سلسلة حلقات من برنامج - مطارحات في العقيدة - على قناة الكوثر الفضائية
22/08/2010
المُقدِّم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. السلام عليكم مشاهدينا الكرام مشاهدي قناة الكوثر الفضائية ورحمة الله تعالى وبركاته، هذا موعدكم مع حلقة جديدة من برنامج مطارحات في العقيدة، عنوان حلقة الليلة هو: (خصائص نظرية المجسمة، القسم الثاني) أرحب باسمكم بضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.
سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.
المُقدِّم: سماحة السيد هل هناك تتمة لما تقدم في الحلقة السابقة.
سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ذكرنا في الحلقة السابقة أن ابن تيمية ومن يتبعه في خطه العقدي والفكري ومن يقلده في هذا المجال حاولوا أن يتهموا كل من لم يؤمن بمبانيهم العقدية في التوحيد أنهم من المبتدعة، يعني هم أسسوا أساساً في توحيد الصفات والأسماء وهذا التوحيد لا أقل أن عدد كبير من علماء المسلمين قالوا أن هذا التوجيه وأن هذا البناء وأن هذا التصوير وأن هذه القراءة إذا أردنا أن نتكلم بلغة عصرية أن هذه القراءة والتوجيه والتفسير لروايات الأسماء والصفات لا تؤدي إلا إلى التجسيم والتشبيه قالوا لا محيص عن ذلك. ولكن مع الأسف الشديد أن ابن تيمية ومن هو على شاكلته من أتباعه وأتباع محمد بن عبد الوهاب حاولوا أن يقولوا أولاً أن هذه هي نظرية أهل السنة والجماعة وثانياً اتهموا الآخرين أنهم أهل البدعة كما قرأنا بل أنهم كفار بل أنهم مرتدون عن الإسلام كما قرأنا عباراتهم فيما سبق.
وهنا لابد أن أبين هذه الحقيقة، هذه التهمة لم يوجهوها إلى الأشاعرة فقط بل شملوا بها الأشاعرة والماتردية والمعتزلة والصوفية وكل من لم يقبل نظريتهم سمي عندهم من أهل البدعة وأنهم كفار وأنه مرتدون. والقضية الخطيرة أن حتى بعض من هم يعدون مقتربين ويقتربون بشكل كبير من أفكار ابن تيمية ومبانيه العقدية لأنه لم يوافق ابن تيمية وخطه الفكري في توحيد الأسماء والصفات أيضاً قالوا أنه ليس من أهل السنة والجماعة، من أتباعهم، مرة يتهمون الأشاعرة نقول بأن الاشاعرة مدرسة أخرى، ومرة لا، أولئك الذين اقتربوا بشكل كبير من مباني ابن تيمية وأنا أتذكر أن المشاهد الكريم يعرف أننا ذكرنا في المطارحات في أبحاث سابقة أن ابن حجر العسقلاني صاحب فتح الباري في شرح البخاري هذا الرجل قريب جداً من مباني ابن تيمية، ولكن لأن العسقلاني لم يوافق ابن تيمية أو أتباع ابن تيمية في بعض الصفات والأسماء أيضاً اتهم بأنه من أهل البدعة وبأنه خرج عن السنة والجماعة. ماذا قال؟ على سبيل المثال وإلا الموارد كثيرة كما يتذكر المشاهد الكريم وهو في كتاب (التنبيه على المخالفات العقدية في فتح الباري، ج3، ص584) كتبه علي بن عبد العزيز بن علي الشبل، وهنا بودي أن أشير أن هذه الطبعة الموجودة وهي الطبعة التي أشرت إليها (فتح الباري شرح صحيح البخاري) طبعة دار السلام في الرياض، هذه الحواشي كلها موجودة هنا، فلذا من يوجد عنده فتح الباري شرح صحيح البخاري طبعة دار السلام، كل الذي هنا موجود موجود في حواشي هذا الكتاب، ولهذا يقول: طبعة جديدة منقحة ومقابلة على طبعة بولاق والطبعة الأنصارية والطبعة السلفية التي عنى بإخراجها سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، وقام بإكمال التعليقات بتكليف وإشراف من سماحته تلميذه علي بن عبد العزيز الشبل صاحب هذا الكتاب، إذن كل الحواشي الموجودة في هذا الكتاب جمعت وصارت هذا الكتاب، ورقم كتبها وأبوابها وأحاديثها الأستاذ محمد فؤاد عبد ا لباقي، مثلاً ماذا يقول الذي هؤلاء يتهمونه بمثل هذه الاتهامات، يقول: (حديث عمر هذا يرد على من قال أن الحجر يمين الله في الأرض يصافح به عباده ومعاذ الله أن يكون لله جارحة) يعني حتى لو كان له يد لابد أن نفهم اليد بالنحو الذي ينسجم مع كماله، لا أن تكون جارحة (ومعاذ الله أن يكون لله جارحة) ويعلق عليه تلميذ ابن باز ووافقه ابن باز (نفي الجارحة عن الله من النفي المجمل الذي لم يرد به دليل شرعي) يعني ليس من حقك أن تنفي، لماذا؟ يقول (والاستفصال فيه) يعني التفصيل (إن كان المراد بالجارحة كما للمخلوق نعم، وإن كان المراد بنفي الجارحة نفي اليد عن الله فكلام باطل) الله له يد حقيقة. إذا كان الأمر كذلك لهذا السبب قيل عنه أنه خرج عن السنة والجماعة، مثلاً في مسألة التبرك بقبور الصالحين خالف فيها ابن تيمية، إذن كل هذه جمعوها فصار خارجاً عن السنة والجماعة. هذا هو النهج الذي يسير عليه ابن تيمية وأتباع ابن تيمية ومقلدي ابن تيمية، يعني المدرسة السلفية المحدثة يعني أتباع محمد بن عبد الوهاب، هؤلاء الآن من يخالفهم في شيء يخرج عن السنة والجماعة ويكون مرتداً وكافراً وأهل بدعة وأهل شرك، كما قرأنا فيما سبق.
