معاوية وظاهرة وضع الحديث (ق1)
  • عنوان المقال: معاوية وظاهرة وضع الحديث (ق1)
  • الکاتب: سماحة السيد كمال الحيدري
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 22:21:55 1-10-1403

سلسلة حلقات من برنامج - مطارحات في العقيدة - على قناة الكوثر الفضائية

24/06/2010

المُقدَّم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. تحية طيبة لكم مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، هذا موعدكم مع حلقة جديدة من برنامج مطارحات في العقيدة، عنوان حلقة الليلة: (معاوية وظاهرة وضع الحديث، القسم الأول) نرحب باسمكم بضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.

سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.

المُقدَّم: بعد أن اتضح بعض مخالفات معاوية للسنة النبوية هل يمكن الإشارة إجمالاً إلى نهج الموقف الأموي من معاوية في هذا الخصوص.

سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

في الواقع قبل أن أجيب على هذا التساؤل حول موقف النهج والاتجاه الأموي من معاوية وماذا ينظر هذا الاتجاه إلى مؤسس الدولة السفيانية، بودي أن أشير إلى مقدمة وإلى مسألة وهي أنه هنا تتجلى لنا بشكل واضح أن الاتجاه الاموي لم يكن يعر أي أهمية للسنة النبوية، بدلالة وبشهادة أنه بعد كل هذه المخالفات التي صدرت من مؤسس النهج الأموي ورأس النفاق في زمانه وهو معاوية بن أبي سفيان نجد أن هؤلاء لم يتأثروا بكل ذلك، بل حاولوا أن يغطوا وحاولوا أن يوجهوا كل هذه المخالفات، ويتذكر المشاهد الكريم نحن في الحلقات السابقة أشرنا إلى بعض تلك التوجيهات الباردة والبائسة التي صدرت من اتباع النهج الأموي لتوجيه هذه المخالفات، بل وصل الأمر ببعضهم إلى أنهم قبلوا لأنفسهم أن ينتقصوا حرمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأجل حفظ كرامة معاوية، وهذا ما وجدناه واضحاً في مسألة استلحاق زياد وأنه كان على خلاف القضاء القطعي الصادر من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو ما وجدناه في حديث (لا أشبع الله بطنه) وجدنا أنهم قالوا وضعوا ذلك كما قرأنا في صحيح مسلم وغيره أن هذه في الموارد التي دعا فيها رسول الله على أناس وهم غير مستحقين للدعاء عليهم كما وردت في نصوصهم فيما سبق. هذا إن دل على شيء يدل على هذه الحقيقة وهو أن هؤلاء لم يكونوا بصدد حفظ السنة النبوية والشريعة الإسلامية كما يدعون وإنما هم كانوا بصدد حفظ كرامة معاوية وحفظ أسس الدولة الأموية حتى ولو كان على حساب الشريعة الإسلامية. هذه مقدمة.

الأمر الثاني الذي بودي أن أشير إليه وهو أنه جواباً على سؤالكم وهو أنه نحن عندما نراجع الكتابات التي كتبت في الدفاع عن معاوية خصوصاً وعن بني أمية عموماً نجد أن هناك محاولات جادة مدروسة وممنهجة لإيجاد هالة وقدسية خاصة لمعاوية، لعل هذه الهالة وهذه القدسية نحن لم نجدها حتى في الخلفاء بل لم نجدها حتى في رسول الله (صلى الله عليه وآله) أرادوا أن يعطوا لهذا الرجل وهم يعرفون لماذا؟ باعتبار أنه المؤسس للدولة السفيانية والدولة الأموية وهو المؤسس للمنهج الذي يريد القضاء على الإسلام وعلى حقيقة الإسلام التي جاء به الخاتم (صلى الله عليه وآله)، وهذا سيتضح، ومن هنا حاولوا أن يحيطوه بهذه الهالة وأن يعطوا له مجموعة من المناقب والفضائل والإمكانات يخال الإنسان أن هذه الأمور حتى لا توجد حتى للخلفاء أمثال أبي بكر وعمر وعثمان وهذا إن دل أيضاً على شيء فأنه يدل أن هؤلاء كانوا يعتقدون أن معاوية كان هو أحق بالخلافة من هؤلاء، فإن قال قائل: أيصح هذا المعنى، واقعاً هل يوجد أحد في النهج الأموي يعتقد بأن معاوية كان أحق مثلاً من عمر بن الخطاب بالخلافة. الجواب: نعم، لأن معاوية هو أول من بدأ هذه المقولة، معاوية هو أول من ادعى أنه أحق بالخلافة من عمر بن الخطاب، فما بالك بالذين جاءوا من بعده، طبعاً لم أجد تصريحاً بهذا ولكن من خلال مجموع ما قالوه عن معاوية يصل الإنسان إلى مثل هذه النتيجة. وللمشاهد الكريم أن يسأل هل يوجد نص يدعي فيه معاوية أنه أحق بالخلافة من عمر بن الخطاب وأن أصحاب النهج الأموي يسكتون ولا يتكلمون؟ الجواب: نعم، الواقع الإنسان عندما يمر على تراثهم لا يجد أي إشارة لا من قريب ولا من بعيد لهذا النص الذي ساقرأه من أهم صحاحهم. وهو أن معاوية كان يدعي أنه أحق بالخلاقة من عمر ولكن الظروف أدت إلى أن يكون عمر هو الخليفة. معاوية أدعى هذا المعنى وأتباعه ومن هم على شاكلته ومن يدافعون عنه بأسماء مختلفة تارة باسم الصحابي وتارة باسم كاتب الوحي وتارة باسم خال المؤمنين ورابعة باسم الملك المجاهد وخامسة وسادسة، هذه العناوين لا تهمني كثيراً بل ما يهمني هو عندما أرجع إلى هذا التراث لا أجد من قريب ولا من بعيد أي إشارة إلى انتقاد معاوية، كيف تدعي أنك أحق بالخلافة من أمثال عمر بن الخطاب.

