ستُّ نصائح للتخلص من الكذب
  • عنوان المقال: ستُّ نصائح للتخلص من الكذب
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 0:34:53 3-10-1403

الكذب: في اللغة هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه في الواقع.

الكذب عند علماء الأخلاق، هو خلق نفساني رذيل من الرذائل التي توافق مجال الكذب.

والكذب أقبح الذنوب وأخبثها فلذا ورد عن الإمام العسكري عليه السلام: «جُعِلَتِ الخَبائِثُ في بَيْتٍ وَجُعِلَ مِفْتاحُهُ الكَذِبَ»[1].

وقد أكدت الآيات الكريمة على أن الكذب والافتراء من أخلاق الكافرين والمنافقين كما في قوله تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ[2].

 

النصيحة الأولى:

قد يختلج في ذهن المؤمن أن الكذب في المزاح هو كذب أبيض لخلوّه من الضرر، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام حذروا من هذا الاشتباه لكي لا يقع المؤمن في هذه المعصية.

ولذا ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ الكِذْبَ لاَ يَصْلَحُ مِنْهُ جِدٌّ وَلاَ هَزْلٌ، وَلاَ أنْ يَعِدَ الرَّجُلُ ابنَهُ ثُمَّ لاَ يُنْجِزَ لَهُ، إنَّ الصِّدْقَ يَهْدي إلَى البِرِّ، وَإنَّ البِرَّ يَهْدي إلَى الجَنَّةِ، وَإنَّ الكِذْبَ يَهْدي إلَى الفُجورِ، وَإنَّ الفُجورَ يَهْدي إلَى النّارِ»[3].

وأكد أمير المؤمنين عليه السلام ذلك بقوله: «لاَ يَصْلَحُ منَ الكِذْبِ جِدٌ وَلاَ هَزْلٌ، وَلاَ أنْ يَعِدَ أحَدُكُمْ صَبِيَّهُ ثُمَّ لاَ يَفِيَ لَهُ، إنَّ الكِذْبَ يَهْدي إلَى الفُجورِ، وَالفُجورَ يَهْدي إلَى النّارِ»[4].

 

النصيحة الثانية:

إن علاقة الأب بابنه علاقة رحم ودم وعِشرة ومودّة ورحمة، فهذه العلاقة تجعل الأب يتعامل مع ولده معاملة خالية من التعقيد أو الرسميات فيقع في بعض المحذورات جراء ذلك، فيرى نفسه معفيا عن التجاوزات أو التقصيرات إزاء ولده فلا يُسأل عما يفعل مع ولده ولا يرى حرجا في ذلك كأن يعد الرجل ولده ولا يفي بوعده مثلاً:

أن أئمة الخلق؛ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام يرفضون هذا الشعور ويذمون هذا التقصير ويحذرون منه كما في قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المتقدم: «إن الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل، ولا أن يعد الرجل ابنه ثم لا ينجز له…».

فإن هذا الفعل فضلا عن كونه عدم وفاء بالموعد يعد كذبا لا يليق بالمؤمن لاسيما أمام ولده وأهل بيته.

 

النصيحة الثالثة:

عندما يعيش الإنسان في مجتمعه يحتاج إلى طريقة مثلى في التعامل مع أفراد المجتمع لكي يكون فاضلاً مهذبا في مجتمعه فيتكلم عندما يحتاج إلى الكلام ويفعل عندما يحتاج إلى الفعل، إلاّ أن عليه أن يجتنب الكذب في القول والفعل لينال احترام المجتمع وتوقيره، وهذا أمر لا يختلف فيه عاقلان إلاّ أن بعض الناس يقع في اشتباه آخر وهو أن يقول قولاً يخالف ما في سريرته دون اضطرار لذلك من تقية أو نحوها، فعلى سبيل المثال:

ألف: عندما يُكرم المرء بشيء يشتهيه، يرد: إنني لا أشتهي ذلك تأدباً أو لعدم رغبة في مجاملة الآخر أو لغاية أخرى فيقع في الكذب دون حاجة لذلك وهذا مما حذر منه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في احاديث كثيرة.

باء: عندما يتعامل الأبوان مع ولدهما الصغير بغير الصدق ظنا منهما أن هذا التعامل جائز مع الصغار فهذا كذب صريح وهو ما تبينه لنا هذه الرواية:

ورد في الترغيب والترهيب (عن عبد الله بن عامِرٍ: دَعَتْني أمِّي يوماً وَرَسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قاعِدٌ في بَيْتِنا، فَقالَتْ: ها تَعالَ أُعْطِكَ، فَقالَ لَها رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَا أرَدْتِ أنْ تُعطِيَهُ؟».