ولهذا أنتم تجدون لمثل هذه الأمور التي اختلف فيها ابن حجر العسقلاني مع ابن تيمية انظروا ما هي الاستفتاءات التي استفتي بها أمثال ابن باز (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، ج28، ص47) ابن باز، جمع وترتيب وإشراف الدكتور محمد بن سعد الشويعر، دار أصداء المجتمع، لمثل هذه الأمور التي خالف فيها ابن تيمية انظروا إلى (السؤال الرابع: سائل يقول هناك من يحذر من كتب الإمام النووي وابن حجر ويقول إنهما ليسا من أهل السنة والجماعة فما الصحيح في ذلك؟) لماذا صارا ليسا من أهل السنة والجماعة لأنهما خالفا في توحيد الأسماء والصفات يعني في التشبيه والتجسيم فخرجوا من أهل السنة والجماعة. يقول في الجواب (لهم أشياء غلطوا فيها في الصفات ابن حجر والنووي وجماعة آخرون لهم أشياء غلطوا فيها ليسوا فيها من أهل السنة وهم من أهل السنة فيما سلموا فيه ولم يحرفوه هم وأمثالهم ممن غلط) إذن إذا وافقتني فأنت من أهل السنة وإن خالفتني فأنت من أهل البدعة والشرك والكفر وإن كانت ابن حجر، فضلاً عن أتباع مدرسة أهل البيت، هؤلاء من الأصل ليس لهم دين بل لهم دين آخر.
أنا اريد أن أبين النهج الذي يحكم فكر هؤلاء السلفية المحدثين والقدامى منهم، في كتاب (الأجوبة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة، ص200) من إجابات معالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان عبد الله الفوزان، جمع وتعليق وتخريج جمال بن فريحان الحارثي، طبعة جديدة، دار المنهاج، الطبعة الثالثة سنة 1424هـ، في المملكة العربية السعودية، طبعاً هنا السؤال يتوسع لا يختص بابن حجر وإنما مجموعة من علماء الإسلام يكونون خارجين عن أهل السنة والجماعة. (بعض الناس يبدع بعض الأئمة) يعني يجعلهم من أهل البدع (يبدع بعض الأئمة كابن حجر والنووي وابن حزم والشوكاني والبيهقي فهل قولهم هذا صحيح؟) أن هؤلاء أهل بدعة. الجواب يقول بأنه هؤلاء كانوا أصحاب علم كثير ولا ينبغي أن كذا، يحاول أن لا يجيب ولكنه في التعليقة التي هي لجمال بن فريحان الحارثي جاء الجواب صريحاً، يقول: (لقد نبتت نابتة تدعي السلفية ... فأصبح همهم التنقيب عن هفوات الأئمة الكبار ... نعم، لقد وقع ابن حجر والنووي في بعض أخطاء الأشعرية ونبه على ذلك العلماء وتعليقات الإمام ابن باز على فتح الباري معروفة مشهورة ولكن لا نجعل من هذه الأخطاء مجالاً للتشهير بهم وابتداء المجالس بذمهم) إذن تبين أن بعض السلفية كانوا يبدأون المجالس بذم أهل البدعة أمثال ابن حجر والنووي وابن حزم والشوكاني والبيهقي لأنهم لم يتفقوا مع ابن تيمية في مسألة الصفات. قال: (مع أنهم لم يكن ديدنهم البدعة بل أنهم نصروا السنة وحققوا ... ومع هذا فإننا نقول وسبق أن قلنا إن الخطأ والمخالفة لا يسكت عنها بل تبين حسب مقتضى الحال والمقام) ثم يذكر جملة بودي أن يلتفت إليها المشاهد الكريم، هل يترحم على هؤلاء الذين هم أهل البدعة ولو بقدر الأسماء والصفات؟ يقول: (ومع هذا فإن الترحم على أهل البدع جائز) يعني الترحم على هؤلاء جائز وإن كانوا من أهل البدع. (ما داموا في دائرة الإسلام ولا دليل على المنع) عندما تصل القضية إلى ابن حجر يقول حتى لو كان من أهل البدع يترحم عليه، وأما عندما تصل القضية إلى أتباع أهل البيت بمجرد أن يتهموا بأهل البدع فلا يترحم عليهم بل يتهمون بكل شيء. أنا أقرأ من أحد كبار علمائهم.
