سلسلة حلقات من برنامج - مطارحات في العقيدة - على قناة الكوثر الفضائية
سب علي (عليه السلام) وبغضه ق (4)
21/1/2010
المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. تحية طيبة لكم مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذا موعدكم مع حلقة جديدة من برنامج مطارحات في العقيدة، عنوان حلقة هذه الليلة: معالم الإسلام الأموي، القسم الرابع، نرحب باسمكم بضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.
آية الله السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.
المقدم: ذكرتم فيما سبق أن الاتجاهات الأساسية للتعامل مع فضائل ومناقب الإمام علي (عليه السلام) ثلاثة، فهل يمكن ذكر بعض الشواهد لهذه الحقيقة.
آية الله السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
في الواقع بأنه هذه المنهجية التي حاولنا أن نقف عندها لبيان أن الإسلام الذي بينه أو حاول أن يوضحه للأمة البيت الأموي، هذا الإسلام يختلف اختلافاً جوهرياً عن إسلام الصحابة، واعتقد أن هناك شواهد كثيرة تؤيد وتثبت هذه الحقيقة، وهي أننا عندما نريد أن نتعامل مع قضية المباني العقدية والأصول الفكرية التي وجدت في صدر الإسلام وخصوصاً في الخمسين سنة الأولى من صدر الإسلام، ينبغي أن لا نخلط بين اتجاهات ثلاثة، الاتجاه الأول وهو الاتجاه المعروف باتجاه مدرسة أهل البيت، وعندما أقول أهل البيت مرادي من أهل البيت يعني علي وفاطمة والحسن والحسين وعلى رأسهم النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) بالإضافة إلى الأئمة من أئمة أهل البيت الذين ينتهون إلى الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت. هذه المدرسة وهذا الاتجاه يعتقد أولاً بعصمة هؤلاء الأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام، ويعتقد ثانياً إن الخلافة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنما هي بالنص وأن الله سبحانه وتعالى نصب ونص على علي خليفة لرسول الله (صلى الله عليه وآله). وهذا أتصور واضح لا يحتاج إلى بحث.
في مقابل هذا الاتجاه في اعتقادي يوجد اتجاهان، وهو الاتجاه العام عند المهاجرين والأنصار، يعني عموم المهاجرين والأنصار يعتقدون هذا الاتجاه، وهو أنهم لا يعتقدون بالعصمة لعلي ولفاطمة ولأهل البيت بالمعنى الذي اشرنا إليه ولا يعتقدون أن الخلافة إنما هي بالنص ويعتقدون أيضاً بشرعية خلافة الخليفة الأول والخليفة الثاني والخليفة الثالث، ولكن عدم إيمانهم بعصمة علي وأهل بيته لا يعني أنهم يسلبونهم فضائلهم ومناقبهم ويلعنونهم ويسبونهم ويبغضونهم ويقتلونهم ... لا أبداً، وإنما لا يترضون ولا يقبلون من أبغض علياً ومن سب علياً ومن قتل الحسين، هؤلاء لا يترضون على هؤلاء بل لعله يتبرأون منهم كما قرأنا في كلمات العلامة الآلوسي في تفسيره، فوجدناه أنه يتبرأ ويلعن هذا الاتجاه.
الاتجاه الذي يلعن، إذن الاتجاه الثاني هو اتجاه اصطلح عليه اتجاه مدرسة الصحابة، وهذا الاتجاه يقر بفضائل ومقامات وهجرة وإيمان وعلم ودرجات علي بن أبي طالب عليه أفضل الصلاة والسلام، لا أقل هو الخليفة الرابع من خلفاء المسلمين، ولا اقل هو أحد المهديين، ولا اقل هو أحد العشرة المبشرة بالجنة، ولا اقل أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) عهد إليه أنه لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق، وهذا ميزان عندهم في هذه القضية.
الاتجاه الثالث وهو الذي تحدثت عنه وأتحدث عنه اليوم، وهو الاتجاه الذي بناه البيت الأموي، هذا البيت حاول بكل ما أوتي من قوة أن يقصي علياً وأهل بيته، أن يقصيهم علمياً أن يقصيهم فكرياً، أن يقصيهم تربوياً، سياسياً، بل حتى يقضي عليهم جسدياً وهذا ما وجدناه بشكل واضح وصريح في كربلاء. فالقضية مبنية على اتجاهات ثلاثة، يعني إذا أردنا أن نقرأ تاريخ الإسلام، إذا أردنا أن نقرأ المباني الفكرية والعقائدية، إذا أردنا أن نقرأ مباني وأصول الجرح والتعديل لابد أن نلتفت أن هناك اتجاهات ثلاثة، لا أنه يوجد أتجاهان فقط، وهذه قضية أساسية لابد أن يلتفت إليها الكاتب وصاحب القلم وصاحب الحديث وصاحب المنبر، لا ينبغي أن نخلط بين مدرسة الصحابة الذين يجلون علياً ويقدسون علياً ويحبون علياً، ويقرون بفضائل أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام، وبين من ينكرون فضائل الإمام علي بل لعنوه لعشرات السنين على المنابر، وأقصوا كل موقع لعلي ولأهل بيته، بل بعد ذلك سيتضح أنهم جرحوا كل من أحب علياً وخاصم أعداء علي، ولم يقبل ولم يترضى على خصوم علي، يعني معاوية ومن اتبعه بتعبيرهم، إذن هذه القضية لابد أن يلتفت إليها.
