الإمام الصادق(عليه السلام) بين التأسيس الصوفي والتأسيس السياسي
  • عنوان المقال: الإمام الصادق(عليه السلام) بين التأسيس الصوفي والتأسيس السياسي
  • الکاتب: صائب عبدالحميد
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 1:42:11 4-9-1403

الإمام الصادق(عليه السلام) بين التأسيس الصوفي والتأسيس السياسي

 صائب عبدالحميد

   تمهيد

   المنهج الصوفي والمنهج السياسي التغييري، منهجان منفصلان عن بعضهما، عاشا متباعدين على امتداد تاريخ الاسلام، إلاّ في أجيال معدودة، وعلى فترات وفي مواقع متباعدة.

   غير أن التصوف الديني والرفض السياسي توأمان، من حيث الموقف من رجال الحكم، إذ اشترك في تكوينهما عامل واحد، هو اليأس من السلطات السياسية الاستبدادية، الّتي وظّفت الدين لخدمة الملك، وابتعدت عن اهداف الحكومة الّتي ينشدها الإسلام في تطبيق أحكام الشريعة ونشر العدل والأمن والمساواة، وبناء المجتمع الإسلامي السليم.

فإذا كان الرفض السياسي هو النهج الّذي فرضته المتغيرات السياسية في الواقع على الشيعة فإن التصوف، هو الآخر، كان نتاجاً لذات المتغيرات السياسية، اختطه علماء و زهّاد لينئا بهم عن التورط في انتهاكات البلاط السياسي للشريعة وآدابها.

   يقول أبو حامد الغزالي: «إنه لما انقرض عهد الخلفاء الراشدين، أفضت الخلافة إلى قوم تولّوها بغير استحقاق، ولا استقلال بعلم الفتاوى والأحكام، فاضطرّوا إلى الاستعانة بالفقهاء وإلى استصحابهم في جميع أحوالهم، وقد كان بقي من العلماء من هو مستمر على الطراز الأوّل وملازم صفو الدين، فكانوا إذا طُلبوا هربوا وأعرضوا»[1].

من هنا وصف بعض الباحثين التصوف بأنه: «الثورة الروحية في الإسلام» لما انطوى عليه من قوّة رفض للحالات السياسية القائمة، ولظاهرة الجنوح إلى الدنيا الّتي أول ما ظهر أمرها لدى كبار رجال الحكم والاُمراء والمقربين منهم.[2]

   هذا المشترك الاساسي هو الّذي دفع بالعديد من الباحثين لاستكشاف المزيد من المشتركات ونقاط التأثر والتأثير المتبادلة بين الاتجاهين[3]. ويرى بعضهم أنّ طبيعة الأشياء توجب أن يقترب التشيع والتصوف، وبعبارة لا تخلو من سلبية واضحة يعبّر أحدهم عن هذا المشترك بالهزيمة في ميدان السياسة وفي ميدان الحياة، الّتي مني بها الاتجاهان، و«الاشتراك في الهزيمة يقرّب بين النفوس»[4] .

   لكن ثمّة فارق جوهري في هذا المشترك «الرفض السياسي» بين التشيع والتصوف، فالرفض في دائرة التشيع يتخذ شكله الايجابي، إذ يتبنى التشيع الرفض الّذي يختزن مقومات التغيير، بينما يتبنّى التصوف أساساً الرفض السلبي، الّذي ينعزل بالفرد عن المجتمع دون أن يترك له أبواباً للرجوع إليه، أما المشاريع السياسية والاصلاحية الّتي خاضها بعض رجال التصوف، لا سيّما في القرن الرابع عشر الهجري، فهي عمليات تطوير في المنهج، اقتربت به من الرفض الشيعي.

   وهذا لا يعني أن افتراقاً أبدياً سيحكم الاتجاهين، بناءً على هذا الفارق الجوهري مرّة، وعلى أن التصوف نشأ أصلاً في الوسط السني، مرّة اُخرى، بل كما كان الخلاف قائماً، فإن التصوف وجد له منافذ مهمة إلى التشيع، فصبغ أساليب التفكير وأساليب الحياة لدى الكثير من علماء الشيعة وفلاسفتها، وربّما أتى هذا من اندكاك التصوف بالفلسفة الّتي أوغل فيها الكثير من أعلام الشيعة، الّذين وجدوا أنفسهم تلامذة عن رضى، ودون استنكار، لكبار فلاسفة التصوف، كابن عربي والسهروردي وغيرهما.

 

   الصادق والتصوف

   قد يكون كان من السهولة بمكان القول بخلاف الإمام الصادق لأهل التصوف، ومناقضته لهم، من خلال حكاياتهم المشهورة معه، والّتي من أشهرها حكاية سفيان الثوري، الّذي دخل على الصادق (عليه السلام) وجلس عنده ينظر إليه باستغراب وهو (عليه السلام) يرتدي حلّة بيضاء، فقال له الصادق: «يا ثوري، مالك تنظر إلينا، لعلك تعجب ممّا رأيت؟!»[5].

