أنت يا علي خليفتي من بعدي ق (9)
  • عنوان المقال: أنت يا علي خليفتي من بعدي ق (9)
  • الکاتب: سماحة السيد كمال الحيدري
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 22:57:25 2-10-1403

20/10/2011

المُقدَّم: السلام عليكم مشاهدينا الكرام ورحمة الله وبركاته، أحييكم في هذه الحلقة الجديدة من مطارحات في العقيدة، موضوع الحلقة (حديث أنت يا علي خليفتي من بعدي، القسم التاسع) البحث الذي تفضل به سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، والذي يحاول من خلاله الوصول إلى نتائج مهمة في هذا الصدد، أرحب بسماحة السيد كمال الحيدري في هذه الحلقة، وبداية على اعتبار أن سماحة السيد أن البرنامج اسبوعي لابد أن نعطي خلاصة لكل ما تقدم في الحلقة السابقة. إذن خلاصة عن الحلقة السابقة لكي نستكمل الحديث في هذه الحلقة.

سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

يتذكر المشاهد الكريم أننا في الحلقات السابقة وقفنا عند الدليل الذي يمكن من خلاله أن نثبت أن الإمامة السياسية والإمارة وولايتي أمر المسلمين هل أن رسول الله صلى الله عليه وآله نص على أحد من أصحابه أنه هو الولي من بعده أو لا؟ ومن هنا سألنا هذا التساؤل وقلنا هل يوجد نص يدل على هذه الحقيقة من حديث رسول الله، وهذا النص يتوفر على الأمور التالية:

أولاً: أن يكون صريحاً. وثانياً: أن يكون صحيحاً، وثالثاً: أن يكون متفقاً عليه بين علماء المسلمين.

من هنا طرحنا هذا الحديث وهو أنه أساساً هل يوجد مثل هذا الحديث عن رسول الله أو لا، قلنا بأن أفضل صيغة لهذه الحقيقة هو الحديث الذي نقل عن  رسول الله صلى الله عليه وآله حيث قال عن علي هو ولي كل مؤمن بعدي، وفي بعض النسخ هو ولي كل مؤمن من بعدي. وفي صيغة ثالثة هو ولي كل مؤمن من بعدي ومؤمنة، كما قرأنا في المستدرك ووافق عليه الذهبي.

هذا النص قلنا واضح الدلالة على أنه يثبت أن الإمام عليه السلام هو ولي الأمر بعد رسول الله مباشرة وبلا فصل. وذكرنا عدة قرائن لهذه الحقيقة.

القرينة الأولى قلنا أنه يوجد فيها قيد (من بعدي أو بعدي)) وهذه القرينة لا تسمح بل تمنع عن تفسير الولاية بالموالاة والمحبة والنصرة، لماذا؟ باعتبار أنه لو كانت الولاية هنا أو الولي هنا بمعنى الموالاة لما احتجنا إلى قيد من بعدي.

والقرينة الثانية قلنا أن الشيخ ابن تيمية لما لم يجد مفراً من مضمون هذا الحديث ماذا قال: قال أن الحديث مكذوب على رسول الله، موضوع ونحو ذلك.

وقد أشار إلى هذا المعنى بشكل واضح وصريح الشيخ ابن تيمية في كتابه (منهاج السنة في نقض كلام الشيعة) تحقيق رشاد سالم، طبعة الأربعة مجلدات (ج4، ص299) قال: (فإنه) أي رسول الله (فإنه إن أراد الموالاة) يعني المحبة والنصرة (لم يحتج أن يقول بعدي) إذن عندما قال رسول الله بعدي إذن لا يريد الموالاة والمحبة والنصرة ونحو ذلك (كما فعلوا في حديث الغدير) من كنت مولاه فهذا علي مولاه. ولذا نحن قلنا في الحلقات السابقة قلنا أن هذا النص النبوي يمتاز  على حديث الغدير أيضاً، لماذا؟ لأنه يوجد فيه بعدي، هذا أولاً. نعم، إذا يتذكر الأعزاء أن الشيخ ابن تيمية أشكل بإشكال آخر، قال لو كان المراد من الولي في هذا النص هو الإمارة والولاية السياسية كان ينبغي أن يقول والي كل مؤمن بعدي لا أنه ولي كل مؤمن بعدي.

ولهذا قال: (وإن أراد الإمارة) يعني إمارة المؤمنين يعني ولي الأمر يعني الإمارة السياسية والإمامة السياسية (كان ينبغي أن يقول والٍ على كل مؤمن لا أن يقول ولي كل مؤمن). هذا إشكاله المتني على متن الحديث.

نحن لا نذهب بعيداً لنرى أن الشيخ ابن تيمية نفسه هل يستعمل تعبير الولي في إمامة المسلمين أو لا يستعمله؟ هو قال إن أراد الإمارة كان ينبغي أن يقول والي لا أن يقول ولي.

أعزائي هذا كتابه (السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية، ص7) تحقيق علي بن محمد العمران، دار عالم الفوائد، قال: (فيجب على ولي الأمر) لا تقول ولي الأمر ... قل على الوالي، لماذا تعبر ولي، لأن الولي إذا أريد به الإمارة لابد أن يقول والي، (فيجب على ولي الأمر أن يولي على كل عمل من أعمال المسلمين ...).

إذن هو يعبر بالولي، وأيضاً نعذره لعله لم يطالع صحيح البخاري ولا صحيح مسلم ولا مسند أحمد لنرى أن الخليفة الأول والخليفة الثاني عندما كانوا يعبرون عن أنفسهما هل كانوا يعبرون أنه هو والي أو كان يعبر أنه هو ولي.

في (صحيح البخاري، ج2، ص640، كتاب فرض الخمس، باب 55، رقم الحديث 3093) أشرف على تحقيق شعيب الأرنؤوط، الرسالة العالمية، الرواية طويلة الذيل أنا أنقل منها بعض المقاطع، طبعاً وفيها بعض الأمور التي نحن لا نتفق ولكنه كما قلنا في الحلقات السابقة من باب ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم، هم يقولون أن كل ما  جاء في صحيح البخاري فهو تام. (قال عمر: ثم توفى الله نبيه فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله) ماذا يعبر أو بكر عن نفسه والي أو ولي. (أنا ولي رسول الله) يعني أنا الذي أتولى أمر المؤمنين بعد رسول الله. ثم بعد ذلك يقول (والله يعلم فعمل فيها بما عمل رسول الله والله يعلم أنه فيها لصادق ... ثم توفى الله أبا بكر فكنت) عمر يقول الخليفة الثاني (فكنت أنا ولي أبي بكر) يعني أنا الذي توليت إمارة المسلمين بعد أبي بكر.

إذن أعزائي بشكل واضح وصريح أن تعبير الولي يراد به الإمارة والإمامة والولاية السياسية في الأمة.

