نظرية تفسير القرآن بالقرآن
  • عنوان المقال: نظرية تفسير القرآن بالقرآن
  • الکاتب: السيد كمال الحيدري
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 14:16:17 1-9-1403

حاول جملة من أعلام المفسّرين من الفريقين كالطبري والرازي والطبرسي والطوسي والطباطبائي أن ينتهجوا طريقاً آخر غير ما سلكه الآخرون. حيث اعتمدوا القرآن نفسه لتفسير القرآن؛ وذلك لما ورد عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلّم) وأئمّة أهل البيت (عليهم السلام) أنّ القرآن يفسّر بعضه بعضاً ويصدّق بعضه بعضاً وينطق بعضه ببعض.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (إنّ القرآن ليصدّق بعضه بعضاً فلا تكذبوا بعضه ببعض).

قال عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام): (وكتاب الله بين أظهركم ناطق لا يعيـى لسانه، وبيت لا تُهدم أركانه، وعزّ لا تهزم أعوانه... كتاب الله تبصرون به، وتنطقون به، وتسمعون به، وينطق بعضه ببعض، ويشهد بعضه على بعض، ولا يختلف في الله ولا يخالف بصاحبه عن الله).

لماذا يجب تفسير القرآن بالقرآن؟ استُدلّ لهذه النظرية بدليلين:

 

الدليل الأوّل:

لكي يتّضح هذا الدليل لابدّ من الإشارة إلى عدّة مقدّمات:

الأولى: إنّ القرآن الكريم كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لأنّه معجزة النبي الخالدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ قال تعالى: (وَإنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيد) (فصّلت: 41 ـ 42) والباطل نقيض الحقّ كما يقول الراغب في (المفردات)، وهو ما لا ثبات له عند الفحص عنه؛ قال تعالى: (ذَلِكَ بـِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ) (الحجّ: 62).

قال الرازي في ذيل قوله:( (لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ) وفيه وجوه:

● لا تكذّبه الكتب المتقدّمة كالتوراة، والإنجيل، والزبور، ولا يجيء كتاب من بعده يكذّبه.

● ما حكم القرآن بكونه حقّاً لا يصير باطلاً، وما حكم بكونه باطلاً لا يصير حقّاً.

● معناه أنّه محفوظ من أن ينقص منه فيأتيه الباطل من بين يديه، أو يزاد فيه فيأتيه الباطل من خلفه، والدليل عليه قوله (وَإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر: 9) فعلى هذا الباطلُ هو الزيادة والنقصان.

● يحتمل أن يكون المراد أنّه لا يوجد في المستقبل كتاب يمكن جعله معارضاً له ولم يوجد فيما تقدّم كتاب يصلح جعله معارضاً له).

وقال الزمخشري: (هذا مثل كأنّ الباطل لا يتطرّق إليه ولا يجد إليه سبيلاً من جهة من الجهات حتّى يصل إليه ويتعلّق به).

أمّا قوله تعالى في ذيل الآية: (تنزِيلٌ مِنْ حَكِيم حَمِيد) فهو الدليل على عدم وصول الباطل ـ بأيّ طريقٍ ـ إلى القرآن. فالباطل قد يسري إلى الكلام الذي يصدر من الأفراد ذوي العلم المحدود والقدرات النسبية، أمّا الذي يتّصف بالعلم المطلق والحكمة المطلقة ويجمع كلّ الصفات الكمالية التي تجعله أهلاً للحمد، فلا يطرأ على كلامه البطلان، ولا ينسخ أو ينقض أو تمتدّ إليه يد التحريف، ولا يتناقض كلامه مع الكتب السماوية والحقائق السابقة، ولا يعارض بالمكتشفات العلمية الراهنة أو تلك التي يكشفها المستقبل. والحاصل فإنّ الآية واضحة الدلالة على نفي التحريف عن القرآن، سواء من جهة الزيادة أو النقصان، وهذا ما اتّفقت عليه كلمة المحقّقين من علماء المسلمين.

