الرد على نظرية إثبات الحد لله تعالى، ق(10)
  • عنوان المقال: الرد على نظرية إثبات الحد لله تعالى، ق(10)
  • الکاتب: سماحة السيد كمال الحيدري
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 21:45:6 2-10-1403

سلسلة حلقات من برنامج - مطارحات في العقيدة - على قناة الكوثر الفضائية

07/09/2010

المُقدَّم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. تحية طيبة لكم مشاهدينا الكرام مشاهدي قناة الكوثر الفضائية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذا موعدكم مع الحلقة الأخيرة من برنامج مطارحات في العقيدة الخاصة بليالي شهر رمضان المبارك، سيعود البرنامج بعد العيد يوم الخميس ويوم الجمعة في الساعة 18.00 بتوقيت كرنج، هناك مجموعة من الملاحظات بودي أن أبينها لكم قبل البدء في برنامج حلقة الليلة، الملاحظة الأولى أنه لا يسعنا إلا أن نتقدم بالشكر الجزيل والامتنان لجميع الأخوة الذين اتصلوا بسماحة السيد مباشرة أو عبر البريد الالكتروني وللأخوة الذين لم يستطيعوا الاتصال ونحن نعتذر لضيق الوقت وإلا كان بودنا أن نجيب عن أسألتهم جميعاً سواء التي كانت ترد عبر الموقع الالكتروني أو عن طريق الاتصال المباشر، أيضاً طلباتكم بخصوص تبديل الوقت بعد العيد سيكون البرنامج في ليالي الجمعة والسبت على مدة ساعة ونصف الساعة تلبية لطلباتكم، أيضاً هناك برنامج سيبث في ليلة العيد لمدة ثلاث ليالي وهي ليالي الجمعة والسبت والأحد وهو بعنوان وجه لوجه هذا البرنامج خاص عن حياة السيد الحيدري وإنجازاته العلمية، في برنامج تسجيلي وفي الساعة 11.30 ليلاً بتوقيت طهران، أي الساعة السابعة بتوقيت كرنج، 10.00 ليلاً بتوقيت مكة المكرمة، عنوان حلقة الليلة هو: (الرد على نظرية إثبات الحد لله تعالى، القسم العاشر) أرحب باسمكم بضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد. قبل البدء

سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.

المُقدَّم: سماحة السيد هل توجد لديكم ملاحظات قبل البدء بموضوع حلقة الليلة تودون ذكرها سماحة السيد.

سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

في الواقع إلى هنا انتهينا تقريباً من الملامح الإجمالية العامة للاتجاه الأول وهو الاتجاه التجسيمي والتشبيهي والذي قلنا أنه ارتضاه وقبله ودافع عنه الشيخ ابن تيمية ومن تبع الشيخ ابن تيمية كمحمد بن عبد الوهاب وأتباع محمد بن عبد الوهاب من السلفية المحدثة.

الآن لست بصدد مناقشة هذا الاتجاه لأن البحث سيأتي تفصيلاً في الأبحاث اللاحقة، ولكن توجد عندنا ملاحظتان قبل الدخول في بحث هذه الليلة:

الملاحظة الأولى هو أننا نجد أنه بناء على نظرية الشيخ ابن تيمية أن الله سبحانه وتعالى له وجه لا كالوجوه وله يد لا كالأيدي وله رجل لا كالأرجل وله ساق لا كالسيقان وله قدم لا كالأقدام وله أصابع لا كالأصابع الأخرى وله جلوس وقعود ... كل هذه التي أشرنا لها بناء على هذا ينبغي أن يلتزم أن لله سبحانه وتعالى توجد أعضاء ولكن لا كأعضائنا، هذه قضية من لوازم هذه النظرية، إذا التزم أن الله سبحانه وتعالى له يد لا كالأيد وله وجه وله رجل وله أصابع ... إذن لابد أن يلتزم أن الله له أعضاء ولكن من حقه أن يضع إلى جنبها لا كأعضاء المخلوقين، مع أننا عندما نرجع إلى كلمات علماء الإسلام قاطبة وبتعبير الإمام والشيخ والعلامة سليم البشير قال: الإجماع السني قائم على أن الله له صفات لا أن له أعضاء، لماذا إذن علماء المسلمين يعبرون بالصفات ولا يعبرون بالأعضاء؟ أيعقل أن تسمى اليد صفة، هل يعقل في اللغة العربية أن نسمي اليد ولو كانت ليست كأيدينا تسمى صفة، الرجل صفة، الأصابع صفة، القدم صفة، الساق صفة. هذه ليست صفات مع أن إجماع كلمة المسلمين بمختلف اتجاهاتهم نفوا الأعضاء عن الله سبحانه وتعالى واثبتوا الصفات، وهذا يكشف عن أنها أمور معنوية وليست أمور مادية جسمانية، هذه هي الملاحظة الأولى، وهي تكشف من كلمات علماء المسلمين أنهم عندما كانوا يثبتون اليد يثبتون اليد كصفة، يثبتون الرجل كصفة، يثبتون القدم كصفة، وجملة من هذه لم ترد في القرآن الكريم، عندما يثبتون الوجه واليد يثبتونها كصفات لا كأعضاء، ولكن الشيخ ابن تيمية والمجسمة حولوا هذه الصفات إلى أعضاء. هذه المفارقة الأولى التي لابد أن يلتفت إليها المشاهد الكريم.