   قال سفيان: قلت: يا ابن رسول الله، ليس هذا من لباسك، ولا لباس آبائك!

   فقال لي: «يا ثوري، كان ذلك زماناً مقفراً، وكانوا يعملون على قدر إقفاره، وهذا زمان قد أقبل كلّ شيء فيه» قال الثوري: ثم حسر عن ردن جبّته وإذا تحتها جبة صوف بيضاء، يقصر الذيل عن الذيل، والردن عن الردن، فقال لي: «يا ثوري، لبسنا هذا لله، وهذا لكم، فما كان لله أخفيناه، وما كان لكم أبديناه»[6].

   انه فقه مختلف، فقه مصدره الكتاب والسنّة في آفاقها الرحبة، «فإذا أنعم الله على عبد، أحبّ أن يرى أثر نعمه عليه»... و«ان الله جميل يحب الجمال».

   ويظهر الفقه المختلف هذا عندما يجدّ النقاش فيأتي طائفة من أهل التصوف بحجج من كتاب الله على الصادق، ليستدلوا بها على لزوم التقشف وانفاق سائر الأموال. فيبدؤهم الصادق(عليه السلام) بالسؤال: «اخبروني أيها النفر، ألكم علم بناسخ القرآن ومنسوخه، ومحكمه و متشابهه، الّذي في مثله ضلّ من ضلّ وهلك من هلك من هذه الاُمّة؟» ثمّ يأتي على تفسير ما احتجوا به من القرآن ومن السنّة ومن سير بعض الصحابة، ويفنّد ما يدعون إليه، من نبذ الدنيا، والمبالغة في التقشف[7].

   غير أن أهل التصوف سيضلون يجدون في الصادق (عليه السلام) المرشد الأوّل الّذي يستفيدون منه المعرفة بالله، ومفاتيح التفسير الّذي يوغلون من خلاله إلى عوالمهم الروحية الخالصة.

   فهذا سفيان الثوري حين يطلبه السلطان، ويفرّ في محاولة لاخفاء نفسه، لا يبدأ رحلته هذه إلاّ من مجلس الصادق، ولا يفارقه حتّى ينفضّ عنه عامّة حضّاره، ثمّ يقول: لا أقوم حتّى تحدّثني!

   فقال له الصادق ما سيستلهم منه الثوري دروساً جديدة في المعارف الصوفية، يقول الصادق، والحديث من رواية مالك بن أنس، الشاهد في ذلك الموقف: «يا ثوري، أنا اُحدّثك، وما كثرة الحديث لك بخير...

   يا سفيان، إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقاءها و دوامها فأكثر من الحمد والشكر عليها، فإن الله عزّوجلّ قال في كتابه (لئن شكرتم لأزيدنّكم). وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار، فإن الله عزّوجلّ قال في كتابه (استغفروا ربكم انه كان غفاراً * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا).

   يا سفيان، إذا حزبك أمر من سلطان أو غيره، فأكثر من لا حول ولا قوّة إلاّ بالله، فإنها مفتاح الفرج، وكنز من كنوز الجنّة»[8].

فعقد سفيان وبيده، وقال: ثلاث، وأيّ ثلاث! فقال الصادق(عليه السلام): «عقلها والله أبو عبدالله، ولينفعنّه الله بها»

   وعندما يجعل أهل التصوف من الاخلاق سلوكاً فلسفياً، فإنهم يستلهمون من الصادق عشرات الكلمات، لتكون مفاتح و معالم لدروسهم الفلسفية في الأخلاق، ومن كلماته تلك، حديثه لعبدالله بن جندب: «أحبب في الله، واستمسك بالعروة الوثقى، واعتصم بالهدى، يقبل عملك...

   فإن الله تعالى يقول: (إلاّ من آمن وعمل صالحاً ثمّ اهتدى) فلا يُقبل إلاّ الايمان... ولا إيمان إلاّ بعمل، ولا عمل إلاّ بيقين، ولا يقين إلاّ بالخشوع... وملاكها كلّها الهدى... فمن اهتدى قُبل عمله، وصعد إلى الملكوت متقبلاً...

   وان أحببت أن تجاور الجليل في داره وتسكن الفردوس في جواره، فلتهن عليك الدنيا، واجعل الموت نصب عينك... ولا تدّخر شيئاً لغد... واعلم أن لك ما قدّمت، وعليك ما أخرّت».

ويحدّث في هذا المعنى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فيقول: «قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): استحيوا من الله حقّ الحياء. قالوا: وما نفعل يا رسول الله؟ قال: فإن كنتم فاعلين فلا يبيتنّ أحدكم إلاّ وأجله بين عينيه، وليحفظ الرأس وما حوى، والبطن وما وعى، وليذكر القبر والبلى، ومن أراد الآخرة فليدع زينة الحياة الدنيا».[9]

   فها هم يجدون في تعاليمه كلّ ما ينشدون في فلسفتهم الأخلاقية، من شروط صعود العمل إلى الملكوت متقبلاً، إلى شروط الفوز بجوار الله تعالى، وبالاسلوب الّذي اختاروه: توهين الدنيا، وترك أدنى الادّخار... انّها تعاليم إلى الخاصة من أهل التصوف.

