الإمام الصادق(ع) في كلمات علماء وأعلام أهل السنّة
  • عنوان المقال: الإمام الصادق(ع) في كلمات علماء وأعلام أهل السنّة
  • الکاتب: حكمت الرحمة
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 20:28:46 1-9-1403

الإمام الصادق (عليه السلام) في كلمات علماء وأعلام أهل السنّة  *

حكمت الرحمة

ـ القسم الأوّل ـ

نستعرض فيما يلي جانباً من كلمات علماء وأعلام أهل السنّة وهي تُشيد بمقام الإمام الصادق ( عليه السلام ) :

1 ـ الإمام أبو حنيفة النعمان : (ت : 150 هـ) :

روي عنه أنّه قال : ( ما رأيتُ أحداً أفقه من جعفر بن محمّد ، لمّا أقدمه المنصور الحيرة ، بعث إليّ فقال : يا أبا حنيفة إنّ الناس قد فُتنوا بجعفر بن محمّد فهيـّئ له من مسائلك تلك الصعاب ، قال : فهيـّأتُ له أربعين مسألة ، ثمّ بعث إليّ أبو جعفر فأتيتُه بالحيرة فدخلتُ عليه ، وجعفر جالس عن يمينه ، فلمّا بصرتُ بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لم يدخلني لأبي جعفر ، فسلمتُ وأذِن لي ، فجلستُ ثمّ التفت إلى جعفر ، فقال : يا أبا عبد الله تعرف هذا ؟ قال : نعم ، هذا أبو حنيفة ، ثمّ أتبعها قد أتانا . ثمّ قال : يا أبا حنيفة هات من مسائلك نسأل أبا عبد الله ، وابتدأتُ أسأله ، وكان يقول في المسألة : أنتم تقولون فيها كذا وكذا ، وأهل المدينة يقولون كذا وكذا ، ونحن نقول كذا وكذا ، فربّما تابعنا وربّما تابع أهل المدينة وربّما خالفنا جميعاً ، حتّى أتيتُ على أربعين مسألة ما أخبرت منها مسألة ، ثمّ قال أبو حنيفة : أليس قد روينا أنّ أعلم النـاس أعلمهم باختلاف الناس ) (1) .

وفي ( مختصر التحفة الاثني عشريّة ) أنّه قال : ( لو لا السنتان لهلك النعمان ) (2) . يعني السنتين اللَّتين انتهل فيهما أبو حنيفة من بحر علم الإمام الصادق ( عليه السلام ) .

قال الحافظ شمس الدين محمّد بن محمّد الجزري : ( وثبتَ عندنا أنّ كلاً من الإمام مالك ، وأبي حنيفة رحمهما الله تعالى ، صحب الإمام أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق حتّى قال أبو حنيفة : ما رأيتُ أفقه منه ، وقد دخلني منه من الهيبة ما لم يدخلني للمنصور ) (3) .

2 ـ الإمام مالك بن أنس (ت : 179 هـ) :

قال عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( ولقد كنتُ أرى جعفر بن محمّد وكان كثير الدعابة والتبسّم ، فإذا ذُكِرَ عنده النبيّ صلّى الله عليه وسلّم اصفرَّ ، وما رأيتُه يُحدّث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلاّ على طهارة ، ولقد اختلفتُ إليه زمانا ، فما كنتُ أراه إلاّ على ثلاث خصال إمّا مصلِّياً وإمّا صامتاً (4) ، وإمّا يقرأ القرآن ، ولا يتكلّم فيما لا يعنيه ، وكان من العلماء والعبّاد الذين يخشون الله عزّ وجلّ ) (5) .

3 ـ الإمام أحمد بن حنبل (ت : 241 هـ) :

علّق الإمام أحمد بن حنبل على سندٍ فيه الإمام علي الرضا ، عن أبيه موسى الكاظم ، عن أبيه جعفر الصادق ، عن أبيه محمّد الباقر ، عن أبيه علي زين العابدين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب ، عن الرسول الأكرم صلوات الله عليهم أجمعين قائلاً : ( لو قرأتُ هذا الإسناد على مجنون لبرئ مِن جُنَّتِهِ ) (6) .

4 ـ أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت : 250 هـ) :

قال في رسائله عند ذكر الجواب عمّا فخرتْ بهِ بنو أُميّة على بني هاشم ، ما نصّه : ( فأمّا الفقه والعلم والتفسير والتأويل ، فإنْ ذكرتموه لم يكن لكم فيه أحد ، وكان لنا فيه مثل علي بن أبي طالب ... وجعفر بن محمّد الذي ملأ الدنيا علمه وفقهه . ويُقال إنّ أبا حنيفة مِن تلامذته وكذلك سفيان الثوري ، وحسبك بهما في هذا الباب ... ) (7) .

كما أنّه مدح عشرة من أهل البيت من ضمنهم الإمام الصادق ( عليه السلام ) فقال : ( وَمنِ الذي يُعَدُّ مِنْ قريش أو من غيرهم ما يَعُدُّه الطالبيّون عشرة في نَسَق ؛ كلّ واحد منهم : عالمٌ ، زاهد ، ناسك ، شجاع ، جواد ، طاهر ، زاكٍ ، فمنهم خلفاء ، ومنهم مُرشّحون :

ابن ابن ابن ابن ، هكذا إلى عشرة ، وهم الحسن [ العسكري ] بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر [ الصادق ] بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي ( عليهم السلام ) ؛ وهذا لم يتّفق لبيتٍِ من بيوت العرب ولا من بيُوت العجم ) (8) .

5 ـ الحافظ أحمد بن عبد الله العجلي (ت : 261 هـ) :

قال في ( معرفة الثقات ) : ( جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين ، ولهم شيء ليس لغيرهم ، خمسة أئمّة ... ) (9) .

6 ـ محمّد بن إدريس ، أبو حاتم الرازي (ت : 277 هـ) :

قال عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( جعفر بن محمّد ثقةٌ لا يُسألُ عن مثله ) (10) .

7 ـ عبد الرحمان بن أبي حاتم محمّد بن إدريس الرازي (ت : 327 هـ) :

قال في كتابه ( الجرح والتعديل ) : ( جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أبو عبد الله كرّم الله وجهه ... روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري ، وابن جريج ، والثوري ، وشعبة ، ومالك ، وابن إسحاق ، وسليمان بن بلال ، وابن عيينة ، وحاتم ، وحفص ، سمعتُ أبي يقول ذلك ) .

