الطاعة والتقوى في القرآن الكريم
  • عنوان المقال: الطاعة والتقوى في القرآن الكريم
  • الکاتب: دار السيدة رقية (عليها السلام) للقرآن الكريم
  • مصدر: دار السيدة رقية (عليها السلام) للقرآن الكريم
  • تاريخ النشر: 18:0:41 1-9-1403

قال الله تعالى في كتابه المجيد : (( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )) (1) ، وقال: (( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ )) (2) .
الطاعة : هي الخضوع لله عز وجل ، وامتثال أوامره ونواهيه ، والتقوی : من الوقاية ، وهي صيانة النفس عما يضرها في الآخرة ، وقصرها علی ما ينفعها فيها (3) .
ولا ريب أن طاعة الله سبحانه هي من أشرف المزايا ، وأجل الخلال الباعثة علی‌ سعادة المطيع ، وفوزه بشرف الدنيا والآخرة ، قال تعالی : (( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمً )) (4) .
وتواترت الأحاديث الشريفة الحاثة علی طاعة الله سبحانه ، ووجوب امتثال أمره ، حيث روي عن الإمام الحسن الزكي (عليه السلام) في موعظته الشهيرة لجنادة : (( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ، وإذا أردت عزاً بلا عشيرة ، وهيبة بلا سلطان ، فاخرج من ذلّ معصية الله الی عزّ طاعة الله )) (5) .
وعن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال : (( اصبروا علی‌ طاعة الله ، وتصبّروا عن معصية الله ، فانما الدنيا ساعة ، فما مضی فلست تجد له سروراً ولا حزناً ، وما لم يأت فلست تعرفه ، فاصبر علی ‌تلك الساعة التي أنت فيها ، فكأنك قد اغتبطت )) (6) .
وعن رسول الله (صلی الله عليه وآله) قال : (( اذا كان يوم القيامة يقوم عنق من الناس ، فيأتون باب الجنة فيضربونه ، فيقال لهم : من أنتم ؟ فيقولون : نحن أهل الصبر ، فيقال لهم : علی‌ما صبرتم ؟ فيقولون : كنا نصبر علی طاعة الله ، ونصبر عن ‌معاصي الله ، فيقول الله (عز وجل) : صدقوا ، أدخلوهم الجنة ، وهو قول الله (عز وجل) : (( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ )) )) (7) .
وعن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) قوله : (( إذا أردت ان تعلم أن فيك خيراً ، فانظر الی قلبك ، فان كان يحب أهل طاعة الله (عز وجل) ، ويبغض أهل معصيته ؛ ففيك خير ، والله يحبك ، وإن كان يبغض أهل طاعة الله ، ويحبّ أهل معصيته ؛ فليس فيك خير ، والله يبغضك ، والمرء مع من أحب )) (8) .
ومن أعظم وأنفع ما يبعث عليه العقل : تقوی الله تعالی ، وهي من أكبر الذخائر عنده تعالی ، وجاء مدحها في الكتاب العزيز مراراً ، كما في قوله تعالی : (( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )) [الحجرات : 13] ، وقال : (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) [النساء : 1] ، وقال : (( وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )) [الحجرات : 10] ، (( وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ )) [البقرة : 197] وغيرها من الآيات الكريمة .
وقد علّق الله تعالی علی التقوی خير الدنيا والآخرة ، وأناط بها اعزّ الأماني والآمال ، منها :
1. المحبة من الله تعالی ، فقال سبحانه : ((  إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ )) [التوبة : 4] .
2. النجاة من الشدائد وتهيئة أسباب الارتزاق ، فقال : (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا )) [الطلاق : 2] .
3. النصر والتأييد ، قال تعالی : (( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ )) [النحل : 128] .
4. صلاح الأعمال وقبولها ، فقال تعالی : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ )) [الأحزاب : 70 - 71 ] . وقال : (( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ))  [المائدة : 27] .
5. البشارة عند الموت ، قال تعالی : (( الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ ))  [يونس :63- 64] .
6. النجاة من النار ، قال تعالی : (( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْ )) [مريم : 72] .
7. الخلود في الجنة ، قال تعالی : (( أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ )) [آل عمران : 133] .
فتجلی من هذا العرض ان التقوی هي الكنز العظيم ، الحاوي لصنوف الأماني والآمال المادية والروحية ، الدينية والدنيوية (9) .
وتكون التقوی بطاعة الله تعالی في امتثال أوامره ، والكفّ عن زواجره ، وهي عند الأولياء الخلّص ألذّ من كل ما يتعاطونه في دار الدنيا من أنواع المستلذات علی اختلاف أنواعها ، لما قد أشربت قلوبهم من حبّها ، فاستنارت وأشرقت وابتهجت بها ،‌ لاسيما وقد شابوها بالذكر والعبادة والأعمال الراجحة ، فحقرت نفوسهم الدنيا وما عليها (10) .
وروي عن الإمام علي (عليه السلام) قوله في مناجاة الله تعالی : (( ما عبدتك طمعاً في جنتك ، ولا خوفاً من نارك ، ولكن وجدتك أهلاً للعبادة ؛ فعبدتك )) .
وهي من أشرف منازل ودرجات العبادة ، ألا وهي عبادة المحبين ، قال تعالی : (( وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ )) [البقرة : 165] ، وهي تبعث علی الاستمرار في العمل ، والخضوع والخشوع والإخلاص ، قال تعالی : (( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ )) [البينة : 5] .
ــــــــــ
1 . سورة الأحزاب : 71.
2 . سورة النحل : 128.
3 . موسوعة أخلاق أهل البيت (عليهم السلام) ، ‌السيد مهدي الصدر : ص 174.
4 . سورة الفتح : 17.
5 . المصدر نفسه : ص 174.
6 . الوافي: ج3 ، ص 63 عن الكافي .
7 . بحار الانوار : ج 2، ص 49 عن الكافي : ج 2،‌ ص 75، ح4.
8 . المصدر نفسه : ح 1، ص 283 ، عن علل الشرائع والمحاسن للبرقي والكافي .
9 . موسوعة أخلاق أهل البيت (عليهم السلام) ، السيد مهدي الصدر : ص 174.
10 . موسوعة أخلاق أهل البيت ، الشيخ حسين الهمداني : ص 398.

---------------------------------

مراجعة وضبط النص شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي .