله ينزل حقيقة ولكن ليس كنزولنا (واستوائه ليس كنزولنا واستوائنا).

وكذلك تلامذته ومقلديه في هذا المجال أشاروا إلى هذا المعنى، ومنهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب (الفواكه العذاب في معتقدات الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الصفات، ص50 و 51) تأليف الشيخ حمد بن ناصر بن عثمان آل معمر، تحقيق عبد الرحمن بن عبد الله التركي، وتقديم معالي الدكتور عبد الله بن محسن التركي، (فأما اثبات يد ليست كالأيدي ووجهاً ليس كالوجوه فهو كإثبات لذات ليست كالذوات وحياة ليست كغيرها من الحياة، وسمع وبصر ليس كالأسماع والأبصار) هذه أنا أتصور أهم ما يستطيعون أن يقولوه، يعني أفضل ما يمكن أن تقرب وتوجه به نظرية الشيخ ابن تيمية وأتباعه هذه، وهو أنه كما أنتم تقولون في السمع والبصر نحن نقول في اليد والرجل والوجه.

الآن بعد ذلك سأبين، في مقام الجواب، بودي أن هذه القضية تطرح في الآونة الأخيرة بشكل واضح وصريح في كلماتهم، أهل العلم منهم فليتأملوا وليتدبروا جيداً فيما أقوله لمن يعتقد بهذه النظرية.

إخواني الأعزاء نحن عندما نأتي إلى المفاهيم التي تطلق على الأشياء نجدها على ثلاثة أنحاء، يعني نحن عندما نطلق شيء سماء، أرض، حياة، علم، بحر، ماء، وجه، يد، رجل، هذه مفاهيم، مجموعة الألفاظ التي لها معاني ومفاهيم معينة، هذه على ثلاثة أنحاء، تدبروا جيداً وتأملوا جيداً فيما أقوله.

النحو الأول من هذه المفاهيم هي مفاهيم مختصة بالله سبحانه وتعالى، لا يشاركه فيها أحد على الإطلاق، بأي نحو من الأنحاء، لا يمكن أن يشاركه فيها أحد، من قبيل القديم، نحن لا يوجد عندنا قديم إلا الله، وكل الموجودات هي حادثة، لا كلام بين أحد من علماء المسلمين، الله هو القديم، إذن هل يمكن أن نطلق القديم على غير الله بهذا المعنى، هذا مختص به. واجب الوجوب، يعني الذي يستحيل عليه العدم، هذه من الألفاظ الخاصة به ولا يطلق على غيره، الغني (فالله هو الغني) حصراً، ولا يمكن أن يكون غيره غنياً، أصلاً محال (أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد) إذن الغنى والغني من الصفات والأسماء والمفاهيم المختصة به. عالم الغيب، هذا الوصف فليذهب من أراد أن يذهب يساراً ويميناً، هذا الوصف لا يطلق إلا على الله سبحانه وتعالى، لا يمكن لأحد أن يكون عالم الغيب، نعم إذا اراد الله أن يطلع ولياً أو نبياً أو إماماً أو معصوماً، ذاك بحث آخر، ولكن هذا ليس علم الغيب وإنما هو تعلم من ذي علم. إنما الكلام أن يعلم من ذاته من غير أن يتعلم من أحد، يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون، بل بتعبير أئمة أهل البيت (ويعلم الممتنع لو وجد كيف يوجد) علم الله سبحانه وتعالى عجيب، (ويعلم الممتنع) لا يوجد ولا يمكن أن يوجد ولكن يقول الله يعلم الممتنع لو وجد كيف سيوجد، قال تعالى (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) وتعدد الآلهة ممتنع عقلاً، ولكن الله يقول لو تعددت الآلهة لفسدت الأرض.

ومن أسماء المختصة القيوم (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) يعني القائم بذاته وكل شيء قائم، لا فقط كل شيء قائم به، قائم هو بذاته لا يحتاج إلى غيره، وجميع الاشياء قائمة به، كل قائم في سواه فهو معلول.

ومن أسمائه الخالق، قد تقول خالق البيت، مجازاً أو قيداً، لا مشكلة فيه، ولكن بنحو مطلق هذه من مختصات الله.

إذن هناك مفاهيم مختصة بالله لا يمكن أن تطلق على غيره سبحانه وتعالى، بلغ ما بلغ حتى لو كان خاتم الأنبياء والمرسلين.

النحو الثاني من المفاهيم هي تلك المفاهيم المختصة بالمخلوقات، ولا يصح أن تطلق على الله بأي نحو من الأنحاء، حتى لو أضفنا إليها ألف قيد وقيد، من قبيل الفقير، هل يمكن لاحد أن يقول مثلاً الله فقير لا كالفقراء؟! وإذا قاله فهو إما جاهل وإما وإما، إذن هذا الوصف مختص بالمخلوق. الحادث هل نستطيع أن نقول أن الله حادث كالحوادث، معاذ الله. النقص، هل يمكن أن يقول أن الله ناقص لا كالأمور الناقصة؟ لا يمكن. الجهل، هل يمكن أن نقول أن الله جاهل لا كالجهلاء مثلاً؟! العجز، هل يمكن أن نقول الله عاجز لا كالعاجزين الآخرين؟ المخلوق، هل يمكن أن نطلق على الله مخلوق لا كالمخلوقات؟! وعشرات المفاهيم التي هي مفاهيم مختصة. ما معنى مختصة؟ يعني أن المفهوم بطبيعته حتى لو أضفت إليه أي قيد فيه القابلية أن يصدق على الواجب أو لا توجد فيه القابلية؟ ابداً، ولذا قلتم لكم الآن قولوا الله حادث لا كالحوادث، لا ينفع. بعد ذلك لابد أن نعرف أن جسم لا كالأجسام ينفع أو لا ينفع؟ هذا البحث مهم جداً لأنه نريد أن نتعرف على خصوصية المفهوم، بعض المفاهيم لا توجد فيها القابلية حتى لو أضفت إليها ألف لا ولا، حتى لو أضفت إليها بلا تشبيه، بلا تكييف، بلا تحريف، بلا تمثيل، ينفع أو لا ينفع؟ لا ينفع، لأنه مفهوم مختص بالمخلوق، يعني أنا استطيع أن أقول أن الله سبحانه وتعالى فقير لا كالفقراء بلا تشبيه، بلا تكييف، بلا تأويل، بلا ...؟ لا ينفع، والله لا ينفع حتى لو وضعنا أربعمئة وصف، نفس الوصف ليس فيه قابلية وقدرة على أن يشمل ويصدق على الخالق سبحانه وتعالى.

