طرائف.. وظرائف (9)
  • عنوان المقال: طرائف.. وظرائف (9)
  • الکاتب: نقلاً من موقع شبكة الإمام الرضا عليه السلام
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 0:9:30 2-9-1403

طرائف.. وظرائف (9)

كان في أصفهان رجلٌ يُدعى عبدالرحمان، كان محبّاً وموالياً لأهل البيت عليهم السلام متّبعاً لأمرهم، فسأله جماعة: ما الذي أوجب عليك الاقتداء بمذهب أهل البيت ؟ فأجاب: قامت علَيّ الحُجّةُ بذلك، قالوا: كيف ؟ قال:
كنتُ رجلاً فقيراً، وكان لي لسانٌ وجرأة، فأخرجني أهل أصفهان سنةً من السنين معهم إلى المتوكّل العبّاسي متظلّمين، وإذ نحن وقوف على بابه علمنا أنّ أمره كان قد صدر بإحضار الإمام عليّ الهادي عليه السلام، فسألت: مَن هذا الرجل الذي أمر المتوكّل بإحضاره ؟ فقيل: هو رجلٌ علويّ تقول الشيعة بإمامته.. وإنّما أحضره المتوكّل ليقتله! قال عبدالرحمان: فقلت في نفسي: لا أغادر هذا المكان حتى أنظر إلى هذا الرجل كيف هو. ولم تمضِ فترة حتّى أقبل الرجل راكباً على فرسه وقد قام الناس صفَّين ينظرون إليه، فلمّا رأيتُه وقع حبُّه في قلبي، فجعلتُ أدعو له في نفسي بأن يدفع الله عنه شرَّ المتوكّل، فأقبل الرجل يسير بين الناس لا يلتفت يمنياً ولا يساراً، بل كان ينظر إلى عُرْف دابّته، وأنا ماضٍ في الدعاء له، فلمّا حاذاني أقبَلَ علَيّ بوجهه وقال لي: « قد استجاب اللهُ دعاءك، وطوّل عمرك، وكثّر مالك ووُلدَك ».
قال عبدالرحمان: ففزعتُ وارتعدت، ووقعتُ بين أصحابي، فسألوني: ما بِك ؟ وما شأنك ؟ فلم أُخبرهم بشيء، ثمّ رجعنا بعد ذلك إلى أصفهان ففتح الله علَيّ وجوهاً من المال بدعائه، حتّى أنّي أُغلق بابي على ما يقرب ألفَ ألفِ درهم سوى ما لديّ خارج داري، ورُزِقتُ عشرةً من الأولاد، وقد بلغتُ من العمر خمساً وسبعين سنةً، فكان هذا هو الذي جعلني أعتقد بإمامته؛ لأنّه عَلِم ما في قلبي، واستجاب الله دعاءَه لي. ( الثاقب في المناقب لابن حمزة :549 ـ 550 / ح 11 )
وقع بين إبراهيم بن مهزم ( أحد أصحاب الإمام الصادق عليه السلام ) وأمّه خالدة كلامٌ وشِجار، قال ابن مهزم: فأغلظتُ لها، فلمّا كان يومُ غدٍ صلّيت الصبح ودخلتُ على أبي عبدالله الصادق عليه السلام، فابتدأَني قائلاً: « يا ابنَ مهزم، ما لك وللوالدة أغلظتَ لها البارحة ؟! أوَ ما علمتَ أنّ بطنها منزلٌ قد سكَنْتَه، وأنّ حِجْرها مهدٌ قد غمزتَه، وثديُها وعاءٌ قد شربتَه ؟! ». قال: قلت: نعم، قال: « فلا تُغلِظ لها ». ( دلائل الإمامة لأبي جعفر محمّد ابن جرير الطبري الإمامي:115، مناقب آل أبي طالب 348:3 )
قال رجل لأبي عبدالله الصادق عليه السلام: بأبي أنت وأمّي، إنّي أدخل كنيفاً لي ولي جيرانٌ عندهم جَوارٍ يَتغَنّين ويضربن بالعود، فربّما أطلتُ الجلوس استماعاً منّي لهنّ، فقال عليه السلام: « لا تفعل »، فقال الرجل: واللهِ ما أتيتُهنّ، إنّما هو سَماعٌ أسمعه بأُذُني، فقال عليه السلام له: « أما سمعتَ اللهَ يقول: إنّ السمعَ والبصرَ والفؤادَ كلُّ أولئك كان عنه مسؤولاً ؟! »، فقال: بلى والله، كأنّي لم أسمع هذه الآيةَ قطّ من كتاب الله، لا جَرَم إني لا أعود إن شاء الله، وإنّي أستغفر الله، فقال عليه السلام له: « قُمْ فاغتسلْ وصلِّ ما بدا لك؛ فإنّك كنت مقيماً على أمرٍ عظيم، ما كان أسوأَ حالَك لو متَّ على ذلك! إحمَدِ الله واسأله التوبة مِن كلّ ما يكره، فإنّه لا يكره إلاّ كلَّ قبيح، والقبيح دَعْه لأهله، فإنّ لكلٍّ أهلاً ». ( تفسير العيّاشي 292:2 ـ 293 / ح 76، من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق 80:1 / ح 117 )
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: « نزل رسول الله صلّى الله عليه وآله في غزوة ذات الرِّقاع تحت شجرةٍ على شفير وادٍ، فأقبل سيلٌ فحالَ بينه وبين أصحابه، فرآه رجلٌ من المشركين والمسلمون قيامٌ على شفير الوادي ينتظرون متى ينقطع السيل، فقال رجلٌ من المشركين لقومه: أنا أقتل محمّداً! فجاء وشدّ على رسول الله صلّى الله عليه وآله بالسيف، ثمّ قال: مَن يُنْجيك منّي يا محمّد ؟! فقال: ربّي وربُّك. فنسفه جبرئيل عليه السلام عن فرسه فسقء على ظهره، فقام رسول الله صلّى الله عليه وآله وأخذ السيف وجلس على صدره وقال: مَن يُنجيك منّي يا غورث ؟! فقال: جودُك وكرمك يا محمّد.
قال عبدالملك بن مروان أحد حكّام بني أميّة للحجّاج: ليس مِن أحدٍ إلاّ وهو يعرف عيب نفسه، فَصِفْ لي عيوبك، قال: إعفِني، قال عبدالملك: لابدّ أن تقول، قال الحجّاج: أنا لَجوجٌ حَسودٌ حَقود! فقال عبدالملك: ليس في إبليس أكثرُ شرّاً من هذا!! ( تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر الدمشقي الشافعي 167:12، البداية والنهاية لابن كثير 151:9 )
وفي خبر: بعث أبو عبدالله الصادق عليه السلام غلاماً له في حاجةٍ فأبطأ، فخرج عليه السلام: « يا فلان، واللهِ ما ذلك لك، تنام الليل والنهار ؟! لك الليل ولنا منك النهار ». ( الكافي 112:2 / ح 7، مناقب آل أبي طالب 395:3 )