أما النص الدال على هذه الحقيقة، في الواقع إن الإنسان يستغرب، ولكن لا يستغرب وليعلم أن مثل هذه النصوص موجودة في بطون مثل هذه الكتب. النص ورد في (صحيح البخاري، ج3، ص117، الرواية 4108، باب 29) طبعة المكتبة السلفية، قال: غزوة الخندق وهي الأحزاب، قال: كانت في فلان، في ذيل هذا الحديث قال: حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام عن معمر عن الزهري عن عن سالم عن بن عمر قال: وأخبرني ابن طاووس عن عكرمة عن أبن خالد عن ابن عمر، قال - ابن عمر- : دخلت على حفصة يعني دخل على اخته، قال: دخلت على حفصة قلت: قد كان من أمر الناس ما ترين، بعد ذلك سيشير الشراح يعني في وقعة صفين، أنه وقع ذلك الأمر ووقع التحكيم بعد معركة صفين. قد كان من أمر الناس ما ترين، فلم يجعل لي من الأمر شيء، يعني أنا خرجت من هذه القضية وليس لي مقام، لم أحصل على أي شيء، أيضاً مرة أخرى أفلست من الخلافة والامرة والملك، يقول: فلم يجعل لي من الامر شيء، قالت: إلحق، يعني اذهب إليهم بسرعة، إلى موقع التحكيم، فأنهم ينتظرونك وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة، فلم تدعه حتى ذهب، فلما تفرق الناس، يعني بعد أن انتهت قضية التحكيم وقام أبو موسى الأشعري بما قام وفعل عمر بن العاص ما فعل، تلك الخيانة المعروفة التي سنشير لها، فلما تفرق الناس خطب معاوية قال: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه، المتكلم عبد الله بن عمر الذي يقول لم نحصل من هذا الأمر شيء في الحاشية يقولك فليظهر نفسه ولا يخفيها، يقول: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه فلنحن أحق به منه ومن أبيه. فلنحن أحق به، أي بهذا الأمر وهو الخلافة، منه، يعني من عبد الله بن عمر، ومن أبيه، يعني عمر بن الخطاب. قد يقول قائل: لماذا تفسرون الحديث من عند أنفسكم، ما هي الشواهد على أنه ادعى معاوية وكان قصده عمر بن الخطاب في هذا المجال.

بودي أن المشاهد الكريم يقف عندي قليلاً في هذا المجال. الشرح الأول ما ورد في (عمدة القاري شرح صحيح البخاري، ج17، ص248) للإمام العلامة بدر الدين أبي محمد محمود بن أحمد العيني، المتوفى سنة 855هـ ضبطه وصححه عبد الله محمود محمد عمر، دار الكتب العلمية، قال: قوله: فلم يجعل لي على صيغة المجهول وأراد بالأمر الإمارة والملك، فلم يجعل لي من هذا الأمر شيء، يعني خرجنا من هذا الأمر وليس لنا نصيب، يعني خالفنا علياً ولم نبايع علياً واعتزلنا وزهدنا لعله يصل إلينا شيء ولكن لم يصلنا. الرواية تقول: قوله: فلما تفرق الناس، أي بعد أن اختلف الحكمان وهما أبو موسى الأشعري وكان حكماً من جهة علي وعمر بن العاص وكان حكماً من جهة معاوية وقصة التحكيم طويلة بيناها في تأريخنا الكبير والحاصل أن القوم اتفقوا على الحكمين المذكورين ثم قال عمر بن العاص لأبي موسى الأشعري قم فاعلم الناس بما اتفقنا عليه، عمر بن العاص يقول لأبي موسى الأشعري قم واعلمهم اسبقني باعتبار أنك أكبر مني، قال: اعلمهم بما اتفقنا عليه فخطب أبو موسى الناس ثم قال: أيها الناس إنا قد نظرنا في هذه الأمة فلم نر أمراً أصلح لها ولا ألمّ لشعثها من رأي اتفقت أنا وعمر عليه وهو أن نخلع عليا ًومعاوية ونترك الامر شورى ونستقبل للأمة هذا الأمر فيولوا عليهم من أحبوه وإني قد خلعت علياً ومعاوية ثم تنحى وجاء عمر فقال مقامه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: هذا قد قال ما سمعتم وأنه قد خلع صاحبه، وإني قد خلعته كما خلعه وأثبت صاحبي معاوية. سؤال هنا: الآن صاحبان لرسول الله عمر بن العاص وأبو موسى الأشعري أبو موسى الأشعري يقول اتفقنا وعمر بن العاص يقول لا لم نتفق، في النتيجة لا يمكن أن يكون كلاهما صادقاً أحدهما كاذب خائن وهو صحابي، لا يعقل أن يكون كلاهما صادقاً، أنا أضع هذا للمشاهد الكريم هل يمكن أن يكون كلاهما صادق، الجواب كلا، أما أن يكون أبو موسى الأشعري صادق الذي يقول اتفقنا إذن الكذاب الخائن عمر بن العاص، وأما عمر بن العاص هو الصادق والكذاب الخائن الأشر هو أبو موسى الأشعري، هذا نص الرواية الواردة هنا. الآن تجدهم يخرجون على الفضائيات والمواقع ويقولون بأن الرواية ليست بصحيحة، إذا كان كل ما في هذه الكتب ليس بصحيح إذن فالأفضل لكم أن تحرقوها وترموها إلى البحر، لماذا تبعضون تأخذون منه ما تشاءون وتتركون منه ما تشاءون، ثم قال هذا ما سمعتم وأثبت صاحبي معاوية فإنه ولي عثمان بن عفان والمطالب بدمه، ثم قال: فلما انفصل الأمر على هذا خطب معاوية عل المنبر، بعد أن ثبتت القضية لمعاوية، إذن بهذا يتضح أن معاوية حصل على الإمامة خيانة وغيلة وكذباً من أحد الصحابيين المتقدمين، قال: قوله: قرنه ... إلى أن تقول الرواية: قوله: أحق به، قال: أي بأمر الخلافة، قوله: منه، أي من عبد الله، ومن أبيه، أي من أبي عبد الله وهو عمر بن الخطاب. هذا الإمام العيني يقول بأن معاوية صعد المنبر وقال أنا أحق بالخلافة من عبد الله بن عمر ومن أبيه.

