شذرات نورانيّة (36)
  • عنوان المقال: شذرات نورانيّة (36)
  • الکاتب: نقلاً من موقع شبكة الإمام الرضا عليه السلام
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 12:7:17 14-9-1403

شذرات نورانيّة (36)

الخياطة
قد لا يتصوّر الكثير منّا أنّ للإسلام كلمتَه في كلّ شأنٍ من شؤون الحياة، حتّى في الحِرَف والأعمال، ومنها الخياطة، حيث جاء في كتاب ( تنبيه الخواطر ونزهة النواظر لورّام ج 1: ص 41 ـ 42 ) هذه الروايات الشريفة:
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « عملُ الأبرار من الرجال الخياطة، وعمل الأبرار من النساء الغَزْل ».
وكان صلّى الله عليه وآله يَخيط ثوبَه، ويَخصِف نَعْلَه، وكان أكثر عمله في بيته الخياطة.
ووقف الإمام عليّ عليه السلام يوماً على خيّاط فقال له: « يا خَيّاط، ثكلَتْك الثواكل، صَلِّبِ الخيوط، ودَقِّق الدُّروز، وقارِبِ الغَرْز، فإنّي سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: يَحشُر اللهُ الخيّاطَ الخائن وعليه قميصٌ ورِداءٌ ممّا خاط وخان فيه. واحذَرُوا السُّقاطات، فإنّ صاحب الثوب أحقُّ بها، ولا تَتّخِذْ بها الأياديَ تطلب المكافاة ».
 

الدراسة
وحول دراسة العلم يرى الفضلاء أنّ هذه الآية المباركة تشير إليها، وهي قوله تبارك وتعالى: ما كانَ لِبَشَرٍ أن يُؤتيَه اللهُ الكتابَ والحُكمَ والنبوّةَ ثمّ يقولَ للناسِ كُونُوا عباداً لي مِن دُونِ اللهِ ولكنْ كُونُوا رَبّانيّينَ بما كنتُم تُعلِّمون الكتابَ وبما كنتُم تَدْرُسون [ سورة آل عمران:79 ].
وكذلك حول هذا الموضوع جاءت أقوال أمير المؤمنين عليه السلام:
ـ « لِقاحُ المعرفةِ دِراسةُ العلم » ( غرر الحكم / ح 7622 ).
ـ « مُدارسةُ العلم لَذّةُ العلماء » ( غرر الحكم / ح 9755 ).
ـ « لن يُحرِزَ العلمَ إلاّ مَن يُطيل درسَه » ( غرر الحكم / ح 7422 ).
ـ « لا فقهَ لمَن لا يُديم الدرس » ( غرر الحكم / ح 10552 ).
ـ « مَن أكثَرَ مُدارسةَ العلم لم يَنسَ ما عَلِم، واستفاد ما لم يعلم » ( غرر الحكم / ح 8916 ).
ـ « قد دارَسْتُكمُ الكتاب، وفاتحتُكمُ الحِجاج، وعرّفْتُكم ما أنكرتُم » ( نهج البلاغة: الخطبة 180 ).
ـ وممّا كتبه عليه السلام للأشتر لمّا وَلاّه مصر: « وأكْثِرْ مُدارسةَ العلماء، ومناقشةَ الحكماء، في تثبيت ما صَلَح عليه أمرُ بلادك، وإقامةِ ما استقام به الناسُ قَبلَك » ( نهج البلاغة: الكتاب 53 ).
 