   وحتّى في فلسفة العبادات يجدون في حديثه ما يمثل شعارات مدارسهم ومعالمها:

   ففي الحجّ، يقول الصادق: «إذا أردت الحجّ فجرّد قلبك لله عزّوجلّ من قبل عزمك، من كلّ شاغل، وفوّض اُمورك كلّها إلى خالقك، وتوكل عليه»[10].

   وفي الزكاة يقول: «على كلّ جزء من أجزائك زكاة واجبة لله تعالى، بل على كلّ منبت شعر من شعرك»[11].

   ذلك كلام الصادق غذاء أهل التصوف، من رجل وإن ظهر بالمظهر الانيق، وجلس المجلس اللائق، وأنفق على عياله، إلاّ أنه كان يلبس الصوف تحت أحسن ثيابه هيئة.

   من هنا لم يعد غريباً ما رآه بعض الباحثين من أن الصادق هو مؤسس التصوف السني[12] فهو لم يزد على نقل كلماتهم فيه (عليه السلام).

   يصف فريد الدين العطار، من مشايخ الصوفية وعلمائهم، يصف الإمام الصادق، فيقول: «ذلك سلطان الملّة المصطفوية... ذلك برهان الحجّة النبوية، العامل الصدّيق... ذلك عالم التحقيق... ذلك فاكهة قلوب الأنبياء... ذلك قلب سيّد الرسل... الناقد العلي، العارف العاشق، جعفر الصادق»[13].

   ويقول عبدالقادر محمود: «إنه ـ أي الصادق ـ ليس إمام الشيعة ـ أي وحدهمـ بل إنه إمام أهل التصوف والصوفية دون تفرقة»[14].

   ومن هنا لا يستبعد أن يكون جابر بن حيان الكوفي، عالم الكيمياء الشهير، قد أخذ المعارف الصوفية، ونزع نزعة التصوف، متأثراً بمعارف الإمام الصادق هذه، حتّى عرف رغم شهرته الفائقة بالكيمياء، عرف بالصوفي، وصار حتّى المستشرقين يثبتون له لقب الصوفي على مؤلفاته في الكيمياء وفي غيرها[15] بل يجعله بعضهم أوّل من أطلق عليه هذا اللقب[16] .

   اما في التفسير فقد كان الصادق (عليه السلام) حجّة أهل التصوف في منهجهم في التفسير، وعنه نقلوا الكثير ليس في تفسير الآيات وحسب، بل في اُصول التفسير واستكشاف مراد القرآن.

   ألّف المستشرق الأب فويا كتاباً في الإمام الصادق (عليه السلام) كرّسه لدراسة تصوّف الصادق، حتّى جعله مؤسس التصوف، وأحد أعمدته، وفي بحثه الخاصّ بالتفسير، وبعد أن يستعرض نماذج من التفسير المنقول عن الصادق (عليه السلام)، يقول: «إنّه من الخطأ القول بأن الصادق فسّر القرآن تفسيراً بطريقة جديدة وحسب، بل إنه سلك مذهباً عرفناه عند المتصوفة بعد، ومن هنا يحق لنا أن نعتبره صوفياً كأمثاله من المتصوفية، لا كفيلسوف يفلسف المذهب».

   ثمّ يقول: «وبهذا يبدو الصادق الرائد الحقيقي للصوفية من ناحية التفسير، ومن ناحية الجفر، ومن الخبرة الشخصية. ولقد ابتكر طريقة جديدة لقراءة القرآن، حيث يبدو في جدل متواصل بين الخبرة الشخصية والنصّ المقدس»[17] .

   ويؤلف الدكتور علي زيعور كتاباً تحت عنوان: «التفسير الصوفي للقرآن عند الصادق»[18] .

   ولم يقف استمداد اهل التصوف من الصادق على هذه الأبواب، من فلسفة الاخلاق وفلسفة العبادات والتفسير على سعتها، بل رجعوا إليه في شتى المعارف الّتي دخلت في فلسفتهم ومناهجهم المعرفية.

   ففي معرفة الله يستلهم القشيري حجّته من الصادق، فيقول: «سئل جعفر بن محمّد الصادق: ما بالنا ندعو الله فلا يستجاب لنا؟ فقال: لأنكم تدعون من لا تعرفونه»[19] .

   ويقدّم شهاب الدين بن جَهْبَل لمعاني الصفات وحدودها بأحاديث عديدة عن الإمام الصادق، فيقول: «وذي الحسب الزكيّ، والنَسَب العليّ، سيّد العلماء، ووارث خير الأنبياء، جعفر الصادق (عليه السلام) قال: من زعم أن الله في شيء، أو من شيء، أو على شيء، فقد أشرك، إذ لو كان في شيء لكان محصوراً، ولو كان على شيء لكان محمولاً، ولو كان من شيء لكان مُحدَثاً»[20].