ويا ليت أن القضية وقفت عند هذا الحد، بودي أن المشاهد الكريم يلتفت، الجميع يعلم أن العلامة شعيب الأرنؤوط من كبار علماء السلفية المحدثين، ولكن في مسألة الصفات في بعض الموارد لم يتفق مع ابن تيمية وأتباع ابن تيمية وإنما وافق الإمام النووي لا أنه خالف، بل وافق الإمام النووي، أيضاً أتهم بألف اتهام من هؤلاء السلفية، (استدراك وتعقيب على الشيخ شعيب الأرنؤوط في تأويله بعض أحاديث الصفات) بقلم خالد بن عبد الرحمن بن عمد الشايع، قرأه وعلق عليه سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز، المفتي العام للمملكة العربية السعودية، يقول في مقدمة هذا الكتاب عنه في (ص9): (إن الشيخ شعيب الأرنؤوط قد قرر في بعض تعليقاته عقيدة الأشاعرة في باب الأسماء والصفات وبهذا خرج ...) كما في مضمون كلامه عن أهل السنة والجماعة (إنني في هذه الرسالة لم أرد الاستقصاء بذكر جميع تلك الأخطاء) يعني ما ذكرناه هنا وأنت عندما تتابع هذا الكتاب تجد أنه لم يفعل شيئاً إلا أنه خالف ابن تيمية في بعض موارد الصفات. ويا ليت أن القضية وقفت عند هذا الحد، نجد أن العلامة الألباني الذي هو من السلفية المحدثة، أنا واقعاً هنا لا أعلم ماذا أعلم على هذا الكلام الذي سأقرأه للمشاهد الكريم، أيها العلامة الألباني، يا علماء السلفية المحدثين، يا أتباع ابن تيمية، يا أتباع محمد بن عبد الوهاب إن كنتم تقبلون أن تسموا بأتباعه، افترضوا أنكم وصلتم إلى نظرية في الأسماء والصفات وأن علماء آخرين من كبار علماء المسلمين وصلوا إلى نظرية أخرى لماذا الاتهام بالتبديع وأنهم أهل البدعة، لماذا الاتهام بالكفر والردة عن الإسلام، وماذا فعل الألباني، الألباني يقول إن راعية غنم في صدر الإسلام تعرف التوحيد وكبار شيوخ الأزهر لا يعرفون ذلك. قد يقول قائل: واقعاً أن الألباني هكذا يتعامل مع كبار علماء الأزهر، هنا قبل أن أقرأ العبارة للمشاهد هنا يتضح أن المدرسة السلفية ومدرسة ابن تيمية وأن الاتجاه الذي يسير عليه ابن تيمية ليس هو اتجاه أهل السنة والجماعة، وإلا هل يوجد شك أن مدرسة الأزهر وعلماء الأزهر واقعاً هم من أهل السنة والجماعة، لا يوجد شك في ذلك، ومن يمثل أهل السنة والجماعة غير كبار علماء الأزهر، الذين لهم ذلك التأريخ الطويل وتلك الزعامة والريادة للعالم الإسلامي والجميع يعلم مواقفهم وآرائهم وعلمهم وفضلهم، ولكن عند العلامة الألباني راعية غنم في صدر الإسلام أعلم من علماء الأزهر. لا يعرفون التوحيد. يا ريت لا تعلم أمور ليست مهمة وإنما لا تعلم أصل التوحيد. وهؤلاء لا يعرفون.
أين قال هذا الكلام؟ بودي أن المشاهد الكريم يلتفت، (سلسلة قضايا عقدية، التوحيد أولاً يا دعاة الإسلام، ص22) للعلامة محمد ناصر الدين الألباني، دار الفضيلة، دار الهدي النبوي، المطبوع سنة 1420هـ، الطبعة الأولى، قال: (ويقرب هذا حديث الجارية وهي راعية غنم وهو مشهور معروف وإنما أذكر الشاهد من الحديث حينما سألها رسول الله أين الله، قالت له: في السماء. لو سألت اليوم كبار شيوخ الأزهر مثلاً أين الله لقالوا لك في كل مكان) هذه هي الحلولية التي حكم عليها الشيخ ابن باز وغيره في اللجنة الدائم أن هذا هو الكفر والارتداد، المشاهد الكريم يتذكر في (فتاوى اللجنة الدائمة، ج3) قالوا ماذا تقولون في هذا المجال وهو أنه (كيف الرد على القائلين بأن الله في كل مكان وما هو حكم قائلها) وهو ما يقوله علماء الأزهر (من اعتقد أن الله في كل مكان فهو من الحلولية فإن انقاد لما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع وإلا فهو كافر مرتد عن الإسلام) إذن كل كبار علماء الأزهر بحسب هذا المبنى مرتدون كفار، هذه فتواهم، قد يقول لي قائل: هؤلاء عندما قالوا لم يكونوا ملتفتين. ولكن هذه إذا جمعناها إلى تلك. قال: (من اعتقد أن الله في كل مكان فهو من الحلولية فإن انقاد لما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع وإلا فهو كافر مرتد عن الإسلام) الآن ارجع إلى العبارة مرة أخرى يقول (لو سألت اليوم كبار شيوخ الأزهر مثلاً أين الله لقالوا لك في كل مكان) إذن كبار علماء الأزهر يكونون من الحلولية وإذا كانوا من الحلولية فهم أهل البدعة وهم أهل الكفر وأهل الارتداد. هذا نظر الألباني.
(بينما الجارية أجابت بأنه في السماء) إذن الجارية أعلم من كبار علماء الأزهر في هذا المجال في التوحيد، في أصل الدين راعية غنم أعلم من علماء الأزهر، أيها المسلمون الذين تتبعون الأزهر الشريف وقيادة وريادة وزعامة الأزهر، وواقعاً أن لهم قيمة خاصة وريادة خاصة ومواقف عظيمة في التأريخ من يتبعهم فقد اتبع الحلولية، من يتبعهم فقد اتبع من لا يعرف أصل التوحيد.
إن قلتم: لا، ليس كذلك. إذن لماذا توزعون هذه الكتب بين المسلمين، إن قلتم لا نؤمن بهذا الكلام فلماذا تطبعون وتوزعون هذه الكتب بين المسلمين.
