طرائف.. وطرائف (8)
•
عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال:
« لمّا أُسريَ بي إلى السماء دخلتُ الجنّة فرأيتُ قِيعانَ يَقَق ( القيعان:
جمع القاع وهي الأرض السهلة، واليقق: المتناهي البياض )، ورأيت فيها
ملائكةً يبنون لَبِنةً من فضّة ولَبِنةً من ذهب، وربّما أمسكوا، فقلت لهم:
ما لكم ربّما بَنَيتم وربّما أمسكتم ؟ فقالوا: حتّى تجيئنا النفقة، فقلت:
فما نفقتُكم ؟ قالوا: قول المؤمن في الدنيا: سبحان الله، والحمد لله، ولا
إله إلاّ الله، والله أكبر، فإذا قال بَنَينا، وإذا أمسك أمسَكْنا ». ( نور
الثقلين للحويزي 132:3 ـ 133 / ح 51، تفسير القمّي 21:1 )
• وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « أوّل ما
عُصي الله تبارك وتعالى بسِتّ خصال: حبّ الدنيا، وحبّ الرئاسة، وحبّ
الطعام، وحبّ النساء، وحبّ النوم، وحبّ الراحة ». ( الخصال:330 / ح 27 ـ
باب الستّة )
• ورُوي أنّ أمّ أيمن لمّا تُوفّيت فاطمة الزهراء
عليها السلام، حلفت أن لا تكون بالمدينة إذ لا تُطيق النظر إلى مواضع كانت
فاطمة عليها السلام فيها، فخرجت إلى مكّة، فلمّا كانت في بعض الطريق عطشت
عطشاً شديداً، فرفعت يديها وقالت: يا ربّ، أنا خادمة فاطمة، تقتلُني عطشاً!
فأنزل الله عليها دلواً من السماء، فشربت، فلم تَحتَجْ إلى الطعام والشراب
سبع سنين، وكان الناس يبعثونها في اليوم الشديد الحرّ فما يُصيبها عطش! (
الخرائج والجرائح للقطب الراوندي 530:2 / ح 5 )
• حدّث إبراهيم بن سعد الأسدي قال: سمعت أبي يقول:
رأيت النبيَّ صلّى الله عليه وآله في الرؤيا فقال لي: مِن أيّ الناس أنت ؟
فقلت: من ا لعرب، فقال: فمِن أيّ العرب أنت ؟ فقلت: مِن بني أسد من
خُزَيمة، فقال: أتعرف الكُمَيت بنَ زيد ؟ قلت: يا رسول الله، إنّه ابن عمّي
ومن قبيلتي، فقال: أتحفَظ من شعره شيئاً ؟ قلت: نعم، قال صلّى الله عليه
وآله: أنشِدْني قصيدته ( طرِبتُ ). فأنشدتُه:
طَرِبتُ وما شوقاً إلى البِيضُ أطربُ |
|
ولا لَعِباً منّي.. وذو الشيبِ يلعبُ ؟! |
إلى أن وصلتُ في القصيدة إلى قول الكميت:
فما لـيَ إلاّ آلُ أحمـدَ شيعـةٌ |
|
وما ليَ إلاّ مذهبُ الحقِّ مذهبُ |
فقال صلّى الله
عليه وآله: إذا أصبحتَ فأقرِئْه عنّي السلامَ وقلْ له: إنّ الله غفر لك
بهذه القصيدة. ( كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني 124:15، الدرجات
الرفيعة للسيّد علي خان المدني:567 ـ 568 ).
• وعن الإمام الصادق سلام الله عليه قال: « كان
الحسين بن عليٍّ ذات يوم في حِجر النبيّ صلّى الله عليه وآله يلاعبه
ويضاحكه، فقالت عائشة: يا رسول الله، ما أشدَّ إعجابَك بهذا الصبيّ! فقال
لها: ويلكِ! وكيف لا أُحبّه ولا أُعجَب به وهو ثمرة فؤادي وقرّة عيني ؟!
أمَا إنّ أمّتي ستقتله، فمَن زاره بعد وفاته كتب الله له حِجّةً مِن حِججي.
قالت: يا رسول الله، حجّةً من حججك! قال: نعم وحجّتين من حججي، قالت: يا
رسول الله حجّتينِ من حججك! قال: نعم وأربعة. قال: فلم تزل تزادّه ويزيد
ويضعّف، حتّى بلغ تسعين حجّةً من حجج رسول الله صلّى الله عليه وآله
بأعمارها ». ( كامل الزيارات لابن قولويه:143 ـ 44 / ح 1 ـ الباب 22، مناقب
آل أبي طالب 272:3، بأعمارها: جمع عُمرة )
• وفي الخبر أنّ هِشام بن عبدالملك قدم أيّام حكمه
الجائر إلى مكّة، فقال: إئتوني برجلٍ من الصحابة، فقيل له: لا يوجد منهم
أحد، فقال: فمِن التابعين. فجِيء له بطاووس اليماني، فلمّا دخل طاووس عليه
خلع نَعلَيه بحاشية بساطه، ولم يسلّم عليه بإمرة المؤمنين، بل قال: السلام
عليكم، ولم يُكَنِّه، ثمّ جلس إلى جنبه وقال له: كيف أنت يا هشام ؟
فغضب هشام ـ وكان معروفاً بتجبّره ـ فقال لطاووس: ما حمَلَك على ما صنعتَ ؟
فقال طاووس متعجّباً: وما صنعتُ ؟! قال: خلعتَ نعليك بحاشية بساطي، ولم
تُسلّم علَيّ بإمرة المؤمنين، ولم تُكنِّني، وجلستَ إلى جنبي وقلتَ: كيف
أنت يا هشام ؟ فقال طاووس: أمّا خلعُ نَعلَيّ بحاشية بساطك، فإني أخلعها
بين يَدَي ربّ العزّة خمس مرّاتٍ كلَّ يومٍ فلم يغضب علَيّ لذلك.
وأمّا قولك: لم تُسلّم علَيّ بإمرة المؤمنين، فليس كلُّ الناس راضين
بإمرتك، فكرِهتُ أن أكذب عليك. وأمّا قولك: لم تُكنّني، فإنّ الله عزّوجلّ
سمّى أولياءَه فقال: يا داود، يا يحيى، يا عيسى، وكنّى أعداءَه فقال:
تَبّتْ يدا أبي لَهَب
.
وأمّا قولك: جلستَ إلى جنبي، فإنّي سمعتُ أمير المؤمنين عليّاً عليه السلام
يقول: « إذا أردتَ أن تنظر إلى رجلٍ من أهل النار، فانظرْ إلى رجلٍ جالسٍ
وحوله قومٌ قيام! ».
فقال له هشام يستدرك حاله: عِظْني، فقال طاووس: سمعتُ أمير المؤمنين عليّاً
عليه السلام يقول: « إن في جهنّم حيّاتٍ كالتلال، وعقاربَ كالبِغال، تَلدَغ
كلَّ أميرٍ لا يَعدِل في رعيّته! » ( الكنى والألقاب للشيخ عبّاس القمّي
440:2 ـ 441 ).