السؤال:
هل بايع الإمام علي(عليه السلام) أبا بكر أم لم يبايع؟ وإذا بايع أفلا يعدّ ذلك اعترافاً بخلافة أبي بكر؟ وهل يوجد من علماء المذهب بمَن يقول أنّه بايع؟
الجواب:
لقد رفض الإمام عليّ(عليه السلام) البيعة لأبي بكر، وبقي في بيته مشغولاً بجمع القرآن، لكن عمر أصرّ على أن يبايع، وقال: والله لأحرقنّ عليكم باب البيت، أو لتخرجنّ إلى البيعة، وعندما وصل الإمام(عليه السلام) لأبي بكر مجبراً على ذلك: قال: «أنا أحقّ بهذا الأمر منكم، لا أُبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي»، فقال عمر: إنّك لست متروكاً حتّى تبايع، فقال له علي: «ألا والله لا أقبل قولك ولا أبايعه»(۱)، ثمّ انصرف عليّ(عليه السلام) إلى منزله ولم يبايع.
وبقي اتباع الخليفة يصرّون على أن يبايع الإمام(عليه السلام)، فاضّطر أخيراً لأن يضع يده في يد أبي بكر، لكنّه وضعها مضمومة، فرضوا منه بتلك البيعة، وأعلنوا في المسجد أنّ الإمام قد بايع، ولقد كانت تلك البيعة بعد تهديد للإمام(عليه السلام) بالقتل وتهديد مسبق بحرق داره.
قال الإمام الصادق(عليه السلام): «والله ما بايع عليّ(عليه السلام) حتّى رأى الدخّان قد دخل عليه بيته»(۲).
وأنّه(عليه السلام) كان يقول في ذلك اليوم لمّا أُكره على البيعة: ﴿ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِيـنَ﴾(۳) ويردّد ذلك ويكرّره.
نفهم من كلّ هذا أنّ الإمام(عليه السلام) لم يبايع عن رضاً واختيار، وأنّه كان مكرهاً على ذلك، والبيعة بالإكراه لا تعطي أيّ شرعية لخلافة أبي بكر.
___________________
۱ـ شرح نهج البلاغة ۶/۱۲٫
۲ـ الكنى والألقاب ۱/۳۸۷، الشافي في الإمامة ۳/۲۴۱٫