أما الشواهد، فالشواهد كثيرة في هذا المجال، بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إليها. الشاهد الأول من كتاب (الأنوار الباهرة بفضائل أهل البيت النبوي والذرية الطاهرة) جمع أبي الفتوح عبد الله بن عبد القادر التليدي، مكتبة الإمام الشافعي، دار ابن حزم، الطبعة الأولى سنة 1417هـ، هناك في ص6 يبين السبب في تأليفه لهذا الكتاب، قال: ثالثاً - لماذا ألف هذا الكتاب- قال: رد مزاعم الغلاة بصفة عامة الذين يرمون أهل السنة بالنصب، ويتذكر المشاهد الكريم في الحلقة السابقة عرفنا النصب وقلنا هو بغض علي وموالاة معاوية، قلنا أن تعريف النصب كما قرأناه من سير أعلام النبلاء هو هذا، يقول: يرمون أهل السنة بالنصب ويتهمونهم على الإطلاق بعداوة أهل البيت. يقول: يتهمون كل أهل السنة بأنهم نواصب. مع أن الأمر ليس كذلك، واقعاً ليس كل أهل السنة من النواصب. والانحراف عنهم، وهذا شطط في القول وظلم لأهل السنة، فإن المسلمين من غير الشيعة لم يزالوا ولا يزالون يحبون أهل البيت ويحترمونهم ويجلونهم وينزلونهم المقام اللائق بهم، وهم - اعتقاد المؤلف- أحسن حال من الشيعة، فإن أهل السنة يحبون أهل البيت الأطهار ويحترمونهم ويترضون عليهم كما يحبون أصحاب رسول الله، هذه نظرية أهل السنة. أما الاتجاه الأموي يبغض أهل البيت ليعظم خصوم، لا ليعظم الصحابة، ليعظم خصوم علي، وهذا ما سيتضح لاحقا. والمقصود أن ما يرمون به أهل السنة من النصب بإطلاق هو من تراهاتهم.
لا ينبغي لأحد أن يتهم جميع أهل السنة أنهم يعادون علي وأهل بيته، ونحن نصرح بهذا، نقول أيضاً أنه ليس جميع أهل السنة يعادون أهل البيت، بل في الأعم الأغلب وأكثر من ذلك هم يحبون أهل البيت، وإن كانوا لا يعتقدون بإمامتهم وعصمتهم وخلافتهم بالنص. ولكنهم لا يبغضونهم ولكنهم لا يسبونهم وإنما يبجلونهم ويذكرون مقاماتهم وهذه أهم خصوصية موجودة في أهل السنة في هذا المجال، وينبغي أن لا نخلط بين هؤلاء وبين من يترضى على معاوية الذي أبغض علياً، هناك فرق كبير بين أن نتكلم مع إنسان مسلم مؤمن يعتقد بفضائل علي وإن لم يعتقد بعصمته وبين من يرى أنه لابد أن يلعن على المنابر، ونحن كمدرسة أهل البيت إشكاليتنا على هذا الاتجاه يعني الاتجاه الأموي لا الاتجاه العام لمدرسة السنة والصحابة، وهذه قضية أساسية لابد أن يلتفت إليها ونتائج وآثار هذا التمييز.
من هنا أدعوا كل أصحاب القلم والفضائيات أن يميزوا جيداً بين هذه الاتجاهات وأن لا يخلطوا بين هذه الاتجاهات، وأنا أتصور بأنه من يتابع هذه الفضائيات يجد أنه هناك من يترضى على الصحابة ويقبل الصحابة ويقبل فضائل الإمام علي ولكن مع ذلك لا يترضى على معاوية لأنه بنص الحديث من مسلم أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق، ومن الواضح أن السب واللعن أوضح وأعلى مصاديق البغض، فبلا إشكال ولا شبهة بتواتر التاريخ أن معاوية يبغض علي، وهو منافق بنص رسول الله (صلى الله عليه وآله). إذن هذا مما لا ريب فيه، إذن من يترضى على معاوية يكشف لنا أنه يقبل هذا الاتجاه وهذا المنهج. أنا لا أعلم كيف نوفق أنه من جهة يقولون بأنه نحب علياً ومع ذلك نحب من يبغض علي، نحب من يلعن ويسب علي، نحب من يقتل الصحابة، يقول نحب الصحابة، بعد ذلك سيتضح أن معاوية قتل العشرات من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وبعد ذلك ستتضح هذه الحقيقة، هذا مورد.
