كان يزيد يتخذ مجالس الشراب ويأتي برأس الحسين ( عليه السلام ) ويضعه بين يديه ، ويشرب عليه ، فحضر في مجلسه ذات يوم الرسول النصراني لملك الروم ، وكان من أشراف الروم وعظمائهم ، فقال : يا ملك العرب هذا رأس من ؟
فقال له يزيد : مَا لَكَ و لهذا الرأس ؟
فقال : إني إذا رجعت إلى ملكنا يسألني عن كل شيء رأيتُه ، فأحبَبتُ أن أخبره بقصة هذا الرأس وصاحبه ، حتى يشاركك في الفرح والسرور .
فقال له يزيد : هذا رأس الحسين بن علي بن أبي طالب .
فقال الرومي : ومن أمه ؟
فقال : فاطمة بنت رسول الله .
فقال النصراني : أف لك ولدينك !! لي دين أحسن من دينك ، إنَّ أبي من حوافد ( أحفاد ) داود ( عليه السلام ) ، وبيني وبينه آباء كثيرة ، والنصارى يُعَظِّمُونِي ويأخذون من تراب قدمي تبرُّكاً بأبي من حوافد داود ( عليه السلام ) ، وأنتم تقتلون ابن بنت رسول الله وما بينه وبين نبيِّكم إلا أمُّ واحدة ؟!! فأيُّ دين دينكم .
ثم قال ليزيد : عندنا بلدة فيها كنائس كثيرة ، أعظمها كنيسة الحافر ، في محرابها حُقَّة ذهب مُعَلَّقة فيها حافر ، يقولون إن هذا حافرُ حمارٍ كان يركبه عيسى ( عليه السلام ) ، وقد زيَّنوا ما حول الحُقَّة بالذهب والديباج .
ويقصدها في كل عام عالم من النصارى ، ويطوفون حولها ويقبلونها ، ويرفعون حوائجهم إلى الله تعالى ، هذا شأنهم ودأبهم بحافرِ حمارٍ يزعمون أنه حافرُ حمارٍ كان يركبه عيسى ( عليه السلام ) نبيهم ، وأنتم تقتلون ابن بنت نبيِّكم ؟ فلا بارك الله فيكم ولا في دينكم.
فقال يزيد : اقتلوا هذا النصراني لئلا يفضحني في بلاده .
فلمّا أحسَّ النصراني بذلك قال له : تريد أن تقتلني ؟
قال يزيد : نعم .
قال النصراني : إعلم أني رأيت البارحة نبيَّكم في المنام يقول لي : يا نصراني أنت من أهل الجنة ، فتعجب من كلامه ، و أنا أشهد أن لا إله إلا الله ، محمَّد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ثم وثب إلى رأس الحسين ( عليه السلام ) فَضَمَّه إلى صدره ، وجعل يقبله ويبكي حتى قُتِلَ .