ثمّ نقل بعض مدائح وتوثيقات العلماء للإمام ، كتوثيق الشافعي ، وابن معين ، وأبي عبد الرحمان ، وأبي زرعة ، مقرّاً لهم على ذلك بدلالة عدم تعليقه على كلماتهم ، خصوصاً أنّ كتابه موسوم بالجرح والتعديل (11) .

8 ـ محمّد بن حِبَّان بن أحمد ، أبو حاتم التميمي البستي (ت : 354هـ) :

قال في كتابه ( الثقات ) : ( جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم ، كنيته أبو عبد الله ، يروي عـن أبيه ، وكان من سادات أهل البيت فقهاً وعلماً وفضلاً ، روى عنه الثوري ومالك وشعبة والناس ... ) (12) .

9 ـ عبد الله بن عدي الجرجاني (ت : 365 هـ) :

قال عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( ولجعفر بن محمّد حديث كبير عن أبيه عن جابر ، وعن أبيه عن آبائه ، ونُسَخَاً لأهل البيت برواية جعفر بن محمّد ، وقد حدّث عنه من الأئمّة مثل : ابن جريج ، وشعبة بن الحجّاج ، وغيرهم ... وجعفر من ثقات الناس كما قال يحيى بن معين ) (13) .

10 ـ أبو عبد الرحمان السلمي (ت : 412 هـ) :

قال في ( طبقات المشايخ الصوفيّة ) : ( جعفر الصادق ( عليه السلام ) فاق جميع أقرانه من أهل البيت ، وهو ذو علم غزير في الدين ، وزهد بالغ في الدنيا ، وورع تام عن الشهوات ، وأدب كامل في الحكمة ) (14) .

11 ـ أحمد بن علي بن منجويه الأصبهاني (ت : 428 هـ) :

قال في ( رجال مسلم ) : ( جعفر بن محمّد الصادق ... وكان من سادات أهل البيت فقهاً ، وعلماً ، وفضلاً ) (15) .

12 ـ أبو نعيم الأصبهاني (ت : 430 هـ) :

قال في ( حلية الأولياء ) عند ترجمة الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) : ( .. الإمام الناطق ، ذو الزمام السابق ، أبو عبد الله جعفر بن محمّد الصادق ، أقبل على العبادة والخضوع ، وآثر العزلة والخشوع ، ونهى عن الرئاسة والجموع ) (16) .

13 ـ محمّد بن طاهر بن علي المقدسي (ت : 507 هـ) :

قال في كتابه ( الجمع بين رجال الصحيحين ) : ( جعفر بن محمّد الصادق ، وهو ابن علي بن الحسين بن علـي بـن أبـي طالب الهاشمـي ( رضي الله عنهم ) ، يُكنّى أبا عبد الله ... وكان من سادات أهل البيت ... روى عنه عبد الوهاب الثقفي ، وحاتم بن إسماعيل ، ووهيب بن خالد ، وحسن بن عيّاش ، وسليمان بن بلال ، والثوري ، والداروردي ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وحفص بن غيّاث ، ومـالك بن أنس ، وابن جريج ... ) (17) .

14 ـ أبو الفتح محمّد بن عبد الكريم الشهرستاني (ت : 548 هـ) :

قال في ( الملل والنحل ) : ( جعفر بن محمّد الصادق ، هو ذو علم غزير ، وأدب كامل في الحكمة ، وزهد في الدنيا ، وورع تـامّ عن الشهوات ، وقد أقام بالمدينة مدّة يُفيد الشيعة المنتمين إليه ، ويفيض على الموالين له أسرارَ العلوم ، ثمّ دخل العراق وأقام بها مدّة ، ما تعرّض للإمامة قط ، ولا نازع في الخلافة أحداً ، ومَنْ غرق في بحر المعرفة لم يقع في شط ، ومَن تعلّى إلى ذروة الحقيقة لم يَخَفْ مَن حطّ ) (18) .

15 ـ جمال الدين أبو الفرج ابن الجوزي (ت : 597 هـ) :

قال في تاريخه ( المنتظم ) عند ذكر وفيات سنة : (148 هـ) : ( جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أبو عبد الله جعفر الصادق ... كان عالماً ، زاهداً ، عابداً ... ) (19) .

وقال في كتابه ( صفة الصفوة ) : ( جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين ( عليهم السلام ) ، يكنّى أبا عبد الله ، أمّه أمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر الصديق . كان مشغولاً بالعبادة عن حبّ الرياسة ... ) (20) .

16 ـ أبو سعد عبد الكريم بن محمّد بن منصور التميمي السمعاني (ت : 562 هـ) :

قال في كتاب ( الأنساب ) : ( الصادق : بفتح الصاد ، وكسر الدال المهملتَين ، بينهما الألف وفي آخرها القاف ، هذهِ اللفظة لقب لجعفر الصادق ، لصدقه في مقاله ... ) (21) .

17 ـ الفخر الرازي ، محمّد الرازي فخر الدين بن ضياء الدين عمر المشتهر بخطيب الري (ت : 604 هـ) :

قال في تفسيره عند ذكره معاني كلمة ( الكوثر ) : ( والقول الثالث ( الكوثر ) أولاده ، قالوا لأنّ هذهِ السورة إنّما نزلت ردّاً على مَن عابه عليه السلام بعدم الأولاد ، فالمعنى أنّه يعطيه نسلاً يبقون على مرّ الزمان ، فانظر كم قُتل من أهل البيت ، ثمّ العالَم ممتلئ منهم . ولم يبقَ من بني أميّة في الدنيا أحد يُعبأ به ، ثمّ انظر كم كان فيهم من الأكابر من العلماء كالباقر ، والصادق ، والكاظم ، والرضا ) (22) .

18 ـ عزّ الدين ، ابن الأثير الجزري (ت : 630 هـ) :

قال في ( اللباب في تهذيب الأنساب ) : ( الصادق ... هذهِ اللفظة تُقال لجعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ، وهو المشهور بالصادق ، لُقّبَ به لصدقه في مقاله وفعاله ... ومناقبه مشهورة ) (23) .