والشاهد على ما أقول حتى أنتهي من هذا البحث، انظروا إلى أحد الأعلام المتأخرين في كتابه (تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، ج10) للإمام الحافظ المباركفوي المتوفى 1353هـ، اعتنى بها علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود، دار إحياء التراث العربي، مؤسسة التأريخ العربي، انظروا ماذا يفهم هذا الرجل من هذا الحديث، هذه خلاصة ما تقدم من الحلقات السابقة وما سيأتي (وهو ولي كل مؤمن من بعدي كذا في بعض النسخ بزيادة (من) ووقع في بعضها بعدي) التفت كيف يريد أن يحرف (ووقع في بعضها) وأنا لا أعلم من أين (بحذف (من) وكذا وقع في رواية أحمد في مسنده وقد استدل به الشيعة على أن علياً كان خليفة بعد رسول الله من غير فصل) لأنه تعبير من بعدي، لأنه إذا جاء بعد اربعين سنة فليس من بعده، إذن تعبير (من بعدي) أولاً يبين أنه الإمارة وثانياً يبين أنه بلا فصل وهذا ما تقوله مدرسة أهل البيت. يقول: (من غير فصل واستدلالهم به عن هذا باطل) لماذا؟ يقول: (فإن مدار على صحة زيادة لفظ (بعدي) وكونها صحيحة محفوظة قابلة للاحتجاج والأمر ليس كذلك) إذن يقول أن كلمة من بعدي ... وإذا وجدت وجدت في روايات ضعيفة السند يعني نفس الكلام الذي قاله ابن تيمية. وإلا لو تم سند الرواية فهذا المضمون لا مناقشة فيه.

وهذا الذي قلنا أن هذا الحديث يشتمل على خصوصية هذه الخصوصية لا توجد في أي حديث آخر، لأنه فيه (من بعدي أو بعدي) لا فرق سواء قلنا يوجد من أو لا يوجد من. المهم (أنت ولي كل مؤمن بعدي) إذن أعزائي من هنا لابد أن نقف تفصيلاً كما وقفنا في الحلقة السابقة أنه هل يوجد عندنا طريق صحيح لإثبات النص الذي فيه (بعدي) من حيث السند أو لا يوجد.

المقدم: مدار الحديث الآن هو سند الحديث في لفظة (بعدي). يعني ما يدلل ...

سماحة السيد كمال الحيدري: هذا إن وجد في حديث صحيح فأنه يدل على الخلافة والإمامة بلا فصل. يعني الإمارة وأيضاً ... يعني كلا الأمرين أولاً يثبت الإمامة السياسية أعزائي أولئك الذين يبحثون بالأمس وجدتم أن بعض الأعزاء اتصل من المملكة العربية السعودية وقالوا نريد أن نتشيع، جيداً جداً، استمعوا لقولنا، أنا لا أقول تشيعوا أو لا تتشيعوا ... الله يعلم ليس هدف البرنامج أن يتشيع أحد أو يترك هذا المذهب ليذهب إلى ذاك المذهب، لا نحن محتاجين إلى هذا، وإنما كل الأمر نريد أن تتضح الحقيقة للمسلمين، نريد أن تعرفوا نحن أتباع مدرسة أهل البيت عندما اعتقدنا بمثل هذا الاعتقاد لم نخرج عن كلام رسول الله، نحن تم عندنا الدليل وأنتم أحرار.

المقدم: وهذا دليلنا في الاعتقاد.

سماحة السيد كمال الحيدري: وأنتم تقولون لم يتم عندنا الدليل، أنتم أحرار، قراءتكم فهمكم دليلكم محترم، لأننا نحترم الآخر ولكن كما تريدون أن نحترمكم وكما تريدون منا أن نقبل بكم أيضاً نتوقع منكم للحقيقة أيضاً نقول هذا دليلنا إن اقتنعتم فبها ونعمت، وإن لم تقتنعوا فلابد أن تعرفوا أننا لم نقل ذلك بغير أساس علمي ومن غير استناد إلى الكتاب والسنة.

المقدم: الآن نسأل حول سند هذا الحديث عند أعلام أهل السنة، هل عند أعلام أهل السنة ما يثبت سند هذا الحديث.

سماحة السيد كمال الحيدري: اضطر للإعادة شيئاً قليلاًً وهو أن ابن تيمية في الحلقات السابقة قرأنا كلامه والآن فقط اشير له، في (منهاج السنة، ج3، ص224) طبعة الأربعة مجلدات، قال: (فإن هذا موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث) لا أنه ضعيف. موضوع، يعني ليس له أصل بل اختلقه البعض في ذلك. أنه موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث. وفي مكان آخر عبر بأنه أساساً في (ج4، ص299) قال: (وولي كل مؤمن بعدي كذب على رسول الله) وفي مكان ثالث قال (كلام يمتنع نسبته إلى النبي صلى الله عليه وآله) إذن ثلاثة عناوين:

العنوان الأول: موضوع. العنوان الثاني: كذب. العنوان الثالث: يمتنع صدوره ونسبته إلى النبي.

ولكن الذي يهمني كثيراً هو أنه موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث.

الآن تعالوا لنرى ماذا يقول علماء السنة عن هذا الحديث. علماء الحديث ماذا قالوا، وإذا ثبت أن أحد يقول أنه صحيح إذن ببيان ابن تيمية يكون كلهم من غير أهل المعرفة ومن الجهلة وليسوا من المختصين.

في اعتقادي توجد لهذا الحديث طرق متعددة، يعني أسانيد متعددة:

السند الأول لهذا الطريق ما ورد عن عمر بن ميمون بن عباس، في الحلقة السابقة هذا الطريق صححه المقدس في الأحاديث المختارة، وابن عبد البر في الاستيعاب، والبصيري في إتحاف الخيرة المهرة. والحاكم النيسابوري في المستدرك، ووافقه الذهبي على ذلك، وكذلك من المعاصرين أحمد محمد شاكر في المسند للإمام أحمد، وهذه كلها قرأناها في الحلقة السابقة.

ولكن أضيف على هذا الطريق الأول كلام آخر لأحد الأعلام المعاصرين وهو العلامة الألباني في (سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج5، ص263) قال: (فقد جاء من حديث ابن عباس) الذي قلنا عمر بن ميمون عن ابن عباس (وقال الطيالسي أن رسول الله قال لعلي أنت ولي كل مؤمن بعدي وأخرجه أحمد) وقرأناه (من طريقه) أي من طريق احمد (أخرجه الحاكم) أي النيسابوري في المستدرك (وقال صحيح الإسناد) من قال؟ الحاكم في المستدرك، (ووافقه الذهبي) هذا قرأناه. محل الشاهد هذا (وهو كما قالا) يعني أن العلامة الألباني أيضاً يقول أن هذا الطريق لإثبات هذا المتن أيضاً صحيح.