يقول: (بينما الجارية أجابت بأنه في السماء وأقرها النبي صلى الله عليه وآله) هذه فائدة تأريخية مفيدة، يعتقد العلامة الألباني أن تلك الجارية في زمان رسول الله كانت سلفية وأن عصر النبي كان عصر السلفية، (لأنها أجابت على الفطرة وكانت تعيش بما يمكن نسميه بتعبيرنا العصري بالسلفية لم تتلوث بأي بيئة سيئة لأنها تخرجت كما يقولون من مدرسة الرسول هذه المدرسة ...).
هذه هو عقيدة هؤلاء القوم، أنه من خالفهم في أي مفردة عقدية فيكون من أهل البدعة ومن أهل الكفر ومن أهل الارتداد.
المُقدِّم: الآن تفضلتم وبينتم موقف ابن تيمية وأتباع ابن تيمية ولكن قضية اتهام ابن تيمية بالتجسيم والتشبيه هل وقعت بعد عصره يعني بعد وفاته بقرن أو أكثر أم لا أنها عرفت في حياته وزمانه أنه كان معروفاً بالتشبيه والتجسيم.
سماحة السيد كمال الحيدري: في الواقع بأن البعض يحاول أن يوهم الآخرين بأنه ابن تيمية في زمانه كان رافعاً لراية التوحيد الحق وأنه كان إماماً لأهل السنة والجماعة ولكنه عندما نرجع إلى تأريخ هذا الرجل نجد أنه في زمانه كان متهماً بالتجسيم والتشبيه وسجن على هذا الأساس، لم يسجن لقضايا سياسية وإنما سجن لأمور عقدية مرتبطة بالتوحيد وأنه من المجسمة والمشبهة. يعني بعبارة أخرى أنا أريد أن أصل إلى هذه النتيجة وهو أنه لا أتصور أنه كان علماء المسلمين يعادون ابن تيمية، لماذا؟ إذن إذا لم يكن يروا من أفكار ابن تيمية ما يدل على انحرافه في مسائل التوحيد وفي مسائل التوسل وفي مسائل التبرك ونحو ذلك في مسائل الزيارة للرسول الأعظم لما قالوا ذلك الكلام الذي قرأناه بالأمس من ابن حجر الهيتمي من ان هذا الإنسان أساساً كان منحرفاً.
أشير إلى مصدر أو مصدرين في هذا المجال.
في (تأريخ أبي الفداء المسمى المختصر في أخبار البشر، ج2، ص392) تأليف الملك المؤيد شاهنشاه بن أيوب المتوفى سنة 732هـ، علق عليه ووضع حواشيه محمود ديوب، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان. قبل أن أقرأ ما ورد في هذا الكتاب، أريد أن أقرأ ترجمة صاحب الكتاب، ترجمته كما ورد في (شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ج8، ص172) لابن العماد الحنبلي الدمشقي عبد القادر الأرنؤوط، محمود الأرنؤوط، دار ابن كثير، دمشق، بيروت. قال: (وفيها صاحب حماة الملك المؤيد عماد الدين إسماعيل شاهنشاه أيوب العالم العلامة المفنن، الشافعي السلطان، وذكر له الاسنوي في طبقاته ترجمة عظيمة، وقال: كان جامعاً لاشتات العلوم، اعجوبة من أعاجيب الدنيا، ماهراً في الفقه والتفسير والنحو وعلم الميقات والفلسفة والمنطق والطب والعروض والتأريخ وغير ذلك من العلوم، شاعراً ماهراً كريماً إلى الغاية، صنف في كل علم تصنيفاً أو تصانيف) المشاهد الكريم بودي أن يلتفت إلى هذه الحقيقة، توفي هذا الرجل سنة 732هـ، هذا معناه أنه كان معاصراً لابن تيمية، انظروا ماذا يقول عن ابن تيمية في هذا المجال، يقول: (وفيها) أي في سنة 706هـ (وفيها استدعي تقي الدين أحمد بن تيمية من دمشق إلى مصر وعقد له مجلس وأمسك وأودع الاعتقال) لماذا؟ هل لجهاده أم لأمور سياسية كما يحاول البعض أن يوهم المسلمين، الجواب: كلا. (وأودع الاعتقال بسبب عقيدته فإنه كان يقول بالتجسيم). إذن القضية كانت واضحة في زمانه فضلاً عن بعد ذلك، هذا من القدامى، يعني من هو معاصر له وهو (تاريخ أبي الفداء المسمى المختصر في أخبار البشر).
