أسلوب الأمر. ويشكل أسلوب الأمر في القرآن الكريم جانبا مهما في التشريع الإسلامي، فالأمر هو: طلب القيام بالفعل على سبيل الإلزام والتكليف. لذلك فالتشريع الإسلامي يعتمد أساسا على النصوص القرآنية والأحاديث الشريفة، المشتملة على الأمر ، لاستنباط الحكم الشرعي منها. ويتحقق أسلوب الأمر من خلال الصيغ التالية: فعل الأمر: كقوله تعالى( أقم الصلاة) اسم فعل الأمر: كقوله تعالى ( عليكم أنفسكم) الفعل المقترن بلام الأمر: كقوله تعالى ( فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم) الجملة الفعلية للإنشاء: كقوله تعالى ( والمطلقات من النساء يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) الجملة الاسمية للإنشاء: كقوله تعالى ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول …) المصدر النائب عن فعل الأمر: كقوله تعالى( وإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب) وكما عرفنا سابقا أن الأمر هو طلب القيام بالفعل على سبيل الإلزام والتكليف، فهل كل أمر في القرآن الكريم يدل على الوجوب؟ يقول العلماء الأصل في الأمر الوجوب، ولكن قد ينصرف الأمر إلى الندب أي الاستحباب، أو الإباحة، من خلال قرينة الجزاء الشرعي. فكل أمر جزاء فعله الثواب، وجزاء تركه العقاب فهو واجب كالأمر بالصلاة والصوم والحج. وكل أمر جزاء فعله الثواب، ولا عقاب على تركه فهو مستحب كالأمر بالدعاء والتسبيح والذكر. وكل أمر لا ثواب على فعله ولا عقاب على تركه فهو مباح كالأمر في تعدد الزوجات، وجواز الصيد بعد الإحلال من الإحرام. كما أن هناك جانبا آخر لأسلوب الأمر في القرآن الكريم، غير التشريع، وهو الجانب الأدبي للأمر في القرآن الكريم. والأمر الأدبي هو خروج معنى الأمر عن معناه الحقيقي أي لا يقصد به التشريع بل أغراض بلاغية تفهم من خلال السياق. كقوله تعالى( فأتوا بسورة من مثله) حيث إن الأمر هنا يقصد به التحدي والتعجيز. وكقوله تعالى ( ليكفروا بما آتيناهم) حيث القصد من الأمر التهديد، وفي قوله تعالى ( رب اغفر لي ولوالدي) القصد منه الدعاء. وبذلك نستطيع أن نقول إن أسلوب الأمر في القرآن نوعان: تشريعي يقصد به حكم ما. وأدبي يقصد به معنى آخر يفهم من سياق الكلام. وفي كليهما يشكل إعجازا عظيما، كما شكل فلسفة خاصة في المنهج القرآني. مما يدعو ذلك إلى التأمل بعمق في أسلوب الأمر، والوقوف عند آياته، لإدراك المعاني العظيمة فيه.