المداراة
قال الإمام الصادق عليه السلام: « جاء جَبرئيلُ عليه السلام إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله فقال: يا محمّد، ربُّك يُقرِئُك السلامَ ويقول لك: دارِ خَلْقي » ( الكافي 116:2 / ح 2 ).
وجاء عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أقواله الشريفة هذه:
ـ « أمَرَني ربّي بِمُداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض » ( الكافي 117:2 / ح 4 ).
ـ « مداراة الناس نصفُ الإيمان، والرِّفق بهم نصفُ العيش » ( الكافي 117:2 / ح 5 ).
ـ « إنّ الأنبياء إنّما فَضّلَهمُ الله على خَلقه بشدّة مُداراتهم لأعداء دِين الله، وحُسن تقيّتهم لأجل إخوانِهم في الله » ( بحار الأنوار 401:75 / ح 42 ).
ـ « ثلاثٌ مَن لم يكنّ فيه لم يَتمَّ له عمل: ورعٌ يحجزُه عن معاصي الله، وخُلقٌ يُداري به الناس، وحِلمٌ يَرُدّ به جهلَ الجاهل » ( الكافي 116:2 / ح 1 ).
كما جاء عن أمير المؤمنين عليه السلام هذه الدررُ الحِكميّة:
ـ « ثمرةُ العقل مُدارةُ الناس » ( غرر الحكم / ح 4629 ).
ـ « رأسُ الحكمة مداراة الناس » ( غرر الحكم / ح 5252 ).
ـ عُنوانُ العقل مداراة الناس » ( غرر الحكم / ح 6321 ).
ـ « ليس الحكيمُ مَن لم يُدارِ مَن لا يَجِد بُدّاً مِن مُداراته » ( بحار الأنوار 57:78 / ح 121 ).
وفي ظلّ قوله تعالى: « وقُولُوا للناسِ حُسْناً » [ سورة البقرة:83 ] قال الإمام الصادق عليه السلام: « أي للناس كلِّهم: مُؤمنِهم ومُخالفِهم. أمّا المؤمنون فيَبسط لهم وجهَه، وأمّا المخالفون فيكلّمُهم بالمداراة لاجتذابِهم إلى الإيمان، فإنّه بأيسرَ مِن ذلك يَكفُّ شرورَهم عن نفسه، وعن إخوانه المؤمنين » ( بحار الأنوار 401:75 / ح 42 ).
وأمّا ثمرة المداراة أو ثمراتها، فذلك أمرٌ مُشوِّق للعمل بها والتخلّق بهذا الخُلق من جهة، واكتشافٌ لإحدى الحِكم الإلهيّة المُودَعة في أحكامه الأخلاقية من جهةٍ أخرى، فنقرأ للإمام عليّ عليه السلام هذه الأقوال والوصايا الحكيمة الراشدة:
ـ « دارِ الناسَ تستمتعْ بإخائهم، والْقَهُم بالبِشْر تَمُتْ أضغانُهم » ( غرر الحكم / ح 5129 ).
ـ « دارِ الناسَ تَأمَنْ غوائلَهم، وتَسلَمْ مِن مكائدهم » ( غرر الحكم / ح 5128 ).
ـ « سلامة الدِّين والدنيا في مداراة الناس » ( غرر الحكم / ح 5610 ).
هذا وكان من أقواله سلام الله عليه أيضاً: « مَن لم يُصلِحْه حُسنُ المداراة، أصلَحَه سوءُ المُكافاة » ( غرر الحكم / ح 8202 ).
 

الدعاء
وهذا موضوع عظيم فيه ما فيه من شؤون الاعتقاد والتربية الروحيّة والتهذيب النفسي والأخلاقي، والمعارف المشرقة، وقد جاء فيه قوله تعالى:
ـ قُلْ ما يَعبَأُ بِكُم ربّي لولا دعاؤُكُم فَقَد كَذَّبتُم فَسَوفَ يكونُ لِزاماً [ سورة الفرقان:77 ].
ـ وقالَ ربُّكمُ ادْعُوني أستَجِبْ لكُم، إن الذينَ يَستكبرِونَ عَن عبادتي سَيَدخُلونَ جَهنّمَ داخِرين [ سورة غافر:60 ].
•• وأمّا ما ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وآله في شأن الدعاء، فكثيرٌ كثير، هذا بعضه:
ـ « تركُ الدعاء معصية! » ( تنبيه الخواطر 120:2 ).
ـ « الدعاء سلاح المؤمن وعمود الدين، ونورُ السماوات والأرض » ( الكافي 468:2 / ح 1 ).
ـ « يدخل الجنّةَ رجلانِ كان يعملانِ عملاً واحداً، فيرى أحدُهما صاحبَه فوقه، فيقول: يا رب، بما أعطيتَه وكان عملنا واحداً ؟ فيقول الله تبارك وتعالى: سألَني ولم تسألْني » ( بحار الأنوار 302:93 / ح 39 ).