وكذلك من المعاصرين ورد في كتاب لأحد العلماء الكبار من مدرسة الأزهر وهو (تأريخ المذاهب الإسلامية في السياسة والعقائد وتأريخ المذاهب الفقهية، ص182، رقم الفقرة 244) الإمام محمد أبو زهرة، دار الفكر العربي، قال: (وعلى ذلك يقرر ابن تيمية أن مذهب السلف هو مذهب كل ما جاء في القرآن الكريم من فوقية وتحتية واستواء على العرش ووجه ويد ومحبة وبغض وما جاء في السنة من ذلك أيضاً من غير تأويل وبالظاهر الحرفي) الظاهر الحرفي لهذه الآيات والروايات يلتزم بها. يعني عندما يقول ينزل يعني ينزل بالمعنى اللغوي. ولكنه هنا الإمام محمد أبو زهرة يقول كان يلتزم بالمعنى الحرفي واللغوي للآية، ثم يسأل هذا السؤال وهو سؤال مهم (فهل هذا هو مذهب السلف حقاً) حتى نقول أن هذه هي نظرية أهل السنة والجماعة (ونقول في الإجابة عن ذلك لقد سبقه بهذا الحنابلة في القرن الرابع الهجري كما بينّا وادعوا أن ذلك مذهب السلف وناقشهم العلماء في ذلك الوقت) قالوا أن هذا ليس مذهب السلف وليس هذا مذهب أهل السنة والجماعة (وأثبتوا) العلماء (وأثبتوا أنه يؤدي إلى التشبيه والجسمية لا محال) هذه النظرية وهذا الاتجاه يؤدي إلى التشبيه، ولذا أنا ذكرت مراراً أنه لابد أن نميز بين منهج ابن تيمية ومنه الصحابة وأهل السنة والجماعة، لأن أهل السنة والجماعة لا يقولون بالتجسيم والتشبيه ونحو ذلك، (وناقشهم العلماء في ذلك الوقت وأثبتوا أنه يؤدي إلى التشبيه والتجسيم وكيف لا يؤدي إليهما والإشارة الحسية إليه جائزة) يقول الإمام محمد أبو زهرة كيف يعقل أنه لا يؤدي إلى التجسيم والتشبيه وأنتم تقولون أنه في مكان ويمكن الإشارة إليه، هذا ربنا وهذا إلهنا. ولذا أنتم تجدون بأنه إن شاء الله عندما نأتي إلى روايات البخاري أساساً، الرواية تقول في صحيحة البخاري إن الله كان معهم وهم كانوا ينتظرونه ثم الله عرف نفسه وقال أنا ربكم، قالوا عجيب أنت ربنا، تبين أنه لو كان له وجه لا كالوجوه لكان متميز فتبين أن وجهه كباقي الوجوه، وهذا إن شاء الله سيأتي في صحيح البخاري وسأقف عنده مفصلاً أن هؤلاء بألسنتهم يلقلقون ويقولون وجه لا كالوجوه، صورة لا كالصور، جسم لا كالأجسام، ولكن من جهة، لأن حبل الكذب، ولكن من جهة أخرى يقولون أن الله سبحانه وتعالى معهم ينتظر أهل المحشر المسلمون وغيرهم أين ربنا، إلى أن يعرفهم ويقول أنا ربكم معكم ولا تعرفوني. هذا معناه أنه لا يختلف عنهم لا في الطول ولا في العرض، بل هو أحد الآدميين.
ولذا أنا بالأمس عندما أتصل الأخ العزيز عبد العزيز قال بأنه أساساً الصورة وأنت لم تجبني، من هذا الكلام الذي أنا لا أتصور أن المنطق العلمي لا يستدعي هذه الكلمات، لأن وجدت فيه رجلاً من أهل العلم فينبغي أن يبتدع عن منطق أهل الجهل، أعده إن شاء الله تعالى عندما نصل إلى بحث الصورة سنقف مفصلاً هناك، وأن ما يقولونه من أنه وجه لا كالوجوه وجسم لا كالأجسام ويد لا كالأيادي وغيرها هذا يلتزمون به أو يصححون روايات البخاري التي تقول أن صورته كصورهم ووجهه كوجوههم، سيأتي بحث هذا.
المهم يقول (وناقشهم العلماء وكيف لا يؤدي إليهما والإشارة الحسية إليه جائزة عندهم). إذن دعوى أن هذه النظرية هي نظرية أهل السنة والجماعة وهي نظرية السلف وهي نظرية أئمة السلف هؤلاء نجد كبار علماء المسلمين لا يوافقون على ذلك.
المُقدِّم: الظاهر سماحة السيد أن هناك محاولات حاول بها أصحاب نظرية التجسيم والتشبيه الدفاع بها عن أنفسهم ما هي أهم هذه المحاولات؟
سماحة السيد كمال الحيدري: هذا يكشف لكم، والآن أقرأ المحاولات، لماذا حاولوا أن يدفعوا عن أنفسهم التجسيم، لماذا صاروا بصدد أن يدفعوا عن أنفسهم التجسيم والتشبيه إذا لم يكن في كلامهم ما يشتبه فيه أنهم مجسمة لماذا يدافعون عن أنفسهم، لماذا أن الأشاعرة لم يدافعوا عن أنفسهم، لماذا أن المعتزلة لم يدافعوا عن أنفسهم، لماذا أن الصوفية والإمامية لم يدافعوا عن أنفسهم ولم يحتاجوا إلى ذلك، باعتبار أن ما يقولونه لا توجد فيه رائحة التجسيم ولا توجد فيه رائحة التشبيه ولا يوجد فيه رائدة الآدمية عند ذلك لا يحتاجون، أما أنتم كتبتم عشرات الكتب بل قلتم أنتم أهل التشبيه والتجسيم هذا كلامكم.