   لكن مهما كان هناك من مساحة واسعة في فكر الصادق يطوف في اطرافها أهل التصوف ويتغذون عليها، ومهما استندت فلسفتهم الأخلاقية وأرصدتهم المعرفية على فكر الصادق،      فإنّما نحن في الواقع امام مدرستين مختلفتين في الفلسفة العملية، ومعالم التمايز بين المدرستين كثيرة وشاخصة، منها ما يمسّ صميم السلوك الصوفي وفلسفة التصوف.

   الصادق (عليه السلام) يسأل عن أحدهم، فيقال له: إنه قال: «لأقعدن في بيتي، ولأصومن، ولأعبدنّ ربي، إن رزقي سيأتيني».

   فيقول الإمام الصادق (عليه السلام): «هذا أحد الثلاثة الّذين لا يستجاب لهم»[21] !

   وقيل له: إن فلاناً أصابته الحاجة، فقال: «ما يصنع اليوم؟» قالوا: في بيته، يعبد ربه!

   قال: «فمن أين قوته؟» قالوا: من عند بعض إخوانه.

   فقال: «والله للّذي يقوته أشدّ عبادة منه»[22].

   فالوصول إلى الله عند الصادق (عليه السلام) له السلوك الّذي رسمته الشريعة: «عليكم بمكارم الأخلاق، فإن الله عزّوجلّ يحبها، وإياكم ومذامّ الأفعال فإن الله عزّوجلّ يبغضها، وعليكم بتلاوة القرآن فإن درجات الجنّة على عدد آيات القرآن، فإذا كان يوم القيامة يقال لقارئ القرآن: إقرأ وارقَ، فكلّما قرأ آية رقى درجة...

   وعليكم بحسن الخلق فإنه يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم..

   وعليكم بحسن الجوار فإن الله أمر بذلك..

   وعليكم بالسواك فإنها مطهرة وحسنة..

   وعليكم بفرائض الله فأدّوها.. وعليكم بمحارم الله فاجتنبوها»[23].

   وكذلك فإن المراد عند الصادق من وضع الموت نصب العين إنّما هو سلوك عملي اجتماعي منتج وفعال، فيقول: «ستّ خصال ينتفع بها المؤمن من بعد موته: ولد صالح يستغفر له، ومصحف يُقرأ منه، وقليب يحفره، وغرس يغرسه، وصدقة ماء يجريه، وسنّة حسنة يؤخذ بها بعده»[24].

 

   الصادق والتأسيس السياسي

   إذا كان من المتفق عليه أن الإمام الصادق (عليه السلام) لم ينازع أحداً من الحكّام الّذين عاصرهم على سلطان، وأنّه لم يُدخل في مشروعه تخطيطاً للاطاحة بحاكم، ولم يشارك في شيء ممّا كان في أيّامه من محاولات تغييرية مسلحة، ورفض كلّ دعوة وجّهت إليه في هذا الاتجاه... فإن الجدير بالذكر انه (عليه السلام) قد عمل لمشروع أوسع من ذلك كلّه... انه مشروع التغيير السياسي الجذري والشامل، والّذي يتأسس على التغيير الاجتماعي المناسب.

   لقد عمل الصادق على هذا المنهج طيلة عهده إماماً، الّذي امتدّ أربعة وثلاثين عاماً، بين سنتي 114 هـ و 148 هـ . لا لعدم إيمانه بضرورة التغيير السياسي لهرم السلطة، بل لإيمانه المدعوم بأدلة الواقع أن أي تغيير من هذا النوع سوف ينتهي ـ في ظل ذلك الواقع ـ إلى ما انتهت إليه السلطات القائمة نفسها الّتي يراد تغييرها.

   يتجلى هذا التصوّر الواضح في ردوده على الدعوات الّتي وجّهت إليه للقيام بعمل من هذا النوع.

   ونموذجاً لتلك الردود، مناقشته المفصلة لعمرو بن عبيد وقد وفد على الصادق (عليه السلام) في نفر من أصحابه يطلبون إليه البيعة لمحمّد بن عبدالله بن الحسن، النفس الزكية، وبعد أن تحدّث عمرو بن عبيد عن مبررات هذه الحركة ضد الحاكم العباسي، اجابه الصادق، محاوراً إيّاه، في حديث طويل، نقتطع منه بعض فقراته:

   قال الصادق: إنّا نسخط إذا عصي الله، فإذا اُطيع الله رضينا.

   أخبرني يا عمرو، لو أن الاُمّة قلّدتك أمرها فملكته بغير قتال ولا مؤنة، فقيل لك: ولِّها من شئت، من كنت تولّي؟

   قال عمرو: كنت أجعلها شورى بين المسلمين، كلّهم، العرب والعجم.