طبعاً الرواية فيها ذيل يقول: فهلا أجبته، الذين كانوا هناك قالوا لعبد الله بن عمر لماذا لا تجيب معاوية، فهلا أجبته، أي لما لم تجب معاوية، قوله: من قاتلك يخاطب به معاوية وأباك أراد به أبا سفيان والد معاوية فإن علياً قاتل معاوية ووالده أبا سفيان يوم أحد ويوم الخندق. هذا النص الأخير فقط للإشارة حتى المشاهد الكريم يلتفت إلى ما يوجد في هذا النص، لأنه في آخر المطاف عبد الله بن عمر في نفسه قال: فحللت حبوتي وهممت أن أقول أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام، هذا في البخاري، عبد الله بن عمر يرى أنه أحق من معاوية في الخلافة من؟ علي بن أبي طالب، وهنا يوجه السؤال إلى عبد الله بن عمر لماذا لم تبايع علياً وبايعت معاوية ثم بايعت أمثال يزيد وهذا حظك من الدنيا وأنت تجيب هناك، هذا هو المورد الأول.

المورد الثاني في (إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، ج9، كتاب المغازي، ص151) تأليف الإمام القسطلاني، المتوفى 923هـ، ضبطه وصححه محمد عبد العزيز الخالدي، دار الكتب العلمية، قال: فلنحن أحق به، أي بأمر الخلافة، منه، أي من عبد الله بن عمر، ومن أبيه عمر، الآن القسطلاني لابد أن يوجه هذه العبارة وإلا كيف يمكن لأحد أن يدعي أنه أحق بالخلافة من الخليفة الثاني عمر، قال: ولعل معاوية كان رأيه في الخلافة تقديم الفاضل في القوة والمعرفة والرأي على الفاضل في السبق إلى الإسلام والدين، هذا توجيه، يعني ما لعمر فقط السبق الزماني ومتى كان للسبق الزماني قيمة إلا في موارد خاصة ثبتت بأدلة. قال: والرأي على الفاضل في السبق إلى الإسلام ولذا أطلق أنه أحق، أطلق معاوية أنه أحق من عمر. ولكن أنا هنا حديث ليس في هذا المطلب ولا أريد أن أطيل المقام فيه ولكن أريد أن أقول كلمة واحدة للمشاهد الكريم، هم ينقلون في كتبهم روايات زورا ًوكذباً وهذا له بحث آخر، في مسند أحمد وغيره وهو أن علي بن أبي طالب قال: من جاءني يفضلني على أبي بكر وعمر أقمت عليه حد المفتري، وهذا يدعي أنه أفضل من أبي بكر وعمر فلابد أن يقيم عليه حد المفتري، لماذا تسكتون ولماذا تصمتون، صمت الأموات، صمت أولئك الذين لا حيلة لهم في الجواب، وإلا لو كان لكم جواب لأجبتم، إذن عندما أقول أن اتباع النهج الأموي حاولوا أن يعطوا هالة وقدسية لمعاوية بنحو قد يخال الإنسان أنهم يفضلونه هذا له أصل في كلمات نفس معاوية. أما ماذا قال المتقدمون أو بعض المتقدمين المعتقدين بالنهج الأموي في فضائل ومناقب معاوية. بنحو الإجمال أمر عليها لأن الوقت لا يسعني أن أقف طويلاً عند ذلك.

انظروا ما ورد في كتاب (تأريخ مدينة السلام) للإمام الحافظ الخطيب البغدادي، المتوفى سنة 463هـ، المقدمة والخطب، حققه وضبط نصه وعلق عليه الدكتور بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي، الرواية تقول: إن معاوية ستر الصحابة، يعني أن الصحابة إذا أرادوا أن يستتروا يستترون بمعاوية، قال: سمعت الربيع بن نافع، الآن لا يوجد عندي وقت لأقف عند هذه النصوص، وإلا فالرواية بحسب السند تامة، سمعت البيع بن نافع يقول: معاوية بن أبي سفيان ستر أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإذا كشف الرجل الستر اجترأ على ما وراءه. إذن خط الدفاع الأول هو معاوية، إذن من هنا وأنا لا أعلم واقعاً بأنه هذا ورد في آية قرآنية هذا ورد في نص نبوي صحيح يجعل للصحابة ستر وهو معاوية، لا أعلم واقعاً معنى هذا الحديث ما هو، ولكن هذا يبين النظرية التي يقوم عليها أساس النهج الأموي والمدرسة الأموي والاتجاه الأموي، ولهذا تجدون الإصرار في الفضائيات والكتابات وعلى المنابر هذا الدفاع عن رأس النفاق والفجور والفسق معاوية وأمثال معاوية كعمر بن العاص وأبي موسى الأشعري من الذين تأمروا تلك المؤامرة الدنيئة في صفين، ولعلنا نوفق للوقف على هذه القضية في وقت لاحق.

ما هو العناوين والأوسمة التي يعطيها النهج الأموي لمعاوية بن أبي سفيان، رأس الفسوق والفجور في زمانه:

أولاً: أنه ستر الصحابة.

