فوز الصادقين وأهل الإستقامة
  • عنوان المقال: فوز الصادقين وأهل الإستقامة
  • الکاتب: الشيخ عباس شحادي
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 6:37:58 3-10-1403

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطاهرين وأصحابه المنتجبين والتابعين لهم بإحسان إلى قيام يوم الدين .

يقول الله سبحانه في القرآن الكريم : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}

 

الصدق قيمة أخلاقية

الصدق في حياتنا كمسلمين يمثل إحدى القيم الأخلاقية الأساسية التي تفصل بين الشخصية المؤمنة والشخصية الضالة ، وهي سجية تأخذ مكانتها العليا في الإسلام ضمن منظومة الأخلاق التي بعث بها رسول الله (ص) ومن الطبيعي أن يكون الإرشاد الإلهي للإنسان مشيراً إلى الصدق بعد إشارته إلى الإيمان والتقوى ، لأن الإنسان المسلم بعد أن آمن بوجود الله وأتقاه وطلب رضاه ، سيصبح مخلوقاً شفافاً ، بمعنى إنسان الحق والحقيقة وليس إنسان النفاق والخديعة .

وهذا الصدق كقيمة يبقى حاضراً في الأقوال والأفعال والمشاعر والأحاسيس ، وتلك هي مجالات الصدق التي يجب على ألإنسان أن يترجم فيها إيمانه الخالص لله ، فالإنسان مطالب بالصدق ،سواء في علاقته مع ربه أو مع نفسه أو مع الناس؛ أن يعيش الصدق في الفكرة التي يحمل فلا يزيّف عقله بالأكاذيب التي يقرأها أو يسمعها، وأن يعيش الصدق في الكلمة فلا يتحدث بحديث يخالف الحقيقة ويشوّه الواقع للناس، وأن يعيش الصدق في الموقف بحيث يكون موقفه مطابقاً لمبادئه وإيمانه وعقيدته، فلا يختلف موقفه عن التزاماته الإيمانية. فالصّدق يمثّل الارتباط بالحقيقة والالتزام بالحق والابتعاد عن الباطل. وفي مقابل سجية الصدق تتحدد رذيلة الكذب، الذي يزيّف الواقع ويبتعد بالإنسان عن مبادئه فعندما يتكلم المرء بكلام لا يؤمن به، أو عندما يشيع خبراً لا واقع له، أوعندما يحدِّث الناس بالأكاذيب ليُبعدهم عن الصورة الحقيقية للواقع، أو عندما يحدِّثهم عن تاريخ كاذب وضعه الوضَّاعون والكذّابون، أو عن مسألة تتعلّق بالأمن على غير ما هي في الواقع، فيؤدي ذلك إلى الاهتزاز النفسي والواقعي لدى الناس. فإذا أخبر الإنسان بحديث سلبي لا واقع له، فإنّه يجعلهم يعيشون الخوف والقلق من خلال هذه المعلومات الكاذبة، وإذا حدّث الناس عن قضية من قضايا الوجود والمصير بحديث ما بينما هو غير موجود في الواقع، فإنّه يجعل الناس يعيشون الاسترخاء والثقة حيال هذا الواقع، بينما تكون الحقيقة أن هناك أخطاراً تتحدّى الإنسان. ولذلك فإن مسألتي الصدق والكذب هما من المسائل التي قد تؤدّي إلى الاهتزاز أو إلى الاستقرار.

 

تجسيدات الصّدق ونتائجه

وقد تحدّث الله سبحانه وتعالى في أكثر من آية عن النتائج التي يحصل عليها الصادقون يوم القيامة، عندما يقفون للحساب بين يديه، فنقرأ في سورة المائدة قوله تعالى: {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ـ فمن كان صادقاً في عقيدته وكلمته وموقفه، وصادقاً مع ربه ومع نفسه ومع الناس، فإنّه ينتفع بصدقه ـ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ـ لأنهم صدقوا معه في عقيدتهم وإيمانهم، فجزاهم بصدقهم ـ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}(المائدة:۱۱۹)، لأنّ هذا النوع من الرضا المتبادل بين العبد وربه، يرفع من درجة الإنسان عند ربه، ويمنحه رضاه وحبه وجنّته، لأنّ الله تعالى يحبّ الصادقين باعتبار أنهم يمثّلون الحق ويبتعدون عن الباطل، وقد قال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ البَاطِلُ}(الحج:۶۲).