   قال (عليه السلام): إن كنت تتبرأ من أبي بكر وعمر فإنه يجوز الخلاف عليهما، وإن كنت تتولاهما فقد خالفتهما. فقد عمد عمر إلى أبي بكر فبايعه ولم يشاور أحداً، ثمّ ردّها أبو بكر عليه ولم يشاور أحداً، ثمّ جعلها عمر شورى بين ستة من قريش، فأخرج منها الأنصار، ثمّ أوصى الناس بشيء وما أراك ترضى به أنت ولا أصحابك... أوصى إن مضت الثلاثة أيّام ولم يفرغوا ولم يبايعوا أن يضرب أعناق الستة، وإن اجتمع أربعة وخالف اثنان أن يضرب أعناق الاثنين، أَفَتَرضون بهذا في ما تجعلون من الشورى في المسلمين؟

   قال عمرو: لا. وبعد محاورة طويلة يمر فيها على قضايا مهمة في الفقه السياسي، كالموقف من المشركين، والجزية، والصدقات، قال الصادق (عليه السلام): «اتق الله يا عمرو، وأنتم أيّها الرهط فاتقوا الله، فإنّ أبي حدّثني، وكان خير أهل الأرض وأعلم بكتاب الله وسنّة رسول الله، أن رسول الله قال: ومن ضرب بسيفه، ودعاهم إلى نفسه وفي المسلمين من هو أعلم منه، فهو ضالّ متكلّف».[25]

   فالانقلاب المسلح وتغيير رأس السلطة ليس هو الغاية الّتي تستدعي العمل السياسي، فلم يمر أيّام هذا الحديث على ثورة العباسيين واسقاطهم الدولة الاُموية بشعارات رنانة وجذابة، سوى سنة واحدة، إذ استلم العباسيون السلطة سنة 132 هـ، وكان هذا الحديث سنة 133 هـ .

   انه لا بدّ من أن تكون هناك رؤية واضحة وشاملة في الفقه السياسي، ليس عند القادة وحسب، بل على مستوى الجمهور الّذي سيستعينون به في العمل التغييري، أي انه لابدّ من صنع رأي عام واع لمبررات التغيير ومنهاجه.

   وهذا هو الميدان الّذي جاهد فيه الصادق مدّة أيّامه، وتعهّد به لأبيه الباقر وهو يوصيه بأتباعه من المؤمنين:

   قال الصادق (عليه السلام): «لما حضرت أبي الوفاة، قال: يا جعفر، اُوصيك بأصحابي خيراً. قلت: جعلتُ فداك، والله لأدعنهم والرجل منهم يكون في المصر فلا يسأل أحداً»[26].

وينطلق في هذا المشروع الكبير، لا للتأسيس الفقهي البحت والتفسيري ونشر الحديث وحسب، بل للعمل على عودة الوعي وإذكاء الروح في عموم أبناء هذه الاُمّة، في وقت ازدحمت فيه الأزمات السياسية، ونضجت فيه المقولات المذهبية المتضاربة، فالجبرية والمرجئة والمعتزلة فرق كلامية عملت أكثر من ستين عاماً، والخوارج أقدم منهم جميعاً، بل اصبح للزنادقة والالحاديين مجالس ومنابر، ولكل طائفة مقولات اثارت نزاعات حادة، عملت على تمزيق وحدة الاُمّة الفكرية والعقيدية، بعد ما عملت النزاعات السياسية على تمزيقها روحياً وهيكلياً.

من هنا سيأخذ إحياء الاُمّة المرتبة الاُولى في سلّم أولويات التغيير، ولابدّ لمشروع كهذا ولكي يؤتي ثماره أن يكون مشروعاً شمولياً، يحضى فيه كلّ واحد من عناصر حياة الاُمّة ونهضتها بنصيبه الوافر، لأن غياب أي واحد منها سينتج ثقافة مشوهة، وهذا ما كان يتصدى له الإمام الصادق (عليه السلام).

   وإذا كان الصادق (عليه السلام) قد جاهد في إحياء الفقه والحديث وإحياء كتاب الله ومنزلته والرد على مقولات المتكلمين من سائر الفرق، إلى الحد الّذي جعله باعتراف الجميع إماماً للجميع، يقصدونه، ويأخذون عنه، ويتحدّثون عن علمه وفضله، دون أن يتحدث ولو واحد منهم عن رجوع الصادق إليه وأخذه عنه، الأمر الّذي أصبح من ثوابت تاريخ الصادق الّتي لا نزاع فيها، والّذي يمكن أن يستشهد عليه، انموذجاً نزيهاً عن ادنى مصادرة، بعنوان الدراسة الاكاديمية الّتي وضعها الدكتور المصري عبدالقادر محمود تحت عنوان «جعفر الصادق رائد السنّة والشيعة»، والفصل الّذي وضعه المستشار المصري عبدالحليم الجندي تحت عنوان «الصادق إمام المسلمين» والفصل الآخر الذي وضعه في الحديث عن مدرسة الصادق، تحت عنوان «المدرسة الكبرى»[27]، إذا كان ذلك قد استقر كنتيجة علمية لدراسات تاريخية نقدية مقارنة، فإن للصادق منزلة اُخرى لعلّها أهم من الاُولى، فهو ليس إماماً لأئمّة المذاهب الفقهية والكلامية وأهل الحديث والتفسير وحسب، بل هو الإمام المباشر للاُمّة بأسرها، يوجه خطابه المباشر إليها، واعياً لكلّ ما ينتابها من إشكاليات وملابسات، ليست معرفية فقط، بل وحياتية واقتصادية وأمنية وسياسية أيضاً.