19 ـ محمّد بن طلحة الشافعي : (ت : 652 هـ) :

قال في كتابه ( مطالب السؤول في مناقب آل الرسول ) : ( هو من عظماء أهل البيت وساداتهم عليهم السلام ذو علوم جَمّة ، وعبادة موفرة ، وأوراد متواصلة ، وزهادة بيّنة ، وتلاوة كثيرة ، يتتبّع معاني القرآن ، ويستخرج من بحر جواهره ، ويستنتج عجائبه ، ويقسّم أوقاته على أنواع الطاعات ، بحيث يحاسب عليها نفسه ، رؤيته تُذكِّر الآخرة ، واستماع كلامه يُزهد في الدنيا ، والاقتداء بِهَدْيِهِ يورث الجنّة ، نور قسماته شاهد أنّه من سلالة النبوّة ، وطهارة أفعاله تصدع أنّه من ذريّة الرسالة .

نقل عنه الحديث ، واستفاد منه العلم جماعة من الأئمّة وأعلامهم مثل : يحيى بن سعيد الأنصاري ، وابن جريج ، ومالك بن أنس ، والثوري ، وابن عُيَيْنَة ، وشعبة ، وأيّوب السجستاني وغيرهم (رض) ، وعدّوا أَخْذَهم عنه منقبةً شُرِّفوا بها وفضيلة اكتسبوها )

إلى أنْ قال : ( وأمّا مناقبه وصفاته ، فتكاد تفوت عدد الحاصر ، ويُحار في أنواعها فهم اليقظ الباصر ، حتى أنّ من كثرة علومه المفاضة على قلبه من سجال التقوى صارت الأحكام التي لا تُدرك عللها ، والعلوم التي تقصر الأفهام عدد الإحاطة بحكمها ، تُضاف إليه وتروى عنه .

وقد قيل إنّ كتاب الجفر الذي بالمغرب ويتوارثه بنو عبد المؤمن هو من كلامه عليه السلام ، وإنّ في هذهِ المنقبة سنيـّة ، ودرجة في مقام الفضائل عليّة ، وهي نبذة يسيرة مما نقل عنه ) (24) .

20 ـ يوسف بن فرُغلي بن عبد الله سبط ابن الجوزي (ت : 654 هـ) :

قال في ( تذكرة الخواص ) : ( وهو جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ... ويلقّب بالصادق ، والصابر ، والفاضل ، والطاهر ، وأشهر ألقابه الصادق ) ، ثمّ ذكر قول علماء السّير بأنّ الإمام الصادق : كان قد اشتغل بالعبادة عن طلب الرياسة ) .

ونقل قول عمرو بن أبي المقدام ، وهو : ( كنتُ إذا نظرتُ إلى جعفر بن محمّد علمتُ أنّه من سلالة النبيّين ) .

كما ذكر طرفاً من أخباره وإرشاداته ومكارم أخلاقه (26) .

21 ـ ابن أبي الحديد المعتزلي (ت : 655 هـ) :

نقل في كتابه ( شرح نهج البلاغة ) نصّ ما تقدّم ذكره عن أبي عثمان الجاحظ ، مقرّاً له عليه (27) .

وقد ذكر في نفس الفصل أيضاً عند تطرّقه لذكر الإمام الباقر ( عليه السلام ) ما نصّه : ( وهو سيـّد فقهاء الحجاز ، ومنه ومن ابنه جعفر تعلّم الناس الفقه ) (28) .

22 ـ أبو زكريّا محيي الدين بن شرف النووي (ت : 676 هـ) :

قال في ( تهذيب الأسماء واللغات ) : ( الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم الهاشمي المدني الصادق ... روى عنه محمّد بن إسحاق ، ويحيى الأنصاري ، ومالك ، والسفيانان ، وابن جريج ، وشعبة ، ويحيى القطان ، وآخرون . واتّفقوا على إمامته وجلالته وسيادته ، قال عمر بن أبي المقدام : كنتُ إذا نظرتُ إلى جعفر بن محمّد علمتُ أنّه من سلالة النبيّين ) (29) .

23 ـ أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خِلَّكان (ت : 681 هـ) :

قال في كتابه ( وفيات الأعيان ) : ( أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنهم أجمعين ، أحد الأئمّة الاثني عشر على مذهب الإماميّة ، وكان من سادات أهل البيت ، ولُقّب بالصادق لصدقه في مقالته ، وفضله أشهر مِن أنْ يُذكر . وله كلام في صناعة الكيمياء والزجر والفأل (30) ، وكان تلميذه أبو موسى جابر بن حيّان الصوفي الطرسوسي قد ألّف كتاباً يشتمل على ألف ورقة تتضمّن رسائل جعفر الصادق وهي خمسمئة رسالة ...

تُوفّي في : شوّال ، ثمان وأربعين ومئة بالمدينة ، ودُفن بالبقيع في قبرٍ فيه أبوه محمّد الباقر وجدّه عليّ زين العابدين وعمّ جدّه الحسن بـن علي ، رضي الله عنهم أجمعين ، فللّه درّه من قبر ما أكرمه وأشرفه .. ) (31) .

24 ـ شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت : 748 هـ) :

قال في ( تذكرة الحفّاظ ) : ( جعفر بن محمّد بن علي بن الشهيد الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي الإمام أبو عبد الله العلوي المدني الصادق أحد السادة الأعلام ... وثّقه الشافعي ويحيى بن معين . وعن أبي حنيفة قال : ما رأيتُ أفقه من جعفر بن محمّد ، وقال أبو حاتم : ثقة لا يُسأل عن مثله . وعن صالح بن أبي الأسود سمعتُ جعفر بن محمّد يقول : ( سلوني قبل أنْ تفقدوني فإنّه لا يحدّثكم أحد بعد بمثل حديثي ) ، وقال هياج بن بسطام : كان جعفر الصادق يُطْعِم حتّى لا يبقى لعياله شيء ، قلتُ [ أي الذهبي ] : مناقبُ هذا السيّد جمّة ... ) (32) .

وقال في ( سير أعلام النبلاء ) : في الجزء الثالث عشر ، عند ذكره للإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( جعفر الصادق : كبير الشأن ، من أئمّة العلم ، كان أولى بالأمر من أبي جعفر المنصور ) (33) .

كما ذكر له في الجزء السادس ترجمة طويلة فيها توثيقات ومدائح العديد من العلماء كالشافعي ، ويحيى بن معين ، وأبي زرعة ، وأبي حنيفة وغيرهم ، كما تفرّقت أقواله عن الإمام في طيـّات هذهِ الترجمة :
فقد قال في أحد المواضع : ( شيخ بني هاشم أبو عبد الله القرشي الهاشمي العلوي النبوي المدني ، أحد الأعلام ) (34) .
وقال في موضع آخر عنه وعن أبيه الباقر ( عليه السلام ) : ( وكانا من جُلَّة علماء المدينة ) (35) .
وقال في موضع ثالث : ( جعفر : ثقة ، صدوق ) (36) .