قد تقول: سيدنا إذا كان الألباني يقول أن هذا الحديث صحيح، إذن لماذا لم يلتزم بالخلافة.

الجواب: حاول أن يقول أن مضمون هذا الحديث كمضمون حديث (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) ولذا قال: (وهو بمعنى من كنت مولاه فعلي مولاه).

المقدم: المهم هو السند.

سماحة السيد كمال الحيدري: قد يسأل أحد المتابعين للبرنامج إذا كان هؤلاء قد صححوا السند لماذا لم يلتزموا بالمضمون. الجواب: بيني وبين الله هم يسألون، ولكنهم فسروه بمثل حديث من كنت مولاه ... وهذا قياس مع الفارق، لأنه في هذا الحديث يوجد (بعدي) وهناك لا يوجد (بعدي).

إلى هنا اتضح لنا بشكل واضح وصريح أن الطريق الأول تام لحديث (هو ولي كل مؤمن بعدي).

المقدم: الآن يأتي السؤال هذا طريق أول بيناه، هل هناك طرق أخرى.

سماحة السيد كمال الحيدري: قد يقول قائل: سيدنا هذه المسألة مرتبطة بالأمور العقائدية ومرتبطة بمسألة لها هذا المستوى من الأهمية، لماذا تستندون الى خبر واحد.

الجواب: لا، هناك طرق متعددة لهذا الخبر، نقلنا الطريق الأول، ننتقل إلى الطريق الثاني ليتضح للمشاهد الكريم أن طرق الحديث  أكثر من واحد.

الطريق الثاني: هو ما ورد عن عمران بن حصين، هذا هو الطريق الثاني وهذا النص ورد في (الجامع الكبير أي سنن الترمذي) تحقيق شعيب الأرنؤوط، الآن لا علاقة لي بما يقوله الأرنؤوط، بل ما يهمني هو ما يقول الإمام الترمذي، الرواية طويلة أنا أقرأنا حتى يتضح للمشاهد ما هي القضية من الأصل، وهي: (حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي) وسيأتي الحديث عن جعفر بن سليمان الضبعي (عن يزيد ... عن مطرف بن عبد الله عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله جيشاً واستعمل عليهم علي بن أبي طالب فمضى في السرية فأصاب جارية) هذه قصة الجارية لها حديث آخر (فانكروا) بعض الصحابة أنكروا عليه (وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله فقالوا إذا لقينا رسول الله اخبرناه بما صنع علي وكان المسلمون إذا رجعوا من سفر بدأوا برسول الله) قبل أن يذهبوا إلى بيوتهم (فسلموا عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم فلما قدمت السرية سلموا على النبي فقام أحد الأربعة) الذين تعاقدوا على أن يذموا علياً أو يشكوه إلى رسول الله (فقال: يا رسول الله، ألم ترَ إلى علي بن أبي طالب صنع كذا وكذا، فأعرض عنه رسول الله) يعني رضي بهذه الشكاية أو لم يرضى؟ سكت. ولكن أبدى امتعاضه بإعراضه عن كلام الرجل. (ثم قام الثاني فقال مثل مقالته فأعرضه عنه، ثم قام إليه الثالث فقال مثل مقالته فأعرض عنه، ثم قام الرابع فقال مثلما قالوا، فأقبل إليه رسول الله والغضب يعرف من وجهه) هذا الغضب ليس غضب لأنه صهره ولأنه ابن عمه ولأنه ... لا أبداً، ما ينطق وما يفعل وما وما ... هو خير البشرية أجمعين، سيد الأنبياء والمرسلين (فقال: ما تريدون من علي؟!) ما هي مشكلتكم مع علي.

المقدم: هذا سؤال تاريخي.

سماحة السيد كمال الحيدري: ويكون في علمكم أن هذه القضية مستمرة استمرت في الإمام الحسن وأنه لا تزوجوه فأنه مطلاق، وفي الحسين قالوا أنه قتل بسيف جده، وأنه طالب دنيا وجاه، وفي السجاد أنه كذا وفي الباقر أنه كذا ... ويظهر أن هذه سنة أن الأكابر في كل زمان لابد أن يطعن فيهم. (فقال: ما تريدون من علي؟!) ليس مرة واحد، كما قول الإمام الترمذي كررها ثلاث (ما تريدون من علي، ما تريدون من  علي) أما كفاكم (إن علياً مني وأنا منه). تلك التي قلناها (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) (إن علياً مني وأنا منه) واقعاً أن يكون علي من رسول الله نفهم، أما أن يكون رسول الله من علي فيحتاج إلى بحث، ولكن التفتوا إلى محل الشاهد (وهو ولي كل مؤمن بعدي). يعني ما فعله فهو أميركم، إمامكم، أيمكنكم أن تعترضوا عليّ كرسول الله، لابد أن تعترضوا على رسول الله، لماذا؟ لأن النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، وهنا أيضاً يثبت هذه الحقيقة. انظروا ماذا يقول الإمام الترمذي؟ يقول: (هذا حديث حسن) المراد من حسن يعني صحيح، ليس المراد الحسن في قبال الصحيح، ولكن يقول (غريب لا نعرفه إلا من حديث جعفر بن سليمان) طبعاً الإمام الترمذي وإلا فنحن ذكرنا طريقاً آخر لهذا الحديث.

إذن أولاً من يصحح ويقول أن الحديث معتبر عن طريق عمران بن حصين هو الإمام الترمذي، هذا المورد الأول.

المورد الثاني: تعالوا معنا لنمر سريعاً على المصادر وهي كثيرة، الله أعلم انتخبت المصادر الأصلية وإلا البحث طويل جداً في هذا. حتى يتضح لكم أنه اتفق أهل العلم وأهل المعرفة بالحديث انه موضوع أم اتفق أهل المعرفة بالحديث أنه صحيح. وأي تدليس وكذب وخداع تأريخي أكبر من هذا الخداع، ولكنه مع ذلك نحن على طريقتنا نحاول أن نحترم الآخرين ونجلهم في هذا المجال.

في (صحيح سنن الترمذي، ج3) للعلامة الألباني، إذن العلامة الألباني يضع هذا الحديث في الصحيح أو في الضعيف، بعد أن ينقل الحديث رقم (3712) باب مناقب علي بن أبي طالب يقول: (صحيح).

قال: (وهو ولي كل مؤمن بعدي) ماذا يعبر عنه (صحيح) هذا المورد الثاني.

المورد الثالث في (المسند للإمام أحمد بن حنبل، ج15، ص78) شرحه حمزة أحمد الزين،  دار الحديث، رقم الحديث (19813) قال: (إسناده صحيح).