المحاولة الأولى وقد تقدم الكلام عنها، قلتم جسم لا كالأجسام، هذا تخلصاً عن ماذا، لأنكم أتُهمتم بالتجسيم فقلتم جسم لا كالأجسام وقد أجبنا عليه بالأمس، وهنا أشير فقط إليه، نحن قلنا أنت عندما تقول جسم لا كالأجسام تريد أن تنفي عن الله الجسمية أو تريد أن تنفي عن الله أنه لا يشابهه جسم وإن كان جسماً، أي منهما؟ هذه هي المغالطة التي يستعملها بعض أهل الجهل عندهم، أو بعض أهل العلم الذين لا يلتفتون وليسوا من أهل الدقة والتدبر وواقعاً ليسوا من أهل العلم، أنتم عندما تقولون أن الله جسم لا كالأجسام هذا بقولكم (لا كالأجسام) تريدون أن تنفوا الشبه فقط أو تريدون أن تنفوا أصل الجسمية أي منهما؟ فإن قالوا نريد أن ننفي أصل الجسمية قولوا أنه ليس بجسم، لماذا تقولون أنه جسم لا كالأجسام، المشاهد الكريم بودي أن يدقق، إذا كنتم بصدد نفي الجسمية عن الله لماذا تقولون جسم لا كالأجسام، وبتعبير المناطقة تجعلوها سالبة بانتفاء المحمول قولوا ليس بجسم وهذا ما سنقرئه لكم مفصلاً من كلمات أهل البيت عليهم السلام، أئمة أهل البيت يقولون ليس بجسم، لا يقولون جسم كالأجسام. يقولون ليس بجسم، أما أنتم تقولون جسم لا كالأجسام، يعني تثبتون أصل الجسمية وتنفون أنه شبه هذه الأجسام. نعم، هذا الجسم لا يشبه هذا الجسم، هذا جسم وهذا جسم آخر ولكن كلاهما جسم، أصل الجسمية وخصائصها ثابتة، وهذا ما يصرحون به يعني هم يصرحون نحن عندما نقول الله جسم نريد اللفظ ونريد المعنى، نريد اللفظ ونريد المعنى، يعني لا يقولون أنه فقط يطلق عليه لفظ الجسم، مقصودهم يطلق عليه لفظ الجسم ومعنى الجسم أيضاً، يعني له خصائص الجسمية، قد يقول لي قائل: سيدنا أين يقولون هذا الكلام؟
الآن أمامي (التنبيه على المخالفات العقدية في فتح الباري، ج13، ص501) يقول: (قال إمام الحرمين في الرسالة النظامية: اختلفت مسالك العلماء في هذه الظواهر) من قبيل استوى على العرش ومن قبيل له يد ومن قبيل له وجه (فرأى بعضهم تأويلها) وهم المؤولة (والتزم ذلك في آي الكتاب وما يصح من السنن وذهب أئمة السلف إلى الإنكفاف عن التأويل) لم يقبلوا التأويل (وإجراء الظواهر على مواردها أما وتفويض معانيها إلى الله تعالى) إذن يطلقون اللفظ ولكن يقولون أن المعنى غير مراد، بعبارة أخرى يطلقون اللفظ ويقولون المعنى غير مراد، يعني استعمل اللفظ في غير ما وضع له فيكون مجازاً، هذه نظرية السلف. هنا ماذا يقول علي بن عبد العزيز معلقاً؟ يقول: (نسبة تفويض معاني الصفات للسلف الصالح خطأ) يقول: نسبة إمام الحرمين يقول إن السلف يحتفظون باللفظ ولكن لا يريدون به المعنى فهو مجازي، ومعناه أنه يقول أسد ولكن لا يريد منه الأسد بل يريد الرجل الشجاع، يقول البحر ولا يريد البحر بل يريد العلم، هذا اللفظ محفوظ ولكنه وفوض معانيها إلى الله، يعني المعنى غير معلوم، أما هو ماذا يقول، يعني السلفية المحدثة أتباع ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب (نسبة تفويض معاني الصفات للسلف خطأ بالغ) يقول ليس الأمر كذلك هذه الألفاظ بمعانيها الموجودة في اللغة نطلقها على الله (وتجهيل للسلف وتقوّل عليهم بما لم يعتقدوه وإنما مذهبهم إثبات معاني الصفات وفهمها ومعرفتها، نعم وتفويض كيفياتها فقط إلى الله) الله له يد أو ليس له يد؟ اللغة تقول أن اليد هي الجارحة، ما معنى الوجه؟ الجارحة، هذا في اللغة، يقول الأصل في اليد الجارحة، يقول أن هذا اللفظ يستعمل في معناه ولكن لا نعرف كيفية اليد خمسة أصابع أو عشرة أصابع الكف في الوسط أو أن الكف في الأطراف، هذه الكيفية فقط مجهولة وإلا هي توجد يد. إذن هؤلاء لو لم يكونوا يعتقدون بالجسمية أو باليد أو بالوجه كانوا يقولون ليس بجسم، وليس له يد، لا أن له يد ولكن لا كالأيدي، وهنا يصرحون أن اليد لفظاً ومعنى موجود في الله سبحانه وتعالى، ولكنه يختلفون في الكيفية فقط، إذن عندما يقولون جسم لا كالأجسام، وعندما يقولون يد لا كالأيدي، وعندما يقولون رجل لا كالأرجل، وقدم لا كالأقدام، واصبع لا كالأصابع، يعني أصل الاصبعية وأصل الجسمية وأصل اليدية وأصل الرجلية موجودة ولكن لا نعرف كيفيتها فقط. وهنا خلافنا مع هؤلاء.
هذه هي المحاولة الأولى وسأشير إلى المحاولة الثانية إن وسع الوقت وإلا فسأشير إليها في الحلقة القادمة.
المُقدِّم: معنا الأخ محمد من موريتانيا، تفضلوا.
الأخ محمد: السلام عليكم.
المُقدِّم: سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ محمد: أقبل عمامة السيد الجليل، بما يتعلق بان تيمية فنحن هنا في المغرب العربي لا نعتمده ولا نأخذ من مدرسته لأننا نعلم أنه أخطأ كثيراً فيما يتعلق بأهل البيت وأنه من جانب معاوية من أبي سفيان ولذلك لا نحبه، ويفضلون أبا بكر على سيدنا علي بن أبي طالب، فكل هذا من أخطائه الكثيرة جداً، الآن يسألون من أهل السنة فهم الشيعة نحن شيعيون نحب أهل البيت ومن أهل البيت ونقلدهم في كل شيء ونعتمد الحديث الصحيح الوارد عنهم، ولا نبدل بهم شيئاً ونحن منهم والكلام الذي يقول أن الشيعة كذا وكذا كل هذا كذب وقد برهنوا على صحة إيمانهم وموقفهم الجلي ضد امريكا وضد المستكبرين الكفرة وضد إسرائيل. هذا لا أحد ينكره. حكام مصر وحكام السعودية مع الجانب الإسرائيلي مع أنهم يدعون أنه أهل الإسلام وهم أصحاب كل شيء، هذا لا يخفى على أحد.