كما أنّ الذهبي ترجم الإمام ترجمة مطوّلة شبيهة بما في ( سير أعلام النبلاء )  وذلك فـي كتابه تاريخ الإسلام (37) . وقـال فـي آخرهـا : ( مناقب جعفر كثيرة ، وكان يصلح للخلافة ؛ لسؤدده وفضله وعلمه وشرفه رضي الله عنه ) .

يُتبع القسم الثاني =

ــــــــــــــــ

* المصدر : كتاب : أئمّة أهل البيت في كتب أهل السنّة ، تأليف : حكمت الرحمة ، الناشر : مؤسَّسة الكوثر للمعارف الإسلامية ، ط 1 ، سنة 2004 . اقتباس قسم المقالات في شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي .

(1) رواه المزّي في ( تهذيب الكمال ) : ج 5 ، ص 79 ، مؤسّسة الرسالة . والذهبي في سير أعلام النبلاء : ج 6 ، ص 257 ـ 258 ، مؤسّسة الرسالة ، وغيرهم ، واللفظ الذي أوردناه منقول من ( التهذيب ) .
 (2) مختصر التحفة الاثني عشريّة : 9 ، المطبعة السلفيّة ، القاهرة .
(3) أسنى المطالب في مناقب سيّدنا علي بن أبي طالب : 55 .
 (4) هذا حسب كتاب : ( الشفا بتعريف حقوق المصطفى ) للقاضي عِيَاض ، ولعلّ الأصحّ صائماً كما ذكره ابن حجر في التهذيب .
(5) نقل كلامه القاضي عِيَاض في ( الشفا بتعريف حقوق المصطفى ) : 2 / 42 طبع دار الفكر ، ونقل قريباً مـن ذلك ابـن حجر العسقلاني في ( تهذيب التهذيب ) : 2/70 ، دار الفكر .

(6) أورده ابن حجر الهيتمي في ( الصواعق المحرقة ) : 310 ، دار الكتب العلميّة .
(7) رسائل الجاحظ : 106 ، جَمَعَهَا ونَشَرَهَا حسن السندوبي ، المكتبة التجاريّة الكبرى ، مصر .
(8) المصدر نفسه : 109 .
(9) معرفة الثقات : 1 / 270 ، مكتبة الدار ، المدينة المنوّرة .
(10) نقله ولده الرازي في ( الجرح والتعديل ) : 2 / 487 ، دار الفكر . والذهبي في ( تذكرة الحفّاظ ) : 1 / 166 ، نشر مكتبة الحرم المكّي ، وغيرهما .
(11) انظر : ( الجرح والتعديل ) : 2 / 487 ، دار الفكر .
(12) الثقات : 6 / 131 ، طبع مجلس دائرة المعارف العثمانيّة ، حيدر آباد الدكن ، الهند .
(13) الكامل في الضعفاء : 2 ، 134 ، دار الفكر . ونقله ابن حجر بلفظ قريب من ذلك في ( تهذيب التهذيب ) ، 2 / 69 ، واللفظ المذكور من كتاب التهذيب .
(14) ذكره محمّد الخواجة البخاري في ( فصل الخطاب ) . ونقله عنه القندوزي الحنفي في ( ينابيع المودّة ) : 2 / 457 ، منشورات الشريف الرضي ، المصوّرة على الطبعة الحيدريّة .
(15) رجال مسلم : 1 / 120 ، دار المعرفة .
(16) حلية الأولياء : 3 / 176 ، دار إحياء التراث العربي .
(17) الجمع بين رجال الصحيحين : 1 / 70 ، دار الكتب العلميّة .
(18) الملل والنحل : 1 / 166 ، دار المعرفة .
(19) المنتظم : 8 / 110 ـ 111 ، المؤسّسة المصريّة العامّة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر .
(20) صفة الصفوة : 2 / 168 ، عند ذكر الطبقة الخامسة من أهل المدينة ، رقم : 186 ، دار المعرفة .
(21) الأنساب : 3 / 507 ، دار الجنان ، بيروت .
(22) تفسير الفخر الرازي المشتهر بالتفسير الكبير ومفاتيح الغيب : مجلّد16/ ج32/ 125 ، دار الفكر .
(23) اللباب في تهذيب الأنساب : 2 / 3 ، دار الفكر ، طبعة جديدة ومنقّحة بإشراف مكتب البحوث والدراسات في دار الفكر .

(25) مطالب السؤول في مناقب آل الرسول : 2 / 111 ، مؤسّسة أمّ القرى .

(26) تذكرة الخواص : 307 ، مؤسّسة أهل البيت ، بيروت ، لبنان .
(27) شرح نهج البلاغة : 15 / 274 و278 ، دار الكتب العلميّة ، المصوّرة على طبعة دار إحياء الكتب العربيّة .
(28) المصدر نفسه : 277 .
(29) تهذيب الأسماء واللغات : 1 / 155 ، دار الفكر .

(30) انظر : التنبيه في آخر هذا الفصل .
(31) وفيات الأعيان : 1 / 307 ، دار الكتب العلميّة .
(32) تذكرة الحفّاظ : 1 / 166 ، نشر مكتبة الحرم المكّي ( إعانة وزارة معا

الإمام الصادق (عليه السلام) في كلمات علماء وأعلام أهل السنّة  *

حكمت الرحمة

ـ القسم الثاني ـ

25 ـ صلاح الدين الصفدي (ت : 764 هـ) :

قال في كتابه ( الوافي بالوفيات ) : ( جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم . هو المعروف بالصادق ، الإمام العَلَم المدني ... ) إلى أنْ قال : ( وحدّثَ عنه : أبو حنيفة ، وابن جريج ، وشُعبة ، والسفيانان ، ومالك ، ووهيب ، وحاتم بن إسماعيل ، ويحيى القطان ، وخلق غيرهم كثيرون آخرهم وفاةً أبو عاصم النبيل ، وثّقه يحيى بن معين والشافعي وجماعة ) .

ثمّ نقل توثيق ومدح أبي حنيفة وأبي حاتم المتقدّم ذكرهما ... ، إلى أنْ قال : ( وله مناقب كثيرة وكان أهلاً للخلافة ؛ لسؤدده وعلمه وشرفه ...  وتُوفّي سنة : ثمان وأربعين ومئة ، ودُفن بالبقيع في قبرٍ فيه أبوه محمّد الباقر وجدّه علي زين العابدين وعمّ جدّه الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم . فللّه درّه من قبر ما أكرمه وأشرفه . ولقّب بالصادق لصدقه في مقاله ... ) (1) .

