شذراتٌ نورانيّة (47)
الخير
• قال تعالى:
يومَ تَجدُ كلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَت مِن خَيرٍ
مُحْضَراً..
[ سورة آل عمران:30 ].
• وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « اطلبُوا
الخيرَ دهرَكم، واهرُبوا من النار جُهدَكم؛ فإنّ الجنّة لا يَنام طالبُها،
وإنّ النار لا ينام هاربُها » ( كنز العمّال / خ 43597 ).
• وقال أمير المؤمنين عليه السلام: « فِعلُ الخير
ذخيرةٌ باقية، وثمرةٌ زاكية » ( بحار الأنوار 76:77 / ح 3 ).
• وعنه سلام الله عليه: « مَن فَعَل الخيرَ فبنفسه
بدأ » ( غرر الحكم / ح 8177 ).
• وقد يتفاجأ مَن يقرأ هذين الحديثين الشريفين
للإمام عليّ عليه السلام، حيث قال:
ـ « الخيرُ أسهلُ مِن فعل الشرّ » ( غرر الحكم / ح 1199 ).
ـ « إنّكم بِعَينِ مَن حرّم عليكمُ المعصية، وسَهّل لكم سُبلَ الطاعة » (
نهج البلاغة: الخطبة 151 ).
• وقد يُعجَب العاقل إذا قرأ ما قاله عليه السلام
في جوامع الخير، حيث رُوي عنه قوله: « جُمِع الخيرُ كلُّه في ثلاث خصال:
النظر، والسكوت، والكلام. فكلُّ نظرٍ ليس فيه اعتبارٌ فهو سَهْو، وكلُّ
سكوتٍ ليس فيه فكرةٌ فهو غفلة، وكلُّ كلامٍ ليس فيه ذِكرٌ فهو لَغَط.
فطُوبى لمَن كان نظرُه عِبَراً، وسكوتُه فِكْراً، وكلامُه ذِكْراً، وبكى
على خطيئته، وأمِنَ الناسُ شرَّه » ( بحار الأنوار 312:74 / ح 69 ).
• ومن مشهدٍ آخر نقرأ هذا الحديثَ القدسيّ الذي
رواه لنا الإمام محمّد الباقر عليه السلام قائلاً: « أوحى الله تعالى إلى
آدم عليه السلام: يا آدم، إنّي أجمع لك الخيرَ كلَّه في أربع كلمات: واحدةٌ
منهنّ لي، وواحدةٌ لك، وواحدةٌ فيما بيني وبينَك، وواحدةٌ فيما بينَك وبين
الناس.
فأمّا التي لي فتعبدني ولا تُشرِكُ بي شيئاً، وأمّا التي لك فأُجازيك بعملك
أحوَجَ ما تكون إليه، وأمّا التي بيني وبينك فعليك الدعاءُ وعلَيّ الإجابة،
وأمّا التي فيما بينك وبين الناس فترضى للناس ما ترضى لنفسك » ( بحار
الأنوار 26:75/ ح 8 ).
• ومن تنبيهٍ ورد عن الإمام الصادق عليه السلام جاء
فيه قوله: « الخيرُ كلُّه أمامَك، وإنّ الشرَّ كلَّه أمامَك، ولن ترى
الخيرَ والشرَّ إلاّ بعد الآخرة؛ لأنّ الله عزّوجلّ جعل الخير كلَّه في
الجنّة، والشرَّ كلَّه في النار » ( تحف العقول:306 ).
• وحول ما يُنال به خيرُ الدنيا والآخرة، جاءت
الروايات الشريفة متوافرة، منها:
ـ قول رسول الله صلّى الله عليه وآله: « مَن جَمَع اللهُ له أربعَ خصالٍ
جَمَع الله له خيرَ الدنيا والآخرة.. قلباً شاكراً، ولساناً ذاكراً، وداراً
قَصْداً، وزوجة صالحة » ( كنز العمّال / خ 30811 ).
ـ وقوله صلّى الله عليه وآله في روايةٍ أخرى من طريقٍ آخر: « مَن أُعطيَ
أربعَ خصال في الدنيا فقد أُعطيَ خيرَ الدنيا والآخرة، وفاز بحظّه منهما:
ورعٌ يعصمه عن محارم الله، وحُسنُ خُلقٍ يعيش به في الناس، وحلمٌ يدفع به
جهلَ الجاهل، وزوجة صالحة تُعينه على أمر الدنيا والآخرة » ( أمالي
الطوسي:577 / ح 1190 ).