أضرب مثالاً مادياً للمشاهد الكريم، لو جئنا إلى لفظ الماء، لفظ الماء في اللغة موضوع لتلك الحقيقة السائلة، الذي فيه خصوصية السيلان، لفظ الماء موضوع لحقيقة ولكن مأخوذ فيه السيلان، فإذا جمد الماء هل يمكن أن نقول ماء أو ليس بماء؟ فقد خاصية السيلان، نعم نستطيع أن نقول ماء جامد، لا يصدق عليه ماء، أن تقول ماء لا كالمياه لا ينفع، لأن الماء أخذ في خصوصيته السيلان، فإذا فقدت هذه الحقيقة السيلان فلا يصدق عليها الماء.

إذن هناك بعض المفاهيم بطبيعتها قاصرة، بطبيعتها مقيدة، بطبيعتها مختصة بالمخلوق، بالحادث بالناقص بالفقير. هذا هو القسم الثاني.

القسم الثالث وهي من أهم الأنحاء والأقسام الثلاثة هو هذا القسم الثالث، وهي مفاهيم مشتركة، فيها قابلية أن تصدق على الواجب وتصدق على الحادث، على الغني وعلى الفقير، على الكامل وعلى الناقص، مثل الوجود، الله موجود أو ليس بموجود؟ موجود، هذه المخلوقات موجودة أو غير موجودة؟ نعم الإنسان موجود، السماء موجودة، الأرض موجودة، البحر موجود، الجماد موجود، كلها موجودة والله أيضاً موجود. الحياة حي وكثير من الموجودات بل كل الموجودات بنص القرآن الكريم (وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون) والتسبيح لا يكون إلا مع الحياة والعلم. السمع، البصر، الإرادة، وعشرات من هذه المفاهيم التي فيها قابلية أن تصدق على الله وفيها قابلية أن تصدق على المخلوقات، على الخالق وعلى المخلوق.

نعم، حتى نميز هذه الصفات نقول وجود لا كهذه الوجودات، يقول سمع لا كهذه الأسماع، بصر لا كهذه الأبصار، إرادة لا كهذه الإرادات، وهكذا، لأننا يقيناً المفهوم بنفسه قابل للصدق على هنا وقابل للصدق على هنا.

وخلاصة حديثي إذن صار عندنا ثلاثة أنواع من المفاهيم، النحو الأول المفاهيم المختصة بالله تعالى، كالغنى، والقيوم كعالم الغيب، النحو الثاني المفاهيم المختصة بالمخلوقات، كالفقير والحادث والناقص، والقسم الثالث المفاهيم المشتركة التي تصدق على الواجب وعلى الممكن، ولكن صدقها على الواجب بنحو وصدقها على الممكن كل بحسبه، يعني الوجود في الواجب غير مسبوق بالعدم، أزلي، غير محدود، أما عندما نأتي إلى الوجود في الممكن فهو حادث فقير، قائم بغيره، مع أن كلاهما يصدق عليه أنه موجود.

الآن يأتي مثل هذا التساؤل الأساس: هل مفهوم الجسم، نقول هذا جسم، مفهوم المكان نقول هذا الشيء له مكان، مفهوم الحيز الذي له يشغله، مفهوم الجهة هذا في الشمال أو في الجنوب، في الأعلى في الأسفل، هذه الجهات الست، مفهوم اليد، مفهوم الوجه، مفهوم الأصابع، مفهوم الرجل، مفهوم الساق، مفهوم القدم. السؤال المركزي، أخواني الأعزاء لب البحث في هذا التساؤل هل هذه المفاهيم من القسم الثالث من المفاهيم يعني المشتركة بين الواجب والممكن أم أنها من القسم الثاني يعني المختصة بالمخلوق، أي منهما؟

ابن تيمية وأتباع ابن تيمية وهنا خلطهم وهنا عدم فهمهم واشتباههم وهنا عدم دقتهم لأنه واقعاً هؤلاء هم لأنفسهم سموه شيخ الإسلام وإلا فهذا الرجل ليس بذلك العمق وتلك الدقة التي يحاول أن يهرج له تهريجاً علمياً.

لابد أن نميز بين هذه المفاهيم، هذه المفاهيم الشيخ ابن تيمية ومن قلده أمثال محمد بن عبد الوهاب الذي ليس له قيمة من الناحية العلمية بل هو مجرد مقلد، كلامنا مع ابن تيمية الذي يدعى له ما يدعى، الشيخ ابن تيمية لم يميز بين المفاهيم المختصة بالممكنات والمفاهيم المشتركة بين الواجب والممكن، فقال: إذا كان السمع مشتركاً فليكن اليد أيضاً مشتركة، وليكن الجسم، وحل المشكلة بجسم لا كالأجسام.