الثانية: إنّه لا يوجد بين مضامين القرآن الكريم أيّ اختلاف أصلاً. لقوله تعالى: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً) (النساء : 82 ). وهذا قياس استثنائي مؤدّاه: لو كان القرآن من عند غير الله لوُجد فيه اختلاف كثير، وحيث لا يوجد فيه ذلك، فهو من عند الله سبحانه. وجه الملازمة بين المقدّم والتالي أنّ غيره تعالى من الموجودات الواقعة في هذا النشأة، كلّها قائمة على أساس التحرّك والتكامل، وهذا قانون عام يجري في الإنسان أيضاً، فلا ترى واحداً من هذه الموجودات يبقى آنين متواليين على حال واحد، بل لا يزال يختلف من حال إلى حال. أمّا دليل بطلان التالي وهو عدم وجود الاختلاف فيه فهو مستبطن في المقدّمة الأولى؛ إذ لو وجد الاختلاف لكان متضمّناً للباطل، والمفروض أنّه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

 

والحاصل المستفاد من هذه الآية المباركة أمور:

1. إنّ القرآن ممّا يناله الفهم العادي. فلو لم يكن كذلك لما أمر سبحانه وتعالى الناس بالتدبّر والتأمّل فيه لمعرفة الحقّ، وإنّ التأمّل فيه يهدي صاحبه إلى كون القرآن من عند الله تعالى العليم بمصالح عباده الذي يهديهم بما يصلح أمرهم .

2. إنّ القرآن الكريم كامل مكمّل من جميع الجهات، لا يقبل الاختلاف ولا التغيير، ولا التحوّل والنسخ ولا الإبطال، ولا التهذيب ولا التكميل، فلا حاكم عليه أبداً؛ لأنّ ذلك كلّه من شؤون الاختلاف. فإذا كان منفيّاً عنه بالكلّية، فلا يقبل القرآن أيّاً منها، ولازم ذلك أنّ الشريعة الإسلامية مستمرّة إلى يوم القيامة.

3. إنّ هذا الكتاب لمّا كان كاملاً من كلّ جهة، لابدّ أن يكون نازلاً من عند الكامل المستجمع لجميع صفات الكمال الذي لا يُتصوّر النقص فيه أبداً، وليس هو إلاّ الله سبحانه، لأنّ غيره تعالى سواء كان إنساناً أو ملكاً أو أيّ مخلوق آخر، قرين النقص والاختلاف، فلا يمكن أن يصدر منه ما ليس فيه اختلاف، وإنّ الكمال مهما بلغ من الشأن في المخلوق فهو محدود، والقرآن بعجائبه وغرائبه غير محدود، فهو المعجزة الخالدة، لذا عبّر عنه سيّد المرسلين (صلى الله عليه وآله وسلّم) بقوله: (لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه).

الثالثة: مضافاً إلى ما ثبت من أنّ القرآن كتاب لا يأتيه الباطل وأنّه لم يقع فيه الاختلاف، هناك خصوصية ثالثة وهي أنّ آياته متشابهة، والتشابه هو توافق أشياء مختلفة واتّحادها في بعض الأوصاف والكيفيات، وقد وصف الله سبحانه جميع القرآن بهذا الوصف حيث قال: (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابـِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) (الزمر: 23) والمراد كون آيات الكتاب ذات نسق واحد من حيث جزالة النظم، وإتقان الأسلوب، وبيان الحقائق والحكم، والهداية إلى صريح الحقّ، كما تدلّ عليه القيود المأخوذة في الآية. وهذا غير التشابه الذي في المتشابه المقابل للمحكم، فإنّه صفة بعض آيات الكتاب وهذا صفة للجميع.

وقوله: (مثاني) جمع مثنية بمعنى المعطوف؛ لانعطاف بعض آياته على بعض ورجوعه إليه بتبيين بعضها وتفسير بعضها لبعض من غير اختلاف فيها بحيث يدفع بعضه بعضاً ويناقضه.