العنوان الثاني، الوسام الذي يُعطى، أنتم تعلمون أنه في تاريخ الإسلام يعطون قيمة خاصة لعمر بن عبد العزيز، يكفي أن أشير أن عمر بن عبد العزيز كما يقول أحد المحققين على كتاب (شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ج1، ص270) لابن العماد الحنبلي، هناك هكذا يقول في التعليقة وهو عبد القادر الأرنؤوط ومحمود الأرنؤوط، دار ابن كثير، يقول: أن عمر بن عبد العزيز يعد عند الكثيرين من أئمة المسلمين في مقام الخلفاء الراشدين، من يقول؟ الارنؤوطين محققي هذا الكتاب، أن عمر بن عبد العزيز عد عند الكثير من أئمة المسلمين في مقام الخلفاء الراشدين والذي له من المكارم ما لا يعد ولا يحصى، عمر بن عبد العزيز، هذه الجملة لو قلناه في علي وآل بيته يقولون انظروا إلى الشيعة والرافضة ماذا يقولون، ولكنهم يقولون في عمر بن عبد العزيز أن فيه من الفضائل والمكارم ما تعد ولا تحصى.

والذي له من المكارم ما لا يعد ولا يحصى، ومن أهم تلك المكارم أنه منع الكثير من البدع التي كانت سائدة في عصور من سبقه من خلفاء بني أمية في الشام، وأنا لا أدري إذا كانت البدع موجودة في عصور بني أمية لماذا تقولون أن هؤلاء هم الخلفاء الاثني عشر، والله غريب، تناقضات وتهافتات، ولذا أنا أنصح الكثير من هؤلاء عندما يريدوا أن يتكلموا ينبغي أن لا يقع التهافت في كلامهم، قال: التي كانت سائدة ولو لم يكن له من المكارم سوى الأمر بتدوين الحديث النبوي الشريف لكفاه فخراً، فكيف وقد كان عهده عهد أمان واطمئنان ورخاء للمسلمين قاطبة. إذن هو عمر بن عبد العزيز، وهنا يأتي سؤال: إذا كان هذا عمر بن عبد العزيز عد عند أئمة الكثير من المسلمين في مقام الخلفاء الراشدين، يعني في مقام أبي بكر وعمر وعثمان وعلي بن ابي طالب كما يعتقد هؤلاء.

الوسام الثاني الذي أعطي لمعاوية أنه أفضل من عمر بن عبد العزيز بستمئة مرة، إذن يكون أفضل من الخلفاء الراشدين بستمئة مرة، إذا أن تقولوا أن هؤلاء كانوا جهلة لا يعرفون ما يخرج من أفواههم.

ورد في كتاب (السنة، ج3، ص435) لأبي بكر أحمد بن محمد الخلال، المتوفى 311هـ، دراسة وتحقيق الدكتور عطية بن عتيق الزهراني، دار الراية للنشر والتوزيع، والرواية صحيحة السند وهي: يقول قال سمعت بشر بن الحارث يقول: سُئل المعافى، المعافى له مقام كبير عندهم، سئل المعافى وأنا أسمع أو سألت معاوية أفضل أو عمر بن عبد العزيز، فقال: كان معاوية أفضل من ستمئة مثل عمر بن عبد العزيز. هذا بودي أن يلتفت إليه المشاهد الكريم له. أفضل من ستمئة مثل عمر بن عبد العزيز، وحيث أن عمر بن عبد العزيز أما هو خامس الخلفاء الراشدين، حيث عده العديد من كبار المحققين في مقام الخلفاء الراشدين، وتبين أن معاوية أفضل من الخلفاء الراشدين بستمئة مرة، وبعد ذلك سيتضح أن ابن تيمية سيؤيد هذا المعنى. وسأقرأ العبارة. هذه أيضاً من فضائله.

ومن الأوسمة التي أعطيت لهذا الإنسان ما ورد في (شذرات الذهب، ج1) لابن رجب الحنبلي، انظروا ما هي الأوسمة التي تعطى لمعاوية، يقول: وهو أحد كتبة الوحي، هذا الوسام الأول وهو كذب وافتراء، وهو الميزان في حب الصحابة، من أحب معاوية أحب الصحابة، ومن أبغض معاوية أبغض الصحابة، يعني كل من أبغض معاوية يكون كافراً باعتبار أنهم يعتقدون أن من تبرأ من الصحابة فهو كافر، وبعد ذلك سيتبين من هم الذين لم يحبوا معاوية، فيهم المستدرك، يعني الحاكم النيسابوري، فيهم النسائي، فيهم أبي الفرج الأصفهاني، فيهم الذهبي، هؤلاء كلهم انحرفوا عن معاوية، قال: وهو الميزان في حب الصحابة، مفتاح الصحابة، يعني من أرد أن يدخل إلى الصحابة يمر من أي باب؟ انظروا نفس مضمون الروايات التي تقول أن علي باب مدينة علم رسول الله، إذن الباب الذي ندخل فيه إلى بيت الصحابة واقعاً هو وبأس تلك الصحابة إذا كان معاوية مفتاح بابها، وبأس ذلك البيت إذا كان مفتاحه أمثال هذا الفاسق الفاجر المرابي البائع للخمور واللاعب ... والله شيء غريب أيصدقه إنسان يحترم عقله أن مفتاح الصحابة يمر من هذا الذي أحدث البدع وحرم ما حرم وفعل ما فعل وقتل خيرة أصحاب رسول الله وسب علي بن أبي طالب وأوقع الحروب، هذا يكون مفتاح الصحابة. هذه نظرية النهج الأموي، ولذا أنا أدعوا كل المسلمين في العالم واقعاً إذا أرادوا أن يصغوا إلى أحد فليعرفوا ما هو موقف هذا الإنسان من معاوية، إذا كان يمدح معاوية فليعرف أنه من هو هذا، هذا هو النهج الاموي، إن كان يتبرأ من معاوية ومن فعال معاوية يعني إذا أراد أن يصعد المنبر لابد أن يقول أنا أتبرأ من معاوية في فعاله ومواقفه عند ذلك إذا أراد أن يتكلم فليتكلم، أما إذا أراد أن يرسل هذه الأمور على عواهنها ويدافع عن معاوية هذا هو الذي يحشر مع معاوية، وهذا هو الذي يدافع عن خط معاوية، وأنا أتصور أن القضية واضحة كالشمس يعني إن الإنسان يستطيع أن يرجع إلى الكلمات ويعرف.