المُقدَّم: حمله على المشترك.

سماحة السيد كمال الحيدري: مع أنه لم يثبت لنا أن هذه المفاهيم من المفاهيم المشتركة، يعني من الناحية المنهجية والعلمية كان عليه أن يثبت العرش ثم ينقش، يعني أن يثبت لنا أولاً أن مفاهيم الجسم والوجه واليد والرجل والساق والأصابع والقدم والصورة والتخطيط ... أولاً من الناحية المنهجية يثبت أنها مفاهيم مشتركة كالعلم والحياة والسمع والبصر والإرادة والوجود ثم يقول جسم لا كالأجسام، كما نقول وجود لا كالوجودات. أما هو لم يثبت ولم يقل هذا، بل أن تلامذته بشكل واضح وصريح قالوا بأنه نحن نعتقد بأن الله وجه، يعني (مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، ج1، ص177) يقول: (أليس للآدمي وجه وللبعير وجه، اتفقنا في الاسم لكن لم يتفقا في الحقيقة) مقصوده من الحقيقة يعني الشكل والتخطيط والحجم، وإلا كما أن الآدمي له وجه البعير له وجه، ولكن بماذا يختلفان، بماذا يختلف وجه الآدمي عن وجه البعير؟ يختلف لا في أصل الوجهية، هذا له وجه وهذا له وجه، ولكن يختلفان في الطول وفي القصر وفي الجمال وفي الحجم، هو يقول بيننا وبين الله أيضاً كذلك فأصل الوجهية أيضاً موجودة. يقول: (إذن لماذا لا تقول لله وجه ولا يماثل أوجه المخلوقين ولله يد ولا تماثل أيدي المخلوقين) يعني أصل اليد موجودة، نعم تختلف في طولها وعرضها وحجمها وعدد أصابعها، وقد يكون شخص أصابعه أربعة وآخر ستة وآخر سبعة، هؤلاء يعتقدون أن أصابع الله أربعة وليست خمسة وليست ستة.

إذن هؤلاء صرحوا بأنه عندما قالوا جسم لا كالأجسام أو قالوا يد لا كالأيادي لابد أن نسألهم هذا السؤال أن هذه المفاهيم هل هي من المفاهيم المختصة بالمخلوقين أم هي من المفاهيم المشتركة بين الخالق وبين المخلوق.

أنا لا أذهب بعيداً للمشاهد العزيز فقط أريد أن أنقل له بعض الكلمات التي وردت في محققي كتب ابن تيمية.

إذن أخواني الأعزاء بودي أن تلتفتوا إلى هذه الحقيقة، لابد أن أأتي إلى لفظ الجسم، إلى لفظ الحيز، إلى لفظ الجهة، إلى لفظ المكان، لنرى ما حقيقة هذه الألفاظ، هل فيها قابلية أن تكون شاملة للواجب والممكن، أو أن هذه الألفاظ والمفاهيم أخذت فيها خصوصيات من المحال أن تكون شاملة للواجب، كيف أن مفهوم الفقر من المحال ولو أضفنا إليه ألف قيد وقيد لا ينفعني أن يصدق، اللفظ لا توجد فيه قابلية وفيه نقص وقصور.

انظروا إلى تعريف الجسم، أنقل هذا الكلام من كتاب (بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية، ج3) تأليف ابن تيمية، حققه الدكتور أحمد معاذ حقي، هذه الامور التي أنقلها أنقلها من الحاشية التي ذكرها الدكتور في ذيل هذا الكتاب، انظروا ماذا يقول في الجسم. يقول: (الجسم هو كل جوهر مادي) فإذا أخذت منه المادية فليس بجسم من قبيل أن السيلان لو أخذ من الماء فلا يبقى ماءً، من قبيل أن الحادث أخذ منه الحدوث فليس بحادث، خصوصيته هذه. (الجسم هو كل جوهر مادي قابل للأبعاد الثلاثة) طول وعرض وعمق (وهي الطول والعرض والعمق ويتميز بالثقل والامتداد) أنت عندما تقول الله جسم لا كالأجسام مع حفظ خصوصية الجسمية أو لا خصوصية الجسمية أي منهما، ماذا تقول يا ابن تيمية ويا أتباع ابن تيمية ماذا تقولون؟ فإن قلتم مع حفظ خصوصية الجسمية ولكن الاختلاف في الحجم والصورة والخط فهذا عين التجسيم الذي تهربون منه وتقولون نحن لسنا من المجسمة، وإن قلتم أنه جسم ولكن ليس بهذه الخصوصيات فهذا استعمال اللفظ لغير ما وضع له فيكون استعمالاً مجازياً بل يكون استعمالاً خاطئاً لأن المجازية تحتاج إلى قرينة والى شيء مشترك ولا مشترك بين هذا الذي تقولون عنه جسم وبين ما هو جسم، وهذا الكلام كل الذين كتبوا في هذا، يقول: كشاف اصطلاح الفنون للتهانوي، التعريفات للجرجاني، المعجم الفلسفي مجمع اللغة العربي، المعجم الفلسفي لجميل صليبات، هذا الجسم.

أما الجهة، ما هي الجهة؟ (في الأصل هي الجانب والناحية) جهة معينة (والموضع الذي تتوجه إليه وتقصده) إذن الله إذا قلنا عنه أنه في العلو يعني في جهة، فإذا أردنا أن نقدم له شيء لابد أن نصعد أربعة آلاف سنة أو ستة آلاف سنة حتى نصل له، هذه المسافة التي تفصل بيننا وبينه (والجهة والحيز متلازمان فإذا كان للشيء جهة كان له حيزاً لأن كلاً منهما مقصد للمتحرك الايني) يعني له أين. إذن إذا أنت قلت أن له جهة لا كالجهات فلا معنى لهذه الجملة فهي تصير من قبيل فقير لا كالفقراء، لأن الجهة هذا معناها ولا معنى آخر لها.