26 ـ أبو عبد الله أسعد بن علي بن سليمان اليافعي (ت : 768 هـ) :

قال في كتابه ( مرآة الجنان ) في أحداث سنة : (148 هـ) : ( فيها توفيّ الإمام السيّد الجليل ، سلالة النبوّة ومعدن الفتوّة ، أبو عبد الله جعفر الصادق بن أبي جعفر محمّد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين الهاشمي العلوي ، وأمّه أمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر ...  وُلِـدَ سنة : ثمانين في المدينة الشريفة وفيها تُوفّي .

ودُفن بالبقيع في قبرٍ فيه أبوه محمّد الباقر وجدّه زين العابدين وعمّ جدّه الحسن بن علي رضوان الله عليهم أجمعين ، وأكرِمْ بذلك القبر وما جمع من الأشراف الكرام أُولي المناقب ، وإنّما لقّب بالصادق ؛ لصدقه في مقالته : وله كلام نفيس في علوم التوحيد وغيرها ، وقد ألّف تلميذه جابر بن حيّان الصوفي كتاباً يشتمل على ألف ورقة يتضمّن رسائله وهي خمسمئة رسالة ) (2) .

27 ـ المحدّث محمّد خواجه بارساي البخاري (ت : 822 هـ) :

قال في كتابه ( فصل الخطاب ) : ( ومِن أئمّة أهل البيت أبو عبد الله جعفر الصادق ( رضي الله عنه ) ...  وكان جعفر الصادق ( رضي الله عنه ) من سادات أهل البيت ...  روى عنه ابنه موسى الكاظم ( رضي الله عنه ) ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وأبو حنيفة ، وابن جريج ، ومـالك ، ومحمّد بن إسحاق ، وسفيان الثوري ، وسفيان بن عُيَيْنَة ، وشعبة ، ويحيى بن سعيد القطان ( رحمهم الله ) ، واتّفقوا على جلالته وسيادته ) (3) .

28 ـ الحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت : 852 هـ) :

قال في ( تقريب التهذيب ) : ( جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي ، أبو عبد الله ، المعروف بالصادق ، صدوق فقيه إمام ، من السادسة ، مات سنة : ثمان وأربعين [ أي 148 هـ ] ) (4) .

ونقل في كتابه ( تهذيب التهذيب ) مدائح العديد من العلماء وتوثيقاتهم للإمام سلام الله عليه كالشافعي ، وابن معين ، وأبي حاتم ، والنسائي ، وابن عدي ، وابن حِبَّان وغيرهم ، كما أرسل قول عمرو بن أبي المقدام إرسال المسلّمات ، فقال :

قال عمرو بن أبي المقدام : ( كنتُ إذا نظرتُ إلى جعفر بن محمّد علمتُ أنّه من سلالة النبيّين ) (5) .

29 ـ ابن الصبّاغ المالكي (ت : 855 هـ) :

قال في كتابه ( الفصول المهمّة ) : ( كان جعفر الصادق ( عليه السلام ) من بين أخوته خليفة أبيه ووصيـّه ، والقائم من بعده ، برز على جماعة بالفضل ، وكان أنبههم ذكراً وأجلّهم قدراً ، نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان ، وانتشر صيته وذكره في سائر البلدان ، ولم ينقل العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقل عنه من الحديث ، وروى عنه جماعة من أعيان الأمّة ، مثل :

يحيى بن سعيد ، وابن جريج ، ومالك بن أنس ، والثوري ، وأبو عيينة ، وأبو حنيفة ، وشعبة ، وأبو أيّوب السجستاني وغيرهم ، وصّى إليه أبو جعفر ( عليه السلام ) بالإمامة وغيرها وصيّة ظاهرة ، ونصّ عليه نصّاً جلياً ) إلى أنْ قال :

( وأمّا مناقبه فتكاد تفوت من عدّ الحاسب ، ويحير في أنواعها فهم اليقظ الكاتب ، وقد نقل بعض أهل العلم أنّ كتاب الجفر الذي بالمغرب ، الذي يتوارثه بنو عبد المؤمن بن علي هو من كلامه ، وله فيه المنقبة السنيـّة والدرجة التي هي في مقام الفضل عَلِيـَّة ) ، وقال في آخر الفصل :

( مناقب أبي جعفر الصادق ( عليه السلام ) فاضلة ، وصفاته في الشرف كاملة ، وشرفه على جهات الأيّام سائلة ، وأندية المجد والعزّ بمفاخره ومآثره آهِلَة .

مات الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام سنة : ثمان وأربعين ومئة ، في شوّال ...  وقبره في البقيع ، دُفن في القبر الذي فيه أبوه وجدّه وعمّ جدّه ، فللّه درّه من قبرٍ ما أكرمه وأشرفه ... ) (6) .

30 ـ عبد الرحمان بن محمّد الحنفي البسطامي (ت : 858 هـ) :

قال في ( مناهج التوسّل ) : ( جعفر بن محمّد ، ازدحم على بابه العلماء ، واقتبس من مشكاة أنواره الأصفياء ، وكان يتكلّم بغوامض الأسرار وعلوم الحقيقة وهو ابن سبع سنين ) (7) .

31 ـ المؤرّخ يوسـف بن تغـري بردي ، جمال الديـن الأتابكي (ت : 874هـ) :

قال في ( النجوم الزاهرة ) عند ذكره لأحداث سنة : (148 هـ) : ( وفيها تُوفّي جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ، الإمام السيّد أبو عبد الله الهاشمي العلوي الحسيني المدني ...  وهو من الطبقة الخامسة من تابعي أهل المدينة ، وكان يلقّب بالصابر ، والفاضل ، والطاهر ، وأشهر ألقابه : الصادق ...  حدّث عنه أبو حنيفة ، وابن جريج ، وشعبة ، والسفيانان ومالك ، وغيرهم ، وعن أبي حنيفة قال : ما رأيت أفقه من جعفر بن محمّد ) (8) .