   وهذا ما سنقف على نماذج منه، تهدي إلى آفاق مشروع تغييري كبير وشامل.

 

   وحدة الاُمّة

   الوحدة الروحية بين أبناء الاُمّة، وإحياء مشاعر الاُخوّة، وروح المؤاخاة بينهم، على اختلاف انتماءاتهم المذهبية وولاءاتهم السياسية، هو المهمة الأهم الّتي ستفتح أبواب التواصل والتعارف والتقارب، وتضع حدّاً لما تصنعه النزاعات القائمة من أحقاد وبغضاء وسوء ظن وسوء فهم لبعضهم البعض... انها الأرضية الوحيدة لحوار مفتوح بين أبناء الاُمّة بأسرها، سيكون بحد ذاته واحداً من أهم معالم حضارتها ورقيّها.

   ولا يتحقق هذا الهدف الكبير إلاّ من بداياته الاُولى، الّتي يترفع الفرد من خلالها عن مبررات الفصام والتباعد المصطنعة.

   يقول الصادق (عليه السلام): «أيسر حق من حقوق الأخوان: أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك، وأن تكره لأخيك ما تكره لنفسك، وأن تتجنب سخطه وتتبع مرضاته، وتطيع أمره، وتعينه بنفسك ومالك ولسانك ويدك ورجلك، وأن تكون عينه ودليله ومرآته، ولا تشبع ويجوع، ولا تروى ويضمأ، ولا تلبس ويعرى، وأن تبرّ قسمه، وتجيب دعوته، وتعود مريضه، وتشهد جنازته، فإذا علمت أن له حاجة تبادر إلى قضائها، ولا تلجئه إلى أن يسألكها».[28]

   تلك حقوق الاخوان، ابناء المجتمع الواحد، الّتي ما حفظها مجتمع إلاّ كان أقوى المجتمعات تماسكاً وأكثرها رشداً ويقظة. فدائرة الاخوّة هذه تتسع للاُمّة كلّها، كما تبينها طائفة من أحاديثه (عليه السلام) المشابهة لهذا، منها ما رواه الشيخ الصدوق من حديث الصادق (عليه السلام): «أحبب أخاك المسلم، وأحبب له ما تحب لنفسك، واكره له ما تكره لنفسك... إذا احتجت فسله، وإذا سألك فأعطه، ولا تدّخر عنه خيراً، فإنه لا يدّخر عنك».

   فهؤلاء الاخوان إذاً هم المسلمون عامة، وبروح المبادرة سيأتي الأثر المرتقب.

   يواصل الإمام حديثه: «كن له ظهراً، فإنه لك ظهر... إن غاب فاحفظه في غيبته، وإن شهد فزره، وأجِلَّه وأكرمه، فإنه منك وأنت منه» انها ادق وأبلغ العبارات في ترسيخ هذه الروح على المستوى العام، تنساق متلاحقة، مكثفة، يشدّ بعضها بعضاً، لتتوزع على سائر شؤون الفرد في مجتمعه:«وإن كان عليك عاتباً فلا تفارقه حتّى تَسُلَّ سخيمته وما في نفسه، وإن أصابه خير فاحمد الله عليه، وان ابتلي فاعضده وتمحَّل له».[29]

   وإذا بث هذه المعاني والآداب، فإنه يحذّر من أضدادها أبلغ التحذير:«ما من مؤمن يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته إلاّ خذله الله في الدنيا والآخرة».[30]

ويقول:«لا تَغتب فتُغتَب، ولا تحفر لأخيك حفرة فتقع فيها، فإنك كما تدين تدان».[31]

   ويقول: «اُصول الكفر ثلاثة: الحرص، والحسد، والاستكبار».[32]

   وبعد ذلك فإن لتلك الروح العالية مواضع تطبيقية، هي لها في الوقت نفسه روافد تغذيها وتعززها، فلا يفوت المنهج التربوي الشامل ان يوليها حظها من التركيز والاهتمام.

يقول الصادق (عليه السلام): «عليكم بإتيان المساجد، فإنها بيوت الله في الأرض...».[33]

   ويقول: «صلاة الجمعة فريضة، والاجتماع إليها فريضة مع الإمام، فإن ترك رجل من غير علّة ثلاث جمع، فقد ترك ثلاث فرائض، ولا يدع ثلاث فرائض من غير علّة إلاّ منافق».

