سورة الأنبياء
  • عنوان المقال: سورة الأنبياء
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 23:51:23 1-9-1403

 السورة الحادية والعشرون من سور القرآن الكريم، عدد آياتها 112 آية، وفيها 1168 كلمة تتضمن 4870 حرفاً.
اشتملت هذه السورة على أسماء 14 نبيّاً من الأنبياء الكرام، ومن هنا كانت تسميتها بسورة الأنبياء. وهي ـ في ترتيب التلاوة ـ السورة الخامسة من ( سُوَر المِئين ) أي التي تضمّ ما يزيد على مئة آية، بعد سورة ( طه ) وقبل سورة ( الحج )، وتُعدّ من السور المكيّة.
سورة الأنبياء من السور التي ابتدأت بعبارة خبرية، إذ افتُتحت بقوله تعالى: اقتَرَبَ للناسِ حسابُهم . وهي بداية مماثلة لِمُفتَتح سورة القمر اقتَرَبَتِ الساعة . وتتماثل هاتان السورتان في أنّ التعبير في أوّلهما تعبير حازم جازم، في حين تُختَتم السورتان بآيات هادئة اللهجة.
وبداية السورتين ـ من حيث المضمون ـ متشابهة. وقد ذُكرت في السورتين قصة نبيّ الله نوح عليه السّلام، وقصة النبيّ لوط عليه السّلام. وورد في سورة الأنبياء بيان تفصيلي عن الأنبياء الآخرين ومواقف أُممهم منهم، قياساً إلى ما ورد في سورة القمر.
من المحاور الأساسية في سورة الأنبياء ـ كما في سورة القمر أيضاً ـ تهديد للمكذِّبين برسل الله تعالى، وخصوم الأنبياء. وانفردت سورة القمر ببيان تفصيل قصة عاد وثمود، بَيْد أن سورة الأنبياء عُنِيَت ببيان وقائع أقوام الأنبياء الآخرين.
تبدأ سورة الأنبياء بتهديد شديد للكافرين ( الآيات 1 ـ 4 )، وتأتي على ذكر اعتراضاتهم الجزافيّة الواهية واتهاماتهم الباطلة لرسول الله صلّى الله عليه وآله، مؤكّدة على وحدة خطّ الأنبياء عليهم السّلام ومنهم خاتمهم صلّى الله عليه وآله (الآيات 5 ـ 10 ).
وتجسّم هذه السورة العذابَ الإلهي المباغت القاصم الذي يأخذ أعداء الله ومعاندي النبيّ ( الآيات 11 ـ 15 ). ثم تصف نظام الخِلقة المتقَن الصُّنع.. وصولاً إلى حتميّة غَلَبة الحق على الباطل بوصف هذه الحتمية جزءً من نظام التكوين ( الآيات 16 ـ 20 ).
وتتحدّث السورة عن التوحيد، في معرض الردّ على تخرّصات المشركين، وتؤكّد الارتباط بين المبدأ والمعاد وانتهاء هذه الحياة الدنيا ( الآيات 21 ـ 35 ). وتوضّح السورة بعدئذ طريقة تعامل المخالفين مع أنبياء الله.. لتصير إلى الحديث عن مخالفي رسول الله صلّى الله عليه وآله، فتواجههم بالتهديد والإنذار ( الآيات 36 ـ 47 ).
تذكر سورة الأنبياء النبيَّ موسى وأخاه هارون عليهما السّلام ذكراً موجزاً لمّاحاً، كما تذكر كتابه ( الآيتان 48 ـ 49 )، وتشير بهذه المناسبة إلى نزول القرآن على النبي صلّى الله عليه وآله ( الآية 50 ). ثمّ تمضي للكلام عن النبيّ إبراهيم عليه السّلام وقصة حواره في شبابه مع آزر ( الآيات 51 ـ 56 )، يُعقب ذلك حادثة تحطيم إبراهيم للأصنام، ثمّ حادثة إلقائه في النار ونجاته منها بإعجاز إلهي ( الآيات 57 ـ 73 ).
وبعد الإشارة إلى لوط عليه السّلام ثمّ نوح عليه السّلام.. تصير السورة إلى قصة داود وسليمان عليهما السّلام، ثمّ أيوب عليه السّلام (الآيات 74 ـ 84 )، وكذلك إسماعيل وإدريس وذو الكِفل على سبيل مدحهم والثناء عليهم ( الآيتان 85 ـ 86 ) وتورد قصة ذي النون؛ يونس ( الآيتان 87 ـ 88 )، وتشير إلى زكريّا ومريم ( الآيات 89 ـ 91 ).. ثمّ تصل إلى مغزى هذه القصص، وهي أنّ الله تعالى قد أراد للأمة أن تكون أمةً واحدة، بَيْد أنّ الناس يعملون على تقطيع هذه الوحدة بمختلف الوسائل ( الآيتان 92 ـ 93 ).
وتوكيداً على تهديد الكافرين.. تظهر قصة يأجوج ومأجوج بوصفها من ( أشراط الساعة ) ( الآيات 94 ـ 97 )، فتذكر الأوثان والآلهة الكاذبة وإلقاءها في جهنّم هي وعَبَدتها ( الآيات 98 ـ 100 ).
وفي المقابل.. يتجلّى مشهدُ الذين شملتهم الرحمة الإلهية، والذين هم مُبعَدون عن نار جهنم، ويشتمل عليهم الأمان فلا يحزنون ولا يفزعون ( الآيات 101 ـ 103 ). وتكشف السورة بعدئذ عن واقعة كونيّة رهيبة: طيّ السماء كطيّ السّجِلّ للكتب في القيامة، مستخدِمةً في التعبير ألفاظاً مؤثرة ( الآية 104 ).
ثمّ تُختَتم السورة بإيقاع كلّه أمل ورجاء: الأرض يرثها عبادُ الله الصالحون؛ يقيمون فيها حكومة العدل الذي يشمل المعمورة كلَّها. وتخاطب السورةُ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله فتسلّيه وتوصيه بإيكال المعاندين إلى أمر الله ( الآيات 105 ـ 112 ).
ويُلاحَظ أنّ السباق المفهومي لسورة الأنبياء يُشاكل كثيراً سياق سورة ( طه ). ويبدو هذا التماثل في مضامين مقدمة السورتين في التعبير عن كيفية بعثة موسى وهارون عليهما السّلام، وقصّتهما مع فرعون وقومه أوّلاً، ثمّ مع بني إسرائيل والسامري، حيث ورد إجمال هذه القصة مفصّلاً في سورة طه.
تتضمّن سورة الأنبياء الآية الشريفة ولقد كَتَبْنا في الزَّبورِ مِن بَعدِ الذِّكرِ أنّ الأرضَ يَرِثُها عبادِيَ الصالحون . وهي آية كان تفسير مفهومها ومصداقها مجالاً لآراء المفسّرين. وهذه الآية الكريمة واحدة من الآيات القرآنية التي ذكرت تأويلَها رواياتُ أهل البيت عليهم السّلام، بظهور الإمام المهدي عليه السّلام ونشره العدل والقسط في العالم.
أمّا فضيلة قراءة هذه السورة المباركة فقد تحدّثت عنها روايات عديدة. وجاء في السورة أيضاً ذِكْر النبيّ يونس: لا إله إلاّ أنت سبحانَك إنّي كنتُ من الظالمين .. الذي تذكر إحدى الروايات عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنه الاسم الأعظم(1).
1 ـ ترجمة وإعداد عن: دائرة المعارف بزرگ إسلامي 313:10 ـ 314.