32 ـ محمّد بن سراج الدين الرفاعي (ت : 885 هـ) :

قال في ( صحاح الأخبار ) : (قال العميدي : وُلِد الصادق بالمدينة ، يوم الجمعة عند طلوع الفجر ، سنة : ثلاث وثمانين من الهجرة ...  وعاش خمساً وستّين سنة ، وكانت إمامته أربعاً وثلاثين سنة ، وقد نقل الناس عنه على اختلاف مذاهبهم ودياناتهم ما سارت به الركبان ، وقد عُدّ أسماء الرواة عنه فكانوا أربعة آلاف رجل ... ) (9) . وواضح من اسم الكتاب ومقدّمته أنّه يتبنّى كلّ ما جاء فيه .

33 ـ أحمد بن عبد الله الخزرجي (ت : بعد 923 هـ) :

قال في ( خلاصته ) : ( جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبو عبد الله ، أحد الأعلام ...  [ حدّث ] عنه خَلْق كثير لا يحصون ، منهم ابنه موسى ، وشعبة ، والسفيانان ، ومالك ، قال الشافعي : وابن معين ، وأبو حاتم ، ثقة ) (10) .

34 ـ شمس الدين محمّد بن طولون (ت : 953 هـ) :

قال في ( الأئمة الاثنا عشر ) : ( وهو أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم .

كان من سادات أهل البيت ولقّب بالصادق لصدقه في مقالته ، وفضله أشهر مِن أنْ يُذكر ) (11) .

35 ـ الفقيه أحمد بن حجر الهيتمي (ت : 974 هـ) :

قال في ( الصواعق المحرقة ) في آخر كلامه عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ( وخلّف ستّة أولاد ، أفضلهم وأكملهم جعفر الصادق ، ومن ثمّ كان خليفته ، ووصيّه ، ونقل عنه الناس من العلوم ما سارت به الركبان ، وانتشر صيتُه في جميع البلدان ، وروى عنه الأئمّة الأكابر كيحيى بن سعيد ، وابن جريج ، ومالك ، والسفيانَين ، وأبي حنيفة ، وشعبة ، وأيّوب السختياني ... ) (12) .

36 ـ الملاّ علي القاري (ت : 1014 هـ) :

قال في ( شرح الشفا ) : (جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن أبي طالب الهاشمي المدني المعروف بالصادق ...  متّفق على إمامته وجلالته وسيادته ) (13) .

37 ـ أحمد بن يوسف القرماني (ت : 1019 هـ) :

قال في ( أخبار الدول ) عند ترجمته الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) : ( كان [ رضي الله عنه ] من بين أخوته خليفة أبيه ووصيـّه ، ونقل عنه من العلوم ما لم ينقل من غيره .

وكان رأساً في الحديث ، روى عنه يحيى بن سعيد ، وابن جريج ، ومالك بن أنس ، والثوري ، وابن عيينة ، وأبو حنيفة ، وشعبة ، وأبو أيّوب السجستاني ، وغيرهم . وُلِد بالمدينة سنة : ثمانين من الهجرة ... ) ، إلى أن قال :

( ومناقبه كثيرة ، تُوفّي في سنة : ثمان وأربعين ومئة وله من العمر ثمان وستّون سنة ، وقيل : إنّه مات مسموماً في زمن المنصور . ودُفِنَ بالبقيع الذي فيه أبوه وجدّه وعمّ جدّه ، فللّه درّه [ من قبرٍ ما أكرمه وأشرفه ] ) (14) .

38 ـ محمّد بن عبد الرؤوف المنّاوي القاهري (ت : 1031 هـ) :

قال في ( الكواكب الدريّة ) : ( جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ... كان إماماً نبيلاً ... قال أبو حاتم : ( ثقة لا يُسأل عن مثله ) ، وله كرامات كبيرة ومكاشفات شهيرة :

منها : أنّه سُعي به عند المنصور ، فلمّا حجّ أحضر الساعي وقال للساعي : أتحلف ؟
قال : نعم ، فحلف .
فقال جعفر للمنصور : حلّفهُ بما أراه .
فقال : حلِّفه ؟
فقال : قل برئتُ مِن حول الله وقوّته والْتَجَأْتُ إلى حولي وقوّتي ، لقد فعل جعفر كذا وكذا ، فامتنع الرجل ، ثمّ حلف ، فَمَا تمّ حتّى مات مكانه .

ومنها : أنّ بعض الطغاة قتل مولاه فلم يزل ليلته يصلّي ثمّ دعا عليه عند السحر فسُمِعَت الضجّة بموته .

ومنها : أنّه لمّا بلغه قول الحكم بن عبّاس الكلبي في عمّه زيد :

صَلَبْنَا لَكُمْ زَيْدَاً عَلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ = وَلَمْ نَرَ مَهْدِيَّاً عَلَى الجِذْعِ يُصْلَبُ

قال : اللّهم سلّط عليه كلباً من كلابك ، فافترسه الأسد ... ) (15) .

39 ـ أحمد بن شهاب الدين الخفاجي (ت : 1069 هـ) :

قال عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( جعفر الصادق ، أبو عبد الله بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، روى عنه كثيرون ، كمالك والسفيانان وابن جريح وابن إسحاق ، واتفقوا على إمامته وجلالته وسيادته ، وُلِدَ سنة : 80 هـ ، وتُوفّي سنة : 148 هـ قيل مسموماً ، وثّقه في روايته : الشافعي ، وابن معين ، وأبو حاتم ، والذهبي ، وهو مِن فضلاء أهل البيت وعلمائهم ) (16) .

40 ـ الشيخ مؤمن بن حسن الشبلنجي (ت : بعد 1083 هـ) :

قال في كتابه ( نور الأبصار ) تحت عنوان : فصل في ذكر مناقب سيّدنا جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم : ( ... ومناقبه كثيرة تكاد تفوت عدّ الحاسب ، ويُحار في أنواعها فَهْم اليَقِظ الكاتب ، روى عنه جماعة من أعيان الأئمّة وأعلامهم كيحيى بن سعيد ، ومالك بن أنس ، والثوري ، وابن عيينة ، وأبي حنيفة ، وأيّوب السختياني ، وغيرهم .