المفارقة الخطيرة الثانية التي وجدناها في كلمات هؤلاء أنهم أصروا على أن كل هذه الآيات التي تحدثت عن الصفات والتي يعبرون عنها بالصفات الخبرية، عن الصفات تحدثت قالوا أن جميع هذه الآيات محكمة وليست متشابهة، السؤال الذي يطرح هنا، وهو أن القرآن كل آياته محكمة أو تنقسم آياته إلى محكمات والى متشابهات، أي منهما؟ صريح القرآن الكريم كما ورد في سورة آل عمران، قال تعالى: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وآخر متشابهات) إذن القرآن تنقسم آياته بنحو كلي إلى آيات محكمة وإلى آيات متشابهة. هؤلاء يصرون على أن جميع الآيات التي تحدثت عن اليد والوجه والمجيء ونحو ذلك هي من المحكمات وهذا ما قرأناها فيما سبق في كتاب (الإرشاد على صحيح الاعتقاد، ص144) للدكتور الفوزان، قال: (ونصوص الصفات من المحكم لا من المتشابه) السؤال المطروح على هؤلاء وهو سؤال فني وعلمي، من أين علمتم أن الآية التي تكلمت عن يد الله (يد الله فوق أيديهم هي من الآيات المحكمة) من أين علمتم؟ ما هو الدليل من القرآن أنها آية محكمة؟ ما هو الدليل من العقل أنها آية محكمة؟ ما هو الدليل من الأثر والسنة أنها محكمة؟ إذن واقعاً هذه الدعوى دعوى بلا دليل أن الآيات التي تحدثت عن صفات الله تعالى، طبعاً أنا لا أريد أن أقول كلها متشابهة، لا يأتي أحد يقول: إن السيد الحيدري يقول أن كل الآيات متشابهة، أنا إنما أريد أن أنقض عليكم أنها كلها محكمة يعني أنفي الموجبة الكلية، والموجبة الكلية تنسجم مع السالبة الجزئية وليس بالضرورة أن تكون سالبة كلية كما يقولون. إذن قولكم أن كل آيات الصفات آيات محكمة هذه لم يقم عليها لا دليل من القرآن ولا دليل من السنة ولا دليل من كلمات علماء المسلمين ولا من السلف وأئمة السلف ولا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله. بل وجدنا أن من الأصحاب ومن السلف ومن أئمة السلف من أوّل جمة من هذه الآيات المباركة، ولكن بعضهم أولها تأويلاً إجمالياً وبعضهم أولها تأويلاً تفصيلياً، هذا يكشف عن أن هذا البناء وهذا الأصل الموضوعي الذي انطلقت منه هذه المدرسة وهي مدرسة ابن تيمية ومن تبعه على ذلك من أن جميع هذه الآيات محكمات هذا الأصل غير تام، ولذا إن شاء الله تعالى سيأتي بحثه لاحقاً في الحلقات القادمة.

المُقدَّم: الآن وعدنا الأخوة المشاهدين الكرام بأنا سنعود وإياكم إلى مدرسة اهل البيت في هذه الأمور التي ذكرتموها فأول السؤال ما هو الأصل الذي تبني عليه مدرسة أهل البيت عليهم السلام في مسألة الصفات الإلهية.

سماحة السيد كمال الحيدري: في الواقع أن هذه المسألة اساسية، وهذا الذي لم يؤسس له الاتجاه الأول، ولعله أسس له ولكن باتجاه آخر، وهو أنه نحن لابد أن نرجع إلى القرآن لنرى أن القرآن ماذا يقول في صفات الحق سبحانه وتعالى، اتفقت كلمة علماء المسلمين قاطبة أن قوله تعالى (ليس كمثله شيء) في سورة الشورى الآية 11، قوله: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) هذه تعد من أحكم المحكمات القرآنية، يعني لم يخالف أن هذه الآية يحتمل أن تكون من الآيات المتشابهة، إذن القرآن عندما يقول (منه آيات محكمات هن أم الكتاب وآخر متشابهات) هذه الآية من سورة الشورى أين نضعها؟ أقول لم يختلف أحد لا علماء الاتجاه الأول ولا علماء الاتجاه الثاني، أما علماء الاتجاه الثاني المنزهة الذين لا يقبلون التجسيم والتشبيه فواضح أنه ليس كمثله شيء يستندون إليها، وأما أصحاب الاتجاه الأول وهو أصحاب التجسيم والتشبيه تتذكرون عندما قالوا بلا تكييف ولا تحريم ولا تشيبه، استندوا إلى قوله (ليس كمثله شيء) إذن هذا معناه أنه يوجد إجماع من جميع علماء المسلمين أن هذه الآية هي من الآيات المحكمة. هذا أولاً.

ثانياً: ما معنى (ليس كمثله شيء) الجواب في جملة واحدة نحن في هذا العالم لا يوجد عندنا إلا الخالق والمخلوق، نحن لا يوجد عندنا لا تعدد الخالق لوحدانية الحق تعالى الله سبحانه وتعالى هو الواحد القهار الواحد الأحد، هذا أولاً. إذن ليس في عالم الوجود وليس في دار التحقق والشيئية إلا الخالق والمخلوق. التفتوا إلى هذا الأصل لأنا بعد ذلك سنبين أن مدرسة أهل البيت وكثير من علماء المسلمين أصله يقوم على هذه الآية المباركة، وعلى فهم هذه الآية المباركة، وما لم تفهم هذه الآية لا يمكن فهم لا التوحيد الصفاتي ولا الربوبي ولا العبادي ...

سؤال: إذن لا يوجد في عالم التحقق والوجود إلا الحق سبحانه وتعالى ويعلمون أن الله هو الحق المبين، ومخلوقاته وأفعاله سبحانه وتعالى وكل ما في هذا العالم هي أفعال الحق سبحانه وتعالى، وآيات الحق بتعبير القرآن الكريم، عندما يقول القرآن الله ليس كمثله شيء، يعني كمثله شيء يعني الله ليس مثل مخلوقاته ومخلوقاته ليس مثل الله، ولا يوجد عندنا شيء آخر، لا أعلم الضابطة واضحة، وهي معادلة رياضية، يعني عندما يقول القرآن (ليس كمثله) والضمير يعود إلى الحق سبحانه وتعالى، يعني مثل الحق في مخلوقاته لا يوجد له مثل. سؤال: لا يوجد له مثل فقط في الذات؟ الجواب: لا فقط في الذات، وفي الصفات وفي الأفعال، يعني ليس كمثل صفاته صفات المخلوقين، أو صفات الحلق ليست كصفات المخلوقين، وليست ذاته كذات المخلوقين، وليس فعله كفعل المخلوقين، يعني على سبيل المثال حتى اوضح للمشاهد الكريم نحن عندما نريد أن نفعل نحتاج إلى الأدوات، نحتاج إلى الآلات، نحتاج إلى الزمان ونحتاج إلى المكان، نحتاج إلى الحيز، نحتاج إلى الجهة، يشار إلينا بالإشارة الحسية، هذه موجودة في حقه سبحانه وتعالى أم لا؟ بمجرد أن يوجد شيء منها هناك يلزم أن تكون المثلية. أتصور أن القضية واضحة. الآن لو سألنا هذا السؤال هذا الكتاب يباين هذا الكتاب، هذا يباين هذا، وهذا الكتاب يتميز عن هذا، بماذا يتميز؟ بحجمه بمكانه، بجهته، هذا على اليمين، وهذا إلى اليسار، هذا أكبر وهذا أصغر، هذا أخضر وهذا أحمر، سؤال: الله يتميز عن مخلوقاته بنفس هذا الشكل من التمايز؟ إذا تميز عن مخلوقاته بمثل هذا التمايز بني الكتابين صار مثله شيء. إذن عندما نأتي إن شاء في الأبحاث اللاحقة عندما نأتي ونقول أن الله متمايز عن خلقه لا يتبادر إلى ذهنك كتمايزي أنا وأنت بعضنا عن بعض، له نحو آخر من التمايز، ولكن الاتجاه التجسيمي تصور أن الله يتمايز عن خلقه ويتميز عن خلقه كما يتميز مخلوق عن مخلوق آخر، فوقع في الاشتباه أن له مكان وأن له جهة، لأنه فرض الأصل الموضوع أن تمايز الحق عن مخلوقاته كتمايز المخلوقات بعضها عن بعض مع أن القرآن يقول (ليس كمثله شيء) يعني حتى في تمايزه لا يماثله شيء.