المُقدِّم: بالنسبة لمداخلات وأسئلة الأخوة التي أوجل الجواب عنها إلى حلقات لاحقة كما هو الحال في مداخلة الأخ عبد العزيز حينما أتصل يوم أمس، وأنتم تعرفون منهج السيد كمال الحيدري بأن المداخلات لابد أن تكون مختصة بمحل البحث لكي لا يتشتت البحث، وإلا فالقضية ليست قضية تهرب، ومع ذلك نحن نجل سماحة الشيخ عبد العزيز ومداخلات سائر الأخوة سيما العلماء منهم.
المُقدِّم: معنا الأخ أحمد من السعودية، تفضلوا.
الأخ أحمد: السلام عليكم.
المُقدِّم: سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أحمد: عندي مداخلة فيها دعوى للمنصفين من أبناء السنة والجماعة، موضوع هذه الحلقات هو التوحيد ومن المناسب أن نشير إلى دعاء عرفة للإمام الحسين عليه السلام، هذا التراث العظيم المشتمل على كنوز توحيدية، هذا الدعاء الذي يقرأه كل شيعي يوم عرفة ويؤكدون على توحيدهم لله، هذا التوحيد الخالص، لا كما يصفهم ابن تيمية بالمشركين، هذه دعوة لهم ولجميع المسلمين أن يطلعوا على هذا الدعاء الوارد عن عدل القرآن الكريم العترة الطاهرة ليتضح للجميع من هو الذي على التوحيد الخالص، ومن هو الذي يحمل عقيدة باطلة في توحيده لله سبحانه وتعالى، كما يبين سماحة السيد كمال الحيدري، وفي ختام هذه المداخلة أشير إلى مقطع من هذا الدعاء، يقول الإمام الحسين عليه السلام: إلهي كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك، أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك، متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك، عميت عين لا تراك عليها رقيب.
المُقدِّم: معنا الأخ عبد الله من فرنسا، تفضلوا.
الأخ عبد الله: السلام عليكم.
المُقدِّم: سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ عبد الله: عندي مداخلة قصيرة، ابن تيمية قد نفى أن يكون الله جسداً، ولكن أثبت له الجسمية، يعني لما ثبت له الجسمية، ما الفرق، نريد أن يبين الفرق بين الجسد والجسم هنا كما ثبت بهذه الطريقة، ونضع النقاط على الحروف وشكراً.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذا البحث سيأتي في بحث الجسم.
المُقدِّم: معنا الأخ أبو عمار من السعودية، تفضلوا.
الأخ أبو عمار: السلام عليكم.
المُقدِّم: سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أبو عمار: في بداية مشاركتي أطرح سؤالاً للشيخ، الشيخ أحمد بن مشرف الإحسائي يقول: نفيتم صفات الله فالله أكمل وسبحانه عما يقول المعطل، زعمتم بأن الله ليس بمستوٍ على عرشه والاستوا ليس يجهل، فقد جاءت الأخبار في غير موضع بلفظ استوى لا غير متأول، وقد جاء في إثباته عن نبينا من الخبر المأثور ما لا يشكل. الشيخ محمد رشيد رضا وهو ليس بوهابي كما تعلمون دحض كذب الرافضي العاملي لما رمى الشيخ ابن تيمية والشيخ محمد بن عبد الوهاب بفرية التشبيه والتجسيم، فقال رحمة الله عليه: إنما ذكره من العقائد التي زعم أنهم وأمثالهم ... في التوحيد وهتكوا ستوره بإثباتهم لله صفة العلو والاستواء على العرش ... وإنما أثبتوا بها كسائر أهل السنة ما أثبته الله تعالى في كتابه المعصوم وفي سنة خاتم أنبيائه.
سماحة السيد كمال الحيدري: أخي العزيز، ماذا تفهم من الاستواء في استوى على العرش، يعني جلس، فسر لي الاستواء.
الأخ أبو عمار: نحن من عوام أهل السنة نثبت ما أثبته الله لنفسه.
سماحة السيد كمال الحيدري: يعني تفهم المعنى أو لا تفهم المعنى، أنت عندما تقرأ الآية استوى على العرش هل تفهم.
أخي العزيز أنت عندما تقول استوى على العرش وعندما تقرأ هذه الآية المباركة هل يوجد هناك معنى في ذهنك أم لا يوجد، أنت إذا كنت لا تعرف مبنى علمائك ومبنى مؤسسي مدرستك يقولون استوى يعني استقر، يعني جلس يعني قعد، نحن مشكلتنا لا مع الاستواء نحن أيضاً نعتقد أن الله استوى على العرش، ولكن لا نفهم من الاستواء الاستقرار والجلوس والقعود، ولا نفهم من (على) العلو المكاني، الآن نقول هذا على هذا، هذا الكتاب على هذا الكتاب، يعني العلو المكاني، ابن تيمية يعتقد أن الله له مكان ولذا قال من قال أن الله في كل مكان فهو حلولي كافر لأنه يعتقد أن مكانه على العرش، مشكلتنا نحن مع هذه النظرية، لا مع هذه الآية، وإلا هل يوجد عاقل وهل يوجد مسلم يستطيع أن ينكر أن الله سبحانه وتعالى استوى على العرش.