قال الرازي في ذيل هذه الآية: (إنّ كلّ ما فيه من الآيات والبيانات فإنّه يقوّي بعضها بعضاً ويؤكّد بعضها بعضاً ).

ممّا تقدّم اتّضح أنّ القرآن كتاب:

● لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

● لا اختلاف بين مضامينه أبداً.

● متشابه مثاني.

وكتاب له مثل هذه الخصوصيات لا يمكن إلاّ أن يكون مفسِّراً لنفسه ومبيّناً لمعارفه دون حاجة إلى الغير، إذ لو احتاج إلى الغير للزم أن لا يكون التدبّر فيه موصلاً إلى أنّ هذا الكتاب منه تعالى. وهذا خلاف ما دلّ عليه قوله: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ...)، ولزم أن لا يكون القرآن أحسن الحديث يهدي به الله من يشاء من عباده إلاّ بمعونة الغير، والمفروض أنّه هو الدليل على صحّة نبوّة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلّم).

 

الدليل الثاني:

إنّ القرآن وصف نفسه بأنّه نور وأنّه هدىً وأنّه تبيان، فكيف يتصوّر كتاب له مثل هذه الأوصاف مفتقراً إلى هادٍ غيره ومستنيراً بنور غيره ومبيَّناً بأمر غيره؟

قال الطباطبائي في تفسيره: (إنّ الطريق لفهم القرآن يمرّ من خلال منهجين:

أحدهما: أن نبحث بحثاً علمياً أو فلسفياً أو غير ذلك عن مسألة من المسائل التي تتعرّض لها الآية حتّى نقف على الحقّ في المسألة ثمّ نأتي بالآية ونحملها عليه. وهذه طريقة يرتضيها البحث النظري، غير أنّ القرآن لا يرتضيها.

ثانيهما: أن نفسّر القرآن بالقرآن ونستوضح معنى الآية من نظيرتها بالتدبّر المندوب إليه في القرآن نفسه، ونشخّص المصاديق ونتعرّفها بالخواصّ التي تعطيها الآيات كما قال تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْء) (النحل: 89). وحاشا أن يكون القرآن تبياناً لكلّ شيء ولا يكون تبياناً لنفسه، وقال تعالى: (هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَات مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) (البقرة: 185) وقال تعالى: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبـِينٌ) (المائدة: 15) وكيف يكون القرآن هدى وتبياناً وفرقاناً ونوراً مبيناً للناس في جميع ما يحتاجون ولا يكفيهم في احتياجهم إليه وهو أشدّ الاحتياج ! وقال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) (العنكبوت: 69) وأيّ جهاد أعظم من بذل الجهد في فهم كتابه ! وأيّ سبيل أهدى إليه من القرآن !ثمّ إنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) الذي علّمه القرآن وجعله معلّماً لكتابه كما يقول تعالى: (نَزَلَ بـِهِ الرُّوحُ الأمِينُ عَلَى قَلْبـِكَ) (الشعراء: 193 ـ 194) ويقول: (وَأَنزَلْنَا إلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ) (النحل: 44) و (يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) (آل عمران: 164) وعترته أهل بيته ـ الذين أقامهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) هذا المقام ـ في الحديث المتّفق عليه بين الفريقين (إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً، كتاب الله وعترتي أهل بيتـي وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض). وصدّقه الله تعالى في علمهم بالقرآن حيث قال عزّ من قائل: (إنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (الأحزاب: 33). وقال: (إنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُون * لاَ يَمَسُّهُ إلاَّ الْمُطَهَّرُونَ) (الواقعة: 77 ـ 79) وقد كانت طريقتهم في التعليم والتفسير هذه الطريقة بعينها على ما وصل إلينا من أخبارهم في التفسير.

هذا هو الطريق المستقيم والصراط السويّ الذي سلكه معلّمو القرآن وهداته صلوات الله عليهم ).