مثال آخر التحيز، (هو الحصول في الحيز وهو الذي يشغله شيء ممتد كالجسم أو غير ممتد كالجوهر) ومعنى هذا أن هذه الألفاظ بطبيعتها لا تتحمل أن تشمل ما ليس بجسم حتى لو أضفت لها بلا تكييف ولا تحريف ولا تأويل ولا تشبيه, لو قلت ولا ولا إلى يوم القيامة يبقى الجسم جسماً.

إذن لا تتلاعبوا بعقول الناس، لا توهموا الناس أنكم لا تقولوا بالتجسم، كونوا صريحين مع الناس، ألستم تتهمون أتباع مدرسة أهل البيت أنهم لا يقولون عقائدهم بشكل واضح، تعالوا أنتم اخرجوا على الفضائيات وتكلموا عن التوحيد، ما بالكم خرستم في مسائل التوحيد، لماذا تصمتون في مسائل التوحيد، خطابي هذا ليس موجه إلى عموم المسلمين ولا إلى حتى أتباع محمد بن عبد الوهاب ولا إلى الوهابية، بل موجه إلى أهل العلم فيهم ويدعون أنهم أهل التوحيد، فليتكلموا عن توحيدهم للناس، هذا ما يفلحوا فيه هذا مشرك وهذا كافر وهذا في النار. الذي يفلحون فيه هو إيجاد وافتعال الفتن بين المسلمين ولأمور فقط الله يعلم ماذا يوجد ورائها، افتعال الفتنة، أيهما أهم هل المسائل التي تطرحونها وهي من المسائل الثانوية والجنبية أم تلك المسائل المرتبطة بالتوحيد.

انظروا إلى إمام من أئمة أهل السنة، هذا ليس كلامي أن هذه المفاهيم ليست من المفاهيم المشتركة بل من المفاهيم المختصة، شاهدي الأول هو البحث اللغوي لأن اللغة عندما ترجع إليها اليد يعني هذه، الواضع واضع اللغة العربية عندما وضع لفظ اليد وضعه لهذه الجارحة. عندما قال اصبع وضعها لهذا الشيء، عندما قال قدم لا تستطيع أن توهم الناس أنه لا كالأقدام، ساق لا كالسيقان، يد لا كالأيدي، هذا التلاعب لا ينفعكم، وهذا ما فهمه علم من أعلام السنة وهو الإمام محمد أبو زهرة في كتابه (ابن تيمية حياته وعصره آراءه وفقهه، ص223) وهو من مدرسة الأزهر، وهو ما قلناه مراراً وتكراراً، ومن هنا أوجه دعوى إلى علماء الأزهر المكرمين أنهم فليبرزوا عقيدة التوحيد للمسلمين، لماذا أنهم أخلوا الساحة للآخرين للذين يريدون أن يوقعوا الفتنة بين المسلمين، اخرجوا على الفضائيات وقولوا أن هذا هو توحيد أهل السنة والجماعة، قولوا أن هذه اعتقاداتنا في التوحيد، بينوا، واقعاً بكل احترام وأنا من الناس بيني وبين الله معتقد بأنه لو حدث هذا ... مئات المسلمين الآن لا يعرفون توحيدهم لانهم يأخذون توحيدهم من بعض هذه الفضائيات المأزومة نفسياً وفكريا وثقافياً وعقدياً. تعالوا يا أخواني أيها العلماء الكبار في الأزهر الشريف المبارك اخرجوا إلى الناس وقولوا ماذا تعتقدون في التوحيد، حتى تتضح الفاصلة بين مدرسة أهل البيت وبين السنة والجماعة في هذه المسائل الفاصلة ليست كبيرة، الفاصلة بيينا وبين ابن تيمية وأتباع ابن تيمية الفاصلة كبيرة واقعاً وغير قابلة للردم، طبعاً أهل العلم فيهم.

الإمام محمد أبو زهرة في كتابه عن الشيخ ابن تيمية يقول: (ونننتهي من هذا إلى أن ابن تيمية يرى الألفاظ في اليد والنزول والقدم والوجه والاستواء على ظاهرها) هكذا هذا الرجل ليس رافضياً ولا شيعياً وإنما عالم من كبار علماء مدرسة أهل السنة والجماعة وإمام من كبار الأئمة المعاصرين (ولكن بمعانٍ تليق بذاته الكريمة) هذا التلبيس، يعني يد لا كالأيدي، رجل لا كالأرجل، على ظاهرها وحقيقتها. وهنا يعلق الشيخ محمد أبو زهرة قائلاً: (وهنا نقف وقفة إن هذه الألفاظ وضعت في أصل معناها لهذه المعاني الحسية) عندما يقال يد يعني مراد هذه اليد، عندما يقال رجل المراد هذه الرجل، عندما يقال نزول المراد هذا النزول المادي الحسي (ولا تطلق على وجه الحقيقة على سواها) نسأل ابن تيمية عندما يقول له يد يريد حقيقتها، فإن أجاب بنعم فإذن مجسم، نعم قد يقول لا كالأيدي يعني طولها وعرضها يختلف، ولكن يخرجها عن أنها ليست مثل يدي، أصلاً يدك ليست مثل يدي، الموجودات تختلف، الآن حيوانات تختلف عن باقي الحيوانات في أشكالها وأرجلها وسيقانها، ولكنها كلها تبقى يد ورجل وقدم وأصابع. وهذا ما يعتقده الشيخ ابن تيمية.