قال أبو حاتم جعفر : الصادق ثقة لا يُسأل عن مثله ...  وفي حياة الحيوان الكبرى ، فائدة ، قال ابن قتيبة في كتاب أدب الكاتب وكتاب الجفر كتبه الإمام جعفر الصادق بن محمّد الباقر رضي الله عنهما فيه كلّ ما يحتاجون علمه إلى يوم القيامة ، وإلى هذا الجفر أشار أبو العلاء المعرّي بقوله :

لَقَد عَجِبُوا لآلِ البَيْتِ لَمّا = أَتَاهُم عِلْمُهُم فِي جِلْد جَفْرِ

وَمِرْآةُ المُنَجِّمِ وَهِيَ صُغْرَى = تُرِيْهِ كُلَّ عَامِرَةٍ وَقَفْرِ

...  وفي الفصول المهمّة : نقل بعض أهل العلم أنّ كتاب الجفر الذي بالمغرب يتوارثه بنو عبد المؤمن بن علي من كلام جعفر الصادق ، وله فيه المنقبة السَّنيـَّة ، والدرجة التي في مقام الفضل عَلِيـَّه ، و ( كان ) جعفر الصادق رضي الله عنه مجاب الدعوة ، إذا سأل الله شيئاً لا يتمّ قوله إلاّ وهو بين يديه ... ) (17) .

41 ـ شهاب الدين أبو الفلاح عبد الحي بن أحمد بن محمّد بن العماد الحنبلي (ت : 1089 هـ) :

قال في كتابه ( شذرات الذهب ) في أحداث سنة : (148 هـ) : ( وفيها تُوفِّي الإمام ، سلالة النبوّة ، أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين الهاشمي العلوي ...  وكان سيّد بني هاشم في زمانه ، عاش ثمانياً وستّين سنة وأشهراً .

ووُلِدَ سنة : ثمانين بالمدينة ، ودُفن بالبقيع في قبـّة أبيه وجدّه وعمّ جدّه الحسن ، وقد ألّف تلميذه جابر بن حيّان الصوفي كتاباً في ألف ورقة يتضمّن رسائله ، وهي خمسمئة ، وهو عند الإماميّة من الاثني عشر بزعمهم ...

وقال في ( المغني ) : جعفر بن محمّد بن علي ثقة ...  وقد وثّقه ابن معين وابن عدي ... ) (18) .

42 ـ حسين بن محمّد الديار بكري (ت : 1111 هـ) :

قال في ( تاريخ الخميس ) : ( وفي سنة : ثمان وأربعين ومئة ، تُوفّي سيّد بني هاشم جعفر بن محمّد الصادق أبو عبد الله العلوي المدني ) (19) .

43 ـ محمّد بن عبد الباقي الزرقاني المالكي (ت : 1122 هـ) :

قال في ( شرحه على موطّأ الإمام مالك ) : ( جعفر بن محمّد ، أبو عبد الله ، فقيه صدوق إمام ، مات سنة : ثمان وأربعين ومئة ) (20) .

44 ـ الشيخ عبد الله بن محمّد بن عامر الشبراوي الشافعي (ت : 1171هـ) :

قال في كتابه ( الإتحاف بحبّ الأشراف ) : ( السادس من الأئمّة جعفر الصادق ، ذو المناقب الكثيرة والفضائل الشهيرة ، روى عنه الحديث أئمّة كثيرون مثل : مالك بن أنس ، وأبي حنيفة ، ويحيى بن سعيد ، وابن جريج ، والثوري ، وابن عيينة ، وشعبة ، وغيرهم رضي الله عنهم ، وُلد رضي الله عنه بالمدينة المنوّرة سنة : ثمانين من الهجرة ، وغررُ فضائله وشرفه على جبهات الأيّام كاملةٌ . وأندية المجد والعز بمفاخره ومآثره آهلة . وتُوفِّي رضي الله عنه سنة : ثمان وأربعين ومئة في شوّال ، يٌقال إنّه مات بالسُمّ في أيّام المنصور ، ودُفِنَ بالبقيع في القبـّة التي دُفِنَ فيها أبوه وجدّه ... ) (21) .

45 ـ محمّد أمين السويدي (ت : 1246 هـ) :

قال في ( سبائك الذهب ) : ( جعفر الصادق ، كان من بين أخوته خليفة أبيه ووصيـّه ، نُقل عنه من العلوم ما لم ينقل عن غيره ، وكان إماماً في الحديث ... ) (22) .

46 ـ خير الدين الزركلي (ت : 1396 هـ) :

قال في كتابه ( الأعلام ) : ( جعفر بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط ، الهاشمي القرشي ، أبو عبد الله ، الملقّب بالصادق : سادس الأئمّة الاثني عشر عند الإماميّة .

كان من أجلاّء التابعين ، وله منزلة رفيعة في العلم . أخذ عنه جماعة منهم الإمامان أبو حنيفة ومالك ، ولقّب بالصادق ؛ لأنّه لم يُعرف عنه الكذب قط ، له أخبار مع الخلفاء من بني العبـّاس وكان جريئاً عليهم صدّاعاً بالحقّ ، له ( رسائل ) مجموعة في كتاب ، ورد ذكرها في ( كشف الظنون ) ، يُقال إنّ جابر بن حيّان قام بجمعها . مولده ووفاته بالمدينة ) (23) .

47 ـ محمود بن وهيب البغدادي ( لم نعثر على سنة وفاته ) :

قال في ( جوهرة الكلام ) : ( جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعـين ، وكنيته أبو عبد الله ، وقيل أبو إسماعيل ، وألقابه : الصادق ، والفاضل ، والطاهر ، وأشهرها الأوّل ، نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدان ، وروى عنه الأئمّة الكبار كيحيى ، ومالك ، وأبي حنيفة ) (24) .

تنبيــــه :

* قال ( أسد حيدر ) في كتابه ( الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ) حول نسبة الزجر والفال إلى الإمام الصادق عليه السلام :

( وهذا من الخطأ والاشتباه ، وإنّما الإمام يستشف ما وراء الحجب باستقراء الحوادث السياسيّة ، وينظر المستقبل بحكمته وصفاء بطنه ، يخبر بالحوادث قبـل وقوعها ، وقد أخبر بأنّ الخلافة للسفّاح ومن بعده للمنصور وتبقى في أولاده من بعده ، وأخبر بمقتل محمّد وإبراهيم على يد المنصور .

وكان معارضاً لبيعة محمّد في المؤتمر الذي عقده الهاشميّون من عباسيّين وعلويّين لبيعة محمّد بن عبد الله ، وقال لعبد الله بن الحسن : لا تفعلوا فإنّ الأمر لم يأتِ بعد ، فقال عبد الله : لقد عملتَ خلاف ما تقول ، قال الصادق : لا ، ولكن هذا وأبناؤه دونك ، وضرب بيده على أبي العبّاس ، ثمّ نهض فأتبعه عبد الصمد بن علي وأبو جعفر المنصور فقالا له : أتقول ذلك ؟ قال : نعم ، أقوله والله وأعلمه .