إذن ابن رجب الحنبلي يقول أن معاوية هو الميزان في حب الصحابة، انظروا نفس الامور التي ثبتت لعلي بدليل صحيح (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) هذه أخذوها وأعطوها لمعاوية، عندما تصل إلى علي يناقشوها ويقولون أن سندها ضعيف ولا تقبل ولا يمكن أن تكون في الأمور الآخروية وإنما ترتبط بالأمور الدنيوية، ولكن عندما تصل إلى معاوية تجد أنهم يقبلونه بكل رحابة صدر لأنهم أشربوا حب معاوية، أشربوا في قلوبهم حب معاوية، ولا أقول العجل. قال: وهو الميزان في حب الصحابة ومفتاح الصحابة، سُئل الإمام أحمد بن حنبل: أيهما أفضل معاوية أو عبد عمر بن عبد العزيز، فقال: لغبار، هذه أمر كثيراً من العبارة السابقة، هناك هو كان أفضل من عمر بن عبد العزيز، هنا تبين، غبار لحق بأنف جواد معاوية بين يدي رسول الله، وأنا لا أعلم متى معاوية ضرب بسيفين بين يدي رسول الله، خير من عمر بن عبد العزيز، ثم يدعو الله ونحن نقول آمين، وأماتنا على محبته رضي الله عنه، يقول عن معاوية وأماتنا على محبته ونحن نقول ونطلب من المشاهدين أن يقولوا آمين اللهم أحشرهم اللهم احشر هؤلاء مع معاوية ويزيد وبني أمية ومع من يحبون لأنه من أحب حجراً حشر معه. هذا هو الوسام الثاني الذي أعطي له.

قد يقول قائل أن هذا المعنى الذي ذكرته هل يؤيده ابن تيمية؟

هنا يأتي دور ابن تيمية، ابن تيمية عندما يأتي إلى أنه أفضل من ستمئة، وأن غبار لحق وكذا، يحتاج إلى تنظير وهنا يأتي دور ابن تيمية، يعني رأس وشيخ الإسلام الأموي أنا أعبر عنه بهذا الدليل، لأنه بدأ ينظر، أما أولئك فقد قالوا كلاماً وذهبوا، أما انظروا إلى تنظير ابن تيمية في (منهاج السنة النبوية، ج3، ص651) والأولى أن يكون منهاج السنة الأموية لأنه مليء بالدفاع عن من حارب سنة النبي (صلى الله عليه وآله) فكيف يكون منهاج السنة النبوية، بل هو منهاج السنة الأموي، حشره الله معهم، قال بعد أن ينقل الرواية أنه اساساً خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، قال: ويشك بعض الرواة هل ذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة، والمقصود أن فضل الأعمال وثواب الأعمال ليس لمجرد صورها الظاهرة بل لحقائقها التي في القلوب والناس يتفاضلون في ذلك تفاضلاً عظيماً، وهو واضح باعتبار أن الظاهر لا ينبأ عن الشيء وإنما الباطن ينبأ عن الشيء، وهذا مما يحتج به من رجح كل واحد من الصحابة على كل واحد ممن بعدهم، يقولون بأن كل واحد من الصحابة هو أفضل من كل واحد جاء بعده، يعني الفاسق الفاجر من الصحابة أفضل من التقي العالم الولي من التابعين، هذه نظرية النهج الأموي تقول: أن كل واحد من الصحابة حتى لو كان فاسقاً، فاجراً، شارباً للخمر، أقيم عليه الحد، كذاباً، خائناً كما قرأنا في عمر بن العاص ومعاوية وهؤلاء فهو أفضل من كل تابعي حتى لو كان ذلك التابعي هو جعفر بن محمد الصادق، حتى لو كان ذلك التابعي هو الإمام الباقر، إذن هؤلاء كلهم الصحابة بمن فيهم من الفسقة الفجرة المنافقين هم أفضل ممن جاء بعدهم، يقول: وهذا مما يحتج به من رجح كل واحد من الصحابة على كل واحد ممن بعدهم، يعني العموم كل يقولون استغراقي، كل واحد واحد أفضل من الجميع، لا أن مجموع الصحابة أفضل من مجموع التابعين من بعدهم، لا، فإن العلماء متفقون على أن جملة الصحابة أفضل من جملة التابعين، يعني بشكل كل مجموع الصحابة أفضل من مجموع التابعين، هو يقول لا، أن كل واحد من الصحابة هو أفضل من كل التابعين، لكن وهنا محل الشاهد، لكن هل يفضل كل من الصحابة على كل واحد ممن بعده، أنا أسألك أيها المشاهد الكريم وبودي أن تجيب مع نفسك، عندما تضرب مثالاً لبيان أن كل واحد من الصحابة أفضل من كل واحد ممن بعدهم، لابد أن تأتي إلى أفضل الصحابة وتضرب مثال له، وأنتم تعتقدون أو مدرسة الصحابة أو بعض مدرسة الصحابة والنهج الأموي جميعهم يعتقدون أن أفضل الصحابة بعد رسول الله هو أبو بكر، هم يعتقدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ثم العشرة المبشرة بالجنة ثم افترض معاوية أليس كذلك، فعندما نريد أن نضرب مثالاً فلابد أن نضرب بالأوائل بالسابقين من المهاجرين والأنصار، ولكن اعرف هذا الذي أشبع قلبه بحب بني أمية ومعاوية، عندما يريد أن يضرب مثالاً في (منهاج السنة، ج3، ص651) يقول: لكن هل يفضل كل واحد من الصحابة على كل واحد ممن بعدهم ويفضل معاوية على عمر بن عبد العزيز، وأنا لا أعلم المناسبة لذكر عمر وعبد العزيز، لماذا لم تقل ويفضل أبو بكر على عمر بن عبد العزيز ولا تقول علي لأنك مبغض لعلي، أين أنت وعلي فعلي خارج عن فكرك وعن عقيدتك وعن فهمك وإنما أنت مع أولئك الذين تعتقد بهم ومحشور معهم، قل عثمان وعمر بن عبد العزيز، قل العشرة المبشرة بالجنة وعمر بن عبد العزيز، لماذا ويفضل معاوية على عمر بن عبد العزيز، ألا يوجد في الصحابة من هو أفضل من معاوية، لماذا أين ما جاء ذكر للصحابة يكون على رأسهم معاوية، هذا الذي قلته قبل قليل أن هؤلاء بصدد أن يقولوا أنه أفضل من جميع الصحابة، ولكنهم يعرفون أن مدرسة الصحابة لا توافق على هذا. يقول: ذكر القاضي عياض وغيره في ذلك قولين وأن الأكثرين يفضلون كل واحد من الصحابة وهذا مأثور عن ابن المبارك وأحمد بن حنبل وغيرهما ومن حجة هؤلاء إن أعمال التابعين وإن كانت أكثر وعدل عمر بن عبد العزيز أظهر من عدل معاوية وهو أزهد من معاوية لكن الفضائل عند الله بحقائق الإيمان الذي في القلوب. باعتبار أن ابن تيمية علام الغيوب يعرف حقائق الإيمان، ولهذا يقول من يقول من السلف غبار دخل في أنف معاوية مع رسول الله أفضل من عمل عمر بن عبد العزيز وإنما يتقبل الله من المتقين، أنت ثبت العرش ثم انقش، ثبت أن معاوية كان مؤمناً ولم يكن منافقاً ولم يكن من رؤوس المنافقين ثم قل أن أعماله مع رسول الله أفضل من عمر بن عبد العزيز، من علمت أنه مؤمن، ظاهره كان النفاق، ظاهره كان البدعة، ظاهره كانت مخالفة السنة النبوية، من أين علمت ذلك. وهنا توجد مغالطة ولا اريد الدخول إليها وهو الاستدلال (لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) هذه مرتبطة بالصحابة وتطبيقها على معاوية في غير محلها، لأن هذه الرواية مرتبطة بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار على فرض صحتها، ولا علاقة لها بالطلقاء الذين أسلموا بعد الفتح وإن كان الصلابي يحاول بكل ما أوتي من جهد علمي أن يثبت أن معاوية أسلم في السنة السابعة للهجرة حتى يخلصه من عار أنه من الطلقاء، إذن الوسام الآخر، إذن تبين أن ابن تيمية من أولئك الذين يؤيدون هذا المعنى وفي ذهنه لا يوجد من الصحابة إلا معاوية.

