ردّ على شبهة فصل إيتاء الزكاة عن الركوع
  • عنوان المقال: ردّ على شبهة فصل إيتاء الزكاة عن الركوع
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 5:11:39 2-10-1403

السؤال:

هناك مَن يقول: إنّ قوله تعالى: ﴿وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ إنّما هي صفة، أي أنّهم يصلّون، وأيضاً هم يركعون، أي أنّها تكرار للجملة، فحين ذكر أنّهم يصلّون ذكر أنّهم يصلّون مرّة أُخرى بقوله: ﴿وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ لأنّه يعبّر عن الصلاة تارة بالركوع، وهذا يدعو للاستغراب، فكيف أردّ عليه بالردّ الشافي؟ ولكم جزيل الشكر.

 

الجواب:

إنّ آية الولاية من الآيات الصريحة والواضحة الدلالة على إمامة مَن آتى الزكاة في حال الركوع، وقد ذكرت روايات كثيرة من الفريقين أنّ سبب نزول الآية هو تصدّق الإمام عليّ(عليه السلام) بخاتمه على الفقير في حال الركوع أثناء صلاته.

إذاً فهي دالّة على إمامة أمير المؤمنين(عليه السلام)، ولكنّ هذا ما يغيظ نفوساً ضعيفة الإيمان، تحمل في طيّاتها حالة البغض والحقد لعليّ وآله، فأخذوا يبثّون الشبهة تلو الشبهة حول هذه الآية وأمثالها، ومن تلك هذه الشبهة التي ذكرتموها، من فصل إيتاء الزكاة من حال الركوع.

ولعلّ أوّل مَن قال بها من القدماء هو أبو علي الجبائي، كما ذكرها عنه تلميذه القاضي عبد الجبّار في كتاب «المغني»(۱).

وقد أجاب علماؤنا عن هذه الشبهة، ومنهم الشريف المرتضى(قدس سره) في كتابه «الشافي في الإمامة» بقوله: «ليس يجوز حمل الآية على ما تأوّلها شيخك أبو علي، من جعله إيتاء الزكاة منفصلاً من حال الركوع، ولا بدّ على مقتضى اللسان واللغة من أن يكون الركوع حالاً لإيتاء الزكاة، والذي يدلّ على ذلك أنّ المفهوم من قول أحدنا: الكريم المستحقّ للمدح الذي يجود بماله وهو ضاحك، وفلان يغشى إخوانه وهو راكب، معنى الحال دون غيرها، حتّى أنّ قوله هذا يجري مجرى قوله: إنّه يجود بماله في حال ضحكه، ويغشى إخوانه في حال ركوبه.

ويدلّ أيضاً عليه أنّا متى حملنا قوله تعالى: ﴿يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾(۲) على خلاف الحال، وجعلنا المراد بها أنّهم يؤتون الزكاة، ومن وصفهم أنّهم راكعون من غير تعلّق لأحد الأمرين بالآخر، كنّا حاملين الكلام على معنى التكرار؛ لأنّه قد أفاد تعالى بوصفه لهم بأنّهم يقيمون الصلاة، وصفهم بأنّهم راكعون؛ لأنّ الصلاة مشتملة على الركوع وغيره، وإذا تأوّلناها على الوجه الذي اخترناه، استفدنا بها معنىً زائداً، وزيادة الفائدة بكلام الحكيم أولى»(۳).

_________________
۱ـ المغني ۲۰/القسم الأوّل/۱۳۷٫
۲ـ المائدة: ۵۵٫
۳ـ الشافي في الإمامة ۲/ ۲۳۶٫