أمّا الصّدق في العهد مع الله، عندما يعاهد النّاس ربّهم، سواء في التزاماتهم الفردية أو في التزاماتهم مع الآخرين، أو في بيعتهم للأنبياء والأئمة والأولياء ، فإنّ الله يقول في هؤلاء: {منَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ـ فقد عاهدوا الله بأن يقفوا مع الحق ويبتعدوا عن الباطل، وأن ينصروا الإسلام بأنفسهم وأموالهم ومواقفهم، وعاهدوا النَّاس بأن يعطوهم ما لهم من حق، وعاهدوا الأمّة بأن يأخذوا بأسباب الوحدة، وأن يقفوا ضد الّذين يريدون إسقاطها، وأن يقفوا مع الذين يريدون حريتها وعزّتها وكرامتها، وهذه هي المسيرة التي سار بها المؤمنون مع الأنبياء، ومع النبي محمّد(ص) في حال العسرة في مكة، وتحمّلوا في سبيلها الكثير من الضغط حتى استشهد بعضهم ـ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ ـ شهيداً في الدفاع عن الله وعن رسوله وعن الإسلام ـ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُـ من ينتظر الدخول في معارك الإسلام ومواجهة الكفر والاستكبار ليقدّم نفسه للنصر أو الشهادة ـ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}(الأحزاب:۲۳)، فقد انطلقوا في الخطِّ المستقيم على رغم المعاناة الّتي عاشوها في الالتزام به، وعلى الرّغم من الترهيب والترغيب والإغراءات الصعبة الّتي واجهوها ليبدّلوا خطهم، وليتراجعوا عن التزامهم الإيماني، ولكنّهم لم يبدّلوا، بل ثبتوا على الحق الذي آمنوا به والمبدأ الذي التزموه فكانوا مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا . وهذه الكلمة كانت كلمة الرسول والرسالة ونحن نعيش اليوم ذكرى رحيله (ص) متوجاً بتاج الصدق والأمانة وهو الصادق الأمين. وهذه الكلمة أيضاً كانت كلمة كربلاء، ونحن اليوم نعيش ذكرى أربعين الإمام الحسين (ع) وذكرى أربعين أصحابه الشهداء الذين كانوا عندما يبرز أي صحابي منهم ، أو أيّ شخص من أهل بيت الحسين (ع) للقتال، كان يأتي الإمام الحسين(ع) ليودّعه،فيعطيه هذا الوسام: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}(الأحزاب:۲۳)، وهكذا كان كلّ شهداء كربلاء الصادقين في عهدهم مع الله. وفي آية أخرى يقول سبحانه: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ * وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ ـ وفي مقدّم الصّادقين رسول الله(ص) الصّادق الأمين. والصدق يمثّل الإسلام كلّه، في كتاب الله وسنّة رسوله، وفي كلّ ما قرره رسول الله وما ألهمه الله إيّاه وما تحرّك به ـ وَصَدَّقَ بِهِ ـ فهو لم يدعُ النّاس إلى التّصديق بالمبادئ دون أن يصدّق بها، كما يفعل البعض استغلالاً للآخرين، لأنّ الأنبياء والأولياء والدعاة إلى الله، يبلّغون الناس ما يؤمنون به ويلتزمونه بصدق ـ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ـ لأنّهم يراقبون الله في كلماتهم ومواقفهم وعلاقاتهم وحركاتهم ـ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ}(الزمر:۳۲-۳۴)، وأيُّ إحسان أفضل من أن يكون الإنسان صادقاً مع ربه ومع نفسه ومع الناس؟!

 

الصّدق في القرآن والحديث

ويحدّثنا الله تعالى عن نموذجٍ من الصادقين، يقول سبحانه: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ ـ الذين كانوا مع رسول الله في مكّة، وتحمّلوا معه كل الآلام والعذابات وهاجروا معه ـ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ـ في ميادين الحرب والسلم ـأُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}(الحشر:۸).