المُقدَّم: ويؤيد كلامكم دخول الكاف على مثل.

سماحة السيد كمال الحيدري: أنا الآن لا أريد أن أدخل في البحث التفسيري، أنا أريد أن أبين الصورة والمضمون، وإلا كما تتفضلون هذا يؤكد على أنه مثل مثله، ولكن الآن لا أريد أن أدخل في التفاصيل، بل أريد المضمون ولا اريد أن أشغل ذهن المشاهد بقضايا فنية.

إذن الله يتمايز عن خلقه كتمايز هذا الكتاب عن هذا الكتاب؟ هم فرضوا أنه يتمايز كتمايز هذا الكتاب وهذا الكتاب ففرضوا له مكاناً وجهة وحيزاً وعلوا، كما أن هذا الكتاب أعلى من هذا الكتاب، إذن صار مثله شيء، هذه القضية اصل، إذن السؤال الأول الذي نطرحه كيف نعرف الله، ما هو الطريق لمعرفة الله؟ الجواب: كل ما في المخلوق فالحق منزه عنه سبحانه وتعالى. إذا كان في المخلوق مكان فالحق ليس له مكان، إذا كان في المخلوق زمان فالحق منزه، إذا كان له حكم وحيز وجهة وإشارة حسية وثقل ورجل ووجه وصورة وشكل وحد، هذه كلها موجودة في المخلوقات إذن الله سبحانه وتعالى لابد أن ينزه عنها. ولذا تجد أن المفسرين الكبار من قدماء ومعاصرين التفتوا إلى هذه الحقيقة، على سبيل المثال مفسر كبير من شمال افريقيا وهو العلامة ابن عاشور التونسي (التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور التونسي، ج25 في ذيل هذه الآية المباركة من سورة الشورى) تأليف سماحة الأستاذ الإمام الشيخ محمد طاهر بن عاشور، مؤسسة التاريخ، يقول: (ويلزم من ذلك أن كل ما ثبت للمخلوقات في محسوس ذواتها فهو منتفٍ عن ذات الله تعالى) كل ما يثبت لهذه المخلوقات فهو منتفٍ وإلا يلزم المثلية (وبذلك كانت هذه الآية أصلاً محكماً) من أهم محكمات القرآن الكريم، أصل معرفة الله، لا فقط التوحيد، التوحيد فرع معرفة الله فأصل المعرفة متوقف على هذه الآية (وبذلك كانت هذه الآية في تنزيه الله تعالى عن الجوارح) من أين أتيت بها أيها العلامة، يقول أتيت بها لأن الجوارح موجودة في المخلوقات فإذا كان فيه جوارح ولو كانت يد كالأيدي فهذا لا ينفي أصل الجارحة، هذا الذي وقفنا عنده فيما سبق وقلنا أن نظرية ابن تيمية ونظرية المجسمة لا تنفي أصل الجارحة وإنما تنفي كيفية الجارحة وتشبيه الجارحة، وفرق بين اصل الجارحة وكيفية وشبه الجارحة، هو يقول جسم لا كالأجسام، إذن صار مثله، يد إذن صار مثله له يد، القائلون بالجسمية أو القائلون التجسيم والتشبيه لم يقولوا يد كهذه اليد، كما أن المخلوقات أياديها مختلفة عن البعض الآخر وأرجلها، الآن أرجل الحيوانات شكل وأرجل الإنسان شكل وأرجل الزواحف شيء، ولكن كلها لها رجل، يعني في اللغة هذه رجل وهذه رجل. (وبذلك كانت هذه الآية في تنزيه الله تعالى عن الجوارح والحواس والأعضاء) إذن الأصل هذا، وهو أننا عندما نريد أن نعرف الله أي شيء ثبت أنه في المخلوق وأنه من مواصفات المخلوقات لابد أن ننزه الخالق عنه، لا أن ننزه الشبه، بل أن ننزه الشبه والاصل، لا أن نقول له يد ولكن لا كالأيدي، هذا ليس تنزيهاً، لا ينطبق عليه ليس كمثله شيء، له مثل ولكن مثله في الأصل وليس مثله في الشبه، مع أن الآية مطلقة عامة تنفي كل مثلية سواء كانت في الشبة والكيفية أو في أصل وجود الأعضاء.

