تعتبر مسألة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من المسائل الأساسيّة في بحث الإمامة الخاصّة ، من هنا ورد التركيز عليها في التراث الشيعي ، بما يناسب موقعها المهم ، هذا كما إنّ فكرة مجيء المصلح في آخر الزمان ؛ فكرة لا خلاف عليها بين علماء المسلمين عامّة ، حيث اتفقت كلمتهم إلاّ من شذّ منهم ، على أنّه لابدّ أن يأتي في آخر الزمان من يصلح الأرض ، ويملأها قسطاً وعدلاً ، بعد أن مُلئت ظلماً وجوراً.
وممن صرّح بأحاديث المهدي ، الترمذي في السنن ، والنيسابوري في المستدرك ، والبغوي في مصابيح السنّة ، وابن الأثير في النهاية ، وابن تيميّة في منهاج السنّة ، والذهبي في تلخيص المستدرك ، والتفتازاني في شرح المقاصد ، والهيثمي في مجمع الزوائد ، والجزري الدمشقي في أسنى المطالب ، والصبّان في إسعاف الراغبين ، والشوكاني وعشرات غيرهم (1) .
وصحح النيسابوري كثيراً من روايات المهدي ، وعبّر عن طائفة منها بأنّها صحيحة على شرط الشيخين ولم يخرّجاه ، كحديث أم سلمة حول خسف البيداء الذي يكون في زمن المهدي (2) ، وحديث ابن مسعود - لا تذهب الدنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي - (3) ، وحديث ثوبان حول الرايات التي توطّئ للمهدي سلطانه (4) .
وحديث أبي سعيد: - المهدي منّي أجلى الجبهة - (5) ، وحديث أبي سعيد أيضاً : - لا تقوم الساعة حتّى تُملأ الأرض ظلماً وجوراً وعدواناً ، ثمّ يخرج من أهل بيتي من يملأها قسطاً وعدلاً - (6) ، وحديث محمّد ابن الحنفيّة عن أبيه علي (عليه السلام) أنّه قال ، وقد سأله رجل عن المهدي : - ذاك يخرج في آخر الزمان - (7) .
وعبّر عن طائفة ثانية منها ، بأنّها صحيحة على شرط مسلم ولم يخرّجه ، كحديث أبي سعيد الخدري : - المهدي منّا أهل البيت - (8) ، وحديثه الآخر أيضاً : - تملأ الأرض جوراً وظلماً فيخرج رجل من عترتي - (9) .
وعبّر عن طائفة ثالثة بأنّها صحيحة الإسناد ولم يخرّجاه ، كحديث أبي سعيد : - ينزل باُمّتي في آخر الزمان بلاء شديد ، فيبعث الله عزّ وجلّ من عترتي ، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت ظلماً وجوراً - (10) ، وحديث أبي سعيد أيضاً : - يخرج في آخر أمّتي المهدي - (11) .
بل صرّح بعض الأعلام بتواتر هذه الأحاديث ، كالأبري في مناقب الشافعي ، كما نقل ذلك المزّي في تهذيبه (12) ، والقرطبي في التذكرة (13) ، والعسقلاني في تهذيب التهذيب (14) ، والسخاوي في فتح المغيث ، والسيوطي في مصباح الزجاجة ، والمتقي الهندي في البرهان في علامات مهدي آخر الزمان ، والبرزنجي في الإشاعة لأشراط الساعة ، وعشرات غير هؤلاء لا مجال لذكرهم في هذه العجالة (15) .
فمثلاً ، قال ابن حجر في تهذيب التهذيب ، نقلاً عن الأبري في ترجمة محمّد بن خالد الجندي : - وقد تواترت الأخبار ، واستفاضت بكثرة رواتها ، عن المصطفى (صلى الله عليه وآله) في المهدي ، وأنّه من أهل بيته ، وأنّه يملك سبع سنين ، ويملأ الأرض عدلاً ، وأنّ عيسى (عليه السلام) يخرج فيساعده على قتل الدجّال ، وأنّه يؤمّ هذه الأمّة ، وعيسى خلفه - (16) .
وقال أيضاً : - وفي صلاة عيسى (عليه السلام) خلف رجل من هذه الأمّة ، مع كونه في آخر الزمان ، وقرب قيام الساعة ، دلالة للصحيح من الأقوال : (( إنّ الأرض لا تخلو من قائم لله بحجّة )) والله العالم - (17) .