يقول: (ولا تطلق على وجه الحقيقة على سواها وإذا أطلقت هذه الألفاظ على غيرها) يعني على غير مصاديقها الحسية وعلى غير ما وضعت له (سواء أكان معلوماً أم مجهولاً) يعني ما وضعت له سواء كان معلوم لنا أو كان مجهول (فإنها قد استعملت في غير معناها) وإذا استعملت في غير معناه واستعمال اللفظ في غير معناه فيكون مجازاً وليس حقيقة (ولا تكون بحال من الأحوال مستعملة في ظواهرها) كما يحاول أن يوهم هؤلاء، أو يقصدون الحقيقة يعني يريدون واقعاً يد، (بل تكون مؤولة وعلى ذلك يكون ابن تيمية قد فر من التأويل ليقع في تأويل آخر) ولهذا الإمام محمد (وفر من التفسير المجازي ليقع في تفسير مجازي آخر) وهو يتهم الآخرين بأنهم يؤولون ويقولون بالمجاز يقول هو يقول إلا أن يرجع ابن تيمية وأتباع ابن تيمية لا، نحن نعتقد أنها يد حقيقة مثل هذه اليد، وصرحوا كما قرأنا، بل أكثر من ذلك.

أقرأ رواية من كتاب (عرش الرحمن وما ورد فيه من الآيات والأحاديث، ج1، ق1، ص26) تأليف الشيخ ابن تيمية، المملكة العربية السعودية، الأمانة العامة للاحتفال بمئة عام على تأسيس المملكة، انظر ماذا يقول وكيف يشبه، يعني يعتقد أن الله له يد حقيقة، قال: (والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة، قال مطوية في كفه يرمي بها كما يرمي الغلام بالكرة) كيف أننا نلعب بالكرة، يريد أن يصور التجسيم بأوضح مصاديقه، وإلا بينك وبين الله إذا لم يقل بالتجسيم كيف يمثل بهذا التمثيل. والله شيء غريب إذا لم يقل بالتجسيم فلماذا يمثل بهذا المثال، وهذا المثال (وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون) أي مثال بائس هذا، هذا المثال قائم على أساس التجسيم (وفي لفظ آخر يأخذ الجبار سماواته وأرضه بيده فيجعلها في كفه ثم يقول بها هكذا كما يقول الصبيان بالكرة أنا الله الواحد، وقال ابن عباس يقبض عليهما فما يرى طرفاها بيده) يعني السموات والأرض، يعني يداه كبيرتان جداً بحيث تحويان السموات والأرض، الآن لو فرضنا أن يدي طولها خمسة أو عشرة سنتمترات لو صارت مئة في مئة تبقى يد، لو صارت ألف كيلو متر في ألف كيلو متر ولها أربع أصابع فهي يد، ولذا يعبر إذا كان بهذا الشكل حتى لو كانت من حديد يقال يد ميكانيكية، لأن الشكل محفوظ، أما إذا لم يحفظ الشكل والصورة والتخطيط فهي ليست بيد.

إذن عندما يقول الشيخ ابن تيمية تحمل الألفاظ على ظواهرها لابد أن يقصد أنها يد، (وفي لفظ آخر ما السموات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن بيد الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم) إذا لم يكن قائلاً بالتجسيم أي تمثيل بائس هذا، أي علاقة هذا التمثيل بحقيقة المطلب، إذا قلنا بأنه إحاطة قدرته وعلمه ما علاقته بهذا. (وفي الصحيحين) صحاحهم طبعاً (عن عبد الله بن مسعود قال: أتى النبي رجل يهودي، فقال يا محمد) تبين أن رسول الله في كثير من الأحيان كان يؤيد اليهود في اعتقاداتهم (أن الله يجعل السموات على اصبع والأرضين على اصبع والجبال والشجر على اصبع والماء والثرى على اصبع وسائر الخلق على إصبع فيهزهن فيقول: أنا الملك، قال: فضحك النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر) الذي حشى على الكتاب يعني المعلق الذي علق على الكتاب، وجد ان هذه القضية غير مقبولة، كيف رسول الله صدق ذاك الحبر في هذه القضية الجسمانية البائسة، يقول: (قوله تصديقاً قال بعض شراح الصحيحين أن هذه زيادة من الراوي).

هذه هي اعتقادات القوم وتصويرهم للحق، ويكون في علم الأخوة الأعزاء عندما نأتي إلى علماء المسلمين، علماء مدرسة أهل البيت وعلماء آخرين.

أما عندما تأتي إلى مدرسة أهل البيت تجد كاملة يميزون بين هذه المفاهيم، المفاهيم المختصة بالمخلوقات ينفونها رأساً عن الله، يقولون ليس بجسم، ليس بصورة، ليس له تخطيط، ليس له تحديد. أما عندما يأتون إلى السمع والبصر يقولون يسمع لا بأداة ويبصر لا بجارحة، لأن السمع من الصفات المشتركة، لا يقول أهل البيت يسمع لا بجارحة ويبصر لا بعين وجسم لا كالأجسام، أبداً، عندما يصلون إلى الجسم لا يقولون جسم، بل يقولون ليس بجسم.

انظروا إلى هذه الرواية القيمة الواردة في كتاب (التوحيد، ص95) للصدوق وسيأتي بحثها في المورد المناسب لها يقول: (فقال سبحانه من لا يعلم أحد كيف هو إلا هو) هذه الذات مجهولة ولكن هؤلاء قالوا أنه جسم، عرفوا ذاته أنه جسم، ولكن حتى يوهموا ويخدعوا الناس قالوا جسم لا كالأجسام، فإذا عرفنا الله جسم فقد عرفنا ذاته لأن الجسم معلوم لنا حقيقة، مع أن هذا فارق أساس، أهل البيت يقولون (سبحان من لا يعلم أحد كيف هو إلا هو ليس كمثله شيء) هذا الأصل (وهو السميع البصير، لا يحد ولا يحس) يعني أن تراه وتحس به (ولا يجس ولا يمس ولا يحيط به شيء، لا جسم ولا صورة ولا تخطيط ولا تحديد).