المورد الثاني هو ما أشار إليه الشيخ ابن تيمية في منهاج السنة، الشيخ ابن تيمية لا يشير إلى هذه النكتة التي أشرت إليها، وهي هذا التفصيل الثلاثي، ولكن يبين حقيقة من الحقائق وهي مهمة في كتب ابن تيمية خصوصاً في منهاج السنة، نجد أن هذا التقسيمات الثلاث بازاء أهل البيت موجود في كلماته، يعني يعتقد أن الناس بالنسبة لعلي بن أبي طالب صاروا على ثلاثة أقسام طائفة تقاتل علي وطائفة تقاتل مع علي، وطائفة قعدت (لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء)، وهذا واضح، هذا معناه إذن الذين جاءوا إلى الإمام علي لا يمكن تقسيمهم إلى قسمين، وإنما ينبغي أن يقسموا إلى ثلاثة اقسام. أنظروا إلى هذا الكلام في منهاج السنة النبوية، الجزء السابع، دكتور محمد رشاد سالم، ص55، يقول: أنه - الإمام علي- لما تولى كان الصحابة وسائر المسلمين ثلاثة أصناف، صنف قاتلوا معه، وصنف قاتلوه، وهو إذا تتذكرون قرأنا قال شيعة معاوية هم شيعة عثمان ويبغضون علياً وينصبون له العداء، وصنف قعدوا عن هذا وهذا، وهذا الذي نريد أن نقوله وهو: لا ينبغي أن نخلط بين الصنف الذي قاتل علي وأراد أن يقضي على علي، وسب عليا وأبغض عليا ولعن علياً، وبين من قعد عن علي، فرق كبير بينهما. يقول: وأكثر السابقين الأولين كانوا من القعود، إذن واضح أن الكفة كانت لمدرسة الصحابة، لا للاتجاه الأموي الذي يقاتل علياً، وأكثر السابقين من القعود، وقد قيل أن بعض السابقين الأولين قاتلوه، البعض قاتله، يعني الذين كانوا إلى جنب معاوية لمقاتلة علي يعبر عنه وقد قيل وأنهم بعض، حتى يتضح للمشاهد الكريم هذه الحقيقة أرجعه مرة أخرى إلى كتاب (الأنوار الباهرة) حيث يقول صاحبه، قلت: قليل من الصحابة، يعني الذين كانوا مع معاوية وقاتلوا علي لأنه لم يكن معه إلا عمر بن العاص والمغيرة بن شعبة والنعمان بن بشير، ومعاوية بن خديج ومسلم بن مخلد في آخرين قلائل، هذا الذي أشار إليهم ابن تيمية، قال وقليل من المهاجرين: بينما كان مع سيدنا علي رضي الله عنه سبعون بدرياً، أكثر المهاجرين والأنصار خلافاً لما يقوله ويدلس، خلافاً لما يريد أن يدلس به الشيخ ابن تيمية أن أكثر المهاجرين والأنصار كانوا من القاعدين، لا، بل كان أكثرهم مع علي قاتلوا معه، ولم يقاتلوه. سبعون بدرياً، وسبعمئة من أهل بيعة الرضوان، وإقرار الشيخ ابن تيمية أن أهل بيعة الرضوان مشهود لهم بالجنة، يقول: لا إشكال أنهم من أهل الجنة، طبعاً نحن لا نوافق على هذه النظرية، ولكن أتكلم بمنطق الزموهم بما ألزموا به أنفسهم، قال: وسبعمئة من أهل بيعة الرضوان وأربعمئة من سائر المهاجرين والأنصار، هؤلاء هم شيعة علي الذين يقول عنهم أن النواصب أفضل منهم. أحبوا علياً وخاصموا معاوية فذهبت جنة الرضوان وغيره، شيء غريب لا يصدقه الإنسان، هو يقول مرة أخرى استخرج ما ورد في منهاج السنة، يقول: ففي صحيح مسلم وغيره عن جابر في الجزء السابع، ص56، عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة. هؤلاء بايعوا، وفي الصحيح حتى حاطب بن بلتعة الجاسوس، ما دام دخل في الرضوان وبايع بيعة الشجرة فهو من أهل الجنة، الآن إذا كان الأمر كذلك هؤلاء سبعمئة من أهل بيعة الرضوان كانوا مع علي. وأنا أسأل كم قتل معاوية منهم، شيء غريب أن الإنسان من جهة يقبل ويقول أن هؤلاء من أهل الجنة ومع ذلك من قتلهم من أهل الجنة أيضاً، أي عقل هذا، وأي منطق هذا، أن الإنسان يوافق أن أهل بيعة الرضوان الذين بايعوا تحت الشجرة من أهل الجنة ومع ذلك من قتلهم من أهل الجنة أيضاً.
أبو الفتوح عبد الله بن عبد القادر التليدي: يقول: قال النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم، يعني صحيح مسلم، قال العلماء هذا الحديث - ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار، وشيء غريب يدعونه إلى النار ومع ذلك هم من أهل الجنة، لا أعرف هذا المنطق أي منطق، هذا الحديث ورد في مسلم- حجة ظاهرة في أن علياً رضي الله عنه كان محقاً والطائفة الأخرى بغاة لكنهم مجتهدون فلا إثم عليهم. هذا والله عجيب، قلت- التليدي-: الأمر كما قال، يعني أن الحق مع علي، لكن هاهنا إشكال طالما اختلج في صدور أهل الإيمان وطالبي الحق لم نجد له حلاً عند أهل السنة، وهو أنه كيف يبقى للفئة الباغية اجتهاد وأجر ورفع للإثم وقد اتضح لهم أحقية علي وخطأهم وبغيهم بقتل عمار. كلامنا مع هذه الفئة، مع هذا النهج، الآن ليس حديثي مع النووي واقعاً، ليس حديثي مع الذهبي ولا العسقلاني، أنا أتكلم عن هذا النهج الذي يعتقد أن عمار يدعوهم إلى الجنة وأن معاوية وجيشه يدعونهم إلى النار ومع ذلك من قتل من يدعوهم إلى الجنة فهو من أهل الجنة أيضاً. لا أعلم واقعاً أتركه للمشاهد، هذه أحاديث متواترة ستأتي إنشاء وسنبين أنه كيف يعقل أن من سماه رسول الله بأحاديث متواترة أنه باغٍ كيف يطلق عليه أنه مجتهد، يعني إذا سمى رسول الله أحداً باغ فهل يصدق عليه أنه مجتهد فأخطأ، ولا يمكن الجمع بين عنوانين. محال أن يجتمع عنوان البغي مع عنوان الاجتهاد والأجر والثواب والخطأ لا يمكن، وإلا إذا كان خطأ واجتهاد لما كان باغياً، وكان مخطأ، والبغي غير الخطأ.
