نقيض الذمّ، يُقال حَمِدْته على فِعله، ومنه المَحْمَدة خلاف المذمّة(1).
والحمد والمدح والشكر متقاربة المعنى، والفرق بين الحمد والشكر أنّ الحمد نقيض الذمّ كما أنّ المدح نقيض الهجاء، والشُّكر نقيض الكُفران. والحمد قد يكون من غير نعمة، والشُّكر يختصّ بالنعمة(2).
وقيل: إنّ الحمد هو الثناء بالجميل على قَصْد التعظيم والتبجيل للممدوح، سواء للنعمة وغيرها، والشكر فعل يُنبئ عن تعظيم المُنعِم لكَونه منعماً، سواء كان باللسان أو بالجَنان أو بالأركان(3).
والحمد لله تعالى هو الثناء عليه بالفضيلة، وهو أعمّ من الشُّكر(4)، وقيل في معنى قوله تعالى: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين (5): الأوصاف الجميلة والثناء الحسن كلّها لله الذي تحقّ له العبادة لكونه قادراً على أصول النِعم وفاعلاً لها، ولكونه مُنشئاً للخلق ومربّياً لهم ومُصلحاً لشأنهم. وفي الآية دلالة على وجوب الشكر لله على نِعمه، وفيها تعليم للعباد كيف يحمدونه(6).
وقيل: إنّه ما من حمدٍ يَحمَدُه حامدٌ لأمرٍ محمود إلاّ كان لله سبحانه حقيقةً؛ لأنّ الجميل الذي يتعلّق به الحمد إنّما هو منه سبحانه، فلله سبحانه جنس الحمد، وله سبحانه كلّ حمد(7).
وذكر البعض بأنّ جميع الموجودات ـ ومنها الإنسان ـ تحمد ربّها قولاً وفعلاً وحالاً، وأن الآية الكريمة: وإنْ مِن شيءٍ إلاّ يُسبّحُ بحمدِه (8) تُشير إلى أنَّ كشف الأشياء عن نِعم الوجود وسائر جهات الكمال التي أودعها ربّها فيها هو حمدٌ منها له سبحانه(9).
-----------
1 ـ لسان العرب، لابن منظور 314:3 «حمد».
2 ـ تفسير مجمع البيان، للطبرسي 94:1.
3 ـ مجمع البحرين، للطريحي 451:1.
4 ـ المفردات، للراغب الإصفهاني 131.
5 ـ الفاتحة: 2.
6 ـ تفسير مجمع البيان 97:1.
7 ـ تفسير الميزان، للطباطبائي 17:1.
8 ـ الإسراء: 44.
9 ـ انظر: تفسير الميزان19:1