 

نماذج تطبيقية:

● إنّ عمر بن الخطّاب أُتي بامرأة وضعت لستّة أشهر فهمّ برجمها، فبلغ ذلك عليّاً فقال:( ليس عليها رجم. فبلغ ذلك عمر فأرسل إليه يسأله، فقال علي (عليه السلام): (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) (البقرة : 233) وقال: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً) (الأحقاف: 15) فستّة أشهر حمله، وحولان تمام الرضاعة، لا حدّ عليها ولا رجم عليها. قال: فخلّى عنها).

● عن زُرقان (لعلّه محمّد بن عبد الله بن سفيان المعروف بزرقان الزيّات) صاحب ابن أبي داود قال: رجع ابن أبي داود ذات يوم من عند المعتصم وهو مغتمّ ، فقلت له في ذلك، فقال: وددتُ اليوم أنّي قد متُّ منذ عشرين سنة. قال: قلت له: ولِمَ ذاك؟

قال: لِما كان من أبي جعفر محمّد بن علي بن موسى اليوم بين يدي أمير المؤمنين المعتصم. قال: قلتُ له: وكيف كان ذلك؟

قال: إنّ سارقاً أقرّ على نفسه بالسرقة وسأل الخليفة تطهيره بإقامة الحدّ عليه، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه، وقد أحضر محمّد بن علي، فسألنا عن القطع في أي موضع يجب أن يُقطع؟

قال: فقلتُ من: الكُرسوع (وهو طرف الزند الذي يلي الخنصر). قال: وما الحجّة في ذلك؟

قال: قلت: لأنّ اليد هي الأصابع والكف إلى الكرسوع؛ لقول الله تعالى في التيمّم: (فَامْسَحُوا بـِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) (النساء: 43) واتّفق معي على ذلك قوم.

وقال آخرون: بل يجب القطع من المِرفق. قال: وما الدليل على ذلك؟ قالوا: لأنّ الله لمّا قال: (وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ) (المائدة: 6) في الغَسل، دلّ ذلك على أنّ حدّ اليد هو المِرفق.

قال: فالتفت إلى محمّد بن علي، فقال: ما تقول في هذا يا أبا جعفر؟

فقال:( قد تكلّم القوم فيه. قال: دعني ممّا تكلّموا به، أيّ شيء عندك؟

قال: أعفني عن هذا. قال: أقسمت عليك بالله لمّا أخبرت بما عندك فيه. فقال: أمّا إذا أقسمت عليَّ بالله إنّي أقول إنّهم اخطأوا فيه السُنّة، فإنّ القطع يجب أن يكون من مَفصل أُصول الأصابع، فيُترك الكفّ. قال: وما الحجّة في ذلك؟

قال: قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): السجود على سبعة أعضاء: الوجه، واليدين، والركبتين، والرجلين» فإذا قطعت يده من الكُرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها، وقال الله تبارك وتعالى: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ للهِِ) يعنـي به هذه الأعضاء السبعة التـي يسجد عليها (فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) (الجنّ: 18) وما كان لله لم يُقطع).

قال: فأعجب المعتصم ذلك وأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكفّ.

قال ابن أبي داود: قامت قيامتي وتمنّيتُ أنّي لم أكُ حيّاً).

● عن زرارة ومحمّد بن مسلم أنّهما قالا: قلنا لأبي جعفر الباقر (عليه السلام): ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي؟ وكم هي؟

فقال:( إنّ الله عزّ وجلّ يقول: (وَإذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ) (النساء: 101) فصار التقصير في السفر واجباً كوجوب التمام في الحضر. قالا: قلنا له: إنّما قال الله عزّ وجلّ: (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ) ولم يقل: افعلوا فكيف أوجب ذلك؟ فقال (عليه السلام): أوليس قد قال الله عزّ وجلّ في الصفا والمروة: (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بـِهِمَا) (البقرة: 158) ألا ترون أنّ الطواف بهما واجب مفروض لأنّ الله عزّ وجلّ ذكره في كتابه وصنعه نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلّم)، وكذلك التقصير في السفر شيء صنعه النبـي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وذكره في كتابه)