وقد ورد عن رسول الله(ص): «عليكم بالصدق ـ الصدق في كل المواقع ـ فإنه باب من أبواب الجنّة». وجاء عن الإمام عليّ(ع): «الصدق أمانة ـ لأنّ الصدق هو الحق، والحق أمانة الله عند عباده ـ والكذب خيانة». وعنه(ع): «الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرّك ـ أن تؤثر الصّدق وإن كان فيه الضّرر والخسارة المادّيّة ـ على الكذب حيث ينفعك». ويتحدَّث رسول الله(ص) عن الأساس الّذي يمكن للإنسان من خلاله أن يحكم على إيمان الإنسان الآخر، فيقول(ص): «لا تنظروا إلى كثرة صلاتهم وصومهم، وكثرة الحج والمعروف، وطنطنتهم باللَّيل، ولكن انظروا إلى صدق الحديث وأداء الأمانة»، فانظروا في حديث هذا الإنسان، هل يصدق إذا حدّث؟ ويؤدّي الأمانة إذا أؤتمن؟ عندها يمكن أن تحكموا بأنّه مؤمن. وورد عن الإمام الصادق(ع): «لا تغترّوا بصلاتهم ولا بصيامهم، فإن الرجل ربما لهج بالصلاة والصوم حتى لو تركه استوحش ـ بعض الناس تكون الصلاة والصوم عادة بالنسبة إليه ـ ولكن اختبروهم عند صدق الحديث وأداء الأمانة». وفي حديث آخر للإمام الصادق(ع) يقول: «إنَّ الله لم يبعث نبيّاً إلا بصدق الحديث وأداء الأمانة»، فالأنبياء جاؤوا من أجل أن يدعوا الناس ليكونوا الصادقين في أحاديثهم، والأمناء فيما يؤتمنون عليه، وقد كان النبي(ص) قبل أن يبعث بالنبوّة معروفاً بالصدق والأمانة، حتى غلبت هذه الصفات على اسمه، حتى إنّه بعد أن بُعث بالرسالة وعاش الصراع مع قومه، كانوا لا يأتمنون أحداً غيره، وتذكر كتب السيرة أنّه عندما هاجر(ص) إلى المدينة، ترك عليّاً(ع) في مكة ثلاثة أيام من أجل أن يؤدي إلى النّاس ودائعهم التي كانت عنده. وفي الختام، يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}(التوبة:۱۱۹)، بمعنى أنّكم عندما تريدون أن تتّبعوا شخصاً أو تساعدوه أو تناصروه أو تكونوا من جماعته، فانظروا هل هو من الصادقين، فإن كان صادقاً كونوا معه، لأنّكم بذلك تكونون مع الصدق ومع الحق الذي يتجسّد فيه. فالإنسان عندما يعطي موقفه وتأييده لإنسان لا يستحقه، أو لمشروع لا يليق به ، أو يؤيد قضية لا يجوز تأييدها، فهو بذلك يكون خائناً لله ولرسوله وللمؤمنين وللأمة كلّها. وإن هذا الإنسان إذا فسدت أخلاقه ومات ضميره وابتعد عن الصدق والصادقين فإنه ، قطعاً سيبيع نفسه ويبيع عائلته، ويبيع شرفه ووطنه لأعدائه. نحن في حاجة إذن للصدق لأنه طريق الاستقامة، الإستقامة الأخلاقية، الحياة لا تستقيم ولا ترتقي إلا بأهل الصدق والاستقامة، “الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا” ولا تستقيم الحياة ولا تنهض ولا ترتقي الناس إلا بهؤلاء الصادقين . ولا طريق أمام الإنسان ليكون مع الصادقين إلا من خلال الإلتزام الصادق بروح الرسالة وجوهر الدين ، وقد جاء رجل للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو سفيان بن عبد الله الثقفي الطائفي وقال يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك، فقال له قل آمنت بالله ثم استقم. الرجل لا يريد إكثار الوصايا، يريد وصية مختصرة جامعة يعيها ويحفظها ويعمل بها، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أوتي جوامع الكلم، فقال له فيما ترويه صحاح المسلمين “قل آمنت بالله ثم استقم” نسأل الله سبحانه أن يوفقنا وجميع المسلمين والمسلمات لأخلاق الإسلام وأن يجعلنا مع الصادقين . ولا شك أن أئمة أهل البيت هم المصداق الأبرز لهؤلاء الصادقين . الذين عاشوا الصدق مع أنفسهم ومع ربهم ، كما عاشوا الصدق في شعاراتهم وفي تطبيقها ، ومن تلك الشعارات والإلتزامات لدى أهل البيت الحفاظ على وحدة الإسلام والمسلمين . فهذا هو الإمام زين العابدين يدعوا لأهل الثغور مع أن أهل الثغور يومها كانوا من جيش الأمويين . إن دعوة الإسلام إلى وحدة الأمة، لا ينبغي أن نفهمها على أنها دعوة نظرية إلى السلام بين أبناء أمة القرآن، بل يجدر بنا أن نتوسّع في فهمها وفق رؤية تربوية أخلاقية تحدد أمام الإنسان فاصلاً جوهرياً بين مفهوم الخصومة ومفهوم العداوة. فالخصم ليس عدواً دائماً وفي كل حال وليس العدو دائماً هو من يعتدي عليك من خارج ذاتك فلربما كان العدو في داخلك وهو نفسك الأمّارة أو المنغلقة على هواها… لذلك كانت عاشوراء مدرسة ملهمة لتجليات هذا الفاصل الجوهري الدقيق في مشهد إنساني ثوري يحدد معنى الوحدة والشقاق حتى لا تقاس الوحدة الحقة بالكثرة ولا الشقاق بالقلة المؤمنة فيزيد لم يجمع الأمة وإن جمع آلاف الجند في ساحة كربلاء والحسين لم يشق عصا المسلمين وإنما شق حجاب الزيف ونقل المجتمع الإسلامي من واقع الإنحراف والفتن إلى واقع وحدة الحق والدين والأمة التي لم يكتب لها الإستمرار والبقاء إلا بالدم الحسيني الخالد. ووحدة الموقف المعاند لمظاهر التسلّط والإستكبار وذلك لأن الصيغة التي اعتمدها الإمام الحسين بن علي (ع) لإنجاز وحدة المسلمين هي صيغة الإيمان بتوحيد الله سبحانه ووحدة الإنسان المتألقة أبداً بتقديس كرامته وعزته، وحقه في الدفاع عن مقدساته… فإلى أن تعي الأمة الصيغة الحسينية لإنجاز الوحدة المنشودة ستبقى المسافات بينها وبين العزة والكرامة طويلة وطويلة جداً.