ولم يقتصر الأمر على المتقدّمين من علماء المسلمين ، بل نجد ذلك واضحاً في كتابات المتأخّرين أيضاً ، حيث صرّح أهل التحقيق منهم ، بصحّة أحاديث المهدي ، بل بتواترها ، كالشيخ محمّد الخضر المصري ، والشيخ محمّد فؤاد عبدالباقي ، وأبو الأعلى المودودي ، وناصر الدين الألباني ، والشيخ حمود التويجري ، والشيخ عبدالعزيز بن باز ، وغيرهم (18) .
وقال الشيخ منصور علي ناصف في كتابه " التاج الجامع للأصول " : - اشتهر بين العلماء سلفاً وخلفاً ، أنّه في آخر الزمان ، لابدّ من ظهور رجل من أهل البيت ، يسمّى المهدي ، يستولي على الممالك الإسلاميّة ، ويتبعه المسلمون ، ويعدل بينهم ، ويؤيّد الدين ، وبعده يظهر الدجّال ، وينزل عيسى (عليه السلام) فيقتله ، أو يتعاون عيسى مع المهدي على قتله .
وقد روى أحاديث المهدي جماعة من خيار الصحابة ، وخرّجها أكابر المحدّثين ، كأبي داود والترمذي ، وابن ماجة... ، ولقد أخطأ من ضعّف أحاديث المهدي كلّها ، كابن خلدون وغيره - (19) .
وقال ابن باز: - فأمر المهدي معلوم ، والأحاديث فيه مستفيضة ، بل متواترة متعاضدة ، وقد حكى غير واحد من أهل العلم تواترها... ، وهي متواترة تواتراً معنويّاً ، لكثرة طرقها واختلاف مخارجها ، وصحابتها ، ورواتها ، وألفاظها ، فهي تدل على أنّ هذا الشخص الموعود به ، أمره حقّ ثابت وخروجه حق - (20) .
وقال أيضاً : - ولقد تأمّلت ما ورد في هذا الباب من أحاديث ، فاتضح لي صحّة كثير منها ، كما بيّن ذلك العلماء الموثوق بعلمهم ودرايتهم ، كأبي داود ، والترمذي ، والخطّابي ، ومحمّد بن الحسين الآبري ، وشيخ الإسلام ابن تيميّة ، والعلاّمة ابن القيّم ، والشوكاني وغيرهم - (21) .
وقد ورد في معجم أحاديث الإمام المهدي ما يقرب من ( 2000 رواية ) عن رسول الله وأهل بيته تعرّضت لمختلف شؤون المهدي ، كالأبحاث المتعلّقة بمرحلة ما قبل ظهور المهدي (عجّل الله فرجه) ، ثمّ ما يتعلّق بشخصيّته ، وحركة ظهوره ، وأحداثها ، ثمّ ما يكون بعده (22) .
إذن ، فمسألة ظهور المهدي في آخر الزمان ، وأنّه من أهل بيته (صلى الله عليه وآله) وعترته ، وأنّه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، ممّا لا ريب فيها ، ولا مجال للتشكيك والتردّد إزاءها ، وبتعبير الشيخ محمود التويجري : - أنّه لا ينكر خروجه إلاّ جاهل أو مكابر - (23) .
ولقد أجاد بعض الكتّاب المعاصرين حيث قال : - إنّ في عالم الدجل ، الكثير من الذين يدّعون العلم ويتاجرون بالورع ، يريدون أن يجعلون تراثنا خالياً من الهواء... ، لقد رفض فكرة المهدي رجال هناك ، أمثال (غولد سابهر) و(فلهوزن) ، فاتبعهم رجال هنا ، من منطلق أنّهم يأكلون كلّ طعام يأتي من هناك - (24) .
نعم ، الذي وقع الخلاف فيه بين علماء المسلمين ، إنّما هو في جهة أخرى من البحث ، هي : هل المهدي حي ؟ ولكنّه غائب مستور ، كما ذهب إلى ذلك أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) ، تبعاً للروايات الصحيحة الواردة عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) ، وأئمّة أهل البيت (عليهم السلام) ، أمّ سيولد بعد ذلك ؟ كما هو الاتجاه العام عند مدرسة الخلفاء .