قال: (وهو كل مؤمن بعدي) هنا من بعدي وهنا بعدي في مسند أحمد، ولذا تجدون قرأنا قال بعضهم صيغته بعدي وبعضهم قال صيغته من بعدي، يقول: (إسناد صحيح ويزيد الرشك وابن أبي يزيد وهو ثقة حديثه عند الجماعة وقد تقدم والحديث رواه الترمذي في الفضائل وقال كذا وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي) إذن الترمذي والآن حمزة أحمد الزين ونقله عن الحاكم ووافقه الذهبي. وأنا لم أأتي بالحاكم ولا بالذهبي.

المقدم: وهؤلاء حسب بناء ابن تيمية ليسوا من أهل المعرفة.

سماحة السيد كمال الحيدري: بناء على قول ابن تيمية أو هو ليس من أهل العلم.

المورد الخامس أو السادس كتاب (السنة) للحافظ ابن أبي عاصم الشيباني، المتوفى 287هـ ومعه ظلال الجنة في تخريج السنة، بقلم محمد ناصر الدين الألباني (ص559) قال: (وهو ولي كل مؤمن من بعدي) رقم الحديث (1187) (علي مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن من بعدي ... إسناده صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم). لم يخرجه مسلم ولذا تجدون أن الحاكم في المستدرك أخرجه ووافقه الذهبي.

ومن الموارد الأخرى أيضاً كتاب (السنة) للإمام أبي بكر. قد تقول هي رواية واحدة، لأن أريد أن أقول أن أعلام السنة جميعاً اتفقوا أن هذه الرواية صحيحة، وكل من علق على الرواية قال الرواية معتبرة وصحيحة، وإلا بإمكاني أن أقرأ مصدر واحد، لا، أريد أن اقول أن هذه المسألة اتفق أهل المعرفة بالحديث صحيحة وليست موضوعة كما يقول الشيخ ابن تيمية. (السنة، ج2، ص799، رقم الحديث 1221) للإمام ابن أبي عاصم، تحقيق باسم بن فيصل الجوابرة، استاذ الحديث في كلية أصول الدين في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، دار الصميعي، قال: (علي مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن من بعدي ... إسناده صحيح، رجاله رجال مسلم). يعني من يعتقد بمسلم لابد أن يعتقد بصحة هذا الحديث، رواه الطيالسي ورواه أحمد ورواه ورواه ... عشرات ممن رووا بإمكان الأعزاء أن يرجعوا إلى المصادر، ومن المصادر الأساسية في هذا المجال (خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ص79) للحافظ النسائي، تحقيق الداني بن منير آل زهوي، المكتبة العصرية، قال: (ذكر قول النبي: علي ولي كل مؤمن من بعدي) هذه عبارة النسائي (علي ولي كل مؤمن من بعدي) فبعد أن ينقل الحديث يقول: (إسناد صحيح) إذن الزهوي أيضاً يصحح الحديث.

وكذلك ما ورد في (الإصابة في تمييز الصحابة، ج7، ص282) للحافظ العسقلاني، تحقيق عبد الله بن عبد المحسن التركي، مركز البحوث والدراسات العربية بدار هجر، قال ابن حجر العسقلاني (وأخرج الترمذي بإسناد قوي عن عمران بن حصين قال فيها قال رسول الله ما تريدون من علي أن علياً مني وأنا من علي وهو ولي كل مؤمن من بعدي).

ذكرنا إلى الآن مصادر تفوق العشرة ولكنه أكثر من ذلك بكثير وأشير إلى بعضها أيضاً.

ومن المصادر ما ورد في (مسند أبي يعلى الموصلي، ج1، ص293، رقم الحديث 92) للإمام الحافظ أحمد بن علي ... المتوفى 307هـ تحقيق حسين سليم أسد، مكتبة الرشد، بعد أن ينقل عن عمران بن حصين قال: (علي مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي) قال: (رجاله رجال الصحيح) إذن لا مجال للمناقشة فيه.

وممن أيضاً صحح الحديث هو ابن حبان لأنه ذكر الحديث في صحيح ابن حبان، إذن ما نقله من الروايات فهي عنده صحيحه، قد بعد ذلك يناقش ولكن عنده هو صحيح. في (صحيح ابن حبان، ج15، ص374) نقل الحديث قال: (وهو ولي كل مؤمن بعدي).

وممن أيضاً صحح الحديث ما ورد في كتاب (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، ج11) تأليف الإمام الصالحي الشامي المتوفى 942هـ، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض، دار الكتب العلمية، قال: (وروى ابن أبي شيبة) في المصنف (وهو صحيح) يعني الرواية يقول الإمام الصالحي الشامي الرواية صحيحة (عن عمر) لا عزيزي، هناك خطأ في النسخة هي عن عمران بن حصين (قال: قال رسول الله علي مني وأنا منه وعلي ولي كل مؤمن بعدي). أتصور واضحة.

وممن أشار أيضاً إلى صحة الحديث الإمام ابن حجر الهيتمي في كتاب (المنح المكية في شرح الهمزية، ص577) قال: (وذلك عملاً بما صح عنه) يعني هذا خبر صحيح (وذلك عملاً بما صح عنه صلى الله عليه وآله وهو اللهم والي من والاه وعادي من عاداه إن علياً مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي).

وممن أيضاً صرح بذلك كما ينقل، طبعاً المتقي الهندي في (كنز العمال) يصحح الحديث ولكن المهم عندي أنه ينقل عن ابن جرير الطبري صاحب التأريخ وصاحب التفسير المعروف، بعد أن ينقل الرواية يقول: (وعلي ولي كل مؤمن بعدي ش، وابن جرير وصححه) إذن ابن جرير أيضاً ممن صحح هذا الحديث.

وممن أيضاً صحح هذا الحديث ما ورد في كتاب (شرح العلامة الزرقاني) المتوفى 1122هـ على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية للعلامة القسطلاني، المتوفى 923هـ، ضبطه وصححه محمد عبد العزيز الخالدي، ج4، دار الكتب العلمية، ص542) قال: (قال صلى الله عليه وآله علي مني وأنا منه وعلي ولي كل مؤمن من بعدي رواه ابن أبي شيبة وهو صحيح).

ومن الأعلام الذين صححوا هذه الرواية هو ما ورد في كتاب (صحيح موارد الضمآن بلا زوائد ابن حبان مضموناً إليه الزوائد على الموارد، ج2، ص352) بقلم العلامة المحدث العلامة الألباني، بعد أن ينقل الرواية (وهو ولي كل مؤمن بعدي) قال: (صحيح).

وموارد أخرى بالعشرات من المتقدمين على ابن تيمية ومن المتأخرين عن ابن تيمية والمحققين الأعلام المعاصرين في زماننا.