سؤال: هل أن أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام أسسوا لهذه القاعدة أو لم يؤسسوا، في حديث وارد عن الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام في (بحار الأنوار، ج4، ص230، كتاب التوحيد، ح3) للعلامة المجلسي، مؤسسة الوفاء، بيروت، لبنان، يقول الإمام: (لا ديانة إلا بعد معرفة) أساساً أول الدين معرفته كما قال علي أمير المؤمنين، هنا الإمام الرضا يقول: (لا ديانة) يعني أولئك الذين لا يعرفون الله ليس لهم دين، أساساً لا معنى للدين بلا معرفة الله سبحانه وتعالى. (لا ديانة إلا بعد معرفة ولا معرفة إلا بإخلاص) هذا الإخلاص ليس الإخلاص في النية والعمل هذا الإخلاص عن الشرك والإخلاص في العقيدة، يعني أن لا يشوب اعتقاده بمعرفته شرك، أن لا يكون من مصاديق قوله تعالى (وما يؤمن أكثروا بالله إلا وهم مشركون) هذه الآية في سورة يوسف، تقول: وما يؤمن أكثرهم إلا وهم مشركون، يعني شاب إيمانهم شرك، الإمام يقول: حقيقة المعرفة أن تكون بإخلاص (ولا إخلاص مع التشبيه) التفتوا إلى القاعدة والأصل بل أهم أصل في معرفة الله في مدرسة أهل البيت وأئمة أهل البيت (فكل ما في الخلق لا يوجد في خالقه) قاعدة زمان لا يوجد، مكان لا يوجد، أين لا يوجد، جهة لا يوجد، حيز لا يوجد، إشارة حسية لا يوجد، فوق وتحت لا يوجد، أعضاء لا يوجد، حدود لا يوجد، موت لا يوجد، سنة لا يوجد، ضعف لا يوجد، حركة وسكون لا يوجد، جلوس وقعود وقيام لا يوجد، نزول وصعود لا يوجد. الإمام يعطيك قاعدة عامة يقول (فكل ما في الخلق لا يوجد في خالقه وكل ما يمكن فيه) أي في الخلق (يمتنع في صانعه) يمتنع لا أنه فقط يمكن ولكن لا يوجد، ممتنع عقلاً أن الله يكون له مكان، ممتنع أن يكون له حد، ممتنع أن يكون له جهة، ممتنع أن يكون حدوث، ممتنع أن يكون يشار إليه بإشارة حسية، ممتنع أن يرى رؤية بصرية، لأن هذه من خواص المخلوقات أن يرى بعضهم البعض بالعين.

قد تقول: سيدنا ماذا تقول في الروايات التي وردت في صحيح البخاري أنهم يرون الله كرؤية الشمس والقمر، هذا بحثه سيأتي، كتاب البخاري كأي كتاب حديثي آخر فيه روايات من أناس يمكن الاعتماد عليهم وفيه روايات من أناس كانوا يتمدحون بقتل علي بن أبي طالب من الخوارج ويتذكر المشاهد الكريم في الحلقات التي كانت قبل شهر رمضان.

المُقدَّم: قد يقول الأخوان هل كل ما في البحار هو صحيح.

سماحة السيد كمال الحيدري: الجواب كلا، نحن قلنا لا يوجد عندنا كتاب اسمه صحاح البحار، صحاح الكافي، صحاح التهذيب، أي رواية من الروايات نخضعها لقواعد موجودة عندنا، أما قواعد سندية وأما قواعد مضمونية، المضمونية يعني أن السند قد يكون صحيحة ولكن نعرضه على كتاب ربنا فإن وافق نأخذ به وإلا فلا. كما لو أن عندنا روايات صحيحة السند تثبت أن لله مثل ورادة في أصول الكافي، واقعاً نرمي بها عرض الجدار ولا قيمة لها، زخرف لم نقله لأن القرآن يقول: (ليس كمثله شيء) لا فقط ليس كمثله شيء ويمكن، لا، ويمتنع.

فلهذا قال: (فكل ما في الخلق لا يوجد في خالقه وكل ما يمكن فيه) أي في الخلق (يمتنع في صانعه) ثم صار الإمام بصدد بعض المصاديق قال (لا تجري عليه الحركة والسكون) لأن الحركة والسكون من صفات المخلوقين ولا يوجد عنده صعود ونزول ولا توجد حركة ولا يوجد ضعف وضحك وبكاء واستراحة وتعب واستلقاء واسترخاء وجلوس وامتلاء وقعود وقيام وأطيط ووضع الرجل اليمنى على اليسرى، ما لكم كيف تحكمون. واقعاً يحملون أوزارهم وأوزار من أضلوهم، وإلا عموم الناس مساكين لا يعلمون هذا الكلام، يتصورون أن هؤلاء علماء أهل تحقيق وأهل هداية، وفي الواقع هم أهل ضلالة هؤلاء ضلوكم في التوحيد، خصوصاً أبنائي وأخواني أتباع ابن تيمية ومن تعظمون ابن تيمية، أنا لا أقول لكم لا تحترموا الشيخ ابن تيمية، وإنما أقول لكم أذهبوا مرة أخرى ولا تأخذوا ما يقوله لكم علمائكم أو من يدعي أنه من أهل العلم عندكم وتأخذونه كلام المسلمات، بل اذهبوا وحققوا ودققوا وإذا تم عندكم البرهان والحجة أنه حق عند ذلك (قل هاتوا برهانكم) (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة) إذا أردتم النجاة يوم القيامة لا طريق لكم إلا أن يكون انتخابكم واختياركم عن بينة (ليهلك من هلك عن بينة) قد تقول: سيدنا أنا ذهبت وحققت وانتهيت إلى أن الإمامة التي تقولها مدرسة أهل البيت ليست بحق؟ الجواب: كونوا على ثقة أنت معذور يوم القيامة وأنت من أهل الجنة، ولكن بشرط أن تذهب وتحقق، لا أن تذهب إلى كتب ابن تيمية وأتباع ابن تيمية ويقولون أن هؤلاء أكذب الناس، اذهب وأسأل أهل العلم الحقيقيين.

هذا النص ينطبق كاملاً مع الأصل القرآني وهو (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) قال الإمام: (فكل ما في الخلق لا يوجد في خالقه وكل ما يمكن فيه) أي في الخلق (يمتنع في صانعه) فرق بين أنه يمكن في الصانع الحركة ولكن لا يتحرك، وبين أنه يستحيل عليه الحركة، أئمة أهل البيت لا أنه يمكن ولا يقع، بل يستحيل أن يوجد فيه حركة، فهو فرض محال أساساً لا يعقل هذا.