ومن العناوين الأخرى، ومن الأوسمة الأخرى التي أعطيت لمعاوية أنه فقيه، تتذكرون فيما سبق أن الشيخ ابن تيمية قال لعل الكثير من الأحكام لم تصل إليه وهنا قال فقيه، أنا لا أعلم هذا التناقض والتهافت، نعم، باعتبار أن الله سبحانه وتعالى يعمي أبصار هؤلاء فهم لا يعلمون ماذا يقولون. تقول لي: هل هناك من يقول أن معاوية فقيه. نعم، وقد ورد هذا في (صحيح البخاري، ج3، ص35، باب فضائل الصحابة، باب28، باب ذكر معاوية، الحديث 3765) يقول: الرواية الأولى أوتر معاوية بعد العشاء بركعة وعنده مولى لابن عباس فأتى ابن عباس فقال: دعه فإنه صحب رسول الله. يعني ما يفعله فهو حجة. ما دام صحب رسول الله فليفعل ما يشاء، دعه وإن لم يثبت، حدثنا ابن أبي مريم حدثنا نافع بن عمر حدثني ابن أبي مليكة قيل لابن عباس: هل لك في أمير المؤمنين معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة. قال: إنه فقيه. ابن عباس يقول عن معاوية، هذا الذي كان يتاجر بالخمر، هذا الذي كان يتاجر ببيع الأصنام، هذا الذي كان يرابي، هذا الذي ألحق. وهنا بودي أن أشير إلى مورد آخر لمخالفاته للسنة القطعية لرسول الله حتى تثبت فقاهته بأي اتجاه، يقولون فقيه، سنعرف فقاهته في أي مجال. ورد في (مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج28، ص71، الحديث 16857) بتحقيق العلامة شعيب الأرنؤوط، الرواية لما قدم علينا معاوية حاجاً قدمنا مكة، الرواية عن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد قال يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد، قال: لما قدم علينا معاوية حاجاً قدمنا معه مكة قال: فصلى بنا الظهر ركعتين، يعني صلى الظهر قصراً في مكة، ثم انصرف إلى دار الندوة قال: وكان عثمان إذا قدم مكة صلى بها الظهر والعصر والعشاء الآخرة أربعاً أربعاً، كان عثمان يصليها تماماً وصلاها معاوية قصراً، فإذا خرج إلى منى وعرفات قصر الصلاة فإذا فرغ من الحج، يقول: فلما صلى بنا معاوية الظهر ركعتين نهض إليه مروان، وهو أس الأمويين ورأسهم، نهض إليه مروان بن الحكم وعمر بن عثمان فقالا له: ما عاب أحد ابن عمك بأقبح ما عبته به، كيف تخالفه، فقال لهما: وماذا فعلت حتى أعيب عثمان، قال: فقال له: ألم تعلم أنه أتم الصلاة بمكة، وأنت خالفت سنة عثمان، الخليفة الثالثة، قال: فقال لهما: ويحكما، معاوية رأس النفاق لم يتحمل مروان، أنظر إلى مخالفة السنة إلى أي حد وصلت، ويحكما وهل كان غير ما صنعت، أساساً السنة كانت الصلاة قصراً لا الصلاة تماماً، قد صليتهما مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومع أبي بكر وعمر، السنة كانت هذه. في الحاشية العلامة شعيب الأرنؤوط يقول: قال السندي قوله: وهل كان غير ما صنعت، أي ما وجد في الدين أو في السنة إلا ما صنعت من القصر لا ما صنع عثمان من الإتمام، إذن السنة كانت القصر، وعثمان أتمها، الآن ذاك بحث آخر لماذا خالف عثمان السنة ليس حديثي، مهم كلامي في معاوية. يقول: قالا: فإن ابن عمك قد كان أتمها وإن خلافك إياه لهو عيب. قال: فخرج معاوية بعد دار الندوة كان قد صلى الظهر ثم أراد أن يصلي العصر، فصلاها بنا أربعاً، حتى لا ينتقص من سنة عثمان، هذا ماذا يكشف للمشاهد الكريم. العلامة الأرنؤوط يقول إسناده صحيح وأخرجه الطبراني في الكبير وأورده الهيثمي ورواه أحمد وروى الطبراني ورجال أحمد موثقون. إذن العلامة الأرنؤوط يحسن الرواية، وليكن في علم المشاهد الكريم أنه في (المسند، ج13، ص183، الحديث رقم 6800) للإمام أحمد بن حنبل بتحقيق حمزة أحمد الزين، يقول: إسناده صحيح، ليس فقط حسن، إذن محققان كبيران الأول شعيب الأرنؤوط والثاني حمزة أحمد الزين، احدهما يقول حسن والآخر يقول صحيح. قال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله موثقون. أنا فقط هذه القضية أضعها بيد المشاهد الكريم، أيها المشاهد الكريم هذا هو الفقيه الذي لابد أن يعتمد عليه. يقول: صليتها مع رسول الله قصراً يعني يتعمد مخالفة السنة النبوية، هنا هل يستطيع ابن تيمية أن يقول أن الحكم لم يصله، هو يقول صليتها مع رسول الله، يعني عامداً عالماً عارفاً يبتدع ويخالف السنة لرضا ابن عمه، ماذا تقولون في مثل هذا الإنسان هل هذا فقيه وهل هذا هو ستر الصحابة واقعاً هذا مفتاح الصحابة، ماذا أقول.