أما عندما يصلوا إلى مسألة السمع والبصر نجد بشكل واضح وصريح يثبتون سمعاً لا كالأسماع وبصر لا كالأبصار، هذه الروايات أنا نقلتها للمشاهد الكريم وهي موجودة في كتابنا (التوحيد، بحوث في مراتبه ومعطياته، ج1) هناك مجموعة من الروايات قال أمير المؤمنين: (السميع لا بأداة والبصير لا بتفريق آلة ...) ويقول الإمام الصادق: (هو سميع بصير سميع بغير جارحة وبصير بغير آلة) والإمام الرضا يقول (السميع البصير سميع باذن وبصير بالعين) السائل يسأل، فقال الإمام (بصير لا بعين مثل عين المخلوقين وسميع بسمع مثل سمع السامعين) يعني أنهم أثبتوا أصل الصفة المشتركة ولكن قالوا بعدم المشابهة وهذا المعنى بشكل واضح وصريح نجده في كلمات علماء المسلمين، كما قلت أن مدرسة أهل السنة والجماعة متفقة معنا في كثير من هذه الحقائق، ومنهم الإمام الغزالي في كتابه (المقصد الاسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى، ص76) يقول: (السميع هو الذي لا يعزب عن إدراكه مسموع وإن خفي فيسمع السر النجوى ... بل ما هو أدق من ذلك وأخفى ويدرك دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ... ويسمع بغير أصمخة واذان) هنا يصح أن نقول سميع لا كالسمع، لأن السمع من المشتركات، حياة لا هذه الحياة، أما لا جسم كالأجسام لأن الجسم فيه خصوصية، (ومن لم يدقق نظره فيه وقع بالضرورة في بعض التشبيه والتجسيم فخذ منه حذرك ودقق فيه نظرك).

إذن إلى هنا أنا أتصور انتهينا إلى هذه النتيجة الأساسية، فتحصل إلى هنا أنه أساساً نحن نعتقد أن المفاهيم على ثلاثة أقسام، مفاهيم مختصة بالخالق لا يمكن أن تجري في غيره ولذا نجد أنه لم تطلق على غيره، ومفاهيم مختصة بالمخلوق وهي كالحادث والفقير وفي اعتقادنا كالجسم والحد والأين والمتى واليد والرجل والوجه والساق، ومفاهيم مشتركة هي التي يمكن أن نطلقها على الله تعالى وعلى هؤلاء, وبهذا يتضح الخلط الواضح الذي وقع فيه ابن تيمية وأتباع ابن تيمية حيث خلطوا. حيث خلطوا بين اليد والحياة.

وقد قال الشيخ محمد عبد الوهاب (فأما إثبات يد ليست كالأيدي ووجهاً ليس كالوجوه فهو كإثبات لذات ليست كالذوات) لا، هذا قياس مع الفارق، فإن الذات من الصفات المشتركة، أما اليد فهي من الصفات المختصة بالمخلوقين (وحياة ليست كغيرها من الحياة) الجواب: ليس كذلك الحياة من الصفات المشتركة أما اليد والوجه قال الإمام أحمد (إنما التشبيه أن يقول يد كيدي أو وجه كوجهي) أما إذا قال وجه لا كالوجوه فهذا ليس تشبيه.

هذه هي النظرية التي تعتقدها مدرسة أهل البيت في المفاهيم والأسماء والصفات التي تطلق على الحق سبحانه وتعالى.

المُقدَّم: معنا الأخ عبد الله من فلندا، تفضلوا.

الأخ عبد الله: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله.

الأخ عبد الله: أنا أسأل الشيخ الدعاء أولاً، وأنا أحبه بصراحة وإن كنت سيداً سنياً، الله يحشرنا معكم يوم القيامة، سيدنا بالنسبة هذا البرنامج جميل جداً لو مثلاً يستمر لسنتين لا يبقى على وجه الأرض عقيدة السنة، أتمنى لكم الصحة.

سماحة السيد كمال الحيدري: بيني وبين الله هدفنا أن تتضح حقائق التوحيد للمسلمين جميعاً من مختلف اتجاهاتهم وهم أحرار بعد ذلك في اختيار هذا الاتجاه أو ذاك الاتجاه، ولكن هذا الشرط لابد أن يكون محفوظاً، سواء الذي استمع إلي وافقني في الرأي أو اختلف مع في الرأي، ذاك اعتقادي وهذا اعتقادي، لابد أن احترمه ويحترمني، لا أنا اتهمه ولا هو يتهمني، لا أنا أقول أن الجنة حصراً لي وأنتم كلكم من أهل النار، ولا هو من حقه أن يقول لي، أنا أبين اعتقاداتي والحقائق التي أؤمن بها، وهو يبين اعتقاداته والحقائق التي يؤمن بها والناس أحرار بأن يختاروا ما يريدون.

المُقدَّم: معنا الاخ أبو فاطمة من العراق، تفضلوا.

الأخ أبو فاطمة: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله.

الأخ أبو فاطمة: أريد كتاب عن السيرة الذاتية لابن تيمية.

المُقدَّم: معنا الأخ سجاد من العراق، تفضلوا.

الأخ سجاد: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: السلام عليكم ورحمة الله.