إذن إلى هنا اتضح لنا أن الأصل الذي يسير عليه أئمة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام في معرفة الله وفي صفات الله هو (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).

المُقدَّم: إذن صار واضحاً هذا الأصل، هناك سؤال يتفرع على هذا هل الحد ولوازمه من الصفات المشتركة بين الخالقة والمخلوق أو من الصفات الخاصة.

سماحة السيد كمال الحيدري: قبل أن أجيب على السؤال، بودي أن أشير إلى هذه النكتة، هنا يفهم المشاهد الكريم لماذا أن الرسول الأعظم جعل عدل القرآن العترة، البعض ممن لا خبرة له ولا فهم ولا فقه له في فهم فقه روايات أهل البيت يتصور أننا نريد أن نجعل العترة في قبال السنة، يقول العترة ترجع في النتيجة إلى الرسول والسنة، الكلام في أن السنة من يوصلها لنا، نحن ذهبنا إلى السنة التي من غير العترة صار فيها ثقل وصعود ونزول ومكان وأين وحد، هذه السنة التي نقلوها عن رسول الله، وإلا في سنة أهل البيت يعني في الروايات التي نقلها أئمة أهل البيت عن رسول الله لا تجد هذا. فنحن عندما نركز على العترة لا نريد أن نقول أن العترة في قبال السنة، بل نريد أن نقول أن الطريق إلى فهم السنة وهو فهم الدين السنة هي الدين، ولكن الطريق إلى فهم الدين يمر من هذه القناة الصافية المعصومة وهي أئمة أهل البيت، وهذا ما سنقف عنده في الأطروحة المهدوية بعد شهر رمضان لماذا نركز على العترة دون غيرها.

أما جواب السؤال وهو أنه أساساً هل الحد الذي أثبته ابن تيمية وأتباعه ولوازم الحد من الجهة والحيز والمكان والموضع والقعود والجلوس والنوم على السرير والقيام والامتلاء والأصابع الأربعة هل أن ذلك من الصفات المختصة بالمخلوقين أو من الصفات المشتركة.

الصفات على ثلاثة أقسام، القسم الأول صفات مختصة بالله وهي الغنى (وهو الغني الحميد) غني عن العالمين هذه صفة مختصة ولا توجد عند غيره، القدم وهي صفة مختصة به سبحانه وتعالى، الأزلية والأبدية بالذات هذه صفة مختصة. وهناك صفات مشتركة يعني من قبيل العلم، الله يصدق عليه علم ويصدق على المخلوق علم، الله يصدق عليه موجود ويصدق على المخلوقات موجود، الله يصدق عليه حي (لا إله إلا هو الحي) والموجودات حية، ولكن التفتوا جيداً بمقتضى قوله تعالى (ليس كمثله شيء) لا يمكن أن يتصور أن هذه الحياة مثل تلك الحياة، هذا محال. فإذن هذه حياة إمكانية حادثة فقيرة وتلك حياة قديمة أزلية غنية قائمة بالذات. هذه الصفات المشتركة. وعندنا صفات مختصة بالمخلوق من قبيل صفة الحدوث، الله لا يتصف بالحدوث، من قبيل صفة الحاجة والعجز، الحاجة إلى الزمان والمكان والحيز والجهة، السؤال المطروح هنا: هل أن الحد من الصفات المشتركة حتى نقول موجودة في الواجب والممكن، أم أنها من الصفات المختصة بالممكن؟

ابن تيمية وأصحاب الاتجاه الأول التجسيمي قالوا من الصفات المشتركة، يعني كما أن المخلوقات محدودة الله أيضاً محدود يعني جعلوها كصفة العلم. ومن خصائص مدرسة أهل البيت بل جملة بل أكثر علماء الإسلام يقولون: لا، أن الحد من صفات المخلوقين وليست من الصفات المشتركة بين الخالق وبين المخلوق. البعض يسأل مدرسة أهل البيت أين هي مدرسة أهل البيت؟ هذه مدرسة أهل البيت، ما هو الدليل على ذلك؟

انظروا إلى هذه الروايات:

الرواية الأولى ما ورد في كتاب (التوحيد، ص43) للشيخ الصدوق المتوفى 381هـ، قال: (حد الأشياء كلها عند خلقه إياها) إذن المخلوقات جميعاً محدودة ومن الذي حدها؟ خالقها، إذن هذا الحد يحتاج إلى حاد فإذا صار الله محدود أيضاً يحتاج إلى حاد آخر يحده فما فرض انه الخالق يكون مخلوقاً. الرواية ورادة عن الإمام أمير المؤمنين وهي أن الإمام استنهض الناس في حرب صفين، الإمام يريد أن يذهب لحرب صفين لحرب معاوية ويبدأ بالتوحيد، فعلى المشاهد ان يلتفت أن أصل الأمور كلها هو معرفة الله وتوحيد الله، لا يقول لي قائل عندنا أمور أهم. (عن جده أن أمير المؤمنين استنهض الناس في حرب معاوية فلما حشد الناس قام خطيباً فقال: الحمد الله الواحد الأحد، الصمد المتفرد، الذي لا من شيء كان، ولا من شيء خلق ما كان، قدرته بان بها من الأشياء) بعد ذلك يأتي هذا السؤال كيف بان (قدرته بان بها من الأشياء وبانت الأشياء منه، فليست له صفة تنال ولا حد يضرب له الأمثال، كلَّ دون صفاته تعبير اللغات، وضل هنالك تصاريف الصفات، وحار في ملكوته عميقات مذاهب التفكير، وانقطع دون الرسوخ في علمه جوامع التفسير، وحال دون غيبه المكنون حجب من الغيوب، وتاهت في أدنى أدانيها طامحات العقول) هذا هو التوحيد، من يريد أن يعرف الله فليبدأ من هنا، فليبدأ من علي، عندما أقول من علي لا يقول قائل أن هؤلاء لا يقولون من رسول الله، لا، باعتبار أنه باب علم رسول الله، باب علم رسول الله، من أراد المدينة فليأتها من بابها، أنا مدينة العلم وعلي بابها، أنا مدينة الحكمة وعلي بابها، ومن أراد المدينة فليأتها من بابها، فأتوا البيوت من أبوابها.