قالت: أرَدْتُ أنْ أعطِيَهُ تَمْراً: فَقالَ لَها رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أما إنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئاً كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةٌ»[5].

فيظهر مما تقدم أن ما نعتقده أمراً بسيطا وكذبا صغيرا لا إشكال فيه، هو اعتقاد خاطئ ووهم كبير وهذا ما يؤكده قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمّا سألتهُ أسماء بنت عُميس: إن قالَت إحدانا لِشيءٍ تَشْتَهيهِ: لاَ أشْتَهيهِ يُعَدُّ كِذْباًَ، قال: «إنَّ الكِذْبَ لَيُكْتَبُ حَتّى يُكْتَبَ الكُذَيْبَةُ كُذَيْبَةً»[6].

 

النصيحة الرابعة:

ورد في القرآن الكريم آيات كثيرة تنهى عن القول والفعل الكاذب، وتشير إلى عاقبة الكذب كما في قوله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)[7].

وهناك آيات كثيرة في ذلك، كما أن هناك الكثير من الروايات التي تحذر من السقوط في هذه الرذيلة المقيتة كما في قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «كَبُرَتْ خِيانَةً أنْ تُحَدِّثَ أخاكَ حَديثاً هُوَ لَكَ مُصَدِّقٌ وَأنْتَ بِهِ كاذِبٌ»[8].

وقول أمير المؤمنين عليه السلام: «أعْظَمُ الخَطايا عِنْدَ اللهِ اللِّسانُ الكَذوبُ»[9].

ومن الأسباب التي توقع الإنسان في الكذب هو أن يتحدث بكل ما يسمع وهذا ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «كَفى بِالمَرْءِ مِنَ الكِذْبِ أنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ ما سَمِعَ»[10].

وقول أمير المؤمنين عليه السلام من كتابٍ له إلى الحارثِ الهمداني: «وَلاَ تُحَدِّثِ النّاسَ بِكُلِّ ما سَمِعْتَ بِهِ، فَكَفى بِذلِكَ كَذِباً»[11].

فيظهر مما تقدم أن العاقل لا ينقل كل ما سمعه لغيره لكي لا يقع في الكذب.

 

النصيحة الخامسة:

إن كذبت مرة أو عدداً من المرات فلا يسعك إلا أن تستغفر وتترك ما أنت فيه من المعصية لكي لا تكتب عند الله من الكاذبين وهذا ما أكده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: «ما يَزالُ العَبْدُ يَكْذِبُ حَتّى يَكْتبَهُ اللهُ كَذّاباً»[12].

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «ما يَزالُ العَبْدُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرّى الكَذِبَ حَتّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذّاباً»[13].

وقول أمير المؤمنين عليه السلام: «ما يَزالُ أحَدُكُمْ يَكْذِبُ حَتّى لاَ يَبْقى في قَلْبِهِ مَوْضِعُ إبْرَةِ صِدْقٍ، فَيُسَمّى عِنْدَ اللهِ كَذّاباً»[14].

 

النصيحة السادسة:

لابد للمرء من مخالطة الناس ومعاشرتهم إلاّ من حذّر منه أهل البيت عليهم السلام وهم البخيل والأحمق والفاجر والكذاب، ولأن الكذاب هو محل حديثنا نورد هذا التحذير الذي ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: «لاَ تَسْتَعِنْ بِكَذّابٍ… فَإنَّ الكَذّابَ يُقَرِّبُ لَكَ البَعيدَ، وَيُبَعِّدُ لَكَ القَريبَ»[15].

ولكي تجمع النصائح كلها وتعيش حلاوة الفضيلة وتنال خير الدنيا والآخرة ما عليك إلا أن تترك الكذب مع الله تعالى ومع رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام ومع نفسك ومع الناس أجمعين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ميزان الحكمة: ج8، ص3542، ح17410.

[2] سورة النحل، الآية: 105.

[3] ميزان الحكمة: ج8، ص3542 ــ 3543، ح17415.

[4] أمالي الصدوق: ص342، ح9.

[5] الترغيب والترهيب: ج3، ص598، ح34.

[6] ميزان الحكمة: ج8، ص3543، ح17420.

[7] سورة الأنعام، الآية: 21.

[8] تنبيه الخواطر: ج1، ص114.

[9] ميزان الحكمة: ج8، ص3538، ح17377.

[10] المصدر السابق ج8، ص3544، ح17422.

[11] نهج البلاغة: الكتاب 69.

[12] الكافي: ج2، ص338، ح2.

[13] ميزان الحكمة: ج8، ص3545، ح17434.

[14] بحار الأنوار: ج72، ص259، ح24.

[15] ميزان الحكمة: ج8، ص3547، ح17459.