 

وذلك قول النبي (ص) “حسين مني وأنا من حسين

وإذا كان العالم الإسلامي الحاضر يشهد اليوم درجة ما من درجات الوحدة الثقافية التي تربط قلوب المؤمنين، من أدنى الأرض إلى أقصاها، فالفضل كله لهذا القرآن الذي قدّم للإنسانية نماذج رفيعة من البشر تنحني بين أيديهم الملائكة إجلالاً للسر الملتمع في نقاء أرواحهم وصفاء نفوسهم وهي نماذج الولاية من أئمة أهل البيت i الذين نعتقد أن الوجه الآخر لعصمتهم هي في قدرتهم الفائقة على تكوين الإنسان المؤمن الذي تكفلوا بتربيته روحاً وقلباًوعقلاً وتهذيبه مشاعراً وأخلاقاً وبعد .. فهل آن للمسلم القرآني الذي يسعى الى تلمس الإيمان في كل لحظة من حياته، أن ينتقل بكيانه كله بمشاعره وعواطفه، بعقله وقلبه إلى معاهد الوحي ومدارس الآيات من آل محمد (ص) ليعتمدهم ـ كما هو مقتضى مبدأ المودة ـ مجمعاً للعقول وجاذباً للقلوب ومصدراً لتوحيد الكلمة، ومَعيناً عذباً يجتذبه إلى الحياة المثلى، فلا تقاطعه حواجز الفرقة والعداوة والبغضاء، وليشد أزره بالثقلين ـ كتاب الله وأهل البيت ـ وليقوى بهما وفي صحبتهما على أي حال وليخشع قلبه لمنادٍ ينادي للإيمان . [ ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ومانزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثيرٌ منهم فاسقون ](۱) . بلى لقد آن للشمس أن تسطع ، وآن للقلوب أن تخشع وآن للأبصار أن تدمع ، ونحن الليلة في رحاب النجمة الزاهرة ، والعقيلة الساهرة منذ ليلة السبي ، تحرس دم الحسين ، تجدد عهدها لثورته ، وتبتهل داعية لكل الغرباء القابضين على جمرة الصبر ، ولنا من أميرة الصبر ألف ألف حكاية . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . (۱) سورة الحديد، الآية: ۱۶ .