وهذا باب مدينة علم رسول الله، وإلا إنما هو تعلم من ذي علم، كما قال، قال: (وتاهت في أدنى أدانيها طامحات العقول، في لطيفات الأمور، فتبارك الله الذي لا يبلغه بعد الهمم ولا يناله غوص الفطن) أين هذا وكلام أولئك من الجهة والمكان والثقل، انظر أين التراب ورب الأرباب، كلامهم دون التراب، كلامهم جهل في جهل، كلامهم سفه في سفه، إلا من سفه نفسه، ذلك الكلام كلام السفهاء واقعاً في معرفة الله سبحانه وتعالى، معرفة الله في باب علي وأبناء علي، لأنهم باب علم مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله.

قال: (لا يبلغه بعد الهمم ولا يناله غوص الفطن وتعالى الله الذي ليس له وقت معدود ولا أجل ممدود ولا نعت محدود، هو كما وصف نفسه) كيف وصف نفسه قال: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)، قال: (هو كما وصف نفسه والواصفون لا يبلغون نعته) محل الشاهد هذه العبارة (حد الاشياء كلها) هو الذي حد كل شيء، فإذن الحد من صفات المخلوقين، هذه من الخالق (حد الأشياء كلها عند خلقه إياها إبانة لها من شبهه وإبانة له من شبهها).

سؤال: بما يتميز عن خلقه ويتميز خلقه عنه؟

يتميزون عنه بأنهم محدودون وهو ليس بمحدود، يتميز عنهم بأنه لا محدود ومن الواضح أن اللامحدود هل يمكن أن يحل حلولاً في المحدود؟ لا. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، ما لكم أيها السفهاء كيف تحكمون، أريد أن أقول أن هذا السفه سفه علمي، ليس في البعد الأخلاقي، إلا من سفه نفسه بنص القرآن الكريم.

هذا هو التوحيد الإبراهيمي، من أراد أن يعرفه فليبدأ من هنا (فأعلم أنه لا إله إلا هو) قال. (حد الأشياء كلها فهو الحاد لكل محدود) إذن المحدودية من صفات المخلوقين، إذن كل حد يحتاج إلى خالق فإذا كان الله محدوداً فيحتاج إلى خالق فيكون الخالق مخلوقاً فيحتاج إلى خالف ويتسلسل إلى لا نهاية أو أما الدور وأما التسلسل ولابد أن ننتهي إلى خالق غير محدود.

قال: (حد الأشياء كلها عند خلقها إياها إبانة لها من شبهه) حتى لا تشبهه لأنها إذا صارت لا محدود تكون تشبهه صار مثله وهو ليس كمثله شيء. (وإبانة له) وهو غير محدود (من شبهها) عن المخلوقات وإلا إذا صار محدوداً فيكون أما أن يكون تشبيه المخلوق بالخالق أو تشبيه الخالق بالمخلوق.

ورواية أصرح منها جميعاً ما ورد في كتاب (الامالي، ص253) للشيخ المفيد، الرواية عن الإمام الرضا عن توحيد الله، قال: (أول عبادة الله معرفته وأصل معرفة الله جل اسمه توحيده ونظام توحيده نفي التحديد عنه) لماذا؟ أصل كل معرفة توحيدية تبدأ بنفي التحديد، ولذا نحن بدأنا بنفي التحديد، قال: (نفي التحديد عنه لشهادة العقول) كل عقل سليم سوي ليس عقلاً مشوب (لشهادة العقول أن كل محدود مخلوق وشهادة كل مخلوق أن له خالقاً، الممتنع من الحدث، هو القديم في الأزل، فليس الله عبد من نعت ذاته، ولا إياه وحد من اكتنهه، ولا حقيقته أصاب من مثله) أيها المسلمون من مثله لم يصبه، (ولا به صدق من نهاه) ليس مصدقاً. وإن كان لعله معذور كما هم عموم المسلمين خصوصاً أتباع ابن تيمية وغيرهم هؤلاء الأعم الأغلب منهم يريدون التوحيد الحقيقي ولكن مع الأسف الشديد أن علمائهم وشيوخهم لم يعطوهم التوحيد الحقيقي.

ومن تلك النصوص أيضاً هذا النص القيم الوارد في (نهج البلاغة، ص259، الخطبة رقم 163) لمحمد عبدة، قال: (فالحد لخلقه مضروب) الحد مضروباً على خلقه ضرباً تكوينياً (وإلى غيره منسوب) أما إليه فلا ينسب الحد. هنا كما طلبت من المشاهد الكريم استميحه عذراً أريد أن أتكلم، هنا أريد أن أقف قليلاً عند كتاب نهج البلاغة.

وردتني أسئلة هنا وهناك عن رأيي في كتاب نهج البلاغة وفي خطب أمير المؤمنين فيه؟

الجواب: خطب وكلمات الإمام أمير المؤمنين في نهج البلاغة تقسم إلى قسمين، القسم الأعظم منها هي خطب التوحيد ومعرفة الله ومعرفة الأنبياء والنبوة ومعرفة الجنة والنار وبيان قضايا تأريخية، وفي الأعم الأغلب هذه القضايا التي ذكرها أمير المؤمنين سلام الله عليه في هذه الخطب والكلمات لها أسناد صحيحة سواء كان لنهج البلاغة أو من طرق أخرى وهذا موكول إلى بحث آخر، إذن لا يتبادر إلى ذهن البعض أني عندما أشكلت على بعض كلمات الإمام أمير المؤمنين قلت أن سندها لم يثبت، لا يتبادر إلى الذهن أننا نريد أن نسقط اعتبار نهج البلاغة، لا والله، في نهج البلاغة (50) خطبة في التوحيد لن تجد لها مثيلاً في تأريخ الإسلام، لأنه بيت علم النبي وباب علم النبي، وهكذا خطب أخرى وإلا قد يتصور البعض أني أقول أن الإمام أمير المؤمنين عندما يقول هذه الخطبة يعني أن هذا الكلام غير تام، لا والله، تام، الإمام أمير المؤمنين هذه عبارته يقول عن آل البيت وآل النبي في (الخطبة رقم 2): (هم موضع سره ولجأ أمره وعيبة علمه ومؤول حكمه وكهوف كتبه وجبال دينه بهم أقام انحناء ظهره واذهب ارتعاد فرائصه، لا يقاس بآل محمد صلى الله عليه وآله من هذه الأمة أحد) واقعاً لا يقاس بهم أحد، أين هذا من ذاك (ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً) أصلاً هم أصحاب النعمة على هذه الأمة، (هم أساس الدين، وعماد اليقين، إليهم يفيء الغالي وبهم يلحق التالي ولهم خصائص حق الولاية) أولئك الذين يبحثون في نهج البلاغة أين قال لي حق الولاية (وفيهم الوصية والوراثة) أي وصية؟ وصية الإمامة، هذه ليست وصية شخصية، ليست الوصية الفقهية، بأي قرينة؟ بقرينة (الآن إذ رجع الحق إلى أهله) بعد عثمان، بعد الخليفة الثالثة، إذا كانت وصية شخصية فلماذا يقول هذا. (الآن إذ رجع الحق إلى أهله ونقل إلى منتقله).