ـ وقول الإمام عليٍّ عليه السلام: « جاء رجلٌ إلى النبيّ صلّى الله عليه
وآله فقال: علِّمْني عملاً يُحبّني الله عليه، ويُحبّني المخلوقون، ويُثْري
الله مالي، ويُصحّ بدني، ويُطيل عمري، ويحشرني معك. قال: هذه ستّ خصال
تحتاج إلى ستّ خصال: إذا أردتَ أن يُحبَّك الله فخَفْه واتّقِه، وإذا أردتَ
أن يحبّك المخلوقون فأحسِنْ إليهِم وارفُضْ ما في أيديهم، وإذا أردتَ أن
يُثريَ اللهُ مالك فَزَكِّه، وإذا أردت أن يُصحَّ الله بدنك فأكثِرْ مِن
الصدقة، وإذا أردتَ أن يُطيل اللهُ عُمرَك فَصِلْ ذوي أرحامك، وإذا أردت أن
يحشرك الله معي فأطِلِ السجودَ بين يَدَيِ اللهِ الواحد القهّار » ( بحار
الأنوار 164:85 / ح 12 ).
• وفي باب المبادرة إلى الخيرات، كذلك توافرت
الروايات، منها:
ـ قول النبيّ صلّى الله عليه وآله: « إنّ الله يحبّ من الخير ما يُعجَّل »
( الكافي 142:2 / ح 4 ).
• وقول الإمام عليٍّ عليه السلام: « بادِرُوا بعمل
الخير قبلَ أن تُشغَلوا عنه بغيره » ( الخصال:620 / ح 10 ).
• وقول الإمام الباقر عليه السلام حاثّاً محذِّراً:
« إذا هممتَ بخيرٍ فبادر، فإنّك لا تدري ما يَحدُث » ( الكافي 142:2 / ح 3
).
ـ وفي روايةٍ أخرى قال سلام الله عليه: « مَن هَمّ بشيءٍ مِن الخير
فَلْيُعجِّلْه، فإنّ كلَّ شيءٍ فيه تأخير فإنّ للشيطان فيه نظرة » ( بحار
الأنوار 225:71 / ح 38 ).
• وقول الإمام الصادق عليه السلام مرغّباً: « إذا
هممتَ بخيرٍ فلا تُؤخِّرْه، فإنّ الله تبارك وتعالى ربّما اطّلع على عبده
وهو على الشيء من طاعته فيقول: وعزّتي وجلالي، لا أُعذّبك بعدَها » ( بحار
الأنوار 217:71 / ح 20 ).
• هذا، وقد جاء النهي عن تحقير القليل من الخير،
كما في:
ـ قول أمير المؤمنين عليه السلام: « افعلوا الخيرَ ولا تَحْقِروا منه
شيئاً؛ فإنّ صغيرَه كبير، وقليلَه كثير » ( نهج البلاغة: الحكمة 422 ).
ـ وقول الإمام الصادق عليه السلام: « لا تُصغِّرْ شيئاً من الخير، فإنّك
تراه غداً حيث يَسُرّك » ( بحار الأنوار 182:71 / ح 37 ).
• وأمّا صفات الخير، فقد وردت في الحديث القدسيّ
الشريف في المعراج، حيث خاطب الله تعالى حبيبَه رسول الله صلّى الله عليه
وآله قائلاً له:
« يا أحمد، إنّ أهلَ الخير وأهلَ الآخرة رقيقةٌ وجوهُهم، كثيرٌ حياؤُهم،
قليلٌ حُمقُهم، كثيرٌ نفعهم، قليلٌ مَكرُهم. الناس منهم في راحة، وأنفُسهم
منهم في تعب. كلامُهم موزون، مُحاسِبِين لأنفسهم مُتْعِبين لها. تنام
أعينُهم ولا تنام قلوبُهم. أعينُهم باكية، وقلوبُهم ذاكرة. إذا كُتب الناس
من الغافلين كُتِبوا من الذاكرين... » ( بحار الأنوار 24:77 / ح 6 ).