من هنا لابدّ أن ينصبّ الحديث على إثبات أنّ المهدي المنتظر حي أم لا ؟ ويمكن ذكر طريقين في هذه العجالة لإثبات حياته :
الطريق الأوّل : وهو الطريق غير المباشر ، إن صحّ التعبير ، وذلك بأن يقال : بعد أن ثبتت ضرورة استمرار وجود معصوم ، لا يفارق الكتاب ولا يفارقه الكتاب ، كما هو نص حديث الثقلين ، وأنّ هؤلاء المعصومين لا يتجاوز عددهم (12) كما هو مقتضى أحاديث (( خلفائي من بعدي اثنا عشر )) ، وأنّ هؤلاء هم : علي ، والحسن ، والحسين ، وتسعة من صلب الحسين (عليهم السلام) ، ينتهون بالمهدي المنتظر ، كما هو نص عشرات الروايات من الفريقين ، إذن يثبت بالدلالة الالتزاميّة العقليّة ، أنّ الإمام الثاني عشر حيٌّ يُرزق ، لكنّه غائب مستور عن الخلق لحكمة إلهيّة في ذلك .
ومن الواضح أنّ هذا الطريق يثبت لنا وجود إمام معصوم غائب ، هو المهدي المنتظر ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) الذي ينتهي نسبه إلى الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام) ، ولكنّه لا يتعرّض لتفاصيل سنة ولادته ، وكيفيّة ذلك ، ومن هي أمّه ، ومتى غاب ، وهل له غيبة واحدة أم أكثر .
إلاّ أنّ هذا لا يؤثّر في أصل فكرة إثبات وجوده وأنّه حيٌّ غائب ، لأنّ الضرورة النقليّة وما يلزمها عقلاً تثبت هذه الحقيقة .
وهنا أود الإشارة إلى أن دعوى ضرورة وجود معصوم بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؛ بل عدم خلو كل زمان من معصوم ، ليست من مختصات مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) ، كما يتهم بعض الشيعة الإمامية بذلك ، بل هناك جملة من أعلام المسلمين ، ذهبوا الى ضرورة وجود معصوم في كل زمان .
قال الفخر الرازي في تفسيره ، ذيل قوله تعالى (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )) (التوبة: 119) : - إنه تعالى أمر المؤمنين بالكون مع الصادقين ، ومتى وجب الكون مع الصادقين فلا بد من وجود الصادقين في كل وقت ، فإن قيل : لِم لا يجوز أن يقال : إن المراد بقوله : (( وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )) أي كونوا على طريقة الصادقين ، كما أن الرجل إذا قال لولده : كن مع الصالحين ، لا يفيد إلا ذلك ، سلمنا ذلك ، لكن نقول : إن هذا الأمر كان موجوداً في زمان الرسول فقط ، فكان هذا أمراً بالكون مع الرسول ، فلا يدل على وجود صادق في سائر الأزمنة - .
والجواب عن الأول : إن قوله (( وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )) أمر بموافقه الصادقين ، ونهي عن مفارقتهم ، وذلك مشروط بوجود الصادقين ، وما لا يتم الواجب إلا به ؛ فهو واجب ، فدلّت هذه الآية على وجود الصادقين ، وقوله : إنه محمول على أن يكونوا على طريقة الصادقين ، فنقول : إنه عدول عن الظاهر من غير دليل .
قوله: هذا الأمر مختص بزمان رسول الله عليه الصلاة والسلام : قلنا : هذا باطل لوجوه :
الأول : أنه ثبت بالتواتر الظاهر من دين محمد (عليه الصلاة والسلام) أن التكاليف المذكورة في القرآن ؛ متوجهة إلى المكلفين إلى قيام القيامة ، فكان الأمر في هذا التكليف كذلك .
والثاني : أن الصيغة تتناول الأوقات كلها بدليل صحة الاستثناء .
والثالث : لما لم يكن الوقت المعيَّن مذكوراً في لفظ الآية ، لم يكن حمل الآية على البعض أولى من حمله على الباقي ، فإما أن لا يحمل على شيء من الأوقات ، فيفضي إلى التعطيل وهو باطل ، أو على الكلّ وهو المطلوب .
