التوبة والإنابة
  • عنوان المقال: التوبة والإنابة
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 19:50:11 1-9-1403

إنّما التوبةُ علَى اللهِ لِلَّذينَ يَعملونَ السُّوءَ بجَهالَة... (1)
التوبة علامة الطريق وإذن للدخول. وهي مفتاح الكنز وشفيع الوصال، ومبعث كلّ فرح ومنبع الحريّة.
أول التوبة: ندم في القلب.. ثمّ اعتذار، ثمّ إقلاع عن السوء وأهل السوء. وفي الخبر: مَن تابَ ولم يَدَع رفاقَ السوء فليس بتائب. مَن تاب ولم يَدَع شهوة الطعام والشراب فليس بتائب، من تاب ولم يَدَع النوم فليس بتائب. مَن تاب ولم يُنفق ماله ـ حتّى ما يتقوّت به ـ فليس بتائب.
شرط التوبةَ: إعراض القلب عن كلّ الموجودات، وتوجّهه تلقاء الحق، وأن يذيب المرء ما في أعضائه السبعة(2) من دم ولحم.
التوبة هي رُسُل المحضر الإلهي أُرسلوا إليك أنْ: أيّها الفتى! إلى متى هذه الحرب ؟! وإلى مَ نقضُ العهد ؟! عُدْ.. وصارلحْ.

يا صقراً أفلتَ وطار، ارجِعْ ولا تذهبْ   فإنّ رأس حبلك بيدي

      

أيها الرجل الحرّ! كم أنت في نوم! أفِقْ.. فقد طلع الصباح. أفي رأسك شوق للشراب ؟! إذَن هيّا.. فهذا أوان الصَّبوح(3). إلى متى تكسر القلب وتنقض العهد ؟ تعالَ.. فهذا وقت قبول النصيحة، ووقت التوبة النَّصوح(4) (452:2 ـ 453 ).
وأنيبوا إلى ربِّكُم (5).
مقام الإنابة أرفع من مقام التوبة. الإنابة: عودة العبد إلى ربّه بقلبٍ وهمّة. والتوبةَ: عودة العبد من المعصية إلى الطاعة.
ما الإنابة ؟
إنها المجيء من وادي النفاق ـ بقَدم الصدق ـ إلى وادي السَّكِينة.
والمجيء من وادي البدعة ـ بقدم التسليم ـ إلى وادي السنّة.
ومن وادي التفرّق (الكثرة) ـ بقدم الانقطاع ـ إلى وادي الجمع (الوحدة).
ومن وادي الادّعاء ـ بقدم الافتقار ـ إلى وادي التفريد.
ومن وادي العقل ـ بقدم الحاجة ـ إلى الحق.
ما التوبة ؟
إنها شفيعُ مُطاع، ومحامٍ (مُقرَّب) شفيق، ونائب كريم.
التوبة ماحية لأثر المعصية، والحق يعفو ـ بشفاعتها ـ عن عبده
الخاطئ.
إنها مطهِّرة لديوان أعمال العبد من العصيان، وتجعل التائب كمَن لم يُذنب. قال المصطفى صلّى الله عليه وآله: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) ( 164:10 ).

----------

1 ـ النساء، من الآية 17.
2 ـ سبعة أعضاء البدن، هي: الرأس، والصدر، والبطن، واليدان، والرِّجلان. وفي رأي بعضهم: الرأس، والجانبان، واليدان، والرجلان.
3 ـ الصَّبوح: شراب الصباح.
4 ـ التوبة النَّصوح هي التوبة التي لا يُحدِّث صاحبها نفسه بذنبٍ بعدها.
5 ـ الزمر، من الآية 54.