وليس في وسعنا بسط القول في علمهم ( عليهم السلام ) وانكشاف حقائق الأشياء لهم ، فقد أخبروا بكثير من الحوادث قبل وقوعها ، وقد صدر عن الصادق كثير من ذلك ممّا لا يتّسع المجال لذكره .

وأمّا نسبة الزجر والفال إليه فهو خطأ نشأ من اشتباه في الاسم وتقارب في الزمن ، وذلك أنّ جعفر بن محمّد البلخي المعروف بأبي معشر الفلكي كان مشهوراً بالزجر والفال وأستاذ عصره في التنجيم ، ونقل الناس أخباره وشاع ذكره .

قال ابن كثير : والظاهر أنّ الذي نَسب إلى جعفر بن محمّد الصادق مِن علم الفال ، واختلاج الأعضاء ، إنّما هو منسوب إلى جعفر بن أبي معشر هذا، وليس بالصادق وإنّما يغلطون (25) ) (26) .

* تلك كانت مجموعة من كلمات علماء أهل السنّة في مدح الإمام سلام الله عليه ، وثمّة توثيقات للإمام من علماء آخرين لم نفرد لهم عناوين مستقلّة ، نشير إليهم هنا إتماماً للفائدة ، وهم :
1 ـ محمّد بن إدريس الشافعي (27) .
2 ـ النّسائي (28) .
3 ـ يحيى بن معين (29) .
4 ـ أبو زرعة (30) .

5 ـ ابن أبي خيثمة (31) .

فاتّضح ـ إذن ـ إجماع العلماء على جلالة قدره وعظم منزلته ، ومَن يراجع ، يجد مزيداً من الكلمات في مدْحه والثناء عليه .

ــــــــــــــــ

* المصدر : كتاب : أئمّة أهل البيت في كتب أهل السنّة ، تأليف : حكمت الرحمة ، الناشر : مؤسَّسة الكوثر للمعارف الإسلامية ، ط 1 ، سنة 2004 . اقتباس قسم المقالات في شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي .
(1) الوافي بالوفيات : 11 / 126 ـ 128 ، دار النشر : فرانز شتايز ، شتوتغارت .
(2) مرآة الجنان وعبرة اليقظان : 1 / 238 ، دار الكتب العلميّة .
(3) نقله القندوزي الحنفي في ( ينابيع المودّة ) : 2 / 457 ، منشورات الشريف الرضي ، المصوّرة على الطبعة الحيدريّة .
(4) تقريب التهذيب : 1 / 91 ، دار الفكر للطباعة والنشر .
(5) انظر : (تهذيب التهذيب) : 2 / 68 ـ 70 ، دار الفكر .
(6) الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة : 211 ـ 219 دار الأضواء .
(7) الإمام الصادق والمذاهب الأربعة لأسد حيدر : 1 / 55 عن ( مناهج التوسّل ) : 106 .
(8) النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة : 2 / 8 ، وزارة الثقافة والإرشاد القومي ، المؤسّسة المصريّة العامّة للتأليف والطباعة والنشر ، نسخة مصوّرة على طبعة دار الكتب .
(9) صحاح الأخبار في نَسَب السادة الفاطميّة الأخيار : 44 ، الركابي المصوّرة على طبعة نخبة الأخبار في الهند .
(10) خلاصة تذهيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال : 63 ، نشر مكتبة المطبوعات الإسلاميّة بحلب .
(11) الأئمّة الاثنا عشر : 85 ، منشورات الشريف الرضي .
(12) الصواعق المحرقة في الردّ على أهل البِدَع والزندقة : 305 ، دار الكتب العلميّة .
(13) شرح الشفا : 1 / 43 ـ 44 ، دار الكتب العلميّة .
(14) أخبار الدول وآثار الأول : 1 / 334 ـ 336 ، عالم الكتب ، وقد أثبتنا الأقواس كما هي في النسخة التي اعتمدنا عليها ، أمانةً للنقل .
(15) الكواكب الدريّة : 94 ، مطبعة وورشة تجليد الأنوار ، مصر .
(16) الإمام الصادق والمذاهب الأربعة لأسد حيدر : 1 / 59 ، ونقله محمّد علي دخيل في (أئمّتنا) : 1/485 عن ( شرح الشفا ) : 1 / 124 .
(17) نور الأبصار في مناقب آل النبيّ المختار : 160 ـ 161 ، دار الفكر ، طبعة مصوّرة على طبعة القاهرة ، 1948م .
(18) شذرات الذهب في أخبار مَن ذهب : 1 / 362 ، دار الكتب العلميّة .
(19) تاريخ الخميس : 2 / 325 ، دار صادر المصوّرة على الطبعة الوهبيّة بمصر لسنة : 1183 هـ .
(20) شرح الزرقاني على موطّأ الإمام مالك : 2 / 403 ، دار الكتب العلميّة .
(21) الإتحاف بحبّ الأشراف : 146 ـ 147 ، منشورات الرضي ، الطبعة المصوّرة على النسخة المطبوعة بالمطبعة الأدبيّة بمصر .
(22) سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب : 74 ، المكتبة العلميّة .
(23) الأعلام : 2 / 126 ، دار العلم للملايين .
(24) الإمام الصادق والمذاهب الأربعة لأسد حيدر : 1 / 59 عن ( جوهرة الكلام ) : 59 .
(25) نسبه أسد حيدر إلى البداية والنهاية : 11 / 51 ، لكنّ الذي عثرنا عليه يختلف قليلاً عمّا في المتن ، فقد جاء في البداية والنهاية : 11 / 60 ، مؤسّسة التاريخ الإسلامي : والظاهر أنّ الذي نَسب إلى جعفر بن محمّد الصادق مِن علم الرجز والطرف واختلاج الأعضاء ...  الخ ) ولعلّ الرجز هنا اشتباهاً والأصحّ هو الزجر .
(26) الإمام الصادق والمذاهب الأربعة : 1 / 63 ـ 64 ، دار الكتاب العربي .
(27) نقل قوله الذهبي في ( سير أعلام النبلاء ) : 6 / 256 ـ 257 ، مؤسّسة الرسالة . وابن حجر في ( تهذيب التهذيب ) : 2 / 69 ، دار الفكـر ، وغيرهما .
(28) نقل قوله ابن حجر في ( تهذيب التهذيب ) : 2 / 69 ، دار الفكر .
(29) نقل قو