الحسينيّة مصطلح معروف لدى الشيعة الإماميّة ، والحسينيّة هي قاعة تُمارس فيها الأعمال العبادية ، وتُقام فيها المناسبات الدينية من أفراح ومآتم وولائم ، وقد يكون فيها منهج شهري لتقديم المساعدات بشكل دوري للفقراء من مال أو معونة غذائية ، وبمرور الزمن أصبحت منهلاً للعلم وملتقىً للمثقفين .
وجاء اسمها من اسم الإمام الحسين (عليه السّلام) ؛ حيث إنّها تكون وقفاً للإمام الحسين (عليه السّلام) ؛ ولذلك يكون أكثر المناسبات أهميةً لدى المسؤولين عن الحسينيّة هي مناسبات شهري محرّم الحرام وصفر ، حيث قد تكون مكاناً لنوم الزائرين أو المسافرين ؛ ولأنّ اسم الحسين يدلّ على الثورة فإنّ الحكّام والسلاطين كانوا غالباً ما تُثار حفيظتهم إذا ما رأوا الشيعة يشيدون الحسينيّات .
ففي العراق كان للحسينيّات حصّة كبيرة من ظلم الطاغية المقبور بقدر ما ظُلم روادها ، حتى إنّه لم يبق أي حسينيّة في كربلاء والنجف أيّام الانتفاضة الشعبانية .
ولأن الوهابيّة مصابة بمرض عضال (اسمه الشيعة والإماميّة) ، وستكون نهايتهم بسبب مرضهم ؛ فإنّهم لايكفّون عن هدم كلّ بناية في المناطق التي يوجد فيها الشيعة في أرض نجد والحجاز يعتقدونها حسينيّة .
وبغض النظر عن الإحصائيات يشكّل الشيعة الجعفرية أغلب سكّان المنطقة الشرقية ، كما يوجد لهم جاليات كبيرة في المدينة المنوّرة ووادي فاطمة , وجاليات صغيرة في جدّة والرياض ، ويعتبر الشيعة الجعفريون أكثر الأقلّيات المذهبية مشاركة في الصراع مع الحكومة من أجل نيل حقوقهم ؛ لذا فإنّ وضعهم يتلقّى معظم الاهتمام المعطى للأقلّيات في المملكة .
المشاعر المتطرّفة المعادية للشيعة والتفرقة ضدّهم يقود أتباع الشيعة من مختلف المذاهب إلى إخفاء عقيدتهم ، فلا يعرف سكّان مدينة الرياض المحليين وجود جالية شيعية نجدية من السكّان الأصليين .
ووفقاً لمصادر وزارة الأوقاف يوجد في البلاد 37850 مسجداً تبني الحكومة غالبيتها ، كما تفرض الحكومة أن تخضع المساجد الخاصّة التي يبنيها المواطنون إلى سيطرتها ، وقد موّلت الحكومة بناء أكثر من 1600 مسجداً حول العالم بما فيها الولايات المتّحدة الأمريكية من عدد الجوامع الموجودة في أرض نجد والحجاز .
كم حصة الشيعة من هذه الجوامع ؟ ليس لهم منها جامع واحد ولا حسينيّة , حيث تعود مساجدهم الحالية إلى زمن الحكم العثماني أو إنّها تبنى سرّاً .
وليس للشيعة الجعفرية في المدينة المنوّرة أي مسجد بالرغم من كونهم أقلية لا يستهان بعددها ؛ فقد صادرت الحكومة مسجدهم ، ودمرت حسينيتهم الوحيدة منذ عشرات السنين .
تصوّر أنّهم يصادرون المسجد ويهدمون الحسينيّة ؛ لما تسبّبه من انفعال نفسي لدى الوهابيّة ، ويحتفظ الشيعة بمسجد تحت الأرض بالسرّ في الأحراش خارج المدينة , أو إنّهم يصلّون في سراديب منازلهم الخاصّة .