سيدنا أين إشكالكم.

أنا أشكالي أن بعض الكلمات الصادرة عن الإمام أمير المؤمنين ليست مع السياق العام لكلامه، كلامي مع ذلك من قبيل هذا الذي يكرره البعض في مختلف المواقع والفضائيات وغيرها في قوله: (لله بلاء فلان فلقد قوم الأود وداوى العمد وخلق الفتنة وأقام السنة ذهب نقي الثوب قليل العيب أصاب غيرها) انظروا إلى علي كيف يمدح بعض الخلفاء السابقين عليه. هذا الكلام لا أطيل على المشاهد الكريم فقط بودي لو سأل سائل: هذا الكلام أين سنده لأنا نحتاج إلى سند له. واقعاً لم أجد في كتاب الأعلام السابقين إلا في كتاب تاريخ الطبري مصدراً لهذا الكلام الذي ينقله السيد الرضي، قال المغيرة بن شعبة لما دفن عمر أتيت علياً، هذا كتاب (ضعيف تأريخ الطبري، ج8) حققه وخرج روايته محمد طاهر البرزنجي، دار ابن كثير، دمشق، بيروت، يقول: (قال حدثني عمر، قال حدثنا علي، قال سعيد بن خالد عن المغيرة بن شعبة لما مات عمر بكته ابنة أبي حسمة فقالت: وا عمراه أقام الأود وأبرء العمد أمات الفتن أحيى السنن خرج نقي الثوب) نفس هذا الكلام، إذن تبين أن هذا كلام علي بن أبي طالب أو كلام ابنة أبي حسمة. يقول: (وقال المغيرة بن شعبة لما دفن أتيت علياً وأنا أحب أن أسمع ...). سؤال: هذا النص في الطبري صحيح أم ضعيف.

ورد هذا الحديث في (ضعيف تاريخ الطبري) يعني حتى البرزنجي لم يستطيع أن يصحح هذا النص. فيه ابن دأب، ابن دأب من هو، بودي كلمة أن أقول ابن دأب كما قال في (تقريب التهذيب، ص843) لابن حجر العسقلاني، قال: (محمد بن دأب كذبه أبو زرعة) إذن تبين أنه ليس ضعيف بل هو كذاب. بينكم وبين الله أيمكن الاستناد إلى كلام لعلي في سنده كذاب، والكلام ليس كلامه وإنما كلام امرأة بكته، حتى لو فرضنا أنه في الروايات أنه أيد، ولكن الرواية من كذاب. نحن حديثنا في مثل هذه الخطب والكلمات التي لا تنسجم مع السياق العام لنهج البلاغة، وإلا في الأعم الأغلب نهج البلاغة لنا عدة طرق لتصحيح ما فيه خصوصاً في القواعد العامة التي تنسجم مع قواعدنا.

المُقدَّم: معنا الأخ أبو أحمد من السعودية، تفضلوا.

الأخ أبو أحمد: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ أبو أحمد: سيدنا بالنسبة لصفة الحياة في آية الكرسي (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) وآية أخرى عن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، ما الفرق بين الحياة.

سماحة السيد كمال الحيدري: بحثنا نحن ليس في حقيقة الحياة في القرآن الكريم حتى تسأل عن الفرق بين هذه الحياة وتلك، بحثنا في الحد فإن كان عندك سؤال فيه استمع لك.

المُقدَّم: معنا الاخ عبد الكريم من روسيا، تفضلوا.

الأخ عبد الكريم: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ عبد الكريم: أنا مع عقلي الناقص وعلمي الضحل أقول لو اتفقنا جدلاً والعياذ بالله من غضب الله مع نظرية ابن تيمية وأتباعه بأن الله جسم وليس كالأجسام ويد وليس كالأيادي وجلوس وليس كالجلوس ... فنقول: يوجد من خلق الله سبحانه وتعالى على نفس المنطق ونفس الشاكلة، مثلاً الملائكة والجن نحن نعتقد بأن له أيادي وليس كالأيادي ويجلس وليس كالجلوس فأين ذهبت آية (ليس كمثله شيء).

المُقدَّم: الأخ عبد الرحمن من السعودية، تفضلوا.

الأخ عبد الرحمن: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ عبد الرحمن: يا شيخ كمال بارك الله فيك، ألا ترى أنك أكثرت وبلغت في النيل من علماء بلاد الحرمين الاجلاء ونقصت من قدرهم ووصفتهم بأوصاف لا يستحقونها، كأنهم نكرات وأنهم لا يعلمون ولا يفهمون وسفهاء، سؤالي يا فضيلة الشيخ: هل عندما تذهب إلى مكة هل تلتقي بالعلماء هناك، وهل تذكر لهم هذه الأوصاف أم لا.

