تاريخ الخروج
۲۷ رجب ۶۰ﻫ، خرج ركب الإمام الحسين(عليه السلام) نحو مكّة المكرّمة، وسار معه(عليه السلام) نفر من أهل بيته وأصحابه، وبرفقته نساؤه وأبناؤه، وأُخته السيّدة زينب الكبرى(عليها السلام)، يخترقون قلب الصحراء ويجتازون كثبان الرمال.
دوافع الخروج
۱ـ استبداد واستئثار الأُمويين بالسلطة.
۲ـ القتل والإرهاب وسفك الدماء الذي كانت تمارسه السلطة الأُموية.
۳ـ العبث بأموال الأُمّة الإسلامية، ممّا أدّى إلى نشوء طبقة مترفة على حساب طبقة محرومة.
۴ـ الانحراف السلوكي وانتشار مظاهر الفساد الاجتماعي.
۵ـ غياب قوانين الإسلام في كثير من المواقع المهمّة، وتحكّم المزاج والمصلحة الشخصية.
۶ـ ظهور طبقة من وضّاع الأحاديث والمحرِّفين لسُنّة النبي(صلى الله عليه وآله)، وذلك لتبرير مواقف السلطة.
هدف الخروج
أشار الإمام الحسين(عليه السلام) في إحدى رسائله إلى الهدف من خروجه بقوله: «وإنِّي لم أخرج أشِراً ولا بَطِراً، ولا مُفسِداً ولا ظَالِماً، وإنّما خرجتُ لطلب الإصلاح في أُمّة جَدِّي(صلى الله عليه وآله)، أُريدُ أنْ آمُرَ بالمعروفِ وأنْهَى عنِ المنكر، وأسيرُ بِسيرَةِ جَدِّي، وأبي علي بن أبي طَالِب»(۱).
زيارة قبر جدّه(صلى الله عليه وآله)
زار الإمام الحسين(عليه السلام) ـ قبل خروجه من المدينة المنوّرة ـ قبر جدِّه رسول الله(صلى الله عليه وآله) زيارة المُودِّع الذي لا يعود، فقد كان يعلم(عليه السلام) أن لا لقاء له مع مدينة جدِّه(صلى الله عليه وآله)، ولن يزور قبره بعد اليوم، وأنّ اللقاء سيكون في مستقرِّ رحمة الله، وأنّه لن يلقى جدّه إلّا وهو يحمل وسام الشهادة وشكوى الفاجعة.
فوقف الإمام(عليه السلام) إلى جوار القبر الشريف، فصلّى ركعتين، ثمّ وقف بين يدي جدِّه(صلى الله عليه وآله) يُناجي ربّه قائلاً: «اللّهمّ هَذا قَبْر نَبيِّك مُحمّدٍ(صلى الله عليه وآله)، وأنَا ابنُ بنتِ نَبيِّك، وقد حَضَرني مِن الأمرِ مَا قد عَلمت، اللّهمّ إنِّي أحِبُّ المَعروف، وأنكرُ المُنكَر، وأنَا أسألُكَ يَا ذا الجَلال والإكرام، بِحقِّ القبرِ ومن فيه، إلّا مَا اختَرْتَ لي مَا هُو لَكَ رِضىً، ولِرسولِك رِضَى»(۲).
لقاؤه مع السيّدة أُمّ سلمة(رضي الله عنها)
قبل خروجه من المدينة التقى بالسيّدة أُمّ سلمة(رضي الله عنها) ليودّعها، فقالت: يا بني لا تحزن بخروجك إلى العراق، فإنّي سمعت جدّك(صلى الله عليه وآله) يقول: «يقتل ولدي الحسين بأرض العراق؛ بأرض يقال لها كربلا».
فقال لها: «يا أمّاه وأنا والله أعلم ذلك، وأنّي مقتول لا محالة، وليس لي من هذا بدّ، وأنّي والله لأعرف اليوم الذي أُقتل فيه، وأعرف من يقتلني، وأعرف البقعة التي أُدفن فيها، وأعرف من يُقتل من أهل بيتي وقرابتي وشيعتي، وأن أردت يا أُمّاه أُريك حفرتي ومضجعي».
ثمّ قال لها: «يا أُمّاه، قد شاء الله أن يراني مقتولاً مذبوحاً ظلماً وعدواناً، وقد شاء أن يرى حرمي ورهطي ونسائي مشرّدين، وأطفالي مذبوحين مأسورين مظلومين مقيّدين، وهم يستغيثون فلا يجدون ناصراً ولا معيناً»(۱).
———————————-
۱ـ بحار الأنوار ۴۴ /۳۲۹٫
۲ـ كتاب الفتوح ۵/ ۱۹٫
۳ـ لواعج الأشجان: ۳۱٫