والديوان الملكي أصدر مرسوماً قديماً لا يسمح للشيعة ببناء جامع لهم ، حتى لو كان على نفقة الشيعة انفسهم من غير مساهمة الحكومة ، وكل مَنْ يضبط وهو يبني جامعاً أو حسينيّة يكون عرضة لسخط الحكومة وتقمتها , فنجدهم غالباً ما يأخذون رخصة لبناء دار ثمّ يتمّ تحويلها سرّاً الى مسجد ، مع وضع رقيب من الشيعة في باب المسجد ، وآخر في بداية الطريق المؤدّية للمسجد للرقابة إذا ما جاء رجال الحسبة ؛ حتى يتمّ إحراء عملية الإخفاء .
فقد تمّ إغلاق مسجد الإمام الحسين في منطقة البطالية قبل عدّة أعوام , وهذا المسجد بني باستخدام رخصة منزل .
ويذكر أنّ معظم مساجد الشيعة التي بنيت منذ تأسيس المملكة العربية السعودية تمّ بناؤها كمنازل , لكنّها حوّلت ببطء إلى مساجد .
هذا حال المساجد ، فكيف بالحسينيّات التي هي جزء من المؤسسات الدينية والاجتماعية الخاصة بالشيعة الجعفرية ؟ فهي تشبه في وظيفتها المراكز الاجتماعية ، حيث تُقام فيها الاحتفالات الدينية ، وحفلات الزواج ، ومآتم الوفيات كما أسلفت .
وقد تمّ إغلاق سبع حسينيّات في منطقة الأحساء خلال ذكرى محرّم الحرام ، منها حسينيتا القائم والمجتبى في المبرز , وحسينيّة الرسول الأعظم في البطالية , وحسينتا المرتضى والزهراء في القرن , وأخيراً حسينيّة العسكري في الأندلس ، كما تمّ إغلاق بعض المآتم المقامة في البيوت في الأحساء والجش ، كمنزل المواطن ناصر المرعي بالأحساء ، وقد تمّ حبس بعض أصحاب البيوت في إسكان الجش لعدّة أشهر بسبب إقامتهم تلك المآتم في منازلهم . (تقرير عن معهد الحقوق الدينية السعودي) .
إذا كانوا يتعاملون مع الأمكنة بهذه الصورة ، فكيف يتعاملون مع أبنائها (أبناء الحسينيّات) ؟
لقد أوقفت المباحث رجل دين شيعياً واحداً على الأقل عن العمل هذه السنة ، فقد ذكر أنّ رجل الدين الشيعي الجعفري المعروف الشيخ حسن الخويلدي (40 عاماً) أوقف عن إلقاء الخطابات في شهر محرّم الحرام ؛ بعدما ذكر في إحدى خطاباته حادثة توبيخ الحكومة لبعض المدرّسات الشيعيّات ، اللائي لبسن السواد في عاشوراء .
والجدير بالذكر أنّ لبس السواد تقليد عند نساء الشيعة في شهري محرّم الحرام وصفر .
كما تحظر النوحيات أو العزاء الذي يستخدمه الشيعة في مناسباتهم الدينية ، وقد تمّ اعتقال العديد من منشدي النوح والعزاء (الشيالين) في المنطقة الشرقية قبل أعوام .
وتشير تقارير أنّ نائب أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف يقف وراء هذه الاعتقالات .
ويُذكر أنّ الشيخ جعفر المبارك نزع عمامته الدينية عندما أُفرج عنه عام 1997 وأصبح صياداً للسمك ، وكانت التفرقة في المعاملة بين الشيعة والسنة واضحة .
وفي واقعة أخرى تمّ إعادة جثمان المؤذّن الشيعي علي الملبلب (70 عاماً) إلى أهله ، وتمّ دفنه بعد سنة من مقتله على يد الشرطة الدينية في مقرّ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مدينة الجفر ، في نوفمبر من عام 1998 .
وكانت عائلته قد كتبت إلى الأمير عبد الله ولي العهد آنذاك ، والأمير نايف وزير الداخلية ، ولكن لم يتلقّوا أي جواب .
وما فتاواهم الأخيرة التي تدعو إلى هدم ضريح الإمام الحسين (عليه السّلام) إلا خير دليل على ما ينضح منهم من حقد أسود على آل بيت الرسول الأطهار (عليهم السلام) .
مقطع صغير لشاعر لا أعرف اسمه سمعته من قارئ يقول : (يا حسين ميت وبقبرك مظلوم) فسيظهر مَنْ يرد الظلم عن أجداده وشيعته . (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَنَرَاهُ قَرِيباً)