والرابع : وهو أن قوله (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ )) أمر لهم بالتقوى ، وهذا الأمر إنما يتناول من يصحّ منه أن لا يكون متقياً ، وإنما يكون كذلك لو كان جائز الخطأ ، فكانت الآية دالة على أنّ من كان جائز الخطأ ، وجب كونه مقتدياً بمن كان واجب العصمة ، وهم الذين حكم الله بكونهم صادقين ، فهذا يدلّ على أنه واجب على جائز الخطأ ، كونه مع المعصوم عن الخطأ ، حتى يكون المعصوم عن الخطأ مانعاً لجائز الخطأ عن الخطأ ، وهذا المعنى قائم في جميع الأزمان ، فوجب حصوله في كل الأزمان (25) .
وقال أيضاً في ذيل قوله تعالى : (( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنكُمْ )) (النساء: 59) : إن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية ، ومَن أمَر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع ، لا بد أن يكون معصوماً عن الخطأ ، إذ لو لم يكن معصوماً عن الخطأ ، كان بتقدير إقدامه على الخطأ ، يكون قد أمر الله بمتابعته ، فيكون ذلك أمراً بفعل ذلك الخطأ ، والخطأ لكونه خطأ منهيٌ عنه ، فهذا يفضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد ، بالاعتبار الواحد ، وإنه محال .
فثبت أن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر علي سبيل الجزم ، وثبت أن كل من أمَر الله بطاعته على سبيل الجزم ، وجب أن يكون معصوماً عن الخطأ ، فثبت قطعاً أن أولي الأمر المذكور في هذه الآية ، لا بد وأن يكون معصوماً ، نعم وقع الاختلاف في مصداق المعصوم وأنه مَن هو ؟ حيث ذهب أتباع أهل البيت ، تبعاً للآيات والروايات المتواترة ، كما تقدمت الإشارة إليها ، أن المقصود به هم أئمة أهل البيت (عليهم السلام) .
عن عبد الله بن عباس قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : (( أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين ، مطهّرون معصومون )) (26) .
وذهب أتباع الخلفاء إلى أن المعصوم هو ( إجماع الأمة ) ، قال الرازي : - لِم لا يجوز أن يكون الصادق هو المعصوم الذي يمتنع خلو زمان التكليف عنه ، كما تقوله الشيعة ، قلنا : نحن نعترف بأنه لابد من معصوم في كل زمان ، إلا أنا نقول : ذلك المعصوم هو مجموع الأمة - (27) ، ثم قال : - ولا معنى لقولنا الإجماع حجة إلا ذلك - (28) .
وقد أوضح مراده من الإجماع بقوله : - مذهبنا أن الإجماع لا ينعقد إلا بقول العلماء الذين يمكنهم استنباط أحكام الله من نصوص الكتاب والسنة ، وهؤلاء هم المسمون بأهل الحل والعقد في كتب أصول الفقه - (29) .
وتبعه في ذلك محمد عبده في تفسير المنار ، حيث قال محمد رشيد رضا إن أستاذه - فكّر في هذه المسألة من زمن بعيد ، فانتهى به الفكر إلى أن المراد بأولي الأمر ، جماعة أهل الحل والعقد من المسلمين... ، فأهل الحل والعقد من المؤمنين ، إذا أجمعوا على أمر من مصالح الأمة ، ليس فيه نص عن الشارع ، مختارين في ذلك غير مكرهين عليه بقوة أحد ولا نفوذه ، فطاعتهم واجبة ، ويصح أن يقال هم معصومون في هذا الإجماع ، ولذلك أطلق الأمر بطاعتهم ، بلا شرط مع اعتبار الوصف والإتباع المفهوم من الآية - (30) .