وممن أيضاً صحح هذا وهو محل حديثنا العلامة الأرنؤوط، وأنتم تعلمون بأنه من المحققين ومن الأعلام المعاصرين وله باع في علم الجرح والتعديل، صحح هذا الحديث في موضعين: الموضع الأول في (صحيح ابن حبان، ج15، ص374) بعد أن ينقل الرواية وهو ولي كل مؤمن بعدي يقول: (إسناده قوي، الحسن بن عمر بن شقيق صدوق روى له البخاري ومن فوقه من رجال الشيخين غير جعفر بن سليمان فمن رجال مسلم) وسيأتي بحثه أن جعفر بن سليمان ما هي مشكلته.

وأيضاً صرح العلامة الأرنؤوط في (سير أعلام النبلاء، ج8، ص199) بعد أن نقل الرواية (وهو ولي كل مؤمن بعدي) قال: (إسناده قوي) إذن في موضعين صحح الرواية.

ولكن عندما جاء في تعليقاته على مسند الإمام أحمد بن حنبل تابع ابن تيمية تنزل قال لا، أن الرواية ضعيفة السند. طبعاً أنا أقول تابع ابن تيمية لم يتابعه مئة بالمئة لأن ابن تيمية قال أن الحديث موضوع وهو قال أن الحديث سنده ضعيف، ونحن نعلم أن السند ا لضعيف يعني قد يكون صادراً من النبي ولكن نحن لا يوجد عندنا طريق للتصحيح، بخلاف ما قلنا من أنه موضوع ومختلق يعني لم يصدر كذب عن رسول الله.

في (مسند أحمد بن حنبل، ج33، ص154) بعد أن نقل الرواية قال: (إسناد ضعيف) وفي صحيح ابن حبان وفي سير أعلام النبلاء ... وهنا أيضاً يشير ويقول (وقد كنا قوينا إسناده في ابن حبان فليستدرك من هنا) يعني نستدرك على ما صححناه هناك، يعني بعبارة أخرى نتراجع عن تصحيحنا الذي ذكرناه هناك.

لماذا تراجعت أيها الأرنؤوط؟ قال: (جعفر بن سليمان فيه كلام) وحيث أن هذا الرجل ليس ثابت الصحة فلا يمكن قبول هذه الرواية.

أنا لا أتصور أن تضعيف شخص في مقابل تصحيح عشرات الأعلام الذين أشرنا إليهم لهم قيمة أو لا قيمة له، واقعاً لا يعتد به، عندما نجد عشرات الأعلام من كبار أعلام المتقدمين والمتأخرين والمحققين المعاصرين كلهم يقولون أنه ليس فيه مشكلة إلا شعيب الأرنوؤط وهو في أحد قولين، وإلا قوله الآخر هو التقوية والتصحيح. إذن حتى لو قبلنا هذا ... ومع هذا لا يصدق عليه أنه قال كذب أو موضوع أو يمتنع نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وآله.

المقدم: الآن نأتي إلى المشكلة التي أثارها شعيب الأرنوؤط وهي في جعفر بن سليمان الضبعي. ما هي مشكلته.

سماحة السيد كمال الحيدري: أنا قبل أن أجيب عن مشكلة جعفر بن سليمان بودي أن أبين قاعدة للمشاهد الكريم وهذه القاعدة تنفعه لا فقط في هذا المورد بل في كثير من الموارد. ما هي هذه القاعدة؟ هناك نهج عند بعض من أهل الجرح والتعديل، هناك قاعدة أسس لها بعض أعلام الجرح والتعديل في الرجال، ماذا قالوا؟ قالوا: إذا وجدنا صاحب رأي يقول شيئاً يؤيد رأيه فكلامه باطل، بعبارة أوضح: هم يعتقدون أن الشيعة أصحاب بدعة فإذا وجدنا شيعياً حتى لو كان صدوقاً ولكن يقول شيئاً ينقل عن رسول الله يقول كذاب، هذه قاعدة أسسوا لها. ما هي القاعدة؟ القاعدة هي أن صاحب البدعة إذا قال شيئاً يؤيد بدعته يقبل منه أو يرد؟ يرد. ثم أسسوا وقالوا كل شيعي فهو صاحب بدعة. يعني كل ما يقول علي كذا فهو كذاب، أما إذا قال أبو بكر كذا وكذا فهو صادق. هذه القاعدة أنا أضعها بين يدي المشاهد وهي أنه الشيعي هو صاحب بدعة وأن هذا يكفي لأن يكون طعناً في عدالته وأنه لا يقبل منه الحديث حتى ولو كان عالماً صدوقاً زاهداً ... تقول: سيدنا لماذا تتهم علماء المسلمين بهذا. الجواب: أنا لم أقل هذا الكلام من عندي. الآن أقرأ لكم، انظروا هذا هو شعيب الأرنؤوط، وقد قرأنا عنه أنه قال: (ضعيف وهو الضبعي فيه كلام وكان يتشيع). إذن كافية لإصدار الحكم عليه أنه يسقط حديثه. وكان يتشيع. (وعد هذا الحديث ابن عدي في الكامل مما استنكر من أحاديثه). هذا هو المورد الأول.

المورد الثاني في (تحفة الأحوذي، ج10، ص200) أصلاً بينوا قاعدة لهذا، قال: (وقد تقرر في مقره أن المبتدع إذا روى شيئاً يقوي به بدعته فهو مردود) وحيث ان جعفر بن سليمان الضبعي شيعي ويقول بعدي إذن يقوي نظرية الإمامة فهي مردودة (قال الشيخ الدهلوي في مقدمته والمختار أنه إذا كان داعياً إلى بدعته ومروجاً له رد كلامه وإن لم يكن كذلك قبل إلا أن يروي شيئاً يقوي به بدعته فهو مردود قطعاً).

وأكثر من ذلك بشكل واضح وصريح في (هدي الساري مقدمة فتح الباري) أصلاً وضع قاعدة قال: (ومن موارد الطعن في الرجل اعتقاده التشيع). ومع ذلك يخرجون على الفضائيات ويقولون أن الشيعة يطعنون في الآخرين، لماذا تسبون، هذا ليس سباً وليس طعناً وليس اتهاماً، ذنبه أنه يحب علياً وأنه يوالي علياً.