الأخ سجاد: أنا من النجف الأشرف، الله يعزكم سيدنا يا ناصر الدين، عندي سؤال وهو أنهم يعتقدون أن الله مجسم، أصحاب ابن تيمية، إذن ماذا يقولون في بعض الآيات مثل (يوم يحمل عرش ربك ثمانية).

المُقدَّم: معنا الأخ عمر من سوريا، تفضلوا.

الأخ عمر: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: السلام عليكم ورحمة الله.

الأخ عمر: من أبشع مشابهة الوهابية لليهود في قولهم في الوجه الجارحة في حقه تعالى، ولا عجب فهم مولعون بالتشبيه، في ما يسمونه سفر التكوين، الأقحاح33، الرقم10 يقول اليهود لأني رأيت وجهك كما يرى وجه الله، وفي كتاب رد الدارمي ص159 يقول المؤلف كل شيء هالك إلا وجه نفسه الذي هو أحدث الوجوه وأجمل الوجوه وأنور الوجوه وأن الوجه منه غير اليدين واليدين منه غير الوجه. والسلام عليكم.

سماحة السيد كمال الحيدري: هناك تشابهات كثيرة ولكن بيني وبين الله أنا لا أريد أن استعمل هذا الأسلوب.

المُقدَّم: معنا الأخ إبراهيم من العراق، تفضلوا.

الأخ إبراهيم: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله.

الأخ إبراهيم: سيدنا ماذا يقولوا في قوله تعالى (تبارك الذي بيده الملك) هل الملك مجازي أو مادي.

المُقدَّم: معنا الأخ أحمد من السودان، تفضلوا.

الأخ أحمد: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله.

الأخ أحمد: في الحقيقة أن هذا البرنامج يعد من البرامج العلمية واعترف ان كل مسلم في أنحاء العالم يحتاج إلى ذلك، وكنت أتمنى أن أجد مثل هذا البرنامج حتى يتضح الأمر جلياً، أشكر هذه الجهود. أنا من أئمة الجماعة ولكني دائماً أبحث عن الحقيقة، وأشكر الله سبحانه وتعالى أن أظهر بكم الكثير من الحقائق، وأقول لك أننا دائماً مع عترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلى آله وكل ما ورد عنهم من الصحاح يجب علينا كمسلمين أن نلتزم بهذه الأوامر، فالإمام سيدنا الحسين عليه السلام أبو عبد الله لما سأل رجل وقال له أنه لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس قريب غير ملتصق وبعيد غير ... يوحد ولا يبعض معروف بالآيات موصوف بالعلامات، لا إله إلا هو الكبير المتعال، يعني نفس الكلام لو كان الأئمة المسلمين رجعوا إلى منهاج أهل البيت لكان عندهم نفس الكلام، الله سبحانه وتعالى خارج عن الأشياء كما ذكرت وداخل في الأشياء لا بالحلول، فإنا أقول لكم جزاكم الله خيراً على هذا البرنامج الطيب وجعلكم من المجاهدين في هذا البرنامج.

المُقدَّم: معنا الأخ محمد من السودان، تفضلوا.

الأخ محمد: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله.

الأخ محمد: جزاك الله خيراً أيها الشيخ، في الحقيقة أوضحت أشياء كثيرة جداً جداً لعموم المسلمين، أهل السنة والشيعة على بعض كلهم مع بعض يعني، وتبقى العلة الأساسية هم أصحاب ابن تيمية فنحن نعاني منهم كثيراً في السودان. أنتم تعرضتم لمنهجهم الذي لم نقرأ عنه كثيراً، فجزاكم الله كل خير عن المسلمين.

سماحة السيد كمال الحيدري: تعليقي على الأخوة الأعزاء الذين علقوا من السودان، أولاً أشكرهم على هذه المداخلة، وثانياً أنا إنما اخترت أبحاث التوحيد لأن هذه الأبحاث ليست أبحاث مذهبية بل هي تهم جميع المسلمين في العالم على مختلف اتجاهاتهم ومبانيهم العقدية والفكرية والفقهية، ولذا أنا أتصور أن قضية التوحيد إن حلت حل ما سواها، وأنا اعتقادي الشخصي أنه إذا استطعنا أن نبين مباحث التوحيد بياناً سوف تكون هذا المنطلق الصحيح والأساسي لتوحيد الكلمة، واقعاً أننا إذا استطعنا أن نبين كلمة التوحيد بنحو صحيح اطمأنوا أننا سوف نصل إلى توحيد الكلمة، وهذه الاختلاف الاخرى المذهبية والفقهية سواء كان فيما يتعلق بالإمامة أو فيما يتعلق بالمباني الفقهية أو بالمسائل المذهبية الأخرى، هذه كلها يمكن في الأطار العام لمباحث التوحيد أن نستوعبها وأن نعيش تحت هذه الراية التي هي راية التوحيد وهي كلمة لا إله إلا الله.

المُقدَّم: الأخ إبراهيم قال ماذا عن قوله تعالى (تبارك الذي بيده الملك).

سماحة السيد كمال الحيدري: هم يحملونها على الحقيقة، يقولون أن هذه اليد والملك يعني كما أشرنا. قد يطلق ويراد منه عالم الملك يعني عالم المادة. وذاك بحث آخر أنهم يقولوا أنه مجازي أو حقيقي، وليكن في علم المشاهد الكريم هؤلاء لا يعتقدون بوجود مجاز في القرآن، هم يعتقدون أن كل شيء لابد أن يحمل على حقيقته.

المُقدَّم: معنا الأخ شلوي من السعودية، تفضلوا.

الأخ شلوي: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله.

الأخ شلوي: نشكركم على هذا البرنامج سماحة الشيخ، ونشكركم على استنكاركم بما قام به الحبيب من إساءة لعرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن السؤال هنا هل أنتم تترضون على أم المؤمنين رضي الله عنها.