الطريق الثاني : وهو الطريق المباشر ، ولكي يتضح ذلك جيّداً ؛ لابدّ من الإشارة إلى التسلسل الوارد في الروايات ، لإثبات هذه الظاهرة الإلهيّة ، وهذا ما أحصاه بعض المحقّقين المعاصرين :
1: الروايات التي تبشّر بظهوره (عجّل الله فرجه) : 657 رواية
2: الروايات التي تبيّن أنّه يملأ الأرض عدلاً وقسطاً : 123 رواية
3: الروايات التي تثبّت أنّ المهدي المنتظر من أهل البيت : 389 رواية
4: الروايات التي تبيّن أنّه من ولد أمير المؤمنين (عليه السلام) : 214 رواية
5: الروايات التي تثبّت أنّه من ولد فاطمة الزهراء (عليهما السلام) : 192 رواية
6: الروايات التي تقول إنّه من ولد الإمام الحسين (عليه السلام) : 185 رواية
7: الروايات التي تقول إنه التاسع من ولد الإمام الحسين (عليه السلام) : 148 رواية
8: الروايات التي تقول إنه من ولد علي بن الحسين (عليهما السلام) : 85 رواية
9: الروايات التي تقول إنه من ولد محمّد الباقر (عليه السلام) : 103 رواية
10: الروايات التي تقول إنه من ولد الصادق (عليه السلام) : 103 رواية
11: الروايات التي تقول إنه السادس من ولد الصادق (عليه السلام) : 99 رواية
12: الروايات التي تقول إنه من ولد موسى بن جعفر (عليهما السلام) :101 رواية
13: الروايات التي تقول إنه الخامس من ولد موسى بن جعفر (عليهما السلام) : 98 رواية
14: الروايات التي تقول إنه الرابع من ولد علي بن موسى الرضا (عليه السلام) : 95 رواية
15: الروايات التي تقول إنه الثالث من ولد محمّد بن علي التقي (عليه السلام) : 90 رواية
16: الروايات التي تقول إنه من ولد علي الهادي (عليه السلام) : 90 رواية
17: الروايات التي تقول إنه ابن أبي محمّد الحسن العسكري (عليه السلام) : 146 رواية
18: الروايات التي تقول إنه الثاني عشر من الأئمّة وخاتمهم : 136 رواية
19: في ولادته (عليه السلام) وتأريخها وبعض حالات أمّه : 214 رواية
20: في أنّ له غيبتين : 10 روايات
21: في أنّ له غيبة طويلة : 91 رواية
22: في أنّه طويل العمر جدّاً : 318 رواية 31 .
ولا شكّ أنّ روايات بعض هذه العناوين ، قد تتداخل مع بعضها الآخر ، كما هو واضح .
لا يقال : بأنّ الاستدلال بروايات أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) لإثبات إمامة أنفسهم وبيان خصائصها ، وعدد الأئمّة ، وأنّ الثاني عشر حيّ ، ونحو ذلك ، إنّما يلزم منه الدور ، لأنّ حجيّة أقوالهم موقوفة على إمامتهم وعصمتهم ، والمفروض أنّ إمامتهم متوقّفة على حجيّة أقوالهم ، لأنّه يقال : إنّ هذا الإشكال مدفوع ببيانين :
الأوّل : أننا بعد أن أثبتنا عصمتهم بإحدى الطرق المتقدّمة في المحور الثالث ، يمكن الاحتجاج والاستناد إلى أقوالهم ؛ لإثبات خصائص إمامة المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه) ، ولا يلزم محذور في المقام ، لاختلاف الموقوف عن الموقوف عليه ، فيرتفع الدور .
الثاني : أنّه حتّى لو لم تثبت عصمة أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) في الرتبة السابقة ، إلاّ أنّه يمكن الاعتماد على رواياتهم ، وذلك من خلال أنّهم رواة ثقات عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ، فتكون حجيّة قولهم ؛ على حدّ حجيّة قول أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذين قبل المسلمون عامّة ، الاعتماد على ما ينقلونه عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) ، ولا أظن أنّ أحداً من المسلمين يتوقّف في قبول مثل هذا الأمر بشأن أهل البيت (عليهم السلام) ، سواء فيما صرّحوا فيه من الروايات ، بأنّهم ينقلونه عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ، أو التي لم يصرّحوا فيها بذلك ، بل اكتفوا بالقاعدة الكليّة التي بيّنوا فيها : أنّ حديثهم هو حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، كما يقول الإمام الصادق (عليه السلام) : (( حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدّي ، وحديث جدّي حديث الحسين ، وحديث الحسين حديث الحسن ، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين ، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) )) (32) .