يقول: (في تمييز أسباب الطعن) ما هو سبب الطعن (الأول من ضعفه بسبب الاعتقاد) إذن لابد إذا كان اعتقاده باطل نطعن فيه. طبعاً يكون في علمكم فقط التشيع، وإلا الخوارج وإن كان كما يقول هؤلاء أبناء بني أمية الأمويون أبناء ابن تيمية الوهابية، يقولون الخوارج ليس فيهم مشكلة، وإن كان عقيدتهم باطلة ولكن قولهم لا يطعن فيه لأنه صدوق، نعم، الشيعي إذا كان عقيدته باطلة إذن يطعن فيه. ولذا أنتم اسمعوا الفضائيات هؤلاء الذين يدعون أنه من أهل العلم بمجرد أن تقرأ له رواية تقول هذه رواية قالها رسول الله يقول في سندها رافضي وانتهت القضية، كأن في سندها من يطعن في دينه وعرضه وإيمانه لأنه أحب علياً. وهو يصرح بهذا المعنى يقول (من ضعف بسبب  الاعتقاد والتشيع) هذا سبب من أسباب الطعن (محبة علي). الله ... كم لابد الشيعة يدفعون الثمن على مر التاريخ، ولكنه واقعاً فليقر عيناً أولئك الذين يتصورون أننا نتنازل عن حب علي وموالاة علي، لا والله، ولا والله أبدأً لا يكون هذا، وبحمد الله هذه مدرسة أهل البيت، هؤلاء هم أتباع مدرسة أهل البيت من غير طعن في الآخر ومن غير إهانة الآخر ولا تنقيص الآخر، ولكن هذا ما نفتخر به أننا نحب من قال فيه رسول الله (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق). هذا نفتخر به، نحب ونوالي من قال في رسول الله (علي ولي كل مؤمن بعدي) هذا نفتخر به. أنتم لا توافقون أنتم أحرار.

المقدم: المسلمون موافقون على هذا.

سماحة السيد كمال الحيدري: لا لا، أنا أقول هذا في مسألة الإمامة السياسية، وإلا المحبة فلا يوجد عندي شك. يقول: (والتشيع محبة علي وتقديمه على الصحابة) يعني أنت إذا أردت أن تضع أقدار الصحابة ودرجات الصحابة وطبقات الصحابة لابد أن تضع علياً في آخر القائمة، وإلا بمجرد أن ترفعه درجة يقولون أنت شيعي، لابد أن تنزله حتى عن معاوية، وتقديمه على الصحابة (فمن قدمه على أبي بكر وعمر فهو غالٍ في تشيعه) إذن الآن عرفنا اصطلاح الغلو في التشيع ما هو. إذن إلى هنا تجدون أن التهمة الأصلية التي يؤسس لها هؤلاء هي أنه شيعي.

التهمة الثانية ما هي؟ وهي أن الحديث قد يكون سنده صحيح ولكن يثبت منقبة وفضيلة لعلي، يقولون في الخبر نكارة، الحديث مستنكر، لماذا؟ لأنه فيه شيء يثبت خصوصية لعلي بن أبي طالب وهذا أمر مستنكر لان علي لا خصوصية له، وهذا هو الذي أسس له معاوية ونظر له ابن تيمية والآن يسوقه الوهابية المعاصرين، يحاولون أن يجعلوا علياً إنساناً كالآخرين، لماذا تعطوه ميزة يختلف بها عن الآخرين.

المقدم: يعني هو من الذي يعطي الميزة؟ العقل الجمعي هذا ...

سماحة السيد كمال الحيدري: الجواب، يقولون أنه ما ورد عن رسول الله فيه ميزة لعلي فيه نكارة يرفض. والآن أقرأ لكم، هذا كتاب (تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ج4، ص595) للذهبي، تحقيق بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي، بعد أن ينقل الحديث كاملاً يقول: (وهو ولي كل مؤمن بعدي، رواه قتيبة وبشر بن هلال وطائفة عن جعفر ولم يتابعه عليه أحد، أخرجه النسائي والترمذي وقال حديث حسن غريب، ورواه الإمام أحمد في مسنده عن عبد الرزاق وعفان عنه، وإسناده على شرط مسلم). تصريح أن السند ... (وإنما لم يخرجه) فإن قلت إذا كان على شرط مسلم كان لابد أن يخرجه مسلم، يقول: (لم يخرجه في صحيحه لنكارته) إذن لا يوجد إشكال في السند، والإشكال في مضمونه، أين النكارة في المضمون. علي له خصوصية.

ويقول لنا البعض: لماذا تتهمون هؤلاء بأنهم يحملون روح النصب والعداء لعلي. يا أخي نقبل هذا ما دام رسول الله يقول، القرآن قال عن رسول الله (وما ينطق عن الهوى). إما أن يطعنوا في السند إن استطاعوا فيقولون نقله شيعي، وهنا لا يستطيعوا أن يفعلوا هذا فيطعنوا في المتن ويقولون المتن منكر، لماذا منكر؟ كيف يقول رسول الله لعلي (أنت مني وأنا منك وأنت ولي كل مؤمن من بعدي) بينكم وبين الله لو كانت هذه الرواية في الخليفة الأول فهل تقولون لا نقبلها لنكارتها. لو كانت في واحد آخر من الصحابة هل كنتم تقولون لنكارته.

المقدم: ربما يطرح هذا السؤال الآن، هل يشكل السند الحجة في قبول الرواية أم أن النكارة التي يقولونها.

سماحة السيد كمال الحيدري: الجواب: هم يحاولون أن يستندوا إلى كليهما، ولكن إن لم يستطيعوا بالأول يذهبوا إلى الثاني, وإن يستطيعوا بالثاني ذهبوا إلى الأول، وهنا جمع الأرنؤوط بينهما قال إما السند ففيه جعفر بن سليمان، وأما المتن ففيه نكارة.

المقدم: حتى لو ثبت لديهم سند صحيح عن رسول الله.

سماحة السيد كمال الحيدري: سند صحيح ومتن صحيح ولكنه في علي.

المقدم: علي يشكل مصدر النكارة.

سماحة السيد كمال الحيدري: هذا جعفر بن سليمان الذي قالوا عنه أنه شيعي وقالوا مغالٍ وقالوا يترفض، انظروا في جملة واحدة أنقل عن ابن تيمية، في كتاب (اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم، ج1) تحقيق الدكتور ناصر بن عبد الكريم العقل، أنا لا أريد أن أقول من هو جعفر بن سليمان الضبعي. قال: (روى مسلم في صحيحه من حديث جعفر بن سليمان) إذن مسلم يروي عن جعفر بن سليمان. هناك جعفر بن سليمان صدوق وثقة، (كان رسول الله يسمع بكاء الصبي مع أمه وهو في الصلاة فيقرأ بالسورة الخفيفة والسورة القصيرة) ويقول في الحاشية (هو جعفر بن سليمان الضبعي البصري أبو سليمان من الطبقة الثامنة ثقة أخرج له البخاري ومسلم، قال ابن حجر في التقريب صدوق زاهد لكنه كان يتشيع). ولكن ثقة، في موارد أخرى يقبلون حديثه، عندما تصل النوبة إلى هنا ... إلى علي يتحول من ثقة ومن صدوق ومن معتبر ... هذا كتاب (تقريب التهذيب) للحافظ ابن حجر العسقلاني، يقول: (جعفر بن سليمان الضبعي صدوق) صدوق على وزن فعول يعني أساساً الصدق في ملكة، فإذا كان صادقاً لماذا إذا روى عن علي يكون صاحب بدعة ويرد حديثه. (صدوق زاهد لكنه يتشيع).