أختم حديثي بما جاء في (البداية والنهاية، ج11، ص449) للحافظ عماد الدين ابن كثير القرشي الدمشقي، تحقيق الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، دار عالم الكتب، أقرأ بعض الروايات لتعرفوا بعض الأوسمة التي أعطوها لمعاوية، هذا الذي كان يخالف السنة، هذا الذي كان يتاجر بالخمر، هذا المنافق، الفاسق، الفاجر، وقال ابن وهب عن مالك عن الزهري، قال: سألت سعيد بن المسيب عن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: اسمع يا زهري، من مات محباً لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وشهد للعشرة بالجنة وترحم على معاوية، إذن تبين أنه كان حقيقاً على الله أن لا يناقشه الحساب، إذن تبين أنه لا يكمل ولا يحصل نجاة للإنسان إلا بالترحم على هذا الفاسق الفاجر صاحب البدعة وصاحب النفاق. بينك وبين الله لو قلنا هذا في الأئمة لقالوا عجيب انظروا إلى الغلو، أين ثبت عندكم، إن قلتم أن هذه الروايات ليست صحيحة فلماذا تطالبونا بحذف ما في كتبنا مما يتناول بعض الصحابة، أنتم احذفوا هذه السقطات، هذه الأمور البائسة، هذه الامور التي ما أنزل الله بها من سلطان. يا زهري من مات محباً لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وشهد للعشرة بالجنة وترحم على معاوية.

رواية أخرى، وقال غيره عن ابن المبارك قال: معاوية عندما محنة، يعني مبتلى ومبتلى به، كما نقول نحن في علي أنه هو المبتلى وهو المبتلى به، قال: معاوية عندما محنة فمن رأيناه ينظر إليه شزراً اتهمناه على القوم يعني الصحابة، يعني لا فقط لا يحق لك أن تنتقد معاوية أن تقول أن أعماله أعمال الفجور والفسق والنفاق، بل لا يحق لك أن تنظر له شزراً.

نص آخر يقوله هؤلاء وقال بعض السلف: بينا أنا على جبل بالشام إذ سمعت هاتفاً يقول: من أبغض الصديق فذلك زنديق، ومن أبغض عمر فإلى جهنم زمر، ومن أبغض عثمان فذاك خصمه الرحمن، ومن أبغض علياً فذاك خصمه النبي، باعتبار عثمان مقامه أعلى من أبغض عثمان فخصمه الرحمن، أما علي فيعدونه دونه، ومن أبغض علياً فذاك خصمه النبي، ومن أبغض معاوية، انظروا إلى القضية فهي تزداد سوءاً، ومن أبغض معاوية سحبته الزبانية إلى جنهم الحامية ويرمى به في الهاوية، من خاصم معاوية إلى نار جنهم، لا بحث فيه، هناك قد الله يعفو عنه ورسول الله قد يعفو عنه، ولكن عندما تصل إلى معاوية فإلى جهنم والهاوية. هذه مجموعة الأوسمة التي ذكرها المتقدمون من أصحاب النهج الأموي في إيجاد هذه الهالة القدسية حول معاوية. طبعاً إنشاء الله بقي عندنا ماذا يقول الكتّاب المعاصرين حول معاوية.

المُقدَّم: معنا الأخ حيدر من السودان، تفضلوا.