وعلى هذا ، لم نجد أحداً من المسلمين ، شكك فيما نقل الإمام الباقر ، أو الإمام الصادق (عليهما السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، مع علمنا أنّ كثيراً من هؤلاء الذين سمعوا هذه الأحاديث من الأئمّة (عليهم السلام) وقبلوها ، ورووها ، لم يكونوا يعتقدون بعصمة الأئمّة (عليهم السلام) كاعتقاد الشيعة بهم ، غير أنّهم كانوا يعتقدون بأنّ هؤلاء في أعلى درجات التقى والعلم والوثاقة والصدق .
ولا يخفى أنّ هناك طرقاً أخرى لإثبات حياته (عجّل الله فرجه) كشهادة من رآه ، وهم جمٌّ غفير ، وفيهم الثقات والعلماء ، فقد أحصى البعض (عدد مَنْ شاهد الإمام المهدي ، فبلغوا زهاء 304 شخص ) (33) ، ولعلّ ما فاته أكثر ممّا ذكره .
من هنا جاءت اعترافات عدد كبير من علماء السنّة ، تبيّن ولادة المهدي (عجّل الله فرجه) ، وقد صرّح بعضهم ، أنّه هو الإمام الموعود بظهوره في آخر الزمان ، وقد أحصى الشيخ مهدي فقيه إيماني في كتابه (المهدي في نهج البلاغة) ، ما يزيد عن (100) شخصيّة ، صرّحت بولادته (عجّل الله فرجه) .
وكنموذج على ذلك ، ما ذكره العلاّمة الشعراني الحنفي في كتابه القيّم (اليواقيت والجواهر) ، حيث قال : - فهناك يترقّب خروج المهدي (عليه السلام) وهو من أولاد الإمام الحسن العسكري ، ومولده (عليه السلام) ليلة النصف من شعبان ، سنة خمسة وخمسين ومائتين ، وهو باق إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم (عليه السلام) " إلى أن يقول " وعبارة الشيخ محي الدين في الباب السادس والستين وثلاثمائة من (الفتوحات) : واعلموا أنّه لابدّ من خروج المهدي (عليه السلام) ، لكن لا يخرج حتّى تمتلئ الأرض جوراً وظلماً ، فيملأها قسطاً وعدلاً ، ولو لم يكن من الدنيا إلاّ يوم واحد ، طوّل الله تعالى ذلك اليوم ، حتّى يلي ذلك الخليفة ، وهو من عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، من ولد فاطمة (رضي الله عنها) ، جدّه الحسين بن علي بن أبي طالب ، ووالده الحسن العسكري ، ابن الإمام علي النقي بالنون ، ابن الإمام محمّد التقي بالتاء ، ابن الإمام علي الرضا ، ابن الإمام موسى الكاظم ، ابن الإمام جعفر الصادق ، ابن الإمام محمّد الباقر ، ابن الإمام زين العابدين علي ، ابن الإمام الحسين ، ابن الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ، اسمه اسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، يبايعه المسلمون بين الركن والمقام... - (34) .
كانت هذه عبارة صاحب الفتوحات المكيّة ، كما ينقلها أحد أعلام القرن العاشر الهجري ، ولكن ممّا يؤسف له ، أنّ الأيادي غير الأمينة عبثت بهذا النص ، عندما طبعت الفتوحات ، فجاء النص بنحو آخر : - اعلم أيّدنا الله ، أنّ لله خليفة يخرج وقد امتلأت الأرض ظلماً وجوراً ، فيملأها قسطاً وعدلاً ، لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد ، طوّل الله ذلك اليوم حتّى يلي هذا الخليفة من عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، من ولد فاطمة ، يواطئ اسمه اسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، جدّه الحسن بن علي بن أبي طالب ، يبايع بين الركن والمقام... - (35) .
وبهذا تخرج مسألة الإيمان بالمهدي المنتظر (عجّل الله فرجه) ، وأنّه حيٌّ يُرزق ، عن دائرة اتهام الشيعة باختلاقها ، وإيجادها في الفكر الإسلامي .