بل أكثر من ذلك، عندما نأتي إلى (سير أعلام النبلاء، ص197، رقم الترجمة 36) للذهبي، قال: (جعفر بن سليمان الشيخ العالم الزاهد محدث الشيعة أبو سليمان الضبعي البصري ... وكان من عباد الشيعة وعلمائهم وقد حج ... توفي ... أخرجه الترمذي ... واحتج به مسلم). ولكنه أنا لا أعلم لماذا أن الإنسان عندما يأتي إلى محبة علي هذه كل العناوين عناوين العالم والصدوق والزاهد والعابد وأخرج له البخاري ومسلم وأنه ثقة ولكنه لأنه قال في علي (علي ولي كل مؤمن بعدي) إذن تحول إلى أن تكون روايته ضعيفة السند لا يمكن الاستناد إليها، ولكن هذه ليست عند كل علماء المسلمين، هذا عند النهج الأموي عند ابن تيمية وأتباعه.

المقدم: معنا الأخ بدر من السعودية.

الأخ بدر: السلام عليكم.

المقدم/سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ بدر: عندما جاء الصحابة لرسول الله وقالوا له يا رسول الله علمتنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك فقال اللهم صلي على محمد وآل محمد، واختص آل محمد بالصلاة والسلام، يعني أنا كمسلم لا أتخيل يوجد مسلم شيعي أو سني أو صوفي أو وهابي وغير ذلك لا يحب آل البيت، هذه مصيبة عظيمة، ولكن أنا أتابع حلقاتكم ونحن في هذا العصر بحاجة إلى الوحدة بين المسلمين ويكونوا فكر واحد وهم واحد وهو هم الإسلام، ولكن يا فضيلة الشيخ هل يمكن أن يكون هناك كما هي موجودة الآن الحلقات لماذا لا تكون هناك حلقات بين المختلفين من العلماء على ما تذكرونه وتطرحونه، فيكون المتلقي مطمئن بأن هناك ... حتى لو كان هناك شيعي أو سني أو صوفي بأن هناك مشتركات تجمعنا.

المقدم: منهج قناة الكوثر الفضائية أننا لا نتحرك باتجاه الواحد، بل هناك برامج تقريبية واضحة في القناة ولعلها كثيرة أيضاً حتى هذا البرنامج الذي صورته هو النقد، في الحقيقة لا نهدف منه إلى مهاجمة فكر الآخرين وإنما إلى نقد بعض الاتجاهات المتطرفة من أجل التقريب، وأؤكد هنا أن النقد يكون للاتجاهات المتطرفة التي أدت إلى تفرقة  المسلمين ولا زالت تؤدي هذا الدور، يعني الذين يكفرون ويقتلون المسلمين ويذبحون المسلمين من هذا الاتجاه.

سماحة السيد كمال الحيدري: بيني وبين الله أشكر الأخ العزيز على هذه المداخلة القيمة، نحن نمد يدنا، أنت قلت وحدة المسلمين والتقريب والمحبة، أخي العزيز أنت أقبل أن هذا التراث فيه نتوءات سرطانية ومريضة، لماذا إذا صار شيعياً لابد أن يرفض، أي منطق هذا، لماذا الآن بعض القنوات التي تطبل ليلاً ونهاراً من غير علم، تسند مدرسة أهل البيت إلى أمثال عبد الله بن سبأ والى اليهودية وإلى الكفر وإلى غير ذلك، لماذا أخي العزيز، نحن بيننا وبين الله نريد أن نعرف أنفسنا لك ولأمثالك من أهل العلم ومن المنصفين ومن أولئك الذين يريدون أن يفهموا الحقيقة، والله وبالله نحن لم نوالي علياً إلا لأن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرنا أن نوالي علياً، وأنا معك، أضم صوتي إلى صوتك، 99% من المسلمين يحبون علياً ويودون علياً وأهل بيته، إنما كلامنا في هذا العدد القليل من أتباع بني أمية وأتباع ابن تيمية الذين يحاولون رافضة رافضة ... يا أخي لماذا؟! أنا كما أجلس في مجلس هذا وأأتي بالمصادر واثبت الحقيقة بإمكان الآخرين بكل أدب وبكل احترام وبكل منطقية وبكل منهج علمي أن يطرحوا ما عندهم والحكم للمشاهد من شاء أن يقبل هذا أو يقبل ذاك.

المقدم: أنا أزيد فقط على الأخ بدر، نحن نشاهد هذا المنهج اليوم حتى في القضايا العامة، هذا مثلاً أفرض جعفر بن سليمان الضبعي زاهد وعابد وعالم وثقة ما أن جاء إلى قضية التشيع وقضية علي أصبح نكرة واصبح غير ثقة، الثورة البحرينية مثلها كمثل باقي الثورات العربية الأخرى، لماذا عندما يكون أكثرية أهل البحرين من الشيعة تتحول إلى قضية طائفية وقضية غير ثورية.

سماحة السيد كمال الحيدري: أما في البلدان الأخرى فتعد من الربيع العربي.

المقدم: في ليبيا استجلب الثوار الناتو، لم يصبحوا أبناء العلقمي، في حين في العراق أصبحوا أبناء العلقمي، بغض النظر عن الصحة والخطأ. يا أخي للنظر بواقعية وبإنصاف للنظر في تراثنا وواقعنا متفتح.

سماحة السيد كمال الحيدري: طبعاً هنا نحن لابد أن نؤكد، نحن لا نوافق لا على ما فعلوه في العراق ولا على ما فعلوه في ليبيا.

المقدم: الأخ حليم من فرنسا.

الأخ حليم: السلام عليكم.

المقدم/سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ حليم: عندي مداخلة أرى ... رأيت المستوى الثقافي للمسلمين ضعيف جداً، وقد حضرت أحد الدروس حول الخلافة وأهم ما قدمه المدرس لتبرير خلافة أبي بكر من بعد رسول الله هو أنه دخل معه في غار حراء. واستغرب كيف يقبل السامع أن الدخول مع الرسول في غار يكفي في إعطائه خلافة المسلمين. وهي تحتاج إلى مزايا عظمية في الدين والعلم، وكانت متوفرة في علي بن أبي طالب وقد أشار لها سماحة السيد كمال الحيدري, وفي المقابل سمعت من مدرسينا أنه دخل معه في الغار، كيف أن السامع ببساطة لم يستغربوا هذه الرؤية ولا أحد استغرب أن ... مع كل احترامي لأبي بكر لا يكفي هذا الأمر لخلافة المسلمين، وهذا ما رأينا عندما سمعنا السيد الحيدري نفهم أن الخلافة أمر عظيم ولا يمكن ببساطة يقولون للمسلمين دخول الغار يعني خلافة المسلمين.

