هذا ـ يا اصدقاءنا ـ مفتاح للمعرفة عجيب. نجده في قول الحقّ تعالى: ما يَفعَلُ اللهُ بعذابِكم إن شكَرْتم وآمَنتم، وكان الله شاكراً عليماً ؟! / أين إذن هذا المفتاح ؟!
إنّه مَن كان في مقام الشكر.. فله عند الله وعدٌ أن يرفع عنه العذاب!
ما يفعلُ الله بعذابكم ؟! / إنّ الله إذن لا يحبّ أن يعذّب الخلقَ أصلاً. وإنما يكون العذاب كعلاج لحالات.. كعملية جراحية يجريها الطبيب ليصحّ باقي الجسد.
ومعنى هذا: أنّ من كان ذا قلبٍ سليم، فلا ضرورة أصلاً لإجراء عمليةٍ جراحية لقلبه.. لا ضرورةَ لتعذيبه!
* * *
بعدئذٍ تأتي مرحلة تَحقُّق الصفة التي تُفضي إلى رفع العذاب: إن شكرتُم . حَقِّقْ إذَنِ الشكرَ في نفسك، وثِقْ أنّ الله سوف يرفع عنك العذابَ فوراً. كن شاكراً تَدخُلْ في منطقة الأمن والأمان.
الشاكرون ـ يا أصدقاءنا ـ متنعّمون بعطايا النعيم.. لئن شكرتُم لأزيدنّكُم . وعكس هذه الحالة صحيح أيضاً: ولئن كفرتُم إنّ عذابي لَشديد .
إنّهما ناموسان متقابلان. ذلك أنّ القلب الشاكر متّجه إلى ربّه، ولذلك قَرَن الشكر بالإيمان.. إن شكرتم وآمنتم . والإيمان هو توجّه القلب إلى الله. إنه يَسبَح في بحار النور آمناً مطمئناً مسروراً، فيزداد شكراً واعترافاً بنعمة المنعم. وهذا مكنونُ معنى لئن شكرتم لأزيدنّكم . وهكذا يكون الشاكر قد ألغى عذابَه حين شكر.
* * *
والعكس يسري في اهل الاتّجاه المعاكس: ولئن كفرتم إنّ عذابي لَشديد . لأن القلب الكفور بالنِّعم، قلبٌ منقلبٌ على ربّه، خارج من النور إلى الظلمات.. داخل في الغمّ والخوف واليأس، فيزداد سخطاً ويزداد كفراً ويزداد عذابُه الذي أورده على نفسه، ويزداد بها الضِّيق: ولئن كفرتم إنّ عذابي لشديد .
إنّه إذن مفتاحٌ خطير.. مفتاح إلغاء العذاب في الحياة.. وطريق الدخول في لذّة النعيم.