المال الصالح
إنّ الذينَ كفروا لَن تُغْنيَ عنهم أموالهُم ولا أولادُهم مِن اللهِ شيئاً، وأولئكَ هُم وَقُودُ النار (1).
الله الجليل الكريم الرحيم يتوعّد الكافرين، ويَعِد المؤمنين.. ويقول في ذمّ الكافرين: إنّ أموالهم وأبناءهم لن تنفعهم يوم القيامة ولا تُغني عنهم شيئاً. يعني: أنّ أموال المؤمنين تنفعهم في القيامة متّى أُدِّيَت بها الحقوق، وهي وسيلة تصون دينهم وتمنحهم السعادة الأبدية.
قال المصطفى صلّى الله عليه وآله: (نِعمَ المالُ الصالح للرجل الصالح، نِعمَ العَونُ على تقوى الله المال). وهذا ما قال عنه ربّ العالمين: وابْتَغِ فيما آتاك اللهُ الدارَ الآخِرة (2). يقول: ما أعطاك الله من هذه الدنيا فحصِّلْ به الآخرة، واطلُبْ به السعادة الأُخروية.
وهذه السعادة الأخروية إنما هي في معرفة الله، والمعرفة من نور القلب، ونور القلب من مصباح التوحيد. وأصل هذا المصباح موهبة إلهيّة.
أمّا مادّة هذه السعادة.. فهي الأعمال والطاعات البدنية. والطاعات من قوّة النفس، وقوّة النفس من الطعام والشراب والكساء، والطعام والشراب والكساء هي عين المال.
وبهذا الترتيب يكون المال سبب السعادة الأبدية.. لكنه يجب ألاّ يزيد على مقدار الكفاف؛ لئلاّ يكون سبباً للطغيان، كما قال تعالى: إنّ الإنسان لَيَطغى * أنْ رآه استَغنى (3).
ومن أجل هذا جاء دعاء رسول الله صلّى الله عليه وآله: (اللهمّ اجعَلْ قُوتَ آل محمدٍ الكفاف). ولأنّ هذا الكفاف إنّما هو من أجل التفرّغ للعبادة.. فهو عين العبادة؛ فانّه زادُ الطريق، وزادُ الطريق يُعدّ من الطريق. (32:2 ـ 33)
---------
1 ـ آل عمران: 10.
2 ـ القصص، من الآية 77.
3 ـ العلق: 6 ـ 7.