نحن حديثنا في هذه الحلقات وفيما بعدها مع هذا النهج الذي يحاول أن يؤسس له الاتجاه والبيت الأموي، وهذا النهج الذي نسمعه الآن من بعض الذين يدعون أنهم أصحاب عنوانين وأنهم يحملون درجات دكتوراه والعلامة ودرجات الشيخ وأنهم يحملون أنهم من أهل العلم ومع ذلك يريدون أن يجمعوا بين هذين المتناقضين بين هذين العنوانين أنه أبغض علياً وبنص رسول الله منافق ومع ذلك نقول أمير المؤمنين رضي الله عنه، لا يمكن هذا الجمع، إذن حديثنا منصب على هذه النقطة وهذه شواهد وكلمات الشيخ ابن تيمية وغيره مليئة بهذا التصنيف الثلاثي.
المقدم: يأتي تساؤل من خلال ما تفضلتم، وهو إذا كان رسول الله يوجد من أصحابي من يرد علي الحوض ثم يصار به إلى النار، ماذا يكون فعل أكثر من قتل أهل البيت ولعنهم، يقول كل الصحابة اجتهدوا فأخطأوا فالذين يذادون عن الحوض ماذا فعلوا.
آية الله السيد كمال الحيدري: الآن هذا ليس بحثي في الصحابة، هذا إن صح التعبير خلط بين الأبحاث، أنا أريد أن أتكلم عن الاتجاه الأموي.
المقدم: نعم في الاتجاه الأموي.
آية الله السيد كمال الحيدري: إذن هذا يكون مشمولاً ولعله هم المرادون بهذا.
المقدم: هل يمكن ذكر بعض الآثار والنتائج المترتبة وقد أشرتم عرضاً أنه توجد نتائج وآثار على الاتجاه الأموي في مسألة الجرح والتعديل.
آية الله السيد كمال الحيدري: هناك أصل أسسه جملة من علماء الجرح والتعديل، هذا الأصل يقوم على هذا الأساس، وهو أنه كل من يحب علياً ويذكر فضائل علي ومناقب علي وينتقد خصوم علي، وينتقص من خصوم علي، ويقدم الإمام علي على الصحابة لهو شيعي، حتى لو كان قائلاً بشرعية خلافة الخليفة الأول والخليفة الثاني والخليفة الثالث، هذا أصل يبنون عليه، المشاهد الكريم أريد أن يلتفت إلى تعريف الشيعي والرافضي عند الاتجاه الأموي، الشيعي عندنا لو سألنا شخص ما معنى التشيع، نقول: من اعتقد بعصمة علي وأهل بيته وأن الإمامة والخلافة له بالنص بعد رسول الله، هذا معنى التشيع عندنا، يعني الآن لو تسأل أي إنسان ما معنى الشيعي وما معنى التشيع، يقول: من أمن بعصمة أئمة أهل البيت ومن اعتقد أن الإمامة بالنص لعلي بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولكن الاتجاه الأموي لا يعرف التشيع بهذا المعنى، ولا يعرف الرفض والروافض بهذا المعنى، أقرأ من كتاب (هدي الساري مقدمة فتح الباري) للإمام الحافظ أحمد بن علي بن الحجر العسقلاني، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، الطبعة الثالثة، سنة 1401هـ، ماذا يقول هذا الإنسان يعني ابن حجر العسقلاني، هذه العبارة يقول: فصل في تمييز أسباب الطعن في المذكورين، منشأ الطعن هذا، منه يتضح من يصلح منهم للاحتجاج به ومن لا يصلح للاحتجاج به، وهو على قسمين: القسم الأول من ضعفه بسبب اعتقاده، يعني أننا لا نقبل روايته وحديثه بسبب الاعتقاد الذي يعتقده، إلى أن يأتي ويقول: والتشيع، أيها المسلمون في العالم أعلموا ماذا يقول ابن حجر العسقلاني، والتشيع محبة علي، إذن كل المسلمين شيعة، لا أن من آمن أن علياً معصوم وأنه خليفة رسول الله بالنص الإلهي، لا أبداً، والتشيع محبة علي وتقديمه على الصحابة - عثمان، لو قدمه على عثمان، وبعضهم يقول على صحابة آخرين، كل علمه وهجرته وفضائله ومقاماته، لا يبغضك إلا منافق، أنت مني بمنزلة هارون من موسى، آية المباهلة، آية التطهير، هذه كلها لا قيمة لها أبداً عندهم، لابد أنه إذا أراد أن يحب علياً لابد أن يحبه بشرطين، الشرط الأول أن لا يقدمه على أحد من الصحابة، الشرط الثاني أن لا يعادي وأن لا ينتقص خصوم علي، خصوصاً معاوية، هذا التعبير عام وإلا المقصود منه معاوية. يقول: والتشيع محبة علي وتقديمه على الصحابة، أما فمن قدمه على أبي بكر وعمر فهو غالٍ في تشيعه، حتى لو لم يؤمن بإمامته وعصمته، من قال بأن علياً وإن لم يكن معصوماً وإن لم يكن منصوصاً عليه ولكن بمجرد أنه قال أنه أفضل من الخليفتين أبي بكر وعمر، إذن فهو من الشيعة الروافض، قال: ويطلق عليه رافضي. ويتذكر المشاهد في (الصارم المسلول) قال الشيخ ابن تيمية: فاقتلوهم أينما وجدتموهم. إذن فكل من أحب علياً وقال بتقديمه على الخلفاء الثلاثة يعني أبي بكر وعمر وعثمان فهو مشرك يجب قتله، وإن لم يؤمن بأنه معصوم وأنه خليفة رسول الله.