الأخ حيدر: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ حيدر: سماحة السيد هل تعتقدون أن هؤلاء الذين يدافعون عن معاوية هذا الدفاع المستميت رغم التأويلات التي لا تخفى على أحد، هل هذا الدفاع من صميم قلوبهم، أم أنه صراحة خوف على من هو مولى على رقاب الناس، نراهم يقولون لو كان معاوية بهذا السوء لما ولاه عمر على ولاية الشام.

سماحة السيد كمال الحيدري: الجواب، نعم أخي العزيز باعتبار أن جملة من هؤلاء المتكلمين قالوا هذا بعد زوال حكم معاوية وبعد زوال بني أمية، ابن تيمية في القرن السابع والثامن ولا علاقة له بزمن معاوية، هؤلاء كانوا لا يعتقدون بالشريعة النبوية بالمعنى الدقيق لها، وإنما كانوا يعتقدون بالشريعة النبوية والسنة النبوية ولكن خلال باب ومفتاح معاوية، يعني نحن الآن مدرسة أهل البيت نعتقد أننا نتبع السنة النبوية ولكن من باب مدينة العلم وهو علي وأهل بيته، هؤلاء يريدون النبي ولكن من خلال قراءة وفهم معاوية وبني أمية. إذن هذا نهج وهذه مدرسة، نعم كان هناك من يخاف، ولكن أن هؤلاء واقعاً كانوا يحبون وإلى يومنا هذا، أنت عندما يخرجون على فضائياتهم ومنابرهم في المسجد النبوي والمسجد الحرام وفي المساجد الأخرى تجد أنهم أمام رسول الله في المسجد النبوي يدافعون عن معاوية الذي فعل بسنة النبي الأكرم ما فعل، أحدث في سنته ما أحدث، هذا معناه أنه يعتقدون، إلا أن تقول أن هؤلاء كلهم منافقون مع أنهم لا يحبون معاوية ولكنهم يدافعون عنه، أنا لا أتصور، أقول أن الكثير من هؤلاء يعتقدون بحب معاوية والدفاع عنه.

المُقدَّم: معنا الأخ محمد من العراق، تفضلوا.

الأخ محمد: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ محمد: سيدنا العزيز بصراحة نحن نستفيد كثيراً من هذا الكتاب، سؤالي من هي أم معاوية، ألم يقل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا عمار ستقتلك الفئة الباغية، من هي الفئة الباغية.

سماحة السيد كمال الحيدري: سنعقد بحثاً مستقلاً إن اسعفنا الوقت لبحث من هي الفئة الباغية التي تدعوا إلى الناس، التي قتلت عمار بن ياسر.

المُقدَّم: معنا الأخ خليل من الكويت، تفضلوا.

الأخ خليل: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ خليل: يقولون في فضائياتهم أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجى هذا حديث صحيح، سؤال لماذا معاوية ركب السفينة ولابس حزام ناسف في موقعة صفين، أريد جواب من سماحة السيد.

سماحة السيد كمال الحيدري: واقعاً معاوية كان همه تدمير الشريعة وأعطيت كل الإمكانات له في هذا المجال ودافع عنه من دافع.

المُقدَّم: كيف تلخص ما تقدم من الكلام سماحة السيد.

سماحة السيد كمال الحيدري: واقعاً أنا لا أحتاج أن ألخص، أنا هنا أريد أن أشير إلى هذه المغالطة التي يستعملها ابن تيمية وأمثال ابن تيمية وعلى الفضائيات أجد من يخرج منهم من أهل العلم ويقولون أنه قال: لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه. ويطبقونه على معاوية، نريد أن نعرف بأن هذا الحديث الذي ورد في صحيح مسلم هل يشمل أمثال معاوية أو لا يشمل، هذه من المغالطات التي يستعملها ابن تيمية وهؤلاء الذين لا علم لهم من الجهلة الذين يتبعون ابن تيمية، يقرءون كتبه ولا يعرفون شيئاً، أن بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إلى هذه الرواية الواردة في (صحيح مسلم، ج4) بطبعة عثمان السلفي الأثري، الرواية عن أبي سعيد قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيء فسبه خالد، خالد تبين هذا صحابي ولهما هذه القيمة تبين أنه ساباً، وسب شخصاً من العشرة المبشرة بالجنة وهو عبد الرحمن بن عوف، هذه لا تسقط عدالته، كلهم في الجنة، هذه الجملة التي استغربها، بعض هؤلاء الجهلة يخرجون ويقولون كلهم في الجنة، بعضهم كان يسب بعضاً، بعضهم كان يكّفر بعضاً. فسبه خالد، خالد سب عبد الرحمن بن عوف، فقال رسول الله: لا تسبوا أحداً من أصحابي فإن أحدكم، هذا الكلام موجه إلى خالد، إذن كيف يقول له لا تسبوا أحداً من أصحابي، إذن تبين أن رسول الله لا يقول أن كل أصحابي لهم هذا المقام، بل لم يجعل خالد من أصحابه، ولذا تجدون هذا بأنه العلامة الأرنؤوط عندما يأتي إلى هذه الرواية في (مسند الإمام أحمد، ج17، ص139) عندما يأتي إلى تفسيرها يقول: فالمراد بأصحابي الأصحاب المخصوصون وهم السابقون على المخاطبين في الإسلام.

المُقدَّم: ودليل ذلك قوله لخالد لا تسبوا أصحابي.

سماحة السيد كمال الحيدري: نعم وهذا خير دليل على ذلك، على أن هذا الحديث ليس لكل أصحابه وإنما للسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، ولذا يقول: قال الشيخ تقي الدين السبتي: والظاهر أن المراد بقوله أصحابي من أسلم قبل الفتح، وأنه خطاب لمن أسلم بعد الفتح، يعني خطاب لمعاوية أنه لا تسب أصحابي الذين أسلموا قبل الفتح، إذن لا ينبغي لهؤلاء الذين يقولون أنهم من أهل العلم لا ينبغي لهم الخلط.

المُقدَّم: شكراً لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، كما نشكر الأخوة والأخوات والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.