وأيضاً: «من ترك الجماعة رغبة عنها وعن جماعة المسلمين، من غير علّة، فلا صلاة له».[34]

   وأيضاً في ميدان آخر: «اتقوا الله، وعليكم بأداء الأمانة إلى من ائتمنكم، فلو أن قاتل أميرالمؤمنين (عليه السلام) ائتمنني على أمانة لأديتها إليه».[35]

وما أشبه هذا بحديث جدّه علي بن الحسين (عليهما السلام): «عليكم بأداء الأمانة، فوالّذي بعث محمداً بالحقّ نبيّاً لو أنا قاتل أبي الحسين بن علي ائتمنني على السيف الّذي قتله به لأديته إليه».[36]

   إن المسلمين عباد الله، يصلح أمرهم ما يقربهم إلى الله، فيعلمهم الصادق أن ذاك الّذي ترجون فيه الزلفى عند الله لا يكون الثروة وزينتها، ولا الجاه وهيبتها، ولا السلطة وقدراتها، إنّما «أحب العباد إلى الله عزّوجلّ: رجل صدوق في حديثه، محافظ على صلواته وما افترض الله عليه، مع أداء الأمانة».[37]

   ذلك أن الدين ليس بالادعاء والتمنّي، بل «إن لأهل الدين علامات يعرفون بها: صدق الحديث، وأداء الأمانة، والوفاء بالعهد، وصلة الرحم، ورحمة الضعفاء، وقلّة المؤاتاة للنساء، وبذل المعروف، وحسن الخلق، واتباع العلم وما يقرّب إلى الله عزّوجلّ، طوبى لهم وحسن مآب...».[38]

   هذا المستوى الرفيع من الأدب، وهذه الدرجات العالية من الشعور المتيقظ، أحوج ما تكون إليها الاُمّة، لكي تكون اُمّة مؤهلة لما فوق ذلك، فلا تخضع لسلطان جائر، ولا يتلاعب بمقدّراتها حكّام طغاة شهوانيون.

   وهنا فقط يحتل الخطاب السياسي موقعه الصحيح، ويؤثر أثره المأمول، وإن كان على المديات البعيدة، حين يجد له أهلاً قادرين على تحقيقه بعد وعيه.

 

   الخطاب السياسي

   تتعدد أبعاد الخطاب السياسي عند الصادق (عليه السلام) بتعدد جوانب الفقه السياسي في الإسلام، والدائرة السياسية في الواقع.

   فهو يخاطب الناس ليضعهم أمام مسؤولياتهم السياسية مرّة، وليكشف لهم عن حال الحكّام المتسلطين، بصورة مباشرة، أو غير مباشرة، مرّة اُخرى، ليزرع فيهم وعياً فكرياً وسياسياً، يستطيعون من خلاله تشخيص ما عليهم، وما هو حولهم من أحوال.

   يقول الصادق: «أيتها العصابة المرحومة المفلحة، إنّ الله أتمّ لكم ما آتاكم من الخير... واعلموا أنه ليس من علم الله ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق الله في دينه بهوى، ولا رأي، ولا مقاييس... عليكم بآثار رسول الله وسنّته، وآثار الأئمّة الهداة من أهل بيته بعده وسنّتهم، فإنه من أخذ بذلك فقد اهتدى، ومن ترك ذلك ورغب عنه ضلّ...»[39] الحديث.

إن الحديث عن الرجوع إلى أئمّة أهل البيت ليضرب في عمق الدائرة السياسية بمثل ما يضرب في الدوائر الاُخرى، فقهية وحديثية وغيرها.

   يركز الصادق هذه الدعوة بقوله: «إن لله عزّوجلّ حرمات ثلاثاً ليس مثلهن شيء: كتابه، وهو حكمته ونوره.. وبيته الّذي جعله قبلة للناس لا يقبل من أحد توجهاً إلى غيره.. وعترة نبيّكم».[40] فليست هي دعوة للتقليد في العبادات فقط، إن القرآن لا يعصى بعضه ويطاع بعضه، وبيت الله، لا يترك بعضه ويُستقبل بعضه، وعترة النبي لها هذا الموقع.

   وعندما تتصل بهذه الدعوات، دعواته الاُخرى إلى التوعية بشروط الحاكم، ستكتمل الصورة، وتتضح الدعوة الصريحة بانحصار أحقية الحكم السياسي فيهم دون سواهم.

   فهو (عليه السلام) يقول: «إذا كان الحاكم يقول لمن عن يمينه ولمن عن يساره: ما ترى، ما تقول، فعلى ذلك لعنة الله والملائكة أجمعين، إلاّ أن يقوم من مجلسه، ويجلسهما مكانه».[41] فكأنه (عليه السلام) قد قالها بكلّ وضوح: إن على هؤلاء الحكّام لعنة الله وملائكته أجمعين حتّى يقوموا من أماكنهم ويتركوها لنا.