المُقدِّم: معنا الأخ عبد الله من العراق، تفضلوا.
الأخ عبد الله: السلام عليكم.
المُقدِّم: سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ عبد الله: صرت شيعي والحمد لله بفضل كمال الحيدري. شكراً على هذا البرنامج الطيب، الله يحفظه ويرحم والديه.
المُقدِّم: معنا الأخ مراد من الجزائر، تفضلوا.
الأخ مراد: السلام عليكم.
المُقدِّم: سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ مراد: أريد فقط الإشارة إلى أن مجموعة من علماء أهل السنة وخاصة الصوفية لهم في كتاب التوحيد أبواب خاصة في هذا الجانب، وقد لاحظت أن سماحة السيد كمال الحيدري يقول: إن هذا من اختصاص أهل البيت فقط.
المُقدِّم: قال السيد، السلفيون أو أتباع ابن تيمية يجعلون الصوفية والأشاعرة والماتردية والإمامية كلهم في صف واحد خارجون عن الدين.
سماحة السيد كمال الحيدري: أخي العزيز أنا معتقد أن الكثير من مباني الصوفية صحيحة وسنشير إليها لاحقاً إن شاء.
المُقدِّم: سماحة السيد كنتم تودون أن تذكروا المحاولة الثانية، تفضلوا.
سماحة السيد كمال الحيدري: المحاولة الثانية التي حاولها هؤلاء، أقرر هذه المحاولة وسأترك جوابها إلى الحلقة القادمة. المحاولة الثانية، هؤلاء عندما اتهموا بالتجسيم والتشبيه قالوا نقول أن هذه الصفات تجري بظاهرها اللفظي واللغوي والمعنوي على الله ولكن جعلوا بعد ذلك قالوا بلا تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل ولا تأويل ولا تعريف. طبعاً هذه جمعت في المحاولة الأولى قيل جسم لا كالأجسام، بلا تشبيه بلا تعطيل بلا تمثيل بلا تكييف بلا تحريف. إن شاء الله سأبين ما هو مرادهم من هذه الاصطلاحات.
أين صرحوا بهذا، كلماتهم كثيرة في هذا المجال، من هذه الموارد ما ورد في كتاب (شرح الاصبهانية، ص34) هو شرح عقيدة مختصرة لأبي عبد الله محمد بن محمود بن محمد بن عباد العجلي الاصبهاني الأشعري المتوفى 688هـ، تأليف شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية المتوفى 728هـ، تحقيق محمد بن عودة السعوي، مكتبة دار المنهاج ودار جودة للنشر والتوزيع. يقول: (فالذي اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها أن يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل) العبارة واضحة. هذا المورد الأول.
المورد الثاني ما ورد في كتاب (مجموعة الفتاوى، المجلد 2، ج4، ص10) لابن تيمية، دار الوفاء، يقول: (فمذهب السلف إثبات الصفات وإجراءها على ظاهرها) ظاهرها يعني معانيها الأصلية، يعني عندما نقول جسم نريد به ما يطلق عليه لغة، عندما نقول اليد نريد اليد التي في اللغة هذا هو الظاهر (ونفي الكيفية عنها لأن الكلام .... من غير تكييف...) هذا المورد الثاني.
المورد الثالث ما ورد في (مجموع الفتاوى) لابن باز بنفس هذا البيان الذي أشرنا إليها، يقول: (والواجب على المسلم أن يسلك في هذه الآيات وما في معناها من الأحاديث الصحيحة الدالة على أسماء الله وصفاته مسلك أهل السنة والجماعة) وقد ناقشنا هذا فيما سبق (وهو الإيمان بها واعتقاد صحة ما دلت عليه وإثباته له سبحانه على الوجه اللائق من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل) أنا بودي أن المشاهد الكريم يحفظ هذه الاصطلاحات الأربعة. وفي موارد أخرى متعددة أشاروا إلى هذا المعنى.
ومنها في كتاب (فتاوى اللجنة الدائمة) المهم عندي هذه العبارة، يقول: (بل يثبتون لله ما دلت عليه حقيقة) لا مجازاً بل حقيقة، يعني عندما نقول يد له يد حقيقة التي يراد منها في اللغة، إذا قيل يراد منها يد لا في اللغة فهذا يلزم المجاز والتأويل لأن القرآن نزل بلسان عربي مبين، يقول (ولا شك أن الحق مع السلف ومن تبعهم في إثبات معاني النصوص حقيقة من غير تكييف ولا تمثيل له بخلقه ولا تأويل ولا تعطيل لأن الأصل الحقيقة) يعني عندما يستعمل القرآن اللفظ يريد المعنى الحقيقي، عندما يقول يد يريد المعنى الحقيقي لليد، يقول: (الأصل الحقيقة ولا دليل على العدول عنها).
الغريب أن كل هؤلاء يقولون لا تمثيل ولا تكييف، ولكن لا أحد منهم يقول ولا تجسيم، عجيب، التفتوا جيداً، إذا تنفون عنهم كل شيء لماذا لا تقولون لا تجسيم، هذا يكشف لك بالملازمة إما أنهم قائلون بالجسمية وإما أنهم لا يقولون أنه يكون جسماً، ولذا العلامة صالح العثيمين قال: فليكن ذلك. لا محذور فيه. سيأتي جواب هذه المحاولة في الحلقة القادمة.
المُقدِّم: شكراًٍ لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، شكراً لكم مشاهدينا الكرام، إلى اللقاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.