ــــــــــــــــــ
(1) سنن الترمذي، ج 4، ص 505; مستدرك الحاكم، ج 4 ص 553; مصابيح السنّة، ص 488، ح4199; النهاية في غريب الحديث والأثر، ج 5، ص 254; منهاج السنّة، ج 4، ص 211; تلخيص المستدرك، ج 4، ص 553; شرح المقاصد، ج 5، ص 312; مجمع الزوائد، ج 7 ص 313 ـ 314; أسنى المناقب في تهذيب أسنى المناقب، ص 163 ـ 168; إسعاف الراغبين، ص 145; الإذاعة، ص 125.
(2) مستدرك الحاكم، ج 4، ص 429.
(3) مستدرك الحاكم، ج 4، ص 442.
(4) مستدرك الحاكم، ج 4، ص 464.
(5) مستدرك الحاكم، ج 4، ص 457.
(6) مستدرك الحاكم، ج 4، ص 557.
(7) مستدرك الحاكم، ج 4، ص 554.
(8) مستدرك الحاكم، ج 4، ص 557.
(9) مستدرك الحاكم، ج 4، ص 558.
(10) مستدرك الحاكم، ج 4، ص 465.
(11) مستدرك الحاكم، ج 4، ص 558.
(12) تهذيب الكمال، ج 25، ص 146 / 5181، في ترجمة محمّد بن خالد الجندي.
(13) التذكرة، ص 701.
(14) تهذيب التهذيب، ج 9، ص 125/ 201 ، في ترجمة محمّد بن خالد الجندي.
(15) نظم المتناثر من الحديث المتواتر للكتاني، ص 144; العطر الوردي لشرح القطر الشهدي للبلبيسي، ص 45.
(16) تهذيب التهذيب، ج 9، ص 125/ 201، ترجمة محمّد بن خالد الجندي.
(17) فتح الباري، ج 6، ص 385.
(18) نظرة في أحاديث المهدي، ص 829 ـ مقال نشرته مجلّة التمدّن الإسلامي، دمشق 1950م; محاضرة نشرت في مجلّة الجامعة الإسلاميّة للشيخ محمّد فؤاد عبدالباقي، العدد الثالث، السنة الأولى، 1388هــ السعوديّة; البيانات للمودودي، ص 116; حول المهدي ـ مقال ـ 644، نشرته مجلّة التمدّن الإسلامي 1371 هـ دمشق; الاحتجاج بالأثر على من أنكر المهدي المنتظر، ص 70; الاحتجاج بالأثر للتويجري: كلمة التصدير، بقلم ابن باز، ص3.
(19) التاج الجامع للأصول، ج 5، ص 341.
(20) كلمة ابن باز في آخر محاضرة: عقيدة أهل السنّة والأثر، مجلّة الجامعة الإسلاميّة، المدينة المنوّرة1388.
(21) الاحتجاج بالأثر للتويجري، كلمة التصدير لابن باز، ص 3.
(22) معجم أحاديث الإمام المهدي، ج 1، ص 11، تأليف ونشر مؤسسة المعارف الإسلاميّة.
(23) الاحتجاج بالأثر، ص 127.
(24) عقيدة المسيح الدجّال في الأديان، قراءة في المستقبل، تأليف سعيد أيّوب، دار البيان للطباعة والنشر، ص 361.
(25) التفسير الكبير، للإمام الفخر الرازي، ج 16، ص 220.
(26) إعلام الورى، ص 375.
(27) التفسير الكبير، ج 16، ص 220 ـ 221.
(28) المصدر السابق.
(29) المصدر السابق، ج 10، ص 150.
(30) تفسير القرآن الكريم، الشهير بتفسير المنار، للإمام محمد رشيد رضا، ج 5، ص 181، دار الفكر.
(31) منتخب الأثر، للصافي الكلبايكاني.
(32) وسائل الشيعة، ج 27، ص 83، باب 8; الكافي، ج 1، ص 53.
(33) من هو المهدي، أبو طالب التجليلي التبريزي، ص 460 ـ 505، نقلاً عن كتاب دفاع عن الكافي، تأليف ثامر هاشم حبيب العميدي، ج 1، ص562.
(34) اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر، دار إحياء التراث العربي، مؤسسة التأريخ العربي، بيروت ـ لبنان، ج 2، ص 562.
(35) الفتوحات المكيّة، دار إحياء التراث العربي، ج 3، ص 327.
---------------------------------
مراجعة وضبط النص شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي .