العمل والأمل
  • عنوان المقال: العمل والأمل
  • الکاتب: إبراهيم خواجي
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 6:3:14 3-10-1403

يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى).. لو تأملت أخي القارئ بنظرة ثاقبة لقول حبيبنا عليه الصلاة والسلام وهو النبي الذي لا ينطق عن الهوى لعرفت أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يشير في صراحة إلى أن الغالبية العظمى من أمته سيدخلون الجنة.. سل أهل اللغة وسيخبرونك ماذا يعني الاستثناء وما هو المستثنى وأموراً أخرى لا أجيدها كثيراً ولكني أُلمح إلى أمر هام جداً حين افتقدته الأمة افتقدت كل شئ.. سأعطيك مثالاً آخر من أرض الواقع لعلك تفطن أخي القارئ لما أقصده..

دخل المدرس على التلاميذ بداية الفصل الدراسي وقال في حزم: أنا أعتقد أن هذا الفصل سيرسب منه طالبان أو ثلاثة..، وهنا عقد أحد الطلاب حاجبيه وتمتم لنفسه: بالتأكيد أنا المقصود..، سأكون بلا شك أحد هؤلاء الثلاثة.. أنا أحقر من أن أنجح.. أنا إنسان فاشل.. ثم أمضى سنته الدراسية على هذا المنطلق.. بالله عليك أخي القارئ، وكن منصفاً معي.. ماذا ستتوقع أن يكون مصيره آخر العام الدراسي؟!.. الفشل بلا شك.. لماذا؟! لأنه هو الذي حكم على نفسه بذلك !.. فهل أشار المدرس إليه صراحة أول العام وقال له: أنت ستكون راسباً؟!.. كلا بالطبع !.. هل فهمت مقصودي عندما سردت لك حديث أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم..؟!.. فالإنسان الذي يحقر نفسه ويرضى بحطام الدنيا هو الذي سيفكر ملياً ثم يقول: من أنا حتى أدخل الجنة؟. أنا فاشل وحقير…، وكأنه يحكم على نفسه بنفسه بقوله: أنا أأبى يا رسول الله دخول الجنة. وهناك في الجانب المقابل من يغرق في الخيال ويسرف في التفاؤل، وهو يتنهد في ارتياح مغمغماً: إن الله غفور رحيم..!!وهذا بيت القصيد وهو لبُّ الموضوع الذي أريد أن أشير إليه… التفاؤل.. وماذا يعني التفاؤل.. وهل نحن نعدُّ شعباً متفائلاً؟!.. تأمل معي مشهداً من مشاهد مكة المكرمة في بداية انطلاقة الدعوة.. بضعة رجال ليس لهم عدد ولا عدة.. الجميع يسخر منهم.. يحتقرهم.. ينال منهم.. ويأتي قائدهم ويقسم بثقة المتفائل الواثق بنصر الله عز وجل.. ( والله ليتمنّ الله هذا الأمر…) –الحديث- (.. ولا يبقى بيت مدر ولا وبر إلا دخله الإسلام…) تأمل معي أخي القارئ، وافترض أنك كنت أحد أولئك القلائل، وسمعت هذه المقالة من الصادق المصدوق.. ماذا ستكون ردة فعلك؟.. وما هو موقفك؟.. لن أقول شيئاً.. بل أجب نفسك بنفسك… عجباً ثم عجباً لنا.. أقنعنا أنفسنا بالخضوع والاستكانة.. وبنينا عليه حياتنا كلها وأصبح جلّ همنا هو متى ينخفض سعر الأرز والطماطم.. أليس هذا هو الواقع؟.!.. انظر وتأمل حين تعلق أولئك القلة بالله.. كيف دفعهم التفاؤل إلى العمل.. –وأرجو أن يحالفني الحظ للتحدث عن هذه النقطة بالذات الأمل والعمل-.. أقول انظر وتأمل !.. ماهي إلا سنوات قلائل..، وتتحول تلك الشرذمة إلى دولة قوية عتيدة تهابها الفرس والروم..أهو تفاؤل فقط مع احتساء كوب الشاي أمام القنوات الفضائية في سهرة مسائية؟.. أم هو الجد والعمل.. للأسف الشديد نحن قد افتقدنا الاثنين معاً إلا من رحم ربي.. ألم تسمع يوماً عن أسرة أو عائلة بأكملها تعجُّ بيوتها بالمعاصي ليلاً نهاراً سراً جهاراً.. قنوات فضائية.. أفلام خليعة قصص غرامية.. وغيرها الكثير والكثير.. ثم تفاجأ بأن أحد أفراد هذه الأسرة قد نشأ في طاعة الله.. ليس ذلك فحسب.. بل نذر نفسه داعيةً ومصلحاً وإذا به بعد فترة ليست بالكبيرة قد هدى الله على يديه تلك الأسرة أو العائلة كلها.. لا تتعجب أخي !.. احسبها في خاطرك واحكم بنفسك.. ماهي تلك الآلية التي قلبت مجرى هذه الأسرة.. وغيرت حياتها بالكامل؟!.. دعني أصور لك هذه المشاهد وأختم بها موضوعي.. وعذراً أخي القارئ لأنني قد أخذت من وقتك الثمين وأقلقت مضجعك بكلام أرجو بعدها ألا تضيف اسمي في النهاية ضمن بنود الثرثارين والمتفيهقين..!.. قل لي أخي وأجب نيابة عني..!! أليس في الأمة علماء ربانيون؟!.. أليس فيها دعاة مخلصون وأئمة وخطباء واعظون؟!.. أليس فيها كتاب متميزون وشعراء مفوهون نذروا أنفسهم لخدمة هذا الدين؟!.. ألسنا نملك الأطباء الثقات والإعلاميين المنصفين والعاملين في شتى المجالات بإخلاص وتفاني؟!.. ألسنا نملك العباد والزهاد والوعاظ.. إذن ما الذي ينقصنا.. كل ما ينقصنا في النهاية كلمة أو كلمتان… الأمل و العمل..