   وفي كلام رصين، يستوقف الاُمة، لتعيد النظر بواقعها، وتعيد بشكل دقيق ومتأمّل قراءة التغييرات التي حصلت في هذا الواقع، وأسبابها، لتكتشف بعد ذلك طبيعة المسؤولية وحجمها والسبل الصحيحة للقيام بها، يقول الصادق(عليه السلام): «إذا أراد الله عزّ وجلّ برعية خيراً، جعل لها سلطاناً رحيماً، وقيّض لها وزيراً عادلاً»[42]، فلماذا يغيب في هذه الاُمة السلطان الرحيم، وينعدم الوزير العادل؟ هذا ما على الاُمة أن تكتشفه وتسعى بوعي الى تغييره.

   ومثل هذا عن الصادق (عليه السلام) كثير، ولا يقف عند هذا الحد، بل يأتي للسيف دوره، فينقل الصادق حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله): «الخير كلّه في السيف، وتحت ظل السيف، ولا يقيم الناس إلاّ بالسيف، والسيوف مقاليد الجنّة والنار».[43]

   فالصادق الّذي اعتزل العمل السياسي المباشر كان قد أسس للمشروع السياسي التغييري الشامل.

   من هذا وذاك فقد أخفق من عزل الصادق عن دائرة السياسة، كما أخفق من وضع الصادق في دائرة التصوف.

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] أخرجه الدهلوي / الانصاف: 87 ، وحجة الله البالغة: 1 / 332.

[2] عفيفي / التصوف، الثورة الروحية في الإسلام.

[3] كتب الدكتور كامل مصطفى الشيبي كتاباً معمقاً تحت عنوان «الصلة بين التصوف والتشيع» وكتب في مناقشته والرد على بعض استنتاجاته، السيّد هاشم معروف الحسني، تحت عنوان «بين التصوف والتشيع»، وكتبت انعام أحمد قدوح «التشيع والتصوف ـ لقاء أم افتراق».

[4] المزّي، تهذيب الكمال: 5/86 ـ 87.

[5]

[6] عادل خيرالدين / العالم الفكري للإمام جعفر الصادق: 69، دار ومكتبة الهلال، ط 1، 1993م.

[7] الحراني، تحف العقول: 256، وما بعدها، مؤسسة الأعلمي.

[8] أبو نعيم الاصفهاني، حلية الأولياء: 3/193 مطبعة السعادة.

[9] الحراني، تحف العقول: 23، مؤسسة الأعلمي.

[10] عادل خير الدين / العالم الفكري للإمام الصادق: 61.

[11] المصدر نفسه: 61 .

[12] المصدر نفسه: 64 .

[13] فريد الدين العطار، تذكرة الأولياء: 167.

[14] عبدالقادر محمود، جعفر الصادق رائد السنّة والشيعة: 175.

[15] د. فاضل أحمد الطائي / أعلام العرب في الكيمياء: 44، دار الشؤون الثقافية، بغداد، 1986.

[16] جابر طعيمة / التصوف معتقداً ومسلكاً: 42، انعام أحمد قدوح / التشيع والتصوف ـ لقاء أم افتراق: 50.

[17] بواسطة عادل خير الدين، مصدر سابق: 65، 59 على الترتيب.

[18] التفسير الصوفي للقرآن عند الإمام الصادق، الدكتور علي زيعور، الطبعة الاُولى، دار الاندلس، بيروت، 1979 .

[19] عبدالقادر محمود، الفلسفة الصوفية في الإسلام: 156.

[20] ابن السبكي / طبقات الشافعية، ترجمة شهاب الدين بن جهل: 9 / 35 وما بعدها.

[21] عباس القمي / سفينة البحار: 2 / 57.

[22] عباس القمي، سفينة البحار: 2/57 .

[23] الصدوق / الأمالي: 440 ح 586.

[24] الصدوق، الأمالي: 233 ح 246 .

[25] المستشار عبدالحليم الجندي / الإمام جعفر الصادق: 170 ـ 172.

[26] الشيخ المفيد / الإرشاد: 2/180..

[27] المستشار عبدالحليم الجندي / الإمام جعفر الصادق ـ الفصل الثاني، من الباب الثالث، والفصل الأوّل من الباب الرابع.

[28] عبدالحليم الجندي / الإمام جعفر الصادق: 335.

[29] الصدوق / الأمالي: 401 ـ 402 / ح 519.

[30] الصدوق / الأمالي: 574 / ح 785.

[31] الصدوق / الأمالي: 505 / ح 697.

[32] الصدوق / الأمالي: 504 ـ 505 / ح 694.

[33] الصدوق / الأمالي: 440 / ح 584.

[34] الصدوق / الأمالي: 572 / ح782.

[35] الصدوق / الأمالي: 318 / ح373.

[36] الصدوق / الأمالي: 318 / ح 374.

[37] الصدوق / الأمالي: 371 / ح 467.

[38] الصدوق / الأمالي: 290 / ح 323.

[39] الكليني / الكافي: 8 / 5.

[40] الصدوق / الأمالي: 366 / ح456.

[41] الحر العاملي: وسائل الشيعة: 15/9 ح 1.

[42] الصدوق، الأمالي: 318 ح 371.

[43] الصدوق ، الأمالي: 674 / ح 909.