قال: ويطلق عليه رافضي، وإلا فشيعي. هذه نص عبارة (هدي الساري مقدمة فتح الباري) للإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني. هذا النهج الذي من أحب علياً واجتهد وآمن بأن علي وإن لم يكن معصوماً ولكنه أفضل من الخلفاء أفضل من عثمان وباقي الصحابة، يقول هو ليس من أهل السنة، يكون من أهل السنة بشرط أن لا يفضله على الخلفاء الثلاثة. على هذا الأساس وعلى هذا الضابط المشاهد الكريم لابد أن يلتفت أنه كيف تعاملوا في الجرح والتعديل في هذه القضية، إذا صار شيعياً رافضياً فلا يقبل حديثه، هناك علة ونقص وضعف في عقيدته فلا يمكن أن يقبل، حتى لو قبل بشرعية الخلفاء ولم يقبل عصمة الإمامة ولم يقبل الخلافة هذه كلها لا تشفع له، هذا إما شيعي وأما رافضي، ولذا يتذكر المشاهد الكريم في حلقات سابقة أن الحاكم النيسابوري عبر عنه (سير أعلام النبلاء) عندما اتهم أنه شيعي رافضي أو رافضي خبيث، يعني الإمام الذهبي قال: شيعي، ولكن ليس برافضي. شيعي ولكنه ليس برافضي، لماذا؟ لأنه ذكر فضائل علي، وأحب علياً وذكر ما يؤدي إلى انتقاص خصوم علي، وذكر ما يؤدي إلى انتقاص معاوية. ومن أهم الحقائق في هذا المجال ما ورد في (سير أعلام النبلاء) تصنيف الإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، المتوفى 748، مؤسسة الرسالة، ج14، في ترجمة النسائي، ص125، تحت رقم 67، بودي أن يلتفت المشاهد الكريم جيداً من هو النسائي، صاحب سنن النسائي، السنن الستة أو الصحاح الستة، واحد منها سنن النسائي، قال: الحافظ الثبت شيخ الإسلام، ناقد الحديث، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر الخراساني النسائي، صاحب السنن ... ثم يأتي في ص131 يقول: قال الحافظ أبن علي النيسابوري أخبرنا الإمام في الحديث أخبرنا الإمام في الحديث بلا مدافعة أبو عبد الرحمن النسائي، قال أبو الحسن الدارقطني: أبو عبد الرحمن مقدم على كل من يُذكر بهذا العلم من أهل عصره، قال الحافظ ابن طاهر: سألت سعد بن علي الزنجاني عن رجل فوثقه فقلت: قد ضعفه النسائي، فقال: يا بني أن لأبي عبد الرحمن شرطاً في الرجال أشد من شرط البخاري نفسه. هكذا كان متشدداً في قبول الرجال. بعد ذلك في ص135 يقول - الذهبي-: قال أبو عبد الله بن منده الذين أخرجوا الصحيح وميزوا الثابت من المعلول والخطأ من الصواب أربعة البخاري ومسلم وأبو داود وأبو عبد الرحمن النسائي، إلى أن يأتي في ص133 قلت - الذهبي-: هذا اصح، فأن ابن يونس حافظ يقظ وقد أخذ عن النسائي وهو به عارف ولم يكن أحد في رأس الثلثمئة أحفظ من النسائي هو أحذق بالحديث وعلله ورجاله من مسلم. هكذا يعتقدون في النسائي، ومن أبي داود ومن أبي عيسى، وهو جارٍ في مضمار البخاري، يعني النسائي يضارع البخاري. إلى هنا اتضح من هو النسائي، يضارع البخاري، ولكنه مشكلة النسائي، كل هذه المقامات له وهو أحد الصحاح الستة، وهو مع ذلك منحرف، منحرف عن معاوية سامحه الله، أيها المسلمون. فهو متهم بالتشيع حتى لو كان على مستوى البخاري بل أكثر احتياطاً من البخاري وأعلم علماء عصره. يقول: إلا أن فيه قليل تشيع، أنا لا أدري التشيع بالأوزان ليكون قليلاً أو كثيراً، والمشكلة هي أنه صنف كتاب (خصائص علي بن أبي طالب) إلا أن فيه قليل تشيع وانحراف عن خصوم الإمام علي كمعاوية وعمر بن العاص والله يسامحه. هذا ذنب إذا مات عليه الإنسان لا يغتفر، والله يسامحه يطلب من الله أن يسامحه، وهذا كله لماذا؟ واقعاً لأنه شتم الصحابة أو سب الصحابة أو لعن الصحابة؟ لا والله لم يفعل. كما يقول في ص132: روى أبو عبد الله بن منده عن حمزة العقبي المصري وغيره أن النسائي خرج من مصر في أخر عمره إلى دمشق فسُئل بها عن معاوية وما جاء في فضائله، فقال: لا يرضى رأساً برأس حتى يفضل، لا يكفيه أن يكون رأساً برأس مع علي الآن يريد أن يفضل على علي هل هذا ممكن. قال: فما زالوا يدفعون في حضنية في رواية في شذرات الذهب في خصيته حتى مردوا خصيته فمات. كيف تتجرأ على معاوية، المهم المحور، كأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال في معاوية لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا كافر، يعني نفس هذا المضمون الذين ينكرونه لعلي يثبتونه لعلي ولخصومه. هذا هو النهج الأموي الذي لا يمكننا أن نقترب منه ولا يوجد بيننا وبينه أي تقريب وأي بحث، لأن هؤلاء أساساً لا يقبلون من علي شيئاً، نعم لا يصرحون، في الآونة الأخيرة بدأوا يفعلون ما يفعلون. مظاهر هذا البغض وهذا الإقصاء له وجوه متعددة، ليس بالضرورة أن يفعلوا ما فعله معاوية وهو سب وبغض ولعن علي، بعد ذلك سيتضح كيف تعاملوا مع فضائل علي، المشكلة في النسائي وهو علم لا إشكال عند مدرسة الصحابة. ولكنه عند الذهبي الذي يتهم بالنصب يقول عنه: إلا أن فيه قليل تشيع وانحراف عن خصوم الإمام علي. لا مطلق الخصوم، كمعاوية وعمر والله يسامحه. هذا هو المورد الأول، أريد أن يعرف المشاهد الكريم كيف أن النهج والاتجاه الأموي والبيت الأموي أسس لأي علم رجال في الجرح والتعديل، وهو إن الإنسان لكي يكون من أهل السنة لابد أن يترضى على خصوم علي، لابد أن يحب خصوم علي. هذا المورد الأول.
المورد الثاني الذي أريد أن أشير إليه وهو ما يرتبط بعبيد الله بن موسى في (سير أعلام النبلاء) ص555، و ص553، الجزء التاسع، للذهبي، رقم الترجمة 215، يقول: عبيد الله بن موسى ابن أبي المختار الإمام الحافظ العابد أبو محمد العبسي مولاهم الكوفي، قال: وثقه ابن معين وجماعة وحديثه في الكتب الستة - الصحاح الستة، بخاري ومسلم- قال: أبو حاتم ثقة صدوق حسن الحديث، قال وأبو نعيم ... وقال أحمد بن عبد العجلي ثقة، رأس في القرآن عالم به، ما رأيته رافعاً رأسه، وما رُأيَ ضاحكاً قط. يقول: ونقل - عبيد الله بن موسى- عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال- عبيد الله بن موسى-: قال علي رضي الله: خيرنا بعد نبينا أبو بكر عمر. إذن يفضل أبا بكر وعمر على علي، هذا لا يشفع له، ولا يخلصه ... ورواية عبيد الله مثل هذا دال على تقديمه للشيخين. ولكنه كان ينال من خصوم علي. واقعاً الإنسان يبقى حائراً أن هذه القضايا كيف يحلها. ثم يقول - الذهبي- قلت: كان صاحب عبادة وليل، صحب حمزة، وتخلق بآدابه، إلا في التشيع المشؤوم، فإنه أخذه عن أهل بلده المؤسس على البدعة. لم يقل بالإمامة والعصمة والخلافة بالنص وإنما وقع في خصوم علي. مقصودهم معاوية. رسول الله قال من سب علياً فقد سبني، ولذا أم سلمة قالت لمعاوية وبعثت إليه أنكم تسبون رسول الله تسبون الله لأن رسول الله بحديث مقبول صحيح عندهم أنه من سب علياً فقد سبني، من والاه فقد والى الله ومن عاداه فقد عادا الله، هذه روايات متواترة وقد قرأناها سابقاً، ولكن القضية عندما تصل إلى معاوية فهو خط أحمر لا يمكن تجاوزه. يقول ابن منده: كان أحمد بن حنبل يدل الناس على عبيد الله وكان معروفاً بالرفض؛ لأنه رفض معاوية، لم يدعَ أحداً اسمه معاوية يدخل داره، حتى لو كان ثقة، فقيل دخل عليه معاوية بن صالح الأشعري، فقال: ما اسمك، قال: معاوية، قال: والله لا حدثتك ولا حدثت قوماً أنت فيهم. هكذا كان يرفض النهج الأموي، لا يرفض اتجاه مدرسة الصحابة وإلا هو قائل بتقديم أبي بكر وعمر على علي، وهو حافظ وهو إمام في القرآن وهو ثقة وهو صاحب عبادة في الليل ولكن لا يشفع له هذا كله. الآن المشكلة واضحة هو ينقل عنه رواية صريحة صحيحة أنه يقول بتقديم أبي بكر وعمر خيرنا بعد نبينا أبي بكر وعمر، ويقول هذا دليل على أنه يقول بتقديم الشيخين، ولكن مشكلته أنه رفض معاوية، أنه وقع في خصومة مع معاوية.