المقدم: واثق من فنلندا.

الأخ واثق: السلام عليكم.

المقدم/سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ واثق: سيدنا بعض الأخوة من أبناء السنة يقولون نحن لا نعترض على ولاية علي بن أبي طالب، كما عن العصامي في خبر النجوم العوالي، يقول هذا الخبر نعم ولكنه يدل على أمر الخلافة لعلي بن أبي طالب، وإن كان لمن بعده، يعني يقول أن النبي أخبر ولكن لمن بعده، يعني حتى إذا جاء بعد أبي بكر وعمر وعثمان يقول أن هذه حقيقة، يقول كان رسول الله قد حلم بحورية قال لمن هذه، قال هذه للخليفة عثمان بعدك، فيقول أنه ما دام أن علي موصى بأن يكون ولي أمر المؤمنين فيجب أن يتدرب المؤمنين على محبته ومودته وقبول أمره، ثم يقول لا يجوز حمله أنه المولى عقب وفاته مباشرة، يقول لا يجوز حمله على أنه الخليفة بعده، لوجوه: أولاً: أن لفظ الحديث لفظ الخبر وبما أن النبي لا ينطق عن الهوى فهذا الخبر سوف يقع.

المقدم: الفكرة وضحت ولكن إذا وضعنا هذا الحديث إلى جانب عشرات الأحاديث الأخرى كيف.

سماحة السيد كمال الحيدري: هذا النص الذي نقله الأخ لابد أن نأتي بالنص ونقرأه، أنا قرأت بأن الإمام المباركفوي يقول بأنه دال بلا فصل، أنت الآن اذهب إلى أي واحد ... لو أنه أنا أسأل هذا السؤال لو أنه كان قد قال في رسول الله أنت خليفتي من بعدي، هذا معناه بعد خمسين سنة، أيقبل عاقل يعرف اللغة العربية أنه من بعدي. لو أن إنساناً أوصى لعائلته أو لأولاده قال هذا لك من بعدي، يعني بفاصلة خمسين أو أربعين عام، هذا المنطق لا يقبل. هذا مضافاً إلى ... ونحن قرأنا، كان ينبغي على الأخ واثق أن يلتفت أن هذه العبارات لها مداليل واضحة، أريد أن أقول أن هذه تورث شبهة في الذهن.

قال: (على أن علياً كان خليفة بعد رسول الله من غير فصل) يقول وهو باطل لماذا؟ لا باطل لأن المضمون غير صحيح، بل باطل لأنه السند ضعيف. وأكثر من ذلك ابن تيمية الذي هو أولى من هذا وذاك ومنهم جميعاً، كونوا على ثقة لو كان يفهم من هذا الحديث لما احتاج أن يقول فإنه إن أراد الموالاة لم يحتج أن يقول بعدي، كان يقول هذه بعدي مفتوحة قد بعد مئتين سنة ويأتي بعده أيضاً يصدق عليه. لا، المحققون من العلماء فهموا أن المراد من بعدي يعني بلا فصل.

المقدم: ثم لغة العرب لغة واضحة وبسيطة ولا تحتاج إلى هذه التأويلات.

الأخت أم رسل من ألمانيا.

الأخت أم رسل: السلام عليكم.

المقدم/سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخت أم رسل: في حجة الوداع عندما خطب الرسول وقال من كنت مولاه فهذا علي مولاه، وبعد إكمال الخطبة والجالسين جمعاً قالوا بخ بخ لك يا علي، فلماذا بعد رسول الله خالفوا هذا الكلام.

المقدم: عبد الرحيم من السعودية.

الأخ عبد الرحيم: السلام عليكم.

المقدم/سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ عبد الرحيم: أنا بالأمس قلت لكم أني من مذهب أهل السنة وأريد التشيع، أبشرك وأبشر المستمعين أنني كلما رأيتك على الشاشة أزداد حبي للدكتور عبد الرحمن دمشقية ولأهل السنة لأنه فضحك، ولا تستطيع الدخول معه في مداخلة.

سماحة السيد كمال الحيدري: عزيزي ازداد حباً لهذا ولذاك.

الأخ عبد الرحيم: قاتلك الله ابن تيمية ماذا فعل لك، ابن تيمية يحب علي أكثر مما أنت تحبه.

المقدم: لديك فكرة علمية أطرحها.

الأخ عبد الرحيم: نريد منك أن تواجه الشيخ عبد الرحمن دمشقية.

المقدم: أخي أطرح ما لديك من فكرة، هذه مشكلة الفكر الذي نحن ننتقده أنه متمسك ببعض الأسماء وبعض العناوين وترك عقله للآخرين.

سماحة السيد كمال الحيدري: كن على ثقة أقسم لك بالله، أنت عندما بالأمس قلت أريد أن أتشيع عرفت أنك غير صادق، لماذا؟ لأني كنت أعرف أنك تنقل إشكالات الآخرين ولكن مع ذلك احترمتك بالظاهر ولكن اليوم فضحت نفسكم واتصلت وقلت، يا أخي أنا أخاطبك كإنسان يظهر منك أنك صاحب عقل وصاحب منطق ولا تحتاج لهذه الأساليب الملتوية وتدخل. ثم أرأيتني في يوم من الأيام في هذا البرنامج أن أذكر اسم أحد بسوء، أنا أنقل آراء ابن تيمية عندك رد علي فرد علي.

المقدم: بصراحة هذا منطق المفلسين. وأتصور هذا الأمر لا يحتاج ...

سماحة السيد كمال الحيدري: بالنسبة لسؤال الأخت أم رسل بخصوص أن الصحابة قالوا بخ بخ، هذا واقعاً يحتاج أولاً إلى تتبع ويحتاج إلى معرفة أنه توجد روايات صحيحة بهذا أو لا توجد، لذا لا يمكن أن نذكر أموراً لم نبحثها في الأبحاث السابقة، وأنتم تجدون أننا نريد أن نذكر أمراً أولاً نأتي بالمصادر من مختلف الاتجاهات وعلماء المسلمين ويذكر، وعندما نقلنا أنا لا أعلم هذا الأخ العزيز الأخ عبد الرحيم لماذا هو متألم بهذه الطريقة، يعني الرجل ابن تيمية عندما يقول موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث، ونحن ننقل لا أقل ثلاثين مصدراً من كبار علماء أهل المعرفة بالحديث والأخ العزيز يتألم لماذا نحن ننقل هذا عن الشيخ ابن تيمية.

المقدم: شكراً لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، شكراً لكم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.