سماحة السيد كمال الحيدري: أخي العزيز أنت ارجع إلى كتاب منهاج السنة لابن تيمية وإلى كتب ابن باز وإلى كتب محمد بن عبد الوهاب، يا ليت عندما كان يختلف مع الآخرين يصفهم بالسفه هكذا، يصفونهم بالشرك والكفر والزندقة والخروج عن الملة والبدعة والارتداد، هكذا يصفونهم، أمن الأنصاف واقعاً إذا اختلفنا مع الشيخ ابن تيمية أو الشيخ ابن باز أو الشيخ محمد عبد الوهاب أو اختلفنا مع العلماء المعاصرين حتى يأتي مثل الألباني ويعبر عن كبار علماء الأزهر ويقول أن راعية غنم أفضل منهم وأنها أفضل منها في التوحيد، كأنه ينبغي للإنسان أنه إذا أراد أن يعيب الآخرين أن ينظر إلى ما فيه كتبه من العيب ومن النقص، أنا إنما تكلمت بنفس المنطق الذي يوجد في كتبكم ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم. هذا الكلام الذي تفضلت به واقعاً نصيحة قيمة وأنا أدعوا من هنا كل علماء المسلمين أنه إذا اردنا أن نختلف فلنختلف على أسس علمية وعند ذلك لنا رأي ولكم رأي، لماذا إذا اختلفنا معكم نكون كفار وأهل بدعة وأهل شرك، إلى الآن استفتوا علمائكم عن الشيعة عندما يذهبون لزيارة أئمتهم، يقولون: هذا شرك وبدعة. نحن لا نعتقد أن هذا شرك أو بدعة ولا توسل إلى غير الله، تعالوا أجلسوا معنا لنفهمكم إن كنتم لا تفهمون.

المُقدَّم: معنا الأخ مصطفى من البحرين، تفضلوا.

الأخ مصطفى: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ مصطفى: أسأل عن تفسير الآية وهي (فلما تجلى ربه).

سماحة السيد كمال الحيدري: إن شاء الله عندما نصل إلى بحث الرؤية سنبحث هذا.

المُقدَّم: معنا الأخ مالك من الجزائر، تفضلوا.

الأخ مالك: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ مالك: هل يمكننا بكل بساطة أن نقول أن الله هو خالق الأبعاد بما في ذلك الزمان والمكان وأخضع المخلوقات لهذه الأبعاد، ولا يخفى أن الله جل جلاله بأنه هو خالقها، هل يمكن أن نبسط بهذه الصورة.

سماحة السيد كمال الحيدري: الله سبحانه وتعالى خلق كل شيء فما يوجد في المخلوقات لا يكون حاكماً عليه سبحانه فهو القاهر فوق عبادة ولا يكون مقهوراً لشيء منها. لا لزمانها وحيزها وإشارتها الحسية.

المُقدَّم: الأخ حيدر من السعودية، تفضلوا.

الأخ حيدر: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ حيدر: أريد مداخلة بسيطة، ألا تعتقد سماحة السيد أن مشكلة أتباع التيار السلفي هو أنهم اختزلوا فكر الدين الإسلامي كله في شخص ابن تيمية فما قاله هو الصحيح وما قال غيره لا يعد صواباً إلا إذا وافق منهج ابن تيمية حتى أن ابن تيمية في مخالفاته للنصوص الصريحة للقرآن والسنة تقدم على هذه النصوص الصريحة حتى وإن اصطدمت مع نصوص الكتاب والسنة فلا قيمة عندهم لما قاله علي بن أبي طالب وأئمة أهل البيت طالما أن ابن تيمية لم يأخذ بها، فالخطوة الأولى لإصلاح الفكر السلفي هو أن يتوقفوا عن التعصب لشخص ابن تيمية وأن يبحثوا فيما قاله، فإذا وافق كتاب الله وسنة رسول الله عندهم في مقاييسهم، فما اصطدموا بها يضرب به عرض الحائط، ولا ينبغي أن يقدس تقديس أعمى. ودائماً يرددون كلمة نتمسك بما قاله السلف الصالح وفي الحقيقة أن السلف الصالح يختصرونه في ابن تيمية، ابن تيمية هو حده يمثل السلف الصالح وغيره لا.

المُقدَّم: معنا الأخ حامد أحمد من السودان، تفضلوا.

الأخ حامد: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ حامد: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، إن الله هيأ لهذا الدين علماء كأمثالكم، ينفون عنه حديث الغالين، وانتحال المبطلين. وقفتم سداً منيعاً، وأوضحتم الحق تبياناً لا يأباه إلا كل جهول عنيد أو شيطان مريد، أو من هو معلوم النفاق. إن الله سخر العلماء يدافعون عن هذا الدين، ولكن هيأكم الله لإعلامه ولم يظهر عالم كظهوركم في الإعلام.

سماحة السيد كمال الحيدري: في الواقع بأنه في هذه الدقائق الأخيرة من هذه الحلقة الأخيرة في هذا الشهر المبارك الفضيل، في المقدمة أشكر الله سبحانه وتعالى على أن وفقني على أن أكون في خدمة المشاهدين في خدمة بقاع العالم وكذلك أشكر جميع الأخوة والأخوات الذين شاركونا هذا البرنامج بمداخلاتهم وباتصالاتهم وبرسائلهم التي وصلتنا، وكذلك استميح المشاهدين الأعزاء جميعاً عذراً أولاً لعدم إمكاني أن أجيب على كل الأسئلة، وثانياً لعله قد صدر مني بعض الأحيان هفوات من لساني، أنا أمام المشاهد الكريم اعتذر لكل مشاهد صدر مني ما لا ينبغي أن يصدر والعفو عند كرام الناس مأمول، وأرجوا الله سبحانه وتعالى أن يعيده علينا في موضوع آخر في السنة القادمة، ومن الآن إن شاء الله تعالى إذا وفقنا وادعوا الله أن أوفق في شهر رمضان القادم أن أقف عند بحث الإمامة بحثاً تفصيلياً في هذه المسألة.

المُقدَّم: نشكر الأخوة ونعتذر لضيق الوقت، أكرر أيضاً إنه إن شاء الله تعالى في يوم الخميس بعد العيد وبعده ليل الجمعة يعني الخمس على الجمعة والجمعة على السبت سيكون معكم البرنامجان المعهودان مطارحات في العقيدة ومطارحات في العقيدة، وفي ليلة الجمعة وليلة السبت وليلة الأحد ثلاثة برامج مع سماحة السيد كمال الحيدري في الساعة 11.30 ليلاً بتوقيت طهران، الساعة 10.00 بتوقيت مكة، أي في السابعة 07.00 بتوقيت كرنج، نستودعكم الله ونشكركم جميعاً والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.