المورد الثالث: وهو من الموارد الأساسية - طبعاً عشرات الموارد في الجرح والتعديل، وسيتضح بعد ذلك بشكل واضح وصريح بلا مجال للريب في هذا وهو أنه في مقابل أنهم يضعفون الشخص لحبه لعلي وخصومة معاوية يوثقون خصوم علي، وهذه نقطة أساسية، يجعلون هذا امتيازاً، يكون ثقة بمجرد أن يكون خصماً لعلي، يكون ثقة بمجرد أنه يكون قاتلاً لعلي أو لأهل بيته-. المورد الثالث (تهذيب الكمال في أسماء الرجال) للحافظ المتقن جمال الدين أبي الحجاج يوسف المزي، المتوفى 742هـ، حققه وضبط نصه وعلق عليه الدكتور بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، المجلد 21، في ترجمة عمر بن سعد، رقم الترجمة 4239، عمر بن سعد انظروا ماذا يقول فيه جملة من أعلام الجرح والتعديل في الاتجاه الأموي، طبعاً في (تهذيب التهذيب) وفي (المزي) وفي (تاريخ دمشق) هذا المعنى قد ورد في مصادر أخرى أيضاً. قال أحمد بن عبد الله العجلي: كان - عمر بن سعد- يروي عن أبيه أحاديث – عن سعد بن أبي وقاص الذي كان من الصحابة - وروى الناس عنه - عن عمر بن سعد- وهو الذي قتل الحسين - يعني ريحانة رسول الله، سيد شباب أهل الجنة، سبط رسول الله، من هو من أهل الكساء، من هو من هو في آية المباهلة، من هو في آية التطهير، ولكن مع ذلك هل أن هذا ضار له يُسقط عدالة؟- وهو تابعي ثقة. ومع ذلك يأتي أحد ويقول أنه اساساً لماذا تخالفون النهج الأموي، ولماذا تميزون معاوية عن الصحابة؟ لا يا أخي، نحن لا نخالف شخصاً، بل نخالف نهج وفكر ومنهج. وهو عمر بن سعد قاتل الحسين، هذا أحمد بن عبد الله العجلي يقول: وهو تابعي ثقة. خلافنا هذا، خلافنا مع هؤلاء الذين يترضون على هؤلاء، والى الآن يقولون أنهم اجتهدوا فأخطأوا، المشكلة مع هذا النهج. نحن ذكرنا فيما سبق عن ابن كثير أنه قال: أن هؤلاء اعتقدوا أنه خرج على إمام زمانه وأراد أن يفرق كلمة المسلمين فقتل.
المقدم: معنا الأخ محمد من السعودية، تفضلوا.
الأخ محمد: السلام عليكم.
المقدم/ آية الله السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ محمد: فضيلة الشيخ لم يستشهد الشيخ بآية قرآنية، ويأتي بأحاديث من كتب بعيدة عن الرسول (صلى الله عليه وآله) بمئات السنين عن رسول الله، والدين اكتمل قبل وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله) لا اجتهاد فيه، مثلاً ينقل عن تاريخ الطبري، تاريخ الطبري في مقدمة كتابه يقول أنا أذكر في كتابي الصحيح والمكذوب والموضوع، فكيف تستشهدون بالمذكور فيه، وهناك كتب مخصوصة لجمع الأحاديث الموضوعة والمكذوبة. والشيء الثاني ما المناسبة أن تذكر معاوية، أنا عمري 60 سنة ما سمعت سنياً إلا ويحب أهل البيت ويوقرهم ويحترمهم ويحب أهل البيت. أما أنا فأسمع في كل يوم مسبة أبي بكر ومسبة عمر وتكفير المسلمين، تكفير السنة، كل يوم نسمعها موجودة في الكتب، وأنا أمامي كتاب، قال محمد بن يعقوب الكليني في أصول الكافي، تحت باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة، حتى القرآن الذي بين أيدينا نقرأه ونصلي به أنكرتموه. عشرات الأحاديث، عن جابر عن جعفر أن قال: ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن ظاهره وباطنه غير الأوصياء.
المقدم: معنا الأخ حيدر من السودان، تفضلوا.
الأخ حيدر: السلام عليكم ورحمة الله.