المُقدَّم: السؤال واضح وقد أشار له السيد.

سماحة السيد كمال الحيدري: ليس هذا موضوع بحثنا، أن نترضى أن لا نترضى، هذه القضية إذا جئنا إلى مورده ومحله المناسب عند ذلك سنعرض للضابط القرآني الذي على أساسه نترضى أو لا نترضى، أخي العزيز الترضي ليس هو المعيار أنا أتصور الذي شغلتم أذهانكم به، وبينكم وبين الله والمشاهد الكريم يرون هذا البرنامج، بينكم وبين الله نحن نتكلم في أهم مسائل الدين ولكن انظروا كيف بعض الأخوة مع الأسف الشديد اذهانهم منشغلة بقضايا غير أساسية وفرعية وأنتم تعلمون أن مثل هذه الكلمات لا تورث في الأمة إذا الفتنة والانقسام، وإلا بحمد الله صدرت الكلمات من كبار العلماء والمراجع ومن قائد الثورة الإسلامية في إيران أنه لا ينبغي الحديث في مثل هذه المسائل بل حرم ذلك، ونحن ذكرنا أيضاً أنه لا ينبغي الحديث في مثل هذه المسائل، لا ينبغي أن نشغل الأمة وفكر الأمة بدلاً من أن نشغلها بالمسائل الأساسية في الدين، لا نشغلها بالمسائل الفرعية. أنتم تعلمون الآن الوضع السياسي في المنطقة ما هو، ماذا تفعل أمريكا في المنطقة، ماذا تفعل إسرائيل بالمنطقة، ما هو حال الدول الإسلامية المحيطة بنا، وأنتم تشغلون أنفسكم بأنه يترضى أو لا يترضى، هل الترضي وعدم الترضي من أصول الدين أو من فروع الدين.

المُقدَّم: معنا الأخ خالد من السعودية، تفضلوا.

الأخ خالد: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله.

الأخ خالد: الخلاف بين السنة والشيعة كبير وكثير جداً، وليس فقط هذا الموضوع الذي تتحدث عنه أنت، فالخلافات بين السنة والشيعة لها أول وليس لها آخر، فالصلاة مختلفة والزكاة مختلفة وعاشور مختلف والمنطق من الصحابة مختلف ومن أمهات المؤمنين مختلف.

المُقدَّم: أنتم أيضاً تقرون بأن أهم شيء التوحيد، يعني من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله دخل الجنة، هذه القضية المهمة نحلها ثم نذهب إلى الزكاة وغيرها.

سماحة السيد كمال الحيدري: هذا مضافاً إلى أن الاختلافات الفقهية وغير الفقهية والاختلافات في المواقف والزكاة والصلاة موجودة بين جميع المسلمين، أنا أقول ينبغي أن لا تكون هذه الاختلافات سبباً للفرقة والفتنة بين المسلمين، أخي العزيز أنا لم أنكر وجود الاختلافات وتعدد وجهات النظر وتعدد المباني الكلامية والعقدية والفقهية، أنا أقول لا ينبغي أن تكون هذه الاختلافات سبباً لإيجاد الفرقة ولإيجاد هذا الشحن الطائفي الذي يحاول الفضائيات المأزومة أن توجده في الأمة، ينبغي أن نجمع كلمتنا وإن اختلفنا، كما أنكم أتباع محمد بن عبد الوهاب يعني أتباع ابن تيمية، تختلفون مع جميع المسلمين ولكنه ينبغي أن نجتمع على التوحيد.

المُقدَّم: معنا الأخ حيدر من السودان، تفضلوا.

الأخ حيدر: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله.

الأخ حيدر: في الحقيقة أنا أوجه سؤالي لكل من يقول أن الله محدود، أقول هل أن هؤلاء يعتقدون بأن قدرة الله وعلمه محدودين، إن كان الجواب بنعم فقد كفروا بالله تعالى وكفروا بالقرآن، وإن قالوا لا، أقول لهم ما هو الشيء المحدود في ذات الله تعالى، أليس هذا تقسيم لذات الله تعالى بأن بعضه محدود وبعضه غير محدود، هل يقول بهذا عاقل. فلم يبقى إلا الجسم وهذا هو التجسيم.

المُقدَّم: فعلاً كان ختامه مسك من الأخ حيدر.

سماحة السيد كمال الحيدري: في الحلقة القادمة سيكون الموضوع الأول الذي سنقف عنده بشكل تفصيلي إذا ثبت أن الله غير محدود وثبت أنه يتمايز فكيف يتمايز المحدود عن غير المحدود، وكذلك ما هي لوازم المحدودية عندهم، يعني إذا قال الإنسان بالمحدودية هل يمكن أن يثبت أن الله موجود لا يخلو منه مكان، أو يكون في مكان وتخلو منه باقي الأمكنة، وإذا ثبت أن الله سبحانه وتعالى محدود فهل هو معدود أو أنه ليس بمعدود. هذا أبحاث الأسبوع القادم.

المُقدَّم: وأضاف الأخ حيدر من السودان المحدودية أين هل هي في علمه أم في قدرته أم في جسمه.

الأخت ندى من سوريا أوصلت رسالة لكم عن طريق الأخ المخرج تقول أنا استبصرت الآن على يد سماحة السيد وأشكره شكراً جزيلاً.

سماحة السيد كمال الحيدري: جزاها الله خيراً ووفقها الله للهداية والثبات على ما انتهت إليه، وأرجو لها التوفيق والسداد والدوام على هذا التوفيق الإلهي.

المُقدَّم: شكراً لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، شكراً لكم مشاهدينا الكرام إلى اللقاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.