المقدم/ آية الله السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ حيدر: قال تعالى في سورة الأنفال: (يا أيها الذين أمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً) أجمع المفسرون على أن معنى فرقاناً في هذه الآية هو نور يقذفه الله في قلب المؤمن المتقي يفرق به بين الحق والباطل، كثير من الصحابة لم يحاربوا الإمام علي، هذه الآية تدل على أنهم ليسوا من المتقين، لعله لأنهم لا نور عندهم يميزون به بين الحق والباطل، ناهيك عن الذين وقعوا في الباطل بحربهم الإمام علي عليه السلام، فكيف يكون على درجة كبيرة من الإيمان والتقوى وهو يخالف القرآن وهذه الآية بالخصوص، أم أن القوم لا يقرءون القرآن أو يقرءون ولا يفهمون، وكيف يحتجون بآية (أشداء على الكفار رحماء بينهم) فهل أن حربهم فيما بينهم تدل على أنهم رحماء فيما بينهم، وهل رفع السيوف بوجوه بعضهم البعض يدل على أنهم أشداء على الكفار رحماء بينهم.
آية الله السيد كمال الحيدري: الأخ محمد من السعودية، أشكرك على هذه المداخلة، ولكن كان بودي أن لا تستعملوا هذا الأسلوب الذي تستخدموه على فضائياتكم وهو أن تداخلوا المواضيع فيما بينها، حديثي الآن ليس أن القرآن محرف أو غير محرف، في الوقت المناسب عندما أقف على هذه المسألة يتضح أن ما يقولونه في الفضائيات من الكلمات التي في الأعم الأغلب مدلسة ولا واقع لها سيتضح كذب دعوى ما ينسبونه إلى مدرسة أهل البيت، أما ما قرأته من رواية أو روايتين في أصول الكافي، نحن لا ندعي أن كل ما ورد في أصول الكافي صحيح عندنا كما أنتم تدعون أن كل ما ورد في صحيح البخاري صحيح. أي رواية نقلتها من الطبري أيدتها وصدقتها بالعلامة الألباني وصحح تلك الرواية، بل أيدتها وسددتها بتصحيح البخاري، وبصحيح مسلم وبالعلامة الألباني. إذن لا تحاول أخي العزيز، أنا في المقدمة وجدت أنك تبحث بحثاً علمياً وكنت أتوقع أنت إذا عندك كلام على هذه الاستشهادات التي ذكرتها، أما ما ذكرته أنه أساساً لماذا لا نستشهد بالقرآن، إلا إذا جنابك تعتقد أن معاوية اسمه في القرآن ونحن لا نعلم، أنا أتكلم عن النهج الاموي والنهج الأموي في اعتقادنا هم الشجرة الملعونة في القرآن، وفي الوقت المناسب إنشاء الله سأذكر بالمصادر التي تثبت أن بني أمية أو البيت الأموي هم الشجرة الملعونة في القرآن، وأما ما قلته أنك عشت ستين عاماً ولم تجد سنياً لا يحب أهل البيت، هذا الذي نحن نقوله، ولكن نحن كلامنا مع أولئك الذين يترضون على من قتل أهل البيت، أنت إذا واقعاً كانت عندك الجرأة والشجاعة الكافية أن تقول نحن لا نقبل وندين ونرفض، بل نتهم ونتبرأ من كل من قتل أهل البيت، وسبى نسائهم وذراريهم، ولعنهم على المنابر، وسبهم وإقصاهم، تجرأ وقل، إذا كانت عندك الشجاعة الكافية أخي العزيز قل هذا الكلام، لماذا لا تقولون هذا الكلام، تطالبون من مدرسة أهل البيت إذا كانت هناك رواية هنا وهناك من كتبهم أن يتبرأوا منها أنتم أيضاً تبروأ من خصوم ممن أنتم تدعون أنكم تحبونهم وهم أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام.
أنا بودي في المرة القادمة إنشاء الله تعالى إذا صارت لك مداخلة أن يكون في موضوع البحث لا يكون متناثراً ذهاباً وإياباً.
المقدم: وخلاصة ما بحثه السيد في حلقة اليوم هو أنه هناك ثلاث اتجاهات لابد من التمييز بينها، اتجاه كان مع أهل البيت يعتقد بإمامتهم وعصمتهم، وأنهم الخلفاء الشرعيون بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد نص عليهم ونصبوا بأمر إلهي (الله أعلم حيث يجعل رسالته) وهم المعروفون بشيعة أهل البيت، أو أتباع مدرسة أهل البيت، وهناك اتجاه يحفظ لأهل البيت عليهم السلام مكانتهم وفضائلهم ومناقبهم بل حتى يفضلونهم على كثير من الصحابة في بعض الأحيان، ولكنه لا يقول بعصمتهم ولا بالنص عليهم، بل يقول بشرعية خلافة الخلفاء السابقين لعلي عليه السلام، أما الاتجاه الثالث وهو الاتجاه الأموي وقد حاول ويحاول بكل ما أوتي من قوة إقصاء أهل البيت عليهم السلام وإبعادهم عن الساحة وتضعيف كل من مال إليهم بحب أو تشيع، وأما من أبغض معاوية وسائر خصوم أهل البيت فهو رافضي، فهو بغيض، فهو لا يوثق ولا تقبل روايته، وهناك محاور أخرى تناولها سماحة السيد.
أشكركم مشاهدينا الكرام، كما أشكر سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، ملتقانا وإياكم في الأسبوع القادم، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.